المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأهْوال 1152 - حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إن طَرْف صاحب الصُّور - مختصر تلخيص الذهبي لمستدرك الحاكم - جـ ٧

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌كتاب الأهْوال 1152 - حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إن طَرْف صاحب الصُّور

‌كتاب الأهْوال

1152 -

حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"إن طَرْف صاحب الصُّور مذ وكل به مستعدّ ينظر نحو العرش، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتدَّ إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دُرِّيان"(1).

قال: صحيح.

قلت: على شرط مسلم (2).

(1) من قوله: (مذ وكل به) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (أ) قال: (على شرط مسلم والنسائي).

1152 -

المستدرك (4/ 558 - 559): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن هشام بن ملاس النمري، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، ثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال -كما في النهاية لابن كثير (1/ 213) -، من طريق مروان بن معاوية، وعبد الواحد بن زياد، كلاهما عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، به نحوه. وذكر الحافظ ابن حجر الحديث في الفتح (11/ 368) وحسن إسناده من طريق الحاكم. =

ص: 3467

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"على شرط مسلم".

وفي سنده مروان بن معاوية الفزاري وتقدم في الحديث (960) أنه ثقة حافظ من رجال الجماعة، إلا أنه مدلس من الثالثة، ويدلس أيضاً تدليس الشيوخ، وقد عنعن هنا، وليس هو من شيوخ مسلم.

وأما الذي في طبقة شيوخ مسلم، فهو الراوي عن مروان هذا، واسمه: محمد بن هشام بن ملاس النمري، الدمشقي، أبو جعفر، وهو صدوق -كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 116 رقم 519)، لكنه ليس من رجال الكتب الستة، فضلاً عن أن يكون مسلم قد روى عنه.

ولم ينفرد مروان بن معاوية بالحديث عن عبيد الله بن عبد الله الأصم، بل تابعه عند ابن أبي الدنيا: عبد الواحد بن زياد العبدي، مولاهم، وهو ثقة من رجال الجماعة، إلا في حديثه عن الأعمش، ففيه مقال، وليس هذا الحديث من روايته عن الأعمش. / التقريب (1/ 526 رقم 1383)، والجرح والتعديل (6/ 20 - 21 رقم 108)، والتهذيب (6/ 434 - 435 رقم 912).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لتدليس مروان الفزاري، وليس هو على شرط مسلم على مراد الذهبي، لأن مروان ليس من شيوخ مسلم، فبينه وبينه واسطة، والراوي عنه هنا محمد بن هشام بن ملاس، ولم يخرج له مسلم، ولم ينفرد مروان بالحديث كما سبق، بل تابعه عبد الواحد بن زياد، وتقدم أنه: ثقة، لكن شيخ ابن أبي الدنيا هنا اسمه عبد الله بن جرير، ولم أعرفه، وذكر الذهبي في الميزان (2/ 400): عبد الله بن جرير الذي يروي عن ابن نمير، وهو في طبقة شيخ ابن أبي الدنيا، فلست أدري، أهو هو، أم لا؟

فإذا لم يتبين من حال هذا الشيخ ما يمنع من الاعتبار بروايته، فالحديث يكون حسناً لغيره بمجموع هذين الطريقين، والله أعلم.

ص: 3468

1153 -

حديث ابن عباس مرفوعاً:

"كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه؟ قالوا: وكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا"(1).

قلت: فيه عطية وهو ضعيف (2).

(1) من قوله: (قد التقم) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (ب): (قلت: عطية ضعيف).

1153 -

المستدرك (4/ 559)، هذا الحديث سقط من سنده في المستدرك المطبوع بعض رجال الِإسناد، وأشار لذلك المحقق في الهامش، وأثْبَتُّ السقط من المخطوط.

قال الحاكم: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد القرشي بالكوفة، ثنا الحسين بن علي العامري، ثنا أسباط بن محمد القرشي، ثنا مطرف بن طريف الحارثي، عن عطية، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل:

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ (101)} [المؤمنون: 101].

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر؟ " قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: "قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا".

وقد سقط من المطبوع أيضاً كلام الحاكم عن هذا الحديث، وحديث آخر أورده الحاكم عقبه وها أنا أثبته من المخطوط.

قال الحاكم عقب الحديث السابق: "مدار هذا الحديث على عطية بن سعد العوفي رحمه الله، وهو كبير المحل في أقرانه من التابعين، ولم يخرج عنه الشيخان رضي الله عنهما في الصحيحين. =

ص: 3469

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد حدثنا أبو بكر بن إسحاق، وعلي بن حمشاذ العدل، قالا: ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وأصغى بسمعه، وحنى جبينه، ينتظر أن يؤمر، فينفخ؟ " فقال المسلمون: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: "حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكلنا"، وقد كتبناه من حديث الأعمش، عن أبي صالح عن أبي لسعيد". اهـ. ثم ساقه، وهو الحديث الآتي.

تخريجه:

الحديث أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 326).

وابن جرير في التفسير (29/ 150 - 151).

والطبراني في الكبير (12/ 128 رقم 12670 و 12671).

وابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (4/ 441) -.

جميعهم من طريق مطرف، عن عطية، به نحوه.

وأخرجه ابن جرير (ص 151) من الموضع السابق من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي، ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، به نحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 131) وعزاه للطبراني في الكبير فقط، ثم قال:"فيه عطية، وهو ضعيف".

وذكره أيضاً (10/ 331) وقال: "رواه أحمد، والطبراني في الأوسط باختصار، عنه، وفيه عطية العوفي، وهو ضعيف، وفيه توثيق لين".

وضعفه الشيخ أحمد شاكر في حاشية المسند (5/ 7) لأجل عطية. =

ص: 3470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "عطية ضعيف".

وعطية هذا هو ابن سعد العوفي، وتقدم في الحديث (777) أنه: ضعيف، ومدلس من الرابعة، وقد عنعن هنا.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عطية، وتدليسه، وهو صحيح لغيره بالطرق الأخرى الآتي ذكرها في الحديث الآتي.

ص: 3471

1154 -

قال: وعن أبي سعيد مرفوعاً نحوه.

قلت: فيه أبو يحيى (التيمي)(1)، وهو واه.

(1) في (أ): (الجماني) -بالجيم-، وفي (ب):(الحماني) -بالحاء -، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

1154 -

المستدرك (4/ 559)، هذا الحديث كسابقه سقط من سنده في المطبوع بعض رجال الِإسناد، وأشار لذلك المحقق في الهامش، وأثبت السقط من المخطوط.

وتقدم أن الحاكم ذكر الحديث من طريق عطية، عن أبي سعيد، ثم قال عقبه:"وقد كتبناه من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد"، ثم ساقه، فقال: حدثناه أبو علي الحافظ، أخبرنا الإمام أبو بكر بن إسحاق، وعلي بن العباس البجلي، قالا: ثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"كيف أنعم، وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه، ينتظر متى يؤمر، فينفخ؟ " قلنا: يا رسول الله، فكيف نقول؟ قال:"قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، توكلنا على الله".

قال الحاكم عقبه: "لم نكتبه من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، إلا بهذا الِإسناد، ولولا أن أبا يحيى التيمي على الطريق، لحكمت للحديث بالصحة على شرط الشيخين رضي الله عنهما.

ولهذا الحديث أصل من حديث زيد بن أسلم، عن بن يسار، عن أبي سعيد". اهـ. ثم ساقه، وهو الحديث الآتي.

تخريجه:

الحديث له عن أبي سعيد رضي الله عنه طريقان:

* الأولى: يرويها الأعمش، عن أبي صالح، عنه رضي الله عنه. =

ص: 3472

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وله عن الأعمش رحمه الله ثلاث طرق:

1 -

يرويها أبو يحيى التيمي، وهي طريق الحاكم هذه.

2 -

يرويها جرير.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 339 - 340 رقم 1084).

وابن أبي الدنيا في الأهوال -كما في النهاية لابن كثير (1/ 212) -.

وابن حبان في صحيحه (ص 637 رقم 2569).

ثلاثتهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، رفعه بنحوه.

3 -

يرويها أبو مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش، به نحوه.

أخرجه الخطيب في تاريخه (3/ 363).

* الطريق الثانية: يرويها عطية العوفي، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به نحوه، وهي الطريق التي أخرجها الحاكم من طريق الحميدي، وليست في المستدرك المطبوع، وسبق ذكرها بتمامها من المخطوط في الحديث السابق.

والحميدي أخرج الحديث في مسنده (2/ 332 - 333 رقم 754).

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 557 رقم 1597).

وأحمد في المسند (3/ 7 و 73).

وعبد بن حميد في مسنده (ص 170 رقم 884).

والترمذي في سننه (7/ 118 رقم 2548) في صفة القيامة، باب ما جاء في الصور، و (9/ 115 - 116 رقم 3294) في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير.

وأبو يعلى في مسند أبي هريرة من مسنده -كما في النهاية لابن كثير (1/ 212) -. =

ص: 3473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبراني في الصغير (1/ 24).

وأبو نعيم في الحلية (5/ 105) و (7/ 130 و 312).

والبيهقي في "شعب الِإيمان"(1/ 235).

والخطيب في تاريخه (3/ 363).

والبغوي في شرح السنة (15/ 102 - 103 رقم 4298 و 4299).

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وتوقف عن الحكم على الحديث بالصحة لوجود أبي يحيى التيمي في سنده، فتعقبه الذهبي بقوله:"أبو يحيى واه".

وأبو يحيى هذا اسمه إسماعيل بن إبراهيم الأحول، أبو يحيى التيمي، الكوفي، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 66 رقم 481) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 155 رقم 514)، والتهذيب (1/ 281 رقم 518).

ولم ينفرد أبو يحيى هذا بالحديث، بل تابعه عليه جرير، وأبو مسلم قائد الأعمش.

وطريق جرير تقدم أنه رواها أبو يعلى، وابن أبي الدنيا، وابن حبان، جميعهم من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

وأبو صالح السمان اسمه ذكوان، وتقدم في الحديث (874) أنه: ثقة ثبت من رجال الجماعة.

وسليمان بن مهران الأعمش تقدم في الحديث (712) أنه: ثقة حافظ ورع، من رجال الجماعة أيضاً.

وجرير بن عبد الحميد تقدم في الحديث (681) أنه: ثقة من رجال الجماعة. =

ص: 3474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبْسي، أبو الحسن بن أبي شيبة تقدم في الحديث (1058) أنه ثقة حافظ شهير، له أوهام، وهو من رجال الشيخين.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف أبي يحيى التيمي، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى التي رواها جرير بن عبد الحميد، وسندها صحيح، رجاله رجال الشيخين -كما سبق-، وكذا قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 67).

ص: 3475

1155 -

حديث أبي سعيد مرفوعاً:

"ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً" الحديث (1).

قلت: فيه خارجة وهو ضعيف (2).

(1) من قوله: (وملكان يناديان) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (ب): (قلت: خارجة ضعيف).

1155 -

المستدرك (4/ 559): تقدم في الحديث السابق أن الحاكم قال عقبه: "ولهذا الحديث أصل من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد"، ثم قال: حدثنا علي بن عيسى الحيري، ثنا محمد بن عمرو بن النضر بن عمرو الجرشي، وجعفر بن محمد بن الحسين، قالا: ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ خارجة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، وملكان موكلان بالصور، ينتظران متى يؤمران فينفخان، وملكان يناديان، يقول أحدهما: ويل للرجال من النساء، ويقول الآخر: ويل للنساء من الرجال".

قال الحاكم عقبه: "تفرد به خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 153 رقم 3424) من طريق وكيع بن الجراح، عن خارجة، به مثل لفظ الحاكم، وعنده زيادة.

والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده -كما في "مصباح الزجاجة" للبوصيري (4/ 181) -، من طريق وكيع، عن خارجة، به =

ص: 3476

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بلفظ: "ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويل للرجال من النساء، وويل للنساء من الرجال".

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه عبد بن حميد في مسنده (ص 183 رقم 961).

وابن ماجه في سننه (2/ 1325 رقم 3999).

وابن عدي في الكامل (3/ 922).

وأخرجه ابن ماجه في الموضع نفسه من طريق علي بن محمد، وابن عدي (ص 923) من طريق موسى بن خالد بن الريان، كلاهما، عن وكيع، به مثل لفظ ابن أبي شيبة.

قال البزار عقبه: "لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا خارجة، وهو صالح".

وقال البوصيري في الموضع السابق: "هذا إسناد فيه خارجة، وهو ضعيف".

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 331): "فيه خارجة بن مصعب الخراساني، وهو ضعيف جداً، وقال يحيى بن يحيى: مستقيم الحديث، وبقية رجاله ثقات".

دراسة الِإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله: "خارجة ضعيف".

وخارجة هذا هو ابن مصعب بن خارجة الضبعي وتقدم في الحديث (520) أنه متروك.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف خارجة.

وأما قوله: "ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، فهذا الجزء من الحديث أخرجه: =

ص: 3477

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= البخاري في صحيحه (3/ 304 رقم 1442) في الزكاة، باب قول الله تعالى:

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى

(5)} (الآية 5 من سورة الليل).

ومسلم (2/ 700 رقم 57) في الزكاة، باب في المنفق والممسك.

كلاهما من حديث أبي هريرة، مرفوعاً بنحوه.

وأما قوله: "وملكان موكلان بالصور، ينتظران متى يؤمران، فينفخان"، فثبت في الأحاديث الثلاثة السابقة أن الموكل بالصور ملك واحد، لا اثنان، وهذا مما يؤكد ضعف هذا الحديث بتلك الزيادة، ولم أجد للفظه الأخير ما يشهد له، أو ينفيه، إلا أن التحذير من فتنة النساء ثابت في أحاديث صحيحة أخرى، تقدم بعضها في تخريج الحديث رقم (1129).

ص: 3478

1156 -

حديث لقيط بن عامر:

أنه (1) خرج وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه نَهيك بن مالك بن عاصم بن المنتفق (2)

، الحديث بطوله.

قال: صحيح رواته مدنيون.

قلت: فيه يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، وهو ضعيف (3)، ولا ينبغي أن يدخل هذا في الصحاح؛ لنكارته، وجهالة دَلْهم بن الأسود المذكور فيه (4).

(1) قوله: (أنه) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الِإشارة لدخوله في الصلب.

(2)

من قوله: (إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

في (ب): (قلت: فيه يعقوب بن محمد الزهري ضعيف).

(4)

قوله: (ولا ينبغي أن يدخل هذا

) إلخ ليس في التلخيص المطبوع، ولا المخطوط، وما أثبته من (أ) و (ب)، والذي يظهر أنه من زيادات ابن الملقن.

1156 -

المستدرك (4/ 560 - 564): أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا محمد بن سعد العوفي، ثنا يعقوب بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، أنه خرج وافداً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب، فصلينا معه صلاة الغداة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس خطيباً، فقال: "يا أيها الناس، إني قد خبَّأت لكم صوتي منذ أربعة =

ص: 3479

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أيام؛ لأسمعكم، فهل من امريء بعثه قومه، قالوا: أعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسؤول: هل بلَّغت؟ ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا إجلسوا، فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي، حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره، قلت: يا رسول الله، إني أسألك عن حاجتي، فلا تعجلن علي، قال:"سل عما شئت"، قلت: يا رسول الله، هل عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله، وهز رأسه، وعلم أني ابتغي بسقطه، فقال:"ضن ربك بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله"، وأشار بيده، فقلت: وما هن يا رسول الله؟ قال: "علم المنيَّة، قد علم متى منية أحدكم، ولا تعلمونه، وعلم يوم الغيث، يشرف عليكم آزلين مشفقين فظل يضحك، وقد علم أن فرجكم قريب"، قال لقيط: قلت: يا رسول الله، لن نعدم من رب يضحك خيراً، "وعلم ما في غد، وقد علم ما أنت طاعم في غد، ولا تعلمه، وعلم يوم الساعة،، قال وأحسبه ذكر ما في الأرحام، قال فقلنا: يا رسول الله، علِّمنا مما تُعَلِّم الناس، وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا من مذحج التي تربو علينا، وخَثْعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها، قال: "تلبثون ما لبثتم، ثم يتوفى نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصيحة، فلعمر إلهك، ما تدع على ظهر الأرض شيئاً إلا مات، والملائكة الذين مع ربك، فخلت الأرض، فأرسل ربك السماء تهضب من تحت العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت، إلا شقت القبر عنه، حتى يخلقه من قبل رأسه، فيستوي جالساً يقول ربك: مهيم، فيقول: يا رب أمس؛ لعهده بالحياة، يحسبه حديثاً بأهله"، فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح، والبِلى، والسباع؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله: الأرض أشرفت عليها مدرة بالية، فقلت: لا تحيى أبداً، فأرسل ربك عليها السماء، فلم تلبث عليها أياماً، حتى أشرفت عليها، فإذا هي شربة واحدة، ولعمر إلهك، لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء، على أن =

ص: 3480

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأجداث، من مصارعكم، فتنظرون إليه ساعة، وينظر إليكم"، قال قلت: يا رسول الله، كيف وهو شخص واحد، ونحن ملأ الأرض، ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: "أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله: الشمس والقمر. آية منه قريبة صغيرة، ترونهما في ساعة واحدة، ويريانكم، ولا تضامون في رؤيتهما، ولعمر إلهك، لهو على أن يراكم وترونه، أقدر منهما على أن يريانكم وترونهما"، قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال: "تعرضون عليه، بادية له صفحاتكم، ولا تخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء، فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك، ما تخطي وجه واحد منكم قطرة، فأما المؤمن فتدع وجهه مثل الرَّيْطة البيضاء، وأما الكافر، فتخطمه بمثل الحمم الأسود، ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم، فيمر على أثره الصالحون، -أو قال: ينصرف على أثره الصالحون، قال فيسلكون جسراً من النار يطأ أحدكم الجمرة، فيقول: حس، فيقول: ربك: أو إنه، قال: فيطلعون على حوض الرسول على أظما والله ناهلة، ما رأيتها قط، لعمر إلهك، ما يبسط -أو قال: ما يسقط- واحد منكم يده، إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف، والبول، والأذى، وتخلص الشمس والقمر -أو قال: تحبس الشمس والقمر-، فلا ترون منهها واحداً"، فقلت: يا رسول الله، فبم نبصر يومئذ؟ قال: "مثل بصر ساعتك هذه، وذلك في يوم أسفرته الأرض وواجهت به الجبال"، قلت: يا رسول الله، فبم نجازى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: "الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، أو تغفر"، قلت: يا رسول الله، فما الجنة وما النار؟ قال: "لعمر إلهك، إن الجنة لها ثمانية أبواب، ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاماً، وإن للنار سبعة أبواب، ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاماً"، قلت: يا رسول الله، على ما يطلع من الجنة؟ قال: "أنهار من عسل مصفى، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من كأس مالها صداع، ولا ندامة، ومن ماء غير آسن، وبفاكهة، لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، أزواج مطهرة"، قلت: يا رسول الله، أو لنا فيها أزواج =

ص: 3481

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مصلحات؟ قال: "الصالحات للصالحين، تلذذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم، غير أن لا توالد"، قلت: يا رسول الله، هذا أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه، ثم قلت: يا رسول الله، على ما أبايعك، قال: فبسط يده، وقال:"على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإياك والشرك، لا تشرك بالله شيئاً، أو لا تشرك مع الله غيره"، فقلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض وبسط أصابعه، وظن أني مشترط شيئاً لا يعطينيه، فقلت: نحل منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، قال: ذلك لك، حل منها حيث شئت، ولا تجن عليك إلا نفسك، فبايعناه، ثم انصرفنا، فقال:"إن هذين لعمر إلهك من أصدق الناس، وأتقى الناس لله في الأول والآخر"، فقال كعب بن فلان -أحد بني بكر بن كلاب-: من هم يا رسول الله؟ قال: "بنو المنتفق"، فأقبلت عليه، فقلت: يا رسول الله، هل أحد ممن مضى منا في جاهلية من خير؟ فقال رجل من عرض قريش: إن أباك المنتفق في النار، فكأنه وقع حر بين جلدي، ووجهي، ولحمي؛ مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله، ثم نظرت، فإذا الآخرى أجمل، فقلت: وأهلك يا رسول الله، قال:"وأهلي، لعمر الله ما أتيت عليه من قبر قريش، أو عامري، مشرك، فقل: أرسلني إليك محمد، فأبشر بما يسؤك، تجر على وجهك وبطنك في النار"، فقلت: فبم أفعل ذلك بهم يا رسول الله، وكانوا على عمل يحسبون أن لا دين إلا إياه، وكانوا يحسبونهم مصلحين؟ قال:"ذلك بأن الله بعث في آخر على سبع أمم نبياً، فمن أطاع نبيه كان من المهتدين، ومن عصى نبيه كان من الضالين".

قال الحاكم: "هذا حديث جامع في الباب، صحيح الإسناد، كلهم مدنيون، ولم يخرجاه".

تخريجه:

هذا الحديث مداره على دلهم بن الأسود. =

ص: 3482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ودلهم يرويه من طريقين:

* الطريق الأولى: في سندها اختلاف بين دلهم ولقيط.

فالحاكم أخرجه هنا من طريق يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر.

كذا جاء في المستدرك وتلخيصه المطوعين.

وأما في المخطوطين فهكذا: يعقوب، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن الأسود بن عامر اليحصبي، عن عمه لقيط بن عامر، به.

وسياق المطبوع هو الأقرب لما في بقية المصادر، مع وجود الاختلاف الذي سيأتي بيانه، وسياق المطبوع هذا يوافقه ما ذكره ابن حجر رحمه الله في الِإصابة (5/ 687) في ترجمة لقيط بن عامر، حيث قال: "ومن حديثه ما أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وأبو حفص بن شاهين، والطبراني، من طريق عبد الرحمن بن عياش الأنصاري، ثم السمعي، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر

". اهـ.

قلت: أما إسناد ابن شاهين، فلم أطلع عليه. وأما إسناد عبد الله بن أحمد، والطبراني، فليس كما ذكر ابن حجر، وسيأتي بيان ذلك.

والحديث أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (ص 186 - 190) من طريق يعقوب الزهري، عن الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، به بطوله هكذا ولم يذكر عبد الله بن حاجب، فأصبح الحديث من رواية دلهم، عن أبيه، لا عن عبد الله بن حاجب.

وأخرجه البخاري في تاريخه (3/ 249 - 250). =

ص: 3483

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (4/ 13 - 14).

وفي السنة (2/ 155 - 158).

ومن طريقه ابن كثير في النهاية (1/ 244 - 251).

كلاهما من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد الرحمن بن المغيرة، به، بمثل إسناد ابن خزيمة السابق، ولم يذكر البخاري متنه بتمامه، وأما عبد الله فساقه في كلا الموضعين بطوله، وابن كثير من طريقه بطوله.

وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب "السنة"(1/ 231 و286 - 289 رقم 524 و636)، من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن جده عبد الله، عن عمه لقيط بن عامر، به بطوله في الموضع الثاني، ومختصراً في الأول، هكذا عن عبد الله جد دلهم، عن عمه لقيط، ولم يقل عن أبيه، عن عمه كما ذكر الحاكم.

وأخرجه أبو داود في سننه (3/ 577 - 578 رقم 3266) في الأيمان والنذور، باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم، ما كانت؟

قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي، الأنصاري، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، فذكره مختصراً.

هكذا في السنن، وهكذا ذكره المزي في تحفة الأشراف (8/ 333 - 334 رقم 11177)، بإسقاط عبد الرحمن بن المغيرة، وتسمية عبد الرحمن بن عياش:(عبد الملك بن عياش)، وقد نبَّه المزي رحمه الله على هذا الاختلاف، فقال عقبه:"هكذا وجدت هذا الحديث في باب لغو اليمين، في نسخة ابن كردوس، بخطه، من رواية أبي سعيد بن الأعرابي، وفي أوله: "حدثنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي"، وأخشى أن يكون من =

ص: 3484

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= زيادات ابن الأعرابي، فإني لم أجده في باقي الروايات، ولم يذكره أبو القاسم، والله أعلم. وقد وقع فيه وهم في غير موضع، رواه غير واحد، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن عبد الرحمن بن عياش السمعي، عن دلهم، عن أبيه، عن جده، عن عمه لقيط بن عامر، وعن دلهم، عن أبيه، عن عاصم بن لقيط، وتابعه (أي ابن حمزة) إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة". اهـ. وأكد ذلك في تهذيب الكمال (2/ 810)، فقال: "ووقع في الأصل الذي نقلت منه، وهو بخط أبي يعلى بن كردوس، ما صورته:"حدثنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي، عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر"، وفي ذلك وهم، وإسقاط، والصواب ما كتبناه، وهو حديث مشهور بهذا الِإسناد، رواه غير واحد، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري، وعن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد الرحمن بن المغيرة". بن عبد الرحمن الحزامي، عن عبد الرحمن بن عياش، وهكذا قيده الأمير أبو نصر بن ماكولا، وقال فيه بعض الرواة: عبد الرحمن بن العباس، فالله أعلم، وقد وقع لنا حديثه عالياً جداً

"، ثم رواه من طريق الطبراني، وفيه: "عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق، عن جده

"، ثم قال المزي: "هكذا وقع في هذه الرواية: "عن دلهم، عن جده"، والمحفوظ:"عن أبيه، عن جده" -كما تقدم التنبيه عليه". اهـ.

قلت: وقد جاء الحديث في بعض نسخ سنن أبي داود على الصواب هكذا: "إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، ثنا عبد الرحمن بن عياش السمعي"، نبه على ذلك السهارنفوري رحمه الله في بذل المجهود (14/ 231 - 233).

* الطريق الثانية: يرويها دلهم بن الأسود، عن أبيه الأسود، عن عاصم بن لقيط بن عامر، أن لقيط بن عامر

الحديث بطوله. =

ص: 3485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه مقروناً بالرواية السابقة: البخاري في تاريخه، وعبد الله بن أحمد في كلا الموضعين، ومن طريقه ابن كثير في النهاية، وأخرجه ابن أبي عاصم، وأبو داود.

جميعهم بهذا الِإسناد، لا اختلاف فيه، مقروناً بالرواية السابقة.

وأخرجه بطوله الطبراني في الكبير (19/ 211 - 214 رقم 477) من طريق مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري، وعبد الله بن الصقر العسكري، قالا: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، فذكره عن دلهم بن الأسود، عن عاصم بن لقيط، بإسقاط الأسود والد دلهم من الِإسناد، وأغلب ظني أنه خطأ من الطباعة، فإن الطبراني رواه على الصواب، موافقاً لرواية السابقين، فقد أخرجه المزي في تهذيب الكمال (2/ 810) من طريقه هذه، على الصواب.

وذكر القرطبي الحديث في التذكرة (ص 213)، وعزاه للطيالسي في مسنده، ولم أجده في المطبوع منه.

وذكره ابن كثير في البداية (5/ 800 - 830)، وعزاه للبيهقي في البعث والنشور.

وذكره ابن القيم في زاد المعاد (3/ 673 - 678)، وفي حادي الأرواح (ص 192 - 196)، وعزاه أيضاً للحافظ أبي أحمد العسال في كتاب "المعرفة"، ولأبي الشيخ في كتاب "السنَّة"، ولابن مندة، وابن مردويه، وأبي نعيم.

وعزاه الحافظ ابن حجر في الِإصابة (5/ 687) لابن شاهين.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري ضعيف".

ويعقوب هذا تقدم في الحديث (622) أنه: صدوق كثير الوهم، لكنه =

ص: 3486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لم ينفرد بالحديث، بل تابعه عليه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وابراهيم بن المنذر الحزامي -كما سبق-، فكان ينبغي للمتعقب إعلال الحديث بالعلل الأخرى الآتية:

1 -

عبد الرحمن بن عياش السَّمَعي، المدني، القبائي مقبول -كما في التقريب (1/ 494 رقم 1073) -، ذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 71)، ولم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن المغيرة، وانظر التهذيب (6/ 247 رقم 493).

2 -

دَلْهَم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب العُقيلي مقبول أيضاً -كما في التقريب (1/ 236 رقم 59) -، ذكره ابن حبان في ثقاته (6/ 291 - 292)، ولم يرو عنه سوى عبد الرحمن بن عياش، وانظر التهذيب (3/ 212 رقم 402)، وقال الذهبي في الميزان (2/ 28 رقم 2678):"دلهم بن الأسود، عداده في التابعين، لا يعرف، سمع أباه، وعنه عبد الرحمن بن عياش السمعي وحده، وثقه ابن حبان". اهـ.

3 -

عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق، ابن أخي لقيط بن عامر، وجدّ دلهم: مجهول -كما في التقريب (1/ 407 رقم 238) -، وانظر التهذيب (5/ 178 رقم 305).

وقال الذهبي في الميزان (2/ 405 رقم 4255): "لا يعرف".

4 -

إن كان ما في سند الحاكم صحيحاً، فحاجب بن عامر، والد عبد الله السابق لم أجد له ترجمة.

هذا بالِإضافة للاختلاف في سند الحديث الذي تقدمت الِإشارة إليه.

والطريق الأخرى فيها العلتان الأولى والثانية، بالإظافة إلى أن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر مقبول -كما في التقريب (1/ 76 رقم 574) -، لم يوثقه سوى ابن حبان في ثقاته (4/ 32)، ولم يرو عنه سوى ابنه دلهم، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (1/ 340 - 341) قال الذهبي: محله الصدق، ولم أجد عبارة الذهبي هذه، وقد ذكره في =

ص: 3487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الكاشف (1/ 131 رقم 426)، ولم يتكلم عنه بشيء، وذكره في الميزان (1/ 256 رقم 982)، وقال:"ما روى عنه سوى ولده دلهم، له حديث واحد"، ومقتضى إيراده له في الميزان هكذا دون إشعار منه بقبول روايته عنده: أنه لا يحتج به.

هذا وقد بالغ ابن القيم رحمه الله في محاولة تصحيحه لهذا الحديث، فقال في حادي الأرواح (ص 192):"قال محمد -يعني البخاري-: قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة، كان في ساعة، كما يشتهي، ولكن لا يشتهي" -قال محمد-: وقد روي عن أبي ذر (كذا، والصواب: أبي رزين) بن العقيلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد"

، وأما حديث أبي رزين الذي أشار إليه البخاري، فهو حديثه الطويل، ونحن نسوقه بطوله؛ نجمل به كتابنا، فعليه من الجلالة، والمهابة، ونور النبوة ما ينادي على صحته

" فذكره.

وقال في زاد المعاد (3/ 677 - 678): "هذا حديث كبير جليل، تنادي جلالته، وفخامته، وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم، وتلقَّوْه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته"، ثم ذكر رواته الذين أخرجوه، وقال: "قال ابن مندة: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصغاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء، وأهل الدين جماعة من الأئمة، منهم: أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد، ولم يتكلم في إسناده، بل روَوْه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا =

ص: 3488

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحديث إلا جاحد، أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسنَّة، هذا كلام أبي عبد الله بن مندة". اهـ.

وقال في حادي الأرواح (ص 196): "قال أبو الخير بن حمدان: هذا حديث كبير ثابت مشهور، وسألت شيخنا أبا الحجاج المزي عنه، فقال: عليه جلال النبوة". اهـ.

وأما الحافظ ابن كثير رحمه الله، فإنه ساق الحديث في البداية (5/ 80 - 83)، قال عقبه: "هذا حديث غريب جداً، وألفاظه في بعضها نكارة، وقد أخرجه الحافظ البيهقي في كتاب البعث والنشور

".

وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (5/ 57): "هو حديث غريب جداً".

وضعفه الشيخ الألباني في حاشيته على السنَّة لابن أبي عاصم، والشيخان شعيب، وعبد القادر الأرناؤوطيان في حاشية زاد المعاد.

الحكم على الحديث:

ومن خلال ما تقدم في دراسة الإسناد يتضح أن الحديث ضعيف بهذا الِإسناد، وأما تصحيح ابن القيم له بما تقدم من كلامه فلا يسلم له به، لأن العلماء السابقين كانوا يروون الحديث بإسناده، وكانوا إذ ذاك أهل صنعة، ولم يقل أحد ممن ذكر: إنه لا يروي إلا الحديث الذي صح عنده، ولم يذكره -حسبما أعلم- أحد ممن ألَّف في الصحيح في ما اشترط فيه الصحة، والله أعلم.

ص: 3489

1157 -

حديث أبي ذر مرفوعاً:

"إن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج" الحديث.

قلت: فيه الوليد بن جُمَيْع، روى له مسلم متابعة واحتج به النسائي (1).

(1) هذا الحديث ليس في (ب).

1157 -

المستدرك (4/ 564): أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، أنبأ يحيى بن أبي طالب، ثنا زيد بن الحباب، حدثني الوليد بن جميع القرشي، حدثني أبو الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الناس يحشرون ثلاثة أفواج: فوجاً طاعمين، كاسيين راكبين، وفوجاً يمشون، ويسعون، وفوجاً تسحبهم الملائكة على وجوههم إلى النار"، فقلنا: يا أبا ذر، قد عرفنا هؤلاء، وهؤلاء، فما بال الذين يمشون، ويسعون؟ قال: يلقي الله الآفة على الظهر، فلا ظهر".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد إلى الوليد بن جميع، ولم يخرجاه".

وقوله: (فوجاً) كذا في جميع النسخ بالنصب، وعند من أخرج الحديث:(فوج) بالرفع.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 247 رقم 16243).

والِإمام أحمد في المسند (5/ 164 - 165).

والنسائي في سننه (4/ 116 - 117) في كتاب الجنائز، باب البعث.

والبيهقي في البعث والنشور -كما في النهاية لابن كثير (1/ 229) -. =

ص: 3490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم من طريق الوليد بن جميع، به نحوه، وعندهم زيادة في آخره:"حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشارف ذات القتب، فلا يقدر عليها"، وهذا لفظ أحمد، ولفظ النسائي والبيهقي وابن أبي شيبة نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صحح الحاكم سنده إلى الوليد بن جميع، فتعقبه الذهبي بقوله:"الوليد قد روى له مسلم متابعة، واحتج به النسائي".

والوليد هذا هو ابن عبد الله بن جميع الزهري، وتقدم في الحديث (1121) أنه: صدوق يهم، ورمي بالتشيع.

وأما قول الذهبي إن مسلماً روى للوليد متابعة، فإن مسلماً قد روى للوليد احتجاجاً، واستشهاداً، فيمكن أن الذهبي اطلع على موضع الاستشهاد، ولم يطلع على موضع، الاحتجاج. أما الموضع الذي احتج فيه مسلم بالوليد بن جميع، فهو كتاب الجهاد، باب الوفاء بالعهد (3/ 1414 رقم 98)، عن الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل، حدثنا حذيفة بن اليمان، قال: ما منعني أن أشهد بدراً، إلا أني خرجت أنا، وأبي حسيل، قال: فأخَذَنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله، وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معهم، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه الخبر، فقال:"انصرفا، نَفي لهم بعدهم، ونستعين الله عليهم".

وأما الموضع الذي استشهد به فيه، فهو في كتاب صفات المنافقين (4/ 2144 رقم 11)، عن الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل، قال: كان بين رجل من أهل العقبة، وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله، كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذْ سألك. قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم، فقد =

ص: 3491

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله: أن اثنى عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرة، فمشى، فقال:"إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد"، فوجد قوماً قد سبقوه، فلعنهم يومئذ.

هذا الحديث أخرجه مسلم شاهداً لحديث عمار بن ياسر، أخبرني حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط

" الحديث.

والحاكم رحمه الله دقيق في كلامه عن هذا الحديث، فإنه لم يصحح جميع الإسناد، وإنما قال:"صحيح الإسناد إلى الوليد بن جميع".

وهو -أي الحاكم- ممن انتقد مسلماً على احتجاجه بالوليد بن جميع، فإنه ذكر الوليد هذا في كتابه "المدخل إلى الصحيح"(2/ 64) الترجمة رقم (3042)، وقال:"الوليد بن جميع: عنه، عن أبي الطفيل، عن حذيفة. حديثه في كتاب الجهاد. وقد روى عنه في موضع آخر من الكتاب مستشهداً، ولو لم يذكره، لكان أولى؛ فقد حدثونا عن عمرو بن علي، قال: كان يحيى بن سعيد يحدث عن الوليد بن جميع. غير أن مسلماً على شرطه في الاستشهاد باللين من المحدثين، إذا قدم الأصل، عن الثقة الثبت". اهـ.

وأما قول الذهبي عن الوليد بن جميع: "احتج به النسائي"، فلم أجد الموضع الذي أخرج فيه النسائي حديث الوليد، وفي ترجمة الوليد في التهذيب (11/ 138) رمز له برمز النسائي.

الحكم على ابحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف الوليد بن جميع من قبل حفظه.

ص: 3492

1158 -

حديث نعمان بن سعد قال:

كنا جلوساً عند علي فقرأ:

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} [مريم: 85](1).

قال: لا والله، (ما)(2) على أرجلهم يحشرون، (و)(2) لا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة

، الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: لا.

(1) الآية (85) من سورة مريم.

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، وعليه يستقيم المعنى.

(3)

من قوله: (فقرأ) إلى هنا ليس في (ب).

1158 -

المستدرك (4/ 565): حدثنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقرأ:

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} [مريم: 85].

قال: لا والله، ما على أرجلهم يحشرون، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها، رحالهم الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة.

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم هنا، وكان قد رواه (2/ 377): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا أبو معاوية، وثنا =

ص: 3493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الوهاب، ثنا يعلى بن عبيد، قالا: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، فذكره بنحوه، ثم قال:"صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"بل عبد الرحمن هذا لم يرو له مسلم، ولا لخاله النعمان، وضعفوه".

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 119 رقم 15861).

وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 155).

وابن جرير في التفسير (16/ 126).

جميعهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، به نحوه.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/ 539)، وعزاه أيضاً لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث.

دراسة الِإسناد:

الحديث سبق أن صححه الحاكم على شرط مسلم، وأما هنا فصححه فقط، ولم يذكر أنه على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي هنا بقوله:"لا"، أي ليس بصحيح، ولم يذكر سبب رفضه لتصحيح الحاكم، وكان قد قال عن تصحيح الحاكم للحديث سابقاً على شرط مسلم:"بل عبد الرحمن هذا لم يرو له مسلم، ولا لخاله النعمان، وضعفوه".

وعبد الرحمن هذا هو ابن إسحاق الواسطي، وتقدم في الحديث (937) أنه: ضعيف.

وخاله النعمان بن سعد تقدم في الحديث (1008) أنه: مقبول، أي حيث يتابع، وإلا فضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وجهالة حال خاله النعمان، وضعَّف الحديث أيضاً الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في حاشيته على المسند (2/ 337 رقم 1332).

ص: 3494

1159 -

حديث عائشة مرفوعاً في تفسير:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى (94)} [الأنعام: 94] الآية (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه انقطاع.

(1) رقم (94) من سورة الأنعام.

1159 -

المستدرك (4/ 565): حدثنا أبو البعاس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن سعيد بن أبي هلال حدثه، أنه سمع عثمان بن عبد الرحمن القرظي يقول: قرأت عائشة رضي الله عنها قول الله عز وجل:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (94)} [الأنعام: 94].

فقالت: يا رسول الله، واسوأتاه!! إن الرجال، والنساء يحشرون جميعاً، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه، لا ينظر الرجال إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/ 278)، من طريق عبد الله بن وهب، به مثله.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (3/ 323)، وعزاه لابن أبي حاتم أيضاً.

وأخرجه الحاكم قبل هذا الحديث بأحاديث (ص 564) من طريق بقية بن الوليد، ثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يبعث الناس يوم القيامة حفاة، عراة، غرلًا"، فقالت عائشة: يا رسول الله، فكيف بالعورات؟ فقال:"لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه". وبمثله سياق الحاكم، من طريق بقية أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 89 - 90). =

ص: 3495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه الزيادة، إنما اتفق الشيخان رضي الله عنهما على حديثي: عمرو بن دينار، والمغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بطوله، دون ذكر العورات فيه"، وأقره الذهبي على أنه شرط مسلم، كذا في التلخيص المخطوط، وأما المطبوع، ففيه أن الذهبي سكت عنه، ولم يتعقب الذهبي الحاكم على كلامه السابق بشيء، مع أن الشيخين -رحمهما الله- قد أخرجا حديث عائشة رضي الله عنها وفيه ذكر العورات، لا كما ذكر الحاكم مع أنهما اتفقا على إخراج حديث ابن عباس فقط.

فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 377 - 378 رقم 6527) في الرقاق، باب الحشر.

ومسلم في صحيحه (4/ 2194 رقم 56) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة.

كلاهما من طريق حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة، عراة، غرلًا"، قلت: يا رسول الله، النساء والرجال جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال صلى الله عليه وسلم:"يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض"، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري نحوه، إلا أنه قال:"الأمر أشد من أن يهمهم ذاك".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"فيه انقطاع"، ويعني به بين عثمان بن عبد الرحمن القرظي، وعائشة رضي الله عنها.

وعثمان بن عبد الرحمن القرظي هذا لم أجد له ترجمة، وكذا في حاشية تفسير الطبري بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، وأخيه محمود =

ص: 3496

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (11/ 545)، حيث قال:"وأما "القرظي" فقد بينه الحاكم في المستدرك في إسناده، وأنه: "عثمان بن عبد الرحمن القرظي"، ولكن مع هذا البيان، لم يزل مجهولاً، فإني لم أجد له ترجمة، ولا ذكراً في شيء من الكتب"، ثم قال عن الانقطاع الذي ذكره الذهبي:"وانقطاع هذا الِإسناد، كما بينه الذهبي، هو فيما أرجح: أن عثمان بن عبد الرحمن القرظي لم يسمع من عائشة".اهـ.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد للانقطاع الذي ذكره الذهبي، وجهالة عثمان القرظي. وقد صح الحديث من غير هذه الطريق كما سبق، فقد أخرجه الشيخان من طريق القاسم، عن عائشة، وأخرجه الحاكم من طريق عروة عنها، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، والله أعلم.

ص: 3497

1160 -

حديث أبي (سريحة)(1) الغفاري مرفوعاً:

"يحشر رجلان من مزينة هما آخر الناس" الحديث (2).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، قال أحمد: متروك (3).

(1) في (أ): (تريحة).

(2)

من قوله: (من مزينة) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

الكامل لابن عدي (1/ 326)، والتهذيب (1/ 254).

1160 -

المستدرك (4/ 566): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر الخولاني، ثنا عبد الله بن وهب، أنبأ إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، عن معبد بن خالد، قال: دخلت المسجد، فإذا فيه شيخ يتفلَّى، فسلمت عليه، فرد علي السلام، وجلست إليه، فقلت: من أنت يا عم؟ فقال: من أنت يا ابن أخي؟ قلت: أنا معبد بن خالد، فقال: مرحباً بك، قد عرفت أباك، كان معي بدمشق، وإني وأباك لأول فارسين وقفا بباب عذراء -مدينة بالشام-، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا أبو سريحة الغفاري، صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "يحشر رجلان من مزينة، هما آخر الناس يحشران، يقبلان من جبل قد تسوَّراه، حتى يأتيا معالم الناس، فيجدان الأرض وحوشاً، حتى يأتيا المدينة، فإذا بلغا أدنى المدينة، قالا: أين الناس؟ فلا يريان أحداً، فيقول أحدهما: الناس في دورهم، فيدخلان الدور، فإذا ليس فيها أحد، وإذا على الفرش الثعالب، والسنانير، فيقولان: أين الناس؟ فيقول أحدهما: الناس في المسجد، فيأتيان المسجد، فلا يجدان أحداً، فيقولان: أين الناس؟ =

ص: 3498

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيقول أحدهما: الناس في السوق، شغلتهم الأسواق، فيخرجان حتى يأتيا الأسواق، فلا يجدان فيها أحداً، فينطلقان، حتى يأتيا الثنية، فإذا عليها ملكان، فيأخذان بأرجلهما، فيسحبانهما إلى أرض المحشر، وهما آخر الناس حشراً".

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 365 - 366 رقم 38956)، وعزاه أيضاً لابن مردويه، وابن عساكر.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"إسحاق قال أحمد: متروك".

وإسحاق هذا هو ابن يحيى بن طلحة، تقدم في الحديث (724) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف إسحاق بن يحيى بن طلحة، وأصل الحديث في الصحيحين، واستدركه الحاكم عليهما، وفات الذهبي تعقبه عليه.

فقد أخرجه الحاكم قبل هذا الحديث من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن آخر من يحشر راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان بغنمها، فيجدانها وحوشاً، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرَّا على وجوههما".

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، مع أن الحديث في الصحيحين.

فقد أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1010 رقم 499) في الحج، باب في =

ص: 3499

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المدينة حين يتركها أهلها، من طريق الليث، به، بلفظ:"يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العوافي، ثم يخرج راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان غنمهما، فيجدانها وحوشاً، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرَّا على وجوههما".

وأخرجه البخاري في صحيحه (4/ 89 - 90 رقم 1874) في فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة، من طريق شعيب، عن الزهري، به، وأوله: "تتركون

" وفيه: "وآخر من يحشر راعيان

"، والباقي مثل لفظ مسلم.

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 559 رقم 1605).

وعبد الرزاق في جامع معمر (11/ 403 رقم 60851).

كلاهما من طريق الزهري، به، بنحو سياق البخاري.

ص: 3500

1161 -

حديث ابن عباس:

تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1](1)

ثم قال: "هل تدرون أي يوم [ذاك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذاك يوم] (2) يقول الله: يا آدم، قم، فابعث بعث النار

" الحديث (3).

قال: صحيح.

قلت: لم يخرجوه (4).

(1) الآية (1) من سورة الحج.

(2)

ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك.

(3)

من قوله: (ثم قال: هل تدرون) إلى هنا ليس في (ب).

(4)

قوله: (قلت: لم يخرجوه) ليس في التلخيص؛ فإن الحاكم رحمه الله قال عقب الحديث: "هذا حديث صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

1161 -

المستدرك (4/ 568)، هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث عمران بن حصين الذي رواه قبله بمعناه، ثم قال عقبه:"وقد روينا هذا الحديث عن عبد الله بن عباس"، ثم قال: حدثناه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن شاذان الجوهري، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية، وعنده أصحابه:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} [الحج: 1] إلى آخر الآية، فقال:"هل تدرون أي يوم ذاك؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذاك =

ص: 3501

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يوم يقول الله لآدم: قم، فابعث بعث النار -أو قال: بعثاً إلى النار-، فيقول: يا رب، من كم؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة"، فشق ذلك على القوم، ووقعت عليهم الكآبة، والحزن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة"، ففرحوا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "اعملوا، وأبشروا، فإنكم بين خليقتين، لم يكونا مع أحد إلا كثرتاه، يأجوج، ومأجوج، وإنما أنتم في الناس -أو: في الأمم- كالشامة في جنب البعير -أو: كالرقمة في ذراع الناقة-، وإنما أمتي جزء من ألف جزء".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (3/ 59 - 60 رقم 2235).

وابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (3/ 205) -.

كلاهما من طريق سعيد بن سليمان، به بلفظ أتم من لفظ الحاكم.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 5 - 6)، وعزاه أيضاً لابن جرير، وابن مردويه، ولم أجد ابن جرير أخرجه عند هذه الآية أول سورة الحج، ولم يعزه إليه ابن كثير، وإنما عزاه لابن أبي حاتم فقط.

دراسه الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وفي نسخة ابن الملقن:"لم يخرجوه"، ولعله يعني بصيغة الجمع هذه أصحاب الكتب الستة، فإن كان قصد ذلك، فنعم، وإن كان قصد الشيخين، فلا معنى لهذا التعقيب، لأن الحاكم سبقه إليه، فقال:"ولم يخرجاه".

وأما الحديث ففي سنده هلال بن خباب العبدي، مولاهم، أبو العلاء البصري، وهو ثقة، إلا أنه تغير بآخره، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وابن عمار الموصلي، والمفضل بن غسان الغلابي، وقال سفيان الثوري: ثقة، إلا أنه تغير؛ عمل فيه السن. وقال يحيى القطان: أتيت هلال بن =

ص: 3502

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= خباب، وكان قد تغير قبل موته. وقال ابن الجنيد: سألت ابن معين عن هلال بن خباب، وقلت: إن يحيى القطان يزعم أنه تغير قبل أن يموت، واختلط؟ فقال: لا، ما اختلط، ولا تغير، قلت ليحيى: فثقة هو؟ قال: ثقة مأمون. اهـ. من الكامل (7/ 2580 - 2581)، والتهذيب (11/ 77 - 78 رقم 123).

قلت: وأما إنكار يحيى بن معين لكون هلال اختلط، فالذي يصار إليه في ذلك قول القطان، لأنه وقف على ذلك بنفسه، وهو مثبت، ومعه زيادة علم، والمثبت مقدم على النافي، وقد وافقه سفيان الثوري كما تقدم، ووافقه آخرون، فقد ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: يخطيء، ويخالف، وذكره في المجروحين، وقال: اختلط في آخر عمره، فكأن يحدث بالشيء على التوهم، لا يجوز الاحتجاج إذا انفرد، ووصفه بالتغير أيضاً الساجي، والعقيلي، وأبو أحمد الحاكم، وذكره ابن الكيال في الكواكب النيرات (ص 431 رقم 66)، وانظر الموضع السابق من التهذيب.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لاختلاط هلال بن خباب بآخره، وهو صحيح لغيره بشواهده، ومنها حديث عمران بن حصين الذي أخرجه الحاكم قبل هذا الحديث، وحديث أبي سعيد رضي الله عنه في الصحيحين.

أخرجه البخاري (6/ 382 رقم 3348) في الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج.

و (8/ 441 رقم 4741) في التفسير، باب:{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى (2)} [الحج: 2].

و (11/ 388 رقم 6530) في الرقاق، باب قوله عز وجل:

{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} [الحج: 1].

و (13/ 453 رقم 7483) في التوحيد، باب قوله تعالى:

{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ

(23)} [سبأ: 23].

ص: 3503

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه مسلم (1/ 201 - 202 رقم 379 و380) في الِإيمان، باب قوله: "يقول الله لآدم أخرج بعث النار

".

كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك، وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع على ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد". قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال:"أبشروا فإن منكم رجلًا، ومن يأجوج ومأجوج ألف"، ثم قال:"والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة"، فكبرنا، فقال:"أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فكبرنا، فقال:"أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة"، فكبرنا، فقال:"ما أنتم في الناس، إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض -أو:- كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود".

ص: 3504

1162 -

حديث عبد الله بن سلام:

"إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة"(الخ)(1).

قال: صحيح.

قلت: غريب موقوف (2).

(1) قوله: (الخ) ليس في (ب).

(2)

قوله: (قلت: غريب موقوف) ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط، وإنما فيه موافقة الذهبي للحاكم على تصحيحه.

1162 -

المستدرك (4/ 568 - 569): حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن غالب، ثنا عفان، ومحمد بن كثير، قالا: ثنا مهدي بن ميمون، ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام، قال: وكنا جلوساً في المسجد يوم الجمعة، فقال: إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة الله على الله: أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم.

قال: قلت: يرحمك الله، فأين الملائكة؟ قال: فنظر إلي، وضحك، وقال: يا ابن أخي، هل تدري ما الملائكة؟ إنما الملائكة خلق كخلق السماء والأرض، والرياح والسحاب، وسائر الخلق الذي لا يعصي الله شيئاً، وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة، أمة، ونبياً، نبياً، حتى يكون أحمد، وأمته آخر الأمم مركزاً، قال: فيقوم، فيتبعه أمته، برها، وفاجرها، ثم يوضع جسر جهنم، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال، ويمين، وينجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة، فتريهم منازلهم من الجنة: على يمينك، على يسارك، حتى ينتهي إلى ربه عز وجل، فيلقى له كرسي عن يمين الله عز وجل، ثم ينادي مناد: أين عيسى، وأمته، فيقوم، فيتبعه أمته برها، وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها =

ص: 3505

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من شمال، ويمين، وينجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة، فتريهم منازلهم في الجنة: على يمينك، على يسارك، حتى ينتهي إلى ربه، فيلقى له كرسي من الجانب الآخر، قال: ثم يتبعهم الأنبياء، والأمم، حتى يكون آخرهم نوح، رحم الله نوحاً.

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وليس بوقوف؛ فإن عبد الله بن سلام على تقدمه في معرفة قديمة، من جملة الصحابة، وقد أسنده بذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير موضع والله أعلم".

قلت: ولم يذكر الحاكم له طريقاً مرفوعاً.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا -كما في النهاية لابن كثير (2/ 197 - 198): حدثنا خالد بن خداش، حدثنا مهدي بن ميمون، فذكره بنحوه.

وأخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد (ص 118 - 119 رقم 398) من طريق ابن المبارك، أنا معمر، عمن سمع محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، فذكره بنحوه.

وذكره ابن رجب في "التخويف من النار"(ص 173) وقال: "خرجه ابن خزيمة، وغيره".

قال ابن كثير بعد أن ساقه من طريق ابن أبي الدنيا: "وهذا موقوف على ابن سلام رضي الله عنه"-.

دراسة الِإسناد:

الحديث صحح الحاكم سنده، ورجح أنه مرفوع، وأن عبد الله بن سلام قد أسنده بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني رفعه في غير موضع، ووافقه الذهبي على تصحيحه، هذا في التلخيص المطبوع =

ص: 3506

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والمخطوط، وفي نسخة ابن الملقن قال:"غريب موقوف"، وبيان حال رجال إسناده كالتالي:

بشر بن شغاف، الضبي البصري ثقة -كما في التقريب (1/ 99 رقم 59) -، وانظر الجرح والتعديل (2/ 359 رقم 1367)، والتهذيب (1/ 452 رقم 828).

ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميمي تقدم في الحديث (810) أنه: ثقة.

ومهدي بن ميمون الأزدي، المعولي، أبو يحيى البصري ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (2/ 279 رقم 1418) -، وانظر الجرح والتعديل (8/ 335 - 336 رقم 1547)، والتهذيب (10/ 326 - 327 رقم 571).

ورواه عن مهدي اثنان: عفان بن مسلم، ومحمد بن كثير.

وعفان بن مسلم تقدم في الحديث (728) أنه: ثقة.

ومحمد بن غالب، الملقب بـ: تمتام تقدم في الحديث (707) أنه: ثقة.

وشيخ الحاكم محمد بن أحمد بن بالويه تقدم في الحديث (757) أنه: صدوق.

الحكم على الحديث:

الحديث سنده حسن لذاته من طريق الحاكم -كما يتضح من دراسة الإسناد -.

وأما ترجيح الحاكم لكونه مرفوعا، مرفوعاً وأن ابن سلام رضي الله عنه قد رفعه في موضع آخر، فإنه لم يذكر له طريقاً مرفوعاً كما تقدم، ولم أجد من رواه عن عبد الله بن سلام مرفوعاً، وأما هذا الحديث، وإن كان لبعض فقراته شواهد، فإنه بهذا السياق جميعه لا يكون له حكم الرفع؛ لاحتمال كون عبد الله بن سلام حدث به من بعض الكتب الإسرائيلية التي هو من أعلم الناس بها، لكونه كان يهودياً، ثم أسلم. =

ص: 3507

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما قوله: "إن أعظم أيام الدنيا: يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة"، فيشهد له حديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أفضل أيامكم: يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة

" الحديث.

أخرجه أبو داود في سننه (1/ 635 رقم 1047) في الصلاة، باب فضل يوم الجمعة، وليلة الجمعة.

والنسائي (3/ 91) في الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.

وابن ماجه (1/ 345 و 524 رقم1085 و 1636) في إقامة الصلاة، باب في فضل الجمعة، وفي الجنائز، باب ذكر وفاته، ودفنه صلى الله عليه وسلم.

ثلاثتهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس، به.

وسنده صحيح.

أبو الأشعث الصنعاني شراحيل بن آدة، والحسين بن علي الجعفي ثقتان، تقدمت ترجمتهما في الحديثين (1007) و (681).

وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة الشامي، الداراني: ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 502 رقم 1153) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 299 - 300 رقم 1421)، والتهذيب (6/ 297 - 298 رقم 578).

ص: 3508

1163 -

حديث ابن عباس:

أنه قرأ: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25](1).

قال: سماء الدنيا، وتنزل الملائكة

، الحديث بطوله (2).

قلت: إسناده قوي.

(1) الآية (25) من سورة الفرقان.

(2)

من قوله: (قال: سماء الدنيا) إلى هنا ليس في (ب).

1163 -

المستدرك (4/ 569 - 570): أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق الخراساني العدل ببغداد، ثنا أحمد بن الوليد الفحام، ثنا روح بن عبادة، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قرأ:

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)} [الفرقان: 25].

قال: تشقق سماء الدنيا، وتنزل الملائكة على على سماء، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والأنس، فيقول أهل الأرض: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الثانية، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الثالثة، وهم أكثر من أهل السماء الثانية، وسماء الدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الرابعة، وهم أكثر من أهل السماء الثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء الخامسة، وهم أكثر من أهل السماء الرابعة، والثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء السادسة، وهم أكثر من أهل السماء الخامسة، والرابعة، والثالثة، والثانية، والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل أهل السماء السابعة، وهم أكثر من أهل السماء السادسة، والخامسة، والرابعة، والثالثة، والثانية، =

ص: 3509

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والدنيا، وأهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم ينزل الكروبيون، وهم أكثر من أهل السموات السبع، والأرضين، وحملة العرش، لهم قرون كعوب، ككعوب القنا، ما بين قدم أحدهم كذا، وكذا، ومن أخمص قدمه إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، ومن كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة، ومن ركبته إلى أرنبته مسيرة خمسمائة عام، ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام.

قال الحاكم عقبه: "رواة هذا الحديث عن آخرهم محتج بهم، غير علي بن زيد بن جدعان القرشي، وهو، وإن كان موقوفاً على ابن عباس، فإنه عجيب بمرة".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير -كما في تفسير ابن كثير (3/ 315 - 316) -، من طريق مؤمل، عن حماد بن سلمة، به نحو سياق الحاكم.

وبنحو هذا السياق أورده السيوطي في الدر المنثور (6/ 248 - 249)، وعزاه أيضاً لعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الأهوال، وابن جرير، وابن المنذر، ولم يفرق السيوطي رحمه الله بين لفظ ابن جرير، واللفظ الذي ساقه، فابن جرير أخرج الحديث في تفسيره (19/ 6 - 7) من طريق مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، به، وفيه:"بن كعب على ملك، وركبته مسيرة سبعين سنة، وبين فخذه، ومنكبه مسيرة سبعين سنة"، فهذا لا يتفق مع لفظ الحاكم، ومن وافقه.

قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر الحديث في الموضع السابق من تفسيره: "مداره على علي بن زيد بن جدعان، وفيه ضعف في سياقاته غالباً، وفيها نكارة شديدة". =

ص: 3510

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الإسناد:

الحديث أعلَّه الحاكم بوجود علي بن زيد بن جدعان في سنده، وقال عنه:"عجيب بمرة"، فتعقبه الذهبي بقوله:"إسناده قوي".

ومدار الحديث كما قال الحافظ ابن كثير على علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث (492) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف علي بن زيد، وتقدم أن الحافظ ابن كثير قال عن علي هذا:"وفيه ضعف، في سياقاته غالباً، وفيها نكارة شديدة".

ص: 3511

1164 -

حديث أبي سعيد مرفوعاً:

(ليحبس)(1) أهل الجنة بعد ما يجاوزون الصراط" الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: غريب (3).

(1) في (أ): (لتحبسن)، ولم تتضح نقطها في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

قوله: (بعدما يجاوزون الصراط

الحديث) ليس في (ب).

(3)

قوله: (قلت: غريب) ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط، وإنما فيه إقرار الذهبي للحاكم على تصحيحه.

1164 -

المستدرك (4/ 572): أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"ليحبس أهل الجنة بعدما يجاوزون الصراط على قنطرة، فيؤخذ لبعضهم من بعض مظالمهم التي تظالموها في الدنيا، حتى إذا هذبوا، ونُقُّوا، أذن في دخول الجنة، فلأحدهم أعرف بمنزله في الآخرة منه بمنزله كان في الدنيا".

قال قتادة: قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: ما يشبه إلا أهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.

تخريجه:

هذا الحديث أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وفاته هو، والذهبي، وابن الملقن أن البخاري رحمه الله أخرج الحديث في صحيحه (5/ 96 =

ص: 3512

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رقم 2440) في المظالم، باب قصاص المظالم، و (11/ 395 رقم 6535)، أخرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة، وهشام، كلاهما عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقَصُّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا، ونُقُّوا، أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة، منه بمنزله كان في الدنيا".

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (14/ 37 - 38 و 38) من طريق سعيد بن أبي عروبة أيضاً به نحوه.

وأخرجه أيضاً عبد بن حميد في تفسيره، وابن أبي حاتم، والإسماعيلي، في مستخرجه، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن مندة -كما في فتح الباري (11/ 398 - 399)، والدر المنثور (5/ 84) -.

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن أبي عروبة، وكذا البخاري أخرجه من طريق مقروناً بهشام.

وبيان حال رجال إسناد الحاكم إلى سعيد كالتالي:

عبد الوهاب بن عطاء تقدم في الحديث (1059) أنه صدوق ربما أخطأ، لكن روايته عن سعيد الراجح أنها حسنة؛ لثناء العلماء عليها.

ويحيى بن أبي طالب تقدم في الحديث (951) أنه صدوق.

وشيخ الحاكم الحسن بن يعقوب العدل تقدم في الحديث (951) أيضاً أنه شيخ صدوق نبيل.

الحكم على الحديث:

الحديث أخرجه الحاكم والبخاري كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة، وإسناد الحاكم إلى سعيد حسن لذاته كما يتضح من دراسة الِإسناد، والله أعلم.

ص: 3513

1165 -

حديث نافع (بن)(1) الأزرق:

أنه سأل ابن عباس عن قوله تعالى:

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35](2)

الخ (3).

قال: صحيح.

قلت: يحيى بن راشد المازني ضعفه النسائي (4).

(1) ما بين المعكوفين من المستدرك وتلخيصه، وليس في (أ) و (ب).

(2)

الآية (35) من سورة المرسلات.

(3)

قوله: (الخ) ليس في (ب).

(4)

الكامل لابن عدي (7/ 2667)، والتهذيب (11/ 207).

1165 -

المستدرك (4/ 573): حدثني علي بن عيسى بن إبراهيم الحيري، ثنا الحسين بن محمد بن زياد الشيباني، حدثني محمد بن يحيى القطيعي، ثنا يحيى بن راشد المازني، ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله نافع بن الأزرق عن قوله عز وجل:

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} [المرسلات: 35]

و: {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)} [طه: 108](الآية 108 من سورة طه)،

و: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27)} [الصافات: 27](الآية 27 من سورة الصافات)،

و: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} [الحاقة: 19](الآية 19 من سورة الحاقة)،

فما هذا؟ قال: ويحك! هل سألت عن هذا أحداً قبلي؟ قال: لا، قال: أما إنك لو كنت سألت هلكت، أليس قال الله تبارك وتعالى:

{وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)} [الحج: 47](الآية 47 من سور- الحج)

قال: بلى، وإن لكل مقدار يوم من هذه الأيام لون (كذا! والصواب: لوناً) من هذه الألوان. =

ص: 3514

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"يحيى ضعفه النسائي".

ويحيى هذا هو ابن راشد المازني، تقدم في الحديث (960) أنه: ضعيف.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف يحيى المازني.

ص: 3515

1166 -

حديث عبد الله بن عمرو:

"إذا كان يوم القيامة مدَّت الأرض" الحديث (1).

قال: فيه أبو المغيرة وهو مجهول.

قلت: ليَّنه سليمان التَّيْمي (2).

(1) قوله: (الحديث) ليس في (ب).

(2)

الميزان (4/ 576)، وفي الجرح والتعديل (9/ 439 رقم 2203) قال يحيى بن سعيد القطان:"ضعَّف سليمان التيمي أبا المغيرة القوَّاس".

1166 -

المستدرك (4/ 575): أخبرنا أبو عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا روح بن عبادة، أنبأ عوف، عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة مدَّت الأرض مدّ الأديم، وحشر الخلائق: الِإنس، والجن، والدواب، والوحوش، فإذا كان ذلك اليوم جعل القصاص بين الدواب، حتى تقص الشاة الجماء من القرناء بنطحتها، فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب، قال لها: كوني تراباً، فتكون تراباً، فيراها الكافر، فيقول:

{يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)} [النبأ: 40](الآية 40 من سورة النبأ).

قال الحاكم عقبه: "رواته عن آخرهم ثقات، غير أن أبا المغيرة مجهول، وتفسير الصحابي مسند".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في تفسيره (30/ 26) من طريق محمد بن جعفر، وابن أبي عدي، قالا: ثنا عوف، عن أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث في سنده أبو المغيرة القوَّاس، وتقدم أن الحاكم قال عنه: =

ص: 3516

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "مجهول"، وتعقبه الذهبي بقوله:"ليَّنه سليمان التيمي"، وفي الميزان (4/ 576 رقم 10631) قال: ذكره سليمان التيمي، وليَّنه.

وقال ابن المديني: لا أعلم أحداً روى عنه، غير عوف.

ووثقه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. / الجرح والتعديل (9/ 439 رقم 2203)، واللسان (7/ 109 رقم 1180).

قلت: الراجح من حال أبي المغيرة أنه ثقة، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وأما الحاكم فإنه إن لم يعرفه، فقد عرفه ابن معين، وأما سليمان بن طرخان التيمي فإنه قد ضعف أبا المغيرة كما قاله يحيى بن سعيد القطان عنه، لكن سليمان التيمي هذا ليس من أهل الجرح والتعديل كما قاله الحافظ ابن حجر في التهذيب (9/ 45)، ولم يذكره الذهبي في "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل"، والله أعلم.

وأما بقية رجال الِإسناد، فبيان حالهم كالتالي:

عوف بن أبي جميلة الأعرابي تقدم في الحديث (962) أنه ثقة.

وروح بن عبادة تقدم في الحديث (859) أنه ثقة فاضل.

وأحمد بن مهران الأصبهاني تقدم في الحديث (528) أنه مجهول الحال.

وشيخ الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار تقدم في الحديث (627) أنه إمام قدوة، محدث عصره.

ولم ينفرد أحمد بن مهران بالحديث، فإن ابن جرير أخرجه من طريق محمد بن جعفر غندر، وابن أبي عدي، كلاهما عن عوف، به.

ومحمد بن جعفر تقدم في الحديث (532) أنه ثقة.

والراوي عنهما هو شيخ ابن جرير محمد بن بشار بن عثمان العبدي، أبو بكر البصري، لقبه: بُنْدار، وهو ثقة روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (7/ 214 رقم 1187)، والتهذيب (9/ 70 - 73 رقم 87)، والتقريب (2/ 147 رقم 71). =

ص: 3517

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه أحمد بن مهران الأصبهاني، وتقدم أنه مجهول الحال، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، لكنه لم ينفرد به، فهو من طريق ابن جرير الطبري صحيح لذاته كما في دراسة الإسناد، وأما أبو المغيرة القوَّاس فالراجح من حاله أنه ثقة، فلا يُعلّ الحديث لأجله.

وله شاهد موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه قال: يُحشر الخلق كلهم يوم القيامة، البهائم، والدواب، والطير، وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ، أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني تراباً، فلذلك يقول الكافر:(يا ليتني كنت تراباً).

أخرجه عبد الرزاق -كما في تفسير ابن كثير (2/ 131) -.

وابن جرير في تفسيره (30/ 26).

كلاهما من طريق معمر، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد حسن إلى أبي هريرة.

يزيد بن الأصم عمرو بن عبيد بن معاوية تقدم في الحديث (823) أنه ثقة.

وجعفر بن برقان تقدم في الحديث (823) أنه: صدوق، يهم في حديث الزهري، وليس هذا من حديثه عن الزهري.

ومعمر بن راشد تقدم في الحديث (538) أنه: ثقة ثبت فاضل.

وأخرج مسلم في صحيحه (4/ 1997 رقم 60) في البر والصلة، باب تحريم الظلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لتؤدن الحقوق إِلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".

ص: 3518

1167 -

حديث عائشة مرفوعاً:

"الدواوين الثلاثة، فديوان لا يغفر الله منه شيئاً" الحديث بطوله (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه صدقة بن موسى ضعفوه، ويزيد بن (بابَنوس)(2) فيه جهالة (3).

(1) من قوله: (فديوان لا يغفر الله) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (أ): (باينوس)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(3)

في (ب): (قلت: صدقة بن موسى ضعفوه).

1167 -

المستدرك (4/ 575 - 576): أخبرني أبو بكر ابن أبي نصر المزكي بمرو، ثنا عبد الله بن روح المدائني، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ صدقة بن موسى، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى اله عليه وآله وسلم-: "الدواوين ثلاثة، فديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً. فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئاً: فالِإشراك بالله عز وجل، قال الله عز وجل:

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (48)} [النساء: 48]

(الآية 48 من سورة النساء)،

وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً قط: فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، وأما الديوان الذي لا يترك منه شيئاً: فمظالم العباد بينهم، القصاص لا محالة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 240).

وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 2). =

ص: 3519

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما من طريق صدقة بن موسى، به نحوه، إلا أن أبا نعيم اختصر الحديث، قال: "وديوان لا يعبأ الله به

" الحديث.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"صدقة ضعفوه، وابن بابنوس فيه جهالة".

وصدقة هذا هو ابن موسى، تقدم في الحديث (968) أنه: ضعيف.

وأما يزيد بن بابنوس -بموحدتين، بينهما ألف، ثم نون مضمومة، وواو ساكنة، ومهملة-، فهو بصري لا بأس به، قال الدارقطني: لا بأس به، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال أبو داود: كان شيعياً. / سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 72 رقم 559)، والتهذيب (11/ 316 رقم 607).

الحكم على الحديث:

الحديث بهذا الِإسناد ضعيف لضعف صدقة بن موسى، وأما يزيد بن بابنوس فالراجح أنه لا بأس به، فلا يُعلّ الحديث لأجله.

وله شواهد من حديث سلمان، وأنس، وأبي هريرة رضي الله عنهم.

أما حديث سلمان رضي الله عنه، فلفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذنب لا يغفر، وذنب لا يترك، وذنب يغفر.

فأما الذي لا يغفر: فالشرك بالله، وأما الذي يغفر: فذنب العبد بينه وبين الله عز وجل. وأما الذي لا يترك: فظلم العباد بعضهم بعضاً".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 310 رقم 6133).

وفي الصغير (1/ 40).

وابن حبان في المجروحين (3/ 102).

كلاهما من طريق أبي الربيع عبيد الله بن محمد الحارثي، عن يزيد بن =

ص: 3520

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سفيان بن عبد الله بن رواحة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، به.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 348): "فيه يزيد بن سفيان بن عبد الله بن رواحة، وهو ضعيف، تكلم فيه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات".

وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه البزار في مسنده (4/ 158 - 159 رقم 3439)، عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره، وظلم لا يتركه، فأما الظلم الذي لا يغفره: فالشرك، قال الله:

{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان: 13](الآية 13 من سورة لقمان).

وأما الظلم الذي يغفره الله: فظلم العباد لأنفسهم، فيما بينهم، وبين ربهم. وأما الظلم الذي لا يتركه الله: فظلم العباد بعضهم بعضاً، حتى بدين لبعضهم من بعض".

قال الهيثمي في المجمع الموضع السابق: "رواه البزار عن شيخه أحمد بن مالك القشيري، ولم أعرفه، وبقية رجاله قد وثقوا على ضعفهم".

قلت: البزار رواه عن شيخه أحمد بن مالك القشيري، ثنا زائدة بن أبي الرَّقاد، عن زياد النميري، عن أنس، به.

وزياد بن عبد الله النميري، البصري: ضعيف -كما في التقريب (1/ 269 رقم 120، وانظر المجروحين لابن حبان (1/ 306)، والجرح والتعديل (3/ 536 رقم 2419)، والتهذيب (3/ 378 رقم 687) -.

وزائدة بن أبي الرُّقاد -بضم الراء، ثم قاف- الباهلي، أبو معاذ البصري، الصيرفي: منكر الحديث قاله عنه البخاري، والنسائي، وقال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري، عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه، أو من زياد؟ وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، لا يحتج بخبره، ولا يكتب إلا للاعتبار. =

ص: 3521

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن عدي: له أحاديث حسان، وهي أحاديث إفرادات، وفي بعض أحاديثه مما ينكر. اهـ. من الكامل (3/ 1083)، والتهذيب (3/ 305 رقم 570)، والتقريب (1/ 256 رقم 6).

وأما شيخ البزار، فتقدم كلام الهيثمي عنه، وعليه فالحديث بهذا الِإسناد ضعيف جداً؛ للعلل المتقدمة.

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فلفظه نحو لفظ حديث سلمان رضي الله عنه.

ذكره الهيثمي في الموضع السابق، وقال:"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه طلحة بن عمرو، وهو متروك".

قلت: وعليه فحديث أنس، وأبي هريرة رضي الله عنهما لا يصلحان للاستشهاد، وأما بحديث سلمان فيرتقي الحديث إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

ص: 3522

1168 -

حديث سعيد بن أنس، (عن أنس بن مالك) (1):

بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمى؟ قال:"رجلان (من أمتي) (2) " الحديث بطوله (3).

قال: صحيح.

قلت: فيه عباد بن شيبة الحَبِطي، عن سعيد، والأول ضعيف، وشيخه لا يعرف (4).

(1) في (أ): (سعيد بن أنس بن مالك)، وفي (ب):(سعيد بن أنس)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه.

(2)

في (أ): (فرا مني) وليس في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3)

من قوله: (عن أنس بن مالك) إلى هنا ليس في (ب).

(4)

في (ب): (قلت: عباد بن شيبة الحبطي، عن سعيد، الأول لا يعرف، والثاني ضعيف)، ووضع على كل من قوله:(لا يعرف) وقوله: (ضعيف) إشارة التقديم والتأخير (م. م) معناها: وضع هذه مكان الأخرى.

1168 -

المستدرك (4/ 576): حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أنس القرشي، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، أنبأ عباد بن شيبة الحبطي، عن سعيد بن أنس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؟ قال:"رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يارب، خذ لي مظلمتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالى للطالب: فكيف تصنع بأخيك، ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب، فليحمل من أوزاري"، قال: وفاضت عينا =

ص: 3523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم بالبكاء، ثم قال:"إن ذاك اليوم عظيم، يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك، فانظر في الجنان، فرفع رأسه، فقال: يا رب، أرى مدائن من ذهب، وقصوراً من ذهب، مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا، أو لأي صديق هذا، أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب، ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب، فإني قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: فخذ بيد أخيك، فأدخله الجنة"، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ذلك:"اتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله تعالى يصلح بين المسلمين".

تخريجه.

الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده -كما في تفسير ابن كثير (2/ 285) -: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عبد الله بن (بكر)، حدثنا عباد بن شيبة الحبطي، فذكره بنحوه.

وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق -كما في كنز العمال (3/ 824 - 825 رقم 8863) -، ولم أجده في مكارم الأخلاق المطبوع.

وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 210) وعزاه أيضاً للبيهقي في البعث والنشور.

وأشار البخاري رحمه الله إلى الحديث في تاريخه (3/ 459)، فقال:"سعيد بن أنس، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظالم، لا يتابع عليه".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف".

أما عباد بن شيبة الحبطي، ويقال: عباد بن ثُبَيْت، فإنه ضعيف، ذكره =

ص: 3524

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن حبان في المجروحين (2/ 171)، وقال:"منكر الحديث جداً على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من المناكير". اهـ. وانظر الميزان (2/ 366 رقم 4120).

وأما شيخه فهو سعيد بن أنس، وهو مجهول، قاله العقيلي، وتقدم أن البخاري قال عنه، وعن حديثه:"لا يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في ثقاته. اهـ. من اللسان (3/ 24 رقم 80)، وقال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص 118 رقم 1578) مثل ما قال هنا:"لا، يعرف".

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة سعيد بن أنس، وضعف عباد بن شيبة الحبطي.

ص: 3525

1169 -

حديث جابر مرفوعاً:

"إن العار ليلزم المرء يوم القيامة، حتى يقول: يا رب لإِرسالك بي إلى النار أيسر على مما ألقى"(1).

قال: صحيح.

قلت: فيه (2) الفضل بن عيسى واه.

(1) من قوله: (المرء يوم القيامة) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

قوله: (فيه) ليس في (ب).

ملحوظة: معلق بهامش (أ) بجانب هذا الحديث عبارة أشبه ما تكون بقوله: "إنما النار خير من العار، تدبر".

1169 -

المستدرك (4/ 577): حدثنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ الفضل بن عيسى الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن العار ليلزم المرء يوم القيامة، حتى يقول: يا رب، لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2039) من طريق الفضل، به نحوه.

وذكره في الكنز (3/ 512 رقم 7666)، وعزاه للحاكم فقط.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"الفضل واه".

والفضل هذا هو ابن عيسى بن أبان الرقاشي، أبو عيسى البصري =

ص: 3526

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الواعظ، وهو منكر الحديث، ورمي بالقدر -كما في التقريب (2/ 111 رقم 48 - ، وانظر الجرح والتعديل (7/ 64 - 65 رقم 367)، والتهذيب (8/ 283 - 284 رقم 519).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف الفضل بن عيسى.

ص: 3527

1170 -

حديث أبي ذر، (قال) (1):

"لو تعلمون (2) ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً ولما ساغ لكم الطعام والشراب" إلخ (3).

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه انقطاع، ثم يونس بن (خباب)(4) رافضي، و (5) لم يخرجا له.

(1) ليست في (أ).

(2)

في (ب): (تعلم).

(3)

من قوله: (لضحكتم) إلى هنا ليس في (ب).

(4)

في (أ): (جباب)، ولم تنقط في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(5)

الواو ليست في (ب)، والتلخيص.

1170 -

المستدرك (4/ 579): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا شعبة، عن يونس بن خباب، قال سمعت مجاهداً يحدث، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولما ساغ لكم الطعام، ولا الشراب، ولما نمتم على الفرش، ولهجرتم النساء، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون، وتبكون، ولوددت أن الله خلقني شجرة تعضد.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق يونس بن خباب، عن مجاهد، عن أبي ذر، به.

وتابع يونس عليه إبراهيم بن مهاجر.

أخرجه وكيع في الزهد (1/ 261 - 264 و393 رقم 33 و159): حدثنا =

ص: 3528

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: قال أبو ذر: أطَّت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع شبر، إلا وفيه ملك ساجد، ولو تعلمون ما أعلم، ما تلذذتم مع نسائكم على الفرشات، ولخرجتم إلى الصُّعدات تجأرون وتبكون. اهـ. هكذا لفظه في الموضع الأول، وساقه بنفس الإسناد في الموضع الثاني، ولفظه: وددت أني شجرة أعضد، وددت أني لم أخلق.

ومن طريق وكيع بهذا اللفظ الثاني أخرجه الإمام أحمد في الزهد (ص 182).

ورواه الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، فخالف في ذلك يونس، وإبراهيم بن مهاجر، فوصله.

أخرجه هناد في الزهد (1/ 259 و269 - 270 رقم 450 و468): حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: والله لوددت أن الله خلقني يوم خلقني شجرة تعضد، ويؤكل ثمرها. اهـ. وهذا لفظه في الموضع الأول.

وأما لفظه في الموضع الثاني فهو: لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً. ولو تعلمون ما أعلم، لخرجتم إلى الصعدات، تجأرون وتبكون، ولو تعلمون ما أعلم، ما انبسطتم إلى نسائكم، وما تقاررتم على فرشكم.

ومن طريق هناد أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 164) بلفظ: والله لو تعلمون ما أعلم، ما انبسطتم إلى نسائكم، ولا تقاررتم على فرشكم، والله لوددت أن الله عز وجل خلقني يوم خلقني شجرة تعضد، ويؤكل ثمرها.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 341 رقم 16531) من طريق معاوية، به نحو لفظ هناد السابق، في الزهد، والحلية. =

ص: 3529

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص 37 رقم 66) من طريق سفيان، عن الأعمش، به مختصراً بلفظ: وددت أني شجرة تعضد.

وقد جاء الحديث، عن أبي ذر، مرفوعاً.

أخرجه الحاكم بعد هذا الحديث بحديث، من طريق إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن مورق العجلي، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع، إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله، والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله"، ولوددت أني كنت شجرة تعضد.

قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقد رواه الحاكم قبل هذا الموضع (2/ 510) من طريق إسرائيل أيضاً، وقال:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي.

وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (5/ 173).

والترمذي في سننه (6/ 601 - 603 رقم 2414) في الزهد، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً".

وابن ماجه (2/ 1402 رقم 4190) في الزهد، باب الحزن والبكاء.

وأبو نعيم في الحلية (2/ 236 - 237).

والبيهقي في سننه (7/ 52) في النكاح، باب ما كان مطالباً برؤية مشاهدة الحق، مع معاشرة الناس بالنفس والكلام.

جميعهم من طريق إسرائيل، به نحوه. =

ص: 3530

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، ويروى من غير هذا الوجه، أن أبا ذر قال: لوددت أني كنت شجرة تعضد، ويروى عن أبي ذر موقوفاً.

قلت: وقوله هنا في الحديث: "ولوددت أني كنت شجرة تعضد"، هذا اللفظ ليس ضمن اللفظ المرفوع، أوضحته رواية الإمام أحمد، وفيها: قال: فقال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد.

وأخرجه عبد الله بن الِإمام أحمد في زوائد الزهد (ص 182) من طريق جعفر بن سليمان، عن رجل قد سماه، عن شهر بن حوشب، عن عائذ الله، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما استقللتم على الفرش، ولا تمتعتم من الأزواج، ولا شبعتم من الطعام، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل"، فكأن أبوذر إذا حدث هذا الحديث يقول: يا ليتني شجرة تعضد.

دراسة الِإسناد:

الحديث رواه الحاكم هنا من طريق يونس بن خباب، عن مجاهد، عن أبي ذر، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله: "منقطع، ثم يونس رافضي لم يخرجا له".

أما يونس بن خباب، فتقدم في الحديث (853) أنه: صدوق يخطيء، ورمي بالرفض، ولم يخرج له أحد من الشيخين في صحيحهما -كما يتضح من مصادر ترجمته هناك.

وأما الانقطاع؛ فإن يونس هنا يروي الحديث عن مجاهد، عن أبي ذر.

ومجاهد رحمه الله نصوا في ترجمته في التهذيب (10/ 43 - 44) على أنه يسمع من علي، وسعد، ومعاوية، وكعب بن عجرة، الذين تأخرت سن وفاتهم عن أبي ذر رضي الله عنه.

فعلي رضي الله عنه تقدم مراراً أنه توفي سنة أربعين للهجرة، وأما =

ص: 3531

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو ذر فإنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة -كما في التهذيب (12/ 91) -.

وقد روى الحديث عن مجاهد اثنان آخران.

أحدهما الأعمش، والآخر إبراهيم بن مهاجر.

أما الأعمش رحمه الله فإنه خالف يونس، فرواه عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر.

وأما إبراهيم بن مهاجر، فاختلف عليه في الحديث.

فرواه عنه والد وكيع، عن مجاهد، عن أبي ذر، ووالد وكيع هذا اسمه: الجراح بن مليح بن عدي الرَّؤاسي، وهو: صدوق، إلا أنه يهم، وثقة أبو الوليد الطيالسي، وأبو داود السجستاني، وقال النسائي، والعجلي، وابن معين: لا بأس به، وروي عن ابن معين تضعيفه، وقال ابن عدي: لا بأس به، وهو صدوق. وضعفه ابن سعد، وابن معين في رواية كما سبق، وابن عمار، وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن الجراح، فقال: ليس بشيء، هو كثير الوهم، قلت: يعتبر؟ قال: لا.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال الأزدي: يتكلمون فيه، وليس بالمرضي عندهم. وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل. اهـ. من الجرح والتعديل (2/ 523 رقم 2175)، والتهذيب (2/ 66 - 68 رقم 108)، والتقريب (1/ 126 رقم 48).

ورواه إسرائيل، عنه -أي عن إبراهيم بن مهاجر-، عن مجاهد، عن مورق العجلي، عن أبي ذر رضي الله عنه، مرفوعاً.

وإسرائيل تقدم في الحديث (496) أنه: ثقة.

وقد يكون الاختلاف هذا من إبراهيم بن مهاجر نفسه، فإنه: صدوق، فيه لين -كما تقدم في الحديث (903) -.

وعليه فالراجح هي رواية الأعمش للحديث، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، موقوفاً كما تقدم، لأن الأعمش ثقة حافظ ورع كما تقدم في الحديث (712). =

ص: 3532

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما مجاهد بن جبر، فتقدم في الحديث (1035) أنه: ثقة.

وعبد الرحمن بن أبي ليلى يسار الأنصاري، المدني، ثم الكوفي: ثقة، من رجال الجماعة، -كما في التقريب (1/ 496 رقم 1094) -، وانظر الجرح والتعديل (5/ 301 رقم 1424)، والتهذيب (6/ 260 - 262 رقم 515).

وأما الطريق التي أخرجها عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، ففي سندها الرجل المبهم، وشهر بن حوشب وتقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الأوهام.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لانقطاعه، وما تقدم عن حال يونس بن خباب.

وهو صحيح من الطريق الأخرى التي رواها الأعمش، موقوفاً على أبي ذر.

وأما قوله: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً"، فإنه جاء مرفوعاً إليه صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 280 رقم 4621) و (11/ 319 رقم 6486)، في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (101)} [المائدة: 101] (آية "101" من سورة المائدة)،

وفي الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".

ومسلم (4/ 1832 رقم 134) في الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم.

كلاهما من حديث أنس رضي الله عنه، رفعه بمثله.

ص: 3533

1171 -

حديث عائشة، قالت:

"مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رافعة يدي وأنا أقول: اللهم حاسبني حساباً يسيراً (1) " الحديث.

قلت: الحُريش بن (الخِرِّيت)(2) قال البخاري: فيه نظر (3).

(1) من قوله: (وأنا أقول) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (أ)، والمستدرك وتلخيصه:(الحريث)، ولم تتضح نقطها في (ب)، وما أثبته من مصادر الترجمة.

(3)

التاريخ الكبير (3/ 114 رقم 386).

1171 -

المستدرك (4/ 580)، أخرج الحاكم حديث عائشة رضي الله عنها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:"اللهم حاسبني حساباً يسيراً، قال فقلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: أن ينظر في سيئاته، ويتجاوز له عنها، إنه من نوقش الحساب يومئذ هلك، وكل ما يصيب المؤمن، يكفر الله عنه سيئاته، حتى الشوكة تشوكه".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وشاهده عن عائشة رضي الله عنها"، ثم قال: أخبرناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا موسى بن هارون، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا الحريش بن الخريت، ثنا ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا رافعة يدي، وأنا أقول: اللهم حاسبني حساباً يسيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"تدرين ما ذلك الحساب؟ " فقلت: ذكر الله في كتابه:

{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8](الآية (8) من سورة الإِنشقاق).

فقال لي: "يا عائشة، إن من حوسب خصم، ذلك الممر بين يدي الله تعالى". =

ص: 3534

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حرمي بن عمارة، عن الحريش بن خِرِّيت، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، مرفوعاً.

وأخرجه ابن جرير الطبري (30/ 116) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحريش، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: من نوقش الحساب، أو: من حوسب، عُذِّب، قال: ثم قالت: إنما الحساب اليسير: عرض على الله، وهو يراهم.

وأصل الحديث في الصحيحين.

فقد أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 196 - 197 رقم 103) في العلم، باب من سمع شيئاً، فراجع حتى يعرفه.

و (8/ 697 رقم 4939) في التفسير.

باب: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8].

و (11/ 400 رقم 6536 و 6537) في الرقاق، باب: من نوقش الحساب عذب.

ومسلم (4/ 2204 و 2205 رقم 79 و80) في الجنة وصفة نعيمها، وأهلها، باب إثبات الحساب.

كلاهما من طريق ابن أبي ملكية، به بلفظ -والسياق للبخاري، ومسلم نحوه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك"، قلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى:

{{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 7 - 8]؟

فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة، إلا عذب". =

ص: 3535

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (6/ 47 و91 و127 و206).

وأبو داود في سننه (3/ 471 - 472 رقم 3093) في الجنائز، باب عيادة النساء.

والترمذي (7/ 112 رقم 2543) في صفة القيامة، باب منه.

ثلاثتهم من طريق أبي مليكة، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث أورده الحاكم شاهداً للحديث الذي تقدم ذكره، وأعله الذهبي بقوله:"الحريش، قال البخاري: في حديثه نظر"، كذا في التلخيص المخطوط والمطبوع، والذي في التاريخ الكبير مثل ما أثبته ابن الملقن:(فيه نظر).

والحريش هذا هو ابن الخِرِّيت البصري، وهو ضعيف، قال عنه البخاري: فيه نظر، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه. / التاريخ الكبير (3/ 114 رقم 386)، والتهذيب (2/ 241 رقم 439)، والتقريب (1/ 160 رقم 217).

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم في سنده الحريش، وتقدم أنه ضعيف، لكنه صح من طرق أخرى عن ابن أبي مليكة، أخرجها الشيخان، وغيرهما كما تقدم.

ص: 3536

1172 -

حديث ابن مسعود:

أنه سئل عن قوله تعالي:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71](1)؟

قال: داخلها.

قال: صحيح.

قلت: فيه داود بن الزبرقان، تركه أبو داود (2).

(1) الآية (71) من سورة مريم.

(2)

في سؤالات الآجري لأبي داود (ص 158 رقم 140): "داود بن الزبرقان ترك حديثه".

1172 -

المستدرك (4/ 587): أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الجراح العدل بمرو، ثنا يحيى بن ساسويه، ثنا علي بن حجر، ثنا داود بن الزبرقان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن مرة الهمداني؛ أن ابن مسعود سئل عن قول الله عز وجل:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، قال: وإن منكم إلا داخلها، كان على ربك حتماً مقضياً، ثم ينجي الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثياً.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (16/ 110) من طريق داود بن الزبرقان، عن السدي، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، فقال: داخلها.

دراسة الإسناد:

الحديث الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"داود، تركه أبو داود".

وداود هذا هو بن الزبرقان، تقدم في الحديث (661) أنه: متروك. =

ص: 3537

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف داود بن الزبرقان.

ويشهد لمعناه ما أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 1942 رقم 163) في فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة، من طريق أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم مُبشِّر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عند حفصة: "لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد: الذين بايعوا تحتها"، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71].

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد قال الله عز وجل:

{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم: 72]. اهـ.

والشاهد منه إقراره صلى الله عليه وسلم لحفصة بأن الورود هو الدخول، وإنما أنكر عليها ظاهر كلامها الذي يفهم منه الحكم على أصحاب الشجرة بالبقاء في النار.

ص: 3538

1173 -

حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، قال:

كان عبد الله بن رواحة (واضعاً)(1) رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته

إلخ (2).

قال: صحيح (3) على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه إرسال.

(1) في (أ) و (ب): (واضع)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

قوله: (فبكى، فبكت امرأته

ألخ) ليس في (ب).

(3)

قوله: (صحيح) ليس في (ب)، والتلخيص، وما أثبته من (أ) والمستدرك.

1173 -

المستدرك (4/ 588): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا سعيد بن محمد الحجواني بالكوفة، ثنا وكيع بن الجراح، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني نُبِّئت أني واردها، ولم أُنَبَّأ أني صادرها.

حدثنا أبو العباس محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة حرسها الله تعالى، ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كان عبد الله بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته، فبكى، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]، فلا أدري، أنجو منها، أم لا؟.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم في الموضع الأول من طريق وكيع.

وأخرجه وكيع في الزهد (1/ 260 - 261 رقم 32). =

ص: 3539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 357 رقم 16576).

والإمام أحمد في الزهد (ص 249).

وهناد في الزهد (1/ 163 رقم 227).

وابن عساكر في تاريخ دمشق (ص 333 جزء عبد الله بن جابر - عبد الله بن زيد).

جميعهم من طريق وكيع، به.

وأخرجه الحاكم في الموضع الثاني من طريق عبد الرزاق.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أيضاً ابن جرير في تفسيره (16/ 110) بمثل سياق الحاكم.

والحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 104 رقم 310): أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، فذكره بنحوه.

ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (لـ 152 ب- 153 أ): نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بكى عبد الله بن رواحة، فبكت امرأته، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي، فبكيت، قال: إني أعلم أني وارد النار، فلا أدري، أناج منها، أم لا؟

وأخرجه الطبري في الموضع السابق من طريق حكام، عن إسماعيل، به نحوه.

وللحديث طريق أخرى، يرويها بكر بن عبد الله المزني، قال: لما نزلت هذه الآية:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا (71)} [مريم: 71]،

ذهب عبد الله بن رواحة إلى بيته، فبكى، فجاءت امرأته، فبكت، فجاءت الخادم، فبكت، وجاء أهل البيت، فجعلوا يبكون، فلما =

ص: 3540

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= انقطعت عبرته، قال: يا أهلاه، ما الذي أبكاكم؟ قالوا: لا ندري، ولكن رأيناك بكيت، فبكينا، قال: إنه أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية، ينبئني فيها ربي عز وجل، أني وارد النار، ولم ينبئني أني صادر عنها، فذلك الذي أبكاني.

أخرجه ابن المبارك في الموضع السابق برقم (309)، عن شيخه عباد المنقري، حدثنا بكر بن عبد الله المزني، فذكره.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 118) من طريق محمد بن فليح، ثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري، قال: زعموا أن ابن رواحة بكى حين أراد الخروج إلى مؤتة، فبكى أهله حين رأوه يبكي، فذكره بنحوه.

وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص 334) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، قال: وزعموا، والله أعلم، أن ابن رواحة، فذكره بنحو سابقه، لكن من قول موسى بن عقبة، ولم يذكر الزهري.

وأخرجه أبو نعيم في الموضع نفسه، من طريق عروة بن الزبير، قال: لما أراد ابن رواحة الخروج إلى أرض مؤتة من الشام، أتاه المسلمون يودعونه، فبكى، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة لكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)} [مريم: 71]،

فقد علمت أني وارد النار، ولا أدري كيف الصدر بعد الورود؟

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: =

ص: 3541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "فيه إرسال"، وأصاب بذلك؛ فإن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، في غزوة مؤتة سنة ثمان من الهجرة، ورواية قيس بن أبي حازم عنه مرسلة -كما في التهذيب (5/ 212) -.

والطريق الأخرى التي أخرجها ابن المبارك، عن شيخه عباد المنقري، عن بكر المزني، لها علتان:

1 -

الِإرسال، فإن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع إلا من صغار الصحابة كأنس، وابن عباس، وابن عمر، وروايته عن مثل أبي ذر، مرسلة. / انظر التهذيب (1/ 484).

2 -

ضعف شيخ ابن المبارك عباد بن مسيرة المِنْقَري، ضعفه أحمد، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: حديثه ليس بالقوي، ولكنه يكتب. وقال أبو داود: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: لين الحديث. / انظر الكامل لابن عدي (4/ 1647)، والتهذيب (5/ 107 - 108)، والتقريب (1/ 394 رقم 114).

وأما الطريق الأخرى التي رواها الزهري، فإنها مرسلة؛ الزهري لم يدرك ابن رواحة أيضاً. وكذا الطريق التي رواها عروة بن الزبير، مرسلة -كما يتضح من ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في الموضع السابق من التهذيب.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لإرساله، وهو بمجموع الطرق المتقدمة يرتقي لدرجة الحسن لغيره.

ص: 3542

1174 -

حديث عبد الله مرفوعاً:

"يجمع الله الناس يوم القيامة فيناديهم مناد) الحديث (1).

قال: صحيح، وأبو خالد الدَّالاني المذكور فيه كلهم يشهدون له بالصدق والِإتقان (2).

قلت: ما أنكره حديثاً، على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف.

(1) قوله: (فيناديهم مناد

الحديث) ليس في (ب).

(2)

من قوله: (وأبو خالد) إلى هنا ليس في (ب).

1174 -

المستدرك (4/ 589 - 592): أخبرني أبو جعفر محمد بن دحيم الشيباني بالكوفة من أصل كتابه، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري، ثنا مالك بن إسماعيل النهدي، ثنا عبد السلام بن حرب، ثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، ثنا المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فينادي مناد: يا أيها الناس، ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي على إنسان ما كان يعبد في الدنيا ويتولى؟ أليس ذلك عدل من ربكم؟ قالوا: بلى، قال: فينطلق على إنسان منكم إلى ما كان يتولى في الدنيا، ويمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا، وقال: يمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير، حتى يمثل لهم الشجر، والعود، والحجر، ويبقى أهل الِإسلام جثوماً، فيقول لهم: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: إن لنا رباً ما رأيناه بعد، قال: فيقول: فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه؟ قالوا: بيننا وبينه علامة، إن رأيناه عرفناه، قال: وما هي؟ قالوا: الساق، فيكشف عن ساق، قال: فيحني كل من كان لظهر طبق ساجداً ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، قال: ثم =

ص: 3543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يؤمرون فيرفعون رؤوسهم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطي نوره دون ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك، حتى يكون آخر ذلك يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة، ويطفيء مرة، فإذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفىء قام، فيمرون على الصراط كحد السيف دحض مزلة، قال: فيقال: انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرحل، ويرمل رملًا، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يجر يداً، ويعلق يداً، ويجر رجلاً، ويعلق رجلاً، فتصيب جوانبه النار. قال: فيخلصون، فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك، بعد إذ رأيناك، فقد أعطانا الله ما لم يعط أحداً، فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة، وهو مصفق منزلاً في أدنى الجنة، فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، قال: فيقول لهم: تسألوني الجنة وهو مصفق وقد أنجيتكم من النار؟ هذا الباب لا يسمعون حسيسها فيقول لهم: لعلكم إن اعطيتموه أن تسألوني غيره؟ قال فيقولون: لا وعزتك لا نسألك غيره، وأي منزل يكون أحسن منه قال: فيعطوه، فيرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كأن الذي أعطوه قبل ذلك حلم عند الذي رأوه، قال فيقول لهم: لعلكم إن اعطيتموه أن تسألوني غيره؟ فيقولون: لا وعزتك، لا نسألك غيره، وأي منزل أحسن منه، فيعطوه، ثم يسكتون قال: فيقال لهم: ما لكم لا تسألوني؟ فيقولون: ربنا قد سألنا حتى استحيينا، قال: فيقول لهم: ألم ترضوا إن أعطيتكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ " قال: قال مسروق: فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك، قال: فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لقد حدثت بهذا الحديث مراراً، فما بلغت هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحكت؟ قال: فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدث بهذا الحديث مراراً فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أضراسه؛ لقول الِإنسان أتهزأ بي وأنت =

ص: 3544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الملك؟ قال: "فيقول الرب تبارك وتعالى: لا ولكني على ذلك قادر فسلوني، قال: فيقولون: ربنا الحقنا بالناس، فيقول لهم: الحقوا بالناس، قال: فينطلقون يرملون في الجنة، حتى يبدو للرجل منهم قصر من درَّة مجوَّفة، قال: فيخر ساجداً، قال: فيقال له: ارفع رأسك، فيرفع رأسه، فيقال: إنما هذا منزل من منازلك، قال: فينطلق فيستقبله رجل، فيقول: أنت ملك؟ فيقال: إنما ذلك قهرمان من قهارمتك، عبد من عبيدك، قال: فيأتيه فيقول: إنما أنا قهرمان من قهارمتك على هذا القصر تحت يدي ألف قهرمان كلهم على ما أنا عليه، قال: فينطلق به عند ذلك، حتى يفتح القصر وهو درة مجوفة سقايفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، فيفتح له القصر، فيستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء سبعون ذراعاً، فيها ستون باباً، كل باب يفضي إلى جوهرة واحدة على غير لون صاحبتها في كل جوهرة سرر وأزواج وتصاريف، -أو قال: ووصائف-، قال: فيدخل فإذا هو بحوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته، وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضه ازدادت في عينه سبعين ضعفاً عما كان قبل ذلك، فيقول: لقد ازددت في عيني سبعين ضعفاً، وتقول له مثل ذلك، قال: فيشرف ببصره على ملكه مسيرة مائة عام"، قال: فقال عمر عند ذلك: يا كعب ألا تسمع إلى ما يحدثنا ابن أم عبد عن أدنى أهل الجنة ما له فكيف بأعلاهم؟ قال: يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، إن الله كان فوق العرش والماء، فخلق لنفسه داراً بيده، فزينها بما شاء، وجعل فيها من الثمرات والشراب، ثم أطبقها، فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها، لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قرأ كعب.

{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (17)} [السجدة: 17]،

وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء، وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والاستبرق، وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة، فمن كان كتابه في عليين، يرى في تلك الدار، فإذا ركب الرجل من أهل عليين في =

ص: 3545

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ملكه، لم ينزل خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، حتى إنهم يستنشقون ريحه، ويقولون: واهاً لهذه الريح الطيبة، ويقولون لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين، فقال عمر: ويحك يا كعب! إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، إن لجهنم زفرة، ما من ملك مقرب، ولا نبي إلا يخر لركبتيه حتى يقول إبراهيم -خليل الله-: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك، لظننت أن لا تنجو منها.

قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني في الصحيحين؛ لما ذكر من انحرافه عن السنَّة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإِتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 416 - 421 رقم 9763) من طريق عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني، به.

وأخرجه في الموضع نفسه من طريق محمد بن النضر الأزدي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، فذكره بنحوه.

وعبد الله بن أحمد أخرجه في كتاب السنَّة (2/ 177 - 181).

وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (ص 252 - 254 رقم 434) من طريق محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن عبيد، به نحوه.

وأخرجه الطبراني أيضاً (9/ 421 رقم 9764) من طريق نعيم بن =

ص: 3546

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي هند، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، فذكره بنحوه هكذا، ولم يذكر مسروقاً في سنده.

وساقه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4/ 365 - 367) بطوله إلى قوله: "وكبدها مرآته"، وعزاه لِإسحاق بن راهويه في مسنده، وقال:"هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات".

ورواه ابن أبي الدنيا -كما في الترغيب والترهيب للمنذري (4/ 246 - 248) -، ثم قال المنذري عقبه: "أحد طرق الطبراني صحيح

، وهو في مسلم، بنحوه، باختصار عنه".

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 343): "رواه كله الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني، وهو ثقة".

وأصل الحديث في صحيح مسلم كما قال المنذري رحمه الله، من حديث ابن مسعود.

فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 173 و 174 و 174 - 175 رقم 308 و 309 و310) في الِإيمان، باب آخر أهل النار خروجاً، من طريق منصور، والأعمش، كلاهما عن إبراهيم، عن عبيدة، عن ابن مسعود، به مختصراً، ومن طريق ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبوا مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها، التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، لعليِّ إن أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأشرب من مائها، =

ص: 3547

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها}، فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأولين، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب، أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم، ما يَصْريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ قال: يا رب، أتستهزىء مني، وأنت رب العالمين؟ "، فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزىء مني، وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزىء منك، ولكني على ما أشاء قادر.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"ما أنكره حديثاً، على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف".

وأبو خالد الدالاني هذا اسمه يزيد بن عبد الرحمن، وتقدم في الحديث (492) أنه: صدوق يخطيء كثيراً، ولم أجد من وصفه بالتشيع سوى الذهبي هنا، وقول الحاكم آنفاً:"لما ذكر من انحرافه عن السنَّة في ذكر الصحابة".

ولم ينفرد أبو خالد هذا بالحديث، بل تابعه زيد بن أبي أنيسة كما سبق.

وزيد بن أبي أنيسة الجزري، أبو أسامة: ثقة، له أفراد، من رجال الجماعة -كما في التقريب (1/ 272 رقم 158) -، وانظر الجرح =

ص: 3548

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتعديل (3/ 556 رقم 2517)، والتهذيب (3/ 397 - 398 رقم 729).

والراوي عنه أبو عبد الرحيم الحراني خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم، الأموي، مولاهم: ثقة من رجال مسلم -كما في التقريب (1/ 221 رقم 101) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 361 - 362 رقم 1638)، والتهذيب (3/ 132 رقم 243).

والراوي عن أبي عبد الرحيم هو محمد بن سلمة الحراني، وتقدم في الحديث (661) أنه: ثقة.

وعن محمد الحراني رواه إسماعيل بن عبيد بن عمر بن أبي كريمة، الحراني الأموي، مولاهم، وهو ثقة، وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في ثقاته، وروى عنه أبو زرعة. / انظر الجرح والتعديل (2/ 188 رقم 635)، والتهذيب (1/ 318 - 319 رقم 578).

وأما بقية رجال الإسناد فهم كالتالي:

مسروق بن الأجدع تقدم في الحديث (815)) أنه: ثقة فقيه عابد مخضرم، من رجال الجماعة.

وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، وقيل إن اسمه: عامر، وهو ثقة من رجال الجماعة -كما في التقريب (2/ 448 رقم 86) -، وانظر الجرح والتعديل (9/ 403 رقم 1335)، والتهذيب (5/ 75 رقم 121).

وأما المنهال بن عمرو الأسدي فتقدم في الحديث (592) أنه: صدوق.

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم في سنده أبو خالد الدالاني، وتقدم أنه: صدوق يخطيء كثيراً، فيكون الحديث من طريقه ضعيفاً، غير أنه لم ينفرد به، بل تابعه زيد بن أبي أنيسة، والحديث من طريقه حسن لذاته، وأصل الحديث في صحيح مسلم مختصراً كما تقدم، والله أعلم.

ص: 3549

1175 -

حديث أنس مرفوعاً:

"ناركم هذه جزء من سبعين ناراً من جهنم" الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه (2) جسر (3) بن فرقد، واهٍ، و (بكير) (4) بن بكَّار قال النسائي: ليس، بثقة (5).

(1) من قوله: (جزء) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

قوله: (فيه) ليس في (ب)، والتلخيص.

(3)

في المستدرك وتلخيصة: (حسين)، وما أثبته من (أ) و (ب)، ومصادر الترجمة.

(4)

في (أ): (بكير)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(5)

من قوله: (وبكر) إلى هنا ليس في (ب)، وعبارة النسائي هذه في الضعفاء له (ص 26 رقم 87).

1175 -

المستدرك (4/ 593): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن مندة الأصبهاني، ثنا بكر بن بكار، ثنا حسين بن فرقد، ثنا الحسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت النبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، ولولا أنها غمست في الماء مرتين ما استمتعتم بها، وأيم الله، إن كانت لكافية، وإنها لتدعو الله -أو: تستجير الله-: أن لا يعيدها في النار أبداً".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة".

تخريجه:

الحديث له عن أنس رضي الله عنه ثلاث طرق: =

ص: 3550

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= * الأولى: يرويها بكر بن بكار، عن جسر بن فرقد، عن الحسن، عن أنس، وهي طريق الحاكم هذه.

* الطريق الثانية: يرويها نُفَيع أبو داود، عن أنس، به نحوه، ولم يذكر قوله:"وأيم الله إن كانت لكافية".

أخرجه هناد في الزهد (1/ 167 رقم 234).

وابن ماجه في سننه (2/ 1444 رقم 4318) في الزهد، باب صفة النار.

قال البوصيري في الزوائد (4/ 261): "نفيع ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والفلاس والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، وغيرهم، وقال العقيلي: كان ممن يغلو في الرفض".

* الطريق الثالثة: يرويها زياد النميري، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر ناركم، فقال:"إنها لجزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وما وصلت إليكم حتى -أحسبه قال:- نُضحت مرتين بالماء؛ لتضيء لكم، ونار جهنم سوداء مظلمة".

أخرجه البزار (4/ 180 رقم 3489): حدثنا أحمد بن مالك القشيري، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 388): "رجاله ضعفاء، على توثيق لين فيهم".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"جسر واه، وبكر قال النسائي: ليس بثقة".

وجَسْر هذا هو ابن فَرْقد القصاب، جعفر، البصري وتقدم في الحديث (526) أنه ضعيف.

وبكر بن بكار، أبو عمرو القيسي تقدم في الحديث (529) أنه ضعيف أيضاً. =

ص: 3551

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما الطريق الثانية التي رواها ابن ماجه، ففي سندها: نفيع بن الحارث، أبو داود الأعمى، مشهور بكنيته، وهو متروك -كما في التقريب (2/ 306 رقم 140) -، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 2523 - 2524)، والتهذيب (10/ 470 - 472 رقم 847).

وأما الطريق الثالثة التي رواها البزار ففي سندها:

زياد بن عبد الله النميري، البصري وتقدم في الحديث (1167) أنه ضعيف.

والراوي عنه زائدة بن أبي الرقاد الباهلي، أبو معاذ البصري الصيرفي وتقدم في الحديث (1167) أنه: منكر الحديث.

وشيخ البزار أحمد بن مالك القشيري لم أجد أحداً بهذا الاسم، إلا أن يكون أحمد بن محمد بن مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي، وقد نسبه ابن حبان إلى جده فقال: أحمد بن مالك، كذا قال الحافظ ابن حجر في اللسان (1/ 292 رقم 864)، و (1/ 309 رقم 928)، والذي في المجروحين له (1/ 140): أحمد بن محمد بن مالك، ولم ينسبه إلى جده، فلعل النسخة التي بيد ابن حجر فيها نسبته إلى جده. قال ابن حبان عن أحمد هذا: منكر الحديث، يأتي بالأشياء المقلوبة التي لا يجوز الاحتجاج بها. وقال الدارقطني: ضعيف. / وانظر الميزان (1/ 150 رقم 585).

الحكم على الحديث:

الحديث من طريق الحاكم ضعيف؛ لضعف جسر بن فرقد، وبكر بن بكار، ولا ينجبر ضعفه بالطريقين الأخريين لشدة ضعفهما.

لكن صح الحديث من طريق أخرى، عدا قوله:"وإنها لتدعو الله، أو تستجير الله، أن لا يعيدها في النار أبداً"، فلم أجد ما يشهد له.

فقد أخرج البخاري في صحيحه (6/ 330 رقم 3265) في بدء الخلق، باب صفة النار، وأنها مخلوقة. =

ص: 3552

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومسلم (4/ 2184 رقم 30) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم.

كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم"، قالوا: والله إن كانت لكافية، يا رسول الله!! قال:"فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهن مثل حرها".

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 244): حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، وضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد".

قال الحافظ ابن كثير في النهاية (2/ 214): "على شرط الصحيحين".

وصحح سنده الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (13/ 46).

ص: 3553

1176 -

حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً:

"إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها خمسمائة سنة

"، الحديث بطوله.

قال: صحيح.

قلت: بل منكر، فيه عبد الله بن عياش (1) ضعفه أبو داود (2) (وعند مسلم) (3) أنه: ثقة، ودرّاج وهو كثير المناكير.

(1) في المستدرك وتلخيصه المطبوعين: (عباس)، وما أثبته من (أ)، ومصادر التخريج، والترجمة، والحديث بكامله ليس في (ب).

(2)

انظر الحديث رقم (1092).

(3)

في (أ): (وعندهم)، وما أثبته من التلخيص.

1176 -

المستدرك (4/ 594): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، حدثني عبد الله ابن سليمان، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، فالعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في سماء الدنيا، والحوت على صخرة، والصخرة بيد ملك، والثانية مسجن الريح، فلما أراد الله أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحاً تهلك عاداً، قال: يا رب، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور؟ فقال له الجبار تبارك وتعالى: إذا تكفي الأرض، ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم، وهي التي قال الله عز وجل في كتابه العزيز:

{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} [الذاريات: 42](الآية "42 " من سورة الذاريات)،

والثالثة فيها حجارة جهنم والرابعة فيها كبريت جهنم". قالوا: =

ص: 3554

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يا رسول الله، أللنار كبريت؟ قال:"نعم، والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت، لو أرسل فيها الجبال الرواسي لماعت، والخامسة فيها حيات جهنم، إن أفواهها كالأودية، تلسع الكافر اللسعة، فلا يبقى منه لحم على عظم، والسادسة فيها عقارب جهنم، إن أدنى عقربة منها كالبغال الموكفة، تضرب الكافر ضربة تنسيه ضربتها حر جهنم، والسابعة سقر، وفيها إبليس مصفد بالحديد، يد أمامه، ويد خلفه، فإذا أراد الله أن يطلقه لمن يشاء من عباده أطلقه".

قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به أبو السمح، عن عيسى بن هلال، وقد ذكرت فيما تقدم عدالته بنص الِإمام يحيى بن معين رضي الله عنه، والحديث صحيح لم يخرجاه".

ملحوظة: من الحديث رقم (1175) إلى الآخر ليس موجوداً في مخطوطتي المستدرك وتلخيصه التي بيدي، وفي لفظ المطبوع بعض التصحيف، فصوبته من كنز العمال (6/ 157 - 158)؛ حيث ذكر الحديث، وعزاه للحاكم فقط، وهذا يعني أنه ساقه بلفظ الحاكم، وهو موافق لما في مصادر التخريج.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيرة -كما في تفسير ابن كثير (4/ 237)، و"تخريج أحاديث شرح المواقف"(ص 6 - 7) -.

وابن مندة في كتاب التوحيد (1/ 186 - 187 رقم 63).

كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، به، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه، ولفظ ابن مندة مختصر، وعندهما جاء سند الحديث هكذا:"عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن عيسى بن هلال"، دون ذكر أبي الهيثم بين دراج، وعيسى بن هلال.

قال ابن مندة عقبه: "هذا إِسناد متصل مشهور عند المصريين، وعيسى بن هلال روى عنه كعب بن علقمة، وعياش بن عباس. وعبد الله بن =

ص: 3555

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سليمان، وعبد الله بن عياش مشهوران. ودراج هو ابن سمعان، اسمه: عبد الرحمن بن أبي عمر".

وقال الحافظ ابن كثير: "هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم".

وأما السيوطي رحمه الله في "تخريج أحاديث شرح المواقف"، فإنه حسَّن إسناده.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل منكر، وعبد الله بن (عياش) القتباني ضعفه أبو داود وعند مسلم أنه ثقة، ودراج كثير المناكير".

قلت: أما عبد الله بن عياش القتباني، فتقدم في الحديث (1092) أنه: صدوق يغلط.

وأما قول الذهبي: "وعند مسلم أنه: "ثقة"، فيوضحه قوله في الحديث (1092): "عبد الله وإن كان احتج به مسلم، فقد ضعفه

"، وسبق هناك ذكر الخلاف، هل احتج به مسلم، أو لا؟ وأن الراجح قول من قال: احتج به مسلم، وهذا الذي دعى الذهبي إلى القول بأن عبد الله هذا عند مسلم أنه: ثقة.

وأما درَّاج -بتثقيل الراء، وآخره جيم-، ابن سمعان، أبو السَّمح، فقد قيل: إن اسمه: عبد الرحمن، ودراج لقب، السهمي، مولاهم المصري، القاص، فإنه: صدوق، إلا في حديثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، فإنه ضعيف. قال الِإمام أحمد: أحاديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد فيها ضعف. وقال أبو داود: أحاديثه مستقيمة، إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وأخرج حديثه في صحيحه. وقال =

ص: 3556

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عثمان الدرامي: درَّاج، ومشرح بن هاعان ليسا بكل ذاك، وهما صدوقان.

وذكر له ابن عدي عدة أحاديث، جميعها من حديثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عدا حديثاً واحداً، فمن روايته عن ابن حجيرة، لكن الراوي عنه ابن لهيعة، ثم قال: "وعامة هذه الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع دراج عليه، وفيها ما قد روي عن غيره، ومن غير هذا الطريق

" إلى أن قال: "وسائر أخبار دراج، غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها، وأرجو إذا أخرجت (دراجاً)، وبرَّيته من هذه الأحاديث التي أنكرت عليه، أن سائر أحاديثه لا بأس بها، وتقرب صورته ما قال عنه يحيى بن معين". اهـ. من الكامل (3/ 979 - 982)، والتهذيب (3/ 208 - 209 رقم 397)، وانظر التقريب (1/ 235 رقم 54).

والواسطة بين عبد الله بن عياش، ودراج، هو عبد الله بن سليمان بن زرعة الحميري، أبو حمزة، المصري الطويل، وهو صدوق يخطيء -كما في التقريب (1/ 421 رقم 359) -، ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال الوليد بن شجاع، عن ابن وهب، سمعت حيوة بن شريح يحدث عن عبد الله بن سليمان، وكانوا يرون أنه أحد الأبدال. وقال البزار: حدث بأحاديث لم يتابع على هذا (كذا). / الثقات لابن حبان (7/ 41)، والتهذيب (5/ 245 رقم 426).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لما تقدم عن حال عبد الله القتباني، وعبد الله الطويل، وأما درَّاج فلا يُعَلُّ به الحديث؛ لأن روايته هنا ليست من الطريق المنتقدة عليه، وتقدم أن الحافظ ابن كثير حكم على الحديث مرفوعاً بالنكارة؛ ورجح وقفه على عبد الله بن عمرو، على أنه من الِإسرائيليات التي أصابها يوم اليرموك. =

ص: 3557

1177 -

حديث عبد الله (1) مرفوعاً.

"يؤتى بجهنم ولها سبعون ألف زمام، مع كل سبعون ألف ملك يُجَرُّونها (2) ".

قال: على شرط مسلم.

قلت: لكن فيه العلاء بن خالد الكاهلي (كذبه)(3) أبو سلمة (4) التبوذكي.

(1) في (أ): (عبد الله بن عمر)، وفي (ب):(عبد الله بن عمرو)، وفي المستدرك وتلخيصه:(عبد الله) غير منسوب، وهو عبد الله بن مسعود كما في مصادر التخريج.

(2)

من قوله: (مع كل زمام) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

في (أ) و (ب): (وثقه)، وما أثبته من التلخيص، وانظر التاريخ الكبير (6/ 516 - 157)، ودراسة الإِسناد.

(4)

قوله: (أبو سلمة) كذا في (أ)، ومصادر الترجمة، وليس في (ب)، وفي التلخيص:(أبو مسلمة).

1177 -

المستدرك (4/ 595): حدثنا محمد بن صالح بن هانيء، ثنا السري بن خزيمة، ثنا عثمان بن حفص، عن غياث، ثنا أبي العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يؤتى بجهنم يومئذ، ولها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله -وهو ابن مسعود-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وفاته هو، والذهبي، وابن الملقن أن مسلمًا أخرج الحديث =

ص: 3558

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (4/ 2184 رقم 29) في الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم، من طريق حفص بن غياث، به مثله سواء.

وأخرجه الترمذي (7/ 294 رقم 2698) في صفة جهنم، باب ما جاء في صفة النار.

والعقيلي في الضعفاء (3/ 344).

والمزي في تهذيب الكمال (2/ 1070).

ثلاثتهم من طريق العلاء، به.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (8/ 512)، وعزاه أيضاً لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

وهذا الحديث من الأحاديث التي انتقدها الدارقطني رحمه الله على مسلم، فقال في التتبع (ص 289 - 290):"أخرج مسلم عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن العلاء بن خالد، عن شقيق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها"، قال: رفعه وهم؛ رواه الثوري ومروان، وغيرهما عن العلاء بن خالد، موقوفاً". اهـ.

قلت: أما رواية سفيان الثوري فأخرجها الترمذي عقب الحديث السابق برقم (2699).

وأما رواية مروان الفزاري فأخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 151 رقم 15964).

ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (ص 197).

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (30/ 188).

والعقيلي في الضعفاء (3/ 344).

ثلاثتهم من طريق مروان، عن العلاء بن خالد، به نحوه، موقوفاً على ابن مسعود. =

ص: 3559

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن أبي شيبة (13/ 167 رقم 16013) من طريق أسباط بن نصر، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، قال عبد الله:

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)} [الفجر: 23](الآية 23 من سورة الفجر)،

قال: جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كما زمام سبعون ألف ملك.

وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق من طريق يحيى بن واضح، ثنا الحسين، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل:{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (23)} [الفجر: 23].

قال: فذكره بنحو سابقه، هكذا مقطوعاً.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق السري بن خزيمة، عن عثمان بن حفص، عن غياث، ثنا أبي، ثنا العلاء بن خالد، فذكره، كذا جاء سند الحديث في المستدرك المطبوع، وأظنه خطأ، صوابه: (السري بن خزيمة، عن عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي، ثنا العلاء

)، والذي دعاني لهذا الترجيح ما يلي:

1 -

لم يذكروا لحفص بن غياث ابناً اسمه: غياث من الرواة عنه، وإنما ذكروا: عمر، وعَنَام. / انظر تهذيب الكمال (1/ 306).

2 -

مدار هذا الحديث مرفوعاً على عمر بن حفص بن غياث عند جميع الذين وجدتهم أخرجوه.

وبالِإضافة لذلك فالسري بن خزيمة في طبقة من يروي عن عمر بن حفص بن غياث.

وتقدم أن مسلمًا أخرج الحديث من طريق عمر بن حفص، عن أبيه.

وأما السري بن خزيمة، فتقدم في الحديث (575) أنه: ثقة إمام حافظ حجة. =

ص: 3560

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وشيخ الحاكم محمد بن صالح بن هانيء تقدم في الحديث (849) أن الأثرم قد أثنى عليه، وزكَّاه.

وأما إعلال الذهبي رحمه الله للحديث بالعلاء بن خالد الكاهلي، وقوله:"كذبه أبو سلمة التبوذكي"، فإنه وهم وقع فيه هو، وابن عدي، وابن الجوزي، ثم تراجع الذهبي عن قوله هذا في الميزان (3/ 99)، وبيان ذلك كما يلي:

فهناك ثلاثة رواة، في طبقة واحدة، وبينهم تشابه في الاسم، وهم:

العلاء بن خالد الأسدي الكاهلي.

والعلاء بن خالد القرشي، مولاهم، الواسطي.

والعلاء بن خالد بن وردان الحنفي، البصري.

فالذي رماه التبوذكي بالكذب هو العلاء بن خالد القرشي، الواسطي، وليس الكاهلي. / انظر التاريخ الكبير للبخاري (6/ 516 - 517 رقم3169 و3170 و3171 و 3172)، وتهذيب الكمال للمزي (2/ 1070)، والميزان (3/ 98 - 99 رقم 5725 و 5726 و5727)، وتهذيب التهذيب (8/ 179 - 180 رقم 321 و 322 و323).

وكما سبق فقد وقع في هذا الوهم ابن عدي، وابن الجوزي.

أما ابن عدي فإنه جعل الذي رمي بالكذب هو الكاهلي. / انظر الكامل (5/ 1862).

وأما ابن الجوزي، فقال الذهبي في الموضع السابق من الميزان:"قد خلط ابن الجوزي، فقال: العلاء بن خالد الكاهلي، عن عطاء، وقتادة، كذبه موسى بن إسماعيل (هو التبوذكي)، وقال ابن حبان: لا يحل ذكره، إلا بالقدح. قلت (القائل الذهبي): قد ذكرنا أن الكاهلي صدوق، موثق، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، فذكر ابن الجوزي الثقة، وما ذكر المجروح، بل قال: وثم آخران، يقال لهما: العلاء بن خالد، لم يقدح فيهما". اهـ. =

ص: 3561

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: فكلام الذهبي هذا يدل على تراجعه عن تعقبه على هذا الحديث هنا.

والعلاء بن خالد الكاهلي هذا صدوق كما قال الذهبي آنفاً، وكما في التقريب (2/ 91 رقم 812)، فقد احتج به مسلم في هذا الحديث، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو داود: أرجو أن يكون ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، لا بأس به، وذكره ابن حبان في ثقاته. / انظر المراجع السابقة، والجرح والتعديل (6/ 354 - 355 رقم 1957)، مع أنه خلط بين العلاء هذا وبين العلاء بن خالد بن وردان، فجعلهما واحداً.

وأما ما ذكره علي بن المديني، عن يحيى القطان من أنه قال: تركت العلاء بن خالد الأسدي على محمد، ثم كتبت عن الثوري، عنه، فإن هذا جرح مجمل، ولم يذكر سبب تركه إياه، ثم إذا كان تركه لجرح عنده، فلأي شيء كتب عن سفيان الثوري، عنه؟

وأما ذكر العقيلي له في الضعفاء (3/ 344) وقوله عنه: "يضطرب في حديثه"، فإنه ذكر حديثه هذا: "يؤتى بجهنم

" من طريقين عنه، مرة مرفوعاً، ومرة موقوفاً، وعدَّ هذا اضطراباً منه، ولم أجد من حمَّل العلاء بن خالد تبعة الاختلاف في رفع الحديث ووقفه سوى العقيلي، ورأيه هنا لا يسلم له به، فإن الدارقطني رحمه الله أشار إلى جعل الوهم ممن دون العلاء كما سبق، فقال: "رفعه وهم؛ رواه الثوري، ومروان، وغيرهما، عن العلاء بن خالد، موقوفاً". اهـ. ولم يحمل العلاء تبعة الاختلاف، وقد فهم النووي رحمه الله من صنيع الدارقطني أنه حمل حفص بن غياث تبعة هذا الحديث، فقال في شرحه لصحيح مسلم (17/ 187 - 179): "هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال رفعه وهم؛ رواه الثوري، ومروان، وغيرهما، عن العلاء بن خالد، موقوفاً. =

ص: 3562

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: (القائل النووي): وحفص ثقة حافظ إمام، فزيادته الرفع مقبولة كما سبق نقله عن الأكثرين، والمحققين". اهـ.

وقد رحج العقيلي في الموضع السابق الرواية الموقوفة بقوله عقب سياقه لها: "هذا أولى". اهـ.

الحكم على الحديث:

الحديث تقدم أن الراجح أن الحديث من رواية عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، وإسناد الحاكم إلى عمر حسن لذاته، وقد أخرج مسلم الحديث من طريق عمر هذا، والحديث بكلا الحالين صحيح، سواء كان مرفوعاً كما في رواية مسلم، أو موقوفاً كما رجحه الدارقطني، فالموقوف له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، والله أعلم.

ص: 3563

1178 -

حديث أبي الزَّعْراء، قال:

ذكر الدجال عند عبد الله فقال: "يفترقون عند خروجه ثلاث فرق

"، الحديث.

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: احتجا بأبي الزَّعْراء (1).

(1) هذا الحديث وما بعده إلى نهاية الكتاب ليس في (ب).

1178 -

المستدرك (4/ 598 - 600): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، ثنا أسد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، ثنا سفيان بن سعيد، ثنا سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء قال: ذكر الدجال عند عبد الله، فقال: يفترق الناس عند خروجه ثلاث فرق، فرقة تتبعه، وفرقة تلحق بأهلها منابت الشيح، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات يقاتلهم ويقاتلونه، حتى يقتلون بغربي الشام، فيبعثون طليعة فيهم فرس أشقر أو أبلق فيقتلون فلا يرجع منهم أحد، قال وأخبرني أبو صادق، عن ربيعة بن ناجذ أنه فرس أشقر قال: ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عليه السلام ينزل فيقتله ويخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون فتنتن الأرض منهم فيجأر إلى الله عز وجل فيرسل ماء فيطهر الأرض منهم ويبعث الله ريحاً فيها زمهرير باردة فلا تدع على الأرض مؤمناً إلا كفته تلك الريح، ثم تقوم الساعة على شرار الناس، ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض، فينفخ فيه فلا يبقى من خلق الله في السماوات والأرض، إلا مات إلا من شاء ربك، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله، فليس من بني آدم أحد إلا في الأرض منه شيء، ثم يرسل الله ماء من تحت العرش كمني الرجال فتنبت لحمانهم وجثمانهم كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ عبد الله:

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ

(9)} [فاطر: 9]، =

ص: 3564

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حتى بلغ:

{كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)} [فاطر: 9](الآية 9 من سورة فاطر).

ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فينطلق كل روح إلى جسدها فتدخل فيه، فيقومون فيجيئون مجيئة رجل واحد قياماً لرب العالمين، ثم يتمثل الله تعالى للخلق فيلقى اليهود فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد عزيزاً، فيقول: هل يسركم الماء؟ قالوا: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب، ثم قرأ عبد الله:

{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)} (الآية "100" من سورة الكهف)،

ثم يلقى النصارى، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد المسيح، فيقول: هل يسركم الماء؟ فيقولون: نعم، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب، ثم كذلك من كان يعبد من دون الله شيئاً، ثم قرأ عبد الله:

{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)} [الصافات: 24](الآية "24" من سورة الصافات)،

حتى يبقى المسلمون، فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئاً، فينتهرهم مرتين، أو ثلاثاً: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئاً، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: إذا اعترف لنا سبحانه عرفناه، فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجداً، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون، ثم يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم، فيمر الناس بقدر أعمالهم زمراً، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، ثم كمر البهائم، حتى يمر الرجل سعياً، ثم يمر الرجل مشياً، حتى يجيء آخرهم رجل يتلبط على بطنه، فيقول: يا رب، لم أبطأت بي؟ قال: إني لم أبطأ بك، إنما أبطأ بك عملك، ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة، فيكون أول شافع: روح الله القدس جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم =

ص: 3565

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عيسى، ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه، وهو المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى:

{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79](الآية " 79" من سورة الإِسراء)،

فليس من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة، قال سفيان: أراه قال لو علمتم يوم يرى أهل الجنة، الذي في النار، فيقولون: لولا أن من الله علينا، ثم تشفع الملائكة، والنبيون، والشهداء، والصالحون، والمؤمنون فيشفعهم الله، ثم يقول: أنا أرحم الراحمين، فيخرج من النار أكثر مما أخرج جميع الخلق برحمته، حتى لا يترك أحداً فيه خير، ثم قرأ عبد الله:

{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)} [المدثر: 42](الآية "42" من سورة المدثر)،

وقال بيده فعقده، فقالوا:

{لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)} [المدثر: 43 - 46]،

هل ترون في هؤلاء من خير، وما يترك فيها أحد فيه خير؟ فإذا أراد الله أن لا يخرج أحداً، غير وجوههم، وألوانهم، فيجيء الرجل، فيشفع، فيقول: من عرف أحداً، فليخرجه، فيجيء، فلا يعرف أحداً، فيناديه رجل، فيقول: أنا فلان، فيقول: ما أعرفك، فعند ذلك قالوا:

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون: من 107 - 108]

(الآيتان 107 و108 من سورة المؤمنون)،

فإذا قال ذلك انطبقت عليهم، فلم يخرج منهم بشر.

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 413 - 416 رقم 9761)، من طريق سفيان، فذكره بطوله نحوه.

قال الهيثمي في المجمع (10/ 330): "رواه الطبراني، وهو موقوف، =

ص: 3566

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مخالف للحديث الصحيح، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أول شافع".

وقال الألباني في تعليقه على العقيدة الطحاوية (ص 464): "له حكم المرفوع، لكنه منقطع بين أبي الزعراء، واسمه: يحيى بن الوليد، لم يرو عن أحد من الصحابة، بل عن بعض التابعين"، وضعفه لذلك.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: ما احتجا بأبي الزعراء".

وأبو الزعراء هذا اسمه يحيى بن الوليد الطائي، وهو لا بأس به قاله النسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته في أتباع التابعين (7/ 609) ومعنى هذا أنه لم يرو عن أحد من الصحابة، وأما الشيخان فلم يرو له أحد منهما. / انظر التقريب (2/ 360 رقم 197)، والتهذيب (11/ 296 رقم 577).

وقوله في الحديث: "فيأذن الله تعالى في الشفاعة، فيكون أول شافع روح القدس: جبريل

"، هذا مخالف لما في صحيح مسلم (1/ 188 رقم 330 و 331 و 332) في الِإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول الناس يشفع في الجنة

"، من حديث أنس بن مالك، رفعه: "أنا أول الناس يشفع في الجنة" الحديث.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد، لانقطاعه، ومخالفة بعضه لما صح من الأحاديت كما، تقدم.

ص: 3567

1179 -

حديث بهز، عن أبيه، عن جده، قال:

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله ما أتيتك حتى (حلفت)(1) أكثر من (هؤلاء -يعني كفيه-)(2)

الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه علي بن عاصم ضعيف (3).

(1) في (أ)، والمستدرك، وتلخيصه:(خلفت)، وما أثبته من مصادر التخريج، وهو الذي يقتضيه السياق.

(2)

في (أ): (عددها، ولا تغني كفيك)، وما أثبته من التلخيص، ولفظ المستدرك يأتي.

(3)

قوله: (قلت: فيه علي بن عاصم ضعيف) ليس في التلخيص المطبوع.

1179 -

المستدرك (4/ 600 - 601): أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، قال: قريء على يحيى بن جعفر بن الزبرقان وأنا أسمع، ثنا علي بن عاصم، ثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى (حلفت) أكثر من هؤلاء -يعني الكفين جميعاً-، (لا آتيك ولا آتي دينك)، وقد كنت امرءاً لا أعقل شيئاً، إلا ما علمني الله، ورسوله، فإني أسألك بوجه الله: بم بعثك ربنا؟ قال: "بالإسلام"، قال: فقلت: يا نبي الله، وما آية الإِسلام؟ قال: "أن تقول أسلمت وجهي لله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، كل مسلم عن مسلم محرم، أخوان يصيران، لا يقبل الله من مسلم أشرك بعد ما أسلم عملاً، حتى يفارق المشركين إلى المسلمين، ما لي آخذ بحجزكم عن النار؟ ألا وإن ربي داعي، ألا وأنه سائلي، هل بلغت عبادي؟ وإني قائل: رب قد أبلغتهم، فليبلغ شاهدكم غائبكم، ثم إنكم تدعون، مفدمة أفواهكم بالفدام، ثم أول =

ص: 3568

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ما يبين أحدكم فخذه، وكفه"، قال: قلت: يا رسول الله، هذا ديننا، وأين ما تحسن يكفك.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق علي بن عاصم، عن بهز، به.

ولم ينفرد علي بالحديث، بل تابعه عليه جماعة.

فالحديث أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر الملحق بالمصنف (11/ 130 رقم 20115)، من طريق معمر، عن بهز، به نحوه.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 407 - 408 رقم 969).

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 4 - 5).

والمروزي في زياداته على الزهد المبارك (ص 350 رقم 987).

والطبراني في الكبير (19/ 408 رقم 972).

ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن بهز، به نحوه.

وأخرجه المروزي في الموضع نفسه مقروناً بالرواية السابقة، من طريق يزيد بن زريع، عن بهز، به.

وأخرجه الطبراني مقروناً بالرواية السابقة من طريق النضر بن شميل، وروح بن عبادة، كلاهما عن بهز، به.

وأخرجه النسائي في سننه (5/ 4 - 5 و82 - 83) في الزكاة، باب وجوب الزكاة، وباب من سأل بوجه الله عز وجل، من طريق المعتمر، عن بهز، به نحوه، ولم يذكر قوله: "ما لي آخذ بحجزكم

" إلخ.

وأخرجه ابن عبد البر في الِإستعاب (3/ 60 - 62) في ترجمة حكيم، أبي معاوية بن حكيم، من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن بهز، به نحوه، وكان قد أخرجه من طريق ابن أبي خيثمة، قال: حدثنا الحوطي، حدثنا =

ص: 3569

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بقية بن الوليد، حدثنا سعيد بن سنان، عن يحيى بن جابر الطائي، عن معاوية بن حكيم، عن أبيه حكيم، أنه قال، فذكر الحديث، ثم قال ابن عبد البر عقبه: "هكذا ذكره ابن أبي خيثمة، وعلى هذا الإسناد عوَّل فيه، وهو إسناد ضعيف، ومن قبله أتى ابن أبي خيثمة فيه، والصواب في هذا الحديث ما أخبرنا به

"، ثم ذكر الحديث من طريق عبد الوارث، ثم قال: "فهذا هو الحديث الصحيح بالإسناد الثابت المعروف، وإنما هو لمعاوية بن حيدة، لا لحكيم بن أبي معاوية. سئل يحيى بن معين عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فقال: إسناد صحيح، وجده: معاوية بن حيدة، ثم قال ابن عبد البر: ومن دون بهز بن حكيم في هذا الِإسناد ثقات".

قلت: ولم ينفرد بهز بالحديث، بل تابعه عليه عمرو بن دينار، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عند الِإمام أحمد (4/ 446 - 447).

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وفي التلخيص المطبوع إقرار الذهبي له عليه، وفي نسخة ابن الملقن:"فيه علي بن عاصم ضعيف".

وعلي بن عاصم هذا تقدم في الحديث (797) أنه: صدوق يخطيء.

ولكنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه جماعة من الرواة، منهم معمر في جامعه.

وأما بهز بن حكيم، وأبوه فتقدم في الحديث (866) أنهما: صدوقان.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه علي بن عاصم، وتقدم أنه: صدوق يخطيء، فحديثه ضعيف لو انفرد به، لكنه توبع كما سبق، ومن ضمن المتابعات رواية معمر للحديث، عن بهز، وسندها حسن لذاته، وتقدم أن ابن عبد البر صحح الحديث، والله أعلم.

ص: 3570

1180 -

حديث أبي هريرة مرفوعاً:

"لو أخذ سبع (خَلِفات) (1) بشحومهن فألقين من شفير جهنم لما انتهين إلى آخرها سبعين عاماً".

قلت: سنده صالح.

(1) في (أ) بياض بقدر كلمة، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

والَخلِفة -بفتح الخاء، وكسر اللام-: الحامل من النَّوق. / النهاية (2/ 68).

1180 -

المستدرك (4/ 606): أخبرنا الأستاذ أبو الوليد رضي الله عنه، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا أبو قتيبة، ثنا فرقد بن الحجاج أبو نصر، ثنا عقبة بن أبي الحسناء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث ذكره في كنز العمال (14/ 524 رقم 39494)، وعزاه للحاكم فقط.

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (2/ 371).

ومسلم في صحيحه (4/ 2184 - 2185 رقم 31).

كلاهما من طريق يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فسمعنا وجبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أتدرون ما هذا؟ " قلنا الله ورسوله أعلم، قال: "هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفاً، فالآن انتهى إلى قعرها.

هذا لفظ أحمد، ولفظ مسلم نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، وسكت عنه، وقال الذهبي:"سنده صالح". =

ص: 3571

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفي سنده عقبة بن أبي الحسناء، وفرقد بن الحجاج.

أما عقبة بن أبي الحسناء، فإن الذهبي هنا قَبِل حديثه، مع أنه نص على جهالته في الميزان (3/ 84 رقم 5685)، نقلاً عن أبي حاتم. ونقل عن ابن المديني أنه قال عنه: مجهول أيضاً.

وعقبة هذا ذكره البخاري في التاريخ (6/ 432 رقم 2891)، وسكت عنه، وذكر ابن أبي حاتم في الجرح (6/ 309 - 310 رقم 1724) عن أبيه أنه قال: شيخ، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 225 - 226).

وأما فرقد بن الحجاج القرشي، البصري، أبو نصر، فهو ضعيف، فقد نقل الذهبي في الموضع السابق من الميزان، عن أبي حاتم أنه قال عنه: مجهول، ثم تعقبه بقوله: أما فرقد، فقد حدث عنه ثلاث ثقات، وما علمت فيه قدحاً.

وفي الجرح والتعديل (7/ 82 رقم 465) نقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال عن فرقد هذا: هو شيخ، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 322)، وقال عنه: يخطيء، وانظر اللسان (4/ 433 رقم 1324).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لما تقدم عن حال عقبة، وفرقد، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى التي أخرجها الإمام أحمد، ومسلم.

ص: 3572

1181 -

حديث عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيت بالبُراق" الحديث بطوله.

قال: تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور وقد اختلفوا فيه.

قلت: ضعفه أحمد وغيره (1).

(1) الجرح والتعديل (8/ 235 - 236 رقم 1061).

1181 -

المستدرك (4/ 606 - 607): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا الحسن بن علي بن شبيب، ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، ثنا حماد بن سلمة، ثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أتيت بالبراق، فركبت خلف جبريل عليه السلام فسار بنا إذا ارتفع ارتفعت رجلاه، وإذا هبط ارتفعت يداه، قال: فسار بنا في أرض غمة منتنة، حتى أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة، فقلت: يا جبريل إنا كنا نسير في أرض غمة منتنة، ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة؟ قال: تلك أرض النار، وهذه أرض الجنة، قال: فأتيت على رجل قائم يصلي، فقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا أخوك محمد، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال: فسرنا فسمعت صوتاً وتذمراً فأتينا على رجل، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال هذا أخوك محمد، فرحب بي ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمتك اليسر، فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا أخوك موسى، قلت: على من كان تذمره وصوته، قال: على ربه، قلت: على ربه!؟ قال: نعم، قد عرف ذلك من حدته، قال: ثم سرنا فرأينا مصابيح وضوءاً، قال: قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه شجرة أبيك إبراهيم عليه الصلاة والسلام أتدنو منها؟ قلت: نعم فدنونا، فرحب بي ودعا لي بالبركة، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس، فربطت الدابة، بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فنشرت لي الأنبياء من سمى الله عز وجل منهم، ومن لم يسم، فصليت =

ص: 3573

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بهم، إلا هؤلاء النفر الثلاثة، إبراهيم، وموسى، وعيسى -عليهم الصلاة والسلام -.

قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور، وقد اختلفت أقاويل أئمتنا فيه، وقد أتى بزيادات لم يخرجها الشيخان رضي الله عنهما في ذكر المعراج".

تخريجه:

الحديث أخرجه البزار في مسنده (1/ 48 - 49 رقم 59).

والطبراني في الكبير (10/ 84 - 85 رقم 9976).

كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن أبي حمزة، به نحوه.

وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 74)، وعزاه أيضاً لأبي يعلى، ثم قال عن إسناد الطبراني في الكبير:"رجاله رجال الصحيح".

ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في تاريخه -كما في تهذيبه (1/ 386) -.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (5/ 206)، وفي الخصائص (1/ 163)، وعزاه أيضاً للحارث بن أبي أسامة، وابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل، ولم أجده في المطبوع من الدلائل.

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بقوله عن أبي حمزة ميمون الأعور: "ضعفه أحمد، وغيره".

وميمون هذا تقدم في الحديث (1101) أنه: ضعيف، ومن خلال مصادر ترجمته هناك يتضح أنه لم يرو له أحد من الشيخين في صحيحيهما"، وعليه فقول الهيثمي عن إسناد الطبراني: "رجاله رجال الصحيح"، ليس في محله.

الحكم على الحديث:

الحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف ميمون الأعور.

ص: 3574

1182 -

حديث (ابن)(1) عمر:

في قصة هاروت وماروت.

قال: صحيح، (وترك حديث)(2) يحيى بن سلمة بن كهيل من المحالات التي يردها العقل.

قلت (3): قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث (4).

(1) ما بين المعكوفين ليس (أ)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

في (أ): (وتركه)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3)

قوله: (قلت) ليس في التلخيص المطبوع، وما أثبته من (أ)، وهو الذي يقتضيه السياق.

(4)

الضعفاء للنسائي (ص 109 رقم 631)، والجرح والتعديل (9/ 154 رقم 636).

1182 -

المستدرك (4/ 607 - 608): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفار ببغداد، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو الجواب، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: أطلعت الحمراء بعد؟ فإذا رآها قال: لا مرحباً، ثم قال: إن ملكين من الملائكة: هاروت، وماروت، سألا الله تعالى أن يهبطهما إلى الأرض، فأهبطا إلى الأرض، فكانا يقضيان بين الناس، فإذا أمسيا تكلما بكلمات، وعرجا بها إلى السماء، فقيض لهما بامرأة من أحسن الناس، وألقيت عليهما الشهوة، فجعلا يؤخرانها، وألقيت في أنفسهما، فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعاداً، فأتتهما للميعاد، فقالت: علماني الكلمة التي تعرجان بها، فعلماها الكلمة، فتكلمت بها، فعرجت بها إلى السماء، فمسخت، فجعلت كما ترون، فلما أمسيا، تكلما بالكلمة التي كانا يعرجان بها إلى السماء، فلم يعرجا، فبعث إليهما: إن شئتما، =

ص: 3575

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فعذاب الآخرة، وإن شئتما، فعذاب الدنيا، إلى أن تقوم الساعة على أن تلتقيان الله تعالى (كذا!!)، فإن شاء عذبكما، وإن شاء رحمكما، فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقال أحدهما لصاحبه: بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف، فهما يعذبان إلى أن تقوم الساعة.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة، عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصه بأحاديث يتفرد بها عنه".

تخريجه:

الحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 240)، وفي الحبائك في أخبار الملائك (ص 70 - 71)، وعزاه للحاكم فقط، ولم يذكر قوله:"على أن تلتقيان الله تعالى، فإن شاء عذبكما، وإن شاء رحمكما"، ولم أجد من أخرج الحديث من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عمر، حتى يمكن تصويب هذه العبارة، وقد يكون صوابها:"على أن تتقيا الله تعالى"، ولكن لم يتضح لي تناسب هذا المعنى مع السياق، فالله أعلم.

وقد جاء الحديث من طريق مجاهد، ونافع، وسالم، ثلاثتهم عن ابن عمر.

أما رواية مجاهد، فلفظها: قال مجاهد: كنت نازلًا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة، قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحباً بها، ولا أهلًا ولا حياها الله؛ هي صاحبة الملكين، قالت الملائكة: يا رب، كيف تدع عصاة بني آدم، وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟ قال: إني ابتليتهم، فلعل إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون؟ قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت، وماروت، فقال: لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما: ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشهوة، وأهبطت لهما الزُهْرَة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: إني على دين =

ص: 3576

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لا يصح لأحد أن يأتيني، إلا من كان على مثله، قالا: وما دينك؟ قالت: المجوسية، قالا: الشرك!! هذا شيء لا نقر به، فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجاً، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني، فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت، فأقرا لها بدينها، وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا بها إلى السماء، اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما، فوقعا خائفين، نادمين، يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب، فقالا: لو أتينا فلاناً، فسألناه، فطلب لنا التوبة، فأتياه، فقال: رحمكما الله، كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابتلينا، قال: ائتياني يوم الجمعة، فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية، فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما، إن اخترتما معافاة الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما، فعذاب الدنيا، وأنتما يوم القيامة على حكم الله، فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل، وقال الآخر: ويحك، إني قد أطعتك في الأمر الأول، فأطعني الآن إن عذاباً يفنى، ليس كعذاب يبقى، فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا، فقال: لا، إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة، أن لا يجمعهما علينا، قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديد، في قليب مملوءة من نار، عاليهما سافلهما.

أخرجه ابن أبي حاتم بهذا السياق من طريق المنهال بن عمرو، ويونس بن خباب، كلاهما عن مجاهد، به -كما في تفسير ابن كثير (1/ 139 - 140) -.

وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (ل 112 أ)، من طريق العوام بن حوشب، عن مجاهد، به مختصراً.

وأما رواية نافع، فإنه يرويها عن ابن عمر، أنه سمع النبي -صلى الله =

ص: 3577

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عليه وسلم- يقول: فذكره هكذا مرفوعاً بنحو سياق مجاهد المطول، إلا أنه زاد فيه قتلهما للصبي، وشربهما للخمر، ولم يذكر مجيئهما للنبي، وإنما فيه: فخُيّرا بين عذاب الدنيا، والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 134).

والبزار في مسنده (3/ 358 رقم 2938).

وعبد بن حميد في مسنده (ص 151 - 152).

وابن حبان في صحيحه (ص 425 رقم 1717).

وابن أبي حاتم في العلل (2/ 69).

وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 177 - 178 رقم 657).

والبيهقي في شعب الِإيمان (1/ 112 - 113 و 113).

جميعهم من طريق زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، به، إلا أن لفظ ابن السني، وابن أبي حاتم مختصر.

وذكره السيوطي في الدر (1/ 114 - 115)، وعزاه أيضاً لابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات.

قال البزار عقبه: "رواه بعضهم، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفاً، وإنما أتي رفع هذا عندي: من زهير؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد روى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم".

وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر".

وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني (1/ 206): "روى حنبل الحديث من طريق أحمد، ثم قال: قال أبو عبد الله -يعني الإِمام أحمد-: هذا منكر، وإنما يروى عن كعب. / ذكره في منتخب ابن قدامة (11/ 213) ". =

ص: 3578

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وللحديث طريق أخرى عن نافع، يرويها فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن نافع، به بنحو سياق الحاكم، إلا أنه رفعه، وفي آخره قال: فأوحى الله إليهما: أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، وهما منكوسان بين السماء والأرض، معذبان إلى يوم القيامة.

أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 42 - 43) بتمامه.

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 186 - 187).

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (1/ 458) مختصراً.

وله طريق أخرى أيضاً عن نافع، يرويها موسى بن سرجس، عنه، عن ابن عمر، مرفوعاً، بطوله.

أخرجه ابن مردويه في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (1/ 138) -، من طريق سعيد بن سلمة، عن موسى، به.

وأما رواية سالم، فإنه يرويها عن ابن عمر، عن كعب الأحبار قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم، وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين، فاختاروا هاروت، وماروت، فقيل لها: إني أرسل إلى بني آدم رسلاً، وليس بيني وبينكم رسول، انزلا، لا تشركا بي شيئاً، ولا تزنيا، ولا تشربا الخمر، قال كعب: فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه إلى الأرض، حتى استكملا جميع ما نهيا عنه.

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (1/ 138) -.

ومن طريق ابن جرير في تفسيره (1/ 456 - 457).

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 186 رقم 16061).

والبيهقي في الشعب (1/ 113 - 114).

وذكره السيوطي في الدر (1/ 239 - 240)، وعزاه أيضاً لابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في العقوبات، وابن المنذر. =

ص: 3579

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله عن يحيى بن سلمة بن كهيل:"قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث".

ويحيى هذا تقدم في الحديث (503) أنه: متروك.

لكن جاء الحديث من طرق أخرى، فروي مرة عن ابن عمر، مرفوعاً، ومرة موقوفاً، ومرة عنه، عن كعب الأحبار.

وقد اختلفت كلمة الأئمة عن قصة هاروت، وماروت، وثبوتها.

فالحاكم، وابن حبان صححا الحديث كما تقدم.

والهيثمي في المجمع (5/ 68) قال عن الطريق التي رواها يحيى بن أبي بكير، عن زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعاً، قال:"رجاله رجال الصحيح، خلا موسى بن جبير، وهو ثقة"، وذكر نحو قوله هذا أيضاً في (6/ 313 - 314).

وقال الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص 48): "له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد، يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة، لكثرة طريقه الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم".

وذكر السيوطي في اللآليء (1/ 159) قول ابن حجر هذا، وقال:"وقد وقفت على الجزء الذي جمعه، فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقاً، أكثرها موقوفاً، وأكثرها من تفسير ابن جرير، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند، وفي التفسير المأثور، فجاءت نيفاً وعشرين طريقاً، ما بين مرفوع، وموقوف، ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة، من رواية نافع، وسالم، ومجاهد، وسعيد بن جبير، عنه، وورد من رواية علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم، والله أعلم".

وأما الحافظ ابن كثير رحمه الله، فذهب إلى أن القصة ثابتة عن ابن عمر، لكن من، روايته عن كعب الأحبار، وأعل الطرق التي رويت =

ص: 3580

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عنه، مرفوعة، فقال عقب ذكره للحديث من طريق الإمام أحمد: "وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، عن الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن بكير، به، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم، المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام، وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود، وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، ولم يحك فيه شيئاً من هذا، ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي له متابع من وجه آخر

"، ثم ذكر الحديث من طريق موسى بن سرجس، ومعاوية بن صالح كما تقدم، ثم قال: "وهذان أيضاً غريبان جداً، وأقرب ما يكون في هذا، أنه من رواية عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال عبد الرزاق في تفسيره

"، ثم ذكر الحديث من رواية سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر، عن كعب الأحبار كما سبق، ثم قال: "فهذا أصح، وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الِإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث، ورجع إلى نقل كعب الأحبار، عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم".

ثم ذكر الحديث من رواية مجاهد، موقوفاً على ابن عمر، وقال عقبه:"وهذا إسناد جيد، إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه رفعه، وهذا أثبت، وأصح إسناداً، ثم هو -والله أعلم- من رواية ابن عمر، عن كعب -كما تقدم بيانه- من رواية سالم، عن أبيه". اهـ. كلامه رحمه الله، وبنحو هذا =

ص: 3581

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الترجيح قال أيضاً في البداية (1/ 37 - 38)، وهو ترجيح حسن؛ لأنه لا منافاة بين الرواية الموقوفة، والرواية عن كعب الأحبار، فقد يذكر ابن عمر كعباً، وقد لا يذكره، لكن المنافاة بين المرفوعة، والرواية عن كعب، ولن يلجأ ابن عمر رضي الله عنهما إلى ذكر الحديث عن كعب، وهو عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا النظر قد استدعى ترجيح الرواية عن كعب لثقة رواتها، وشهرتهم.

فالحديث يرويه سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، عن كعب، وهذا إسناد في غاية الصحة.

فسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابدا فاضلاً، كان يُشَبّه بأبيه في الهدي، والسّمت، روى له الجماعة -كما في التقريب (1/ 280 رقم 11) -، وانظر طبقات ابن سعد (5/ 195 - 201)، والتهذيب (3/ 436 - 438 رقم 807).

وموسى بن عقبة بن أبي عياش، الأسدي، مولى آل الزبير، تقدم في الحديث (509) أنه ثقة فقيه إمام في المغازي.

وسفيان الثوري تقدم في الحديث (832) أنه: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة.

وقد نصر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ترجيح ابن كثير، وأعل الروايات المرفوعة، في حاشيته على المسند (9/ 29 - 33)، وذكر كلام الحافظ ابن حجر السابق، وأجاب عنه بقوله:"أما هذا الذي جزم به الحافظ، بصحة وقوع هذه القصة، صحة قريبة من القطع؛ لكثرة طرقها، وقوة مخارج أكثرها، فلا؛ فإنها كلها طرق معلولة، أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيراً في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة؟ "، ونقل أيضاً عن الشيخ رشيد =

ص: 3582

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رضا رحمه الله تعليقاً عن كلام ابن كثير السابق، فقال:"وقد علق أستاذنا السيد رشيد رضا رحمه الله على كلام ابن كثير في هذا الموضع، قال: من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها، فهي من كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافية إسرائيلية، وأن الحديث المرفوع لا يثبت". اهـ.، ولي على كلام الشيخ، وشيخه -رحمهما الله- ملاحظة، وهي:

أنهما دفعا القصة لعدم تقبل عقليهما لها وبخاصة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، وقوله: أنى يكون جسم المرأة

الخ"، فمن تأمل قدرة الخالق جل وعلا، علم أنه لا يعجزه سبحانه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء، ولذا فالقصة لا تدفع بهذا، وإنما لأن فيها قدحاً في عصمة الملائكة عليهم السلام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وقد شفى ابن كثير رحمه الله، وكفى بكلامه السابق، بل قال في تاريخه (1/ 37): "هذا أظنه من وضع الِإسرائيليين. وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية، والتحديث عن بني إسرائيل".

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لشدة ضعف يحيى بن سلمة بن كهيل، وأما الطرق الأخرى، فتقدم أن الصحيح منها: أن الحديث من رواية كعب الأحبار، والله أعلم.

ص: 3583

هذا آخر ما أورده الحافظ الذهبي شكر الله سعيه على مستدرك أبي عبد الله الحاكم من اعتراضات، وفوائد، وقال:

علقته في مائة يوم، ويوم، فرحمه الله، ونفعنا به آمين.

قال جامعه العلامة ابن الملقن شكر الله صنيعه، وجزاه خير الجزاء:

وأنا علقته في أيام يسيرة بحرم القدس الشريف، آخرها يوم الأربعاء، من شهر محرم الحرام، سنة خمس وخمسين وسبعمائة.

قال: وأهمل الحافظ الذهبي مواضع كثيرة لم يعترض على الحاكم فيها، فكتبت حال تعليقي مواضع من ذهني. والعذر في عدم استيفائها: عدم الكتب، فإنها ببلدي مصر -حماها الله، وسائر بلاد الإسلام، وأهلها، وردني إليها سالماً في خير وعافية-.

وصلى الله على سيدنا محمد، وآله، وصحبه، وسلم.

قلت: والحمد لله على تحصيله، وتمامه، وشكراً له تعالى على إنعامه؛ بدءاً وختاماً.

تم

ص: 3584

"الخاتمة"

ص: 3585