الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استغناء المسلمين عن النصارى وأمثالهم:
وليس المسلمون محتاجين إليهم -ولله الحمد- فقد كتب خالد بن الوليد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يقول له: إن بالشام كاتباً نصرانياً، لا يقوم خراجُ الشام إلا به. فكتب إليه: لا تستعمله!
فكتب: إنه لا غناءَ بنا عنه. فكتب إليه، لا تستعمله!
فكتب إليه: إذا لم نولِّه ضاع المالُ. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: مات النصرانيُّ، والسلام (1) .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن مشركاً لحقه ليقاتل معه، فقال له:"إني لا أستعين بمشرك"(2) .
وكما أن الجندَ المجاهدين إنما تصلح، إذا كانوا مسلمين مؤمنين، وفي المسلمين كفايةٌ، في جميع مصالحهم -ولله الحمد (3) .
ودخل أبو موسى الأشعري على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فعرض عليه حساب العراق، فأعجبه ذلك. وقال: ادْع كاتبك يقرأه عليَّ. فقال: إنه
(1) ذكره ابن القيم في أحكام أهل الذمة 1/211 ، عن معاوية بمثله مختصراً.
وذكر أن بعض عمال عمر كتب إليه يستشيره في استعمال الكفار فقال: إن المال قد كثر ، وليس يحصيه إلا هم ، ما كتب إلينا بما ترى ، فكتب إليه: لا تدخلوهم في دينكم، ولا تسلموهم ما منعهم الله منه ، ولا تأمنوهم على أموالكم ، وتعلموا الكتابة ، فإنما هي حيلة الرجال.
(2)
هو في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها - في كتاب الجهاد وباب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر رقم 1817.
(3)
كما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مسلمين مؤمنين ، فكذلك الذين يعاونون الجند في أموالهم وأعمالهم ، إنما تصلح بهم أحوالهم إذا كانوا مسلمين مؤمنين ، وفي المسلمين كفاية في جميع مصالحهم ولله الحمد.
لا يدخل المسجد، قال: ولم؟ قال: لأنه نصراني! فضربه عمر رضي الله عنه بالدواة (1) ، فلو أصابته لأوجعته، ثم قال: لا تعزّوهم بعد أن أذلهم الله (2) ، ولا تأمنُوهم بعد أن خوَّنهم الله (3) ، ولا تُصدّقوهم بعد أن أكذبهم (4) الله (5)(6) .
(1) في المطبوعة - بالدرة وكذا هي في حاشية المصرية تصحيحاً لما في المتن ، وهي الرواية المشهورة ، وهذه مناسبات درة عمر رضي الله عنهم.
(2)
وهذه الذلة من قوله تعالى في صورة المجادلة {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} آية 20، وهؤلاء من أعظم الناس محادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومواقف أسلافهم كنصارى نجران، تدل عليه. وكما قال سبحانه عنهم {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلَاّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} الآية.
(3)
كما قال تعالى فيهم من أول المائدة: {وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} الآية. وقوله تعالى في الأنفال: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} وللحديث الآتي: اليهود والنصارى خونة، لعن الله من ألبسهم ثوب عز.
(4)
وكما في آية المباهلة مع نصارى نجران: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} . وهم الكاذبون قطعاً، واليهود كذبوا الله كثيراً وافتروا عليه وهم {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} .
(5)
ذكر هذا الأثر بسياقه ابن المحب الطبري في الرياض النضرة 2/ 37.
وذكرها بنحوه الإمام أحمد قال ثنا وكيع وثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى قال: قلت لعمر: إن لي كاتاباً نصرانياً. قال: مالك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء
…
} الآية. ألا اتخذت حنيفاً. قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا قصّاهم الله.
إسرائيل هو ابن يونس السبيعي، وهذا الإسناد حسن.
وأخرجه البيهقي في الكبرى 9/204من وجه آخر إلى سماك بن حرب، عن عياض عن أبي موسى.
وفيه: وكان لأبي موسى كاتب نصراني، فرفع لعمر كتابته، فعجب عمر وقال: إن هذا لحافظ وقال: إن لنا كتاباً في المسجد-وكان نصراني قد جاء مع أبي موسى-فادعه فليقرأ. فقال أبو موسى: =
والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة، متواليةٌ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولعباده المؤمنين، معاديةٌ لأعداء الله ورسوله وأعداء الدين.
وقلوبهم الصادقة، وأدعيتهم الصالحة، هي العسكر الذي لا يُغلب، والجند الذي لا يُخذل، فإنهم هم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) .
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ
= إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد. فقال عمر: أجنب هو؟ قال، بل نصراني، قال: فانتهرني عمر وضرب فخذي وقال أخرجه ثم تلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء
…
} الآية.
وكذا أخرجه ابن حاتم في تفسيره عن وجه آخر عن سماك عن عياض في تفسيره آية المائدة نقله ابن كثير في تفسيره 2/68.
انظر: عيون الأخبار 1/43.
(6)
وجاء في حاشية المخطوطة هذه القصة:
وما أحسن ما اتفق لولي الله أبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي (الإمام المتوفى سنة 530 هـ) .
المالكي الزاهد، لما دخل على الملك الأفضل شاهد شاه ابن أمير الجيوش ، وكان إلى جانب الأفضل رجل نصراني ، فوعظ الطرطوشي الأفضل حتى بكى ، ثم أنشده:
يا ذا الذي طاعته قربة
…
وحقه مفترض واجب
إنّ الذي شُرِّفت من أجله
…
يزعم هذا أنه كاذب
وأشار إلى النصراني ، فأقامه الأفضل من موضعه ، لاستحضاره تكذيب العصوم الذي هو سبب شرفه وشرف أهل السموات والأرض ، وأمر بطرده وإخراجه وتعظيماً لأكرم الخلق على الله.
انظر هذه القصة في نفح الطيب 2/87 للمقرئ بيروت ، وكذا وفيات الأعيان بيروت ، ولعلها تكون في شرح سراج الملوك للإمام الطرطوشي ، وهو مخطوط بالمكتبة الأهلية بباريس.
(1)
إشارة لحديثه عليه الصلاة والسلام الذي رواه الشيخان وغيرهما ، وهو متواتر ، وسبق.
قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران - آية 118 - 120] .
وهذه الآيات العزيزة فيها عبرة لأولي الألباب. فإن الله تعالى أنزلها بسبب أنه كان بالمدينة النبوية من أهل الذمة من كان له عز وسَعة (1) على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أقوام من المسلمين عندهم ضعف يقين وإيمان، وفيهم منافقون
(1) في المصرية: ومنعه.
وعلى قول الجمهور نزلت في حال عبادة بن الصامت لما تبرأ من أوليائه من يهود ، وتمسك بولايتهم عبد الله بن أبي بن سلول من دوار الدوائر عليه. وقيل إنها في أبي لبابة بن عبد المنذر لما سأله اليهود ما الرسول صانع بهم؟ فأشار إلى حلقه بالذبح. وقيل غير ذلك. انظر ابن كثير 2/68-69 والقرطبي 6/216 وما بعدها. وكلام الشيخ هاهنا ملخص لهذه الأسباب وجامع لها.
يُظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر، مثل عبد الله بن أبي رأس المنافقين، وأمثاله، وكانوا يخافون أن تكون للكفار دولةٌ، فكانوا يوالونهم، ويباطنونهم {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي نفاقٌ وضعف إيمان، {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} ، أي في معاونتهم.
{يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} ، فقال الله تعالى:{فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ} ، أي هؤلاء المنافقين (1) الذين يوالون أهل الذمة {عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ} .
فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى، والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين، وبما يطلعون على ذلك من أسرارهم حتى أُخذ جماعة من المسلمين في بلاد التتر، وسيس (2) وغير ذلك بمطالعة أهل الذمة لأهل دينهم. ومن الأبيات المشهورة قول بعضهم:
كل العداوات قد ترجى مودتها
…
إلا عداوة من عاداك في الدين (3)
(1) في المصرية: المنافقون بالرفع.
(2)
بلدة في تركيا في جنوبها ، وفي شرق مدينة أظنة ، كانت عاصمة أرمينية الصغرى ، فتحها المسلمون قديماً ، ثم فتحها المماليك ، ثم العثمانيون.
(3)
ورد هذا البيت منسوباً إلى الإمام الشافعي رحمه الله بروايتين هما:
كل العداوة قد ترجى مودتها
…
إلا عداوة من عاداك عن حسد
- الأخرى:
كل العداوة قد ترجى إماتتها
…
إلا عداوة من عاداك عن حسد
وانظر ديوان الشافعي جمع محمد عفيف الزعبي ص 37 ومرجع المساجل قافيه الدال ، ومناقب الشافعي للبيهقي 2/74 ، والعقد الفريد 2/321 وعيون الأخبار 2/10.
ولهذا وغيره مُنعوا أن يكونوا على ولاية المسلمين، أو على مصلحة من يقويهم، أو يفضل عليهم في الخبرة والأمانة من المسلمين، بل استعمال من هو دونهم في الكفاية أنفعُ للمسلمين في دينهم ودنياهم (1) .
ولقيلٌ من الحلال يُبارَك فيه، والحرامُ الكثير يذهب، ويمحقه الله تعالى، والله أعلم (2) .
(1) فهل ينتفع بهذا من يطالعه ، ويفهمه من عامة الناس وخاصتهم؟ أسأل الله ذلك ، ثم لا يستتروا وراء طلب أهل التخصص ممن لا يكون في المسلمين مثلهم!
(2)
إلى هنا انتهت المطبوعة.
والشروط العُمرية (1) التي كانوا ملتزمين بها:
1-
أن لا يتخذوا من مدائن الإسلام ديراً ولا كنيسة ولا قُليّة (2) ولا صومعة لراهب، ولا يجددوا ما خرب منها.
2-
ولا يمنعوا كنائسهم التي عاهدوا عليها أن ينزلها المسلمون ثلاثة أيام، يُطعموهم، ويؤووهم.
(1) نسبة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه شرطها على أهل الكتاب في الشام بمحضر من المهاجرين والأنصار، وعليها العمل عند أئمة المسلمين الحديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) . والحديث (اقتدوا بالذين من بعدي: أبي بكر وعمر) ، فصار هذا إجماعاً من الصحابة الذين لا يجتمعون على ضلالة وقد ذكر هذه الشروط أئمة العلماء من أهل المذاهب المتبوعة في كتبهم واعتمدوها. وهذه الشروط ما زال يجددها عليهم -أي على النصارى - من وفقه الله تعالى من ولاة أمور المسلمين. كما جدد عمر بن عبد العزيز، وبالغ في اتباع سنة جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وجددها هارون الرشيد، وجعفر المتوكل وغيرهم، وأمروا بهدم الكنائس التي ينبغي هدمها كالكنائس التي بالديار المصرية كلها.
وهذه الشروط ليست ظلماً لهم، ولكن لإذلالهم وإعزاز الدين ورفعه. ففي سنن أبي داود عن العرباض مرفوعاً (إن الله لم يأذن لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب أبشارهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعطوكم الذي عليهم) .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه -يقول: أذلوهم ولا تظلموهم.
وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب الرسول عن آبائهم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا من ظلم معاهداً وانتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة) مختصر من الفتاوى 28/651- 657.
وهي والله شروط تبين عزة الدين، وشموخه ورفعته، بإعزاز أهله له وقيامهم به حقاً وصدقاً، اللهم أرض عنهم وأجزل مثوبتهم واجمعنا بهم، وارحم يا مولانا حالنا وضعفنا وهواننا على الناس -آمين.
(2)
في بعض الروايات ولا قلاية لراهب. قال في اللسان: ابن الأثير في حديث عمر-رضي الله عنه -لما صالح نصارى أهل الشام كتبوا له كتاباً: إنا لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا قلية ولا نخرج سعانين ولا باعوثاً. القلية كالصومعة، قال كذا وردت، واسمها عند النصارى، القلاية وهي تعريب كلاذة وهي من بيوت عبادتهم. والسعانين عيد للنصارى قبل عيد الفصح بأسبوع يخرجون فيه وأمامهم الصليب، والباعوث هو صلاة الاستسقاء للنصارى.
3-
ولا يظهروا شِركاً ولا ريبة لأهل الإسلام.
4-
ولا يعلوا على المسلمين في البنيان.
5-
ولا يعلموا أولادهم القرآن.
6-
ولا يركبوا الخيل ولا البغال، بل يركبوا الحمير باللُكف (1) عرضاً من غير زينة لها ولا قيمة. ويركبوا وأفخاذهم مثنية.
7-
ولا يظهروا على عورات المسلمين.
8-
ويتجنبوا أوساط الطرق؛ توسعة للمسلمين.
9-
ولا ينقشوا خواتمهم بالعربية.
10-
وأن يجذّوا مقادم رؤوسهم.
11-
وأن يلزموا زيَّهم حيث ما كانوا (2) .
12-
ولا يستخدموا مسلماً في الحمام، ولا في أعمالهم الباقية.
13-
ولا يتسموا بأسماء المسلمين، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يتلقبوا بألقابهم.
14-
ولا يركبون (3) سفينة نوتيها مسلمٌ.
(1) بالأكف عرضاً من المصرية ، والأكف إكاف أو أكاف بكسر الهمزة وضمها ، وهي شبه الرحال والأقتاب توضع على الحمير والبغال - أعزكم الله - كما في اللسان والقاموس مادة أكف ، وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة 2/757: فأهل الذمة ممنوعون من ركوبهم السروج ، وإنما يركبون الأكف. وهي البراذع عرضاً ، ويكون أرجلهم جميعاً إلى جانب واحد كما أمرهم أمير المؤمنين عمر. وهو ابن الخطاب رضي الله عنه لئلا يلتبس بعمر بن عبد العزيز ، فقد حدد هذا الأمر والذي يظهر أن الأكف هي ما يوضع على الحمير شبه السرج على الخيول. فالنسخة المصرية أصح من الأصل.
(2)
والآن للأسف صار ضعاف الإيمان من المسلمين يقلدونهم في لباسهم وأكلهم وعاداتهم.
(3)
في المصرية ، ولا يركبوا بالعطف على المنصوب وهكذا ما بعدها.
15-
ولا يشترون رقيقاً مما سباه مسلم.
16-
ولا يشترون شيئاً مما خرجت عليه سهام المسلمين.
17-
ولا يبيعون الخمور.
18-
ومن زنى منهم بمسلمة قُتل.
19-
ولا يلبسون عمامة صافية، بل يلبس النصراني العمامة الزرقاء عشرة أذرع، من غير زينة لها ولا قيمة.
20-
ولا يشتركون مع المسلمين في تجارة، ولا بيع، ولا شراء.
21-
ولا يخدمون الملوك، ولا الأمراء فيما يُجري أميرهم على المسلمين من كتابة، أو أمانة، أو وكالة، أو غير ذلك (1) .
(1) هذه الشروط العمرية سبق النقل عن الشيخ في شهرتها وعمل الولاة بها في أول سياق الشروط. وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة 2/ 663: وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول أ. هـ. بعد أن ذكر طرفاً من أسانيدها، فمن ذلك:
قال عبد الله بن أحمد حدثني أبو شرحبيل الحمصي عيسى بن خالد حدثني عمر أبو اليمان وأبو المغيرة قال أخبرنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا غير واحد من أهل العلم قالوا كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم - فكاتب عمر.
وكذا رواه الخلال في كتابه من أحكام أهل الملل، عن عبد الله فذكره. وقال الربيع بن ثعلب ثنا يحيى ابن عقبة بن أبي الفيرار عن الثوري والوليد بن نوح واليسرى بن مصرف يذكرون عن طلحة بن مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم.
وقال شيخ الإسلام 28/ 561، وهذه الشروط مروية من وجوه مختصرة ومبسوطة، ومنها ما رواه سفيان ابن مسروق عن عبد الرحمن بن عتبة قال كتبت عمر-رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام كتاباً وشرط عليهم فيه، فذكره أ. هـ 0 وانظر الصارم المسلول له ص 201 -216 ومواضع عديدة منه، وقد أفرد التقي السبكي باباً في ذكر شروط - عمر رضي الله عنه على أهل الذمة، وذكر فيه عدة طرق ما نظرها في فتاواه 2/ 397-403.
هذا وإن جمع الطرق الواردة فيها الشروط والمقارنة بينها ودراسته رواتها وأحوالهم لعمل جليل يضيق عنه هذا المختصر-وعسى الله أن يعين عليه - مع أن اشتهارها وتلقي الأئمة لها بالقبول والعمل كما قال الشيخان: ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كاف في العمل بها واعتبارها.
وهذه الشروط التي وردت فيها الأحاديث النبوية شرّفها الله وأعزها. قال صلى الله عليه وسلم: "اليهود والنصارى خونة لا أعان الله من ألبسهم ثوب عز"(1) .
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم، حتى تقوم الساعة".
وكل من عرف سير الناس وملوكهم، رأى من كان أنصرَ لدين الله، وأعظم جهاداً لدين الله، ولأعدائه، وأقوم بطاعة الله ورسوله، أعظم نصرة وطاعة وحرمة، من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمن خرج عن شرط من هذه الشروط فقد حل للمسلمين منهم ما حل بأهل المعاندة والشقاق (2) . ويتقدم حاكم المسلمين يطلب من يكون من أكابر النصارى، ويُلزمهم بهذه الشروط العُمرية، أعز الله أنصارها بمحمد وآله.
تمت المسألة وجوابها والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، صلاة دائمة إلى يوم الدين، آمين.
(1) جاء في حاشية الأصل: وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه) . وهو عند مسلم في كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام رقم 2167.
(2)
فقد جاء في بعض الروايات لسياق الشروط في آخرها [فإن خالفوا شيئاً مما أخذ عليهم فلا ذمة لهم ، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.
* من فتاوى شيخ الإسلام النواوي رحمه الله ورضي عنه [ت 676 هـ]
مسألة: رجل يهودي أو نصراني وُلِّي صيرفيًّا في بيت مال المسلمين لميزان الدراهم المعوضة، والمصروفة، وينقدها، ويُعتمد في ذلك على قوله.
هل يحلُّ توليته أم لا؟ وهل يُثاب وليّ الأمر على عزله واستبدال مسلم ثقة بدله؟ وهل يُثاب المساعد على عزله؟
فأجاب رضي الله عنه وعنّا والمسلمين:
لا يحلُّ تولية اليهودي ولا النصراني لذلك، ولا يجوز إبقاؤه فيه ولا يحلُّ اعتماد قوله في شيء من ذلك.
ويُثاب ولي الأمر -وفقه الله- على عزله واستبدال مسلم ثقة بدله. ويُثاب المساعد في عزله. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} الآيات.
قال: ومعنى (1) لا تتخذوا من يداخل بواطن أموركم [من دونكم] أي من غيركم: وهم الكفار {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} أي: لا يقصرون فيما يقدرون على إيقاعه من الفساد، والأذى، والضرر. {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أي يقولون نحن أعداؤكم. والله أعلم.
* هاتان المسألتان وجدتهما في آخر المخطوط بقلم مغاير عن قلم المخطوط وهما من فتاوى النووي والسراج البلقيني رحمهما الله ، وقد أثبتهما للفائدة ولأنهما ضمن المخطوط الأصل ، ولا مضرة من إهمالهما. كما وجدا في آخر الورقة من النسخة الأصلية.
(1)
في المصرية: ومعناها.
فتوى أخرى من فتاوى قاضي القضاة شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني الشافعي رحمه الله ورضي عنه-[ت 805هـ] .
مسألة: مسلم قال لذمّي في عيد من أعيادهم، عيد مبارك! هل يكفر، أم لا؟ وهل اليهود والنصارى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أم لا؟
أجاب رضي الله عنه:
إن قال المسلم للذمي ذلك على قصد تعظيم دينهم وعيدهم حقيقة فإنه يكفر.
وإن لم يقصد ذلك وإنما جرى على لسانه، فلا يكفر بما قال من غير قصد.
وأما الأمة فإنها تطلق على التابعة للنبي صلى الله عليه سلم، وتطلق على من بُعث إليهم. واليهود والنصارى وغيرهم وسائر المشركين والخلق كافة بُعث إليهم والأول هو الأشهر، ولا يكون اليهود والنصارى بالإطلاق الأول من الأمة؛ لعدم اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون من الأمة التي بعث إليهم، فإن بعثته صلى الله عليه وسلم تشمل اليهود والنصارى وغيرهم.