المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ الخداع العقلي:

مَا بَال قَوْمك يشكونك؟ يَزْعمُونَ أَنَّك تَشْتُم آلِهَتهم وَتقول وَتقول.

وَأجَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَي عَم! إِنِّي أريدهم على كلمة وَاحِدَة يَقُولُونَهَا، تدين لَهُم بهَا الْعَرَب وَتُؤَدِّي إِلَيْهِم بهَا الْعَجم الْجِزْيَة".

فَقَالَ الْقَوْم: كلمة وَاحِدَة، نعم وَأَبِيك عشرا فَمَا هِيَ؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَا إِلَه إِلَّا الله".

عندئذ قَامَ الْقَوْم فزعين يَنْفضونَ ثِيَابهمْ، وهم يَقُولُونَ:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} .

وَيَقُول ابْن إِسْحَاق: فَلَمَّا بادى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قومه بِالْإِسْلَامِ، وصدع بِهِ كَمَا أمره الله، لم يبعد مِنْهُ قومه، وَلم يردوا عَلَيْهِ - فِيمَا بَلغنِي - حَتَّى ذكر آلِهَتهم وعابها، فَلَمَّا فعل ذَلِك أعظموه وناكروه وَأَجْمعُوا خِلَافه وعداوته.

وَمن هَذَا نعلم أَن الرَّسُول بنى قبل أَن يهدم، ودعا إِلَى الْإِسْلَام قبل أَن يُنَادي بنبذ الْأَصْنَام، وَتلك هِيَ الخطة المثلى للدعاة والحيدة عَنْهَا إغراق فِي متاهة لَا يعلم عَاقبَتهَا إِلَّا الله وَحده.

وعَلى الدعاة وهم يبنون أَن يوطنوا أنفسهم على الصمود للعقبات والثبات أَمَام الصعوبات، حَتَّى يجتازوا المحن، ويتغلبوا على الْفِتَن، وَتَكون الْعَاقِبَة بِمَشِيئَة الله عز وجل لَهُم، وسأذكر هُنَا أهم العقبات ليعْمَل الدعاة جاهدين على تذليلها.

ص: 246

أ-‌

‌ الْعَادَات الموروثة:

وَقد عبر عَنْهَا الْقُرْآن الْكَرِيم حاكيا مَا تشبث بِهِ الْمُشْركُونَ حَيْثُ يَقُول: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} .

وَتلك عقبَة لَا تزيلها الْقُوَّة، وَلَا يتغلب عَلَيْهَا بالعنف والشدة وَلكنهَا تحْتَاج إِلَى إقناع عَقْلِي، وصبر من الدعاة وحلم حَتَّى يثبتوا لَهُم أَن مَا جاءوهم بِهِ من الْخَيْر أحسن مِمَّا ورثوه عَن آبَائِهِم.

ص: 246

ب –‌

‌ الخداع الْعقلِيّ:

وَهَذِه عقبَة لم تعرف فِي طَرِيق الدعاة إِلَّا فِي الْعَصْر

ص: 246