المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عداوة الباطنية والرافضة للمسلمين وصوره: - مسألة في الكنائس

[ابن تيمية]

الفصل: ‌عداوة الباطنية والرافضة للمسلمين وصوره:

‌عداوة الباطنية والرافضة للمسلمين وصوره:

والذين يوجدون في بلاد الإسلام من الإسماعيلية، والنصيرية، والدرزية (1) ، وأمثالهم من أتباعهم.

وهم الذين عاونوا التتر (2) على قتال المسلمين وكان وزير هولاكو النصير

(1) في الظاهرية: والقدرية بدل الدرزية. والقدرية يأتي تعريفهم.

والدروز: فرقة باطنية فرخها العبيديون ، وهذا الاسم نسبة إلى الرجل الثاني في هذه الفرقة وهو محمد بن إسماعيل الدرزي المشهور بنشتكين المقتول سنة 411 هـ وهو أول من أله الحاكم العبيدي المنصور بن عبد العزيز المتوفى سنة 411 هـ علانية ، وللشيخ تقي الدين فتوى فيهم ، المجموع 35/161-162 ، لما سئل عنهم أجاب (هؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين لا يحل أكل ذبائحهم ، ولا نكاح نسائهم ، بل ولا يقرون بالجزية ، فإنهم مرتدون عن دين الإسلام ، ليسوا مسلمين ، ولا يهود ، ولا نصارى لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ، ولا وجوب صوم رمضان ، ولا وجوب الحج ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتة والخمر وغيرها. وإن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد فهم كفار باتفاق المسلمين.. كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون ، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين ، بل هم الكفرة الضالون ، فلا يباح أكل طعامهم ، وتسبى نساؤهم ، وتؤخذ أموالهم. فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم ، بل يقتلون أينما ثقفوا ، ويلعنون كما وصفوا ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ. ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم، ويحرم النوم معهم في بيوتهم، ورفقتهم، والمشي معهم، وتشييع جنائزهم إذا علم موتها، ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم لا المقام عليه. والله المستعان وعليه التكلان) .

(2)

التتار شعوب أعاجم من جنس الترك قدموا من وسط آسيا وأطرافها الشرقية وثنيون أوباش ذكر شيخ الإسلام في الاقتضاء 1/369 أنهم بادية الترك وذكر في جامع الرسائل 2/ 360 أنهم من الأمم البعيدة عن العلم والإيمان كالعرب في جاهليتهم وقال في المنهاج 5/ 155 (حتى دخلوا - أي التتار لبغداد - فقتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان، أو أكثر أو أقل، ولم ير في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المسمين بالتتر. . .) .

وملك هؤلاء التتر حين دخولهم بلاد الإسلام المدعو هولاكو. قال الشيخ في الفتاوى 13 / 18 (وكان بعض المشائخ يقول: هولاكو - ملك التتر الذي قهر الخليفة بالعراق، وقتل ببغداد مقتلة عظيمة جداً، يقال: قتل منهم ألف ألف. وكذلك قتل بحلب دار الملك حينئذ. كان بعض الشيوخ يقول هو للمسلمين بمنزلة بخنتصر لبني إسرائيل. وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهور الإلحاد والنفاق والبدع. . .) وكذا إعانة الرافضة لهم، تمثل ذلك في وزيري هولاكو ابن العلقمي، والنصير الطوسي وسيأتي لهما تشهير وفضح.

ص: 113

الطوسي (1) من أئمتهم. وهؤلاء أعظم الناس عداوة للمسلمين وملوكهم، ثم الرافضة بعدهم فالرافضة يوالون من يعادي أهلَ السنة والجماعة، يوالون التتار، ويوالون النصارى.

وقد كان بالساحل بين الرافضة (2) ، وبين الفرنج مهادنة؛ حتى صارت الرافضة تحملُ إلى قبرص (3) خيل المسلمين، وسلاحهم، وغلمان السلطان، وغيرهم من الجند والصبيان، وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المأتم

(1) هو محمد بن محمد بن الحسن المولود سنة 97 5هـ والهالك ببغداد سنة 672 هـ نصير الشرك ربط شيخ الإسلام نكبة المسلمين ببغداد، وشيوع البدع والزندقة به في مواطن كثيرة من الفتاوى والمنهاج وغيرهم ومما قاله في درء التعارض 27/5 - 28 وكان خيار علمائهم - التتر - رؤوس الملاحدة مثل النصير الطوسي وأمثاله. . . وهل كان الطوسي وأمثاله ينفقون عند المشركين من التتر إلا بأكاذيب المنجمين، ومكايد المحتالين. المنافية للعقل والدين؟!) .

ولم يلقب الشيخ بلقب المركب نصير الدين لأنه لا يستحقه بل يستأهل ضده ولهذا ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان 2/ 0 38 - 1 38 فقال (. . . نصير الشرك والكفر الملحد وزير الملاحدة النصير الطوسي وزير هولاكو. . . فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء المحدثين، واستبقى الفلاسفة والمنجمين والصابئين والسحرة. . . وقال في كتبه بقدم العالم، وبطلان المعاد. . . وإنكار صفات الرب جل جلاله. . . وتعلم السحر في آخر الأمر فكان ساحراً يعبد الأصنام) . هذه حاله وخاتمته عامله الله بما يستحق. ألا فليعتبر بهذه الأمور وما آلت إليه ولاة المسلمين والمسلمون ولا يتخذوا بطانه من دونهم، حتى لا يألونهم خبالاً {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} . والسنن إذا تشابهت أعاد التاريخ نفسه!

(2)

المقصود بالرافضة في الساحل هو ساحل الشام وهم النصيرية وأصحاب المقالات والفرق يعدونهم من غلاة الرافضة.

(3)

قبرص جزيرة كبيرة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي قريبة من جنوب تركيا وشمال ساحل الشام فتحها معاوية بن أبي سفيان في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عن الجميع ثم في الحروب الصليبية صارت مركزاً للنصارى يتقون منه على المسلمين. . وهي في هذا الزمن قسمان قبارصة أتراك مسلمون في الجملة، وقبارصة يونانيون نصارى في الجملة وكانت قد بقيت بيد المسلمين إلى أثناء المائة الرابعة من الهجرة.

ص: 114

والحزن، وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا الفرح والسرور، وهم الذين أشاروا على التتر بقتل الخليفة (1) ، وقتل أهل بغداد، ووزير بغداد ابن العلقمي (2) هو الذي خامر (3) على المسلمين، وكاتب التتار، حتى أدخلهم أرض العراق بالمكر والخديعة، [ونهى الناس عن قتالهم](4) ، وقد عرف العارفون بالإسلام أن الرافضة تميل مع أعداء الدين. ولما كانوا ملوك القاهرة، كان

(1) هو أبو أحمد عبد الله الملقب بالمستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس ولد سنة 609 هـ وتولى الخلافة سنة 640. كان دينا في نفسه، ذو لهو وغفلة، ومن ذلك توزيره لابن العلقمي الرافضي حتى أضعف ملكه، وفرق جنده ثم قتله هولاكو سنة 656 هـ لما خرج إليه مع كبراء دولته، ثم استحل هولاكو بغداد أزيد من شهر يقتل وينهب حتى سالت الدماء في الطرقات. ولا حول ولا قوة إلا بالله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} آل عمران. النبلاء 23/ 174 - 184، فوات الوفيات 2/ 230 - 235، العقد الثمين رقم 1644 وتاريخ الخلفاء 464.

(2)

هو محمد بن محمد العلقمي وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس - الرافضي الخبيث. ولد سنة 591هـ وبقي وزيراً أربع عشرة سنة أشاع الرفض والكفر، وأهان المسلمين، وكاتب هولاكو ملك التتر، وجره وقوى عزمه على قصد العراق ودخولها، وكان سبباً في بلائهم على المسلمين. هلك ابن العلقمي في سنة سقوط بغداد سنة 656 س - عامله الله بما يستحقه.

قال الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة5/ 155 (وكان وزير الخليفة في بغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم - أي الرافضة - فلم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين، ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفهم، وينهى العامة عن قتالهم - يعني التتر - ويكيد أنواعاً من الكيد حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان. .) وانظر المنهاج 3/ 377 و 6/ 374 وفضائحه في النبلاء 23/ 361 والبداية والنهاية 11/ 312، الوافي بالوفيات 1 / 4 8 1، وشذرات الذهب 5/ 272، وفوات الوفيات 3/ 252 وما بعدها.

(3)

في المصرية: خابر بالباء - وهما بمعنى في هذا السباق، قال في القاموس: المخامرة: الإقامة ولزوم المكان، وأن تبيع حراً على أنه عبد - أي مخادعة وغشاً - والمقاربة، والمخالطة، والاستتار انظر مادة خمر فيه وفي لسان.

(4)

ما بين المعكوفين زيادة من المطبوعة للتوضيح.

ص: 115

وزيرهم مرة يهودياً، ومرة نصرانياً أرمنياً (1) وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرمني، وبنوا كنائس كثيرةً بأرض مصر، في دولة أولئك الرافضة والمنافقين.

وكانوا ينادون بين القصرين: من لعن وسب فله دينارٌ وأردبّ وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين، حتى فتحه نور الدين (2) وصلاح الدين (3) .

(1) الأرمني نسبة إلى أرمينية إقليم في آسيا الوسطى بين بحر قزوين وبلاد القوقاز افتتحها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين، وهم بادية الروم كما ذكره شيخ الإسلام في الاقتضاء 1/ 369. وهؤلاء الأرمن يتبعون طائفة الأرثوذكس من النصارى أتباع الكنيسة الشرقية التي كانت في القسطنطينية. كالأقباط والروم والصرب. وهم يقولون بالتثليث، لكن للمسيح عيسى ابن مريم طبيعة واحدة ومشيئة واحدة اتحد فيها اللاهوت بالناسوت ويعتقدون أن روح القدس نشأ من الإله الأب فقط.

(2)

هو أبو القاسم نور الدين محمود بن الأتابك زنكي صاحب الشام ولد سنة 511 هـ، وخلص مدن الشام وسواحلها من الفرنج وأظهر السنة بالشام، وقمع الرافضة بحلب وغيرها، كان دينا يحب العلم والعلماء، بنى المدارس وأوقف المكتبات، مع جهاده الكثير توفي على فراشه سنة 569هـ رحمه الله وغفر له.

لما عد شيخ الإسلام الملوك الذين نصروا الإسلام والسنة عدة منهم كما في المجموع 4/ 22و 32/ 0 6 وقال في 35/ 151 (ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل الله تعالى كنور الدين والشهيد صلاح الدين وأتباعهما، وفتحوا السواحل من النصارى ممن كان بها منهم، وفتحوا أيضاً أرض مصر، فإنهم كانوا - أي الرافضة العبيدية - مستولين عليها نحو مائتي سنة، واتفقوا هم والنصارى، فجاهدهم المسلمون حتى فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية) . وذكره 35/ 138 كيف أن الشهيد نور الدين محمود، وقائده صلاح الدين الأيوبي أبطلوا شعار الرافضة في بلاد مصر. انظر النبلاء 20/531، شذرات الذهب 4/ 228 - 231، تاريخ ابن خلدون 5/ 253 وفيات الأعيان 5/ 184 والكواكب الدرية في السير النورية خطوط ومطبوع.

(3)

هو الأمير المجاهد صلاح الدين يوسف بن نجم الدين المولود سنة 532 هـ طلب العلم فسمع الحديث على أبي طاهر السلفي وغيره. أمره نور الدين محمود ، وبعثه مع عمه أسد الدين شيركوه لفتح مصر وجهاد النصارى ، وأظهره الله عليهم في مواطن أشهرها حطين ، كان تقياً محباً للعلم وأهله وموقراً لهم. مات مريضاً بدمشق سنة 589 هـ ، رفع الله درجته في جنته آمين. وقد حفظ التاريخ جهاده للإسماعيلية في الشام ، أثنى عليه الشيخ ابن تيمية ، وعلى جهاده للنصارى والروافض هو ونور الدين ، ومر في ترجمته نور الدين شيء من هذا. قال الذهبي: (محاسن صلاح الدين جمة لا سيما =

ص: 116

وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس (1) ، وغُلبوا من الفرنج؛ فإنهم منافقون، وأعانوهم النصارى والله لا ينصر المنافقين، الذين هم يوالون النصارى، فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة، فأمدهم بأسد الدين (2) وابن أخيه صلاح الدين. فلما جاءت الغُزّى (3) المجاهدون إلى ديار مصر، قامت الرافضة مع النصارى، فطلبوا قتال الغزّاة المجاهدين المسلمين، وجرت فصولٌ (4) يعرفها الناس، حتى قتل صلاح الدين مقدّمهم شاور (5) .

= الجهاد فله فيه اليد البيضاء) النبلاء 21/278 ، شفاء القلوب ص 23 وما بعدها ، وانظر سيرته المسماة (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد ومفرج الكروب في أخبار بني أيوب لابن واصل ، والنجوم الزاهرة 6/3-5.

(1)

بلْبيس: ببائين وسكون اللام والياء ، والعامة الآن تكسر الباء الأولى: بلدة بمصر في محافظة الشرقية ، شرق القاهرة بخمسة وثلاثين كيلاً ، على فرع من النيل يسمى الإسماعيلية. انظر المراصد 1/216.

(2)

هو عم صلاح الدين واسمه: أسد الدين شيركوه بن شادى بن مروان ، فاتح الديار المصرية، ومرعب الفرنجة النصارى لقب بالملك المنصور لما قتل شاور، كان من كبار القواد مات فجأة سنة 564 هـ رحم الله الجميع ، انظر النبلاء 20/587 وحسن المحاظرة 2/23، تاريخ دمشق لابن عساكر 58/36، النجوم الزاهرة 5/367، شفاء القلوب ص 25.

(3)

جمع غازي انظر مادة غزا من القاموس وشرحه.

(4)

من هذا ما كان من شأن مؤتمن خلافة العبيدين اسمه الطواشي وكان حبشياً حيث كاتب النصارى الفرنج في القدوم إلى الديار المصرية وإخراج جيوش صلاح الدين وعمه أسد الدين ومناهم حيث أرسل بهذا الكتاب مع رجل ، لكنه وقع بيد صلاح الدين، فتربص بالطواشي حتى قتله. وثار لمقتله ما يقرب من خمسين ألفاً من الأحباش وغيرهم مما كان على طويته فاقتتلوا بين القصرين مع جيوش صلاح الدين حتى كانت الدائرة عليهم في آخر الأمر. وانظرها في تاريخ البداية والنهاية 12/ 277 وانظر 307-309.

(5)

هو أبو شجاع شاور بن مجبر أحد القواد في إمارة العاضد العبيدي على مصر - وهو آخر خلفاء العبيديين بها - لجأ إلى نور الدين زنكي بالشام ثم غدر به واستعان بالنصارى للاستيلاء على مصر. قبض عليه صلاح الدين، وقتله في ولاية عمه أسد الدين شيركوه على مصر سنة 564هـ. البداية والنهاية 2 1/ 78 2، النبلاء 0 2/ 514، حسن المحاظرة 2/ 251، وفيات الأعيان 2/ 439. تاريخ ابن خلدون 5/246.

ص: 117