الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه
- (*)
140 -
وَبالإِسْنَاد، حدّثنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلى، حدّثنا شيبان بن فَرُّوخ، حدّثنا سليمانَ بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: كنا عند عمر بن الخطاب، بالمدينة، فتراءينا الهلال، وكنت رجلًا حديد البصر، فرأيته وليس أحدٌ يزعم أنه رآه غيرى، قال: فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لا يراه، قال: يقول عمر: سأراه وأنا مستلقٍ على فراشى، ثم أنشأ يحدّثنا عن أهل بدرٍ، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا
(*) هو: أمير المؤمنين الإمام الكبير فاروق الإسلام، العادل الراشد القوى في الحق، الزاهد الورع التقى النقى الطامر العلم، فاتح الفتوح الذي أقضَّت جيوشه مضاجع كسرى وقيصر وملوك الدنيا. الرجل الذي أعز الله به الدين، ونصر بشجاعته وإقدامه جماعة الموحدين، ما لاقاه الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك سواه فكيف بشياطين الإنس؟! هو أبو حافصة أم المؤمنين، ووالد عبد الله بن عمر العبد الصالح، وجد سالم بن عمر أحد الفقهاء السبعة، وزوج أم كلثوم بنت الإمام على بن أبى طالب. وأول من دوَّن التاريخ من عام الهجرة، وأول من جمع الناس - بتلك الهيئة - لقيام رمضان، وأول أمير للمؤمنين، وأول من كان يُعَسْعس ليلًا لتفقد أحوال الرعية .. هو شيخ الإسلام بحق. وإمام الدنيا بكل صدق. لم يُعْرف لَلعدل دولة قامت دهرًا إلا في زمانه، وما اكتحلت عيون الزمان بمثل صلابته في الحق. وحُقَّ له أن لو كان ثمَّ نبى - بعد رسول الله - لكان هو، وشمائله وفضائله تحتاج إلى بضع مجلدات. ونحن نشهد الله والمؤمنين: أن قلوبنا قد عُجنت بماء محبته وسائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبَّح الله الشيعة الرافضة، ولا يبغض عمر إلا أحد رجلين: إما كافر أو زنديق! نسأل الله السلامة. ونسأله أن يجمعنا مع ذلك الإمام الراشد.
140 -
صحيح: أخرجه مسلم [2873]، وأحمد [1/ 26]، والنسائى [2024]، والطيالسى [40]، والطبرانى في "الأوسط"[8/ رقم 8453]، و"الصغير"[2/ رقم 1085]، والبزار [222] وابن أبى شيبة [36709]، وجماعة من طرق عن سليمان بن المغيرة عن ثابت البنانى عن أنس به نحوه
…
مطولًا ومختصرًا.
قلت: وسنده صحيح حجة. وقد توبع عليه سليمان: تابعه حماد بن سلمة عند ابن حبان [6498] وجماعة.
مصارع أهل بدرٍ بالأمس، قال: يقول: "هَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إِن شَاءَ الله"، قال: فقال عمر: فوالذى بعثه بالحق ما أخطؤوا الحدود التى حد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجُعلوا في بئرٍ بعضهم على بعضٍ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال:"يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلان بْنَ فُلانٍ، هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ الله وَرَسُولُهُ حَقًّا؟ فَإِنى قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِى الله حَقًّا"، قال عمر: يا رسول الله، تكلم أجسادًا لا أرواح فيها؟! فقال:"مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، غَيرَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَى شَيْئًا".
141 -
حدثنا شيبان، حدّثنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت عبد الملك بن عميرٍ يحدث، عن جابر بن سمرة السوائى، فقال: خطبنا عمر بن الخطاب بالجابية، فقال: يا أيها الناس، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامى فيكم اليوم، فقال:"أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِى ثُمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّهَادَةِ لا يُسْأَلُهَا، وَيَخلفُ عَلَى الْيَمِينِ لا يُسْأَلُهَا، فَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجْمَاعَةَ، فَإِن الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبَعْدُ، فَلا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ".
141 - قوى لغيره: أخرجه ابن ماجه [2363]، وأحمد [1/ 26]، وابن حبان [4576]، والطيالسى [13]، والطبرانى في "الأوسط"[2/ رقم 1659]، وفى "الصغير"[1/ رقم 245]، والنسائى في "الكبرى"[9219]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 150]، والحارث [2/ رقم 607/ زوائد الهيثمى]، وأبو الشيخ في "طبقاته"[3/ 534]، والسهمى في "تاريخه"[1/ 251]، والخطيب في "تاريخه"[2/ 187]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة به نحوه.
قلت: وإسناده ظاهره الصحة، لكن الحديث معلول جدًّا، فقد رواه جرير بن حازم ومحمد بن شبيب الزهرانى وقرة بن خالد وجرير بن عبد الحمد وشعبة - إن كان محظوظًا - وإسرائيل - واختلف عليه - وجماعة، كلهم رووه عن عبد الملك على هذا الوجه. وخالفهم جماعة ثقات آخرون ذكر منهم الدارقطنى في "علله"[2/ 124]، خمسة عشر راويًا كلهم رووه عن عبد الملك فقالوا: عن عبد الله بن الزبير عن عمر به
…
فأبدلوا "جابر بن سمرة" بـ: "عبد الله بن الزبير"! =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد اختلف فيه على عبد الملك على ألوان غريبة ذكرها الدارقطنى في "علله" فقال: "ورواه شيبان بن عبد الرحمن وشعيب بن صفوان وزائدة وعبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الملك بن عمير عن رجل لم يسم عن عبد الله بن الزبير .... ".
قلتُ: وهذا لون ثالث، ولون رابع: قال الدارقطنى: "وقال عبد الحميد بن موسى عن عبد الله بن عمرو عن عبد الملك عن مجاهد عن ابن الزبير عن عمر
…
". ولون خامس: قال الدارقطنى: "وقال عمران هو أخو سفيان بن عيينة عن عبد الملك عن ربعى بن حراش عن عمر .... ". ولون سادس: قال الدارقطنى: "وقال يحيى بن يعلى أبو المحياة وزهير ومحمد بن ثابت عن عبد الملك عن قبيصة بن جابر عن عمر ..... ". ولون سابع: قال الدارقطني: "وقال حماد بن سلمة والمسعودى وقيس من رواية محمد بن مصعب عنهم - عن عبد الملك عن رجاء بن حيوة عن عمر .... ". ولون ثامن: قال الدارقطنى: "وقال ابن عيينة عن عبد الملك عن رجل لم يسمه عن عمر
…
".
قلتُ: وهذا اضطراب شديد جدًّا على عبد الملك في سنده. لكن يقول الدارقطنى بعد أن ذكر كل هذه الاختلافات: "ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد .... ".
قلتُ: وهذا هو الذي لا ينبغى أن يقال غيره. ونحوه قاله ابن معين، كما أخرجه عنه ابن عساكر في "تاريخه" [11/ 204]. وعبد الملك يقول عنه أحمد:"مضطرب الحديث جدًّا مع قلة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها" ونقل عنه الكوسج أنه ضعفه جدًّا، ونقل عنه ولده صالح أنه قال:" .... عبد الملك يختلف عليه الحفاظ". وهو من رجال الجماعة.
أما قول ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 556/ طبعة دار الوفاء]: "عبد الملك من أئمة التابعين وساداتهم، وليس الاضطراب في حديثه مستحيلًا عليه، ولكن هاهنا الاضطراب بعيد؛ لأن هذه الخطبة شهدها خلق كثير، فلا بد أن يكون عبد الملك قد سمعها من جماعة منهم، فمن الجائز أنه سمعها من عبد الله بن الزبير ومن جابر بن سمرة، فرواها تارة عن هذا وتارة عن هذا، والله أعلم". =
142 -
حدّثنا على بن حمزة البصرى، حدّثنا جرير بن حازمٍ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا عمر بن الخطاب، بالجابية، فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامى فيكم اليوم، فقال:"أَلا أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"، فذكر نحو حديث شيبان.
143 -
حدّثنا أبو خيثمة زهير بن حربٍ، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جابر بن سمرة، قال: خطب عمر بن الخطاب، الناس بالجابية، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامى هذا، فقال: "أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِى، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ، حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ، وَيَشْهَدَ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنَالَ مِنْكمْ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجْمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبَعْدُ، أَلا لا يَخْلُوَن رَجُلٌ
= فكأنه لم يقف على تلك الألوان التسعة التى اختُلِف على عبد الملك فيها، فهل يقال: بكونها كلها محفوظة أيضًا؟!
وعذر ابن كثير: أنه لم يقف من الاختلاف على عبد الملك فيه إلا على وجهين منه فقط، لأجل ذلك قال ما قال، وليس كما قال!
وللحديث طريق آخر من حديث ابن عمر عن أبيه عند الترمذى [رقم/ 2165]، وجماعة كثيرة، من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن أبيه به نحوه. قال الترمذى:"هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وظاهر إسناده الصحة، لكن اختلف فيه أيضًا. وقد ساق الدارقطنى اختلافًا في "سنده بالعلل"[2/ 65]، ثم صحح منه وجهًا منقطعًا، وللحديث: طرق أخرى عن عمر يقوِّى بعضها بعضًا على التحقيق.
بل قال العماد ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 554/ طبعة دار الوفاء]: "قد رُويت هذه الخطبة عن عمر من وجوه عديدة إذا تُتُبِّعتْ بلغتْ حد التواتر". ثم ساق أكثر تلك الطرق. ولسنا نوافقه على دعوى التواتر أصلًا. وراجع: الصحيحة [رقم/ 430]، و"إرواء الغليل"[6/ 555 - 215]، للإمام.
142 و 143 - قوى لغيره: انظر قبله.
بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، أَلا وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ تَسُوؤُهُ سَيِّئَتُهُ وَتَسُرُّهُ حَسَّنَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ".
144 -
حدّثنا شيبان، حدّثنا أبو هلال، حدّثنا غيلان بن جرير، حدثنى عبد الله بن معبدٍ الزِّمَّانى، عن عمر بن الخطاب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذً أتى على رجلٍ فقيل:
144 - صحيح: هكذا وقع عند المؤلف، وقد كدتُ أجزم بكون "أبى قتادة" قد سقط بين عبد الله بن معبد وعمر بن الخطاب! لولا أنى رأيت ابن عدى قد أخرجه في "الكامل"[6/ 214]، من طريق المؤلف كما هنا به. ثم قال:"هكذا رواه أبو هلال فقال: عن عبد الله بن معبد عن عمر بن الخطاب وإنما هو عن عبد الله بن معبد عن أبى قتادة الأنصارى، وهو الصحيح".
قلتُ: ومثله قال الحافظ بعد أن أورده في المطالب [رقم/ 1152]، من طريق المؤلف عن شيبان عن أبى هلال الراسبى عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد عن عمر بن الخطاب به. وقد خولف شيبان في إسناده؛ خالفه الحسن بن موسى الأشيب فرواه عن أبى هلال فقال: عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن أبى قتادة عن عمر به نحوه. أخرجه النسائي في "الكبرى"[2685]، وفى "سننه الصغير" أيضًا [2382]، والطبرى في تهذيب الآثار [رقم / 760] من طريق الأشيب به. وهذا الوجه هو المحفوظ عن غيلان.
فالظاهر: أن هذا الاختلاف إنما هو من أبى هلال الراسبى نفسه، فمع كونه صدوقًا قد قال أحمد:"هو مضطرب الحديث". وغمزه جماعة. لكنه توبع على هذا الوجه الماضى: تابعه حماد بن زيد - واختلف عليه - عند أبى داود [2425]، ومن طريقه البيهقى في "الشعب"[3/ رقم 3844]، ومسلم 11621]، والترمذى [767]، والنسائى [2387]، وابن أبى الصقر في مشيخته [رقم 70]، وجماعة من طريق حماد بن زيد عن غيلان عن عبد الله بن معبد الزمانى عن أبى قتادة: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى عمر - رضى الله عنه - غضبه قال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر - رضى الله عنه - يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لاصام ولا أفطر "أو قال" لم يصم ولم يفطر، قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يومًا؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟ قال: كيف من يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال: ذاك صوم داود "عليه السلام" قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ قال: وددت أنى طوقت ذلك، =
ما أفطر مذ كذا وكذا، قال:"لا صامَ وَلا أفْطَرَ، أوْ ما صَامَ وَما أَفْطَر"، شك غيلان، فلما رأى عمر غضب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله صوم يومين وإفطار يومٍ؟ قال: "وَيُطِيقُ ذَاكَ أَحَدٌ؟ " قال: قلت: يا رسول الله، صوم يومٍ وإفطار يومٍ؟ قال:"ذَاكَ صَوْمُ أَخِى دَاوُدَ" قال: يا رسول الله، صوم يومٍ وإفطار يومين؟ قال:"ومَنْ يطيقُ ذَاكَ؟ " قال: يا رسول الله، صوم يوم الاثنين؟ قال:"ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ انْزِلَ عَلَيَّ النُّبُوَّةُ"، قال: يا رسول الله، صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء، قال:"أَحَدُهُمَا يكَفِّر، وَقَالَ: الآخَرُ مَا قَبْلَهَا أَوْ مَا بَعْدَهَا"، شك أبو هلالٍ.
= ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله". وهذا لفظ مسلم. وهو عند الترمذى وبعضهم مختصرًا.
قال الترمذى: "حديث أبى قتادة حديث حسن".
قلتُ: فجعله حماد من "مسند أبى قتادة" وهو المحفوظ كما يأتي. وتابعه أيضًا: قتادة - واختلف عليه - وشعبة ومهدى بن ميمون وأبان بن يزيد العطار وغيرهم كلهم رووه عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد عن أبى قتادة به. واختلف على ابن معبد فيه أيضًا، فقال البعض: عن ابن معبد عن أبى قتادة عن عمر به.
وقال البعض: عن ابن معبد عن أبى قتادة قال: قال عمر به .. !
وقال الأكثرون: عن ابن معبد عن أبى قتادة أنه سمع رجلًا - أو أعرابيًا - سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام؟! فقال عمر: يا رسول الله
…
وذكره.
وهذا الوجه الأخير: هو الذي رجحه الدارقطنى في "علله"[6/ 146]، وذكر وجوهًا أخرى في الاختلاف فيه على غيلان. ثم قال:"والصواب قول قتادة وشعبة ومن وافقهما .... ".
قلتُ: يعنى به الطريق الأخير الماضى آنفًا. وقد توبع عليه عبد الله بن معبد عن قتادة به، ولكن مختصرًا.
وقد صححه مسلم والطبرى وجماعة، وهو كما قالوا.
وقد بسطنا تخريجه في "غرس الأشجار". وهو محفوظ من حديث أبى قتادة.
145 -
حدّثنا شيبان، حدّثثا داود بن أبى الفرات، حدّثنا عبد الله بن بريدة، عن أبى الأسود الدِّيلى، قال: أتيت المدينة وقد وقع بها مرضٌ، فهم يموتون موتًا ذريعًا، فجلست إلى عمر بن الخطاب، فمرت به جنازةٌ فأُثنى على صاحبها خيرٌ، فقال عمر: وجبت، ثم مرت أخرى فأثنى على صاحبها شرٌ، فقال عمر: وجبت، فقال أبو الأسود، قلت: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَه الله الجْنَّةَ"، قال: قلنا: وثلاثةٌ؟ قال: "وَثَلاثَةٌ"، قلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد.
146 -
حدّثنا هدبة بن خالد، حدّثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباسٍ، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: يا أيها الناس، ألا لا تخدعوا عن الرجم، ألا لا تخدعوا عن الرجم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم، وأبو بكرٍ رجم، ورجمت، وإنه يكون قوم يكذبون بالرجم، وبالشفاعة، وبالدجال، وبقومٍ يخرجون من النار بعدما محشتهم أو امتحشوا.
145 - صحيج: أخرجه البخارى [1302]، وأحمد [1/ 21]، والترمذى [1059]، والنسائى [1934]، وابن حبان [3028]، وابن أبى شيبة [11996]، والبيهقى في "سننه"[6978]، والقاسم بن عساكر في تعزية المسلم [رقم 77]، وجماعة، من طرق عن داود بن أبى الفرات عن عبد الله بن بريدة عن أبى الأسود الدؤلى عن عمر به نحوه.
146 -
صحيح: بقصة الرجم فقط: أخرجه أحمد [1/ 23]، والطيالسى [25]، وعبد الرزاق [13364]، وابن أبي شيبة [28780]، والحارث [2/ رقم 751/ زوائد الهيثمى]، وأبن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 343/ ظلال]، والمروزى في "السنة"[رقم 354]، وأبو عمرو الدانى في "السنن الواردة في الفتن"[3/ رقم 283]، والآجرى في "الشريعة"[ص/ 337]، وجماعة، من طرق عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به مطولًا ومختصرًا.
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وآفته ابن جدعان هذا، وهو فقيه صالح في نفسه، لكنه كثير المناكير مع سوء حفظه. وكان اختلط أيضًا، وقد اضطرب في متن الحديث. وباقى رجاله ثقات. يوسف بن مهران: جهله أحمد، لكن عرفه أبو زرعة ووثقه، وكذا وثقه ابن سعد. =
147 -
حدّثنا محمد بن الصباح، وزحمويه، قالا: حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا منصورٌ، عن قتادة، قال: أخبرنا أبو العالية، عن ابن عباس، أخبرنى غير واحد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر بن الخطاب، وكان عمر من أحبهم إلى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
= وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ويذاكر به". وصح عن ابن جدعان أنه ذكر يوسف فقال: "كنا نشبه حفظه بحفظ عمرو بن دينار".
قلتُ: فالرجل صدوق صالح على أسوأ أحواله، لكن يقول الحافظ في "تقريبه":"لين الحديث" كذا قال، ولا مساعد له من أهل النقد على تلك الكلمة أصلًا، وجهالة أحمد له لا تقتضى كونه "لين الحديث". وللحديث: شواهد بقصة الرجم عن عمر:
منها: عند البخارى [6441]، ومسلم [1691]، وأبى داود [4418]، والترمذى [1432]، وابن ماجه [2553]، وأحمد [1/ 29]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس قال:"قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله؛ فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحمل أو الاعتراف، ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده".
وقد اختلف في سنده على الزهرى! كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[2/ 9، 10]. وسائر الحديث - دون قصة الرجم -: ضعيف؛ لتفرد ابن جدعان به.
147 -
صحيح: أخرجه مسلم [826]، والترمذى [183]، والنسائى [562]، وابن خزيمة [1272]، والبزار [185]، وأبو نصر البزاز في "فوائده" كما في "تاريخ قزوين"[2/ 419/ الطبعة العلمية]، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ [رقم/ 258]، وجماعة، من طرق عن هشيم عن منصور بن زاذان عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس به. وهذا إسناد صحيح. وهشيم قد صرح بالسماع. وكذا قتادة أيضًا من طريق شعبة عنه كما يأتى. وقد توبع عليه منصور: تابعه: همام وشعبة عند ابن ماجه [رقم/ 1250]، وجماعة. وكذا رواه سعيد بن أبى عروبة وأبو هلال الراسبى وأبان بن يزيد وهشام الدستوائى وأبو عوانة وجماعة كلهم عن قتادة به
…
ورواية هشام: عند البخارى [رقم/ 556]، ومسلم، وجماعة.
148 -
حدّثنا مصعب بن عبد الله بن مصعبٍ الزبيرى، حدّثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب كان يساير رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فسأله عن شئٍ فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر: فقلت: ثكلتك أمك عمر! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، كل ذلك لا يجيبك، فحركت بعيرى وتقدمت بين يدى الناس، فلم أنشب أن سمعت صارخًا ينادى، فأتيت، قلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل فيِّ قرآن، فسلمت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سورَةٌ هِىَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ [عَلَيْهِ] الشَّمْسُ"، ثم قرأ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1، 2].
148 - صحيح: أخرجه مالك [477/ رواية الليثى]، وابن حبان [6409]، والبيهقى في "الشعب"[2/ رقم 2483]، والخطيب في الفقيه والمتفقه [3/ 118]، وجماعة من طرق عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه به نحوه
…
قلتُ: وهكذا رواه رواة الموطأ عن مالك منهم: معن والقعنبى والشافعى ويحيى بن بكير ويحيى الليثى ومصعب بن عبد الله وغيرهم، وكلهم قالوا فيه عن مالك عن زيد عن أبيه "أن عمر بن الخطاب .. " وفى رواية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير
…
". وهذا صورته صورة المرسل! بل جزم الترمذى بكونه مرسلًا كما في "سننه"، وكذا الدارقطنى في "علله" [2/ 146]، وفى "الإلزامات والتتبع". وتعقبه الحافظ في مقدمة "الفتح" [1/ 374]، وذكر أن في الحديث كلمات صريحة على كونه موصولًا عن أسلم عن عمر به. ثم قال: "فكيف يكون مرسلًا؟! هذا من العجب".
قلتُ: والدارقطنى لم يسق لفظه كاملًا، وإنما ذكر جملة من أوله فقط، وهى ظاهرة في الإرسال بلا تردد. وقد سبقه الترمذى إلى هذا كما مضى. نعم: قد خولف رواة الموطأ في إرساله - إن صح التعبير - عن مالك، خالفهم:
1 -
محمد بن عثمان بن عثمة: عند الترمذى [3262]، والبزار [264]، وغيرهما.
2 -
وتابعه عبد الرحمن بن غزوان: عند أحمد [1/ 31]، والنسائى في "الكبرى"[11499]، وغيرهما.
3 -
وتابعه محمد بن حرب: عند ابن عبد البر في التمهيد [3/ 264]، وغيره.
4 -
ويزيد بن أبى حكيم العدنى: عند الخطيب في "تاريخه"[5/ 167]. =
149 -
حدّثنا أبو خيثمة، وإسحاق بن إسماعيل الطالقانى، والقواريرى، قالوا: حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن مالك بن أوس بن الحدثان، سمع عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشعِيرِ رِبًا إِلا هَاءَ وَهَاءَ"، وفى حديث إسحاق:"وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلا هَاءَ وَهَاءَ"، وفيه عن مالك بن أوسٍ، سمعت عمر، يخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم.
150 -
حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، سمع أبا عبيد مولى الزهريين، قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين، أما يوم الفطر ففطركم من صيامكم، وأما يوم الأضحى، فكلوا من لحم نسككم، لم يذكر فيه أكثر من هذا.
= 5 - وإسحاق بن إبراهيم الحنينى: ذكره الدارقطنى في "علله"[2/ 146]. وغيرهم كلهم رووه عن مالك، فقالوا: عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به. وهذا متصل مستقيم. ووقع في طريق ابن غزوان: "سمعتُ عمر
…
".
• والصواب عندى: أن الوجهين محفوظان، ومردُّ ذلك إلى أن أسلم - أو ابنه - كان ينشط فيسنده، ثم ربما فتر فأرسله.
149 -
صحيح: أخرجه البخارى [2027]، ومسلم [1586]، ومالك [1308]، وأبو داود [3348]، والنسائى [1243]، وابن ماجه [2253]، وأحمد [1/ 24]، والدارمى [2578]، وابن حبان [5012]، والشافعى [657]، والبزار [253]، وعبد الرزاق [14541]، والبيهقى [10254]، وابن أبى شيبة [22483]، والحميدى [21]، وابن الجارود [651]، وتمام في "فوائده"[1/ 433]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن مالك بن أوس عن عمر بن الخطاب به نحوه
…
150 -
صحيح: أخرجه مالك [4291]، والبخارى [1889]، ومسلم [1137]، وأبو داود [2416]، وابن ماجه [1722]، وأحمد [1/ 34]، وابن خزيمة [2959]، وابن حبان [3600]، وعبد الرزاق [5636]، وابن أبى شيبة [9767]، والبيهقى في "سننه"[6086]، والنسائى في "الكبرى"[2789]، والطحاوى في "شرح الآثار"[2/ 247]، والحميدى [8]، وجماعة، من طرق عن الزهرى عن أبى عبيد به مطولًا ومختصرًا. وراجع "التمهيد"[10/ 239].
151 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن عبيد الله، عن ابن عباسٍ، قال: لما زالت الشمس صعد عمر المنبر، وأذن المؤذنون، فخطب، فحمد الله وأثنى عليه، وقال في خطبته: الرجم حقٌّ المحصن إذا كانت بينةُ، أو حملٌ، أو اعترافٌ، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا معه وبعده.
152 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن أبى عبيد، قال: شهدت العيد مع عمر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الأضحى، فتأكلون من نسككم، وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم، قال: وشهدته مع عثمان، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، فوافق ذاك يوم الجمعة، فقال: إن هذا يومٌ يجتمع فيه عيدان، من كان هاهنا من أهل العوالى فقد أذنَّا له، فإن شاء أن يرجع فليرجع، ومن أحب أن يمكث فليمكث ثم شهدتها مع علي، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: لا يأكل أحدكم من نسكه فوق ثلاثٍ.
151 - صحيح: أخرجه البخارى [6441]، ومسلم [1691]، وأبو داود [4418]، والترمذى [1432]، وابن ماجه [2553]، والنسائى في "الكبرى"[7159]، وأحمد [1/ 29]، والدارمى [2322]، وابن حبان [413]، والطبرانى في "الأوسط"[2/ رقم 1937]، والبزار [194]، وعبد الرزاق [13329]، وابن أبى شيبة [28776]، والبيهقى [16686]، والحميدى [25]، وابن الجارود [812]، وجماعة كثيرة من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس به مطولًا ومختصرًا ..
وقد اختلف في إسناده على ثلاثة أوجه ذكرها الدارقطنى في "العلل"[2/ 10]، ثم رجَّح الطريق، الماضى.
152 -
صحيح: أخرجه مالك [رقم/ 429]، وعنه البخارى [رقم/ 5251، 1889]، ومسلم [رقم / 1137]، وأبو داود [رقم / 2416]، وابن ماجه [رقم/ 1722]، وأحمد [1/ 34، 40]، وابن خزيمة [رقم/ 2959]، وابن حبان [رقم / 3600]، وعبد الرزاق [رقم/ 5636]، وابن أبى شيبة [رقم/ 9767]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن أبى عبيد مولى بنى أزهر عن عمر به نحوه
…
وهو عند جماعة في سياق أتم، وهو رواية أيضًا للمؤلف [برقم/ 152].
153 -
حدّثا أبو خيثمة زهير بن حرب، وعبيد الله بن عمر القواريرى، قالا: حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُطْرُونى كمَا أَطْرَت النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيمَ، وَلَكنْ قولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ".
154 -
حدّثنا عبد الأعلى بن حماد النرسى، حدّثنا بشر بن منصورٍ، حدّثنا عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ الله مَسَاجِدَ الله".
155 -
حدّثنا القواريرى، حدّثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ المْيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ".
153 - صحيح: أخرجه البخارى [3261]، وأحمد [1/ 23]، والدارمى [2784]، وابن حبان [413]، والطيالسى [24]، والبزار [194]، والطبرانى في "الأوسط"[2/ رقم 1937]، وعبد الرزاق [9758]، والحميدى [27]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 66]، وجماعة، من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس به نحوه
…
154 -
صحيح: أخرجه البخارى [858]، ومسلم [442]، وأبو داود [566]، وابن ماجه [16]، وأحمد [2/ 16]، وابن حبان [22091]، والطبرانى في "الكبير"[21/ رقم 13350]، والطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 3411]، وابن أبى شيبة [7608]، والبيهقى في سننه [5153]، وأبو نعيم في "الحلية"[7/ 137]، وتمام في فوائده [2/ رقم 1390]، والخطيب في "تاريخه"[11/ 344]، وابن عساكر في "تاريخه"[35/ 55]، وابن عبد البر في "التمهيد"[23/ 397]، وجماعة كثيرة، من طرق عن نافع عن ابن عمر به نحوه. ورواه بعضهم عن نافع عن ابن عمر عن عمر به
…
كما هنا. والوجهان عندى محفوظان. وقد قال الحافظ في "الفتح"[1/ 393]: "ليس في هذا الاختلاف ما يقدح في صحة الحديث".
قلتُ: وقد يكون ابن عمر سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ثم سمع مثله بواسطة أبيه به.
155 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 36]، والنسائى [1848]، وفى الكبرى [1976]، ومسلم [927]، وابن أبى شيبة [12115]، والبيهقى في سننه [6958]، والنجاد في مسند عمر بن الخطاب رقم [64]، وجماعة، من طريقين عن عبيد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر عن عمر به مرفوعًا. وهذا إسناد صحيح. =
156 -
حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا سعيد، حدّثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب حدث، أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الميِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ مَا نِيحَ عَلَيْه".
= وقد توبع عبيد الله العمرى: تابعه مالك بن أنس من رواية الوليد بن مسلم عنه على هذا الوجه به. ذكره عنه الدارقطنى في "علله"[2/ 61]، وهكذا ذكره أيضًا: ابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 274]، من رواية الوليد عن مالك، لكنه جعله عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا
…
ولم يذكر فيه "عن عمر". فلا أدرى هل سقط "عن عمر" من المطبوعة أم هو وهم من ابن عبد البر؟، أم هو مصيب فيما قال والواهم هو الدارقطنى؟، أم يكون ذلك من قبيل الاختلاف في سنده على الوليد بن مسلم؟، وقد تابعهما أيضًا: يحيى بن أبى كثير عن نافع بمثله. رواه الأوزاعى عن يحيى واختلف عليه في إسناده، فرواه عنه الوليد بن مسلم على الوجه الماضى، وخالفه الوليد بن مزيد وبشر بن بكر، فروياه عن الأوزاعى عن يحيى قال: "حدثنى مولى لآل الزبير عن نافع عن ابن عمر عن عمر به
…
". ذكره الدارقطنى في "علله" [2/ 61]. وقد اختلف فيه على نافع على ألوان، فرواه جماعة آخرون عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا، وجعلوه من مسند "ابن عمر"، وخالفهم كلهم الليث بن سعد فرواه عن نافع عن ابن عمر عن عمر به موقوفًا، ذكره الدارقطنى أيضًا [2/ 61]. والظاهر عندى: أن كل ذلك محفوظ عن نافع على الوجوه الثلاثة فقط:
1 -
"عن ابن عمر عن أبيه".
2 -
و"عنه عن ابن عمر".
3 -
و"عنه عن ابن عمر عن أبيه به موقوفًا". وقد توبع نافع عليه على الوجه الأول، كما في الحديث الآتى.
156 -
صحيح: أخرجه مسلم [927]، والبخارى [1230]، والنسائى [1853]، وابن ماجه [1593]، وأحمد [1/ 26]، والطيالسى [51]، والبزار [104]، والبيهقى [6955]، وجماعة، من طريقين عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن عمر به.
قلتُ: هكذا رواه شعبة وسعيد بن أبى عروبة عن قتادة. وقد اختلف فيه على شعبة: كما تراه عند الطبراني في "الكبير"[21/ رقم 3088]. لكن: تابعه على الوجه الأول: همام بن يحيى، واختلف عليه فيه أيضًا على ألوان، وقد خولف فيه قتادة؛ خالفه ابن شهاب الزهرى، فرواه عن =
157 -
حدثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا سعيد بن أبى عَروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ المْيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ مَا نِيحَ عَلَيْهِ، أَوْمَا بُكِىَ عَلَيْهِ".
158 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يحيى بن سعيد القطان، حدّثنا عبيد الله، حدثنى نافعٌ، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الميِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلهِ عَلَيْهِ".
159 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يحيى بن سعيذ القطان، عن شعبة، قال: حدثنى قتادة، عن أبى العالية، عن ابن عباس، قال: حدثنى رجالٌ، وأعجبهم إلى عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صلاةٍ بعدَ الغداة حتى تَطلُعَ الشمسُ، وبعدَ العصر حتى تَغْرُبَ الشمسُ.
160 -
حدّثنا مصعب بن عبد الله، حدّثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن محمد بن أبي
= ابن المسيب فقال: عن عمر بن الخطاب به. ولم يذكر فيه ابن عمر. هكذا أخرجه أحمد [1/ 45]، وعبد الرزاق [6680]، وجماعة.
قلتُ: ويشبه أن يكون الوجهان محفوظين عن ابن المسيب، لكن يبقى ما قالوه في سماعه من عمر في الوجه الثاني، راجع "التهذيب"[4/ 87].
157 -
صحيح: انظر قبله.
158 -
صحيح: مضى آنفًا [برقم/ 155].
159 -
صحيح: مضى الكلام عليه في الحديث [رقم/ 147].
160 -
منكر: أخرجه الحاكم [4/ 96]، وأبو القاسم البغوى في حديث مصعب الزبيرى [2/ 152]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[1/ 247/ 16]، كما في "الضعيفة"[2/ 225]، ومن طريقه أيضًا: بيبى الهرثمية في جزئها [104]، ومن طريقها الحافظ في "الأمالى المطلقة"[ص/ 37]، والبزار [1/ 288]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب"[12/ 394/ طبعة العاصمة]، والطيالسى في "مسنده" كما في "التمهيد"[20/ 248]، وابن عبد البر في "التمهيد"[20/ 248]، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث". [رقم/ 56]، وأبو إسماعيل الهروى في "ذم الكلام"[1/ 148]، كما في "الضعيفة"[2/ 225]، وجماعة كثيرة، =
حميد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا، فقال:"أَنْبئُونِى بِأفْضَلِ أَهْلِ الإِيمَانِ إِيمَانًا"، قالوا: يا رسول الله، الملائكة، قال:"هُمْ كَذَلِكَ، وَيَحِقُّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَمَا يَمْنَعُهُمْ وَقَدْ أَنْزَلَهُمُ الله المْنْزِلَةَ الَّتِى أَنْزَلَهُمْ بِهَا، بلْ غَيْرهُمْ". قالوا: يا رسول الله، الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوة، قال:"هُمْ كَذَلِكَ، وَيَحِقُّ لَهُمْ، وَمَا يَمْنَعْهُمْ، وَقَدْ أَنْزَلَهُمُ الله المْنْزِلَةَ الَّتِى أَنْزَلَهُمْ بِهَا، بَلْ غَيْرُهُمْ"، قالوا: يا رسول الله، الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء، قال:"هُمْ كَذَلِكَ وَيَحِقُّ لَهُمْ، وما يَمنَعُهُمْ، وَقَدْ أَكْرَمَهُمُ الله بِالشَّهَادَةِ مَعَ الأنْبِيَاءِ، بَلْ غَيْرُهُمْ"، قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: "أَقْوَامٌ فِي أَصْلابِ الرِّجالِ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِى، يُؤْمِنُونَ بِى، وَلَمْ يَرَونِى، وَيصَدِّقُونَ بِى، وَلَمْ يَرَوْنِى، يَجِدُونَ الْوَرَقَ الْمُعَلَّقَ فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ، فَهَؤُلاءِ أَفْضَلُ أَهْلِ الإِيمَان إِيمَانًا".
= من طرق عن محمد بن أبى حميد الأنصارى الزرقي، عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به تحوه. وهو باختصار عند بعضهم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه،". كذا قال، وقد تعقبه الذهبى في "تلخيصه" فقال:"بل محمد بن أبى حميد ضعفوه". وقال البزار: "إنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا الحُدِيثُ منْ حَديث مُحَمَّد بْنِ أبى حُمَيْد، وَمُحَمَّدٌ رَجُلٌ منْ أهْلِ الْمدينَةِ لَيْس بقَويٍّ، قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ ثقَاتٌ وَاحْتَمَلُوا حَديثَهُ .. ". وقال ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 640/ طبعة دار الوفاء] بعد أن عزاه للمؤلف: "وكذا رواه الحافظ أبو بكر البزار عن محمد بن المثنى عن ابن أبى عدى وأبى عامر العقدى كلاهما عن محمد بن أبى حميد المدنى، وقد ضعّفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخارى والسعدى وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وغيرهم".
قلتُ: وابن أبى حميد هذا شيخ منكر الحديث، كما قاله البخارى وغيره، وهو إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، وبه أعله جماعة من النقاد. فقال الحافظ في "المطالب":"محمد ضعيف الحديث، سيئ الحفظ". وقال أيضًا في "أطرافه" يتعقب الحاكم في تصحيحه: "محمد بن أبى حميد متروك الحديث". نقله عنه السيوطى في الجامع "الكبير"[3/ 170] كما في "الضعيفة"[2/ 225]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال عقب روايته في "الأمالى المطلقة": "هذا حديث غريب. ومحمد بن أبى حميد يكنى أبا إبراهيم، واسم أبيه: إبراهيم، وهو ضعيف عند الجمهور، إلا أن أحمد بن صالح قواه، وقال ابن عدى: الضعف على رواياته بيِّن ومع ضعفه يكتب حديثه". وقد ضعَّف سنده كما سيأتي. قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[7/ 122]: "رواه أبو يعلى وإسحاق بسند ضعيف؛ لضعف محمد بن أبى حميد". ولم ينفرد به ابن أبى حميد، بل قد توبع عليه على هذا الوجه: تابعه يحيى بن أبى كثير عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، عَنْ أبيه، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:"أخْبِرُونِى بأعْظَمِ الخُلْقِ عِنْدَ الله مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقيَامَةِ؟ قَالُوا: الملَائكَةُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُمْ مَعَ قُرْبهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ بَلْ غَيْرُهُمْ قَالُوا: الأنْبيَاءُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُمْ وَالْوَحْىُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ، بَلْ غَيْرُهُمْ قَالُوا: فَأخبِرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: قَوْمٌ يَأتُونَ بَعْدَكُمْ يُؤْمنُونَ بِى وَلَمْ يَرَوْنِى، وَيَجدُونَ الْوَرَقَ المُعَلَّقَ فَيُؤْمنُونَ به، أُولَئِكَ أَعْظَمُ الخلْقِ مَنْزِلَةً وَأُولَئِكَ أعْظَمُ الخُلْقِ إِيمَانًا عنْدَ الله يَوْمً الْقيَامَةِ".
أخرجه البزار [1/ رقم/ 289]- واللفظ له - والعقيلى في الضعفاء [4/ 238]، من طريقين عن المنهال بن بحر عن هشام الدستوائى عن يحيى بن أبى كثير به. قال البزار:"وَهَذَا الحديثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ هَذا الْوَجْهِ".
قلتُ: وهذه متابعة لا يفرح بها إن شاء الله. قال العقيلى: "وهذا الحديث إنما يعرف بمحمد بن أبى حمد عن زيد بن أسلم، وليس بمحفوظ من حديث يحيى بن أبى كثير، ولا يتابع منهال عليه".
قلتُ: والمنهال وثقه أبو حاتم وابن حبان، لكن ضعفه ابن عدى والعقيلى. راجع "اللسان" [6/ 153]. قال الإمام الألبانى في "الضعيفة" [2/ 225]:"فإن كان حفظه - يعنى المنهال - بهذا الإسناد؛ فعلَّته عنعنة يحيى بن أبى كثير؛ فإنه كان مدلسًا، ولا أستبعد أن يكون سمعه من ابن أبى حميد هذا فدلسه".
قلتُ: يحيى برئ منه، وهو قليل التدليس على التحقيق، ولا ينبغى للمحقق أن يعل الأسانيد بمطلق عنعنته، وآفة هذا الطريق: إنما هي من المنهال بن بحر، وقد أنكره عليه العقيلى كما مضى. وجزم بكون الحديث غير محفوظ عن يحيى أصلًا، بل خولف فيه المنهال، خالفه جماعة من الحفاظ الثقات، فرووه عن هشام الدستوائى فقالوا: عن يحيى بن أبى كثير عن زيد بن أسلم عن عمر به مرسلًا .... =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ليس فيه: "عن أبيه" بين زيد وعمر، هكذا قاله البزار في "مسنده" [1/ 413]. وقول البزار "مرسلًا" يعنى منقطعًا؛ لأن زيدًا لم يدرك عمر بن الخطاب. وهذا الوجه عن زيد بن أسلم: هو المحفوظ في الحديث كله.
ولم يقف الهيثمى على كل هذا، فجعل يغامر ويقول في "المجمع"[1/ 51]، بعد أن عزا الحديث للبزار من هذا الوجه:"وأحد إسنادى البزار المرفوع حسن؛ المنهال بن بحر وثقه أبو حاتم وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وقد عرفتَ ما فيه، ثم وجدت لمحمد بن أبى حميد له متابعًا آخر على الوجه الأول، فقال ابن عبد البر في الاستذكار [1/ 188/ الطبعة العلمية]، بعد ذكره هذا الحديث من رواية ابن عمر معلقًا: "وروى هذا من حديث عمر، وهو أصح، أخبرنا سهيل أهكذا وقع في المطبوعة وصوابه سهل، وهو أبو القاسم سهل بن إبراهيم بن سهل العالم الزاهد القدوة]، بن إبراهيم إجازة قال: حدثنا محمد بن فطيس حدثنا يزيد بن سنان حدثنا أبو عامر العقدى حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر .... فذكر بمعناه سواء
…
".
قلتُ: وهذا إسناد نظيف، رجاله كلهم ثقات معروفون. ابن فطيس: حافظ مشهور. وابن سنان: هو القرشى الثقة. والعقدى: ثقة معروف. وابن مطرف: إمام دون كلام، ومع استقامة هذا الإسناد إلا أنه معلول، نعم: يزيد بن سنان وإن كان ثقة إلا أنه قد خولف في إسناده، خالفه أحمد بن مهدى بن رستم الحافظ الثقة: عند الحاكم [4/ 96]. ومحمد بن المثنى البصرى الثقة الثبت: عند البزار [688]. وإسحاق بن راهويه إمام الدنيا: في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[12/ 394]. ثلاثتهم: رووه عن أبى عامر العقدى فقالوا: عن محمد بن أبى حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به كما مضى، وهذا هو المحفوظ عن العقدى، ولعل الوهم فيه ممن دون يزيد بن سنان.
والحديث: حديث محمد بن أبى حميد، وبه يُعرف كما ذكر العقيلى الحافظ.
وقد ضعَّف سنده جماعة من الأئمة: فقال ابن حجر في في "الفتح"[6/ 7]: "إسناده ضعيف فلا حجة فيه".
والبدر العينى في "عمدة القارى"[16/ 171]. وله شواهد لا يثبت منها شئ. وراجع "الضعيفة"[رقم 647، 648، 649]، للإمام الألبانى.
161 -
حدّثنا مصعب بن عبد الله، حدّثنا ابن الدراوردى، عن محمد بن أبى حميد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُخْبِرُكمْ بِخِيَارِ أَئِمَّتِكُمْ مِنْ شِرَارِهِمْ؟ الَّذِينَ تحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيَدْعُونَ لَكُمْ وَتَدْعُونَ لَهُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكمْ".
162 -
حدّثنا مصعب، حدّثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر قال: فرض عمر لأسامة أكثر مما فرض لى فقلت، إنما هجرتى وهجرة أسامة واحدة فقال: إن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وإنه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وإنما هاجر بك أبواك.
161 - صحيح لغيره: أخرجه الترمذى [رقم/ 2264]، والبزار [رقم/ 290]، والمرزبانى في ذم الثقلاء [ص/ 16]، من طرق عن محمد بن أبى حميد المدنى عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به. قال الترمذى:"هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبى حميد، ومحمد يضعف من قبل حفظه".
قلتُ: وهذا إسناد غير محفوظ، وابن أبى حميد منكر الحديث كما مضى في الذي قبله، لكن للحديث شاهد عن عوف بن مالك: عند مسلم [1855]، وأحمد [6/ 24]، والدارمى [2797]، وابن حبان [4589]، والبيهقى [16400]، وابن راهويه [1895]، والطبرانى في "الكبير"[18/ رقم 117]، وفى "مسند الشاميين"[1/ رقم 586]، والمروزى في تعظيم قدر الصلاة [2/ رقم 951]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1071]، والبخارى في "تاريخه"[7/ 270]، ومثله الخطيب [7/ 318]، وابن عساكر [18/ 139]، والآجرى في الشريعة [ص 45]، من طريقين عن مسلم بن قرظة عن عوف بن مالك مرفوعًا:"خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم" وهذا لفظ مسلم.
162 -
حسن لغيره: أخرجه ابن حبان [7043]، والبزار [150]، وأبو القاسم البغوى في مسند "أسامة بن زيد"[رقم 7]، وأبو بكر النجاد في "مسند عمر"[رقم/ 22]، والمؤلف في "معجمه"[رقم 283]، والمحاملى في "أماليه"[رقم/ 397/ طبعة دار النوادر]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[8/ 7]، وغيرهم، من طرق عن الدراوردى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به نحوه
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهذا إسناد على رسم الحسن، لولا أن الدراوردى تكلموا في روايته عن عبيد الله بن عمر.
فقال أحمد: "ربما قلب حديث عبد الله بن عمر - يعنى العمرى الضعيف المشهور - يرويها عن عبيد الله بن عمر".
قلت: وهذه مصيبة. وقال النسائي: "حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر".
قلتُ: ولست أدرى ضمير الشأن عائدًا على مطلق أحاديثه عنه، أم عن حديثٍ بخصوصه؟، والأول أقرب، لكن لم ينفرد به الدراوردى عن عبيد الله العمرى. بل تابعه عليه: خارجة بن مصعب عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره عن ابن عمر: "أنه لما كلم أباه في ذلك، قال له: إن زيدًا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وإن أسامة كان أحب إليه منك". أخرجه أبو عبيد في "الأموال"[ص/ 290/ طبعة دار الفكر]، ومن طريقه ابن زنجويه في "الأموال" أيضًا [2/ 509/ طبعة مركز فيصل للبحوث]، وأبو محمد الخلال في "ذكر من لم يكن عنده إلا حديث واحد، ومن لم يحدث عن شيخه إلا بحديث واحد"[رقم/ 53/ طبعة دار ابن القيم]، والبلاذرى في "فتوح البلدان"[3/ 559/ طبعة لجنة البيان العربى]، وغيرهم من طريق يحيى القطان عن خارجة به. وهذه متابعة كالماء، وخارجة قد خرج على النقاد بالأباطيل والمناكير في رواياته فأسقطوه إلى الأبد، وقد كذبه ابن معين بخط عريض، وهو من رجال:"التهذيب".
وقد رأيتُ ابن كثير قد قال في "مسند الفاروق"[2/ 679] بعد أن ساقه من طريق المؤلف: "هذا حديث صحيح رواه البخارى في كتاب "الهجرة" عن إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبيد الله بن عمر العمرى به أطول من هذا .. ".
قلتُ: إنما هو عند البخارى [3700]، بنحو الفقرة الأخيرة فقط، مع سياق أتم في أوله، ولفظه:"عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قال: "كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة. فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته عن أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه".
وقد توبع عليه عبيد الله بن عمر العمرى: تابعه أخوه عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر قال: "فرض عمر بن الخطاب لأسامة بن زيد كما فرض للبدريين: أربعة آلاف، وفرض لى ثلاثة آلاف وخمس مائة، فقلت: لم فرضت لأسامة أكثر مما فرضت لى ولم يشهد مشهدًا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلا وقد شهدته؟ فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وكان أبوه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك". أخرجه ابن سعد في "الطبقات" [4/ 70]، قال أخبرنا خالد بن مخلد البجلي، قال حدثنا عبد الله بن عمر به.
قلتُ: والعمرى هذا شيخ منكر الحديث على زهده وعبادته. وتابعه أيضًا: صالح بن خوات عن نافع عن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال: "لما فرض عمر لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وفرض لى ألفين وخمسن مائة فقلت له: يا أبت لم تفرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وتفرض لى ألفين وخمس مائة؟ والله ما شهد أسامة مشهدًا غبت عنه ولا شهد أبوه مشهدًا غاب عنه أبى. قال: صدقت يا بنى، ولكنى أشهد: لأبوه كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، ولهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك". أخرجه الحاكم [3/ 645]، من طريق يحيى بن أبى طالب ثنا عبد الله بن إسحاق بن الفضل حدثنى أبى عن صالح بن خوات به. قال الحاكم:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلتُ: ما كان صحيح الإسناد يومًا من الدهر؛ وعبد الله بن إسحاق بن الفضل: أورده العقيلى في "الضعفاء"[2/ 233]، وقال:"له أحاديث لا يتابع منها على شئ" ثم ساق له بعضها. وله طريق آخر يرويه ابن جريج عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر: "أنه فرض لأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف وخمسمائة، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف، قال عبد الله بن عمر لأبيه: لم فضلت أسامة على؟ فوالله ما سبقنى إلى مشهد. قال: لأن زيدًا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله منك؛ فآثرت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم على حبى". أخرجه الترمذى [3813]- واللفظ له - والطبرانى في "الأوسط"[6/ 6608]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 71]، وجماعة من طريق سفيان بن وكيع عن محمد بن بكر البرسانى عن ابن جريج به. قال الترمذى:"هذا حديث حسن غريب". وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا محمد بن بكر البرسانى، تفرد به سفيان بن وكيع".
قلت: وابن وكيع كان له ورَّاق يدسُّ في أصوله ما ليس من حديثه، فنصحوه بإقصاء ذلك الوراق فلم ينتصح، وزجروه فلم ينزجر، فسقط إلى غير نهوض، راجع: ترجمته في "التهذيب" وذيوله. وهو آفة هذا الطريق، وابن جريج: كان عريقًا في التدليس، ولم يذكر فيه سماعًا أيضًا، وقد اختلف على ابن جريج في إسناده، كما تراه عند ابن أبى شيبة [رقم/ 31878]. =
163 -
حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا حمادٌ، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن عُبيد بن حُنينٍ، عن ابن عباسٍ، عن عمر بن الخطاب، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم آلى من نسائهِ شهرًا، فلما مضتْ تسعٌ وعشرون نزل إليهِنَّ.
164 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا عكرمة بن عمارٍ، عن سماكٍ
= نعم: قد توبع ابن جريج عليه: تابعه أبو معشر السندى عن زيد بن أسلم بإسناده به نحوه. وأبو معشر ضعيف الحفظ، وقد اضطرب فيه أيضًا. والمحفوظ عن زيد بن أسلم: هو ما رواه عنه هشام بن سعد المدنى: "أن عمر بن الخطاب فضَّل المهاجرين الأولين، وأعطى أبناءهم دون ذلك، وفضَّل أسامة بن زيد على عبد الله بن عمر، فقال عبد الله بن عمر: فقال لى رجل: فضَّل عليك أمير المؤمنين من ليس بأقدم منك سنًا، ولا أفضل منك هجرة، ولا شهد من المشاهد ما لم تشهد. قال عبد الله: وكلمته فقلت: يا أمير المؤمنين فضلت على من ليس هو بأقدم منى سنًا، ولا أفضل منى هجرة، ولا شهد من المشاهد ما لم أشهد، قال: ومن هو؟ قلت: أسامة بن زيد. قال: صدقت، لعمر الله فعلت ذلك؟ لأن زيد بن حارثة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر، وأسامة بن زيد كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن عمر، فلذلك فعلت".
أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[4/ 70]، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبى فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به.
قلتُ: وهذا إسناد قوى لولا أنه مرسل، فإن صح أن زيدًا قد حمله عن ابن عمر، فهو موصول صحيح. وهشام بن سعد: وإن تكلموا فيه إلا أنه كان أثبت الناس في زيد بن أسلم، كما قال أبو داود. وللحديث: طرق أخرى ضعيفة ومنقطعة تؤيد أن للقصة أصلًا إن شاء الله. والفقرة الأخيرة منه: ثابتة بنحوها عند الخارى كما مضى.
163 -
صحيح: أخرجه مسلم [1479]، والطيالسى [رقم/ 23]، من طريق حماد بن سلمة ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن حنين عن ابن عباس به نحوه في سياق طويل.
قلت: وقد أخرجه الجارى [4629]، ومسلم [1479]، وأحمد [1/ 48]، والبزار [212]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 185]، وجماعة كثيرة من طرق يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس به مطولًا ومختصرًا. وقد استوفينا تخريجه في "غرس الأشجار".
164 -
صحيح: أخرجه مسلم [14791]، وابن حبان [4188]، والبزار [195]، والبيهقى في "الشعب"[2/ رقم 1449]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 363]، وجماعة، من طرق عن =
أبى زُمَيلٍ الحنفى، قال: حدثنى عبد الله بن عباسٍ، قال: حدثنى عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، قال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم، قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبى بكرٍ، أقد بلغ من شأنك أن تؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما لى ولك يا ابن الخطاب؟ عليك بعَيْبَتكَ، قال: فدخلت على حفصة ابنة عمر، فقلت: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله؟ قالت: هو في خزانته في المَشْرُبَة، فدخلت فإذا أنا برباحٍ غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا على أسكفة المشربة، مدلٍ رجليه على نقيرٍ من
= عكرمة بن عمار عن سماك أبى زميل عن ابن عباس به مطولًا
…
وهو عند جماعة كثيرة مختصرًا. وبعضهم بفقرات منه فقط.
وعكرمة بن عمار: فيه كلام معروف. لكنه متماسك. وأبو زميل: ثقة مشهور. وقول الحافظ عنه بـ: "التقريب": "لا بأس به" قصور غريب لا أدرى وجهه، وقد قال البزار في "مسنده"[1/ 303]، بعد أن رواه من طريق عكرمة الماضى:"وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عمر، وقد روى عن عمر بعض هذا الكلام بإسنادٍ آخر، وهذا الإسناد أحسن من الإسناد الآخر".
ومراده "بالإسناد الآخر": إما الإسناد الماضى في الحديث قبله، وإما الإسناد الآتى في الحديث [رقم/ 178]. فإن كان مراده "بالأحسن": الحسن الاصطلاحى المراد به الصحة؛ فهذا غريب.
بل الإسناد المشار إليه: أصح من طريق عكرمة بلا تردد. وعكرمة تكلموا في حفظه، بل ضعفه ابن القطان وغيره رأسًا، وله مناكير معروفة.
وبالجملة: فطريقه هذا حسن إن شاء الله. وإن كان في سياقه بعض الغرابة، لكن يشهد له الماضى، والآتى برقم [178].
• تنبيه: وقع في الطبعتين: "حَدَّثَنَا أبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثنا عثمان بن عمر"، والصواب:"حَدَّثنا عُمَرُ بنُ يُونُسَ"، بدل:"عثمان بن عمر"، فهكذا أخرجه ابن حبان في الموضع الثاني [رقم/ 3453]، من طريق المؤلف:"حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ يُونسَ" به. وهكذا أخرج مسلم وغيره هذا الحديث من طريق أبى خيثمة - وهو شيخ المؤلف - عن عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الحُنَفي بإسناده به.
خشبٍ، وهو جذعٌ يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، فناديته، فقلت: يا رباحٌ، استأذن لى عندَك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباحٌ إلى الغرفة ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئًا، فقلت: يا رباحٌ، استأذن لى عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباحٌ إلى الغرفة ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئًا، فقلت: يا رباحٌ، استأذن لى عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى الغرفة ثم نظر إلى فلم يقل شيئًا، ثم رفعت صوتى، فقلت: يا رباحٌ، استأذن لى عندك على رسول الله، فإنى أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أنى جئت من أجل حفصة، واللَّه لئن أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتى، فأومأ إليَّ أن ائْذَنْهُ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصيرٍ، فجلست، فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، فإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصرى في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعيرٍ نحو الصاع، ومثلها قرظًا في ناحية الغرفة، وإذا أفيقٌ معلق، قال: فابتدرت عيناى، قال:"ما يبكِيكَ يا ابنَ الخطَّابِ؟ " فقلت: يا نبى الله، وما لى لا أبكى وهذا الحصير قد أثر في جنبك؟ وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى؟ وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته، وهذه خزانتك؟ قال:"يَا ابْنَ الخطَابِ، أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ " قلت: بلى، قال: ودخلت عليه، حين دخلت، وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته، وجبريل، وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت، وأحمد الله، بكلامٍ إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولى الذي أقول، قال: ونزلت هذه الآية، آية التخيير:{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} [التحريم: 4]، {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]، وكانت عائشة بنت أبى بكر، وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أطلقتهن؟ قال:"لا"، فقلت: يا رسول الله، إنى دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصاة، ويقولون: طلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه، فأنزلُ فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال:"نَعَمْ، إن شِئْتَ"، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كَشَرَ فضحك، وكان من أحسن الناس ثغرًا، ثم نزل نبى الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت بالجذع، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشى على الأرض ما
يمسه بيده، فقلت له: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعةً وعشرين يومًا؟ قال:"إِن الشَّهْرَ يَكُونَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ"، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتى: لم يطلق نساءه، قال: ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم} [النساء 83]، فكنت أنا الذي استنبطت ذاك الأمر، فأنزل الله آية التخيير.
165 -
حدّثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدّثنا ابن فضيل، عن عاصمٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ".
165 - جيد: أخرجه أحمد [1/ 14، و [1/ 143]، وابن خزيمة [رقم / 2172] والحاكم [1/ 604، 621]، والبزار [رقم / 210]، وابن أبى شيبة [8670]، ويعقوب بن شيبة في "مسند عمر"[ص/ 96، 95/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية، والبيهقي في الشعب [3/ رقم 3686]، وفى سننه [8342]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 91]، وجماعة كثيرة، من طرق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس عن عمر به نحوه. وهو عند جماعة في سياق أتم. قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وقال في موضع آخر: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
قلت: كلا، وليس في "صحيح مسلم" حديث بتلك الترجمة قط، وقال يعقوب بن شيبة:"حديث إسناده وسط ليس بالثبت ولا الساقط، هو صالح".
ثم قال: "قال على بن المدينى: وعاصم بن كليب صالح ليس مما يسقط ولا مما يحتج به، وهو وسط".
قلتُ: وعاصم قد وثقه جماعة، واحتجوا به كلهم سوى البخارى وحده. وأبوه كليب بن شهاب: صدوق متماسك؛ فالإسناد: جيد ثابت. ولعاصم فيه إسناد آخر: يرويه عن أبيه عن الفلتان بن عاصم به نحوه. وهو إسناد ثابت أيضًا.
وقد رواه بعضهم عن عاصم فقال: عن أبيه عن أبى هريرة، وليس بشئ، وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار". واللَّه المستعان.
166 -
حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا أبى، حدّثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر: أنه وجد فرسًا قد كان حمل عليها في سبيل الله فأراد أن يشتريها، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عنها.
167 -
حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا أبى، حدّثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: قلت: يا رسول الله، أليس قد قلت لى:"إِنَّ خَيْرًا لَكَ أَنْ لا تَسْأَلَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَيْئًا"، قال:"إِنَّمَا ذَاكَ أَنْ تَسْألَ، وَمَا آتَاكَ الله مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزقٌ رَزَقَكَهُ اللَّهُ".
166 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 37]، وابن ماجه [2390]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 371]، من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به. وسنده قوئ وهشام بن سعد: هو المدنى أبو عباد، ضعفه جمهور النقاد ومشاه بعضهم. لكن يقول عنه أبو داود:"هو أثبت الناس في زيد بن أسلم". ولم ينفرد به عن زيد، بل تابعه عليه: مالك عنده في الموطأ [623]، ومن طريقه البخارى [1419]، ومسلم [1620]، والنسائى [2615]، وأحمد [1/ 40]، وابن حبان [5125]، والبزار [266]، والبيهقي في سننه [7420]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 79]، والحميدى [15]. وكذا تابعه ابن عيينة: عند أحمد [25/ 1]، والبيهقي في سننه [7421]. وقد رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، ونافع عن ابن عمر.
167 -
صحيح: أخرجه ابن أبى شيبة [رقم/ 21975]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 85]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 24/ المنتخب]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على الزهد"[24]، والبيهقي في الشعب [3/ 3546]، والضياء في "المختارة"[1/ 181 - 182]، وجماعة، من طرق عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به نحوه.
قلتُ: وسنده قوى. وهشام بن سعد مضى أنه كان أثبت الناس في زيد بن أسلم كما قال أبو داود. ولم ينفرد به عن زيد بن أسلم، بل تابعه عليه: جامع بن أبى راشد عند الحاكم [3/ 324]، وعنه البيهقي في سننه [11822]، وأبى نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 274/ الطبعة العلمية]، لكن الطريق إلى جامع لا يثبت. وقد خولف هشام في إسناده، خالفه محمد بن يحيى بن قيس أبو زكير البصرى؛ فرواه عن زيد بن أسلم عن أبيه به نحوه مرسلًا. هكذا أخرجه البخارى في "تاريخه"[8/ 304]، من طريق محمد بن المثنى نا يحيى بن محمد به.
168 -
حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليبٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، عن عمر، قال: لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اطلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَتْرًا".
169 -
حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليبٍ، عن
= قلتُ: وأبو زكير كثير الخطأ في حديثه، وقد ضعفه جماعة، وقد كان مسلم ينتقى من حديثه ما تابعه الثقات عليه. ثم جاء مالك بن أنس - الحافظ الجبل - ورواه عن زيد بن أسلم فقال: عن عطاء بن يسار به نحوه مرسلًا. هكذا أخرجه في الموطأ [رقم/ 1814/ رواية يجى الليثى]، و [2/ رقم/ 2109/ رواية أبى مصعب الزهرى]، ومن طريقه البخارى في "تاريخه"[8/ 304].
وقد توبع مالك على هذا اللون عن زيد: تابعه معمر عند عبد الرزاق [رقم/ 20044]. قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد"[5/ 183]، بعد أن ذكر طريق مالك:"وهو حديث يتصل من وجوهٍ ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر". ثم ساقه من طريق هشام بن سعد عن زيد به. وقال أيضًا في "الاستذكار"[8/ 606]: "رُوى حديث عمر هذا مسندًا من وجوه صحاح، منها: حديث ابن شهاب عن سالم عن أبيه. ومنها حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر".
قلتُ: وهذا تصريح منه بصحة رواية هشام بن سعد الموصولة. وهذا هو الراجح عندى، ولا مانع أن يكون الحديث عند زيد بن أسلم على الوجهين جميعًا. وحديث ابن شهاب الذي أشار إليه ابن عبد البر: أخرجه البخارى [رقم/ 1404]، ومسلم [رقم/ 1045]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن سالم عن أبى عن عمر قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطينى العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه منى. فقال: خذه. إذا جاءك من هذا المال شئ وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك". هذا لفظ البخارى. وقد اختلف في إسناده على ابن شهاب الزهرى. وللحديث طرق أخرى عن عمر.
168 -
صحيح: مضى آنفًا [رقم/ 165].
169 -
جيد: أخرجه ابن أبى شيبة [29098]، ومن طريقه المؤلف، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[9/ 555/ طبعة العاصمة]، ويعقوب بن شيبة في مسند عمر بن الخطاب [رقم 39]، و [40]، والضياء في "المختارة"[1/ 389 - 390]، وغيرهم من طريق عبد اللّه =
أبيه، قال: لقيت عمر، وهو بالموسم، فناديته من وراء الفسطاط ألا إنى فلان بن فلان الجرمى، وإن ابن أختٍ لنا، له أخٌ عانٍ في بنى فلانٍ، وقد عرضنا عليه فريضة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى، قال: فرفع عمر جانب الفسطاط، فقال: أتعرف صاحبك؟ قلتُ: نعم، هو ذاك، قال: انطلقا به حتى ينفذ لكما قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكنا نتحدث أن القضية أربعٌ من الإبل.
170 -
حدّثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا خالد بن أبى بكر بن عبيد الله العمرى، قال: حدثنى سالمٌ، عن أبيه، أن سعد بن أبى وقاصٍ سأل عمر عن المسح، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان.
=ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه به نحوه. قال يعقوب بن شيبة: "ولم يرو هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ولا يحفظ عن كليب أبى عاصم أنه سمع من عمر - رضى الله عنه - شيئًا إلا هذا الحديث؛ إذا كان ثبت".
وقال ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 468/ طبعة دار الوفاء]: "هذا إسناد جيد. وقال على بن المدينى: إسناد صحيح". وقال الحافظ في "المطالب": "هذا حديث حسن". وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[5/ 173]: "هذا حديث حسن". وقال الهيثمى في "المجمع"[6/ 467]: "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".
قلتُ: وسنده جيد كما قال ابن كثير. وقد اختلف في سنده على ابن إدريس على لون غير محفوظ، ذكره عنه يعقوب بن شيبة في "مسند عمر".
وكليب: هو ابن شهاب بن المجنون مختلف فيه. والتحقيق كونه صدوقًا صالح الحديث ما لم يخالف، وعاصم ولده وثقه غير واحد.
170 -
صحيح لغيره: أخرجه ابن أبى شيبة في "المصنف"[رقم/ 1872]، وفى "مسنده".كما في "نصب الراية"[1/ 156]، ومن طريقه الشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 57/ طبعة مكتبة العلوم والحكم]، والبيهقي في "سننه"[رقم/ 1296]، من طريق زيد بن الحباب عن خالد بن أبى بكر بن عبيد الله بن عمر العمرى عن سالم عن أبيه به. قال البيهقي:"خالد بن أبى بكر ليس بالقوى". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=قلتُ: هذا إسناد ضعيف، وحديث منكر من رواية عمر، وآفته: خالد بن أبى بكرٍ هذا، ما وثقه أحد سوى ابن حبان وحده، ومع ذلك قال:"كان يخطئ"، وأشار أبو حاتم الرازى إلى تليينه بقوله:"يكتب حديثه".
ونقل الترمذى في سننه [4/ 684]، عقب الحديث [رقم/ 2548]، عن البخارى أنه قال:"لخالد بن أبى بكر مناكير عن سالم بن عبد اللّه".
قلتُ: وهذا الحديث منها؛ فقد رواه جماعة عن عمر ولم يذكروا فيه "المسح على ظهر الخفين" ولا ذكروا فيه: "التوقيت" الآتى في الحديث القادم، وقد أتى بهما خالد وحده، كما قاله الدارقطنى وغيره على ما يأتى. وقد خولف خالد هذا في متنه؛ خالفه أبو سلمة بن عبد الرحمن - الإمام الحجة - فرواه عن أبى سلمة عن ابن عمر رضى الله عنه أنه قال:"رأيت سعد بن أبى وقاص يمسح على خفيه بالعراق حين يتوضأ، فأنكرت ذلك عليه، قال: فلما اجتمعنا عند عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قال لى: سل أباك عما أنكرت عليَّ من مسح الخفين، قال: فذكرت ذلك له فقال: إذا حدثك سعد بشئ فلا ترد عليه؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين". أخرجه أحمد [1/ 14]، من طريق قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبى النضر سالم بن أبى أمية عن أبى سلمة عن ابن عمر به. قال ابن كثير في "مسند الفاروق" [1/ 118]:"هذا الحديث جيد الإسناد محفوظ من حديث أبى النضر سالم مولى أبى أمية المدينى أحد الأئمة الثقات، فقد رواه عبد الله بن أحمد عن [أبيه عن] هارون بن معروف عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبى النضر به".
قلتُ: ومتابعة عمرو بن الحارث - وهو المصرى الحجة - لابن لهيعة: قد أخرجها أحمد أيضًا [1/ 15]، ثنا هارون بن معروف، قال ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث به. وهذا إسناد صحيح مستقيم. وهو من طريق ابن وهب، عند البخارى [رقم/ 199] أيضًا. وللحديث: طرق أخرى عن عمر في المسح على الخفين دون لفظه هنا.
ويشهد للشطر الأول من سياق المؤلف: شاهد ثابت يرويه عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة بن شعبة - رضى الله عنه - قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على ظهر الخفين". أخرجه ابن الجارود [رقم/ 85]- واللفظ له - وأبو داود [رقم/ 161]، وجماعة من طريق ابن أبى الزناد به. ولفظ أبى داود:"كان يمسح على الخفين". =
171 -
حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا زيدٌ، عن خالد بن أبى بكرٍ، حدّثنا سالمٌ، عن ابن عمر، عن عمر، قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على الخُفَّينِ، للمسافر ثلاثةُ أيامٍ ولياليهنَّ، وللمقيمِ يومٌ وليلةٌ".
= قلتُ: وسنده قوى، كما بيناه في "غرس الأشجار".
ويشهد لشطره الثاني: حديث سفيان بن عيينة قال: ثنا زكريا بن أبى زائدة وحصين بن عبد الرحمن السلمى ويونس بن أبى إسحاق عن الشعبى عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال: "قلتُ: يا رسول الله، أيمسح أحدنا على الخفين؟ قال: نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان". أخرجه الحميدى [رقم/ 758]، ومن طريقه الدارقطنى في "سننه"[1/ 197]، قال: قال ثنا سفيان به.
قلتُ: وسنده صحيح حجة، وأصله في "الصحيحين" من طريق عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة به. وفى الباب: عن جماعة كثيرة من الصحابة.
171 -
صحيح لغيره: أخرجه البزار [128]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 195]، وفى "العلل"[2/ 22]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[1/ 208]، والبيهمى في "سننه"[1296]، والجوزقانى في "الأباطيل"[ص/ 384]، والضياء في "المختارة"[1/ 300]، وغيرهم من طريق خالد بن أبى بكر عن سالم عن أبيه عن عمر به. بهذا اللفظ. قال الجوزقانى:"هذا حديث مشهور". وقال الشمس بن عبد الهادى في" تنقيح التحقيق"[1/ 329]: "إسناد حديث عمر: صالحٌ".
قلتُ: من أين أتاه الصلاح يا أبا عبد الله؟، وأراك ستنقل بنفسك عن البخارى قوله في حق خالد:"له مناكير عن سالم بن عبد الله"، وحديثه هنا من جملة تلك المناكير. فقال البزار عقب روايته: "وهذا الحديث لم يرو عن عمر في التوقيت إلا من هذا الوجه، وقد رواه عن عمر جماعة فلم يذكروا فيه توقيتًا. وخالد بن أبى بكر لين الحديث
…
".
قلتُ: وحديث عمر في المسح على الخفين ثابت من غير وجهٍ دون ما جاء به خالد هنا. وقد وقع في حديث عمر - من غير طريق خالد - اختلاف طويل ذكره الإمام الدارقطنى في "العلل"[2/ 8، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25]، وأطنب في بيانه، ثم قال في غضونه [2/ 22]- ونقله عنه الزيلعى في "نصب الراية" [1/ 151]-: "ورواه خالد بن أبى بكر بن عبيد الله بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب عن سالم عن أبيه عن عمر، وأغرب فيه بألفاظ لم يأت بها غيره، ذكر فيه =
172 -
حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن الأعمش، عن أبى صالحٍ، عن ابن عمر، قال: دخل عمر على حفصة وهى تبكى، فقال لها: ما يبكيك؟ لعل رسول الله - صلى الله عليه وسل - طلقك؟ إنه قد كان طلقك مرةً، ثم راجعك من أجلى، واللَّه لئن كان طلقك مرةً أخرى لا أكلمك أبدًا.
= المسح وقال فيه: "على ظهر الخف" وذكر في التوقيت "ثلاثًا للمسافر ويومًا وليلة للمقيم" وخالد بن أبى بكر العمرى هذا ليس بقوى
…
".
ورأيت ابن كثير قد نقل في "مسند الفاروق"[1/ 119 - 120] عن ابن المدينى أنه قال: "لم يرفع هذا الحديث إلا شيخ ضعيف يقال له: خالد بن أبى بكر بن عبيد الله، فقد رواه سالم ونافع وعبد الله بن دينار وأبو سلمة فلم يرفعوه". ثم قال ابن كثير: "قلتُ: إنما ينكر من هذا الحديث: ذِكْرُ التوقيت فيه، وإلا فأصله محفوظ".
قلتُ: وهو كما قال. فللحديث: شواهد ثابتة بنحو سياق المؤلف هنا. ومن تلك الشواهد: حديث شريح بن هانئ قال: "سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت:: ائت عليًا فسله، فإنه كان أعلم بذلك منى، فأتيت عليًا فسألته عن المسح فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يومًا وليلة والمسافر ثلاثًا". أخرجه مسلم وجماعة كثيرة، وسيأتى تخريجه عند المؤلف [برقم/ 264]. واللَّه المستعان.
172 -
ضعيف: بهذا السياق: أخرجه ابن حبان [4276]، والطبراني في "الكبير"[32/ رقم 305]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[5/ رقم 3051]، وأبو نعيم في "الحلية"[2/ 51]، وابن الأثير في أسد الغابة [1/ 1331]، - من طريق المؤلف - والبزار [ص 156]، كما في "الصحيحة"[رقم/ 2007]، كلهم من طرق عن يونس بن بكير عن الأعمش عن أبى صالح السمان عن ابن عمر به نحوه. قال الهيثمى في "المجمع" [4/ 614]:"رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبى يعلى رجال الصحيح كذلك رجال البزار". قال ابن كثير في "تفسيره"[3/ 662]: "ورجاله على شرط الصحيحين". وقال في "مسند الفاروق"[1/ 421]: "هذا إسناد صحيح على شرطهما ولم يخرجوه". وقال الإمام في "الإرواء"[7/ 158]: "أخرجه ابن حبان (1325) بإسناد صحيح".
قلتُ: بل ليس بصحيح فضلًا عن أن يكون على شرط أحدهما، وظاهر الإسناد: أنه على رسم الحسن وحسب. =
173 -
حدّثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا يحيى بن زكريا بن أبى زائدة، عن صالح بن أبى صالحٍ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، عن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طلق حفصة ثم راجعها.
174 -
حدّثنا عبد الرحمن بن صالحٍ، وغيره بإسناده نحوه.
= فكيف وهو معلول لا يثبت من هذا الوجه أصلًا؛ ويونس بن بكير: صدوق صاحب أوهام. وهو حسن الحديث ما لم يخالف - وقد خولف فيه كما يأتى. وقد تابعه عمرو بن عبد الغفار: عند البزر [ص 156]، كما في "الصحيحة"[رقم 2007]. وهذه متابعة هابطة، وعمرو قد اتهم بوضع الحديث، نسأل اللّه السلامة. راجع ترجمته المظلمة من اللسان [4/ 369]، وماذا يجديه ذكْرُ ابن حبان له في الثقات [8/ 478]؟، وهو المكشوف الأمر. وقد خولف هو ويونس بن بكير في سنده. خالفهما أبو نعيم الملائى - الثقة الثبت الحافظ - فرواه عن الأعمش عن أبى صالح به مرسلًا
…
، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[2/ 74]، ثم قال:"حديث أبى نعيم أثبت".
قلتُ: وهو كما قال. لكن للحديث - قصة التطليق منه -: طرق أخرى عن عمر:
ومنها: الحديث الآتى. وراجع الصحيحة [رقم/ 2007]، و"الإرواء"[7/ 157 - 160].
والحديث هنا: ضعيف بهذا السياق جميًعا.
173 -
صحيح: أخرجه أبو داود [2283]، والنسائى [3560]، وابن ماجه [2016]، والدارمى [2264]، ابن حبان [4275]، والحاكم [2/ 215]، والطبراني في "الكبير"[32/ رقم 304]، والبزار [189]، والبيهقي [14669]، وعبد بن حميد في المنتخب [34]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[5/ رقم 3050]، وتمام في الفوائد [2/ رقم 1048]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 84]، وغيرهم من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبى زائدة عن صالح بن صالح بن حى عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر به. وسنده صحيح مستقيم. وقد صححه جماعة من المتقدمين والمتأخرين. وله طرق أخرى عن عمر. وله شاهد من حديث أنس بن مالك: يأتى عند المؤلف [برقم/ 3815].
• تنبيه: وقع في إسناد المؤلف من الطبعتين: "عن صالح بن أبى صالح"، وهذا خطأ، وصوابه:"عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ" وهو ابن حى الثقة الثبت.
174 -
صحيح: انظر قبله.
175 -
حدّثناه محمد بن بكارٍ، حدّثنا بشير بن ميمون، عن عبد الله بن يوسف، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر أهل مقبرةٍ يومًا، قال: فصلى عليها فأكثر الصلاة عليها، قال: فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال:"أَهْلُ مَقْبَرَةِ شُهَدَاءِ عَسْقَلانَ، يُزَفُّونَ إِلَى الجْنَّةِ كمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ إِلَى زَوجِهَا".
175 - منكر: أخرجه أبو العباس السراج في "فوائده" كما في "تنزيه الشريعة المرفوعة"[2/ 55]، ومن طريقه أبو إسحاق المزكى في "المزكيات"[ص/ 258/ رقم/ 159/ انتقاء الدارقطنى/ طبعة دار البشائر الإسلامية]، ومن طريقه الخطيب في "المتفق والمفترق"[2/ 125]، وابن الجوزى في الموضوعات [2/ 52]، وغيرهم من طريق بشير بن ميمون عن عبد الله بن يوسف عن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن عمر بن الخطاب به نحوه.
قال الدارقطنى كما نقله عنه الخطيب: "هذا حديث غريب من مسند عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لا أعلم رواه بهذا الإسناد عن ابن عمر عن عمر غير بشير بن ميمون". وقال ابن الجوزى: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". ثم أعله بـ: "بشير بن ميمون". وقال ابن كثير في "مسند الفاروق": "هذا حديث منكر جدًّا، بل قد ذكره الشيخ أبو الفرج بن الجوزى في "الموضوعات" واتهم به بشير بن ميمون هذا". وقال الهيثمى في "المجمع"[10/ 43]: "رواه أبو يَعْلَى وفيه بشير بن ميمون وهو متروك"، وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [7/ 356]:"رواه أبو يَعْلَى بسند ضعيف؛ لضعف بشير بن ميمون الخراسانى".
قلتُ: بل إسناده ساقط باطل، وبشير بن ميمون: هو الخراسانى الهالك؛ قال البخارى: "يتهم بالوضع" وقال ابن معين: "اجتمع الناس على طرح حديثه" وقال أبو حاتم: "عامة روايته مناكير". وأسقطه جماعة فسقط، قال الحافظ في التقريب:"متروك متهم" ثم تساهل وذكره في القول المسدد [ص 72]، قائلًا:"وهو ضعيف".
وللحديث: شواهد ذكرها الحافظ في القول المسدد [ص/ 27]، وتساهل جدًّا في نقدها، وقد تعاقبه: خاتمة المجتهدين شيخ الإسلام الشوكانى في الفوائد المجموعة [ص 429]، وأجاد جدًّا. وسيأتى له شاهد عند المؤلف [برقم/ 913]، وهو منكر أيضًا، ورأيتُ الحافظ ابن كثير قد قال في "مسند الفاروق" [2/ 704]: =
176 -
حدّثنا محمد بن عبد الله بن نميرٍ، حدّثنا أبى عبد الله بن نميرٍ، حدّثنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، أن رجلًا كان يلقب حمارًا، وكان يُهْدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم العُكَّة من السمن والعُكَّة من العسل، فإذا جاء صاحبها يتقاضاه جاء به إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: يا رسول الله، أعط هذا ثمن متاعه، فما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يبتسم ويأمر به فَيُعْطَى، فجئ به يومًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شَربَ الخمر، فقال رجلٌ: اللَّهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَلْعَنُوهُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ".
= "وقد ورد في فضل عسقلان أحاديث أخر لا يقوم منها شيء نعتمد عليه، وإنما تداعت رغبات الواضعين فيها؛ لأنها كانت ثغرًا في بعض الأزمان، فوضعوا عليها ترغيبًا للمجاهدين".
وعبد الله بن يوسف في سنده: هو صاحب نافع، هكذا عرَّفه المزى في ترجمة بشير بن ميمون من "التهذيب"[4/ 179]، ولم أهتد إلى ترجمة له.
176 -
صحيح: أخرجه البزار [رقم/ 269]، وأبو القاسم البغوى في "معجم الصحابة"[4/ 245 - 246/ طبعة مكتبة دار البياني، وأبو نعيم في "الحلية" [1/ 393]، والضياء في "المختارة"[1/ 184]، وابن الأثير في أسد الغابة [1/ 281]، من طريقين عن هشام بن سعد المدنى عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به نحوه. وهو عند البزار باختصار يسير.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن هشام بن سعد إلا عبد الله بن نمير [قلتُ: قد تابعه على بن ثابت الجزرى عند البغوى] وقد رواه الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أيضًا". وقال أبو نعيم: "صحيح ثابت أخرجه البخارى في صحيحه عن يحيى بن بكير عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن زيد بن أسلم".
قلتُ: لكن رواية ابن أبى هلال عن زيد مختصرة كما سيأتي. وقال الهيثمى في "المجمع"[4/ 264]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح"، وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [3/ 398]:"هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ".
قلتُ: وهو كما قال الشهاب البوصيرى، وهشام بن سعد: وإن كان جماعة تكلموا فيه؛ غير أنه كان أثبت الناس في زيد بن أسلم، كما قاله أبو داود. وقد أخرج ابن أبى الدنيا: هذا الحديث في "الأولياء"[رقم/ 73] من طريق هشام بن سعد، لكن وقعت صورته عنده صورة المعضل،=
177 -
حدَثنا عبد الله بن عامر بن برادٍ، حدّثنا محمد بن بشر، حدّثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، فذكر نحوه.
178 -
حدّثنا عثمان بن أبى شيبة، حدّثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق
= فإنه قال: "نا الحُسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ذَكَرَ عَلى بْنُ ثَابت، عَنْ هشَامِ بْن سَعْد، قَالَ: إِن عَبْدَ الله بْنَ حمَارٍ، كَان في زَمَنِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَشْتَرى الْعْكَّةَ مِنَ السَّمْنِ" وَساق الحديث. وهذا صورته صورة الحديث المعضل كما ذَكرنَا، لكن الحَقيقة: أنه صحيح موصول من هذا الوجه أيضًا، فقد رواه أبو القاسم البغوى في "معجم الصحابة" [4/ 245] فقال:"حدثنا الحسن بن عرفة نا على ابن ثابت عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: رأيت ابن عمر أتى برجل يقال له: عبد الله حمار وبصاحب له قد شرب الخمر فأمر بهما عمر الزبير بن العوام وعثمان بن عفان فجعلا يضربانهما وجعلا يقولان: عذبتمونا عذبكما الله". ثم قال البغوى عقب هذا: "قال على بن ثابت: قال هشام بن سعد: فحدثنى عن ذلك الذي كان يقال له -: عبد اللَّه حمار. قال: إن هذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يشترى العكة من العسل أو الشئ من السوق، فيأتى به النبي صلى الله عليه وسلم " وساق الحديث.
قلت: فقول هشام: "فحدثنى"، يعنى به: زيد بن أسلم بالإسناد السالف. وقد توبع عليه هشام بن سعد باختصار في سياقه: تابعه سعيد بن أبى هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب: "أن رجلًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتى به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللَّهم العنه، ما أكثر ما يُؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه، فواللَّه ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله". أخرجه البخاري [رقم/ 6398]، والبيهقي [رقم / 17273]، وجماعة، من طريق الليث حدثنى خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال به.
177 -
صحيح: انظر قبله.
178 -
صحيح: أخرجه البخاري [2336]، ومسلم [1479]، والترمذي [3318]، والنسائي [2132]، وأحمد [1/ 33]، وابن حبان [4187]، والبزار [206]، والبيهقي [13046]، والطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3227]، وعبد الرزاق في "الأمالى"[رقم 69]، وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أبى ثور عن ابن عباس به نحوه مطولًا. قال الترمذى:"هذا حديث حسن صحيح". =
عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبى ثور، عن ابن عباس قال: قلت لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "عائشة وحفصة".
179 -
حدّثنا القواريرى، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ المْيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ مَا نِيحَ عَلَيْهِ، أَوْ مَا بُكِىَ عَلَيْهِ".
180 -
حدّثنا القواريرى، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا حيوة بن شريحٍ، حدّثنا أبو عقيلٍ، عن ابن عمٍ له، عن عقبة بن عامرٍ، أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: قال
= قلتُ: وهكذا رواه الحفاظ من أصحاب الزهري: منهم معمر وصالح بن كيسان ويونس بن يزيد ومحمد بن إسحاق وعقيل بن خالد وشعيب بن أبى حمزة وغيرهم كلهم رووه عنه، فقالوا: عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أبى ثور به. وخالفهم جميعًا: مرزوق بن أبى الهذيل فرواه عن الزهري فقال: عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن عبد اللّه بن مسعود. هكذا ذكره الدارقطني في "العلل"[2/ 83]، ثم قال: "ووهم في نسبه، وإنما هو عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أبى ثور، كذلك رواه الحفاظ عن الزهري
…
".
قلتُ: ومرزوق مشاه جماعة، لكن يقول ابن حبان عنه في "المجروحين" [3/ 38]: "يروي عن الزهري، روى عنه الوليد بن مسلم، ينفرد عن الزهري بالمناكير التى لا أصول لها من حديث الزهري، كان الغالب عليه سوء الحفظ؛ فكثر وهمه
…
".
قلت: وقد وجدته يكثر من المخالفة لثقات أصحاب الزهري في أحاديث عديدة. فانظر "ضعفاء العقيلى"[4/ 209]، وعلل الدارقطني [1/ 165]، و"الإصابة"[6/ 322]، ترجمة "مالك بن كعب" وغير ذلك.
179 -
صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم/ 157].
180 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 19]، والدارمي [716]، وابن أبى شيبة [24]، و [29896]، وأبو داود [170]- وعنده مختصر - والبزار [246]، والدولابى في "الكنى"[4/ رقم 940]، وجماعة، من طريق حيوة بن شريح وسعيد بن أبى أيوب كلاهما، عن أبى عقيل زهرة بن معبد، عن ابن عم له، عن عقبة بن عامر به نحوه. وهو عند جماعة في سياق أتم. =
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تأتى:"مَنْ توَضَّأ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاء، فَقَال: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ مِنَ الجْنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ".
= قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن عم أبى عقيل، فمن يكون؟، ثم وجدت أبا محمد الفاكهى قد أخرجه في "حديثه"[رقم/ 228/ طبعة مكتبة الرشد]، فقال: "حدثنا المقرئ نا حيوة أخبرنى أبو عقيل عن ابن عمر عن عقبة بن عامر به
…
".
قلتُ: هكذا سمى ابن عمه "ابن عمر" وهذا غريب جدًّا بل هو تصحيف - عندى - من "ابن عم" فظنه الناسخ "ابن عمر" ولا بد من هذا. فقد رواه الجميع من طريق المقرئ عن حيوة بن شريح فقالوا كلهم: "عن ابن عم له
…
" وهو المحفوظ، ويبعد أن يكون الفاكهى قد وهم فيه وللَّه الأمر.
• وللحديث: طرق أخرى عن عقبة بن عامر:
منها: طريق معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى - وقرن معه "أبو عثمان" عند مسلم - عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال: "كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتى، فروحتها بعشى، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدث الناس، فأدركت من قوله: ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلى ركعتين مقبلًا عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة. قال: فقلت: ما أجود هذه. فإذا قائل بين يدى يقول: التى قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر، قال: إنى قد رأيتك جئت آنفا، قال: ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" .. أخرجه مسلم [234]- واللفظ له - وأبو داود [169]، والنسائي [148]، وأحمد [4/ 153]، وابن خزيمة [222]، وابن حبان [1050]، وابن أبى شيبة [12]، وجماعة كثيرة، من طريق معاوية بن صالح به. وهذا الطريق هو أحسن طرقه كما قاله الدارقطني.
لكن أعله الترمذي بالاضطراب، فقال في "سننه"[1/ 78]،:"وهذا حديث في إسناده اضطراب".
قلت: نعم قد اختلف في هذا الحديث عمومًا كما شرحه الدارقطني في "علله"[2/ 111]. أما هذا الطريق الماضى بخصوصه، فقد اختلف في سنده أيضًا كما ذكر بعضه الترمذي، لكن=
181 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثنى يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: حدثنى عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمارٍ، عن عبد الله بن بابَيْه، عن يعلى بن أمية، قال: قلت لعمر: فيم اقتصار الناس الصلاة اليوم؟ وإنما قال: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101]، فقد ذهب ذاك اليوم، قال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ".
182 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا يحيى، عن ابن جريج، حدثنى سليمان بن عتيق، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى بن أمية قال: طفت مع عمر بن الخطاب، فلما كان عند الركن الثالث مما يلى الحجر أو الحجرات التى تلى الباب أخذت بيده لأستلم فقال: أما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى قال: فهل رأيته مستلمه؟ قلت: لا قال: فانْفُذْ عنك فإن لك في رسولِ اللَّهِ أسوةً حسنةً.
= الطريق الماضى محفوظ على هذا الوجه عن معاوية بن صالح بإسناده به. ولقول الترمذي: حظٌ من النظر ذكرناه في "غرس الأشجار".
1 -
صحيح: أخرجه مسلم [686]، وأبو داود [1199]، والترمذي [3534]، والنسائي [1433]، وابن ماجه [1065]، وأحمد [1/ 25]، وابن خزيمة [945]، وابن حبان [2741]، والشافعي [88]، وعبد الرزاق [4275]، وابن أبى شيبة [8159]، والبيهقي [5161]، وابن الجارود [146]، وجماعة من طرق عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار عن عبد اللّه بن بابيه عن يعلى بن أمية عن عمر به نحوه.
قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم. وابن جريج قد صرح عند جماعة بالسماع. وابن بابيه أو باباه: ثقة مشهور.
182 -
قوى: أخرجه أحمد [1/ 37]، من طريق يحيى القطان عن ابن جريج حدثنى سليمان بن عتيق عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية به.
قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكن اختلف فيه على ابن جريج؛ فرواه عنه يحيى القطان على الوجه الماضى، وخالفه جماعة منهم:
1 -
عبد الرزاق: وهو في "مصنفه"[8945]، وعنه أحمد [4/ 222].
2 -
وروح بن عبادة: عند أحمد [4/ 222]، أيضًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3 - ومحمد بن بكر البرسانى: عند أحمد أيضًا [1/ 70].
4 -
وأبو عاصم النبيل: عند يعقوب الفسوى في "المعرفة"[1/ 226]، ومن طريقه البيهقي في سننه [9024]، كلهم رووه عن ابن جريج فقالوا: عن عبد الله بن بابيه عن بعض بنى يعلى عن يعلى بن أمية به
…
وزادوا فيه "بعض ولد أو بنى يعلى". قال ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 315 - 316]: "هذا إسناد جيد أيضا، وليس هو في شى من الكتب الستة، وجهالة ابن يعلى بن أمية لا تضر؛ لأنهم كلهم ثقات".
كذا قال، وفيه نظر لا يخفى، وقد أعله ابن عبد الهادى من هذا الوجه في "التنقيح" كما في نصب الراية [3/ 39]، فقال:"وفى صحة هذا الحديث نظر". يعنى: لجهالة "بعض ولد أو بنى يعلى". لو كان ابن جريج عنعن في الطريق الأول - من رواية يحيى القطان عنه - لقلنا بأنه دلَّس "بعض بنى يعلى" هناك ثم كشف عنه هنا، لكنه صرح بالسماع في الوجهين. ثم ظهر لنا: أننا غفلنا عن كون ابن جريج لم يصفه أحد بتدليس التسوية أصلًا، فلا يصح ما قلناه آنفًا على الاحتمال. نعم: يحيى القطان حافظ جبل، ومثله لا يُوَهَّم بمجرد مطلق المخالفة، بل الظاهر: أن الحديث محفوظ على الوجهين معًا، ويكون ابن بابيه كان قد سمعه من بعض بنى يعلى عن يعلى، ثم قابل يعلى فحدثه به.
• تنبيه: من "الطرائف" قول حسين أسد في تعليقه على هذا الحديث بعد تخريجه: " .... غير أن ما أخرجه البخاري في "الحج" [1605]، باب: الرمل في الحج والعمرة عن عمر - رضى الله عنه - قال للركن: "أما واللّه إنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع؛ ولولا أنى رأيتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك
…
". ثم قال أسد: "يدل - يعنى الحديث الماضى من قول عمر - على خلاف ما رُوى هنا".
قلتُ: وهذه غفلة مكشوفة تولَّدت من ظنه المتوهم لقول عمر لما سأله يعلى عن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد استلم الركن أم لا؟، فأجابه عمر: "لا
…
فإن لك في رسول اللّه أسوة حسنة"، ثم صح عن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه، فظن حسين أسد أن الأول يتعارض مع الأخير؛ إذ كيف يجزم عمر في حديث يعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ما استلم الركن، ثم يعود ويجزم بكونه قد رآه يستلمه؟! فهذا مشكل عنده. ولو أنه تدبَّر الحديثين عن عمر؛ لعلم أنه لا تعارض بينهما أصلًا، ومراد عمر من حديث يعلى: أنه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الركنين الغربيين مما يلى الحجر الأسود. وقد وقع ذلك مصرحًا في رواية أحمد والبيهقي وجماعة. =
183 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا غندرٌ محمد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حربٍ، قال: سمعت النعمان بن بشيرٍ يخطب، قال: ذكر عمر بن الخطاب ما أصاب الناس من الدنيا، فقال:"لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليومَ يَلْتَوى ما يَجِدُ دَقَلًا يَمْلأُ به بَطْنَهُ".
= بل وفى رواية المؤلف الماثلة أمامه، وهى قوله: "فلما كان عند الركن الثالث مما يلى الحجر
…
" وهذا الركن يسمى بالركن الغربى. وهما أربعة أركان: ركنان غربيَّان، وركنان يمانيان. فنفى عمر - رضى الله عنه - أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد استلم الركنين الغربيين أو أحدهما. هذا في حديث يعلى.
أما في رواية البخاري: فالركن الذي جزم عمر بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه: هو الحجر الأسود، الذي مكانه في أحد الركنيين اليمانيين، وهو ظاهر من قوله:"أما واللّه إنى لأعلم أنك حجر" فانتبه، أيها المسترشد. ولهذا: لا يستحب استلام الركنين الغربيين من البيت أصلًا. أما الركنان اليمانيان: فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استلمهما وقبَّل أحدهما. راجع: "مناسك الحج والعمرة"[ص 12]، للإمام الألبانى، و"نصب الراية"[3/ 39]، و"فتح البارى"[3/ 473]، والله المستعان.
183 -
قوى: أخرجه مسلم [2978]، وابن ماجه [4146]، وأحمد [1/ 24]، وابن حبان [6340]، والحاكم [4/ 360]، والطيالسي [57]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 22 المنتخب]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 405]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 603]، والبزار [241]، وحماد بن إسحاق في "تركة النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 26]، وابن أبى الدنيا، في الجوع [رقم 9]، وجماعة من طرق عن شعبة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير عن عمر به نحوه.
قلتُ: وهذا إسناد قوى. وسماك: وإن كان قد تغير بآخرة حتى صار يتلقَّن إلا أن سماع شعبة إنما كان منه قديمًا كما جزم به يعقوب الفسوى. وقرن معه الثورى، لكن قد خولف شعبة في إسناده، خالفه جماعة منهم:
1 -
أبو الأحوص: عند مسلم [2977]، والترمذي [2372]، وابن حبان [6340]، وابن أبى شيبة [34322]، وهناد في "الزهد"[2/ رقم 627]، والمعافى في "الزهد"[رقم 233]، وغيرهم. =
184 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا هشام بن أبى عبد الله، حدّثنا قتادة، عن سالم بن أبى الجعد، عن معدان بن أبى طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعةٍ، فذكر نبى الله، وذكر أبا بكرٍ، فقال: إنى رأيت كأن ديكًا نقرنى نقرةً أو نقرتين، وإنى لا أراه إلا لحضور أجلى، وإن أقوامًا يأمروننى أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينه، ولا خلافته، ولا الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم، وإنى قد علمت أن أقوامًا سيطعنون في هذا الأمر أنا ضربتهم بيدى هذه على الإسلام، فإن فعلوا فأولئك أعداء الله
= 2 - وأبو عوانة: عند ابن حبان [6341]، والحاكم [4/ 360]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 124]، وأبى الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 806].
3 -
وزهير بن معاوية: عند مسلم [2977]، وأحمد [4/ 268]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 406]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 1234]، والمعافى بن عمران في "الزهد"[رقم 234]، وغيرهم.
4 -
وإسرائيل: عند مسلم [2977]، وأحمد [4/ 268]، وابن سعد في "الطبقات" [1/ 406]. كلهم رووه عن سماك فقالوا: عن النعمان به
…
وأسقطوا منه "عمر"، وجعلوه من "مسند النعمان". قال الإمام في "الصحيحة"[رقم/ 2106]، بعد أن أورد طريق شعبة:"وهو شاذ عندى والصواب أنه من "مسند النعمان" كما رواه الجماعة
…
". وعاكسه الحافظ البزار، فقال بعد أن أشار إلى الاختلاف فيه: "وشعبة أحفظ من غيره ممن رواه عن سماك".
قلتُ: إن تعسر الجمع بين الوجهين، فالقول قول شعبة بلا تردد، وهو أوثق الناس في سماك بن حرب، وكان سماعه منه قديمًا قبل اختلاط سماك وتغيره. نصَّ على ذلك يعقوب بن سفيان الحافظ، وقرن مع شعبة: سفيان الثورى فقط. أما الباقون: فلم يُذْكر عن أحد أنه سمع من سماك قديمًا. بل ثبت أن بعضهم سمع منه بآخرة، مثل: إسرائيل وأبى الأحوص. فالصواب ما قاله شعبة.
184 -
صحيح: أخرجه مسلم [567]، وأحمد [1/ 15]، وابن حبان [2091]، والحاكم [3/ 97]، والطيالسي [53]، والحميدى [92]، والبزار [314]، وابن أبى شيبة [37062]، والبيهقي [16355]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 82]، وابن سعد في "الطبقات"[3/ 335]، وابن عساكر في "تاريخه"[44/ 406]، وجماعة، من طرق عن قتادة عن سالم بن أبى الجعد عن معدان بن طلحة به نحوه مطولًا ومختصرًا. =
الكفار الضلال، فإن عَجِلَ بى أمرٌ فالخلافة شورى بين هؤلاء النفر الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وإنى لا أدع بعدى شيئًا أهم إليَّ من الكلالة، وما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئٍ ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لى في شيءٍ ما أغلظ لى فيه، حتى طعن بإصبعه في صدرى، وقال لى: يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التى في آخر سورة النساء؟ وإنى إن أعش أقض فيه بقضية يقضى بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن، ثم قال: اللَّهم إنى أشهدك على أمراء الأمصار، فإنما بعثتهم ليعلموهم دينهم، وسنة نبيهم، ويعدلوا عليهم، ويقسموا فيهم فيئهم، ويرفعوا إليَّ ما أشكل من أمرهم عليهم، ثم إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد من الرجل ريحهما في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخًا.
185 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا معاذ بن هشامٍ، حدثنى أبى، عن الحجاج بن
= قلتُ: وهذا إسناد صحيح. وقتادة: معروف بالتدليس، ولم يذكر فيه سماعًا، لكن رواه عنه شعبة بن الحجاج، فعضَّ عليه بناجذيك. فقد أخرج أبو عوانة في "المستخرج"[3/ رقم 1078]، بإسناد صحيح عن شعبة أنه قال:"كان همتى من الدنيا شفتى قتادة فإذا قال: "سمعتُ" كتبتُ، وإذا قال: "قال" تركتُ". قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار"[1/ 35]: "وروينا عنه - يعنى شعبة - أنه قال: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبى إسحاق وقتادة".
قلتُ: بل رواية شعبة عن أي مدلس في الدنيا محمولة على السماع، كما سنذكر برهان ذلك في تلك "الفائدة" التى تأتى عقب تخريجنا للحديث [رقم/ 1733] عند المؤلف.
185 -
ضعيف: أخرجه الحارث [1/ رقم 339/ زوائد الهيثمى] من طريق هشام الدستوائى عن ابن أرطأة عن موسى بن طلحة عن يزيد بن الحوتكية عن عمر به نحوه
…
قلتُ: هذا الحديث قد اختلف في إسناده على موسى بن طلحة - وهو ثقة إمام - اختلاف شديد غريب:
1 -
فرواه عنه جماعة فقالوا: عن ابن الحوتكية عن عمر به مرفوعًا كما هنا.
2 -
ورواه جماعة فقالوا: عن موسى عن ابن الحوتكية عن عمار بن ياسر به مرفوعًا
…
3 -
ورواه آخرون فقالوا: عن موسى عن ابن الحوتكية عن أبى ذر بقصة الصوم به مرفوعًا .. =
أرطاة، عن موسى بن طلحة، عن يزيد بن الحوتكية، أن عمر بن الخطاب، قال: من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتاه الأعرابى بأرنبٍ؟ فقال رجلٌ من القوم: أنا، جاء بها الأعرابى قد نظفها وصنعها يهديها لرسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا، فقال رجلٌ من القوم: يا رسول الله، إنى رأيتها تدمى، فأكل القوم ولم يأكل الأعرابى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أَلا تأكل؟ " قال: إنى صائمٌ، قال:"فَهَلَّا البِيضَ؟ ".
186 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدّثنا شعبة، عن يحيى بن هانئ، عن نعيم بن دجاجة قال: سمعت عمر يقول: لا هجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
= 4 - ورواه عنه آخرون فقالوا: عن عمر به
…
ولم يذكروا فيه "ابن الحوتكية"، وموسى: لم يسمع من عمر كما قاله أبو زرعة، فهو منقطع.
5 -
ورواه جماعة فقالوا: عن موسى به مرسلًا.
6 -
ورواه آخرون عن موسى فقالوا: عن عمر به موقوفًا.
7 -
ورواه آخرون عنه فقالوا: عن أبى ذر بقصة الصوم موقوفًا عليه.
8 -
ورواة جماعة عن موسى فقالوا: عن أبى هريرة به.
9 -
ورواه بعضهم فقال: عن موسى عن أبيه به مرفوعًا. واختلف فيه على وجوه أخرى أيضًا، وكلها غير محفوظة على التحقيق.
• والصواب: هو قول من رواه عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن عمر به كما هنا.
هكذا رجحه الدارقطني في "علله"[2/ 226]، بعد أن ذكر الاختلاف فيه. وتخريج هذه الطرق الماضية وغيرها يطول هنا جدًّا، على أن مدارها - في الغالب - على يزيد بن الحوتكية، وهو شيخ مجهول الحال انفرد عنه موسى بن طلحة بالرواية، ولم يوثقه معتمد، وهو من رجال النسائي وحده. والحديث حديثه على التحقيق. وقد رأيتُ ابن كثير قد أورد الحديث من الوجه المحفوظ في "مسند الفاروق" [1/ 286] ثم قال:"هذا إسناد حسن جيد"، وهذه غفلة منه عن حال "ابن الحوتكية" في سنده، ولقصة الصيام منه فقط: شواهد بعضها ثابت.
186 -
حسن: أخرجه النسائي [14171]، وأبو القاسم البغوى في "الجعديات"[رقم 705]، ومن طريقه المزى في "التهذيب"[29/ 483]، والبخارى في "تاريخه"[8/ 98]، وابن عساكر في =
187 -
حدّثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريرى، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن عمر، قال: لا أعلم إلا رفعه إلى النبى-صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ الله تبارك وتعالى: مَنْ تَوَاضَعَ لِى هَكَذَا -وأمال يزيد بكفه إلى الأرض- رَفَعْتُهُ هَكذا، وأشار يزيد ببطن كفه إلى السماء".
188 -
حدّثنا عبيد اللَّه بن عمر، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فيم الرَّمَلان والكشفُ عن المناكب وقد أطَّأ اللَّهُ الإسلامَ ونفى الشرك؟! قال: ثم قال: وما ذلك؟! ندع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟!
= "تاريخه"[65/ 50]، وغيرهم من طرق عن شعبة عن يحيى بن هانئ عن نعيم ابن دجاجة عن عمر به.
قلت: وهذا إسناد صالح. ونعيم بن دجاجة: روى عنه ثلاثة من الثقات، وذكره ابن حبان فى "الثقات" ولم يتكلم فيه أحد. فهو صدوق إن شاء الله. وأفرط الذهبى فقال:"ثقة" وفرَّط ابن حجر فقال: "مقبول".
187 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 44]، والطبراني فى "الصغير"[1/ رقم 645]، والبزار [175]، والبيهقي فى "الشعب"[6/ رقم 8137]، والحارث [2/ رقم 854/ زوائد الهيثمى] وابن أبى الدنيا فى "التواضع والخمول"[رقم 123]، والضياء فى "المختارة"[1/ 316]، وجماعة من طرق عن يزيد بن هارون عن عاصم بن محمد بن زيد العمرى عن أبيه عن ابن عمر عن عمر به نحوه مرفوعًا.
قال ابن كثير فى "مسند الفاروق"[2/ 643]: "وهو إسناد جيد، ولم يخرجه أحد من أصحاب السنن، وإنما اختاره الضياء فى كتابه".
قلتُ: بل سنده صحيح مليح.
18 -
صحيح: أخرجه أبو داود [1887]، وابن ماجه [2952]، وأحمد [1/ 45]، وابن خزيمة [2708]، والحاكم [1/ 624]، وعنه البيهقي [9040]، والبزار [رقم/ 268]، والخطيب فى "الفقيه والمتفقه"[رقم/ 344]، وجماعة، من طرق عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به نحوه.=
189 -
حدّثنا عبيد الله بن عمر، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: رأيت عمر بن الخطاب، يقبل الحجر، ويقول: إنى لأقبلك، وإنى لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولكنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حَفِيًا.
190 -
حدّثنا عبيد الله، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة.
= قلتُ: وهذا إسناد حسن قوى. وهشام بن سعد: ضعفه جماعة ومشاه آخرون، لكن يقول أبو داود:"هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم".
والتحقيق في شأنه عندى: أنه قوى في زيد ضعيف في غيره. ولم ينفرد به عن زيد بن أسلم: بل تابعه عليه: تابعه محمد بن جعفر بن أبى كثير قال: أخبرنى زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -: "قال للركن: أما واللَّه إنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك، فاستلمه ثم قال: فما لنا وللرمل؟، إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه". أخرجه البخاري [رقم/ 1528]- واللفظ له - والبيهقي [رقم/ 9059]، من طريق سعيد بن أبى مريم ثنا محمد بن جعفر به.
189 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 39]، وعبد الرزاق [9034]، وأبو عوانة في المستخرج [رقم 2789]، والبزار [335]، وابن الأعرابى في معجمه [2/ رقم 686]، والبيهقي [9002]، وابن عبد البر في "التمهيد"[22/ 257]، وجماعة، من طرق عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة به. وهذا إسناد صحيح مستقيم. وهذا الأثر مشهور عن عمر من رواية جماعة عنه منهم: ولده عبد اللّه ويعلى بن أمية وابن عباس وعبد اللّه بن سرجس. ومن التابعين: أسلم مولاه، وعابس بن ربيعة، وسويد بن غفلة، وهشام بن حبش وغيرهم، وروى أيضًا من طريق جابر عنه.
190 -
منكر: أخرجه ابن أبى شيبة [7445]، والقاضى المروزى في الجمعة وفضلها [رقم 33]، وغيرهما، من طريق عبد اللّه بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر به. وهذا إسناد لا يصح أصلًا، وعبد الله العمرى ضعفه النقاد فأحسنوا، وقد كان كثير المناكير والأغلاط. وأخوه عبيد الله: أوثق منه بطبقات كثيرة، وقد خولف في إسناده، ولفظه، خالفه موسى بن عقبة - الثقة الثبت - فرواه عن نافع فقال:"إن ابن عمر كان يجمر ثيابه في كل جمعة".=
191 -
حدّثنا القواريرى، حدّثنا بشر بن المفضل، ويحيى بن سعيدٍ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ، أن ابن عمر حدثه، أنه طلق امرأته تطليقةً وهى حائضٌ، فاستفتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"مُرْ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ منْ حَيضَتهَا هَذِه، فَإذَا حَاضْتْ حَيْضَةً أُخْرَى وَطَهُرَتْ، إِنَّ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَن يُجَامِعَهَا، وَإِن شاءَ فَلْيُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَتى أَمَرَ الله أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ".
192 -
حدّثنا أبو سعيدٍ القواريرى، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، ويحيى بن سعيدٍ، قالا:
= هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [رقم/ 5548]، من طريق وكيع عن سفيان عن موسى به. وهذا هو المحفوظ عندى، وسنده مستقيم. وقد توبع عليه موسى بن عقبة بنحو هذا اللفظ عن ابن عمر: تابعه عبيد اللّه العمرى - أخو عبد اللّه الماضى - عند القاضى المروزى في "الجمعة وفضلها"[رقم 43]، بإسنادٍ صحيح إليه.
191 -
صحيح: أخرجه مالك [1196]، والبخارى [5022]، ومسلم [1471]، وأبو داود [2179]، والنسائي [3389]، والنسائي [2019]، والدارمي [2262]، وأحمد [2/ 6]، وابن حبان [4263]، والبيهقي [14684]، والطيالسي [1853]، وابن الجارود [734]، وعبد الرزاق [10954]، والبغوى في الجعديات [2795]، وجماعة كثيرة، من طرق عن نافع عن ابن عمر به نحوه.
192 -
ضعيف: أخرجه أحمد [3/ 463]، والمروزى في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 361]، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"[6/ رقم/ 7277]، وأبو عمرو الدانى في "السنن الواردة في الفتن"[3/ رقم 292]، وغيرهم من طرق عن عوف بن أبى جميلة عن علقمة بن عبد اللّه المزنى عن رجل لم يُسم عن عمر به
…
قلتُ: ورجاله ثقات سوى هذا الرجل المبهم الذي لم يسم، فمن يكون؟، وبهذا أعله الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد [7/ 547] فقال:"رواه أحمد وأبو يعلى وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات". وقال صاحبه البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[8/ 33]: "رَوَاهُ أبُو يَعْلَى الموْصليُّ وَأحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ومدار إسناديهما على رَاو لَمْ يُسَمَّ" وقال ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 659] بعد أن ساقه من طريق المؤلف: "هكذا رواه أبو يعلى رحمه الله في "مسند عمر" وهو غريب". وقال المناوى في "التيسير بشرح الجامع الصغير"[1/ 564] بعد أن عزاه لأحمد وحده: "وفيه راو لم يسم، وبقية رجاله ثقات". =
حدّثنا عوفٌ، قال: حدثنى علقمة بن عبد الله المزنى، قال يزيد في حديثه في مسجد البصرة، قال: حدثنى رجلٌ قد سماه، ونسى عوفٌ اسمه، وقال يحيى: حدثنى رجلٌ، قال: كنت بالمدينة في مجلسٍ فيه عمر بن الخطاب، فقال لبعض جلسائه: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف الإسلام؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الإسْلامَ بَدَأَ جَذَعًا، ثُمَّ ثَنِيًا، ثُمَّ رَبَاعِيًا، ثُمَّ سَدِيسًا، ثُمَّ بَازِلا"، فقال عمر: فما بعد البزول إلا النقصان.
193 -
حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا ابن فضيلٍ، حدّثنا الأعمش، عن خيثمة، عن قيس بن مروان، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كمَا أنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ".
= وقد جاء سيف بن عمر البرجمى الهالك المعروف، فرواه عن القعقاع بن عمارة عن الحسن البصرى قال: "كان عمر
…
" ثم ذكره بمثله موقوفًا، هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" [39/ 302]، من طريق ابن النقور عن أبى طاهر المخلص عن أبى بكر بن سيف عن السرى بن يحيى عن شعيب بن إبراهيم عن سيف بن عمر به.
قلتُ: وهذا إسناد لا يساوى بعرة، وشعيب بن إبراهيم: ظنين معروف. راجع "اللسان"[3/ 145].
والقعقاع: لم يسمع من الحسن، والحسن: لم يدرك أبا حفص بن الخطاب، ومن طريق السرى: أخرجه الطبرى في تفسيره [2/ 679].
193 -
صحيح: أخرجه النسائي في الكبرى [8255]، والمحاملى في "أماليه"[رقم/ 224/ طبعة دار ابن القيم]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[33/ 101]، وابن السنى في اليوم والليلة [رقم 414]، والضياء في "المختارة"[1/ 384]، وغيرهم، من طرق عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن خيثمة ابن عبد الرحمن عن قيس بن مروان عن عمر به بهذا اللفظ.
قلتُ: هذا إسناد حسن لولا أن الأعمش لم يذكر فيه سماعًا، وهو عريق في التدليس، وقيس بن مروان صدوق معروف، روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في "ثقاته".
لكن للحديث شواهد تصححه: مضى منها بعضها [برقم 16، 17]، وللأعمش فيه إسناد آخر - وهو الآتى - واختلف عليه فيه كما يأتى.
194 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا محمد بن حازمٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: والأعمش، عن خيثمة، عن قيس بن مروان، قال: جاء رجلٌ إلى عمر، وهو بعرفة، فقال: يا أمير المؤمنين، جئت من الكوفة، وتركت بها رجلًا يملى المصاحف عن ظهر قلبه، قال: فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتى الرحل، فقال: ويحك؟ من هو؟ قال: فقال: عبد الله بن مسعودٍ، فما زال عمر يطفئ ويستر عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التى كان عليها، فقال: ويحك واللَّه ما أعلمه بقى أحد من الناس هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبى بكر الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلةٍ وأنا معه، ثم خرج رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يمشى ونحن نمشى معه، فإذا رجلٌ قائمٌ يصلى في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته، فلما كدنا أن نعرف الرجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقرْآنَ رَطبًا كمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ"، قال: ثم جلس الرجل يدعو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"سَلْ تُعْطَهْ"، فقال عمر: فقلت: واللَّه لأغدون إليه فلأبشرنه، قال: فغدوت إليه لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقنى إليه فبشره، ولا واللَّه ما سابقته إلى خير قط إلا سبقنى إليه.
194 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 25]، والنسائي في الكبرى [8257]، والطبراني في "الكبير"[9/ رقم 8422]، وابن أبى داود في المصاحف [رقم 348]، والخطيب في الأسماء المبهمة [ص 62]، وابن عساكر في "تاريخه"[97/ 33]، وغيرهم من طرق عن الأعمش بالإسنادين جميعًا [عن خيثمة عن قيس بن مروان به
…
] و [عن إبراهيم بن علقمة به
…
] به نحوه.
أما الإِسناد الأول: فقد مضى آنفًا في الحديث الماضى.
وأما الإِسناد الثاني: فقد أخرجه أيضًا: ابن خزيمة [1156]، والحاكم [2/ 246]، والطبراني في "الكبير"[9/ رقم 8420]، [24/ 85]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 2523]، وأبو عبيد في "فضائل القرآن"[رقم 678]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 538]، والبيهقي في سننه [1968]، والبرجلانى في "الكرم والجود"[78]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 62]، وفى "تاريخه"[4/ 326]، والبخارى في "تاريخه"[7/ 199]، وابن عساكر في "تاريخه"[33/ 99]، والمزى في التهذيب وغيرهم، كلهم من طرق عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة به
…
تارة: أن رجلًا جاء إلى عمر. وساقه مطولًا، وتارة عن عمر به مختصرًا
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهو قد خولف الأعمش في إسناده؛ خالفه الحسن بن عبيد اللّه بن عروة الكوفى - الثقة المعروف - فرواه عن إبراهيم فقال: عن علقمة عن القرثع الضبى عن قيس - أو ابن قيس رجل من جعفى - عن عمر به نحوه. هكذا أخرجه: البخاري في "تاريخه"[7/ 199]، والترمذي في "العلل"[رقم 427]، وأبو عبيد في "فضائل القرآن [رقم 678]، وأحمد [1/ 38]، والطبرانى في "الكبير" [9/ رقم 8424]، والبيهقي [1968]، وجماعة من طريق الحسن به.
وهذا الوجه: رجحه البخاري وجزم بكونه المحفوظ عن علقمة، نقله عنه الترمذي في "علله".
وتابعه على ذلك: البيهقي في "سننه"[1/ 452]. وهو الذي استظهره الإمام في "الصحيحة"[5/ 379]. لكنَّ أبا الحسن الدارقطني قد خالف الكل، وجزم بكون طريق الأعمش هو المحفوظ عن إبراهيم. فقال في "علله" [2/ 402]: "وقد ضبط الأعمش إسناده وحديثه، وهو الصواب
…
"، ثم سأله الحافظ البرقانى فقال له: "إن البخاري فيما ذكره أبو عيسى عنه - يعنى الترمذي في "علله" - حكم بحديث الحسن بن عبيد اللّه على حديث الأعمش"، فأجابه الدارقطني قائلًا: "قول الحسن بن عبيد اللّه عن قرثع غير مضبوط؛ لأن الحسن بن عبيد اللّه ليس بالقوى ولا يقاس بالأعمش".
قلتُ: وتضعيفه للحسن، إنما هو في مقابلته للأعمش، كما نبَّه عليه الحافظ في "التهذيب"[2/ 292].
وإلا فالحسن: ثقة صدوق عندهم. نعم: إنْ قوىَ الجمع بين هذين الوجهين، فذلك أولى. كأن يكون علقمة قد سمعه من عمر تارة، ثم قابل قرئعًا فحدثه به عن قيس بن مروان عن عمر به. وهذا بعيد في ذوقى، وإن كُتِبَ علينا أن نسلك مسلك الترجيح بينهما: فالقول قول الأعمش كما جزم الدارقطني، وهو أحفظ في إبراهيم من الحسن بن عبيد اللّه بلا شك. بل الأعمش فوق الحسن في كل شيء، بل قال البخاري نفسه:"لم أخرج حديث الحسن بن عبيد اللّه - يعنى في "صحيحه" -؛ لأن عامة حديثه مضطرب" هكذا نقله عنه الحافظ في "التهذيب"[2/ 292]. ولعل البخاري: رجَّح طريق الحسن على طريق الأعمش؛ لكونه قد زاد في إسناده "القرثع"، أما الأعمش فإنه سلك الجادة عن إبراهيم، وهم يعتبرون الزيادات في طرق الأسانيد، ويرجحون بها أحيانًا.
وعلى كل حال: فالحديث ثابت من الوجهين معًا. فطريق: "إبراهيم عن علقمة عن القرثع عن قيس - أو ابن قيس رجل من جعفى - عن عمر به .... ". إسناده حسن. =
195 -
حدثنا القواريرى عبيد الله بن عمر، حدّثنا محمد بن خازمٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: جاء رجلٌ إلى عمر، وهو واقفٌ بعرفة، فذكر نحو حديث أبى خيثمة ولم يذكرا فيه خيثمة، ولا قيس بن مروان.
196 -
حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدّثنا مهدىٌ، حدّثنا سعيدٌ الجُريرى،
= والقرثع: صدوق الرواية، ومثله ذلك الرجل الجغفى، وهو "قيس بن مروان" الماضى في إسناد الحديث الذي قبل هذا.
وأما طريق: "إبراهيم عن علقمة عن عمر به
…
". فصحيح حجة. وعلقمة: قد سمع من عمر كما جزم به جماعة. وأنكره بعض الكوفيين، والصواب ثبوت السماع. وقد اختلف في إسناده على الأعمش على وجوه أخر؛ ذكر بعضها الدارقطني في "علله" [2/ 203]، ومضى بعضها في تخريج الحديث [16]، فانظره. وللحديث - المرفوع عنه -: شواهد عن جماعة من الصحابة.
195 -
صحيح: انظر قبله.
196 -
حسن: أخرجه النسائي [4777]، وأحمد [1/ 41]، وأبو داود [4537]، والطيالسي [54]، وابن أبى شيبة [32921]، وابن الجارود [844]، وهناد في "الزهد"[2/ رقم 877]، وسعيد في "تفسيره"[1/ 133]، والحاكم [4/ 485]، وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 253]، والبيهقي [15796]، وابن قتيبة في "غريب الحديث"[1/ 595]، والآجرى في "آداب حملة القرآن"[رقم 26]، والفريابى في "فضائل القرآن"[رقم/ 154]، وابن شبَّة في تاريخ المدينة [3/ 807]، وابن أبى الدنيا في "الأهوال"[رقم 249]، وابن عساكر في "تاريخه"[44/ 278]، والطبرى في "تاريخه"[2/ 567]، والمعافى في "الجليس الصالح"[1/ 274]، وجماعة، من طرق عن سعيد الجريرى عن أبى نضرة المنذر بن مالك عن أبى فراس عن عمر به نحوه مطولًا ومختصرًا.
قلتُ: وهذا إسناد فيه لين. ومداره على أبى فراس هذا، وهو النهدى الغائب الحال. قال أبو زرعة:"لا أعرفه"، وقد انفرد عنه أبو نضرة بالرواية، فماذا ينفعه أن ذكره ابن حبان في "ثقاته"[5/ 585]؟، وقد رواه جماعة عن الجريرى عن أبى فراس عن عمر به كما مضى.
منهم: ابن علية وأبو إسحاق الفزارى وشعبة وابن المبارك ومحمد بن أبى سليمان ومهدى بن ممون والثورى ويزيد بن هارون، وحماد بن أسامة، ووهيب بن خالد، وخالد بن عبد اللّه=
عن أبى نضرة، عن أبى فراس، قال: شهدت عمر بن الخطاب، وهو يخطب الناس، قال: فقال: يا أيها الناس، إنهً قد أتى عليَّ زمانٌ وأنا أرى أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فيخيل إلى أن قومًا قرءوه يريدون به الناس ويريدون به الدنيا، ألا فأريدوا الله بأعمالكم، ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ ينزل الوحى، وإذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحى، وذهب نبى الله، فإنما نعرفكم بما نقول لكم، ألا من رأينا منه خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن رأينا به شرًا ظننا به شرًا وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنى إنما أبعث عمالى ليعلموكم دينكم، وليعلموكم سننكم، ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيءٌ من ذلك فليرفعه إلى، فوالذى نفس عمر بيده لأقصنكم منه، قال: فقام عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن بعثت عاملًا من عمالك فأدب رجلًا من أهل رعيته فضربه، إنك لمقصه منه؟ قال: فقال: نعم، والذى نفس عمر بيده لأقصن منه، ألا أقص وقد رأيت رسول
= الواسطى وجماعة، كلهم رووه عن الجريرى على الوجه الماضى. فجاء معمر بن راشد ونادى بمخالفة الكل، ورواه عن الجريرى عن عمر بن الخطاب به
…
ولم يذكر فيه "أبا نضرة" ولا "أبا فراس".
هكذا أخرجه عبد الرزاق [رقم/ 6036]، عن معمر به. والقول الأول: هو المحفوظ بلا تردُّد. وسماع معمر من الجريرى: إنما كان متأخرًا وقت اختلاطه؛ فإما أن يكون معمر: قد وهم في إسناده - وهذا بعيد عندى - وإما أن يكون الجريرى قد حدث به قبل اختلاطه على الوجه الماضي - الأول - ثم اختلط وتغير، فعاد يحدِّث به فلم يَدْرِ ما يقول، فسمعه منه معمر وهو في تلك الحال، وهذا هو الأقرب إن شاء الله. وسماع شعبة والثورى وغيرهما هذا الحديث من الجريرى: إنما كان قديمًا قبل اختلاطه بأعوام.
ثم رأيتُ ابن كثير قد ذكر في كتابه "مسند الفاروق"[2/ 27] أن ابن المدينى قد أخرج هذا الحديث في "مسند عمر" ثم قال: "إسناده بصرى حسن، لا نعلم في إسناده شيئًا يطعن فيه، وأبو فراس رجل معروف من أسلم، روى عنه أبو نضرة وأبو عمران الجونى).
قلتُ: وهذه فائدة عزيزة جدًّا، وكلام هذا الإمام مقدَّم على تجهيل من جهَّل أبا فراسٍ أو لم يعرفه، فالرجل صدوق، والإسناد حسن كما قاله ابن المدينى، وهو إمام هذا الشأن وحامل لوائه.
الله صلى الله عليه وسلم يُقِصُّ من نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم.
197 -
حدَّثنا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، سمعه من عبيد بن حنين، عن ابن عباس قال: أردت أن أسأل عمر قريبًا من سنة عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت لا أجترئ أن أسأله فكنا بمر ظهران، فذهب يتوضأ فقال: ائتينى بإداوة من ماء فأتيته فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان؟ فما أتممت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة.
198 -
حدّثنا أبو خيثمة، والقواريرى، قالا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال:
179 - صحيح: أخرجه البخاري [4629]، ومسلم [1479]، والبزار [212]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 185]، وأحمد [1/ 48]، والنسائي في "الكبرى"[11610]، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"[2/ 45]، وجماعة من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين عن ابن عباس به مطولًا ومختصرًا. وقد مضى بنحوه: من هذا الطريق في الحديث [رقم/ 163]، فانظره إن شئت.
198 -
صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه [2887]، والحارث [رقم 367/ زوائد]، والحميدي [رقم/ 71]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني"[1/ رقم 116]، والضياء في "المختارة"[1/ 252]، والطبراني في "الأوسط"[5/ رقم 5529]، والدارقطنى في "العلل"[2/ 130]، وأبو القاسم التيمي في "الترغيب والترهيب"[2/ 15]، وأبو محمد الطامذي في "فوائده"[رقم/ 16/ طبعة دار العاصمة]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 257]، وجماعة كثيرة من طرق عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم العمري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن عمر بن الخطاب به مرفوعًا نحوه. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" [2/ 114]:"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عاصم بن عبيد الله العمري".
قلتُ: بل إسناد منكر معلول، وعاصم بن عبيد الله هذا: ضعفه النقاد لكثرة مناكيره وسوء حفظه، وقد كان مضطرب الحديث جدًّا، وتراه - من سوء حفظه - في هذا الحديث قد أتى فيه بألوان عجيبة من الاختلاف عليه في سنده، ولا بأس من أن نشير إلى بعضها:
1 -
فرواه أول الأمر كما مضى عن عبد اللّه بن عامر عن أبيه عن عمر به مرفوعًا
…
=
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تَابِعُوا بَيْنَ الحجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ مُتَابَعَةَ مَا بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ والدُّيُونَ كمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الحدِيدِ".
= 2 - ثم عاد ورواه عن عبد اللَّه بن عامر عن عمر بن الخطاب به
…
وأسقط منه والد عبد اللَّه بن عامر، هكذا أخرجه أحمد [1/ 25]، وابن عدي في "الكامل"[5/ 226]، والمحاملي في "أماليه"[1/ رقم 223]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 259]، وجماعة غيرهم.
3 -
ثم عاد ورواه عن عبد اللَّه بن عامر عن أبيه به. وأسقط منه عمر.
4 -
ثم نكث على عقبيه ورواه عن ابن عامر عن أبيه عن عمر به موقوفًا
…
5 -
ثم لجَّ في الاضطراب ورواه عن عبد اللَّه بن عامر عن عمر به موقوفًا. وأسقط عامر بن ربيعة، وقد اضطرب في متنه أيضًا؛ فتارة يزيد منه وتارة ينقص فيه حتى حيَّرَنا، وقد رواه الحفاظ عنه على تلك الوجوه كلها، فمن غامر وحاول الترجيح بينها فكأنه لا يعرف عاصمًا، وقد جزم حافظ الدنيا أبو الحسن الدارقطني في "علله"[2/ 127]، بكون هذا الاختلاف كله من اضطراب عاصم في سنده، وقد سبقه ابن عيينة الإمام إلى إيضاح ذلك: فأخرج الحميدي [17]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[25/ 260]، والدارقطني في "العلل"[2/ 130]، من طريقين عن سفيان قال -واللفظ للدارقطني-:"رأيتُ عبد الكريم الجزري سنة ثلاث وعشرين جاء إلى عبدة بن أبي لبابة وأنا جالس عنده -وذلك أولى ما رأيتُ عبد الكريم- فقال له: ممن سمعتَ هذا الحديث -يعنى "تابعوا بين الحج والعمرة"- فقال عبدة: حدثنيه عاصم بن عبيد اللَّه، فحج عاصم، فأتيناه فسألناه، فحدثنا به، وزاد فيه "ويزيدان في العمر"، قال سفيان: وكان -يعنى عاصمًا ربما قال هذه الكلمة وربما سكت عنها، يعنى "يزيدان في العمر". قال سفيان: ثم سألوه عنه مرة أخرى، فكأنه اختلط في إسناده قال مرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال مرة: عن عمر رضي الله عنه
…
".
قلتُ: فانجلى الغُبار وحَصْحَصَ الحق. ومن الطرائف: قولُ حسين أسد في تعليقه على "مسند المؤلف": "إلا أن سند أحمد لم يرد فيه "عن أبيه "بين عبد اللَّه بن عامر وعمر، ولا يضر هذا لأن عبد اللَّه -يعنى ابن عامر- روى عن عمر، وروى عن أبيه، فيكون قد سمعه من الاثنين".
قلتُ: هذا الذى يزعمه هنا يلزمه مقدمات مفقودة في هذا الحديث جملة وتفصيلًا، وأحسن الظن: أنه لا يعرف عاصمًا العمري ولا وقف على كلام النقاد فيه، وتلك مصيبة، والطرق الماضية: ذكرها الدارقطني في "علله"[2/ 127]، ومثله ابن عساكر في "تاريخه" [25/ 256،=
199 -
حدثّنا زهيرٌ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، سمع عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ".
= 257، 258، 259، 260]، وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن مسعود وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر. وسيأتي حديث ابن مسعود: عند المؤلف [برقم 4976، 5236]. واللّه المستعان.
ولا يثبت من تلك الشواهد كلها: سوى حديث ابن عباس وحده، ولفظه:"تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد". أخرجه النسائي [رقم/ 2630]، وجماعة من طريق أبي عتاب سهل بن حماد حدثنا عزرة بن ثابت عن عمرو بن دينار، قال حدثني ابن عباس به. وهذا إسناد قوى، رجاله رجال "الصحيح".
• تنبيه مهم: وقع في متن هذا الحديث"
…
تنفي الفقر والديون". هكذا وقعت "والديون"، وهذه كلمة لم أجدها في شيء من متن طرق هذا الحديث بعد الاستقراء التام، ثم بحثتُ عنها في سائر أحاديث الباب فلم أعثر عليها أيضًا حتى ظهر لى أنها مصحفة من "الذنوب" وهي قريبة في الرسم من "الديون" فيبدو أن نقطة الذال وكذا نقطة النون قد طُمِستا من نسخة الأصل التى حققها "حسين أسد" فقرأها - هو أو غيره -: "الديون"، ولم ينتبه إلى كونها مصحَّفة من "الذنوب" بدلالة عدم وجودها في شيء من المصادر أصلًا.
ولا يقال: لعلها من تخليط عاصم الذي أشرتم إليه من قبل؛ فهذا بعيد لأجل ما ذكرناه. ثم وقفتُ: على ما يقطع قول كل خطيب؛ فوجدتُ الحافظ ابن عساكر: قد أخرج هذا الحديث في "تاريخه"[25/ 285]، عن المؤلف بنفس إسناده الماضي، وقال فيه " .... والذنوب" فثبت ما قلناه بلا ريب. وهكذا عزاه المناوى في "فيض القدير"[3/ 226]، إلى المؤلف بهذا اللفظ. ثم رجعتُ إلى "مسند المؤلف/ الطبعة العلمية"[1/ رقم 193]، فوجدتُ اللفظ على الصواب، ورأيتُ المعلِّق قد قال بالهامش:"في مطبوعة سليم أسد: "وتنفى الفقر والديون" فاللَّه المستعان.
199 -
صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه [2005]، وأحمد [1/ 25]، والشافعي [903]، ومن طريقه البيهقي [15107]، وابن أبي شيبة [17685]، والطحاوي في "شرح المعاني"[3/ 104]، وابن عبد البر في "التمهيد"[8/ 193]، وجماعة من طرق عن ابن عيينة - وهذا في "حديثه"[رقم 23]- عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن عمر به. وهذا إسناد ضعيف.=
200 -
حدّثنا أبو خيثمة، وأبو سعيد، قالا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: باع سمرةً خمرًا، فقال عمر: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لَعَنَ الله الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثمَانَهَا؟ ".
201 -
حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامى، حدّثنا حمادٌ، عن عبد الله بن المختار، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عبد الله بن الزبير، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ سَاءَتْة سَيِّئَتُهُ، وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ فَهُوَ الْمُؤْمِنُ".
= وأبو يزيد والد عبيد الله: شيخ مجهول لا يعرف له حال، ذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته المعروفة في توثيق الأغمار والمُغَيَّبين.
وقال الحافظ: "يقال: له صحبة".
قلتُ: إن صح ذلك فلا كلام، ولكن أي دليل تلك الصحبة؟.
إذا عرفتَ هذا: علمتَ أن قول الشهاب البوصيري في "مصباح الزجاجة": "إسناده صحيح"، تساهل سافر يقع فيه كثيرًا، لكن للحديث شواهد صحيحة عن جماعة من الصحابة ثابتة في الصحاح والمسانيد. يأتي منها: حديث عائشة عند المؤلف [برقم/ 4419]، وحديث معاوية [برقم/ 7390]، وحديث عمرو بن خارجة [رقم/ 1508].
200 -
صحيح: أخرجه البخاري [3273]، ومسلم [1582]، وابن ماجه [3383]، والنسائي [4257]، وأحمد [1/ 25]، والدارمي [2104]، وابن حبان [6253]، والبزار [207]، وابن أبي شيبة [21615]، والحميدي [13]، والبيهقي [15827]، وجماعة من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دنيار عن طاوس عن ابن عباس به.
قلتُ: وتمام تخريجه في "غرس الأشجار".
201 -
صحيح لغيره: أخرجه عبد اللّه بن أحمد في "السنة"[1/ 682]، وعبد الرزاق [20710]، والنسائي في "الكبرى"[9222]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 32/ المنتخب]، والطحاوي في "المشكل"[9/ 330]، وأبو القاسم التيمي في "الترغيب"[3/ 195]، والقضاعي في "الشهاب"[1/ رقم 454]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 54]، وأبو على البناء في "المختار في أصول السنة"[رقم/ 4/ طبعة مكتبة العلوم والحكم]، ابن عساكر في "تاريخه" =
202 -
حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا حماد، عن عبد الله بن المختار، بإسناده نحوه قال:"فَهُوَ مُؤْمِنٌ".
203 -
حدّثنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض، حدّثنا مالك بن سُعير، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب قال:"ولا أراه إلا أنه قد رفعه - إِنه حَكَمَ في الضَّبُعِ يُصيبُهُ المحرِم بشاةٍ، وفِى الأْرْنَبِ عَتنَاقُ، وفِى الْيَرْبُوعِ جِفْرَةٌ وفي الظَّبْي كبْشٌ".
= [28/ 143]، والحافظ في "الأمالى المطلقة"[ص/ 63]، وجماعة من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الزبير عن عمر به نحوه مرفوعًا
…
وهو عند جماعة في سياق أتم.
قلتُ: هذا إسناد لا يصححه إلا رجلٌ لا يدرى ما وراء الأكمة، ولقد اضطرب فيه عبد الملك بن عمير اضطرابًا يضرب به الأمثال في سوء الحفظ، وقد شرحنا ذلك شرحًا موجزًا في تخريج الحديث [رقم/ 141]، وذكرنا هناك: أن الدارقطني قد أورد هذه الاختلافات على عبد الملك في إسناده بكتابه "العلل"[2/ 122، 123، 124]، ثم قال:"ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير؛ لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد".
قلتُ: وراجع ما علقناه هناك. وللحديث طرق أخرى عن عمر به، وكلها معلولة، لكن له شواهد عن بعض الصحابة: منها: حديث أبي أمامة الباهلي قال: "قال رجل: ما الإثم يا رسول الله؟ قال: ما حاك في صدرك فدعه، قال: فما الإيمان؟ قال: من ساءته سيئاته وسرته حسنته فهو مؤمن". أخرجه عبد الرزاق [رقم/ 20104]، ومن طريقه الحاكم [1/ 59]، والطبراني في "الكبير"[8/ رقم/ 7539]، وفي "الأوسط"[3/ رقم/ 2993]، وغيرهم من طريق عبد الرزاق، قال أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيدٍ بن سلام عن أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة به.
قلتُ: وظاهر إسناده الاستقامة.
202 -
صحيح لغيره: انظر قبله.
203 -
منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل"[1/ 428]، من طريق المؤلف، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[رقم/ 9661]، وأبو سعد السمان في "معجم شيوخه" كما في "تاريخ قزوين"[2/ 424 - 423/ الطبعة العلمية]، من طريق مالك بن سعير عن الأجلح بن عبد الله الكندي عن أبي الزبير المكي عن جابر عن عمر بن الخطاب به مرفوعًا
…
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، وفيه علل:
1 -
أبو الزبير رماه النسائي وغيره بالتدليس. وهى تهمة ثابتة مهما حاول بعضهم درأها عنه، وقد توسعنا في شرح ذلك بغير هذا المكان.
نعم: هو مكثر عن جابر. ويرى الذهبي - وقبله الحميدي - أن المدلس إذا أكثر عن شيخ ثم عنعن عنه؛ حُملت عنعنته على السماع ما لم يظهر خلاف ذلك.
وهذا مذهب قوى عندى، لكن يمنع من تطبيق تلك القاعدة على أبي الزبير عن جابر، مانع متين، سنذكره عقب تخريجنا للحديث [رقم/ 1769]، إن شاء ما لم نَنْس.
ولم يذكر أبو الزبير سماعه في هذا الحديث من جابر.
2 -
والأجلح الكندي: شيخ مختلف فيه، والتحقيق أنه ضعيف سيئ الحفظ كما تيقنت ذلك بممارسة مروياته. وهذا الحديث دليل على ذلك كما ستراه الآن. وقد خولف فيه كما يأتي.
3 -
مالك بن سعير صدوق صاحب مناكير. وقد خولف مالك في إسناده: خالفه محمد بن فضيل - الإمام الثقة - فرواه عن الأجلح فقال: عن أبي الزبير عن جابر به مرفوعًا
…
ولم يذكر فيه عمر هكذا أخرجه الدارقطني في "سننه"[2/ 246]. تابعه على هذا الوجه: أبو مريم: عند الدارقطني أيضًا [2/ 247]. وتابعهما: زياد بن عبيد الله: عند البيهقي في "سننه"[9660].
وقد خولف الأجلح في إسناده هو الآخر؛ خالفه مالك بن أنس - الجبل الراسخ - فرواه عن أبي الزبير عن جابر عن عمر به نحوه موقوفًا. هكذا أخرجه في الموطأ [2/ رقم 502/ رواية الشيباني]، وعنه الشافعي [رقم/ 1105]، ومن طريقه البيهقي في "سننه"[رقم/ 9659]، من طريق مالك به. وهذا الوجه: هو المحفوظ موقوفًا. قال البيهقي: "وكذلك رواه أيوب السختياني وسفيان الثوري وسفيان ابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم عن أبي الزبير".
قلتُ: يعنى كلهم رووه على الوجه الماضي عنه به موقوفًا. وتابعهم: معمر عند عبد الرزاق [8224]. وابن عون: عند ابن أبي شيبة [15618]. ورواية الليث: أخرجها البيهقي [9665]. ورواية أيوب: عنده أيضًا [9668]. وقد نقل الحافظ في "التلخيص"[2/ 278]، عن الدارقطني أنه صحَّح الحديث موقوفًا. وقد رأيت ابن كثير قد ساق الحديث من طريق المؤلف في كتابه "مسند الفاروق" [1/ 358 - 359]: وقال: "رواه الأجلح بن عبد الله الكندي، وفيه ضعف، عن أبي الزبير، مع أنه شك في رفعه،". ثم ساق الموقوف من طريق مالك وقال عقبه: "وهذا هو الصحيح موقوف".
204 -
حدّثنا أحمد بن حاتمٍ الطويل، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن سالمٍ، عن أبيه، عن جده عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ وَجَدْتُمُوهُ غَلَّ فَاضْرِبُوهُ وَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ"، قال: فدخلت على مسلمة بن عبد الملك، فأخذ رجلًا قد غل، فدعا سالمًا فحدثه الحديث، قال: فأحرق متاعه، ووجد في متاعه مصحفًا، فقوم المصحف وتصدوا بقيمته.
204 - منكر: أخرجه الترمذي [رقم 1461]، وأبو داود [رقم 2713]، والدارمي [رقم 20490]، وأحمد [1/ 22]، وابن أبي شيبة [28690]، وسعيد بن منصور في "سننه"[2548]، والحاكم [2/ 138]، والبزار [123]، وابن عدي في "الكامل"[4/ 59]، وابن عساكر في "تاريخه"[3/ 373]، والبيهقي [17992]، وابن العديم في "تاريخ حلب"[4/ 196]، وابن الجوزي في "التحقيق"[2/ 349]، وفي "العلل المتناهية"[2/ 584]، وغيرهم، من طرق عن صالح بن محمد بن زائدة أبي واقد الليثي عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب به مرفوعًا.
قال الترمذي: "هذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". ثم قال: "وسألت محمدًا - يعنى البخاري - عن هذا الحديث، فقال: إنما روى صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو واقد الليثى، وهو منكر الحديث. قال محمد: وقد روى في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغال فلم يأمر فيه بحرق متاعه". ونقل ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 468] عن ابن المديني أنه قال: "هذا حديث منكر ينكره أصحاب الحديث، وكان وهيب قد لقى أبا واقد هذا، وكان يضعفه، يُروى عنه عجائب".
قلتُ: وسنده منكر كما قال ابن المديني الإمام. وصالح بن محمد: منكر الحديث كما قاله جماعة من النقاد. وقد اشتد إنكار البخاري على صالح لهذا الحديث، حتى قال:"هذا باطل ليس بشيء"، وضعَّف صالحًا جدًّا.
قلتُ: وقد أخرج أبو داود [2714]، ومن طريقه البيهقي [17993]، وابن عساكر في "تاريخه"[23/ 374]، ومن طريقه ابن العديم في "تاريخ حلب"[4/ 196]، بإسنادٍ صحيح إلى صالح بن محمد بن زائدة أنه قال: "غزونا مع الوليد بن هشام، ومعنا سالم بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز، فغلَّ رجل متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق، وطيف به، ولم يعطه سهمه
…
". قال أبو داود عقبه: "وهذا أصح الحديثين". =
205 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا جرير، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب قال: لما أصيب قال: له عبد الله بن عمر: ألا تستخلف يا أمير المؤمنين؟ قال. ما أجد أحدًا أحق بهذا الأمر من هؤلاء الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فسمى عليًا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وقال: ليشهدهم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء فمن استخلفوه فهو الخليفة بعدى فإن أصابت سعدًا وإلا فليستعن به الخليفة بعدى، فإنى لم أنزعه من ضعف ولا خيانة.
206 -
حدّثنا حسين بن الأسود الكوفي، حدّثنا أبو أسامة، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر قال: حضرت أبي حين أصيب قال: فأثنوا عليه خيرًا فقال: راهب ورأغب قالوا: أولا تستخلف؟ قال: أتحمل أمركم حيًا وميتًا؟ لوددت أن حظِّى الكفاف لا عليَّ ولا لى ثم قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منى، وإن أترككم فقد ترككم من هو خير منى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمر: فعرفت أنه حين ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه غير مستخلف.
207 -
حدّثنا عبد الله بن أبان الكوفي، حدّثنا عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن
= قلتُ: وهكذا رجحه الدارقطني في "علله"[2/ 52]، وجماعة. وهو الصواب. وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في "غرس الأشجار".
205 -
صحيح: أخرجه البخاري [1328]، وابن أبي شيبة [37059]، وابن حبان [6917]، والبيهقي [16356]، وفي الاعتقاد [ص 365]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 393]، وجماعة، من طرق عن حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب به مطولًا
…
وهو قصة مقتله الشهورة. وقد رواه جماعة مختصرًا: مثل الطبراني في "الكبير"[1/ 320]، وغيره.
206 -
صحيح: أخرجه البخاري [6792]، ومسلم [1823]، وأحمد [1/ 43]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 32/ المنتخب]، وابن حبان [4478]، والبيهقي [16347]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 432]، وجماعة، من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر عن عمر به نحوه. وقد رواه سالم عن أبيه أيضًا.
207 -
صحيح: أخرجه الضياء في "المختارة"[1/ 322 - 323]، من طريق المؤلف حدّثنا عبد الله =
عمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن ابن عمر، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ويشْرَبُ بِشِمَاِلهِ".
= ابن أبان الكوفي، حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر عن عمر به.
هذا الحديث قد اختلف في إسناده اختلاف غريب. فرواه عن عبدة بن سليمان: عبد الله بن عمر بن صالح بن أبان كما مضى عند المؤلف على هذا الوجه: "عن عبيد الله بن عمر العمري عن الزهري عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر عن عمر به
…
".
وتوبع عليه عبد الله بن عمر بن أبان عن عبدة: تابعه عثمان بن أبي شيبة وهناد بن السري وحفص بن عبد الله الحلواني وغيرهم: كما تراه عند أبي بكر النجاد في "مسند عمر"[ص/ 58 - 59/ طبعة مكتبة جمع العلوم والحكم]. وخالفهم جماعة آخرون، منهم محمد بن العلاء الهمداني الحافظ، فرواه عن عبدة بإسناده به، إلا أنه جعله من "مسند ابن عمر" وأسقط منه عمر؛ هكذا أخرجه أبو بكر النجاد في "مسند عمر"[رقم/ 58].
وهكذا: رواه عبد الله بن عمر بن أبان مرة أخرى عن عبدة به، مثل رواية محمد بن العلاء، كما سيأتي عند المؤلف [برقم/ 5705]. وهذا الوجه هو المحفوظ عن الزهري كما يأتي. ثم قال أبو بكر النجاد "قال أبو على - وهو شيخه الحسن بن على المعمري الحافظ -:"هذا الحديث وهم فيه عبدة في قوله "عن عمر"، ثم رجع عنه".
قلتُ: ثم ساقه من طريق الحسن بن على المعمري عن محمد بن العلاء عن عبدة بن علي الوجه الماضي آنفًا. وقد اختلف فيه على عبدة على لون ثالث؛ فرواه عنه بعضهم فقال: "عن عبدة عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عمر".
هكذا ذكره الدارقطني في "العلل"[9/ 194]، وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات [1/ رقم 450]، ثم قال الدارقطني: "وهو وهم، والمحفوظ عن الزهري عن أبي بكر بن عبيد اللّه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
قلتُ: وهكذا رواه جماعة عن الزهري منهم:
1 -
مالك: في "موطئه"[رقم/ 1644]، ومن طريقه أحمد [2/ 33]، والدارمي [2030]، ومسلم [2020]، وعبد الرزاق في "الأمالى"[136]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [11/ 111]، وغيرهم، وقد اختلف فيه على مالك كما تراه في "كامل ابن عدي"[6/ 204]، و"التمهيد"[11/ 109].
2 -
وسفيان بن عيينة: في "حديثه"[رقم/ 5]، ومن طريقه أبو داود [3776]، وأحمد [2/ 8]، والنسائي في "الكبرى"[6748]، والحميدي [635]، ومسلم [2020]، والبيهقي في "سننه"[14386]، وفي "الشعب"[5/ رقم 5838]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[8/ 342]، وغيرهم.
3 -
وعبيد الله بن عمر العمري: عند مسلم [2020]، والترمذي [1799]، وأحمد [106/ 2]، والنسائي في "الكبرى"[6750]، وجماعة كثيرة، واختلف في سنده على عبيد الله بن عمر فرواه عنه جماعة على الوجه الماضي، وخالفهم آخرون فرووه عنه فقالوا: عن نافع عن ابن عمر به. هكذا أخرجه أحمد [2/ 8]، والطبراني في "الأوسط"[5/ رقم 5575]، وغيرهما، وقد مضى لون ثالث من طريق عبدة بن سليمان عنه.
4 -
وإسحاق بن راشد: عند الطبراني في "الأوسط"[9/ رقم/ 9297]. ورواه آخرون عن الزهري مثل رواية هؤلاء عنه به، وخالفهم جميعًا: معمر بن راشد، فرواه عن الزهري فقال: عن سالم عن ابن عمر به مرفوعًا. هكذا أخرجه الحميدي [635]، وأحمد [2/ 146]، والنسائي في "الكبرى"[رقم/ 6889]، وابن حبان [رقم/ 5226]، والبيهقي [رقم / 14387]، وفي "الآداب"[رقم/ 401]، وابن عبد البر في "التمهيد"[11/ 111]، وجماعة من طريق معمر به.
قلتُ: قد جزم غير واحد من النقاد بكون معمر قد أخطأ فيه؛ منهم: ابن عبد البر في "التمهيد"، وقبله ابن عدي في "الكامل"[5/ 5]. ومال البيهقي إلى أنه ربما يكون محفوظًا عن الزهري على الوجهين.
قلتُ: وقد توبع معمر عليه على هذا اللون: تابعه عقيل بن خالد كما ذكره الترمذي، وكذا تابعه أيضًا العباس بن الحسن الحراني: عند ابن عدي [5/ 5]. وقد رجَّح الترمذي: الطريق الأول من رواية مالك ومن معه عن الزهري، وتبعه الدارقطني وابن عبد البر على ذلك، ثم جاء النعمان بن راشد وخالف الكل ورواه عن الزهري فقال: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به مرفوعًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[6745]، وأحمد، وابن راهويه [رقم/ 476]، وجماعة من طريق ابن جريج عن النعمان به. ثم اختلف في سنده على ابن جريج كما ذكره الدارقطني في "العلل"[9/ 194].
وفي الحديث: اختلافات أخرى أضربنا عنها صفحًا، وقد استوفيناها في مكانٍ آخر. والحاصل عندنا: أن الحديث محفوظ من رواية أبي بكر بن عبيد الله عن جده ابن عمر به، وليس محفوظًا من حديث عمر بن الخطاب ولا من رواية أبي هريرة من طريق النعمان بن راشد الماضي بإسناده عنه.
• تنبيهان مهمان:
الأول: أعل الدارقطني طريق أبي بكر بن عبيد الله بن عمر عن جده ابن عمر، وجزم في "العلل"[9/ 194]، بكون أبي بكر بن عبيد الله لم يسمع من جده عبد الله وإنما سمع هذا الحديث من عمه سالم بن عمر عن أبيه؛ ثم قال:"قال ذلك - يعنى ما مضى - عمر بن محمد بن زيدٍ عن القاسم بن عبيد الله وهو أبو بكر بن عبيد الله". هكذا جزم بكون أبي بكر بن عبيد الله هو نفسه: القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وسبقه إلى ذلك: محمد بن يحيى الذهلى الحافظ، كما نقله عنه ابن الجارود في المنتقى [رقم/ 870].
والصواب عندي: أن القاسم بن عبيد الله هو أخو أبي بكر بن عبيد الله، وليس هو هو، وقد أقمنا البرهان على هذا في مكانٍ آخر، وذكرنا أن غير واحد من النقاد قد فرَّق بينهما؛ وجزموا بكونهما أخوين معروفين؛ وأبو بكر لا يعرف له اسم. أما سماع أبي بكر بن عبد الله من جده ابن عمر: فقد استظهره ابن عبد البر في التمهيد [11/ 111]، وهو الذي نقول به. ولم ينفه أحد علمته سوى الدارقطني وحده، ونفيه له قائم على ما أشرتُ إليه آنفًا مَنْ جَعْله أبي بكر بن عبيد الله والقاسم أخوه: شخضا مفردًا، واستدل على ذلك برواية القاسم عن سالم عن أبيه لهذا الحديث. وسيأتي الكلام عليه عند المؤلف [رقم 5568]، إن شاء الله.
التنبيه الثاني: قد وقع لحسين سليم أسد وهم عجيب جدًّا في تخريج هذا الحديث، فالمؤلف قد رواه كما مضى [207]، فقال:"حدثنا عبد الله بن أبان الكوفي حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبيد الله عن ابن عمر عن عمر به". فقال حسين أسد: "عبيد الله بن عمر لم نعرف" كذا قال، ثم نقل عن الهيثمي في "المجمع"[5/ 26]،=
208 -
حدّثنا عبيد اللَّه بن عمر القواريرى، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا معمرٌ، عن الزهري، حدّثنا مالك بن أوس بن الحدثان، قال: اصطرف منى طلحة بن عبيد اللَّه ورقًا بذهبٍ، فقال: أنظرنا حتى تأتى غلتنا من الغابة، فسمعه عمر بن الخطاب، وهو يقول،
= أنه قال: "رواه أبو يعلى [كذا نقله عنه والذي رأيته بعيني عند الهيثمي: "رواه الطبراني" فلعلها غفلة منه]، من طريق عبيد اللَّه بن عمر عن الزهري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
قلتُ: ولا أدرى من أيهما أتعجَّب أمن المقلَّد أم المقلِّد؟، وهل عبيد اللَّه بن عمر العمري الإمام الحافظ الثقة الثبت المحدث الجليل أصبح مجهولًا لا يعرف ونكرة لا تُتعرَّف؟، وكيف خفى على الهيثمي -وهو الحافظ المطَّلع- هذا فلم يدر أن عبيد اللَّه من مشاهير أصحاب الزهري؟، وقد يقال:"لعل الهيثمي وقع له الإسناد -عند الطبراني- هكذا "عبيد اللَّه بن عمر الزهري" فلم يعرفه، وهذا عندى بعيد جدًا، وهب أن ذلك راج على الهيثمي -لأمر من الأمور- فكيف يروج على حسين أسد وهو المتأخِّر المسْتدرك، ولو رجع الهيثمي أو أسد: إلى شيوخ عبدة بن سليمان وإلى تلاميذ الزهري من "تهذيب المزي" لانكشف لهما الغطاء، ولبرح عنهما الخفاء، لكن لم يأب حسين أسد إلا أن يأتي بداهية أخرى، فعاد ليقول عن شيخ المؤلف هنا: "وعبد اللَّه بن أبان الزراد الذى ترجمه البغدادي في تاريخ بغداد [9/ 421]، وهو مجهول".
قلتُ: كذا قال سامحه اللَّه، ولا يدرى أن الذى خلط في ترجمته ورماه بالجهالة هو الإمام المحدث الثقة: عبد اللَّه بن عمر بن محمد بن أبان الكوفي المشهور بلقب: "مُشْكدانة"، من رجال مسلم وأبي داود والنسائي. وهو من أشهر شيوخ المؤلف، وقد أكثر عنه في تواليفه، لكنه غالبًا لا يأتي باسمه على وجهه فتارة يقول:"حدثنا عبد اللَّه بن عمر بن أبان الكوفي" وتارة يقول: "حدثنا عبد اللَّه بن عمر الكوفي". وتارة يقول غير ذلك على عادة المحدثين في روم الاختصار في تعريف المشاهير من شيوخهم -باستثناء مَنْ عُرف بتدليس أسماء الشيوخ كالخطيب وغيره-.
ولو كان حسين أسد قد رجع إلى ترجمة عبدة بن سليمان من "تهذيب المزي"[18/ 532]، لرآه بعينى رأسه مذكورًا في تلامذته، ولكن إذا جاء القدر عمى البصر، والذى ترجمه الخطيب في "تاريخه" هو قريب من نفس طبقة شيخ المؤلف، لكنه غيره قطعًا. ووفاة الأول كانت: سنة "239 هـ" والثاني: "287 هـ ". فانتبه يا رعاك اللَّه.
2 -
صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم/ 149].
قال: فقال: لا واللَّه، لا تفارقه حتى توفيه، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رَبًّا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رَبًّا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رَبًّا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رَبًّا إِلا هَاءَ وَهَاءَ".
209 -
حدّثنا داود بن رشيدٍ، حدّثنا عباد بن العوام، حدّثنا سفيان بن حسينٍ، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أن عمر بن الخطاب، باع من طلحة بن عبيد الله مائة دينارٍ بورقٍ، فقال عمر: مثلها في يده، قلت: ما لى مالٌ حتى يجئ صاحب ضيعتى من الغابة، فقال: لا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ رَبًّا إِلا هَاءَ وَهَاءَ".
210 -
حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدّثنا حماد بن سلمة، عن حميدٍ، عن
209 - صحيح: انظر قبله.
وسفيان بن حسين: تكلموا في روايته عن الزهري، لكن تابعه جماعة من الثقات عليه.
2 -
صحيح لغيره: أخرجه أبو الأزرقي في "أخبار مكة"[2/ 151/ طبعة دار الأندلس]، وابن الأثير في أسد الغابة [1/ 686]، من طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن بن مسلم عن عمر به. وسنده ضعيف منقطع. الحسن بن مسلم: هو ابن يناق المكي التابعي الصغير المعروف، وبينه وبين عمر مفازة لا يطيقها. وحميد: هو الطويل، رماه ابن سعد وابن حبان وجماعة بالتدليس، وقد عنعنه كما ترى. نعم: خصَّ جماعة تدليسه عن أنس بن مالك فقط، لكن ذكر الحافظ في "طبقات المدلسين"[ص 38/ رقم/ 71]، أن النسائي قد وصفه بالتدليس، هكذا مطلقًا دون تقييد. وقد يقال: فلْيُحْمَل المطلق على المقيد؛ ويكون مراد النسائي بتدليسه: إنما هو عن أنس فقط.
قلتُ: وهو احتمال قوى، على أن حميدًا قليل التدليس على التحقيق، كما شرحناه في غير هذا الموضع.
وللحديث: طريق آخر يرويه الزهري عن عامر بن واثلة الليثي: "أن نافع بن عبد الحارث لقى عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين". =
الحسن بن سلم، أن عمر بن الخطاب استعمل ابن عبد الحارث على أهل مكة، فقدم عمر فاستقبله نافع بن عبد الحارث، واستخلف على أهل مكة عبد الرحمن بن أبزى، فغضب عمر حتى قام في الغرز، فقال: أتستخلف على آل الله عبد الرحمن بن أبزى؟ قال: إنى وجدته أقرأهم لكتاب الله، وأفقههم في دين الله، فتواضع لها عمر حتى اطمأن على رحله، فقال: قلت ذاك، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ اللَّهَ سَيَرْفَعُ بِهَذَا الدِّينِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ".
211 -
حدّثنا محمد بن على بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يقول: حدّثنا الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، أن عبد الرحمن بن أبي ليلى
= أخرجه مسلم [817]- واللفظ له - وابن ماجه [218]، وأحمد [1/ 25]، والدارمي [3365]، وابن حبان [772]، والبزار [249]، والبيهقي في "سننه"[4904]، وفي "الشعب"[2/ رقم 2682]، وجماعة من طرق عن الزهري به. لكن قد اختلف فيه على الزهري، وخالفه حبيب بن أبي ثابت، ورواه عن أبي الطفيل به موقوفًا على عمر، هكذا أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"[رقم/ 60]، وغيره. ثم اختلف فيه على حبيب، كما تراه عند الطبري في تهذيب الآثار [رقم 889]، وغيره. قال الدارقطني في "علله"[2/ 198]،:"وحديث الزهري هو الصواب".
قلتُ: والصواب أن الوقف والرفع محفوظان عن عامر بن وائلة، كما أوضحناه في غير هذا المكان. وانظر الآتي:
• تنبيه: وقع في مطبوعة حسين أسد "الحسن بن سلم" وهو تصحيف وصوابه "ابن مسلم".
وهكذا هو على الصواب عند ابن الأثير في "أسد الغابة" وهو يرويه من طريق المؤلف به.
211 -
صحيح: أخرجه الطبري في تهذيب الآثار [رقم/ 889/ مسند عمر]، من طريق الحسين بن واقد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به نحوه
…
قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لكنه معلول بعلل:
الأولى: أنهم قد اختلفوا في سماع عبد الرحمن من عمر، وسيأتي تحرير المسألة في الحديث القادم [رقم/ 241].
والثانية: أن الأعمش وحبيبًا مدلسان ولم يذكرا فيه سماعًا.=
حدثه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى مكة، فاستقبلنا أمير مكة نافع بن علقمة - وسمى بعم له يقال له نافع - فقال: من استخلفت على مكة؟ قال: استخلفت عليها عبد الرحمن بن أبزى قال: عمدت إلى رجل من الموالى فاستخلفته على من بها من قريش وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم وجدته أقرأهم لكتاب الله، ومكة أرض محتضرة، فأحببت أن يسمعوا كتاب الله من رجل حسن القراءة قال: نِعْمَ ما رأيت، إن الله يرفع بالقرآن أقوامًا، ويضع بالقرآن أقوامًا، وإن عبد الرحمن بن أبزى ممن رفعه الله بالقرآن.
212 -
حدّثنا هدبة بن خالدٍ أبو خالدٍ، حدّثنا مبارك بن فضالة، قال: حدثني أبو الأصفر، عن صعصعة بن معاوية، قال: كان أويس بن عامرٍ رجلٌ من قرنٍ، وكان من أهل الكوفة، وكان من التابعين، فخرج به وضحٌ، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه، فقال: اللَّهم
= والثالثة: أن الأعمش قد خولف في إسناده:
خالفه سفيان الثوري فرواه عن حبيب بن أبي ثابت فقال: عن أبي الطفيل به موقوفًا، هكذا أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن [رقم/ 60]، من طريق عبد الرحمن بن مهدى عن الثوري به
…
وهذا الوجه عندي: هو الأشبه. والحسين بن واقد - راويه عن الأعمش - وإن كان ثقة، إلا أن أحمد قد صح عنه أنه قال:"في أحاديثه زيادة، ما أدرى أي شيء هي، ونفض يده". وهذا قول ناقد بصير، وقال الساجي:"فيه نظر وهو صدوق يهم"، وكذا غمزه في حفظه ابن حبان وغيره. فالظاهر أنه دخل له إسناد في إسناد. وقد مضى أن حبيبًا قد خولف في وقفه، خالفه الزهري، فرواه عن أبي الطفيل به عن عمر مرفوعًا
…
واختلف على الزهري في رفعه ووقفه أيضًا.
والوجهان عنه: محفوظان كما أشرنا إلى ذلك في الحديث قبله.
212 -
منكر: أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده على الزهد"[ص/ 343]، وابن عدي في "الكامل"[1/ 413]، والعقيلى في الضعفاء [1/ 137]، والبيهقي في "دلائل النبوة"[رقم 2662]، وأبو نعيم في المعرفة [3/ رقم 941]، وابن منده في "معرفة الصحابة" كما في "الإصابة"[1/ 220]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[9/ 419]، وابن حبان في المجروحين [3/ 151]، وجماعة، من طريقين عن المبارك بن فضالة عن أبي الأصفر عن صعصعة بن معاوية به نحوه مطولًا ومختصرًا. =
دع لى في جسدى منه ما أذكر به نعمك عليَّ، فترك له منه ما يذكر به نعمه عليه، وكان رجلًا يلزم المسجد في ناسٍ من أصحابه، وكان ابن عمٍ له يلزم السلطان، يُولع به، فإن رآه مع قومٍ أغنياء، قال: ما هو إلا يستأكلهم، وإن رآه مع قومٍ فقراء، قال: ما هو إلا يخدعهم، وأويسٌ لا يقول في ابن عمه إلا خيرًا، غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه، وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا عليه من الكوفة: هل تعرفون أويس بن عامرٍ القرنى؟ فيقولون: لا، فقدم وفدٌ من أهل الكوفة، فيهم ابن عمه ذاك، فقال: هل تعرفون أويس بن عامرٍ القرني؟ قال ابن عمه: يا أمير المؤمنين، هو ابن عمى، هو رجلٌ نذلٌ فاسدٌ لم يبلغ ما إن تعرفه أنت يا أمير المؤمنين، فاقال له عمر: ويلك هلكت، ويلك هلكت، إذا أتيته فأقرئه منى السلام، ومره فليفد إليَّ، فقدم الكوفة، فلم يضع ثياب
= قلتُ: وهذا حديث منكر بهذا السياق: وقد أخرجه الذهبي في "سير النبلاء" من طريق المؤلف [4/ 254]، ثم قال:"هذا حديث غريب تفرد به مبارك بن قضالة عن أبي الأصفر، وأبو الأصفر ليس بمعروف".
قلتُ: قد أورده ابن حبان في المجروحين [3/ 151]، وقال:"أبو الأصفر شيخ يروى عن صعصعة بن معاوية، روى عنه المبارك بن فضالة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.". لكن لم يعجب الذهبي هذا الكلام فتعقبه في الميزان [4/ 492]، قائلًا:"أبو الأصفر عن صعصعة بن معاوية، تكلم فيه ابن حبان بلا حجة فقال: لا يحتج به". وأقول: ومن هذا الأصفر حتى يقال فيه: "تكلم فيه ابن حبان بلا حجة" بل أنت نفسك تقول: "أبو الأصفر ليس بالمعروف" إذًا فهو مجهول، والمجهول إذا انفرد بخبرٍ عن تقة ولم يتابعه أحد عليه صَدَقتْ كلمةُ ابن حبان فيه ولا كلام. فإذا كان في سياق حديثه نكارة ظاهرة فهو ضعيف مائل فإن روى مثله فهو تألف. ثم رأيتُ ابن معين قد ذكره في "تاريخه"[4/ 287/ رواية الدورى]، فقال:"مشهور" كذا قال، ولعل أصل قوله كان "غير مشهور". فسقطت "غير" من الناسخ؛ ثم استظهرت: أن "أبو الأصفر" ربما يكون هو "مروان الأصفر" التابعى المعروف من رجال التهذيب. فقد ذكروا في الرواة عنه "المبارك بن فضالة"، وذكروا أنه يروى عن "صعصعة بن عامر". وهو احتمال قوى. وعلى كل حال: فمبارك بن فضالة كثير الخطأ على تدليسه الشديد كما يقول أبو داود، لكنه صرح بالسماع. غير أنى وجدتُ: الحافظ قد اتهمه بتدليس التسوية أيضًا، ولست أدرى مَنْ سلفه في هذا، والقصة منكرة بهذا السياق. ولها طرق أخرى بسياقات مختلفة:=
سفره عنه حتى أتى المسجد، قال: فرأى أويسًا فلم به، فقال: استغفر لى يا ابن عمى، قال: غفر الله لك يا ابن عم، قال: وأنت يغفر الله لك يا أويس بن عامرٍ، أمير المؤمنين يقرئك السلام، قال: ومن ذكرني لأمير المؤمنين؟ قال: هو ذكرك وأمرنا أن نبلغك أن تفد إليه، قال: سمعٌ وطاعةٌ لأمير المؤمنين، فوفد إليه، حتى دخل على عمر، فقال: أنت أويس بن عامرٍ؟ قال: نعم، قال: أنت الذي خرج بك وضحٌ فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه؟ فقلت: اللَّهم دع لى في جسدى منه ما أذكر به نعمتك على، فترك لك في جسدك ما تذكر به نعمه عليك، قال: وما أدراك يا أمير المؤمنين؟ فواللَّه ما اطلع على هذا بشرٌ، قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سيكون في التابعين رجلٌ من قرن يقال له: أويس بن عامرٍ، يخرج به وضحٌ فيدعو الله أن يذهبه عنه، فيذهبه، فيقول: اللَّهم دع لى في جسدى
= أصحها: ما رواه أسير بن جابر قال: "كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس، فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم. قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" فاستغفر لى، فاستغفر له. فقال له: عمر أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلى. قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر، فسأله عن أويس؟ قال: تركته رثَّ البيت قليل المتاع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره "فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل، فأتى أويسًا فقال: استغفر لى. قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح فاستغفر لى. قال: استغفر لى. قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح، فاستغفر لى. قال: لقيت عمر؟ قال نعم. فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه. قال أسير: وكسوته بردة، فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟ ". أخرجه مسلم [2542]- واللفظ له - والحاكم [3/ 456]، وأحمد [1/ 38]، وجماعة، من طريق أسير بن جابر به. =
ما أذكر به نعمتك عليَّ، قال: فيدع له منه ما يذكر به نعمه عليه، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له، فليستغفر له، فاستغفر لى يا أويس بن عامرٍ، فقال له: غفر الله لك يا أمير المؤمنين، قال: وأنت يغفر الله لك يا أويس بن عامر، قال: فلما سمعوا عمر، قال عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال رجل: استغفر لى يا أويس، وقال آخر: استغفر لى يا أويس، فلما كثروا عليه انساب فذهب، فما رئى حتى الساعة.
213 -
حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامى، حدّثنا حماد بن سلمة، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عتبة بن فرقدٍ: سلامٌ عليك، أما بعد: فارتدوا واتزروا وألقوا السراويلات، وانتعلوا وألقوا الخفاف، وارموا الأغراض واقطعوا الركب، وانزوا على الخيل نزوًا، وعليكم بالجرمية والمعدية، وإياكم والتنطع، وزى العجم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا، ثلاث أصابع، أو هكذا أربع أصابع.
214 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا جريرٌ، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان، عن
= قلت: وهذا اللفظ يشهد للمرفوع منه، وبعض الفقرات الموقوفة. وما أجمل ما قاله أبو الفرج بن الجوزي في كتابه الموضوعات [2/ 44]، في باب "ما ذُكِر في أويس": قال: " .... وإنما يصح في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرتْ له مع عمر، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يأتي عليكم أويس فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل" فأطال القُصَّاص وأعرضوا في حديث أويس بما لا فائدة في الإطالة بذكره .... ".
213 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 43]، والبيهقي [19522]، وجماعة، من طرق عن عاصم الأحول عن أبي عثمان به نحوه. وتوبع عليه عاصم: تابعه قتادة عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات"[رقم/ 995]، وابن حبان [5454]، والبيهقي في "الشعب"[5/ رقم 6186]، وجماعة، به نحوه، والمرفوع منه فقط: عند البخاري [5490]، ومسلم [2069]، وأبو داود [4042]، والنسائي [5312]، والبيهقي [5876]، وجماعة، من طرق عن أبي عثمان النهدي به
…
وقد اختلف في سنده على قتادة عن أبي عثمان، وهو خلاف لا يضر، إن شاء الله. فراجع "علل الدارقطني"[3/ 62].
214 -
صحيح: انظر قبله.
عمر، قال: إياكم ولباس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الحرير إلا هكذا، ورفع أصابعه السبابة والوسطي.
215 -
حدّثنا إبراهيم بن الحجاج، حدّثنا حمادٌ، عن علي بن زيدٍ، عن أبي رافعٍ، عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحجون، وهو كئيبٌ حزينٌ، فقال:"اللَّهمَّ أَرِنِي الْيَوْمَ آيَةً لا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي". فنادى شجرةً من قبل عقبة أهل المدينة، فناداها فجاءت تشق الأرض حتى انتهت إليه، فسلمت عليه، ثم أمرها فذهبت، قال: فقال: "مَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا مِنْ قَوْمِي".
215 - منكر: أخرجه ابن المديني في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق/ لابن كثير"[2/ 671]، والبزار [رقم/ 310]، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"[رقم 280]، والبيهقي في "دلائل النبوة"[6/ 13/ الطبعة العلمية]، والفاكهي في "أخبار مكة"[4/ 29]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 364]، وغيرهم، من طرف عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي رافع عن عمر بن الخطاب به نحو
…
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد". وقال ابن المديني: "هذا إسناد بصرى ولا نعرفه إلا من حديث حماد".
وقال الهيثمي في "المجمع"[8/ 567]: "رواه البزار وأبو يعلى وإسناد أبي يعلى حسن".
قلتُ: الهيثمي يتناقض كثيرًا في عدد من النقلة في كتابه هذا؛ فمرة تراه يضعِّف على بن زيدٍ بن جدعان، ثم تراه في مواضع يحسِّن له، وهكذا يفعل مع ابن لهيعة والليث بن أبي سليم وغيرهم. وهلا قال كما قال صاحبه البوصيري في "إتحاف الخيرة" [7/ 107]:"مَدَارُ إِسْنَادِ هَذَا الحديث عَلَى عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَهُوَ ضَعيفٌ". وابن جدعان: منكر الحديث على التحقيق وَقد انفرد به عن أبى رافع الصائغ كما ترى، بل رأيته قد اضطرب فيه أيضًا؛ فعاد ورواه عنه حماد بن سلمة فقال: عن علي بن زيد عن أبي زيد به نحوه
…
مرسلًا. هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[1/ 170/ طبعة دار صادر]، قال: أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا على بن زيد عن أبي زيد به.
قلتُ: ومنْ أبو زيدٍ هذا؟، ثم أين ذهب عمر بن الخطاب من الإسناد؟، وابن جدعان مشهور بمثل تلك الأوابد، وهو إمام فقيه تابعى حافظ. ولكن أين الضبط والتجويد؟، وفي الإسناد علة أخرى ذكرها البوصيري فقال:"وأبَو رَافِعٍ إِنْ كَانَ الصَّحَابِيُّ فَعَلِيُّ بْنُ زَيْد لَمِ يُدْرِكْهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّائِغُ، فَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ".=
216 -
حدَّثنا زهيرٌ، حدّثنا جرير، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن صفوان، قال: قلت لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة؟ قال: "صَلَّى رَكْعَتينِ".
= قلتُ: بل هو الصائغ بلا تردد، ولا يروى ابن جدعان عن أبي رافع سواه، ثم هو شيخ ثقة قديم قد أدرك الجاهلية، فكيف لم يدرك عمر بن الخطاب؟، بل ثبت أن عمر كان يجالسه ويمازحه أيضًا. راجع ترجمته من "التهذيب" وذيوله. وقد اختلف في إسناده على حماد بن سلمة، فرواه عنه ثقات أصحابه على الوجه الماضي، وخالفهم عبيد الله بن محمد ابن عائشة، فرواه عنه فقال: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ ابِى رَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخُطَّابِ به، فجعل شيخ حماد فيه:"ثابت" وهو البناني الثقة العالم، بدل "ابن جدعان" الضعيف المعروف، هكذا أخرجه الفاكهى في "أخبار مكة" [4/ 29/ طبعة الدهيش، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْن مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ مُحَمَّد به.
قلتُ: وهذا من أغلاط ابن عائشة - وإن كان ثقة - على حماد، والمحفوظ عن حماد: هو الوجه الأول، وبذلك جزم الفاكهي، فقد ساق الحديث بعد ذلك من طريقين عن حماد على الوجه الأول، ثم قال:"وهذا هو الصحيح". وللحديث شاهد من مراسيل الحسن البصري: أخرجه البيهقي في الدلائل [6/ 14]، بإسناد ضعيف إليه، وأجارك الله من مراسيل أبي سعيد.
216 -
صحيح: أخرجه أبو داود [رقم/ 2026]، وأحمد [3/ 431]، وابن سعد في "الطبقات"[5/ 461]، وابن المديني في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق/ لابن كثير"[1/ 310]، والطحاوي في شرح المعاني [1/ 391]، والبيهقي في "سننه"[رقم / 3606]، وابن عساكر في "تاريخه"[34/ 436]، والمزى في "التهذيب"[17/ 188]، وجماعة من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان عن عمر به نحوه مطولًا ومختصرًا
…
قال ابن المديني: "هذا حديث صالح الإسناد، ولم يرو عن عمر إلا من هذا الوجه".
قلتُ: بل هذا إسناد أعوج، وابن أبي زياد: هو القرشى الكوفي الذي ضعفه جمهور النقاد لسوء حفظه، واختلال ذهنه، مع كونه صدوقًا في الأصل.
قال ابن سعد: "كان ثقة في نفسه؛ إلا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب".=
217 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا ابن أبي ليلى، عن عطاءٍ، عن يعلى بن أمية، قال: رأيت عمر بن الخطاب، استلم الحجر الأسود وقبله، وقال. إنى لأقبِّلك، وإنى لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولكن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ.
218 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، أن عمر، قبله، يعنى الحجر، والتزمه، وقال: رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيًا.
219 -
حدَّثنا محمد بن بشار، حدّثنا أبو داود صاحب الطيالسة، عن جعفر بن محمدٍ المخزومي، قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفرٍ، قبل الحجر وسجد عليه، وقال: رأيت عمر بن الخطاب، يقبل الحجر ويسجد عليه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
= قلتُ: فاستغلَّ ذلك جماعة من الأنذال وجلسوا إليه يلقِّنونه أحاديث ليس لها خُطم ولا أزمة، حتى كثرت المناكير في مروياته، وقد ضاق جماعة من النقاد بأحاديثه المنكرة ذرعًا، حتى سئل عنه ابن المبارك فقال لسائله:"ارْم به". لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة: قد استوفيناها في "غرس الأشجار". منها: حديث ابن عمر الآتى عند المؤلف [برقم/ 5700]، و [رقم/ 5617]، ولفظه:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت"، وفي لفظ:"صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة". وهذا الحديث: إنما سمعه ابن عمر من بلال، كما أخرجه الشيخان.
217 -
صحيح: هذا إسناد ضعيف.
وابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن الإمام الفقيه المجتهد، ولم يكن يحمدونه في الحديث؛ لسوء حفظه، وكثرة خطئه، وكلامهم فيه معروف. لكنه ليس في حيز المتروك، وقد اضطرب - كعادته - في متن هذا الحديث كما تراه عند ابن أبي شيبة [14991]. وعطاء: هو ابن أبي رباح فقيه أهل مكة وإمامهم. وللحديث: طرق أخرى عن عمر صحيحة. ومنها الآتى:
218 -
صحيح: مضى تخرجه في الحديث [رقم/ 189].
219 -
منكر: أخرجه الدارمي [1865]، وابن خزيمة [2714]، والحاكم [1/ 625]، والطيالسي [28]، والبزار [215]، والطحاوي في "أحكام القرآن"[2/ 113 - 114]، والبيهقي في "سننه"[9005]، والفاكهى في "أخبار مكة"[1/ 80]، والضياء في "المختارة"[1/ 105]، وغيرهم من ثلاثة طرق عن جعفر بن عبد الله بن عثمان المخزومي [ووقع عند الطيالسي: "عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جعفر بن عثمان" نسبه الطيالسي إلى جده، كما قال البيهقي.] عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس عن عمر به نحوه
…
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"، وقال ابن كثير في "مسند الفاروق" [1/ 312]:"هذا حسن".
قلت: بل هو معلول لا يثبت كما سيأتي، وهكذا رواه أبو عاصم النبيل وأبو داود الطيالسي وعبد الله بن داود الخريبي وغيرهم عن جعفر به. وخالفهم: بشر بن السري، فرواه عن جعفر فقال: عن محمد بن عباد عن ابن عباس به مرفوعًا. ولم يذكر فيه عمر، وجعله من "مسند ابن عباس"، هكذا أخرجه العقيلي في "الضعفاء"[1/ 183]، من طريق بشر به، والاضطراب فيه: من جعفر بن عبد الله نفسه؛ فهو وإن وثقه أحمد وابن حبان، إلا أن العقيلي قد قال:"في حديثه وهم واضطراب.". وقد أنكر عليه هذا الحديث وذكره في ترجمته من "الضعفاء".
قلتُ: ويدل على اضطرابه فيه أن الذين رووه عنه على الوجهين ثقات أئمة، فالحمل عليه. وأقوم سبيل للحكم على الراوي: إنما هو سبْرُ مروياته وأحاديثه وعرضها على أحاديث الثقات، كما كان عليه جماعة من أفذاذ النقاد، أما مطلق التوثيق النظرى فلا يخفى ما فيه؛ لاسيما في مواطن الجدال، ومعترك الاستدلال. وقد خولف جعفر في رفعه، خالفه بعض الثقات، فرواه موقوفًا كما يأتي، وهذا يؤيد أن جعفرًا كان في حفظه شيء، وقد وهم الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه"، وأورد هذا الحديث كما مضى من طريق أبي عاصم النيل عن جعفر بن عبد الله به
…
ثم قال عن جعفر: "وهو ابن الحكم"، وهذا وهم مجرد، بل هو ابن عبد الله بن عثمان القرشي. فانتبه.
وقد خولف جعفر بن عبد الله في إسناده؛ خالفه ابن جريج - الثقة الإمام - فرواه عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس به موقوفًا عليه
…
أخرجه الأزرقي في أخبار مكة [1/ 497]، والفاكهي أيضًا في أخبار مكة [1/ 86]، والعقيلي في "الضعفاء"[1/ 183]، والشافعي في مسنده [رقم / 881]، وعبد الرزاق [رقم / 8912]، وغيرهم من طرق عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر قال:"رأيتُ ابنَ عَبَّاس أتى الرُّكُنَ الأسْودَ مُسَبِّدًا فَقَبَّلَهُ ثمَّ سَجَدَ عليه، ثمَّ قَتلَهُ ثمَّ سَجَدَ عليه، ثمَّ قَتلَهُ ثمَّ سَجَدَ عليه". هذا لفظ الشافعي. فأوقفه ابن جريج على ابَن عباس من فعله، وهذَا إسناد صحيح موقوف، وقد صرح ابن جريج فيه بالسماع عند عبد الرزاق،=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو المحفوظ عن محمد بن عباد. ولا يصح عنه مرفوعًا، وقد قال العقيلى:"حديث ابن جريج أولى". يعنى موقوفًا.
* تنبيه مهم: وقع عند عبد الرزاق: "أخبرنى محمد بن عباد عن أبى جعفر" وهذا تصحيف بلا تردد، و"عن" محرفة من "بن"، و"أبى" مقحمة لا معنى لها، وكل ذلك: من تصرُّف المعلق على "المصنف" لعبد الرزاق، فإنه اعترف بالهامش أن إسناد عبد الرزاق كان هكذا:"عن محمد بن عباد بن جعفر" فأفسده هو بتحريف: "بن" إلى "عن"، وزيادة:"أبى" في صلب الإسناد، وزعم أن ما فعله هو الصواب، سامحه الله. وصنيع هذا المعلق في سند عبد الرزاق - مع طريق سعيد القداح الآتى -: قد أوقع الإمام الألبانى في مأزق؛ فجعل في "الإرواء"[4/ 310]، يُصْلح من سند العقيلى الذي مضى آنفًا ويقول بالهامش. "كذا في الأصل" والصواب:"محمد بن عباد عن أبى جعفر" كما في الروايات الأخرى الآتية عن ابن جريج". ولم يفعل شيئًا، بل المثبت في جميع الروايات - سوى عبد الرزاق - إنما هو على الوجه الذي يروم سواه وقد مضى آنفًا. فانتبه.
والعجب: أن الإمام قد عزاه من رواية ابن عيينة عن ابن جريج إلى "أخبار مكة للأزرقى". والذى عند الأزرقى من طريق ابن عيينة: هو نفسه الذي ننافح عنه في هذا المقام، فاللّه المستعان، وقد اختلف في سنده على ابن جريج، فرواه ابن عيينة وعبد الرزاق ومسلم بن خالد الزنجى ثلاثتهم عن ابن جريج به على هذا الوجه الماضى، وخالفهم جميعًا: سعيد بن سالم القداح الفقيه المكى؛ رواه عن ابن جريج فقال: عن أبى جعفر عن ابن عباس به
…
فجعل شيخ ابن جريج فيه: "أبا جعفر"، بدل:"محمد بن عباد بن جعفر".
هكذا أخرجه الشافعي [رقم/ 882]، وفى "الأم"[2/ 257]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[رقم/ 9006]، من طريق سعيد بن سالم به. والقداح: قد وثقه جماعة وضعفه بعضهم، وليس هو في قوة عبد الرزاق - أخص الناس بابن جريج - فضلًا عن أبى محمد الهلالى. فالوجه الأول: هو المحفوظ عن ابن جريج، ثم رأيت المعلق على "الأم/ للإمام الشافعي"[2/ 257]، ذكر أنه وقع في بعض النسخ:"عن ابن جعفر"، فإن صح هذا، فيكون "ابن جعفر" هذا هو نفسه:"محمد بن عباد بن جعفر" نُسب إلى جده، ثم رأيت بعض المتأخرين قد جزم بكون الصواب أنه:"أبو جعفر" وهو نفسه: "محمد بن عباد بن جعفر"، فقد كان له ولد يقال له:"جعفر" ذكره المزى من الرواة عن أبيه في ترجمته من "التهذيب".
220 -
حدّثنا زكريا بن يحيى زحمويه الواسطى، حدّثنا عمر بن هارون، عن حنظلة بن أبى سفيان، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه، ثم عاد فقبله وسجد عليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع.
= وهذا احتمال قوى. وعليه: تكون رواية سعيد القداح موافقة لرواية الجماعة عن ابن جريج، وليست مخالفة لهم.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمر عن أبيه مرفوعًا، وهو الآتى. وله شواهد تالفة لا تثبت، ولا يصح في السجود على الحجر الأسود حديث قط، وإنما الثابت هو التقبيل وحسب.
* تنبيه مهم: وقع في طبعة حسين أسد من "مسند المؤلف": "رأيتُ محمد بن عباد بن جعفر قبّل الحجر وسجد عليه وقال: رأيتُ عمر بن الخطاب يقبل الحجر"، هكذا، ولم يذكر فيه "ابن عباس" بينهما، وحكم عليه حسين أسد بالانقطاع لأجل ذلك غافلًا عن ذلك السقط في متنه. وتابعه على تلك الغفلة: المحدث الحوينى في "تنبيه الهاجد"[رقم/ 33]، فقال:"وسنده ضعيف لانقطاعه"، والتحقيق: أن ذلك سقطًا وقع في طبعة حسين أسد وحدها، وهو على الصواب في الطبعة العلمية من "مسند المؤلف". وهكذا: هو على الصواب أيضًا في "المقصد العلى بزوائد مسند أبى يعلى الموصلى"[1/ 256/ الطبعة العلمية]، للهيثمى.
* تنبيه آخر: وقع عند المؤلف وحده: "عن جعفر بن محمد المخزومى"، وهذا خطأ لا ريب فيه، وإنما هو "جعفر بن عبد اللّه بن عثمان" هكذا هو في أكثر المصادر. وهكذا وقع عند الطيالسى في "مسنده" - والمؤلف يرويه من طريقه - لكن الطيالسى يسميه:"جعفر بن عثمان"، ينسبه إلى جده، كما نبه عليه البيهقى وغيره. ويؤيد أن ذلك غلطًا في إسناد المؤلف: أن الضياء قد أخرج الحديث في "المختارة" من طريق المؤلف: ثنا بندار بن بشار ثنا أبو داود صاحب الطيالسة عن جعفر بن عثمان المخزومى به.
لكن يبدو أن ذلك الخطأ قديم، فقد قال الهيثمى في "المجمع" [3/ 541]:"رواه أبو يعلى بإسنادين، وفى أحدهما جعفر بن محمد المخزومى، وهو ثقة وفيه كلام". وهكذا وجدته: ساق إسناد المؤلف في "المقصد العلى"، وفيه:! عن جعفر بن محمد المخزومى"، وأنا أستبعد أن يكون قد اختلف على الطيالسى في سنده، ولم يفطن المحدث الحوينى إلى ذلك الخطأ تنبيه الهاجد"[33]، وزعم أن "جعفر بن محمد المخزومى" هو:"جعفر بن محمد بن عباد بن جعفر"، وقد رددنا عليه في كتابنا:"إيقاظ العابد بما وقع في تنبيه الهاجد". أعاننا الله على إكماله.
220 -
منكر: هذا إسناد ساقط، وعمر بن هارون: هو الثقفى الذي تركه النقاد رغبة عنه وعن حديثه؛=
221 -
حدّثنا عثمان بن أبى شيبة، حدّثنا ابن إدريس، عن حزام بن هشام بن حبيش بن الأشقر الخزاعى، قال: سمعت أبى، يذكر أنه رأى عمر بن الخطاب، يقبل الحجر، ويقول: أشهد أنك حجرٌ، ولكنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك.
= حتى قال ابن حبان: "يروى عن الثقات المعضلات ويدعى شيوخًا لم يرهم" راجع "تهذيب الحافظ"[7/ 505]. وقد توبع على رفعه؛ لكنه خولف في إسناده؛ تابعه وخالفه: حميد ابن عبد الرحمن الرؤاسى الثقة المعروف، فرواه عن حنظلة بن أبى سفيان فقال: عن طاوس: "أن عمر قبَّل الحجر وسجد عليه لكل قبلة، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله". أخرجه ابن أبى شيبة [14752]، حدثنا حميد بن عبد الرحمن به.
قلتُ: ورجاله ثقات إلا أن طاووسًا لم يسمع من عمر بالاتفاق، وقد خولف حميد في رفعه؛ خالفه عثمان بن عمرو القرشى فرواه عن حنظلة عن طاوس به موقوفًا عليه: هكذا أخرجه الأزرقى في أخبار مكة [رقم/ 421]. وتابعه محمد بن خالد المخزومى: عند الفاكهى في أخبار مكة [رقم 87].
وتابعهما: وكيع عند ابن أبى شيبة [رقم/ 14755]. وهذا هو المحفوظ مقطوعًا على طاووس وحده
…
وقد وقع في إسناده اختلاف غير هذا على حنظلة، شرحناه في "غرس الأشجار". وذكرنا هناك: أن السجود على الحجر الأسود لم يثبت مرفوعًا ولا موقوفًا على عمر، وإنما صح عن ابن عباس وطاوس وغيرهما.
221 -
صحيح: قال ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 314]: "غريب حسن؛ لأن حزام بن هشام بن حبيش بن خالد الأشقر، روى عنه غير واحد، منهم: عبد الله إدريس، وكيع، ويحيى بن يحيى، وقال أبو حاتم الرازى: "محله الصدق"، وأما أبوه: فروى عن عمر، وعامر وسراقة بن مالك، وعنه ابنه حزام فقط. قاله أبو حاتم الرازى".
قلت: قد وقفت على توثق عزيز لحزام وأبيه هشام معًا، فأخرج ابن عساكر في "تاريخه"[12/ 363]، بالإسناد الصحيح عن يعقوب بن شيبة الحافظ أنه قال:"حزام بن هشام ثقة، وقد أدرك عمر بن عبد العزيز، وأبوه هشام بن حبيش: ثقة وقد أدرك عمر بن الخطاب وسافر معه، وبقى حتى أدرك عمر بن عبد العزيز وحدث عنه".
قلتُ: والحديث ثابت من غير وجه عن عمر، كما مضى [برقم/ 218]، وقبله [برقم/ 189]، فانظر ثمَّة.
222 -
حدّثنا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمرٌ، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبى ثور، عن ابن عباسٍ، عن عمر بن الخطاب، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رَمْل حصيرٍ قد أثر في جنبه، فرفعت رأسى في البيت، فوالله ما رأيت فيها شيئًا يرد البصر إلا أهَبَةً ثلاثةً.
223 -
حدّثنا إسحاق، حدّثنا حجاجٌ، عن شعبة بن الحجاج، عن سماك بن حربٍ، أنه سمع النعمان بن بشيرٍ يخطب، قال: ذكر عمر بن الخطاب ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوى ما يجد من الدَّقَل ما يملأ به بطنه.
224 -
حدّثنا أبو همامٍ الوليد بن شجاعٍ، حدّثنا عبد الله بن المبارك، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، يقول: واللَّه لولا أن نترك آخر الزمان ببانًا ليس لهم شئٌ، ما فتح الله على أهل الإسلام قريةً إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر.
222 - صحيح: أخرجه البخارى [2336]، ومسلم [1479]، والترمذى [3318]، وأحمد [1/ 33]،، وابن حبان [4187]، والبزار [206]، والنسائى في "الكبرى"[9157]- وهو في الصغرى أيضًا، لكن ليس عنده موضع الشاهد - والبيهقى [13046]، وجماعة كثيرة من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن أبى ثور عن ابن عباس عن عمر به نحوه مطولًا ومختصرًا ....
وقد مضى مختصرًا أيضًا [برقم/ 178]، وقد ذكرنا هناك الاختلاف الذي في سنده.
223 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 183].
224 -
صحيح: أخرجه أحمد [1/ 31]،، والبيهقى في "سننه"[18172]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 8]، وابن عساكر في "تاريخه"[2/ 188]، وجماعة من طريق هشام بن سعد المدنى عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به نحوه
…
وهذا إسناد قوى. وهشام بن سعد قد تكلموا فيه لكنه من أثبت الناس في زيد بن أسلم كما قاله أبو داود.
وقد توبع عليه هشام: تابعه مالك عند البخارى [2209]، وأبو داود [3020]، والبزار [2706]، وابن أبى شيبة [32977]، والبيهقى [12601]، وابن الجارود [1092]، وجماعة كثيرة من طريق مالك عن زيد بن أسلم بإسناده به نحوه
…
225 -
حدّثنا أبو كريبٍ محمد بن العلاء، حدّثنا وكيع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَعُودُ فِي صَدَقَتِهُ كمَثَلِ الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ".
226 -
حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا وكيع، حدّثنا إسحاق بن عثمان الكلابى، حدّثنا
225 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 54]، وابن أبى شيبة [21714]، وابن زنجويه في "الأموال"[1244]، وغيرهم من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به مرفوعًا
…
وسنده قوى كما مضى في الذي قبله. وقد توبع عليه هشام: تابعه مالك في "موطئه"[623]، ومن طريقه البخارى [1419]، ومسلم [1620]، والبزار [266]،، والنسائى [2615]، وأحمد [1/ 40]، وابن حبان [5125]، والبيهقى [7422]، وجماعة عنه بهذا اللفظ. ورواه جماعة عن مالك بنحوه. وقد اختلف على مالك فيه، كما شرحه الدارقطنى في "عللة" [2/ 15]. وتابعه أيضًا: روح بن القاسم عند مسلم [1620]، والطبرانى في "الأوسط" [3/ رقم 2793]. وكذا تابعه: خارجة بن مصعب عند الطيالسى [رقم/ 64]. ثم أتى عبد اللّه بن عمر العمرى وخالفهم جميعًا ورواه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر به نحوه مرفوعًا
…
هكذا بإسقاط "أسلم" والد زيد من سنده، أخرجه ابن ماجه [2386]، من طريق العمرى به.
قلت: وهذان وهمان فاضحان من العمرى في إسناد واحد:
فالأول: أسقط منه "أسلم".
والثانى: جعله من "مسند عبد اللّه بن عمر". والعمرى: ضعفه النقاد كلمة واحدة ولم يوثقه إلا من لا يعرفه. راجع: ترجمته في "التهذيب" وذيوله.
والوجه الأول: هو المحفوظ عن زيد بن أسلم.
226 -
ضعيف بهذا السياق: أخرجه أحمد [5/ 85]، وأبو داود [رقم/ 1139]، وابن حبان [3041]، وابن خزيمة [1722]، والبزار [252]، وابن سعد في "الطبقات"[7/ 8]، والطبرانى في "الكبير"[52/ رقم 85]، والبيهقى [5427]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 262]، وجماعة، من طرق عن إسحاق بن عثمان الكلابى عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية عن عمر به نحوه. وهو عند أبى داود مختصرًا. قال الهيثمى في "المجمع" [6/ 42]:"رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى ورجاله ثقات". وقال حسين أسد في تعليقه على "مسند المؤلف": "إسناده حسن". =
إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية الأنصارى، قال: حدثتنى جدتى أم عطية، قالت: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيتٍ، ثم بعث إلينا عمر، فقام فسلم، فرددنا عليه السلام، فقال: إنى رسول الله إليكن، قلنا: مرحبًا برسول الله وبرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فقال: أتبايعننى على أن لا تزنين ولا تسرقن، ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتانٍ تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصين في معروفٍ؟ قلنا: نعم، قالت: فمددنا أيدينا من داخل البيت ومد يده من خارجه وأمرنا أن نخرج الحيض والعواتق في العيدين، ونهانا عن اتباع الجنائز، ولا جمعة علينا، قال: قلت: فما المعروف الذي نُهيتُنَّ عنه؟ قالت: النياحة.
227 -
حدّثنا أبو هشامٍ الرفاعى، حدّثنا إسحاق بن سليمان، حدّثنا معاوية بن
= قلتُ: وهذا تساهل منهما جميعًا، وإسماعيل: لم يرو عنه سوى إسحاق وحده، ولم يوثقه سوى: أبى حاتم البُستى وحده، وبه أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1/ 12]، فقال:"هذا إسناد فيه مقال؛ إسماعيل بن عبد الرحمن: ذكره ابن حبان في "الثقات" وأخرج له هو وابن خزيمة في صحيحيهما". وقد خولف في إسناده أيضًا؛ خالفه جماعة رووه عن أم عطية مرفوعًا - ليس فيه عمر - بقصة الخروج إلى العيد فقط. هكذا أخرجه البخارى [318]، ومسلم [890]، وجماعة كثيرة. وهذا هو المحفوظ، لكن لأكثر فقرات الحديث شواهد ثابتة.
اللّهم إلا قول أم عطية: "فمددنا أيدينا من داخل البيت
…
" فهى زيادة منكرة. وكذا دون ذكر عمر في أوله.
227 -
ضعيف بهذا السياق: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[6/ 400]، من طريق المؤلف حدّثنا أبو هشام الرفاعى حدّثنا إسحاق بن سليمان حدّثنا معاوية بن يحيى عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عمر به. قال الهيثمى في "المجمع" [8/ 211]:"رواه أبو يعلى وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف".
قلتُ: وهذا إسناد منكر. معاوية بن يحيى: هو الصدفى المشهور، وعنه يقول ابن معين:"هالك ليس بشئ" وقال النسائي: "ليس بثقة"، ونحوه قال سائر النقاد. بل تكلموا في روايته عن الزهرى أيضًا فقال الساجى:"ضعيف الحديث جدًّا، وكان اشترى كتابًا للزهرى من السوق؛ فروى عن الزهرى". =
يحيى، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول لرجلٍ: تعال أقامرك فأمره أن يتصدقَ بصدقةٍ.
228 -
حدّثنا أبو هشامٍ، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا عمر بن حمزة، عن سالمٍ، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ لِكُلِّ أمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبو عُبَيْدَةَ بنُ الجْرَّاحِ".
= قلتُ: وهذا يقتضى الطعن في سماعه من الزهرى رأسًا، لكن يقول البخارى:"أحاديثه عن الزهرى مستقيمة، كأنها من كتاب".
قلتُ: فهذا صريح في احتماله في الزهرى جملة، لكن استثنى البخارى فقال:"وروى عنه عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان: أحاديث مناكير كأنها من حفظه".
قلتُ: وهذا الحديث من رواية إسحاق عنه، وقال ابن خراش:"رواية إسحاق الرازي عنه مقلوبة" ونحوه قال الدارقطنى أيضًا.
ومصداق ذلك: أنه قد خولف في هذا الإسناد؛ خالفه جماعة من أصحاب الزهرى في سنده ومتنه؛ فرووه عنه فقالوا: عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعًا: "من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق".
أخرجه البخارى [4579]، و [5756]، و [5942]، ومسلم [1647]، وأبو داود [3247]، والترمذى [1545]، والنسائى [3775]، وأحمد [2/ 309]، وابن خزيمة [54]، وابن حبان [5705]، وجماعة كثيرة من طرق [عن معمر والأوزاعى - واختلف عليه - ويونس بن يزيد وعقيل بن خالد وابن أخى الزهرى والزبيدى - واختلف عليه - وغيرهم كلهم] عن الزهرى به. وهذا هو المحفوظ عن الزهرى سندًا ومتنًا. وقد بسطنا تخريجه في "غرس الأشجار".
228 -
صحيح لغيره: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[1/ 101]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 281]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 19]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 460]، والبزار [134]، وأبو نعيم أيضًا في أخبار أصبهان [1/ 168]، وجماعة من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة الكوفى عن عمر بن حمزة العمرى العدوى عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر عن عمر به. قال البزار:"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عمر بن حمزة إلا أبو أسامة". =
229 -
حدّثنا أبو هشامٍ، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا عبد الله بن بديل بن ورقاء، عن الزهرى، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشُّؤْمُ فِي ثَلاثَةٍ: فِي الدَّابَّةِ وَالمْسْكَنِ وَالمْرْأَةِ".
قال أبو هشامٍ: هو خطاءٌ.
= قلتُ: وهذا إسناد لا يصح. وعمر بن حمزة: يقول عنه أحمد: "أحاديثه مناكير" وضعفه ابن معين والنسائى وغيرهما. وتساهل ابن حبان والحاكم بشأنه، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه الزهرى عند البزار [رقم/ 144]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 459]، وغيرهما من طريق عبد الرزاق بن عمر الدمشقى عن الزهرى به
…
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه رواه عن الزهرى إلا عبد الرزاق بن عمر، وهو رجل قد حدث عنه غير واحد: يحيى بن حسان وعبد الغفار بن داود وغيرهما، ولا نعلم أحدًا تابعه على رواية هذا الحديث عن الزهرى، وإن كان عمر بن حمزة قد رواه عن سالم عن أبيه عن عمر .. ".
قلت: وهذه متابعة هابطة، وعبد الرزاق بن عمر الشامى: شيخ ضعيف عندهم، بل كذبه ابن معين في رواية، وقال البخارى:"منكر الحديث"، وضعفوه في حديث الزهرى جدًّا. وهو مترجم في "التهذيب" وذيوله، "تميزًا"، لكن: للحديث طرق أخرى عن عمر، ذكر بعضها أبو نعيم في "الحلية"[1/ 101]، وبعضها عند ابن عساكر [25/ 463]، ولا يصح منها شئ. لكن الحديث: ثابت عن جماعة من الصحابة. ويأتى منهم حديث أنس: عند المؤلف [برقم/ 3287]، وسنده صحيح حجة.
ويأتى منهم أيضًا: حديث ابن عمر [برقم/ 5763].
229 -
صحيح: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[4/ 213]، من طريق المؤلف حدّثنا أبو هشام حدّثنا زيد بن الحباب حدّثنا عبد الله بن بديل بن ورقاء عن الزهرى، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر به
…
قال الهيثمى في "المجمع"[5/ 178]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح خلا عبد الله بن بديل بن ورقاء وهو ثقة، ولكن أبا هشام الرفاعى قال: هو خطّاء
…
".
قلتُ: وقال حسين أسد في تعليقه على "مسند المؤلف""إسناده حسن".
قلتُ: بل هو إسناد منكر؛ وليس لـ "عمر بن الخطاب" في هذا الحديث دخل أصلًا، بل ذِكْره هنا من أوهام عبد اللّه بن بديل بن ورقاء هذا، وهو يزيد في المتون والأسانيد كما قاله ابن عدى =
230 -
حدّثنا أبو هشامٍ، حدّثنا ابن فضيلٍ، حدّثنا ابن أبى زيادٍ، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصمٍ، عن أبيه، عن جده عمر، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ، فقلنا: يا رسول الله، إن العدو قد حضر وهم شباعٌ والناس جياعٌ، فقالت الأنصار: ألا ننحر نواضحنا
= الحافظ. وقد جزم أبو هشام الرفاعى - شيخ المؤلف - بكونه أخطأ فيه، فقال في ذيل هذا الحديث:"هو خطَّاء".
قلتُ: ووقع عندى ابن عدى: "هو خطأ". قال ابن عدى عقب كلمة أبى هشام هذه: "وقول أبى هشام: "هو خطأ": زيادة "عمر" في هذا الإسناد".
قلتُ: وقد رواه جماعة من أصحاب الزهرى عنه عن سالم وجعلوه من "مسند ابن عمر" وهذا هو المحفوظ، ومن هؤلاء:
1 -
مالك بن أنس: وروايته في الموطأ [1750]، ومن طريقه البخارى [4805]، ومسلم [2225]، وجماعة.
2 -
ومنهم شعيب بن أبى حمزة: عند البخارى [2703]، ومسلم [2225]، وجماعة:
3 -
ومنهم يونس الأيلى: عند البخارى [5438]، ومسلم [2225]، وجماعة. وهكذا رواه: ابن عيينة وصالح بن كيسان وعقيل بن خالد وعبد الرحمن بن إسحاق وأبو أويس ومعمر وموسى بن عقبة وابن أبى عتيق وجماعة كلهم رووه - وقد اختلف فيه على بعضهم - عن الزهرى عن سالم - وقرن بعضهم معه آخر - عن أبيه به
…
ثم وجدتُ عبد الله بن بديل قد رواه على هذا الوجه المحفوظ عند الطيالسى [1821]. فلعله كان لا يضبطه، أو أن زيد بن الحباب قد وهم عليه في طريق المؤلف، وقد اختلف في هذا الحديث على الزهرى اختلاف لا يضر إن شاء اللّه. نعم: قد جزم الإمام في الصحيحة [رقم 442، 993، 1930]، بكون هذا اللفظ: "الشؤم في ثلاثة
…
" لفظ شاذ، وأن صوابه: "إن يكن الشؤم" أو "إن كان الشؤم".
* والصواب: أن كلا اللفظين محفوظان، كما شرحناه في غير هذا المكان، ولا يصار إلى الشذوذ إلا بعد تعذر الجمع بين الروايات. والجمع هنا سائغ ميسور. واللّه المستعان. وانظر:"تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة [ص 157/ طبعة دار الحديث/ بتعليقى].
230 -
صحيح لغيره: دون قوله: "ولا تنتهبوا": أخرجه الفريابى في "دلائل النبوة"[رقم/ 5]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[17/ 493/ طبعة العاصمة]، وابن أبى =
فنطعمها الناس؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ طَعَامٍ فَلْيَجِئْ بِهِ"، فجعل يجئ بالمد والصاع وأكثر وأقل، فكان جميع ما في الجيش بضعًا وعشرين صاعًا، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ودعا بالبركة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا وَلا تَنْتَهِبُوا"، فجعل الرجل يأخذ في جرابه وفى غرارته، وأخذوا في أوعيتهم، حتى إن الرجل ليربط كم قميصه فيملأه، ففرغوا والطعام كما هو، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنِّى رَسُولُ الله، لا يأْتِى بِهِمَا عَبْدٌ مُحِقٌّ إِلا وَقَاهُ الله حَرَّ النَّارِ".
= شيبة وابن أبى عمر العدنى كلاهما في "المسند" كما في "إتحاف الخيرة"[7/ 50]، والحاكم في "الكنى" كما في "كنز العمال"[35359]، وابن عساكر في "تاريخه" كما في "مختصره" لابن منظور [1/ 184]، والبزار في "مسنده"[264]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبى زياد عن عاصم بن عبيد الله عن أبيه عن جده عمر به نحوه مطولًا ومختصرًا.
قلتُ: وهذا إسناد يحتاج إلى سِناد، وفيه علل شتى:
1 -
يزيد بن أبى زياد: ضعيف جملة واحدة، وله مناكير معروفة ينفرد هو بها، ثم اختلط أخيرًا، فسقط حديثه كله، وقد رماه الدارقطنى والحاكم وغيرهما بالتدليس أيضًا.
2 -
وعاصم بن عبيد الله: هو ابن عاصم بن عمر العمرى، منكر الحديث كما قاله جماعة من حذاق الأئمة، وينفرد كثيرًا بأحاديث لا خُطم لها ولا أزمَّة حتى تركه بعضهم. وبه: أعله الهيثمى في "المجمع"[8/ 535].
3 -
وعبيد الله بن عاصم والد عاصم: تابعى مجهول الحال، لا يعلم له راو عنه سوى ولده عاصم وحده، فماذا ينفعه ذكْرُ ابن حبان له في ثقاته؟! والعجلى على تساهله قد ذكره في "تاريخه"[2/ 110]، ثم قالَ:"وليس يُروى عنه". وفى ثقات العجلى جماعة لم ينص على توثيقهم بل تراه ينص على تضعيفهم بقلمه، فلا ينبغى أن يُنْسب إليه توثيق راو بمجرد أن أورده في كتابه هذا؛ ثم إن عبيد الله لم يدرك جده عمر أصلًا فالإسناد منقطع أيضًا. وقد اختلف في سنده على عاصم، فرواه عنه جرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل على الوجه الماضى.
وخالفهم: يزيد مولى نوفل بن الحارث؛ فرواه عن عاصم بن عبيدٍ الله عن عاصم عن عمر بن عمر بن الخطاب به نحوه باختصار. هكذا أخرجه أبو القاسم التيمى في دلائل النبوة" [ص/ 175]، من طريق محمد بن إسحاق عن يزيد به. =
231 -
حدّثنا أبو هشامٍ، حدّثنا النضر يعنى ابن منصورٍ، حدّثنا أبو الجنوب، قال: رأيت عليًا يستقى ماءً لوضوئه، فبادرته أستقى له، فقال: مه يا أبا الجنوب، فإنى رأيت عمر، يستقى ماء لوضوئه، فبادرته أستقى له، فقال: مه يا أبا الحسن، فإنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقى ماءً لوضوئه، فبادرته أستقى له، فقال:"مَهْ يَا عُمَرُ، فَإِنِّى أَكرَهُ أَنْ يَشْرَكَنِى فِي طُهُورِى أَحَدٌ".
232 -
حدّثنا عقبة بن مكرمٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن محمد بن إسحاق، عن الزهرى، عن سعيد بن عبيدٍ مولى ابن أزهر، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: إن
= قلتُ: ويبدو لى أن عاصمًا قد اضطرب فيه كعادته، لكن: للحديث شاهد بنحوه عن أبى سعيد الخدرى أو أبى هريرة به نحو سياقه هنا، دون قوله:"ولا تنتبهوا". أخرجه مسلم [رقم/ 27]، وجماعة. وسيأتى تخريجه عند المؤلف [برقم/ 1199]. وللمرفوع منه: شواهد صحيحة.
2 -
منكر: أخرجه البزار [260]، وابن حبان في المجروحين [3/ 53]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 23]، والدارقطنى في "الأفراد"[1/ 62/ أطرافه/ الطبعة التدمرية]، وغيرهم من طريقين عن النضر بن منصور عن أبى الجنوب عن علي عن عمر به نحوه
…
قال الدارقطنى: "تفرد به النضر بن منصور أبو عبد الرحمن العَنَزى عن أبى الجَنُوب عقبة بن علقمة اليشكرى عن علي عن عمر".
قلتُ: وهذا إسناد منكر مثل متنه. والنضر: يقول عنه أبو حاتم: "شيخ مجهول يروى أحاديث منكرة". وقال البخارى: "منكر الحديث" وضعفه سائر النقاد. وهو من رجال الترمذى. وشيخه أبو الجنوب: هو عقبة بن علقمة الكوفى، يقول عنه أبو حاتم:"ضعيف الحديث بين الضعف .. لا يُشْتغل به". وهو من رجال الترمذى وحده. وبأبى الجنوب وحده: أعل الهيثمى الحديث في "المجمع"[1/ 524]، ومثله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1/ 68]، وهو قصور منهما قد عوَّدانا عليه، وقد رأيت ابن كثير قال في "مسند الفاروق" [1/ 114]:"النضر بن منصور الباهلى ضعفه عدول من الأمة، وشيخه أبو الجنوب: عقبة بن علقمة ضعفه أبو حاتم الرازى.".
232 -
صحيح: مضى الكلام عليه في الحديث [رقم 150]. وقد توبع عليه ابن إسحاق: تابعه: مالك وسفيان وجماعة.
هذين اليومين نهاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، ويوم تأكلون فيه من لحم نسككم.
233 -
حدّثنا هدبة، حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنسٍ، أن عمر، لما طعن عولت عليه حفصة، فقال: يا حفصة، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إِنَّ المَّعَوَّلَ عَلَيْهِ يعَذَّبُ".
234 -
حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أنه أخبره أنه التمس صرفًا بمائة دينارٍ، قال: فدعانى طلحة بن عبيد الله، فتراضينا في الصرف حتى اصطرف منى وأخذ الذهب يقلبها في يده، قال: حتى يأتى خازنى من الغابة، وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: لا والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ".
235 -
حدّثنا أحمد بن عيسى، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، عن يونس، عن ابن شهابٍ، أن السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله أخبراه، عن عبد الرحمن بن عبد
233 - صحيح: أخرجه مسلم [927]، وأحمد [1/ 39]، وابن حبان [3132]، والطيالسى [42]، والبزار [219]، والبيهقى [6960]، وابن سعد في "الطبقات"[3/ 361]، والرافعى في "تاريخ قزوين"[1/ 405]، وابن شبة في "تاريخ المدينة"[3/ 907]، وجماعة، من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس به .... وهذا إسناد غاية في الصحة.
234 -
صحيح: مضى في الأحاديث [رقم/ 149، 208، 209].
235 -
صحيح: موقوفًا: أخرجه مسلم [رقم/ 747]، وأبو داود [رقم/ 1313]، والترمذى [581]، والنسائى [1790]، وابن ماجه [1343]، والدارمى [1477]، وأحمد [1/ 32]، وابن خزيمة [1171]، والبزار [302]، والبيهقى في "سننه"[4334]، وفى "الشعب"[3/ رقم 3071]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 326]، والطبرى في "التهذيب"[رقم 691]، والدولابى في "الكنى"[رقم 854]، وابن نصر في "قيام الليل"[رقم 246]، وجماعة، من طريق يونس بن يزيد عن الزهرى عن السائب بن يزيد وعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر به نحوه. =
القارئ، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كأَنَّهُ قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ".
= قلتُ: وهكذا رواه الليث بن سعد وابن وهب وأبو صفوان الدمشقى عن يونس به على هذا الوجه مرفوعًا
…
وخالفهم: عبد الله بن المبارك فرواه عن يونس بإسناده به موقوفًا
…
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"[رقم/ 1247]، ومن طريقه النسائي في "الكبرى"[1463]، واختلف على ابن المبارك فيه أيضًا كما تراه عند أحمد [1/ 32] وغيره. وقد تابعه على الوجه الموقوف: الأوزاعى من رواية القرقسانى عنه، وشبيب بن سعيد من رواية ولده أحمد عنه، كلاهما عن يونس بإسناده به موقوفًا .. هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[2/ 179]. وقد توبع عليه يونس على الوجه الأول مرفوعًا
…
تابعه عقيل بن خالد: عند ابن خزيمة [1171]، لكن الطريق إليه مغموز، وتابعهما: زياد بن سعد: عند الطبراني في الصغير [2/ رقم 962]، لكن الإسناد إليه هالك. وتابعهم: مالك بن أنس عند الدارقطنى في "غرائب مالك" كما في التمهيد [12/ 271]، وفى الطريق إلى مالك عقارب قارصة وذئاب ناهسة؛ ثم جاء معمر بن راشد الإمام الثقة الثبت وخالف الجميع في سنده ورفعه، فرواه عن الزهرى فقال: عن عروة ابن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر به موقوفًا
…
هكذا أخرجه عبد الرزاق [4748]، ومن طريقه النسائي في "الكبرى"[1464]، من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر به .. وهكذا رواه النسائي في الصغرى [1791]، لكن وقع هناك مرفوعًا، فإما أن يكون ذلك وهمًا من الناسخ أو هو من أوهام عبد الرزاق المعروفة؛ ثم ترجَّح عندى أنه من الناسخ؛ لكون المزى عزاه إليه في "التحفة"[رقم/ 10592]، موقوفًا، وقد خولف الزهرى في رفعه خالفه:
1 -
عبد الرحمن الأعرج، فرواه عن عبد الرحمن بن عبد القارى عن عمر به موقوفًا .... أخرجه مالك في الموطأ [رقم 471/ رواية الليثى]، و [رقم 169/ رواية الشيباني]، ومن طريقه النسائي [1792]، والبيهقى [4334]، وجماعة.
2 -
وتابعه على هذا الوجه: أبو سلمة بن عبد الرحمن عند الطبرى في "تهذيب الآثار"، واختلف عليه في إسناده كما تراه عند ابن أبى شيبة [4585]. وقد توبع عليه ابن عبد القارى على الوجه الموقوف: تابعه حميد بن عبد الرحمن: عند النسائي [1793]، والطبرى في "تهذيب الآثار" وغيرهما. =
236 -
حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، وأبو جعفرٍ خالى، قالا: حدّثنا يحيى بن أبى بكيرٍ، حدّثنا عبد الله بن عمر القرشى، قال: حدثنى سعيد بن عمرو بن سعيدٍ، أنه سمع أباه يوم المرج، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الله يَمْنَعُ الدِّينَ بِنَصَارَى مِنْ رَبِيعَةَ عَلَى سَاحِلِ الْفُرَاتِ مَا تَرَكْتُ عَرَبِيًّا إلا قَتَلْتُهُ أَوْ يُسْلِمُ".
= قال الدارقطنى في "العلل"[2/ 179]، بعد أن ذكر طرفًا مما تقدم:"والأشبه بالصواب الموقوف".
قلتُ: وهو قول ظاهر إن شاء اللّه. لكن قد رفعه الزهرى من طريق يونس عنه كما مضى. واعتمده مسلم في صحيحه، لكنَّ يونسًا: قد اختلف عليه في رفعه ووقفه كما مضى. وعلى ترجيح الوجه المرفوع عنه، فقد تكلموا في روايته عن الزهرى بكونه كثير الخطأ عنه كما قاله أحمد وغيره. فلعله وهم في رفعه. ومتابعة عقيل له لا تثبت؛ وعلى ثبوتها فلعله وهم هو الآخر، وليس من شرط الثقة ألا يهم أصلًا؛ نعم عقيل من أثبت الناس في الزهرى. لكن يقول أحمد: "يونس - يعنى الأيلى -: كثير الخطأ عن الزهرى، وعقيل أقل خطأ منه
…
" وهذا واضح ليس به خفاء، فالقول ما قاله أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدى الحافظ، وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في "غرس الأشجار".
تنبيه: شيخ المؤلف "أحمد بن عيسى" هو المصرى الذي كذبه ابن معين وتكلموا فيه بقوادح، وليس هو بعمدة على التحقيق، وإن كره ذلك الخطيب الحافظ.
236 -
ضعيف: أخرجه ابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[5/ 60]، وعنه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[3/ رقم 1620]، والنسائى في "الكبرى"[8770]، والبزار [رقم/ 313]، والبيهقى في "سننه"[18426]، والشاشى في "مسنده" كما في الكنز [33986]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[21/ 108]، والطبرى في تهذيب الآثار [رقم/ 1611/ مسند عمر]، وابن زنجويه في الأموال [1/ رقم/ 99]، والضياء في المختارة [1/ 365، 366]، وغيرهم، من طرق عن يحيى ابن أبى بكير، عن عبد اللّه بن عمر القرشى، عن سعيد بن عمرو بن سعيد، عن أبيه عن عمرو به مرفوعًا
…
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن عمر عنه بهذا الإسناد". قال الهيثمى في "المجمع"[5/ 549]: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا عبد اللّه بن عمر القرشى وهو ثقة".=
237 -
حدّثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقانى، حدّثنا جرير عن حصين، عن سالم بن أبى الجعد قال: قال عمر: فذكر كلامًا - إن ناسًا يقولون: لو استخلفتَ؟ فلا أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فأيهم استخلفوه فهو الخليفة من بعدى.
238 -
حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، سمع أبا عبيدٍ يعنى مولى ابن أزهر، قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الفطر ففطركم من صيامكم، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم.
= واغتر حسين أسد في تعليقه على "مسند المؤلف" بقول الهيثمى هذا، فقال:"إسناده حسن".
وهذا تساهل منهما معهود، وعبد الله بن عمر القرشى: لم يرو عنه سوى يحيى بن أبى بكير وحده ولم يوثقه سوى أبى حاتم ابن حبان وحده، وهو آفة هذا الطريق. وقد قال الحافظ النسوى بعد أن رواه:"عبد اللّه بن عمر القرشى لا أعرفه". وبه أعله الإمام في الضعيفة [3075].
2 -
صحيح لغيره: هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، وسالم بن أبى الجعد: كثير الإرسال عن كبار الصحابة، ولم يسمع منهم، بل وفى إدراكه عمر نظر أيضًا، راجع: ترجمته من "جامع التحصيل"[ص 179]، وتهذيب الحافظ [3/ 432].
لكن لهذا الأثر: طرق صحيحة مضى بعضها [برقم/ 184، 205]. ثم ظهر لى أن هذا الإسناد غير محفوظ، وإسحاق الطالقانى: قد تكلم ابن المدينى في روايته عن جرير، وقد خولف فيه أيضًا. خالفه: قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب ويوسف بن موسى القطان وجماعة، كلهم رووه عن جرير بن عبد الحميد فقالوا: عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن ميمون عن عمر به
…
كما مضى [برقم/ 205]. وقد اضطرب الطالقانى في إسناده فلم يضبطه؛ فعاد مرة أخرى ورواه عن جرير على الصواب كما تراه عند ابن أبى الدنيا في "المتمنين"[ص 28/ رقم 17]، وفى "المحتضرين"[رقم/ 216]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [44/ 804]. ثم تغير ورواه عن جرير فقال: عن إسماعيل ابن أبى خالد عن الشعبى به مختصرًا
…
أخرجه ابن أبى الدنيا في المتمنين [رقم 18]، وفى المحتضرين [رقم 215]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [44/ 428]. والأثر: محفوظ عن الشعبى من طريق آخر ليس لجريرٍ فيه شئ.
2 -
صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم 150].
239 -
حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، قال: أخبرنى أبو بكر بن حفصٍ، عن سالمٍ، عن ابن عمر، أن عمر رأى على رجلٍ من العُطارد قباءً من ديباجٍ، أو حريرٍ، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو اشتريته، فقال: إنما يلبس هذا من لا خلاق له، قال: فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلةٌ سيراء فأرسل بها إليَّ، قال: فقلت: أرسلت بها، وقد سمعتك قلت فيها ما قلت؟ فقال:"إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا".
240 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عاصم بن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ".
241 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا سفيان، عن زبيدٍ، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن عمر، قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمامٌ غير قصرٍ على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم.
239 - صحيح: أخرجه البخارى [1998]، ومسلم [2068]، وأحمد [2/ 114]، والبزار [163]، وغيرهم، من طريق شعبة عن أبى بكر بن حفص عن سالم عن أبيه عمر به ....
قلتُ: قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن شعبة موصولًا إلا روح بن عبادة".
قلت: تابعه القطان عند مسلم وغيره. وقد توبع عليه سالم: تابعه نافع عند مالك في الموطأ [1637]، ومن طريقه البخارى [846]، ومسلم [2068]، وأبى داود [1076]، والنسائى [1382]، وأحمد [1/ 49]، وابن حبان [5439]، والشافعى [267]، وجماعة كثيرة. وله طرق أخرى.
240 -
صحيح: أخرجه البخارى [1853]، ومسلم [1100]، والترمذى [698]، وأبو داود [2351]، والدارمى [1700]، وأحمد [1/ 28]، وابن خزيمة [2085]، وابن حبان [3513]، والبزار [260]، وعبد الرزاق [7595]، والبيهقى [7794]، والحميدى [20]، وجماعة كثيرة، من طرق عن هشام عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه به
…
241 -
صحيح: أخرجه النسائي [1440]، وابن ماجه [1063]، وأحمد [1/ 37]، وابن حبان [2783]، والطيالسى [48]، والطبرانى في "الأوسط"[5/ رقم 5010]، والبزار [331]، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الرزاق [4287]، وابن أبى شيبة [5851]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 29/ المنتخب]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 421]، وأبو نعيم في "الحلية"[7/ 187]، والبيهقى [5510]، وجماعة كثير من طرق عن زبيد اليامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عمر به
…
قال ابن كثير في "تفسيره": "وهذا إسناد على شرط مسلم"، وقال الإمام الألبانى في "الإرواء" [3/ 106]:"وهذا سند صحيح على شرط الشيخين".
قلتُ: وهذه مجازفة منهما غير محمودة، وليس في "الصحيحين" ولا في أحدهما حديث بتلك الترجمة قط، فكيف ولم يثبت سماع ابن أبى ليلى من عمر كما سيأتي؟، وهكذا رواه جماعة عن زبيد على هذا الوجه: منهم: شعبة وطلحة بن مصرف وعلى بن صالح والجراح بن مليح وغيرهم كثير. ثم جاء سفيان الثورى وروى عن زبيد هذا الحديث واختلف عليه فيه؛ فرواه عنه جمهور أصحابه على الوجه الماضى. وخالفهم: معاذ العنبرى، فرواه عن الثورى فقال: عن زبيد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن أبيه عن عمر به
…
فزاد فيه واسطة بين ابن أبى ليلى وعمر، هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[8/ رقم 8528]، وأبو نعيم في "الحلية"[5/ 38].
وتابعه عبد الرحمن بن مهدى: عند أبى نعيم في "الحلية"[5/ 37]. واختلف فيه على ابن مهدى؛ فرواه عنه بعضهم عن سفيان على الوجه الأول؛ ثم أتى يحيى القطان الإمام الحافظ، ورواه عن سفيان فقال: عن زبيد اليامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن الثقة عن عمر به
…
هكذا أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 422]، والبيهقى [رقم/ 6030]، من طريق القطان به؛ ثم يأتى دور مخلد بن يزيد القرشى، فتراه يخالف الكل، ويقول: حدّثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن زبيد عن ابن أبى ليلى عن عمر به
…
، ويزيد فيه واسطة بين سفيان وزبيد، هكذا أخرجه الخطيب في "تاريخه"[11/ 215]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[43/ 541]، لكن الطريق إليه مخدوش، ورواه ياسين الزيات عن الثورى: مثل رواية جمهور أصحابه عنه على الوجه الأول به. لكن اختلف عليه أيضًا: كما تراه عند البزار [330]، وغيره، ولم يختلف أحد ممن رواه عن الثورى على أن ابن أبى ليلى لم يصرح بالسماع من عمر في إسناده
…
اللَّهم أن يزيد بن هارون قد أبى ذلك، ورواه عن الثورى فقال: عن زبيد عن ابن أبى ليلى أنه قال: "سمعتُ عمر يقول". ثم ذكره. هكذا أخرجه أبو خيثمة في "مسنده" كما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في "تهذيب الحافظ"[6/ 261]، وأشار إليه أحمد في "مسنده" [1/ 37]. لكن: أنكره النقاد على يزيد حتى قال ابن معين: "سمعتُ عمر، ليس بشئ". غير أن يزيدًا لم ينفرد بذكر السماع فيه عن سفيان بهذا بل تابعه عليه: أبو نعيم الملائى عند ابن أبى خيثمة في "تاريخه" كما في التعديل والتجريح [2/ 882]، للباجى. لكن: رواه جماعة عن أبى نعيم فلم يذكروا فيه "سمعت عمر". نعم: رواه طلحة بن مصرف عن زبيد اليامى فقال: عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال: "خطبنا عمر
…
". وهذا ظاهر في السماع أيضًا. لكن جزم حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" [16/ 296]، بكون طلحة قد وهم فيه هو الآخر، والذى جعل الحفاظ ينكرون ذلك: أنهم لا يثبتون سماع ابن أبى ليلى من عمر أصلًا، بل ينكرونه رأسًا، حتى ذهب وجزم بعضهم بأن ابن أبى ليلى ما رأى عمر بإنسان عينيه؛ وقابلهم جمهور المتأخرين فأثبتوا السماع وجادلوا عليه؛ وقد محَّضنا الحق في تلك المسألة في "غرس الأشجار".
* والتحقيق عندى: أن أبى ليلى لا ينكر له رؤية عمر، وإنما الشأن في سماعه منه، والصواب: أنه لم يسمع منه، كما جزم بذلك صيارفة الصَّنعة المتقدمين، ولا أعلم من خالف في ذلك إلا شذرًا، ولعل من أثبت ذلك: قد اغتر بظاهر بعض الروايات التى وقع فيها التصريح بالسماع مما جزم الحفاظ بكونه وهمًا كما وقع هنا. وقد كان الإمام أحمد كثير الإنكار على مثل تلك السماعات بين النقلة في غضون الأسانيد، كما نقله عنه ابن رجب في "شرح العلل"، فقال:"وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول: هذا خطأ، يعنى ذكر السماع". وعليه: فالحديث منقطع الإسناد على التحقيق. لكن جاء يزيد بن زياد بن أبى الجعد - وهو ثقة صدوق - ورواه عن زبيد فجوَّده ونهض بإسناده، وخالف كل مَنْ رواه عن زبيد على تلك الوجوه الماضية. فقال: عن زبيد اليامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر به
…
هكذا أخرجه ابن ماجه [1064]، والنسائى في "الكبرى"[490]، وابن خزيمة [1425]، والبيهقى [5509]، وجماعة من طريق يزيد به. وهذا الوجه عندى: جيد حسن رائق. ويزيد: ثقة معروف لم يتكلموا فيه بشئ أصلًا. ويظهر لى أن ابن أبى ليلى قد سمعه من كعب بن عجرة عن عمر، ثم صار بعد ذلك يرسله ولا يذكر كعبًا فيه؛ ثم وجدتُ ابن عبد البر قد نقل في =
242 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا كهمسٌ، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما الإيمان؟ قال: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّه، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"، فقال جبريل: صدقت، فتعجبنا منه، يسأله ويصدقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".
243 -
حدّثنا الحارث بن مسكينٍ المصرى، حدّثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ مُوسَى: يَا رَبَ، أَبُونَا آدَمُ أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الجَنَّةِ، فأَرَاهُ الله آدَمَ، فَقَالَ: أَنْتَ آدَمُ؟ فَقَالَ
= كتابه "التمهيد"[16/ 296]، عن ابن المدينى - إمام علل الحديث - أنه قال عن طريق يزيد الماضى:"هو أسندها وأحسنها وأصحها .. " فالحمد لله على ما علَّم. وقد أعل بعضهم هذا الحديث بالاضطراب، مثل ابن التركمانى في "الجوهر"[3/ 305]، وبعضهم ضعفه للانقطاع في سنده، وقد استوفينا مناقشة الجميع في "غرس الأشجار". واللّه المستعان.
242 -
صحيح: أخرجه مسلم [رقم/ 1]، والنسائى [4990]، والترمذى [2610]، وأحمد [1/ 51]، وابن أبى شيبة [30429]، وابن خزيمة [2504]، والبيهقى [8393]، وابن حبان [168]، والبزار [170]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 202]، وابن أبى عاصم في "السنة"[رقم 120/ 365/ ظلال]، والمروزى في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 365]، وابن منده في الإيمان [1/ 121]، وعبد الله بن أحمد في "السنة"[2/ 415]، والآجرى في "الشريعة"[ص/ 200]، وجماعة كثيرة من طرق عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر - وقُرن معه آخر عند بعضهم - عن ابن عمر عن عمر به نحوه مختصرًا ومطولًا. وهو حديث مجمع على صحته كما يقول ابن منده.
243 -
صحيح: أخرجه أبو داود [4702]، وابن وهب في "القدر"[رقم 1]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 137/ ظلال]، وابن عساكر في "تاريخه"[61/ 108]، وابن منده في "الرد على الجهمية"[1/ 35]، والآجرى في "الشريعة"[ص 84]، والدارمى في "الرد على الجهمية"[ص 164]، وابن خزيمة في "التوحيد"[رقم 169]، والضياء في "المختارة"[1/ 177]، والبيهقى في "الأسماء والصفات"[رقم 411]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[2/ 48]، =
لَهُ آدَمُ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ الأَسمَاءَ كُلَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: مَنْ أَنْتَ؟ فالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: أَنْتَ مُوسَى بَنِى إِسرَائِيلَ الَّذِي كلَّمَكَ الله مِنْ وَرَاءِ الحجَابِ، فَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَلُومُنِى عَلَى أمرٍ قَدْ سَبَق من الله الْقَضَاءُ قَبْلِى؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فحَجَّ آدَمُ موسى".
244 -
حدّثنا محمد بن المثنى الزمن، حدّثنا عبد الملك بن الصباح المسمعى، أخبرنا عمران، عن الردينى بن أبى مجلزٍ، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، قال أبو
= وجماعة، من طرق عن ابن وهب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر به مرفوعًا
…
قلتُ: وهذا إسناد حسن إن شاء اللّه. وهشام بن سعد: التحقيق في شأنه أنه ضعيف إلا في زيد بن أسلم وحده؛ لكونه من أثبت الناس فيه كما قال أبو داود. وللحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة. منها: حديث أبى هريرة عند البخارى [3228]، ومسلم [2652]، وجماعة.
244 -
صحيح: أخرجه البخارى في "تاريخه"[3/ 330]، والفريابى في "القدر"[رقم 119]، والبزار [172]، والضياء في "المختارة"[1/ 320]، وغيرهم، من طريق محمد بن المثنى عن عبد الملك بن الصباح عن عمران بن حدير عن الردينى بن أبى مجلز عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر به
…
قال ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 634]: "غريب من هذا الوجه، وردينى بن أبى مجلز: - واسم أبى مجلز: لاحق بن حميد - روى عن أبيه ويحيى بن يعمر، وعنه عمران بن حدير هذا، والمنذر بن ثعلبة وقرة بن خالد. هكذا ترجمه ابن أبى حاتم رحمه الله، وباقى رجاله ثقات أئمة".
قلتُ: وهذا إسناد لا بأس به إن شاء اللّه. والردينى: روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن حبان، ولم يتكلم فيه أحد، ولم يأت بما ينكر عليه أيضًا. فمثله صالح الحديث.
والحديث: ذكره ابن كثير في "البداية"[1/ 84]، من طريق المؤلف ثم قال: وهذا الإسناد أيضًا لا بأس به".
محمدٍ: أكثر ظنى أنه رفعه، قال:"الْتَقَى آدَمُ، وَمُوسَى، قَالَ مُوسَى لآدَم: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، أَسْكَنَك اللهُ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، قَالَ آدَمْ لِمُوسى: أَمَ تَجِدُهُ مَكْتُوبًا؟! قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مَوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مَوسى".
245 -
حدّثنا أبو خيثمة، وهارون بن معروفٍ، وغيرهما، قالوا: حدّثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدّثنا سعيد بن أبى أيوب، عن عطاء بن دينارٍ، عن حكيم بن شريكٍ، عن يحيى بن ميمونٍ الحضرمى، عن ربيعة الجرشى، عن أبى هريرة، عن عمر بن الخطَّاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلا تفَاتِحُوهُمْ".
246 -
حدّثنا القواريرى، حدّثنا عبد الله بن يزيد، بإسناده، نحوه.
= وقد توبع عليه الردينى: تابعه سليمان بن طرخان: عند ابن منده في الإيمان [1/ 145]، والبيهقى في القضاء والقدر [رقم 135]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[2/ 104]، وغيرهم.
وللحديث: طرق أخرى وشواهد ثابتة.
245 -
ضعيف: أخرجه أبو داود [4710]، وأحمد [1/ 30]، والبخارى في تاريخه "الكبير"[3/ 15]، وابن حبان [97]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 330]،، والحاكم [1/ 159]، والبيهقى في "سننه"[20662]، وفى "الاعتقاد"[رقم 218]، وعبد اللّه بن أحمد في "السنة"[2/ رقم 841]، وابن بطة في "الإبانة"[2/ رقم 1520].
والآجرى في "الشريعة"[ص 245]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[رقم 186]، وابن عساكر في "تاريخه"[37/ 294]، وجماعة من طرق عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهذلى، عن يحيى بن ميمون، عن ربيعة الجرشى، عن أبى هريرة، عن عمر به مرفوعًا ..
وهذا إسناد ما صحَّ، وحكيم بن شريك: مجهول لا يعرف، ونكرة لا تُتعرَّف، فقد انفرد عنه عطاء بن دينار بالرواية، كما انفرد ابن حبان بذكره في "الثقات".
وقال الحافظ في ترجمته من "التهذيب": "قرأت بخط الذهبى: قال أبو حاتم: مجهول". وكذا جهَّله الذهبى في "المغنى في الضعفاء".
246 -
ضعيف: انظر قبله.
247 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، عن حيوة بن شريحٍ، عن بكر بن عمرٍو، عن عبد الله بن هبيرة، عن أبى تميمٍ الجيشانى، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَوْ تَوَكَّلُونَ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزقُ الطيْرَ: تَغدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا".
247 - صحيح: أخرجه الترمذى [2344]، وابن ماجه [4164]، وأحمد [1/ 30]"الزهد"[1/ 18]، والطيالسى [15]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 10/ المنتخب]، وابن أبى الدنيا في التوكل [رقم 1]، وابن المبارك في "الزهد"[رقم 559]، وابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق"[2/ 637]، والبزار [340]، وأبو نعيم في "الحلية"[10/ 69]، والضياء في "المختارة"[1/ 333 - 334]، وأبو القاسم التيمى في "الترغيب"[1/ 377]، والقضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1444]، وجماعة كثيرة من طريق بكر بن عمرو المعافرى عن عبد اللّه بن هبيرة عن أبى تميم الجيشانى عبد الله بن مالك عن عمر به مرفوعًا
…
قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه". وقال ابن المدينى: "لم نجده إلا من هذا الوجه، وإسناده مصرى، ورجاله معروفون عند أهل مصر". وقال الحاكم: "هذا حديثِ صحيح الإسناد".
قلتُ: وإسناده مستقيم. رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح. وقد صححه الإمام في "الصحيحة"[رقم/ 310] على شرط مسلم، وهذه غفلة مكشوفة، وليس في "صحيح مسلم" حديث بتلك الترجمة قط، وقد انقلب سنده على البزار في "مسنده"؛ فوقع عنده هكذا:"عن عبد الله بن هبيرة عن بكر بن عمرو عن أبى تميم الجيشانى عن عمر به .. ". ثم قال: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب بهذا الإسناد، وأحسب أن بكر بن عمرو لم يسمع من أبى تميم".
قلتُ: وهذا من أغلاط أبى بكر بن عبد الخالق في "مسنده المعلل"، وما لبكر بن عمرو بأبى تميم الجيشانى، وهو لم يره أصلًا؟! إنما يرويه بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة عن أبى تميم به. واحتمال أن يكون ما وقع عند البزار: من قبيل الاختلاف في سنده، هو احتمال ضعيف ليس بشئ عندى، وللحديث شاهد: من حديث ابن عمر بمثله: عند أبى نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 267/ الطبعة العلمية]، وسنده لا يثبت. وشاهد آخر: عن عبد الله بن عمرو بإسناد فيه من لا يعرف كما ذكره الحافظ ابن رجب في جامع العلوم [ص/ 436].
248 -
حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا عبد الرحمن بن زيادٍ، عن مسلم بن يسارٍ، عن سفيان بن وهب الخولانى، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
249 -
حدّثنا زهير بن حربٍ، حدّثنا عبد الله بن يزيد، أخبرنا حيوة، أخبرنا أبو عقيلٍ، عن ابن عمه، عن عقبة بن عامرٍ الجهنى، أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يحدث أصحابه، فقال:"مَنْ قَامَ إذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ"، أو قال:"كَانَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، قال عقبة: فقلت: الحمد لله الذي رزقنى أن أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب، وكان تجاهى جالسًا: أتعجب من هذا؟ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب من هذا قبل أن تأتى، قلت: فما قال بأبى أنت؟ قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ مِنَ الجنَّةِ، يَدْخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ".
248 - صحيح لغيره: أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 215]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[5/ رقم 2772]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[رقم 1876]، والفسوى في المعرفة [1/ 295]، ومن طريقه ابن عساكر أيضًا [21/ 360]، وجماعة، من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقى عن مسلم بن يسار عن سفيان بن وهب عن عمر به مرفوعًا.
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف. والإفريقى: قد ضعفه النقاد لسوء حفظه، وإن كان رجلًا صالحًا في نفسه.
وفى الباب: عن جماعة من الصحابة منهم: عائشة بلفظ "كل شراب أسكر فهو حرام".
أخرجه البخارى [5263]، ومسلم [2001]، وأبو داود [3682]، والترمذى [1863]، والنسائى [5591]، وأحمد [6/ 96]، وجماعة كثيرة.
249 -
صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم 180]، فانظره.
250 -
حدّثنا زكريا بن يحيى، حدّثنا عبد الله بن عيسى، حدّثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الظهيرة، فوجد أبا بكرٍ في المسجد، فقال:"مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قال: أخرجنى الذي أخرجك يا رسول الله، وجاء عمر بن الخطاب، فقال: يا ابن الخطاب، ما أخرجك؟ قال: أخرجنى الذي أخرجكما، يا رسول الله، فقعد عمر، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهما، ثم قال:"هَلْ بِكُمَا مِنْ قُوَّةٍ فَتَنْطَلِقَانِ إِلَى هَذَا النَّخْلِ فَتُصِيبَان طَعَامًا وَشَرَابًا وَظِلا؟ "، قلنا: نعم،
250 - صحيح لغيره: أخرجه الحاكم [2/ 324]، وابن أبى حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"[3/ 754]، والطبرانى في "الكبير"[91/ رقم 568]، والبزار [رقم/ 205]، والضياء في "المختارة"[1/ 289 - 290]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 252]، والعقيلى في الضعفاء [2/ 286]، وجماعة من طرق عن عبد الله بن عيسى عن يونس بن عبيد عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه
…
مطولًا ومختصرًا. قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا رواه عن يونس إلا عبد الله بن عيسى". وقال ابن كثير: "هذا حديث غريب من هذا الوجه". وقال الهيثمى في "المجمع"[10/ 571]: "رواه البزار وأبو يعلى باختصار قصة الغلام، والطبرانى كذلك، وفى أسانيدهم كلها: عبد الله بن عيسى أبو خلف وهو ضعيف".
قلتُ: وسنده لا يصح. وعبد اللّه بن عيسى: هو الخزاز البصرى الذي ضعفه النقاد بخط عريض. قال العقيلى: "لا يتابع على أكثر حديثه
…
"، وساق له هذا الحديث ثم قال: "وقد روى في هذا الباب أحاديث من غير هذا الوجه صالحة الإسناد".
قلتُ: هو كما قال. وقد مضى بعض هذه الأحاديث في تخريج الحديث [رقم/ 78]. وقد توبع يونس بن عبيد عليه: تابعه عبد الله بن كيسان عند ابن حبان [5216]، والطبرانى في "الأوسط"[2/ رقم 2247]، وفى الصغير [1/ رقم 185]، ومن طريقه ابن العديم في بغية الطلب [3/ 213]، وجماعة، من طرق عن الفضل بن موسى عن عبد اللّه بن كيسان به مطولًا
…
وفيه زيادة في آخره.
وسنده ضعيف، وابن كيسان هو المروزى الذي ضعفه أبو حاتم والنسائى وجماعة. وفى الباب عن جماعة من الصحابة قد أشرنا إليهم عند الحديث [رقم 78]، والله المستعان.
قال: "مُرُّوا بِنَا إِلَى ابْنِ التَّيِّهَانِ أَبِي الْهَيْثَمِ الأَنْصَارِيِّ"، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا فسلم، فاستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم وراء الباب تسمع الكلام وتريد أن يزيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله، قد والله سمعت تسليمك، ولكنى أردت أن تزيدنا من سلامك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرًا، وقال:"أَيْنَ أَبُو الْهَيْثَمِ مَا أَرَاهُ؟ " قالت: هو قريبٌ، ذهب يستعذب لنا من الماء، ادخلوا فإنه يأتى الساعة إن شاء الله، فبسطت لهم بساطًا تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم، وفرح بهم، وقرت عينه بهم، وصعد على نخلة فصرم لهم عذقًا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حَسْبَكَ يَا أَبَا الْهَيْثَمِ"، قال: يا رسول الله، تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماءٍ فشربوا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَذِى تُسْأَلُونَ عَنْهُ"، وقام أبو الهيثم ليذبح لهم شاةً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إيَّاكَ وَاللَّبُونِ"، وقامت أم الهيثم تعجن لهم وتخبز، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر رءوسهم للقائلة، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم، فوضع الطعام بين أيديهم وأكلوا وشبعوا وحمدوا الله عز وجل، وردت عليهم أم الهيثم بقية الأعذاق، فأكلوا من رطبه ومن تذنوبه، فسلم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لهم.
251 -
حدّثنا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، حدثنى عمرو بن الحارث، أن عمر بن السائب حدثه، أن القاسم بن أبى القاسم السبائى حدثه، عن قاص
251 - حسن لغيره: أخرجه أحمد [1/ 20]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7770]، وفى السنن [رقم/ 14326]، من طريق عمرو بن الحارث عن عمر بن السائب عن القاسم بن أبى القاسم السبئى أو السبائى عن قاص الأجناد عن عمر به مرفوعًا
…
قال ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 411]: "هذا إسناد حسن ليس فيه مجروح، ولم يخرجوه".
قلت: بل إسناد غائب!
وقاص الأجناد مجهول الحال. وقد اختلف في اسمه وتمييزه كما شرحه الحافظ في "التعجيل"[1/ 241]. وقال المنذرى في الترغيب [1/ 88]: "وقاص الأجناد لا أعرفه". =
الأجناد، أنه سمعه يحدث أن عمر بن الخطاب، قال: يا أيها الناس، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْعُدَن عَلَى مَائِدَةٍ تُدَارُ عَلَيْهَا الخمْرُ"، قال: وذكر الحديث.
252 -
حدّثنا أحمد بن إبراهيم النكرى أبو عبد الله، حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدّثنا
= قلتُ: وفى إدراكه عمر نظر ظاهر قد ذكره الحافظ في "تعجيله"[1/ 242]، ومال إلى أن روايته عنه كأنها مرسلة، ولفظه هنا يساعده على تلك الدعوى. والقاسم وعمر بن السائب: صدوقان.
لكن: للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة: منهم: جابر بن عبد اللّه: وسيأتى حديثه [برقم 1925]، وجوَّد إسناده الحافظ في الفتح [9/ 250]، وسيأتى مناقشته في ذلك؛ ومنهم: ابن عمر عند أبى داود [3774]، والحاكم [4/ 143]، والبيهقى في "سننه"[14327]، وفى الصغير [رقم 2534]، وفى "الشعب"[5/ رقم 5595]، وغيرهم وسنده منكر معلول. راجع:"التلخيص"[3/ 196]، وعلل ابن أبى حاتم [1/ 402]. ومنهم: ابن عباس عند الطبراني في "الكبير"[11/ رقم 11462]، وسنده منكر أيضًا. ومنهم: أبو هريرة عند الطبراني في مسند الشاميين [4/ رقم 3469]، وسنده ضعيف معلٌّ بالانقطاع. والحديث عندى حسن ببعض شواهده إن شاء اللّه. وانظر ما يأتى عند الحديث [رقم 1925]، واللّه المستعان.
252 -
ضعيف: أخرجه الترمذى في "سننه"[1644]، وفى "العلل"[2/ 121]، وأحمد [1/ 23]، والطيالسى [رقم/ 54]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 72/ المنتخب]، وابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق/ لابن كثير"[2/ 465]، والبزار [246]، والبيهقى في "الشعب"[4/ رقم 4262]، وابن المبارك في "الجهاد"[رقم 126]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[2/ رقم 187]، وابن أبى حاتم في "العلل"[رقم/ 483]، والمزى في "التهذيب"[34/ 406]، وغيرهم من طرق عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن أبى يزيد الخولانى عن فضالة بن عبيد عن عمر به مرفوعًا نحوه
…
قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن دينار". وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا عن عمر من هذا الوجه، ولا له إسناد غير هذا الإسناد". =
ابن لهيعة، أخبرنى عطاء بن دينارٍ الهذلى، أن أبا يزيد الخولانى حدثه، أنه سمع فضالة بن عبيدٍ، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الشُّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيِّدُ الإيمَانِ، لَقِىَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ الله حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ الَّذِى يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْيُنَهُمْ هَكَذَا - ورفع رأسه حتى وقعت قلنسوته فلا أدرى قَلَنْسُوة عمر أم قَلَنْسُوة النبي صلى الله عليه وسلم، وَرَجُلٌ مؤْمِنٌ جَيِّدُ الإيمَانِ، حَتَّى إِذَا لَقِىَ الْعَدُوَّ فَكَأَنَّمَا يُضْرَبُ جِلْدُهُ بِشَوْكِ الطَّلْحِ مِنَ الجْبْنِ، أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَقَتَلَهُ فَهُوَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، لَقِىَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ الله حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، لَقِىَ الْعَدُوَّ فَصَدَقَ الله حَتَّى قُتِلَ، فَذَلِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرابِعَةِ".
= قلتُ: وهذا إسناد هابط وفيه علتان: الأولى: ابن لهيعة هو الإمام الفقيه القاضى عبد الله الحضرمى الضعيف المختلط المشهور، وقد شرحنا حاله شرحًا وافيًا في رسالتنا "فيض السماء". وقد اضطرب في متن هذا الحديث - على عادته - فرواه مرة أخرى فقال: "الشهداء ثلاثة
…
" ثم ذكره. هكذا أخرجه أحمد في المسند [1/ 22]، والطبرانى في "الأوسط" [1/ رقم 361]، من طريق ابن لهيعة به. قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة".
قلتُ: بل رأيته قد اضطرب في إسناده أيضًا. فرواه كما مضى عن عطاء بن دينار عن أبى يزيد الخولانى به
…
ثم عاد وقال: عن عطاء بن دينار عن أبى إدريس الخولانى به
…
فأبدل "أبا يزيد"بـ"أبى إدريس" هكذا أخرجه الحربى في غريب الحديث [2/ 630]. وهو من أغلاط ابن لهيعة الفاحشة، ولا يقال: لعله خطأ وقع في "غريب الحديث" من الناسخ أو الطابع؛ لأن نقول: هذا تكلُّف، وقد عهدنا من ابن لهيعة مثل هذا كثيرًا. وقد رأيته رواه على لون ثالث، فقال: عن عطاء بن دينارٍ الخولانى، أنّهُ سمِع فضالة بن عُبيدٍ الأنصاريّ، قال: سمعتُ عُمر بن الخطّاب. وذكَره، هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم/ 1022]، ثم نقلَ عن أبى حاتم الرازي أنه قال:"إِنّما هُو عن عطاء ابن دينارٍ، عن أبى يزيد الخولانيِّ، أنّهُ سمِع فضالة، عن عُمر بن الخطاب، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وهوَ الصحيح".
قلت: الظاهر عندى أن ابن لهيعة قد اضطَرب فيه كما مضى. =
253 -
حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى، حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدّثنا الليث بن سعدٍ أبو الحارث، حدثنى أبو عثمان الوليد بن أبى الوليد، عن عمر، أو عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوى، عن عمر بن الخطاب، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غازِ أَظَلَّهُ الله يوْمَ القيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ الله بِجَهَازِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ، وَمَنْ بَنَى مسجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ الله، بَنَى الله لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ".
= وقد خولف في إسناده أيضًا خالفه سعيد بن أبى أيوب - الثقة الثبت - فرواه عن عطاء بن دينار فقال: عن أشياخ من خولان عن فضالة بن عبيد عن عمر به، هكذا ذكره البخارى، كما نقله عنه الترمذى في "سننه" و"العلل". ثم رأيته أخرجه في "الكنى" [رقم/ 783] فقال:"أبو يزيد الخولانى عن فضالة بن عبيد عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشهداء أربعة" قاله عبد الله بن يوسف عن معاوية بن يحيى سمع سعيد بن أبى أيوب عن عطاء بن دينار عن أشياخ من خولان".
قلتُ: وهذا خلاف ما نقله عنه الترمذى. وسواء كان هذا أو ذاك: فرواية سعيد هي المحفوظة بلا تردد. والثانية: جهالة أبى يزيد الخولانى - أو هؤلاء الأشياخ الخولانيين، وقد نقل ابن كثير في "تفسيره"[4/ 399]، وفى "مسند الفاروق"[2/ 465 - 466]، كما في "الضعيفة"[5/ 16]، عن ابن المدينى أنه قال عن طريق ابن لهيعة:"هذا إسناد مصرى صالح" كذا قال وقد عرفتَ ما فيه. وللحديث: شاهد عن أنس بن مالك مرفوعًا مطولًا به نحوه. أخرجه البيهقى في "الشعب"[4/ رقم 4255]، والحارث [2/ رقم 632/ زوائد]، وابن عساكر في الأربعين في الجهاد [ص 93]، وجماعة، من طريقين تالفين لا يُشْتَغل بهما.
253 -
صحيح: دون الفقرة الأولى منه: أخرجه أحمد [1/ 20]، وابن ماجه [2758]، والحاكم [98/ 2]، وابن أبى شيبة [19553]، والبيهقى في "سننه"[18352]، وفى "الشعب"[4/ رقم 4276]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[رقم 92]، وأبو الفرج المقرئ في الأربعين في "الجهاد"[رقم 22]، وجماعة من طرق عن يزيد بن الهاد عن الوليد بن أبى الوليد عن عثمان بن عبد اللّه بن سراقة عن عمر بن الخطاب به نحوه. مطولا ومختصرًا.
قلتُ: وهكذا رواه الدراوردى وابن لهيعة والليث بن سعد. واختلف في إسناده على الليث وابن لهيعة معًا. أما الليث: فرواه عنه يونس بن محمد ويحيى بن بكير ومنصور بن سلمة وعبد الله بن الحكم وشعيب بن الليث وغيرهم، كلهم رووه عن الليث عن يزيد بن الهاد، عن الوليد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن أبى الوليد به على الوجه الماضى. وخالفهم عبد اللّه بن يزيد المقرئ فرواه عن الليث فقال: عن الوليد بن أبى الوليد بإسناده به
…
ولم يذكر فيه ابن الهاد. هكذا أخرجه المؤلف هنا، وعنه ابن حبان [4628]، والضياء في "المختارة"[1/ 356]، والحافظ في "الأمالى" [ص/ 105]. وقد صرح الليث فيه بالسماع من الوليد أيضًا. قال الحافظ في "الأمالى":"لكن يحتمل أن يكون - يعنى الليث - أطلق التحديث في المكاتبة كعادته؛ فلا يكون إدخال يزيد من المزيد".
قلتُ بل الظاهر عندى أنه من المزيد إن شاء اللّه. والليث قد سمع من الرجلين جميعًا، فأيش يمنع أن يكون قد سمعه من الوليد بواسطة يزيد بن الهاد، ثم قابل الوليد محدثه به أيضًا؟، وقد رأيتُ الضياء المقدسى قد جزم بذلك في "المختارة" [1/ 357]. ثم جاء ابن وهب فرواه عن الليث بن لهيعة وعمر بن مالك ثلاثتهم فقال: عن يزيد بن الهاد عن الوليد بن عثمان عن أمه عن عمر به
…
هكذا ذكره الدارقطنى في "علله"[2/ 195]، ثم قال:"ووهم فيه - يعنى ابن وهب - وإنما هو الوليد بن أبى الوليد عن عثمان عن جده أبى أمه عمر؛ لأن عثمان هذا أمه زينب بنت عمر بن الخطاب، والصواب قول الدراوردى ومن تابعه.".
قلتُ: وهذا هو المحفوظ. وقد اختلف فيه على يزيد بن الهاد على وجه آخر كما تراه عند البزار [1/ 432]، وهو غير محفوظ أيضًا، والصواب في هذا الحديث: هو رواية من رواه عن يزيد عن الوليد عن عثمان عن عمر به
…
وهذا إسناد ظاهره الجودة. والوليد: هو أبو عثمان القرشى المدنى وثقه أبو زرعة وأثنى عليه أبو داود، وغمزه بعضهم. وباقى رجاله ثقات. لكن أعله البوصيرى بالإرسال. فقال في "مصباح الزجاجة" [1/ 117]:"هذا إسناد مرسل، عثمان بن عبد الله بن سراقة روى عن عمر بن الخطاب، وهو جده لأمه، ولم يسمع منه، قاله المزى في التهذيب". ورأيته في "إتحاف الخيرة"[2/ 3] قد علق صحة سنده على ثبوت سماع عثمان من عمر، وقد اعترض على ذلك الحافظ في "التهذيب"[7/ 30]، وبين وهم المزى في ذلك، ثم قال:"وقد أخرج ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" حديثه - يعنى عثمان - عن جده عمر بن الخطاب؛ ومقتضاه أن يكون سمع منه. فاللّه أعلم". ثم قال الحافظ: "نعم: وقع مصرحًا بسماعه منه عند أبى جعفر بن جرير الطبرى في "تهذيب الآثار" له: قال: حدّثنا أحمد بن منصور - ثقة - حدّثنا سعيد بن أبى مريم - إمام - حدّثنا يحيى بن أيوب - صدوق - حدثنى الوليد بن أبى الوليد قال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كنتُ بمكة وعليها عثمان بن عبد الرحمن بن سراقة - قال الحافظ: كذا فيه - فسمعته يقول: يا أهل مكة إنى سمعتُ أبى - يقول: سمعتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول:
…
".
قلتُ: ثم ذكر الحديث كما عند المؤلف. وبقية الحديث: "قال: - يعنى الوليد -: فسألتُ عنه - يعنى عن عثمان - فقالوا لى: هذا ابن بنت عمر بن الخطاب". وقول عثمان: "سمعتُ أبى" يقصد بأبيه: جده لأمه عمر بن الخطاب، فأطلق عليه أبًا من باب التجوُّز، كما قاله الحافظ في "الأمالى".
فإن قلت: قد وقع في هذا الإسناد: "عن عثمان بن عبد الرحمن بن سراقة". فيحتمل أن يكون مراده بقوله: "سمعتُ أبى" هو عبد الرحمن بن سراقة، وقد ترجمه الحافظ في "الإصابة"[4/ 309]، وساق له هذا الحديث.
فالجواب: أن الحافظ قد تردد في تعيين "والد عثمان" في الإصابة، لكنه جزم في موضع آخر بكون المراد: هو عمر بن الخطاب لا غيره. فراجع "الإصابة"[5/ 232]. ثم وجدت الحافظ في "الأمالى": قد جزم بكون تسمية والد عثمان في هذا الطريق بـ"عبد الرحمن" هو وهم من بعض الرواة - أظنه يحيى بن أيوب - ثم قال: "والصواب عبد الله كما تقدم".
قلتُ: يعنى هو "عثمان بن عبد الله بن سراقة" كما مضى. وقد وقع في اسمه اختلاف آخر في طريق عبد العزيز الدراوردى، وردَّه الحافظ في الأمالى أيضًا [ص 106]. ويعكر على ما بحثه الحافظ في سماع عثمان من عمر: قول ابن المدينى عن هذا الحديث: "حديث مرسل؛ لأن عثمان بن عبد الله بن سراقة لم يدرك عمر بن الخطاب"! نقله عنه ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 463]. وقول ابن المدينى هذا: حجة فاصلة في هذا الباب، ولا يرده جميع ما ذكره الحافظ آنفًا، لأنه كله على الاحتمال، وما وقع عند الطبرى في "تهذيب الآثار" غير صريح! ولو فرضنا صراحته على المطلوب؛ فيكون من أغلاط يحيى بن أيوب المصرى في سنده! ففى حفظه مقال.
وبالجملة: فالحديث منقطع الإسناد على التحقيق. لكن: لفقراته شواهد عن جماعة من الصحابة به، دون الفقرة الأولى منه:"من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة".
فيشهد لجملة: "من جهز غازيًا كان له مثل أجره" حديث زيد بن خالد الجهنى مرفوعًا: "من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا" أخرجه الشيخان. =
254 -
حدّثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدّثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن عمر، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنى نذرت في الجاهلية، ثم جاء الله بالإسلام، قال:"فِبِنَذْرِكَ".
255 -
حدّثنا عبد الغفار بن عبد الله الموصلى، حدّثنا على بن مسهرٍ، عن عبيد الله
= ويشهد لقوله: "من بنى مسجدًا. إلخ" حديث ابن عباس الآتى [برقم/ 2534]، وحديث أنس الآتى [برقم/ 4018]، وهو حديث صحيح.
* تنبيه مهم: كان أصل إسناد المولف هكذا: "حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى حدّثنا أبو عبد الرحمن - يعنى عبد اللّه بن يزيد المقرئ - حدّثنا الليث بن سعد أبو الحارث حدّثنى - أبو عثمان الوليد بن أبى الوليد عن عمر أو عثمان [قلتُ: هو عثمان بلا شك، ولعل التردد من المؤلف نفسه] بن عبد اللّه بن سراقة العدوى عن عمر به
…
". هكذا أخرجه ابن حبان [4628]، والضياء في "المختارة" [1/ 356]، والحافظ في "الأمالى" [ص/ 105]، من طريق المؤلف به. لكن حسين أسد لم يعجبه ذلك فجاء في تعليقه على "مسند المؤلف" ووضع معكوفتين بين الليث والوليد، وكتب بداخلهما [عن يزيد بن عبد اللّه بن أسامة بن الهاد]. ثم قال بالهامش: "ما بين الحاصرتين سقط من الأصل واستُدرك من مصادر التخريج".
قلتُ: ولم يدر - سامحه اللّه - أن ليس هناك سقط البتة، وأن هذا الذي ظنه سقطًا، هو اختلاف وقع على الليث في إسناده، كما شرحناه قريبًا. فلْينتبه الباحث. واللّه المستعان.
254 -
صحيح: أخرجه البخارى [1927]، ومسلم [1656]، وأبو داود [3325]، والترمذى [1539]، والنسائى [3822]، وابن ماجه [2129]، والدارمى [2333]، وأحمد [1/ 37]، وابن حبان [4379]، وابن خزيمة [2239]، والبيهقى [8369]، وابن الجارود [941]، وجماعة كثيرة من طرق عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر به
…
255 -
صحيح: أخرجه البخارى [2623]، ومسلم [1621]، وأحمد [2/ 55]، وابن أبى شيبة [10506]، وابن الجارود [362]، وجماعة من طرق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به نحوه. مختصرًا ومطولًا. وقد توبع عليه عبيد اللّه: تابعه: مالك في "موطئه"[624]، ومن طريقه البخارى [2809]، ومسلم [1621]، وأبو داود [1593]، وجماعة كثيرة.
وللحديث: طرق ثابتة عن عمر بهذه القصة. وقد مضى بعضها [برقم 166، 225].
وشيخ المؤلف: رجل صدوق ذكره ابن حبان في "الثقات". وتوثيقه له معتمد جدًّا.
ابن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر، لعله عن عمر، أنه حمل على فرسٍ في سبيل الله، وكنا إذا حملنا في سبيل الله، أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعناه إليه فوضعه حيث أراه الله، فجئت بالفرس فدفعته إليه فحمل عليه رجلًا من أصحابه، فوافقته يبيعها في السوق، فأردت أشتريها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"لا تَشْتَرِهَا، وَلا تَعُدْ فِي شَىْءٍ مِنْ صَدَقَتِكَ".
256 -
حدّثنا أحمد بن إبراهيم النكرى، حدّثنا شبابة بن سوارٍ، حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن سالم بن أبى الجعد، أن معدان بن أبى طلحة اليعمرى، قال: خطب عمر بن الخطاب، فقال: رأيت كأنَّ ديكًا أحمر نقر فيَّ نقرةَّ أَو نقرتين، ولا أرى ذلك إلا لحضور أجلى، فإن عَجِلَ بى أمرٌ فإن الخلافة شورى في هؤلاء الرهط الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وإنى أعلم أن ناسًا سيطعنون في هذا الأمر، أنا قاتلتهم بيدى هذه على الإسلام، فإن فعلوا فأولئك أعداء الله الكفار الضلال، وإنى أشهد على أمراء الأمصار، فإنى إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويقسموا فيئهم، وما أغلظ لى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ، أو ما نازلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئٍ من آية الكلالة حتى ضرب صدرى، وقال:"يَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِى أنْزِلَتْ فِي آخِرِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، وَسَأَقْضِىَ فِيهَا بِقَضَاءٍ يَعْلَمُهُ مَنْ يَقْرَأُ وَمَنْ لا يَقْرَأ، هوَ مَا خَلا الأَبَ كَذَا أَحْسَبُ" ألا إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالرجل يوجد منه ريحهما يُخْرَجُ إلى البقيع، فمن كان لابد آكلهما فليمتهما طبخًا.
257 -
حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عاصم بن عمر، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَار، وَغَابَتِ الشَمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ".
256 - صحيح: مضى الكلام عليه في الحديث [رقم 184].
257 -
صحيح: مضى تخريجه في الحديث [رقم/ 240]، فانظره.
258 -
حدّثنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا بشرٌ، عن الأوزاعى، عن يحيى بن أبى كثيرٍ، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، قال: بينما عمر بن الخطاب، يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان المسجد فَعَرَّضَ به عمر، فقال: ما بال رجالٍ يتأخرون بعد النداء؟ قال عثمان: يا أمير المؤمنين، ما زدت حين سمعت النداء، على أن توضأت ثم أقبلت، قال عمر: والوضوء أيضًا ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الجمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ؟! ".
259 -
حدّثنا نصر بن على بن نصرٍ، حدّثنا مسلمٌ، عن الدُّجَين، عن أسلم مولى
2 - صحيح: أخرجه البخارى [842]، ومسلم [845]، وأحمد [1/ 15]، والدارمى [1539]، وأبو داود [340]، وابن خزيمة [1748]، والطيالسى [52]، وابن أبى شيبة [4996]، والبيهقى [1307]، والطحاوى في شرح المعانى [1/ 115]، والطبرانى في مسند الشاميين [4/ رقم 2824]، وابن عبد البر في "التمهيد"[10/ 73]، وجماعة كثيرة من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة به نحوه
…
وله: طرق أخرى عن عمر.
259 -
صحيح: أخرجه القضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 563]، والقطيعى في "الألف دينار"[327]، والطبرانى في طرق حديث "من كذب على متعمدًا"[3]، وابن عدى في "الكامل"[106/ 3]، وابن حبان في "المجروحين"[1/ 294]، والعقيلى [2/ 45]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 54]، وغيرهم، من طرق عن الدجين بن ثابت عن أسلم مولى عمر عن عمر به.
قلتُ: وهذا إسناد منكر لم يكن، والدجين بن ثابت: ضعفه النقاد فأوغلوا، وقد كان شيخًا مغفلًا يتلاعب به بعض الأغمار فيلقِّنونه ما سقط به عند النقاد مثل هذا الحديث. قال ابن مهدى "كان دجين بن ثابت يقول لنا: حدثنى مولى لعمر بن عبد العزيز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كذب على متعمدًا"، ثم صيره بعد عن أسلم مولى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
ثم قال بعد: حدثنى أسلم مولى عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ". وقال أيضًا: "كان الدجين يقول: حدثنى أسلم مولى عمر بن عبد العزيز، فلما كان بآخرة لقَّنوه: مولى عمر بن الخطاب فكان يقول
…
". وقال ابن حبان وأجاد: "كان الدجين قليل الحديث منكر الرواية على قلته، يقلب الأخبار ولم يكن الحديث شأنه". وبه: أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1/ 54]، وقبله ابن كثير في "مسند الفاروق"[2/ 623]. =
عمر، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
260 -
حدّثنا سفيان بن وكيع بن الجراح، حدّثنا أبى، عن الدجين، عن أسلم مولى عمر، قال: سمعت عمر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَؤَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
آخر مسند عمر بن الخطاب، ويتلوه مسند على بن أبى طالب - رضى الله عنه -.
* * *
= ومتن الحديث: صحيح ثابت معدود من الأحاديث المتواترة. وقد قال ابن كثير في "مسند الفاروق" بعد أن ساقه من طريق المؤلف: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وله طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة عن نيف وثمانين صحابيًا". وسيأتى له: شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة.
260 -
صحيح: انظر قبله.