المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ١

[أبو يعلى الموصلي]

الفصل: ‌مسند طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

‌مسند طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- (*)

629 -

أخبرنا أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلى، حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريرى، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، عن زائدة بن قدامة، عن سماك بن حربٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لِيَجْعَلْ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ثُمَّ يُصَلِّى".

(*) هو: أحد العشرة المبشرين بالجنة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد والفتوح - سوى بدر - وكان يلقب: طلحة الخير، وطلحة الجود، وطلحة الفياض.

وكان أحد الستة من أصحاب الشورى. ومناقبه شهيرة معروفة.

وكان ممن يضرب به المثل في الإقدام والشجاعة، وقد بقى حيًا حتى فتنة يوم الجمل، فرآه مروان بن الحكم - وكان ممن يطلب ثأر دم عثمان - فرماه بسهمٍ فقتله.

وكان مروان مجتهدًا متأولًا، مثله مثل أبى الغادية الجهنى قاتل عمار بن ياسر - رضى الله عن الجميع - فهؤلاء قوم سبقت لهم من ربهم الحسنى، فالقاتل والمقتول كلاهما في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

629 -

صحيح: أخرجه مسلم [499]، وأبو داود [685]، والترمذى [335]، وابن ماجه [940]، وابن أبى شيبة [2844]، وأحمد [1/ 161]، وابن خزيمة [743]، وابن الجارود [166]، وعبد بن حميد في "مسنده"[101/ المنتخب] وابن حبان [2379]، والبزار [939]، والبيهقى [3267]، وجماعة، من طرق عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه به نحوه

وهو عند جماعة في سياق أتم بأوله.

قلتُ: هكذا رواه أصحاب سماك بن حرب عنه على هذا الوجه، وتابعهم: الثورى من رواية عبد الرزاق عنه، لكن اختلف على عبد الرزاق في سنده، فرواه عنه زهير بن محمد بن قمير مثل رواية الجماعة هنا: أخرجه ابن المقرئ في المعجم [رقم/ 797]، والدارقطنى في "العلل"[4/ 2206]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 484]، وابن العديم في بغية الطلب [4/ 92] من طريق زهير به.

وتابعه أبو مسعود الرازى الحافظ: عند الخطيب في "تاريخه"[8/ 484]، لكن في الطريق إليه نظر، وخالفهما: إسحاق بن إبراهيم الدبرى، فرواه عن عبد الرزاق فقال: عن الثورى، =

ص: 569

630 -

حدّثنا عبيد الله، حدّثنا عمر بن عبيدٍ الطنافسى، عن سماك بن حربٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: كنا نصلى والدواب تمر بين أيدينا، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"مثْلُ مؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ يَكُونُ بَيْنَ يَدَىْ أَحَدِكُمْ، ثُمَّ لا يَضُرُّهُ مَا يَمُرُ بَيْنَ يَدَيهِ".

631 -

حدّثنا الفضل بن سكين بن سخيتٍ، حدّثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، حدثنى أبى، عن جدى، قال: حدثنى موسى بن طلحة، عن طلحة بن عبيد الله، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"، قال الفضل: كان سليمان هذا كوفيًا ثقةً

= عن سماك عن موسى بن طلحة به مرسلًا

، هكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"[2292]، وتوبع عبد الرزاق على هذا الوجه المرسل عن الثورى: تابعه: أصحاب الثورى، كلهم رووه عنه عن سماك عن موسى بن طلحة به مرسلًا

، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 206]، وذكر أن وكيعًا قد رواه عنه الثورى واختلف عليه في وصله وإرساله أيضًا، ثم قال الدارقطنى: "وهو صحيح من حديث إسرائيل ومن تابعه على وصله

".

قلتُ: وهذا هو الصواب. والوجه الموصول من رواية زهير بن محمد بن قمير عن الثورى عن سماك: هو وجه مستقيم صحيح الإسناد. وزهير: ثقة حافظ مأمون، فلعلَّ سماك بن حرب كان ينشط فيوصله، ثم يكسل فيرسله، وسماك: فيه كلام معروف، والتحقيق في شأنه: أنه قوى الحديث إلا في روايته عن عكرمة وحده، ثم هو قد تغير حفظه بآخرة حتى صار يتلقَّن، كما قاله النسائي وغيره.

فالمعتبر: هو رواية القدماء عنه: أمثال شعبة والثورى وزائدة بن قدامة ونحوهم. وهذا الحديث قد رواه عنه: الثورى كما مضى، وكذا زائدة بن قدامة أيضًا.

وله شاهد: من حديث عائشة عند مسلم [رقم/ 500]، وجماعة. وسيأتى عند المؤلف [برقم/ 4561]. وقد بسطنا تخريجه في "غرس الأشجار".

630 -

صحيح: انظر قبله.

631 -

صحيح: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[3/ 284]، والضياء في "المختارة"[3/ 36]، من طريق المؤلف عن الفضل بن سكين بن سخيت، حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن موسى بن طلحة بن عبيد الله حدثنى أبى عن جدى قال: حدثنى موسى بن طلحة: عن طلحة بن عبيد الله به

=

ص: 570

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد مظلم، وشيخ المؤلف: يقول عنه ابن معين: "كذاب، لعن الله من يكتب عنه من صغير أو كبير إلا أن يكون لا يعرفه"، كما في "تاريخ الخطيب"[12/ 362]، بإسناد صحيح إليه. وبعضهم يسميه:"الفضل بن سخيت"، وبعضهم يقول:"الفضل بن السكن"، والثلاثة واحد، كما قاله الحافظ في اللسان [4/ 441].

وقد غفل ابن حبان عن تكذيب ابن معين لهذا الفضل العديم الفضل، وأورده في "الثقات"، وما فعل شئًا، وقد أورده العقيلى في "الضعفاء"[الطبعة العلمية]، وقال:"الفضل بن السكن الكوفى: لا يضبط الحديث، وهو مع ذلك مجهول".

هكذا وقع عنده: "ابن السكن"، بدل:"سكين"، وهو كذلك في "طبعة دار الصميعى"[3/ 34] أيضًا.

وكنتُ أظن ذلك تحريفًا وقع في هاتين الطبعتين، ففيهما الكثير من صنوف التصحيف، لكن: رجعت إلى نسخة مخطوطة من "ضعفاء العقيلى"[ق/ 185/ ب/ المكتبة الظاهرية] فوجدتُ الاسم كما هو في المطبوع، وهى نسخة عتيقة متقنة، قد قوبلت على نسخة الحافظ أبى البركات الأنماطى.

وبه: أعله الهيثمى في "المجمع"[1/ 364]، فقال:"رواه أبو يعلى والطبرانى في الكبير وإسناده حسن وفيه الفضل بن سكين [وقد تصحف عنده إلى: "دكين"] كذبه يحيى بن معين".

قلتُ: إذا كنتَ تعترف أن فيه من كذبه ابن معين بخط عريض، فكيف يروق لك أن تُحَسِّن إسناده، وإن كنتَ تقصد بتحسينك: إسناد الطبراني، لكونه ليس فيه:"الفضل بن السكن"، فكان يجب عليك التنبيه على ذلك، وما نراك فعلتَ، لكن لم ينفرد به هذا الفضل، بل تابعه عليه جماعة منهم:

1 -

يحيى بن عثمان بن صالح: عند الطبراني في "الكبير"[1/ رقم 204]، وفى طرق حديث:"من كذب على متعمدًا"[رقم 24]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 35]، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا سليمان بن أيوب به.

قلت: ويحيى بن عثمان: متكلم فيه أيضًا.

2 -

وأحمد بن منصور الرمادى: عند الحربى في "غريب الحديث"[2/ 724]، وابن الجوزى في "الموضوعات"[1/ - 61 - 62] من طريقين عن أحْمَد بنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أيُّوبَ به. =

ص: 571

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: والرمادى ثقة إمام حافظ.

3 -

ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبيُّ: عند الطحاوى في "مشكل الآثار"[1/ 355/ طبعة الرسالة]، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِى أبُو الْكَرَوَّسِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أيُّوبَ به.

قلتُ: ومحمد بن عمرو شيخ صالح الحديث، روى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، وذكره ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[8/ 34]، وقال:"كتبت عنه، وهو صدوق".

4 -

وأبو إسماعيل الترمذى: عند أبى نعيم في "معرفة الصحابة"[1/ رقم 399]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 36]، حَدَّثَنَا أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثَنَا أبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أيُّوبَ به.

قلتُ: وأبو إسماعيل: إمام حافظ. والحديث: معروف برواية سليمان بن أيوب بن سليمان عن أبيه عن جده عن موسى بن طلحة عن أبيه به

وسليمان بن أيوب: وثقه ابن حبان ويعقوب بن شيبة والفضل بن سكين، لكنه روى بتلك الترجمة:"عن أبيه عن جده" مناكير وغرائب وأعاجيب، ذكر منها ابن عدى في "الكامل"[3/ 283، 284]، جملة - منها هذا الحديث - ثم قال: "ولسليمان بن أيوب غير هذا ما ذكرتُ بهذا الإسناد عشرين حديثًا آخر، وروى هذه النسخة جماعة، وعامة هذه الأحاديث أفراد لهذا الإسناد، لا يتابع سليمان عليها أحد

".

قلتُ: والقول قول ابن عدى بلا جدال. وقد مضى أن أمثل طريقة للحكم على النقلة إنما هي سبر أحاديثهم، واعتبار مروياتهم، وعرضها على أحاديث الثقات، فهذا السبيل أقوم بكثير من مطلق التوثيق النظرى، وأيوب بن سليمان بن عيسى وأبوه سليمان بن عيسى: يقول عنهما حسين الأسد في تعليقه على "مسند المؤلف": "لم أجد لهما ترجمة".

قلتُ: هذه غفلة عن كون الأول مترجم في الجرح والتعديل [2/ 248]، وهو شيخ مجهول الحال، وأبوه: مترجم في "تاريخ البخارى الكبير"[4/ 30]، وثقات ابن حبان [6/ 394]، وهو مجهول الصفة أيضًا.

وللحديث: طريق آخر عند الحاكم في "علوم الحديث"[ص/ 250/ طبعة دار إحياء العلوم]، وأبى الحسن بن شاذان في "المشيخة الصغرى"[رقم/ 56/ طبعة مكتبة الغرباء الأثرية]، والخطيب في "تاريخه"[3/ 25]، ومن طريقه ابن الجوزى في "الموضوعات"[1/ 61]، =

ص: 572

632 -

حدّثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدّثنا معتمر بن سليمان، عن ليثٍ، عن مولًى لموسى بن طلحة، أو عن ابنٍ لموسى بن طلحة، عن أبيه، عن جده، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ من ألبان الإبل، ولحومها ولا يصلى في أعطانها، ولا يتوضأ من لحوم الغنم وألبانها، ويصلى في مرابضها".

= من طريق محمد بن عمر بن معاوية الطلحى عن أبيه عمر بن معاوية عن أبيه معاوية بن إسحاق عن أبيه إسحاق بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله به مرفوعًا

قال الحاكم: "رواة هذا الحديث كلهم قرشيون".

قلتُ: وهذا إسناد غريب، محمد بن عمر بن معاوية: شيخ غائب الحال، لم يترجمه إلا الخطيب في "تاريخه"[3/ 24]، وذكر له ثلاثة أحاديث يرويها بتلك النسخة عن آبائه، ثم قال الخطيب:"قال لى الحسن - يعنى ابن رزقويه -: لم يكن عند هذا الشيخ غير هذه الثلاثة الأحاديث".

قلتُ: وأبوه وجده طيران غريبان، وباقى رجاله معروفون. ومتن الحديث: صحيح معدود من المتواتر. وسيأتى من رواية جماعة من الصحابة، وقد مضى من رواية أبى بكر [برقم/ 73]، ومن رواية عمر [برقم/ 259]، ومن رواية على [برقم/ 496].

• تنبيه: قول المؤلف عقب هذا الحديث: "قال الفضل: كان سليمان هذا كوفيًا ثقة" فسليمان: هو ابن أيوب. والفضل: هو ابن سكين شيخ المؤلف الكذاب المكشوف الحال، وهلا بحث عمن يوثقه نفسه قبل أن يوثِّق هو من لا يدرى؟!

63 -

منكر: أخرجه الحميدى في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[2/ 415/ طبعة العاصمة]، ثنا المعتمر بن سليمان التيمى، سمعت ليثًا يحدث عن مولى لموسى بن طلحة، أو عن ابنٍ لموسى بن طلحة، عن أبيه، عن جده طلحة به نحوه. مُفرَّقًا، ولفظه:"لا يصلى في أعطان الإبل، أتوضأ من لحوم الإبل، ولا أصلى في أعطانها".

قلتُ: هذا حديث منكر. قد أفسده الليث بن أبى سليم بوجوده فيه، والليث: هو الشيخ الصدوق العابد الصالح، لكنه كان مضطرب الحديث جدًّا، وسوء حفظه مما سارت به الركبان، بل قد اختلط أيضًا حتى صار لا يدرى ما يقول، فجعل يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويغرب على الثقات، ويأتى عن الأثبات بما ليس من حديثهم، حتى تركه بعضهم، وقد شاهده عيسى بن يونس بن أبى إسحاق - الثقة المأمون - وهو يصعد المنارة في ضحوة النهار وجعل =

ص: 573

633 -

حدثنا غسان بن الربيع، حدّثنا ليث بن سعدٍ، عن يزيد بن أبى حبيبٍ، عن أبى النضر، "أن عثمان بن عفان، دعا بماءٍ للوضوء، وعنده الزبير، وطلحة، وعلىٌ، وسعدٌ، ثم توضأ وهم ينظرون، وغسل وجهه ثلاث مراتٍ، ثم أفرغ على يمينه ثلاث مراتٍ، وغسل شماله ثلاث مراتٍ، ومسح برأسه، ورش على رجله اليمنى، ثم غسلها ثلاثَ مراتٍ، ثم رش على رجله اليسرى، ثم غسلها ثلاث مراتٍ، ثم قال للذين

= يؤذن بالصلاة في غير موعدها، وهذا كافٍ في التنكب عن حديثه فيما لا يتابعه عليه الثقات.

وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث كما ترى.

1 -

فتارة يقول: "عن مولى لموسى بن طلحة".

2 -

ثم يشك ويقول: "أو عن ابن لموسى بن طلحة". وهذا أمر قد عهدناه منه كثيرًا، ولم يكن في الحديث بالليث، بل وجدته قد اضطرب في إسناده على لون ثالث.

فقال ابن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب": "ثنا المعتمر بن سليمان، سمعت ليث بن أبى سليم، عن مولى لموسى بن طلحة - أو ابن لموسى بن طلحة - عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ من ألبان الإبل ولحومها، ولا يصلى في أعطانها".

ثم قال ابن راهويه: "ذكره المعتمر لغيرى، عن أبيه، عن جده - يعنى: عن ليث، عن موسى، عن أبيه، عن جده".

يعنى: أنه رواه له بإسقاط قوله: "عن أبيه"، ورواه لغيره بإثباته، وهذا من الليث كما قد عرفتَ. وشيخ الليث فيه: مبهم لا يعرف أيضًا.

وبالليث وحده: أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1/ 98]، فقال:"مدار طرق هذه الأسانيد على ليث بن أبى سليم، وهو ضعيف". وهذا قصور منه عهدناه كثيرًا.

وبشيخ الليث وحده: أعله الهيثمى في "المجمع"[4/ 567]، فقال:"رواه أبو يعلى وفيه رجل لم يسم؟ ". وهذا قصور منه هو الآخر.

وقد صح الحديث: من قوله صلى الله عليه وسلم في النهى عن الصلاة في أعطان الإبل والأمر بالوضوء من لحومها فقط، وصح عنه الإذن بالصلاة في مرابض الغنم، وعدم الوضوء من أكل لحومها. وقد استوفينا أحاديث الباب: في كتابنا "غرس الأشجار".

63 -

صحيح: المرفوع منه: أخرجه الحارث [1/ رقم/ 74/ زوائد الهيثمى]، من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب عن سالم أبى النضر به

=

ص: 574

حضروا: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ كما توضأت الآن؟ قالوا: نعم، وذلك لشئٍ بلغه عن وضوء قومٍ".

= قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، وأبو النضر: معدود في صغار التابعين، فمن له برؤية عثمان والزبير وطلحة وعلى وسعد وغيرهم من السادة الكبار؟، وهو معروف بكثرة الإرسال. وبهذا أعله الهيثمى في "المجمع"[1/ 528]، فقال:"رواه أبو يعلى وأبو النضر لم يسمع من أحد من العشرة".

ثم قال الهيثمى: "وفيه أيضًا: غسان بن الربيع ضعفه الدارقطنى مرة، وقال مرة: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات".

قلتُ: وغسان صدوق على التحقيق. وقد توبع يزيد بن أبى حبيب عليه:

تابعه: ابن لهيعة القاضى عند أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[1/ 332/ طبعة دار الوطن]، وعنده "ثنا أبو النضر عمن رأى عثمان بن عفان

".

وهذا ظاهر في الانقطاع. وقد اختلف في سنده على الليث بن سعد، فرواه عنه غسان بن الربيع - وهو صدوق متماسك - عند المؤلف. وتابعه يونس بن محمد المؤدب - الثقة المأمون - عند الحارث في "مسنده" كلاهما روياه عنه على الوجه الماضى.

وخالفهما عاصم بن على بن عاصم الواسطى، فرواه عن الليث فقال: عن يزيد بن أبى حبيب عن رجل: "أن عثمان بن عفان دعا بوضوء

". ثم ذكره.

هكذا أخرجه أبو عبيد في كتاب الطهور [رقم/ 64]، قال: حدثنا محمد المروزى، ثنا عاصم بن على، ثنا ليث بن سعد به ..

قلتُ: المحفوظ: هو الوجه الأول. وعاصم: صدوق في الأصل، لكنه صاحب أغلاط وأوهام، ولم يصح تكذيب ابن معين له، وقد يقال: لعلَّ هذا الرجل المبهم هو نفسه سالم أبى النضر، وتكون رواية عاصم من قبيل المبهم الذي فستَرتْه رواية غسان بن الربيع وصاحبه يونس المؤدب. وهذا محتمل.

وقد خولف ابن لهيعة وابن أبى حبيب في سنده، خالفهما الثورى، فقال: عَنْ سَالمٍ أبِى النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعيدٍ قَالَ: "أتَى عُثْمَانُ المُقَاعِدَ، فَدَعَا بوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثلاثًا وَيَدَيْه ثَلاثًا ثلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسِهِ وَرَجْلَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم هَكَذَا يَتَوَضَّأ، يَا هَؤُلَاءِ: أكَذَاكَ؟ قَالُوا: نَعَم، لِنَفَرٍ مِن أصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ". =

ص: 575

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه أحمد [1/ 67]، ومن طريقه الدارقطنى في "سننه"[1/ 85]، من طريق أبى عبيدة بن عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعى عن أبيه عن الثورى به

قلتُ: هكذا جوَّده الثورى، لكن اختلف عليه في متنه وسنده،

1 -

أما متنه: فقد قال الدارقطنى عقب روايته: "صحيح، إلا التأخير في مسح الرأس، فإنه غير محفوظ، تفرد به ابن الأشجعى عن أبيه عن سفيان بهذا الإسناد، وهذا اللفظ: رواه العدنيان: عبد الله بن الوليد وزيد بن أبى حكيم، والفريابى وأبو أحمد، وأبو حذيفة عن الثورى بهذا الإسناد، وقالوا كلهم: "إن عثمان توضأ ثلاثًا ثلاثًا وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ" ولم يزيدوا على هذا".

قلتُ: وتابعهم الحسين بن حفص أيضًا، وقد خرَّجنا رواياتهم في "غرس الأشجار".

ومع إعلال متنه، فهو معلول السند أيضًا، فقد جزم أبو حاتم الرازى بكون رواية بسر بن سعيد عن عثمان مرسلة، كما نقله عنه ابنه في "العلل"[1/ 611/ طبعة سعد الحميد].

2 -

وأما سنده: فقد رواه جماعة كثيرة عن الثورى على اللون الماضى به

وخالفهم وكيع بن الجراح، فرواه عن سفيان فقال: عن أبى النضر عن أبى أنس مالك بن أبى عامر: "أن عثمان توضأ بالمقاعد فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، وعنده رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

هكذا أخرجه مسلم [رقم/ 230]- واللفظ له - وأحمد [1/ 57]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 86]، وغيرهم من طريق وكيع به

قلتُ: وهكذا رواه أبو أحمد الزبيرى أيضًا عن الثورى. وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة هذا الوجه عن سفيان، فقال أبو حاتم:"حديث وكيع أصح". كما في "العلل"[1/ 611].

وخالفهما الدارقطنى، فرجح الوجه الأول عن الثورى، فقال عقب روايته في "سننه":"والصواب عن الثورى عن أبى النضر عن بسر عن عثمان". وقد ساق الاختلاف بسنده في كتابه "العلل"[3/ 17]، ثم قال:"والصحيح قول من قال عن بسر بن سعيد".

قال الشمس بن عبد الهادى في "شرح العلل"[ص/ 99]: "وهذا الذي صححه الدارقطنى مخالف لما صححه أبو زرعة وأبو حاتم، وقوله في هذا أولى".

قلتُ: ويشبه عندى أن يكون الوجهان محفوظين عن الثورى إن شاء الله. =

ص: 576

634 -

حدّثنا القواريرى، حدّثنا عبد الله بن داود، عن طلحة بن يحيى، عن إبراهيم، قال ابن داود أراه، قال مولًى لنا، عن عبد الله بن شداد، عن طلحة بن عبيد الله، قال: أتى ثلاثةُ نفرٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَكْفِينِى هَؤُلاءِ؟ " فكفيتهم، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا، فخرج رجل منهم فقتل، ثم مكث الآخران عندى، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا، وخرج الآخر فقتل، ثم مكث الآخر عندى، فمرض، فمات على فراشه، قال طلحة: فأريتهم في المنام كأن الذي مات على فراشه كان أولهم دخولًا الجنة، وآخرهم دخولًا الذي قتل أولهم، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أَنْكَرْتَ مِنْ هَذَا؟ إِنَّ المُؤْمِنَ بِكَذَا وَكَذَا تَسْبِيحَةٍ"، قال ابن داود: هذا معناه.

= وللحديث: طريق آخر يرويه ابن شهاب عن عطاء بن يزيد أنه أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره. "أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا ويديه إلى المرافق ثلاث مرات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرات مرار إلى الكعبين". أخرجه البخارى [رقم/ 158]، ومسلم [رقم/ 226]، وجماعة كثيرة.

وللحديث: طرق أخرى عن عثمان بنحوه وبمثله، صحيحة مشهورة. وقد استوفينا تخريجه في "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".

634 -

ضعيف: أخرجه البزار في "مسنده"[954]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 26/ طبعة مكتبة العلوم والحكم]، والبخارى في "تاريخه"[1/ 316]، من طريقين عن عبد الله بن داود الخريبى عن طلحة بن يحيى عن إبراهيم مولى لنا عن عبد الله بن شداد عن طلحة به نحوه

وهو عند البخارى إشارة.

قال البزار: "ولا نعلم روى عبد الله بن شداد هذا عن طلحة إلا هذا الحديث".

قلت: وهذا إسناد ظاهره الجودة، لكنه معلول، رجاله كلهم ثقات، سوى طلحة بن يحيى، فهو مختلف فيه، ولخَّص حاله الحافظ في "التقريب" فقال:"صدوق يخطئ".

وشيخ يحيى: هو ابن عمه إبراهيم بن محمد بن طلحة كما يأتى. وقد اختلف على طلحة في سنده، فرواه عنه عبد الله بن داود الخريبى كما مضى متصلًا

وتابعه: الفضل بن العلاء، ولكن بنحو جملته الأخيرة فقط، ولفظه:"ليس أحد أفضل عند الله منزلة مؤمن عمره الله في الإسلام". أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق"[1/ 39]، =

ص: 577

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من طريق خليفة بن خياط حدثنا الفضل بن العلاء حدثنا طلحة بن يحيى عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن شداد عن طلحة بن عبيد الله به

وخالفهما: وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ - فرواه عن طلحة بن يحيى، واختلف عليه فيه، فرواه عنه أحمد بن حنبل فقال: عن وكيع عن طلحة بن يحيى عن إبراهيم بن محمد - وهو نفسه إبراهيم الواقع في رواية داود الخريبى - عن عبد الله بن شداد: "أنَّ نَفَرًا مِنْ بَنى عُذْرَةَ ثَلاثة، أتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأسْلَمُوا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَكْفِينِيهِمْ؟ قَالَ طلْحَةُ: أنا. قَالَ: فكَانُوا عنْدَ طَلْحَةَ، فَبَعَثَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا فَخَرَجَ فيه أحَدُهُمْ فَاسْتُشهِدَ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فيهِ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الثَّالثُ عَلَى فِرَاشهِ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأيْتُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عنْدِى فِي الجنَّةِ، فَرَأيْتُ الميِّتَ عَلَى فرَاشِهِ أمَامَهُمْ، وَرأيْتُ الَذى اسْتُشْهِدَ أخِيرًا يَلِيَهِ، وَرأيْتُ الَّذِى اسْتُشْهِدَ أوَّلهُم آخِرَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِى مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذكرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم وَمَا أنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أحَدٌ أفْضَلَ عنْدَ الله مِنْ مُؤْمنٍ يُعَمَّرُ في الإْسْلامِ لتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيَرِهِ وَتَهْلِيلِهِ". فخالفَهما في وصله فقط.

هكذا أَخرجه أحمد في "مسنده"[1/ 163]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 32 - 33]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 224]، من طريق وكيع به

وهذه الجملة في آخره: "ليْسَ أحَدٌ أفْضَلَ عِنْدَ اللهِ منْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ في الإْسْلامِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ". وقعت عند المؤلف والشاشى والبزار مَخَتصرَة بمعناها، كمَا أشارَ إلى ذلكَ راويها داود الخريبى في نهاية الحديث إذ قال:"هذا معناه".

وقد تُوبع عليه أحمد على هذا الوجه عن وكيع به مرسلًا:

1 -

تابعه: ابن أبى شيبة في مصنفه [34423]، ومن طريقه عبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 104/ المنتخب].

2 -

وتابعهما: عثمان بن أبى شيبة عليه بجملته الأخيرة فقط - الماضية - فقال: "حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى قال حدثنى إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن شداد قال طلحة بن عبيد الله به

".

أخرجه النسائي في "الكبرى"[10674]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 838]، قال: أخبرنى زكريا بن يحيى قال حدثنا عثمان به

=

ص: 578

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وصورة سنده مما تُوهم الاتصال، وليس كذلك، بل هو مرسل كما جزم به الدارقطنى في "العلل"[4/ 217]، فقال:"وَتابَعَهُ عُثمانُ بن أبِى شَيبَة عَلَى إِرسالِهِ".

فهؤلاء ثلاثة من الثقات الأثبات: كلهم رووه عن وكيع إسناده عن عبد الله بن شداد به مرسلًا

وخالفهم يحيى بن عبد الحميد الحمانى.

فرواه عن وكيع بإسناده عن عبد الله بن شداد عن طلحة بن عبيد الله به متصلًا مثل رواية داود الخريبى، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل" [4/ 217]. والمحفوظ عن وكيع: هو الأول.

والحمانى: إمام حافظ مكثر جليل القدر، لكنه ليس بعمدة على التحقيق، وكانت له مناكير وانفرادات عن الثقات لا يوافقه عليها أحد، نعم: لم يكن كذابًا طرفة عين، ولم يكن ممن يسرق الحديث كما قاله بعضهم، بل كان فيه نوع تساهل، وقد شرحنا حاله في كتابنا "المحارب الكفيل" بما لا مزيد عليه إن شاء الله. وكان يحيى أول من ألَّف "المسند" بالكوفة، فانطلقت فيه الألسنة بحق وبباطل، وبالجملة: فالمحفوظ من طريق وكيع هو المرسل كما مضى. لكن قال الدارقطنى في "العلل"[4/ 217]، بعد أن ذكر بعض ما مضى:"والصواب عندنا قول عبد الله بن داود".

قلتُ: إن سلكنا مسلك الترجيح: فقول وكيع هو الأصوب عندنا.

وعبد الله بن داود: ثقة عابد إمام، لكنه لم يضبط متنه كما أشار هو نفسه، فلعله وهم في سنده أيضًا، والفضل بن العلاء الذي تابعه عليه: كان كثير الأوهام كما قاله الدارقطنى.

والأشبه: أن هذا الاختلاف هو من طلحة بن يحيى نفسه، فقد مضى أنه مختلف فيه، وثقه جماعة. وضعفه آخرون، وقد كان يخطئ كما قاله ابن حبان مع كونه وثَّقه، وقال الحافظ:"صدوق يخطئ". وقد كان ينفرد بأشياء لا يتابعه عليها الثقات حتى قال البخارى فيه "منكر الحديث" ويؤيد ما مضى: أنه قد اضطرب فيه على لون ثالث، فرواه عنه عيسى بن يونس - الثقة المأمون - فقال: عن طلحة بن يحيى عن إبراهيم بن محمد عن شداد بن الهاد به

، وذكر الجملة الأخيرة منه فقط.

هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[10675]، و"في اليوم والليلة"[رقم 839]، قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن موسى وهو ابن أعين قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا طلحة بن يحيى به

=

ص: 579

635 -

حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريرى، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن جريجٍ، حدثنى محمد بن المنكدر، عن معاذ بن عبد الرحمن التيمى، عن أبيه، قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله، ونحن حرمٌ، فأهدى له طيرٌ، وطلحة راقدٌ فأكل بعضنا، وبعضنا تورع، فلما استيقظ طلحة وَفَّقَ من أكل، وَقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= وهذا واضح على أن طلحة لم يحفظ هذا الحديث حتى كان يضطرب فيه، وهو آفة الحديث إن شاء الله.

وللحديث: طرق أخرى عن طلحة بن عبيد الله بغير هذا السياق، كما سيأتي بعضها [برقم/ 648]، وليس فيه تلك الجملة الأخيرة:"ليس أحد أفضل عند الله .. " إلخ.

• تنبيه مهم: هذه الجملة الأخيرة أوردها الإمام في "الصحيحة"[2/ 257]، ثم عزاها لأحمد ومن طريقه الضياء في "المختارة" من طريق وكيع بإسناده عن عبد الله بن شداد به مرسلًا

كما مضى. ثم حسَّن الإمام إسناده دون أي إشارة إلى ما مضى من الاختلاف في سنده، ثم قال:"وعبد الله بن شداد تابعى كبير، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم"، ثم قال:"فقد يقال: إنه مرسل، فأقول: بل الظاهر أنه مُسند، تلقَّاه - يعنى عبد الله بن شداد - من طلحة نفسه، لقوله في أثناء الحديث: "قال طلحة" واللَّه أعلم".

قلتُ: بل الصواب أنه مرسل كما جزم به الدارقطنى في "العلل"[4/ 217]، فقال:"وأرسله أحمد عن وكيع". بل لفظه عند أحمد يدل عليه، خلافًا لما فهمه الإمام الألبانى، وقد توسَّط المنذرى في "الترغيب"[4/ 128]، فعزاه لأحمد وأبى يعلى ثم قال:"وفى أوله عند أحمد إرسال". وتابعه الهيثمى في "المجمع"[10/ 339]، فقال:"رواه أحمد فوصل بعضه وأرسل أوله".

قلتُ: بل هو مرسل كله إن شاء الله. وسياقه عند أحمد يدل عليه.

635 -

صحيح: أخرجه مسلم [1197]، والنسائى [2817]، وأحمد [1/ 116] والدارمى [11829] وابن أبى شيبة [14464] وابن خزيمة [2638] وابن حبان [5256]، والبزار [931]، والدارقطنى في "العلل"[4/ 216]، والبيهقى في "سننه"[9691] وابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 152]، وجماعة من طرق عن ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه عن طلحة به نحوه

قلت: وهذا إسناد مستقيم. رجاله: كلهم ثقات أئمة سوى معاذ بن عبد الرحمن، وهو صدوق حسن الحديث من رجال مسلم والبخارى والنسائى، وقد وثقه ابن حبان. =

ص: 580

636 -

حدّثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدّثنا وهب بن جرير حدّثنا أبى قال: سمعت محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبى أنس بن أبى عامر قال: "كنت عند طلحة بن عبيد الله فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد ما ندرى: هذا اليمانى أعلم برسول الله منكم أم هو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل؟ فقال: واللَّه ما نشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم إنا كنا أقوامًا أغنياء لنا بيوتات وأهلون وكنا نأتى نبى الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار ثم نرجع وكان مسكينًا لا مال له ولا أهل إنما كانت يده مع يد نبى الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور معه حيث ما دار فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم وسمع ما لم نسمع، ولم نجد أحدًا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل - يعنى أبا هريرة".

= وابن جريج: قد صرح بالسماع؛ فزالت شبهة تدليسه، وقد توبع ابن جريج عليه: تابعه: ربيعة بن عمر، كما ذكره الدارقطنى في "علله" [4/ 215]. وخالفهما: فليح بن سليمان، فرواه عن ابن المنكدر فقال: عن عبد الرحمن بن عثمان عن طلحة به

، ولم يذكر معاذًا، هكذا ذكره الدارقطنى أيضًا في "علله"[4/ 216]، وأخرجه المؤلف كما يأتى [برقم/ 658].

قلتُ: وفليح ضعيف الحفظ على التحقيق، وقد كان كثير الخطأ، صاحب مناكير، على أن ابن حبان قد قال في صحيحه [9/ 285]:"لستُ أنكر أن يكون ابن المنكدر سمع هذا الخبر من عبد الرحمن بن عثمان التيمى، وسمعه من ابن عبد الرحمن عن أبيه؛ فمرة روى عن معاذ، وأخرى عن أبيه".

قلتُ: فيكون من المزيد في متصل الأسانيد. ثم جاء أبو حنيفة ورواه عن ابن المنكدر فقال: عن عثمان بن محمد عن طلحة به

، هكذا ذكره الدارقطنى في "علله"[4/ 216]، ثم قال:"ورواه الثورى عن ابن المنكدر عن شيخ لم يسمه عن طلحة".

قلت: وسيأتى هذا الوجه [برقم/ 656، 757]. ثم قال الدارقطنى: "والصواب حديث ابن جريج، وهو حفظ إسناده".

قلتُ: وهو كما قال. ونحوه قال البزار في "مسنده"[3/ 146].

63 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [3837]، والحاكم [3/ 585]، والبزار [932]، والبخارى في "تاريخه"[6/ 132]- وعنده معلقًا - والضياء في "المختارة"[3/ 15، 16]، وابن عساكر في "تاريخه"[17/ 356، 357]. وغيرهم من طرق عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبى أنس مالك بن أبى عامر به نحوه .... =

ص: 581

637 -

حدّثنا عمرو بن محمد الناقد حدّثنا الخضر بن محمد الحرانى حدّثنا محمد بن سلمى عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمى، عن مالك بن أبى عامر قال: جاء رجل إلى طلحة بن عبيد الله فقال: يا أبا محمد أرأيتك هذا اليمانى أو قال الخضر: اليمانى هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم - يعنى: أبا هريرة - نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم؟ فقال: أما أن يكون قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع فلا أشك وسأخبرك عن ذلك: إنا كنا أهل بيوت، وكنا إنما نأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وعشية، وكان مسكينًا لا مال له إنما هو على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع، وهل تجد أحدًا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل؟! ".

= قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له عن طلحة إسنادًا إلا هذا الإسناد، ولا نعلم روى هذا الكلام في أبى هريرة، إلا طلحة".

قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق".

قلت: وهذا إسناد صالح لولا أن ابن إسحاق لم يذكر فيه سماعًا، وهو يدلس عن الضعفاء والمجاهيل وعن شر منهم، كما وصفه بذلك أحمد والدارقطنى وغيرهما، وحكاه عنهم الحافظ في "طبقات المدلسين"[ص/ 51].

ثم ترى الحافظ يحسِّن إسناد الحديث في "الفتح"[7/ 75]، وهذه غفلة مكشوفة عما سطره بنفسه في حق ابن إسحاق بـ:"طبقات المدلسين"، وقبله قد جازف الحاكم على عادته وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قلت: وليس في "الصحيح" ولا أحدهما حديث بتلك الترجمة قط، بل لم يحتج الشيخان بابن إسحاق أصلًا، وإنما أخرج له مسلم في "المتابعات" وحسب، كما جزم به المزى وغيره.

وقد رأيتُ الشهاب البوصيرى قد قال في "إتحاف الخيرة"[7/ 313]: "رواه أبو يَعْلَى بسند ضعيف لتدليس محمد بن إسحاق"، وهذا من أخطائه التى يقع فيها كثيرًا، ومن أين له أن ابن إسحاق قد دلس فيه؟، وليس عدم تصريح ابن إسحاق بالسماع دليلًا على كونه لم يسمعه من شيخه، وإنما هو قرينة وحسب. وهلا قال البوصيرى:"إسناده ضعيف" لعدم تصريح ابن إسحاق فيه بالسماع"؟، وراجع: ما علقناه في تخريج الحديث الآتى [برقم/ 4576]، بشأن تلك القضية التى يقع فيها البوصيرى وجماعة.

637 -

ضعيف: انظر قبله.

ص: 582

638 -

حدّثنا حميد بن مسعدة، حدّثنا يوسف بن خالد، حدّثنا الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، وحبيب بن أبى ثابتٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجل صدقة العباس بن عبد المطلب بسنتين".

638 - ضعيف: أخرجه المؤلف في معجمه [رقم / 156]، وعنه ابن عدى في "الكامل"[2/ 288]، من طريق يوسف بن خالد ثنا الحسن بن عمارة عن حبيب بن أبى ثابت والحكم عن موسى بن طلحة عن أبيه به

قال ابن عدى: "وهذا أيضًا ليس البلاء فيه من الحسن، والبلاء من الراوى عنه: يوسف بن خالد السمتى فإنه ضعيف". وقال الحافظ في "المطالب العالية"[5/ 526/ طبعة العاصمة]: "قلت: يوسف تالف لكنه توبع

".

قلتُ: وهو كما قال الحافظ. ويوسف بن خالد: شيخ ساقط الحديث عندهم، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه:

1 -

محمد بن حمران القيسى نا الحسن البجلى أحسبه عن الحكم عن موسى بن طلحة عن أبيه به

أخرجه البزار [3/ 159]، حدثنا حميد بن مسعدة قال: نا محمد بن حمران به

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا الحسن البجلى، وهو الحسن بن عمارة، والحسن فقد سكت أهل العلم عن حديثه".

قلتُ: مراده بسكوتهم: إعراضهم وتنكبهم عن الاحتجاج بحديثه ورمْيهم به، وإلا فقد تناولوه شديدًا كما يأتى. ومحمد بن حمران: شيخ مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وقد أخرج له الترمذى والنسائى.

2 -

وتابعه أيضًا: الحسن بن زياد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا عمر: أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، إنا كنا احتجنا إلى مال فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين".

أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 124]، ومن طريقه ابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 58]، من طريق محمد بن عبيد بن عتبة ثنا وليد بن حماد - وهو اللؤلوى - ثنا الحسن بن زياد به

قلتُ: والحسن بن زياد هو اللؤلؤى الفقيه، إلا أنه لم يكن يساوى في الحديث فلسًا، وقد تكلموا فيه حتى كذبه غير واحد، وهو من رجال "الميزان" و"لسانه". والراوى عنه: ذكره ابن حبان في "الثقات"[7/ 226]، وهو شيخ صدوق. =

ص: 583

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومدار هذا الطريق منا: على الحسن بن عمارة، وهو ساقط الحديث منذ أمد، حتى قال أبو القاسم السهيلى:"ضعيف بإجماع منهم"، بل كذبه بعضهم، وقد خولف في إسناده أيضًا، خالفه الحجاج بن دينار، فرواه عن الحكم بن عتيبة فقال: عن حجية بن عدى عن علي به نحوه

هكذا أخرجه أبو داود [1624]، وابن ماجه [1795]، والترمذى [678]، والدارمى [1636]، وأحمد [1/ 104]، وابن خزيمة [2331]، والحاكم [3/ 375]، وابن الجارود [360]، وابن سعد في "الطبقات"[4/ 26]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[1/ رقم 250]، وأبو عبيد في "الأموال"[رقم/ 1886/ طبعة دار الفكر]، والبيهقى [2157]، وابن عساكر في "تاريخه"[21/ 304]، وجماعة، من طريق الحجاج به

وقد اختلف في إسناده على الحجاج بن دينار على لونٍ ثانٍ، تراه: عند الترمذى [رقم/ 679]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 124]. ورواه عنه بعضهم على لون ثالث، كما تجده: عند أبى عبيد في "الأموال"[رقم/ 1885]، وابن أبى شيبة [4/ 24]، وابن سعد [4/ 26].

قلت: ويبدو لى: أن الاضطراب في سنده هو من الحجاج نفسه، فهو وإن وثقه جماعة، لكن ضعافه أبو حاتم والدارقطنى. والتحقيق عندى بشأنه: أنه "صدوق يخطئ" جمعًا بين أقوالهم.

وقد خالفه محمد بن عبيد الله العرزمى، فرواه عن الحكم بن عتيبة فسلك الجادة في إسناده، فقال: عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به مرفوعًا نحوه

هكذا أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 124]، من طريق محمد بن المغيرة ثنا النعمان بن عبد السلام عن محمد بن عبيد الله به

والعرزمى: متروك إلى الأبد.

وخالفهم جميعًا: منصور بن زاذان - الثقة الكبير الشأن. فرواه عن الحكم فقال: عن الحسن بن مسلم بن يناق به نحوه مرسلًا

هكذا علقه أبو داود في "سننه"[1/ 510]، وأبو عبيد في "الأموال"[ص/ 703/ طبعة دار الفكر]، من رواية هشيم عن منصور به ....

وقد توبع عليه هشيم عن منصور: تابعه الثورى: كما ذكره الدارقطنى في "علله"[4/ 207].

ورجَّح الدارقطنى هذا الوجه المرسل، فقال عنه:"وَهُو أشبَهُها بِالصَّوابِ". وقال في "سننه": "والصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل". وهذا المرسل: هو الذي صححه الحافظ في التلخيص [2/ 163]، وقبله البيهقى في "سننه" [4/ 111]. وقبلهم قال أبو داود في "سننه":"روى هذا الحديث هُشَيْم، عن منصور بن راذان، عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث هشيم أصح". =

ص: 584

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهو المحفوظ. وللحديث شواهد لا يصح منها شئ، منها:

1 -

حديث على: عند البيهقى في "سننه"[7159]. وسنده منقطع ضعيف.

2 -

وحديث أبى رافع: عند الدارقطنى في "سننه"[2/ 125]، والطبرانى في الأوسط [8/ رقم 7562]. وسنده متمزِّق، فيه شريك القاضى وأنت تعرفه، وهو يرويه عن إسماعيل بن مسلم المكى الضعيف المشهور، وقد تركه النسائي وغيره، وقال ابن عدي:"أحاديثه غير محفوظة".

وإسماعيل يرويه: عن سليمان الأحول عن أبى رافع به، ولم أتحقق من سماع الأحول من أبى رافع بعد، فأيش هذا الإسناد؟

3 -

وحديث ابن مسعود: عند الطبراني في الأوسط [1/ رقم 1000]، وفى "الكبير"[10/ رقم 9985]، وابن عدى في "الكامل"[6/ 250]. وسنده لا شئ، فيه محمد بن ذكوان البصرى، الذي يقول عنه البخارى وأبو حاتم والنسائى وغيرهم "منكر الحديث" زاد أبو حاتم:"ضعيف الحديث كثير الخطأ". وقد أنكر عليه النسائي هذا الحديث خاصة، كما ذكره ابن عدى في "الكامل"[6/ 205]، وهو كما قال النسائي ولا بد، وابن ذكوان: يرويه عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود به

هكذا يأتى بذلك الإسناد العجيب جدّا، كأن منصور بن المعتمر قد مات أصحابه أو عُدموا من الوجود، حتى انفرد ابن ذكوان عنه بمثل هذا الحديث المسحور، وقد صحَّ عن ابن معين أنه وثقه، وهذا يضر ابن ذكوان على التحقيق.

أما ابن حبان: فقد ذكره في الثقات [7/ 379]، وهذا دليل على كونه ما عرفه.

ثم رأيتُ ابن حبان تناكد وذكره في المجروحين [2/ 262]، وقد أصاب في الأخير.

وبالجملة: فهذه الشواهد كعدمها إن شاء الله، لكن يقول الحافظ في "الفتح" [3/ 349]:"وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر؛ بمجموع هذه الطرق".

قلتُ: ومثله قال الإمام في "الإرواء"[3/ 349]، فقال:"وهو الذي نجزم به؛ لصحة سندها مرسلًا، وهذه شواهد لم يشتد ضعفها".

قلتُ: أما الشواهد فقد عرفتَ ما فيها، والشاهد المرسل متقاعد عن التقوية؛ لكونه من مراسيل صغار التابعين، والمحققون يشترطون: مراسيل كبار التابعين للتقوية والاعتضاد. وقد بسطنا تخريج أحاديث الباب في كتابنا: "غرس الأشجار". وللَّه الحمد.

ص: 585

639 -

حدّثنا إبراهيم بن الحجاج النيلى، حدّثنا أبو عوانة، عن سماك بن حربٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومٍ في رءوس النخل، فقال:"مَا يصْنَعُ هَؤُلاءِ؟ "، قالوا: يلقحونه، فيجعلون الذكر في الأنثى فيتلقح، قال:"مَا أَظُنُ ذَلِكَ يُغْنِى شَيْئًا". فآخذوا بذلك فتركوه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:"إِنْ كان يَنْفعُهُمْ فَلْيصْنَعُوهُ، فَإنِّى إِنَّما ظَنَنْتُ ظَنًّا، فَلا تُؤَاخِذُونِى بالظَّنِّ، وَلكن إذا أخبَرتُكُمْ عَنِ الله بِشَىْءٍ فَخُذُوهُ، فَإِنِّى لَنْ أَكْذِبَ عَلَى الله شَيْئًا".

639 - صحيح: أخرجه مسلم [2361]، وابن ماجه [2470]، وأحمد [1/ 162]، والطيالسى [230]، والبزار [937]، و [938]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 38]، وفى "مشكل الآثار"[4/ 423]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم / 102/ المنتخب]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 329/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون للتراث]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 207]، ويحيى بن آدم في الخراج [رقم/ 345]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم 7، 8، 9]، وأبى المنجَّي ابن اللَّتِّى في "مشيخته"[ص/ 434 - 435/ ضمن مجموع فيه ثلاث من كتب المشيخات الحديثية/ طبعة مؤسسة الريان]، وأبو محمد الطامذى في "فوائده"[ص/ 22/ طبعة دار العاصمة]، وجماعة من طرق عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه به نحوه.

قال الطبرى: "هذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

وقال أبو المنجى: "حديثٌ صحيحٌ من حديث سِمَاك بن حرب بن أوسٍ أبى المغيرة، رواه عنه: إسرائيل، وأبو عوانة". وقال الطامذى: "هذا حَديث صحيح على شرط أبى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى، تفرد بإخراجه في كتاب صحيحه".

قلتُ: وإسناده قوى مستقيم، لولا أن سماكًا قد تغير أخيرًا حتى صار يتلقَّن، كما قاله النسائي، ورواية القدماء عنه مستقيمة: أمثال شعبة والثورى وزائدة، ولم يرو عنه أحد من هؤلاء الثلاثة هذا الحديث، لكن يقال: إن إخراج مسلم لهذا الطريق قرينة على كونه قد عرف أنه من صحيح حديث سماك الذي لم يغلط فيه.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة؛ منهم: رافع بن خديج وعائشة كلاهما عند مسلم [رقم/ 2362، 2363]، وجماعة ومنهم: جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، ويسير بن عمرو، وغيرهم.

ص: 586

640 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا عبد الله بن نمير، حدّثنا مجالدٌ، عن الشعبى، عن جابر، قال: سمعت عمر، يقول لطلحة بن عبيد الله: ما لى أراك شَعِثْتَ واغبررت مذ توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعله أن ما بك إمارة ابن عمك؟ قال: فقال: معاذ الله، إنى سمعته يقول:"إنى لأَعْلَمُ كَلمَةً لا يَقُولُهَا رَجُلٌ يَحْضُرهُ المْوْتُ إِلا وَجَدَ رُوحَهُ لَهَا رَوْحًا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ جَسَدِه، وَكَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولم يخبرنى بها، فذلك الذي دخلنى، قال عمر: فأنا أعلمها، قال: فللَّه الحمد، فما هي؟ قال: الكلمة التى قالها لعمه، قال: صدقت.

640 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 28]، ومن طريقه ابن الجوزى في "الثبات حتى الممات"[ص 57] والبزار [930]، والنسائى في "الكبرى"[10937]، والبخارى في "تاريخه"[1/ 168]- وعنده معلقًا إشارة - وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"[1/ رقم/ 392]، وقاضى المارستان في "مشيخته"[3/ 1221/ طبعة دار عالم الفوائد]، وغيرهم، من طرق عن عبد الله بن نمير عن مجالد بن سعيد عن الشعبى عن جابر بن عبد الله به نحوه

قال البخارى: "ولا يصح فيه جابر". يعنى: ليس محفوظًا من حديث جابر. وقال البزار: "ولا نعلم جابر بن عبد الله روى عن طلحة إلا هذا الحديث، ولا رواه عن مجالد إلا عبد الله بن نمير". وقال الدارقطنى: "تفرد به ابن نُمَيْر"، نقله عنه الحافظ في "إتحاف المهرة"[12/ 125].

وقال ابن كثير في "مسند الفاروق"[1/ 225]: "هذا إسناد حسن".

قلت: بل هو إسناد منكر، مجالد: ضعيف صاحب مناكير، وقد خولف في إسناده، خالفه إسماعيل بن أبى خالد الثقة المأمون، فرواه عن الشعبى فقال: عن يحيى بن طلحة عن أمه سعدى المرية قالت: "مر عمر بطلحة

". ثم ذكرتْه بنحوه.

هكذا أخرجه ابن ماجه [3795]، وابن حبان [205]، والمؤلف في المعجم [رقم / 310]، وفى الآتى [رقم/ 6422]، ومن طريقه ابن الأثير في أسد الغابة [1/ 1364]، والبزار [934]، والنسائى في "الكبرى"[10940]، وابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق"[1/ 226]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 362/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، وأبو القاسم البغوى في "معجم الصحابة"[3/ 409 - 410]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 148/ الطبعة العلمية]، وفى "معرفة الصحابة"[6/ رقم/ 7693]، والطبرانى في "الكبير"[42/ رقم 772]، والضياء في "المختارة"[1/ 228، 229]، =

ص: 587

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والمحاملى في "أماليه"[رقم/ 48]، وابن عساكر في "تاريخه"[86/ 286]، والمزى في "تهذيبه"[35/ 195]، وغيرهم، من طريق هارون بن إسحاق الهمدانى عن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الوَهَّاب السُّكَّرِيِّ، قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ إسْمَاعيلَ بْنِ أبى خَالِد به

قال البَزار: "وَهَذَا الحدِيثُ لَا نَعْلَمُ أحَدًا رَواهُ، عَن مِسْعَرٍ، بهَذَا الإسْنَادِ إِلَّا مُحَمَّدَ بنَ عَبد الْوَهَّابِ السُّكَّريَّ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ إِلَّا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَدْ رُوَىَ عَنْ طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، فَاقْتَصَرْنَا عَلَى حَدِيثِ مِسْعَرٍ".

قلتُ: ولم يتفرد به هارون بن إسحاق عن محمد بن عبد الوهاب، فقال ابن المدينى:"حدثنا بهذا الحديث أصحابنا عن محمد بن عبد الوهاب الكوفى".

وابن عبد الوهاب: ثقة صالح. وقد اختلف على إسماعيل في سنده، فرواه عنه مسعر بن كدام على الوجه الماضى. وخالفه شعبة بن الحجاج، فرواه عن إسماعيل فقال: عن الشعبى عن رجل عن سعدى امرأة طلحة به نحوه

، ولم يذكر فيه "يحيى بن طلحة". هكذا أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد"[رقم/ 519]، والمؤلف [641]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 592]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 362 - 363/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، وغيرهم من طريق شعبة به

وتوبع شعبة على هذا الوجه: تابعه: يحيى القطان كما أخرجه ابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق"[1/ 226]، حدثنا يحيى القطان به

أما محمد بن عبيد الطنافسى فله شأن آخر، فقد رواه عن إسماعيل فقال: عن رجل عن الشعبى به مرسلًا

هكذا أخرجه أحمد [1/ 37] والنسائى في "الكبرى"[10941]، وفى "اليوم والليلة"[1102]، والبخارى في "تاريخه"[1/ 168]- وعنده إشارة - وابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق"[1/ 226]، من طريق الطنافسى به

قال ابن المدينى: "وإنما أراد محمد - يعنى الطنافسى - عن الشعبى؛ لأن يحيى - يعنى القطان - من أثبت من روى عن ابن أبى خالد، وكان يتتبع السماع من الفقهاء، ويشده رواية شعبة أيضا كذلك". وقال الدارقطنى في "العلل"[4/ 212] عن طريق الطنافسى: "ووهم فيه، وإنما أراد أن يقول: عن إسماعيل عن الشعبى عن رجل

".

قلتُ: لكن أبى يحيى القطان إلا أن يرويه عن ابن أبى خالد عن الشعبى به نحوه مرسلًا

=

ص: 588

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه أحمد [1/ 37]، ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا عامر الشعبى به

لكن: مضى أن ابن المدينى قد رواه في "مسند عمر" عن القطان عن إسماعيل فقال: عن الشعبى عن رجل عن سعدى امرأة طلحة به نحوه

، فالظاهر: أنه قد اختلف على القطان في سنده.

ثم جاء مطرف بن طريف وخالف الكل، ورواه عن الشعبى فقال: عن يحيى بن طلحة عن أبيه طلحه به ....

هكذا أخرجه أحمد [1/ 161]، والحاكم [1/ 502]، والنسائى في "الكبرى"[10939]، وفى اليوم والليلة [11100] والبخارى في "تاريخه"[1/ 168]- وعنده إشارة - وابن المدينى في "مسند عمر" كما في "مسند الفاروق"[1/ 226]، وأبو القاسم البغوى في "معجم الصحابة"[3/ 410]، والطبرى فى "تهذيب الآثار"[ص/ 362 - 363/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والبيهقى في "الأسماء والصفات"[رقم 173]، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المختارة"[1/ 248]، وابن عساكر في "تاريخه"[64/ 286] وغيرهم، من طريق مطرف به

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

قلتُ: وهذا من أوهامه، فليس في "الصحيحين" ولا في أحدهما حديث بتلك الترجمة قط، بل لم يخرج أحد الشيخين لـ:"يحيى بن طلحة" شيئًا أصلا، وقال الطبرى:"وهذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

قلتُ: وظاهر إسناده كذلك، لولا أنه معلول بالاختلاف فيه على ألوان، وقد اختلف على مطرف في سنده، فرواه عنه جماعة على هذا الوجه. وخالفهم جرير بن عبد الحميد، فرواه عن مطرف فقال: عن الشعبى عن ابن طلحة أو ابن لطلحة به نحوه مرسلًا

هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[10938] وفى "اليوم والليلة"[رقم / 1099] والبيهقى في "الأسماء والصفات"[رقم/ 172]، والمحاملى في "أماليه"[رقم/ 47]، من طريق جرير به

وخالفه عبثر بن القاسم، فرواه عن مطرف فقال: عن الشعبى عن يحيى بن طلحة - وسمَّاه - به مرسلًا

هكذا علَّقه البخارى في "تاريخه"[1/ 168] وأخرجه المؤلف كما يأتى [برقم/ 655]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[1/ 248]، من طريق عبثر به

=

ص: 589

641 -

حدّثنا موسى بن حيان البصرى، حدّثنا أبو زيدٍ الحرشى، حدثنا شعبة، عن إسماعيل، قال: سمعت الشعبى، عن رجلٍ، عن سعدى امرأة طلحة بن عبيد الله، عن طلحة أنه قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمةً لم أسأله عنها حتى مات - أو قبض - قال: "إنِّى لأَعْلَم كلِمَةً لا يَقُولُهَا رَجُلٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا كَانَتْ لَهُ نورًا فِي صَحِيفَتِهِ، وَإنَّ رُوحَةُ وَجَسَدَهُ لَيَجدَانِ لَهَا رَاحَةً عِنْدَ المْوْتِ". فقال عمر: إنى لأعلمها، هي الكلمة التى أراد عليها عمه، لا أراها إلا إياها.

642 -

حدّثنا هارون بن إسحاق، حدثنى محمد بن عبد الوهاب القنَّاد، عن مِسْعرٍ،

= قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[1/ 66]: "هذا إسناد رجاله ثقات".

ثم أتى خالد الطحان ورواه عن مطرف فقال: عن الشعبى به مرسلًا

لم يذكر فيه أحدًا، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل" [4/ 211]. وتابعه أسباط بن محمد: عند الشاشى في "مسنده"[1/ رقم 28]، حَدَّثَنَا الحسَنُ بْنُ عَليِّ بْنِ عَفَّانَ العَامرِيُّ، حَدثنا أسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَامرٍ به مرسلًا

قلتُ: هَكذا رواه الحسن بن على عن أسباط. وخالفه الإمام أحمد، فرواه عن أسباط ثنا مطرف عن عامر عن يحيى بن طلحة عن أبيه به نحوه موصولا

هكذا أخرجه في "مسنده"[1/ 161]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[1/ 247 - 248]، وفى الحديث: اختلافات أُخَر ضربنا عن ذكرها صفحًا.

وقد قال الدارقطنى بعد أن ذكر أكثرها في "علله"[4/ 213]: "وأحسنها إسنادًا: حديث على بن مسهر ومن تابعه عن مطرف عن الشعبى عن يحيى بن طلحة عن أبيه

، وحديث مسعر عن إسماعيل بن أبى خالد حسن الإسناد أيضًا؛ فإن كان محفوظا، فإن يحيى بن طلحة حفظه عن أبيه [و] عن أمه".

قلتُ: وهذا هو الظاهر عندى: أن هذين الوجهين محفوظان معًا، وإسنادهما صحيح، ومن رواه على غير هذين الوجهين، فلم يُقِمْ إسناده.

641 -

صحيح: انظر قبله.

642 -

صحيح: انظر قبله. وللحديث: طرق أخرى، عن طلحه بنحوه. وانظر الماضى:[برقم 102].

ص: 590

عن إسماعيل بن أبى خالدٍ، عن الشعبى، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية، قال: مر عمر بطلحة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لى أراك مكتئبًا؟ أيسوءك إمرة ابن عمك؟ قال: لا، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنِّى لأَعْلَمُ كلِمَةً لا يَقُولُهَا عِنْدَ مَوْتِهِ إلا كَانَتْ نُورًا لصَحِيفَتِهِ، وَإنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ المْوْتِ". فقال: أنا أعلمها، هي التى أراد عليها عمه، ولو علم أن شيئًا أنجى له منها لأمره.

643 -

حدّثنا عبد الأعلى، حدّثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالمٍ المكى، أن أعرابيًا، قال: قدمت المدينة بحلوبةٍ لى، فنزلت على طلحة بن عبيد الله،

643 - صحيح: أخرجه أبو داود [3441]، والبزار [957]، والبيهقى في "سننه"[10693]، والمزى في "التهذيب"[10/ 178]، وغيرهم، من طرق عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سالم المكى عن أعرابى عن طلحة به

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة إلا من هذا الوجه".

قلتُ: وهكذا رواه عبد الواحد بن غياث وموسى بن إسماعيل - واختلف عليه - وعبد الأعلى بن حماد وعبد الله بن معاوية البصرى وغيرهم عن حماد بن سلمة على هذا الوجه.

وخالفهم مؤمل بن إسماعيل، فرواه عن حماد فقال: عن ابن إسحاق عن سالم المكى عن أبيه عن طلحة به نحوه

، هكذا أخرجه البزار [956]، ثم قال:"لا نعلم أحدًا قال: "عن سالم عن أبيه عن طلحة" إلا مؤمل عن حماد، وغير مؤمل يرويه عن رجل".

قلتُ: والمحفوظ هو الأول. ومؤمل: كثير الخطأ على جلالته وإمامته في السنة، وسالم المكى: لم يذكر له صاحب "التهذيب"[10/ 178]، رواية عنه سوى ابن إسحاق وحده، وقال المزِّى:"خلطه صاحب "الكمال" بسالم الخياط، وهو وهم، وأما هذا فيحتمل أن يكون سالم بن شوال".

قلتُ: وقال الحافظ في "تقريبه"[1/ 227]: "هو الخياط أو ابن شوال؛ وإلا فهو مجهول".

قلتُ: أما الدارقطنى فإنه جعله "سالما أبا النضر"، وهذا هو الأقرب إن شاء الله. ويدل عليه: أن الدارقطنى قد أورد هذا الحديث في "علله"[4/ 218] وذكر الاختلاف في سنده على ابن إسحاق، وقال في أول كلامه: "يرويه سالم أبو النضر واختلف عنه

". ثم ذكر أنه قد اختلف على ابن إسحاق في سنده على لون ثالث، فذكر أن إبراهيم بن سعد قد رواه عن ابن إسحاق فقال: عن سالم عن رجل عن أبيه عن طلحة به

=

ص: 591

فقلت: إنه لا علم لى بأهل السوق، فلو بعت لى، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضرٌ لبادٍ، ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورنى حتى آمرك أو أنهاك.

= قلتُ: وهذا الطريق أخرجه أحمد [1/ 163]، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ - وهو ابن إبراهيم بن سعد - حَدَّثَنَا أبِى، عَنِ ابْن إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أبِى أُمَيَّةَ أبُو النَضْرِ، قَالَ: "جَلَسَ إِلَى شَيْخٌ مِنْ بَنِى تَميمٍ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، وَمَعَهُ صَحيفَةٌ لَهُ فِي يَدِهِ - قَالَ: وَفِى زَمَانِ الحجَّاجِ، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ الله، أَتَرَى هَذَا الْكِتَابَ مُغْنِيًا عَنِّى شيْئًا عنْدَ هَذَا السُّلْطَانِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا الْكتَابُ؟ قَالَ: هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَهُ لَنَا: أنْ لَا يُتَعَدَّى عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا. قَالَ: فَقُلْتُ: لَا، وَاللهِ مَا أظُنُّ أنْ يُغْنِىَ عَنْكَ شَيْئًا، وَكَيْفَ كَانَ شَأنُ هَذَا الكتَابِ؟ قَالَ: قَدِمْتُ المدِينَةَ مَعَ أبِى وَأنَا غُلامٌ شَابٌ بِإِبِلٍ لنَا نَبِيعُهَا، وَكَانَ أبِى صَدِيقًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ

" وسَاق الحديث في سياق مطول. وتوبع عليه إبراهيم بن سعد:

تابعه: يزيد بن زريع عند المؤلف [رقم/ 644]، حدثنا القواريرى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا سالم أبو النضر به

وهذا يؤيد أن سالمًا المكى في هذا الحديث: هو نفسه سالم أبو النضر. وكون سالم أبى النضر مدنيًا مشهورًا لا يمنع من وصفه مكيًا، وقد ساقه الهيثمى من هذا الوجه المطول في "المجمع"[3/ 233]، وقال:"رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

إذا عرفت هذا: فقد ذكر الدارقطنى في "علله"[4/ 220] أن ابن إسحاق قد توبع على هذا الوجه الأخير: تابعه: عمرو بن الحارث وابن لهيعة كلاهما روياه عن سالم أبى النضر عن رجل من بنى تميم عن أبيه عن طلحة به نحوه

قال الدارقطنى: "وهذا هو الصواب".

قلتُ: وهو الأشبه. ولعل الاختلاف الماضى: هو من قبل ابن إسحاق نفسه، فقد كان يهيم ويخطئ، على أن ابن إسحاق قد جوَّده من طريق إبراهيم بن سعد ويزيد بن زريع عنه كما مضى.

وذلك الشيخ التيمى - الذي يرويه عنه سالم أبو النضر - هو وأبوه: صحابيان، كما يدل عليه سياق الحديث عند أحمد والمؤلف، فلا يضر إبهامهما وجهالتهما على المذهب المختار؛ خلافًا لأبى محمد بن حزم، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع فيه - ولكن باللفظ المطوَّل - عند أحمد والمؤلف. وتابعه: عمرو بن الحارث وابن لهيعة عليه كما مضى، فالإسناد صحيح إن شاء الله.

ثم وجدت ابن إسحاق وابن لهيعة وابن الحارث قد خولفوا في هذا الوجه الأخرى. =

ص: 592

644 -

حدّثنا القواريرى، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا محمد بن إسحاق، حدّثنا سالم أبو النضر، قال: جلس إليَّ شيخ من بنى تميمٍ وأنا في مسجد البصرة في زمن الحجاج بن يوسف، وفى يده عصاه وصحيفةٌ يحملها في يده، فقال: يا عبد الله، ترى هذا الكتاب نافعى عند صاحبكم هذا، قلت: وما هذا الكتاب؟ قال: كتابٌ كتبه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: وكيف كتبه لكم؟ قال: قدمت المدينة مع أبى، وأنا غلامٌ شابٌ في إبلٍ جلبناها إلى المدينة لنبيعها، قال: وكان طلحة بن عبيد الله صديقًا لأبى فنزلنا عليه، فقال أبى: أبا محمدٍ، اخرج معنا فبع لنا ظهرنا، فإنه لا علم لنا بهذه السوق، قال: أما أن أبيع لك فلا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضرٌ لبادٍ، ولكن سأخرج معكما إلى السوق، فإذا رضيت لكما رجلًا ممن يبايعكما أمرتكما ببيعه، قال: فخرجنا وخرج معنا، فجلس في

= خالفهم عياش بن عباس القِتْبانى ذلك الثقة المشهور، فرواه عن سالم أبى النضر فقال: عن نوفل بن إساحق التيمى، عن أبيه سمع طلحة بن عبيد الله، يقول:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لبادٍ". هكذا أخرجه أبو على ابن الصواف في "الجزء الثالث من فوائده"[رقم/ 99 انتقاء الدارقطنى/ مخطوط/ بترقيمى]، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: وجدت في كتاب أبى بخط يده: حُدِّثتُ عن المفضل بن فضالة، حدثنا عياش بن عباس القتبانى به

قلتُ: لكنها مخالفة لا تثبت، وفى سندها جهالة من حدَّث الإمام أحمد به عن ابن فضالة؟، وللمرفوع من الحديث: طريق آخر عن طلحة عند ابن عدى في "الكامل"[3/ 284]، وسنده غير محفوظ، وللحديث: شواهد كثيرة.

644 -

صحيح: انظر ما مضى. وقد أخرجه أحمد [1/ 163] من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق به مطولًا مثل الذي هنا. ومضى في الذي قبله: أن ابن إسحاق قد اختلف عليه في إسناده، والمحفوظ عنه هو هذا الوجه، فقد تابعه عليه: عمرو بن الحارث وابن لهيعة كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 218].

• تنبيه مهم: وقع في سند المؤلف خلط في الطبعتين، ففيهما"

يزيد بن زريع حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا سالم أبو النضر عن شيخ من بنى تميم قال: جلس إليَّ وأنا في مسجد البصرة

إلخ". هكذا فيهما، ولعله خطأ قديم وقع في بعض نسخ "مسند أبى يعلى"، فهكذا وجدته أيضًا عند الحافظ في "المطالب" [7/ 234/ طبعة العاصمة]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة" [3/ 301]، نقلًا عن المؤلف. =

ص: 593

ناحيةٍ من السوق، وساومنا الرجال بظهرنا، حتى إذا أعطانا رجلٌ ما يرضينا أتيناه فاستأمرناه في بيعه، فقال: نعم، فبايعوه فقد رضيت لكما وفاءه وملأه، قال: فبايعناه، وأخذنا الذي لنا، فقال له أبى: خذ لنا كتابًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا، قال: ذاك لكل مسلمٍ، فقلنا: وإن كان، قال: فمشى بنا، فقال: يا رسول الله، إن هذين يحبان أن تكتب لهما أن لا يتعدى عليهما في صدقاتهما، قال:"ذَاكَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"، قال: يا رسول الله، إنهما يحبان أن يكون عندهما منك كتابٌ، قال: فكتب لهما هذا الكتاب، فتراه نافعى عند صاحبكم هذا، فقد والله تعدى علينا في صدقاتنا؟ قال: قلت: لا أظن والله.

645 -

حدّثنا عبد الأعلى بن حماد، حدّثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: كان طلحة بن عبيد الله، يقول: لا أخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئٍ إلا أنى سمعته، يقول:"عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ صَالحِى قُرَيْشٍ، وَنِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ أَبُو عبْدِ الله، وَأَمُّ عَبْد الله، وَعَبْدُ الله".

= • والصواب هو: "عن ابن إسحاق عن سالم أبى النضر قال: جلس إليَّ شيخ من بنى تميم

إلخ". فهكذا وقع على الصواب عند أحمد [1/ 163]، من طريق إبراهيم بن سعد الزهرى عن ابن إسحاق به

وهكذا نقله الهيثمى في "المجمع"[3/ 233]، عن أحمد والمؤلف. وأنا أستبعد أن يكون يزيد بن زريع - رواية عن ابن إسحاق عند المؤلف - قد اختلط عليه إسناده، أو خالف إبراهيم بن سعد في حكايته عن ابن إسحاق، بل الأقرب أنه من ناسخ الأصل.

نعم: ربما يُتأوَّلُ قوله عند المؤلف: "

سالم أبو النضر عن شيخ من بنى تميم قال: جلس إليَّ وأنا في مسجد البصرة

" بإرجاع الضمير في قوله: "جلس إليَّ" إلى سالم أبى النضر، فيتفق بهذا سياق المؤلف مع سياق أحمد.

645 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه أحمد في المسند [1/ 161]، وفى "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1743]، ومن طريقه الجوزقانى في "الأباطيل"[رقم/ 173]، والبزار [3/ رقم/ 961]- وعنده معلقًا - وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[2/ 798] والشاشى في "مسنده" 11/ رقم 18، 91]، والآجرى في "الشريعة"[5/ 2483/ طبعة دار الوطن]، وابن عساكر في "تاريخه"[46/ 138]، وغيرهم، من طرق عن عبد الجبار بن الورد عن ابن أبى مليكة به .. =

ص: 594

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال البزار: "وَهَذَا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رَضىَ اللَّهُ عَنْهُ"، وقال الجوزقانى:"هذا حَديث صحيح". وقال الهَيثمى في "المجمع"[9/ 589]: "رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه ورجاله ثقات".

قلتُ: وإسناده قوى، لكنه منقطع، وابن أبى مليكة: لم يدرك طلحة بن عبيد الله، كما قاله الترمذى وغيره.

وقد توبع عليه عبد الجبار بن الورد: تابعه نافع بن عمر بشطره الأول فقط: أخرجه الترمذى [3845]، وأحمد في "المسند"[1/ 161]، وفى "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1742]، ومن طريقه الجوزقانى في "الأباطيل"[رقم/ 173]، والخلال في "السنة"[2/ رقم 689]، وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 55] وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[2/ رقم 799]، والآجرى في "الشريعة"[5/ 2483 - 2484/ طبعة دار الوطن]، وأبو عروبة الحرانى في "الطبقات"[رقم 21]، والدارقطنى في "الأفراد"[1/ 123/ أطرافه/ الطبعة التدمرية]، وابن عساكر في "تاريخه"[46/ 138]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 857]، وغيرهم من طرق عن نافع بن عمر عن بن أبى مليكة به

قال الدارقطنى: "تفرد به نافع بن عمر عن ابن أبى مُلَيكة".

قلتُ: بل تابعه عبد الجبار بن الورد كما مضى، وقال الترمذى:"هذا حديث إنما نعرفه من حديث نافع ابن عمر الجمحى، ونافع ثقة، وليس إسناده بمتصل، وابن مليكة لم يدرك طلحة". وتابعه أيضًا: عمر بن أبى معروف ولكن بشطره الأخير: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[46/ 139]، من طريق الأحوص بن المفضل بن غسان أنا أبى أنا ابن أبى الوزير نا عمر بن أبى معروف عن ابن أبى مليكة به

ثم نقل ابن عساكر عن المفضل بن غسان أنه قال: "الحديث مرسل، ولم يدرك ابن أبى مليكة طلحة". وهو كما قال، ومراده بالمرسل: يعنى منقطع.

وقد جازف المناوى وصحح سنده في "التيسير بشرح الجامع الصغير"[2/ 288/ طبعة مكتبة الإمام الشافعي]، مع كونه قال في "فيض القدير" [7/ 18]:"ورجال سنده ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين [ابن] أبى مليكة وطلحة". وذكر الحافظ في "الإصابة"[4/ 652]، أن ابن سعد قد رواه في "الطبقات" بإسناد رجاله ثقات إلى ابن أبى مليكة به مرسلًا

لم يذكر طلحة، فالظاهر أن ابن أبى مليكة قد اختلف عليه في إسناده. =

ص: 595

646 -

حدّثنا زهير، حدّثنا عبد الرحمن، حدّثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبى مليكة قال: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ من صَالحى قُرَيْشٍ، وَنعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ عَبْدُ الله، وَأَبُو عَبْدِ الله، وَأَمُّ عَبْدِ الله".

= ثم رأيتُ ابن سعد قد أخرجه في "الطباقات" ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[46/ 139 - 140]، أنا عفان بن مسلم نا وهيب عن أيوب - وهو السختيانى - عن ابن أبى مليكة قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله".

قلت: وهذا هو المحفوظ عن ابن أبى مليكة مرسلًا، لكن للحديث شواهد تشهد لشطريه:

أما شطره الأول: "إن عمرو بن العاص من صالحى قريش". فله طريق آخر: أخرجه الطبراني في "الكبير"[1/ رقم 208]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 42]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 1376] وابن عدى في "الكامل"[3/ 284]، وغيرهم من طريق سليمان بن أيوب بن سليون بن عيسى عن أبيه عن جده عن موسى بن طلحة عن طلحة به

قلتُ: وهذه نسخة منكرة، كما شرحناه في تخريج الحديث الماضى [برقم 631]، وله شاهد بلفظ:"أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص". وشاهد آخر بلفظ: "ابنا العاص مؤمنان: هشام وعمرو".

أما الأول: ففى سنده ابن لهيعة.

وأما الثاني: فسنده صالح.

راجع الكلام عليهما: في "الصحيحة"[1/ 238] و [14/ 2240]، للإمام الألبانى.

وأما الشطر الثاني: "نعم أهل البيت

إلخ". فله شاهد: من عقبة بن عامر عند أحمد [4/ 150]، ومن طريقه القاسم بن قطلوبغا في "مسند عقبة بن عامر" [رقم/ 134]، والرويانى في "مسنده" [1/ رقم 217]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" [ص/ 315 - 316/ طبعة دار الفكر]، وابن عساكر في "تاريخه" [31/ 250]. وفى سنده ابن لهيعة، وقد اضطرب في إسناده، كما تراه عند أحمد في "فضائل الصحابة" [2/ رقم/ 1746].

وله شاهد آخر: من حديث جابر بن عبد الله عند ابن عدى في "الكامل"[2/ 412]، وابن عساكر في "تاريخه"[46/ 139]، وسنده ساقط جدًّا، فيه حبيب بن رزيق: الكذاب المشهور.

646 -

ضعيف: بهذا التمام: انظر قبله.

ص: 596

647 -

حدّثنا القواريرى، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدّثنا عبد الجبار، عن ابن أبى مليكة قال: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ عَمْرَو بْن العاص منْ صَالحِى قُرَيْشٍ، وَنِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ عَبْدُ الله، وَأبُو عَبْدِ الله، وَأَمُّ عَبْدِ الله".

648 -

حدّثنا يحيى بن أيوب، حدّثنا إسماعيل يعنى ابن جعفرٍ، أخبرنى محمدٌ يعنى ابن عمرٍو، عن أبى سلمة، عن طلحة بن عبيد الله، أن رجلين من بلىٍ أسلما، فقتل أحدهما في سبيل الله، وأخر الآخر بعد المقتول سنةً ثم مات، قال طلحة رأيت الجنة في المنام، فرأيت الآخر من الرجلين أدخل الجنة قبل الأول، فأصبحت فحدثت الناس بذلك، فبلَغت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى بَعْدَهُ ستَةَ آلافِ رَكْعَةٍ، وكَذَا وكَذَا رَكْعَةً؟! ".

647 - ضعيف: بهذا التمام: انظر ما مضى.

648 -

ضعيف: أخرجه إسماعيل بن جعفر في حديثه [رقم/ 215]، ومن طريقه ابن أبى خيثمة في "تاريخه"[4/ 139 - 140]، ومن طريقه الشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 27]، وأحمد [2/ 333]، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "مصباح الزجاجة"[2/ 264]، والبيهقى في "الزهد الكبير"[رقم/ 632/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]، والضياء في "المختارة"[3/ 26 - 27]، وأبو الحسن الخلعى في "الخلعيات"[ق/ 180/ أ]، وغيرهم من طريقين عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن طلحة بن عبيد الله به نحوه

وهو عند بعضهم في سياق أتم.

قال الشاشى عاقب روايته: "قَالَ ابْنُ أبِى خَيْثَمَةَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعين عَنْ هَذَا الحدِيثِ؟ فَقَالَ: مُرْسَلٌ، لَمْ يُسْمَعْ مِنْ طَلْحَةَ".

قلتَ: وإسناده حسن رائق، لولا أن أبا سلمة لم يسمع من طلحة، كما جزم به ابن معين وابن المدينى وغيرهما، وبهذا: أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[6/ 122].

وقد اختلف في سنده على محمد بن عمرو، فرواه عنه إسماعيل بن جعفر ويزيد بن هارون على الوجه الماضى. وخالفهما جماعة من أصحاب محمد بن عمرو، فرووه عنه فقالوا: عن أبى سلمة عن أبى هريرة به نحوه

وجعلوه من "مسند أبى هريرة"، ومن هؤلاء:

1 -

محمد بن بشر العبدى. =

ص: 597

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه أحمد [2/ 333]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 225]، من طريق محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال:"قَالَ: كَانَ رَجُلان منْ بَلِيٍّ حَيٍّ منْ قُضَاعَةَ أسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتُشْهِدَ أحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْد اللهِ: فَأرِيتُ الجَنَّةَ، فَرَأيْتُ المُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيد، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ألَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ، أو كَذَا وكَذَا ركْعَةً صَلَاةَ السُّنَّةِ؟ ". هذا لفظ أحمد. قال الهيثمى في "المجمع"[10/ 359]: "رواه أحمد وإسناده حسن"، وقبله قال المنذرى في "الترغيب" [1/ 149]:"رواه أحمد بإسناد حسن".

قلتُ: وظاهر سنده كما قالا، لولا أنه معلول بالاختلاف فيه،

2 -

وزِيَادُ بْنُ عَبْد الله البكائى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ:"أنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا مُتَوَاخِيَيْنِ فَاسْتُشْهِدَ أحَدُهُمَا وَبَقِىَ الثَّانِى بَعْدَ المُسْتَشْهِدِ سَنَةَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأيْتُ الآخَرَ مِنَ الرَّجُلَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ قَبْلَ المُسْتَشْهَدِ، فَحَدَّثْتُ النَّاسُ بِذلِكَ فَبَلَغَتْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أليْسَ هُوَ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى بَعْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةَ وَمِئَةَ رَكْعَةٍ؟ يَعْنِى صَلاةَ السُّنَّةِ".

أخرجه البزار [3/ رقم/ 929]، وابن الشجرى في "أماليه"[1/ 226]، من طريقين عن زياد به

قال البزار: "وَهَذَا الحديثُ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أبِى سَلَمَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْد الله، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ طَلْحَةَ. فَذَكَرنَاهُ عَنْ زِيَاد، لأنَّهُ وَصَلَهُ فَرَوَاهُ عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْد الله رحمه الله وَقَدْ تَابَعَ زِيَادًا عَلَى رِوَايَتِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ".

قلتُ: لم يقل زياد فيه: "عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ طَلْحَةَ"، وإنما جعله من "مسند أبى هريرة" كما رأيتَ.

3 و 4 - ويحيى بن أبى زائدة وجنادة بن سلم كلاهما عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة به نحوه

=

ص: 598

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 220/ الطبعة العلمية]، حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة ثنا أبو عبد الله محمد بن سعد بن مقرن إملاءً في بيته سنة ثلاثمائة ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن أبى زائدة وجنادة بن سلم.

قلتُ: وهذا إسناد مستقيم إليهما.

5 و 6 - والفضل بن موسى السينانى ومحمد بن يعلى: ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 214].

7 و 8 - وعبدة بن سليمان وعبد الرحمن بن محمد المحاربى قالا: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبى هريرة به نحوه

وأخرجه الطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 367 - 368/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبدة وعبد الرحمن به

قال الطبرى: "وهذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

قلتُ: بل هو معلول لا يثبت كما يأتى. ثم جاء حماد بن سلمة وسعيد بن عامر وخالفا الجميع في إسناده، فروياه عن محمد بن عمرو فقالا: عن أبى سلمة به مرسلًا

، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 214].

ورواية سعيد بن عامر: قد أخرجها الطحاوى في "شرح المشكل"[6/ 77]، حَدَّثَنَا إِبْرَاهيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ به

قلتُ: الظاهر أن هذا الاختلاف في سنده إنما هو من محمد بن عمرو نفسه، فهو صاحب أوهام وأخطاء مع كونه صدوقًا.

نعم: لعل من رواه عنه على الوجه الثاني "عنه عن أبى سلمة عن أبى هريرة به

" قد سلك الجادة في إسناده، بل رأيت الدارقطنى قد جزم بذلك في "العلل" [4/ 214]، فقال: "وذكْرُ أبى هريرة فيه وهم"، ويؤيده: أن محمد بن إبراهيم قد تابع محمد بن عمرو في روايته عن أَبى سلمة عن طلحة به

كما أخرجه ابن ماجه [3925]، وأحمد [1/ 163]، وابن حبان [2982]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 369 - 370، 371/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والطحاوى في "شرح المشكل"[6/ 77]، وابن أبى عمر العدنى في "مسنده" كما في "مصباح الزجاجة"[2/ 264]، والبيهقى في "سننه"[6322]، =

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفى "دلائل النبوة"[7/ 15 - 16/ الطبعة العلمية]، والضياء في "المختارة"[3/ 27 - 28]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 222 - 221]، وغيرهم، من طرق عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله:"أنَّ رَجُلَيْنِ قَدمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكَانَ إِسْلامُهُمَا جَمِيعًا، وكَانَ أحَدُهُمَا أشَدَّ اجْتهَادًا مِنْ صَاحبهِ، فَغَزَا المُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّىَ، قَالَ طلْحَةُ: فَرأيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأنِّىَ عنْدَ بَاب الجَنَّةِ، إِذَا أنَا بِهِمَا وَقَدْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الجَنَّةِ، فَأذنَ لِلَّذى تُوُفِّىَ الآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأذِنَ للَّذى استُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَيَّ فَقَالا لِي: ارْجِعْ فَإنَّهُ لَم يَأنِ لَكَ بَعْدُ، فَأصْبَحَ طَلْحَهُ يُحَدِّثُ بِه النَّاسَ فَعَجِبُوا لذَلكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مِنْ أيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟ "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي سَبيلِ الله، وَدَخَلَ هَذَا الجنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ:"ألَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟ قَالُوا: بَلَى. قال: وَأدْركَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟ قَالُوا: بَلَى قال: وَصَلَّى كَذَا وكَذَا سَجْدَةً فِي السَّنَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلَما بَيْنَهُمَا أبْعَدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْض". وهذا لفظ أحمد.

قال ابن عبد البر عقب روايته: "سئل يحيى بن معين عن حديث أبى سلمة عن طلحة بن عبيد الله؟ فقال: مرسل، لم يسمع من طلحة بن عبيد الله".

وقال البوصيرى في "مصباح الزجاجة"[2/ 264]: "هذا إسناد رجاله ثقات، وهو منقطع.

قال على بن المدينى وابن معين: أبو سلمة لم يسمع من طلحة بن عبيد الله شيئًا".

قلتُ: وقد خولف فيه يزيد بن الهاد، خالفه محمد بن إسحاق، فرواه عَنْ مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيمَ فقال: عَنْ أبى سَلَمَةَ، قَالَ:"نَزَلَ رَجُلانِ مِنْ أهْلِ اليَمَنِ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْد الله، فَقُتِلَ أحَدُهُمَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَكَثَ الآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ مَاتَ عَلَى فرَاشِهِ. فَأُرىَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللِه: أن الَّذِي مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ دَخَلَ الجنَّةَ قَبْلَ الآخَرِ بِحِينٍ، فَذَكَرَ ذلِكَ طَلْحَةُ لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمْ مَكَثَ بَعْدَهُ؟ قَالَ: حَوْلًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: صَلَّى ألَفًا وَثَمَانِ مائَةِ صَلاةٍ، وَصَامَ رَمَضَانَ".

فأرسله من قول أبى سلمة، هكذا أخرجه أحمد [1/ 161]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 223]، ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن إسحاق به

=

ص: 600

649 -

حدّثنا عبد الأعلى، ومحمد بن أبى بكر المقدمى، قالا: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبى، حدّثنا أبو عثمان، قال: لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام التى كان يقاتل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم غير طلحة، وسعدٍ، عن حديثهما ..

650 -

وحدّثناه عدة، عن معتمرٍ، بإسناده نحوه.

= قلتُ: ثم جاء مُسْلمُ بْنُ أبِى مَرْيَمَ المدنى ورواه عن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِي: "أن رَجُلَيْنِ أضَافَا طَلحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، فَذَكَرَ مِنْ حَالهِمَا، أحَدُهُمَا أشَدُ عِبَادَةً مِنَ الآخَرِ وَإِنَّهُمَا مَاتَا، وَأرَى أنَّ الَّذى بَقِيَ بَعْدَ صَاحِبِهِ وكَانَ أقَلَّ عَبَادَةً مِنَ الآخَرِ أنَّهُ رُفِعَ فَوْقَهُ، فَذُكِرَ ذَلكَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ألَيسَ قَدْ بَقىَ بَعْدَهُ، فَصَلَّى كَذَا وَكَذَا صَلاة، وَصَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَبَيْنَهُمَا كَذَا وَكَذَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"، فلم يذكر فيه أبا سلمة ولا غيره، وأرسله من قول محمد بن إبراهيم، هكذا أخرجه الشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 28]، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِى الْوَرَّاقُ، أنا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أبِى مَرْيَمَ به

قلتُ: فهذا اختلاف شديد في سند الحديث، وقد ساق الدارقطنى أكثر هذه الاختلافات في كتابه "العلل"[4/ 214]، ثم قال:"وأصحها كلها قول يزيد بن الهاد". وهو كما قال.

وهذا الوجه: هو الذي رجحه البيهقى أيضًا في "دلائل النبوة" فقال بعد أن ساق طريق ابن الهاد: "تابعه محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، وقيل: عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة في رؤيا طلحة موصولًا. والصحيح أنه مرسل حسن"، وقوله:"مرسل" يعنى منقطع؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من طلحة بن عبيد الله كما قاله جماعة من النقاد.

والقصة: مروية من طرق أخرى عن طلحة بغير هذا السياق، كما مضى بعضها عند المؤلف [634]. وللحديث: شواهد عن بعض الصحابة، لكن دون لفظ وسياق حديث طلحة هنا.

منهم: سعد بن أبى وقاص وعبيد بن خالد وغيرهما. فانظر: "التمهيد"[24/ 220 - 226]، و"صحيح ابن خزيمة"[310]، والحاكم [1/ 316]، وشعب البيهقى [3/ 42].

64 -

صحيح: أخرجه البخارى [3517]، ومسلم [2414]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 81]، والذهبى في "التذكرة"[25/ 81]، وغيرهم من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبى عثمان النهدى به

650 -

صحيح: انظر قبله.

ص: 601

651 -

حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن طلحة بن يحيى، عن يحيى، وعيسى ابنى طلحة، عن أبيهما قال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعيرٍ قد وُسِمَ في وجهه، فقال:"لَوْ أَنَّ أَهْلَ هَذَا الْبَعِيرِ عَزَلُوا النَّارَ عَنْ هَذِهِ الدَّابَّةِ؟ " قال: فقلتَ: لأسِمَنَّ في أبعد مكانٍ من وجهها، قال: فوسمت في عجب الذنب.

652 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا محمد بن بشر العبدى، حدّثنا مجمع بن يحيى، عن عثمان بن موهبٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال:"قُولُوا: اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبِارِكْ عِلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

651 - حسن: أخرجه البزار [948]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 340 - 341/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والضياء في "المختارة"[3/ 39]، من طريق يونس بن بكير عن طلحة بن يحيى عن يحيى وعيسى ابنى طلحة بن عبيد الله عن أبيهما طلحة بن عبيد الله به

وزاد البزار في أوله: "نَهَى عَنِ الوَسْمِ أنْ يُوسَمَ فِي الوَجْهِ".

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة، إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". وقال الطبرى: "وهذا خبر - عندنا - صحيح سنده"، وقال الهيثمى في "المجمع" [9/ 204]:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

قلتُ: لم يحتج مسلم بيونس بن بكير، ونما أخرج له في "المتابعات"، وعلَّق له البخارى.

ويونس: حافظ مؤرخ عالم كبير، لكن فيه كلام من قبل حفظه، غير أنه صدوق متماسك على التحقيق. وطلحة بن يحيى: هو ابن طلحة بن عبيد الله، مختلف فيه، وهو حسن الحديث ما لم يخالف، أو يأت بما ينكر عليه. وقد احتج به مسلم.

وباقى رجال الإسناد ثقات. والإسناد عندى: صالح إن شاء الله.

6 -

صحيح: أخرجه النسائي [1290]، وأحمد [1/ 162]، والطبرانى في "الأوسط"[3/ رقم 2585]، والبزار [رقم/ 942، 941]، وابن أبى شيبة [8634]، والقاضى إسماعيل في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[رقم/ 68]، والبخارى في "تاريخه" [3/ 383]، =

ص: 602

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 3]، والطبرى في "تفسيره"[20/ 320/ طبعة الرسالة]، وفى "تهذيب الآثار"[ص/ 207/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والطحاوى في "شرح المشكل"[6/ 5]، وأبو نعيم في "الحلية"[4/ 373]، والضياء في "المختارة"[3/ 24، 25]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[ص/ 159 - 160]- وعنده معلقًا - وأبو طاهر السلفى في "الجزء التاسع والعشرون من المشيخة البغدادية"[رقم/ 16/ مخطوط/ بترقيمى]، وغيرهم من طرق عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه به نحوه

وهو عند البخارى وبعضهم باختصار.

قال الطبرى: "هذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

وقال السخاوى في "القول البديع"[ص/ 48/ طبعة دار الريان للتراث]: "وسنده صحيح لكنه معلول".

قلتُ: وهو كما قال السخاوى، فرجاله كلهم ثقات من رجال:"الصحيح". لكن اختلف في سنده، فرواه شريك القاضى ومجمع بن يحيى كلاهما عن عثمان بن موهب على الوجه الماضى. وتابعهما إسرائيل بن يونس من رواية الحكم بن مروان الكوفى عنه على هذا الوجه عن عثمان. واختلف على الحكم بن مروان في سنده، فرواه عنه جماعة من الثقات على الوجه السابق عن إسرائيل. وخالفهم بعضهم، فرواه عن الحكَمِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ فقال: عَنْ عُثْمَانَ بْن عَبْد الله بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ به مرسلًا

، ولَمْ يَقُلْ عَنْ أبِيهِ، هكذا ذكره البزار في "مسنده"[3/ 157]. ولم يُسم لنا البزار هذا البعض الذي رواه عن الحكم هكذا.

• والصواب: هو الوجه الأول عن الحكم بن مروان. والحكم هذا: شيخ مختلف فيه، وهو صدوق متماسك على التحقيق.

وقد خولف عثمان بن عبد الله بن موهب في سنده، خالفه خالد بن سلمة المخزومى، فرواه عنه عثمان بن حكيم الأنصارى فقال: عن خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة فقال: عن زيد بن خارجة به نحوه

، وجعله من "مسند زيد بن خارجة"، هكذا أخرجه النسائي وأحمد وجماعة كثيرة. وقد اختلف على عثمان فيه، لكن الوجه الماضى هو المحفوظ عنه، وقد ساق الدارقطنى في "علله"[4/ 251]، هذين الوجهين في الاختلاف على موسى بن طلحة في سنده، وسكت عن ترجيح أحدهما على الآخر. =

ص: 603

653 -

حدّثناهُ محمد بن عبد الله بن نميرٍ، حدّثنا محمد بن بشرٍ، حدّثنا مجمع بن يحيى الأنصارى، حدّثنا عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ فقال: قل: "اللَّهمَّ صَلِّ عَلَى محَمَّدٍ، كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى محَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كمَا بَارَكتَ عَلَى إبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

654 -

حدّثنا أبو موسى هارون بن عبد الله البزاز، وغيره، عن محمد بن بشرٍ، بإسناده نحوه.

655 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا معلى بن منصورٍ، حدّثنا أبو زببدٍ عبثر بن القاسم، حدّثنا مطرفٌ، عن عامرٍ، عن يحيى بن طلحة، قال: رأى عمر طلحة بن عبيد الله حزينًا، فقال: ما لك؟ قال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إنِّى لأَعْلَمُ كلِمَاتٍ لا يَقُولُهُنَّ عَبْدٌ عِنْدَ المْوْتِ إلا نُفِّسَ عَنْهُ، وَأَشْرَقَ لَوْنه، وَرَأَى مَا يَسُرُّهُ"، فما منعنى أن أسأله عنها

= لكن قال السخاوى في "القول البديع"[ص/ 36/ طبعة بشير عيون]: "وصنيع الترمذى يشعر بأن لموسى فيه سندين: أحدهما عن أبيه، والآخر عن زيد، فإنه قال: "وفى الباب عن طلحة بن عبيد الله وزيد بن خارجة

" فدل على أن كلًا من حديث طلحة وزيد محفوظ، ويقوى ذلك: أن في أحد الحديثين زيادة على الآخر، وقد أخرج النسائي الحديث من الوجهين معًا، من غير تغليب لأحدهما على الآخر، فكأنهما استويا عنده، وهو الظاهر من مذهب الدارقطنى، فإنه لم يحكم لإحدى الجهتين على الأخرى".

قلتُ: وهو كما قال. وإسناد الحديث صحيح من الوجهين جميعًا.

وللحديث طريق آخر عن طلحة بإسناد واهٍ، وقد بسطنا تخريج هذا الحديث مع أحاديث الباب في كتابنا:"غرس الأشجار".

653 -

صحيح: انظر قبله.

654 -

صحيح: انظر قبله.

655 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم/ 640].

فانظره هناك، واللَّه يتولاك.

ص: 604

إلا القدرة عليها، فقال عمر: إنى لأعلم ما هي، قال طلحة: ما هي؟ قال: هل تعلم كلمةً هي أفضل من كلمة دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه عند الموت؟ قال طلحة: هي واللَّه هي، قال عمر: لا إله إلَّا الله.

656 -

حدّثنا موسى، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، حدّثنا شيح، لنا، عن طلحة بن عبيد الله، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مُحِلٍّ أصاب صيدًا أيأكله المحرِم؟ قال:"نَعَمْ".

657 -

حدّثنا عبيد الله، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدّثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، حدّثنا شيخ لنا، عن طلحة بن عبيد الله، أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مُحِلٍّ أصاب صيدًا، أيأكله المحرِم؟ قال:"نَعَمْ".

658 -

حدّثنا بشر بن الوليد، حدّثنا فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن عثمان، قال: خرجنا حجاجًا مع طلحة بن عبيد الله، وأتينا بصيدٍ، فأكل بعضنا، وترك بعضٌ، فقام من نومته، وكان نائمًا، فأخبرناه، فقال: أحسن من أكل، قد أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

659 -

حدّثنا عبد الأعلى بن حمادٍ، حدّثنا بشر بن السرى، عن ابن عيينة، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن من حدثه، عن طلحة بن عبيد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحدٍ بين درعين.

656 - ضعيف: بهذا اللفظ.

لم يُقم الثورى إسناد هذا الحديث، وقد خولف في إسناده ومتنه كما مضى شرحه [برقم/ 635].

657 -

ضعيف: بهذا اللفظ. انظر: قبله. وهو ثابت بغير هذا اللفظ.

658 -

حسن: مضى الكلام على هذا الوجه [برقم 635]. وبشر بن الوليد: هو الكندى الفقيه الصدوق، وقد تغير بآخرة.

659 -

صحيح: أخرجه البيهقى في "سننه"[17714]، من طريق بشر بن السرى عن ابن عيينة عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عمن حدَّثه عن طلحة به

=

ص: 605

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا إسناد معلول، والسائب بن يزيد: صحابى جليل صغير. والذى حدَّث السائب عن طلحة: الظاهر أنه صحابى مثله - إن كان هذا الطريق محفوظًا - وإلا فالسائب روى عن بعض كبار التابعين أيضًا، فربما كان هذا المبهم تابعيًا حدَّثه به عن طلحة، وهذا وإن كان بعيدًا إلا أنه محتمل، لكن: قد اختلف في إسناده على ابن عيينة على ألوان، ولم يذكر الدارقطنى في "علله"[4/ 218]، من تلك الألوان سوى لونين فقط، أحدها: طريق بشر بن السرى عن ابن عيينة الماضى.

ثم قال عن بشر: "وخالفه أصحاب ابن عيينة، فرووه عنه [عن] يزيد بن خصيفة عن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم[و] لم يذكروا فوق السائب أحدًا، وقول بشر بن السرى ليس بالمحفوظ".

قلت: لم ينفرد به بشر وحده عن ابن عيينة بهذا الوجه، كما لم يتفق سائر أصحاب ابن عيينة على جعْله من "مسند السائب بن يزيد". بل اختلفوا في ذلك أيضًا، فرواه أكثرهم عن ابن عيينة وجعلوه من "مسند السائب بن يزيد" ومن هؤلاء:

1 -

هشام بن عمار: عند ابن ماجه [رقم/ 2806/ عبد الباقى].

• تنبيه: قد تحرف "هشام بن عمار" عند ابن ماجه إلى: "هشام بن سوار"، وقد وقع على الصواب في طبعة "دار الغرب الإسلامي" من "سنن ابن ماجه"[4/ 342/ بشار عواد]، وعلق عليه المحقق بالهامش قائلًا:"تحرف في المطبوع والمصرية إلى "سوار"، ولا نعرف في الرواة من يسمى بهذا الاسم، فلا نعلم من أين جئَ به؟ ".

قلتً: جاء به الناسخ أو الطابع ولا ثالثَ لهما.

2 -

أحمد: في "مسنده"[3/ 449]، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"[7/ رقم/ 6669].

3 -

الشافعي: في "مسنده"[1488]، ومن طريقه البيهقى في "المعرفة"[13/ 139/ الطبعة العلمية].

4 -

سعيد بن منصور: في "سننه"[2/ رقم 2858].

5 -

يحيى بن الربيع: عند البيهقى في "سننه"[17712]، والبغوى في "شرح السنة"[10/ 400].

6 -

وابن أبى عمر العدنى: عند الترمذى في "الشمائل"[رقم/ 211]، ومن طريقه البغوى في "شرح السنة"[10/ 399 - 400]. =

ص: 606

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 7 - على بن المدينى: عند أبى الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "[رقم/ 395/ طبعة الدار المصرية اللبنانية].

8 -

عبد الله بن محمد الضعيف: عند النسائي في "الكبرى"[8583].

9 -

وعبد الله بن هاشم: عند ابن الجارود [رقم/ 1060].

10 -

ومحمد بن عبيد بن سفيان: عند ابن قتيبة في "عيون الأخبار"[1/ 55].

وخالفهم بشر بن السرى كما مضى. وتوبع بشر على هذا الوجه عن ابن عيينة:

تابعه: إبراهيم بن بشار: عند ابن أبى خيثمة في "تاريخه"[3/ 277]، والشاشى [1/ رقم/ 22] وابن قانع في معجم الصحابة [2/ 39/ طبعة/ مكتبة الغرباء الأثرية]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم / 1082]، والبيهقى في "سننه"[رقم / 17713]، من طرق عن إبراهيم بن بشار به

قال إبراهيم بن بشار عقب روايته عند ابن أبى خيثمة والشاشى: "وسمعت سفيان مرة أخرى يقول: نا يزيد بن خصيف أراه عن السائب بن يزيد إن شاء الله، ولم يذكر الإسناد".

وخالفهم سويد بن سعيد، فرواه عن ابن عيينة فقال: عن يزيد بن خصيفة عن السائب عن رجل من بنى تميم يقال له: معاذ به

، فجعله من "مسند رجل يقال له: معاذ"، هكذا أخرجه المؤلف [660] والأزدى في المخزون [رقم 69] والشاشى [1/ رقم/ 23] وابن قانع في "معجم الصحابة" [3/ 25 - 26].

وتابعه مسدد - إن شاء الله - فرواه عن ابن عيينة عن يزيد عن السائب فقال: عن رجل قد سماه به

أخرجه أبو داود [2590]، حدثنا مسدد ثنا سفيان به

ثم جاء ابن المبارك وخالف الكل، ورواه عن سفيان فقال: عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أو غيره به

، هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[2/ 46]، أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان بن عيينة به

وقد قيل غير ذلك عن ابن عيينة، وقد مضى: أن الدارقطنى قد جزم بكون المحفوظ هو قول أكثر أصحاب ابن عيينة عنه فقالوا: عن يزيد عن السائب بن يزيد به

وجعلوه من "مسند السائب".

والأشبه عندى: أن الاضطراب في سنده هو من ابن عيينة نفسه. =

ص: 607

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فالظاهر: أنه لم يكن يضبطه، ويؤيده: أن سفيان كان يستثنى في بعض طرقه فيقول: "عن السائب بن يزيد إن شاء الله". وهذا إبراهيم بن بشار الرمادى: قد رواه عن سفيان على وجهين مرة واحدة.

1 -

فتارة يرويه عنه فيقول في إسناده: عن رجل من بنى تيم عن طلحة به

2 -

وتارة يقول: وقال سفيان مرة أخرى: "نا يزيد بن خصيفة أراه عن السائب، ولم يذكر الإسناد

" يريد: أن سفيان لم يستوف قوله: "عن رجل من بنى

إلخ". وهذا هو المراد من قوله: "ولم يذكر الإسناد" يعنى الماضى. وهذا كله دليل على أن ابن عيينة لم يكن يضبطه جيدًا، والصواب عندى: أن الحديث ليس من "مسند السائب".

إنما يرويه السائب عن آخر عن طلحة به

أو يرويه عن آخر به مباشرة. وهذا كله لا يضر الحديث - إن شاء الله - لكون السائب مذكور بالصحبة، ومراسيله محمولة - غالبًا - على كونه سمعها من مثله من الصحابة، وإبهام الصحابة لا يضر في المذهب المختار.

والحديث: أورده الهيثمى في "المجمع"[6/ 155]، من الوجه الأول من رواية طلحة، ثم قال:"رواه أبو يعلى وفيه راوٍ لم يُسَمَّ، وبقية رجاله رجال الصحيح". ثم أعاده من الوجه الثالث، من رواية السائب عن رجل من بنى تيم يقال له: معاذ به

ثم قال: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح". أما صاحبه البوصيرى: فإنه قال في "مصباح الزجاجة"[2/ 103]"هذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط البخارى"، يقصد إسناد ابن ماجه: "حدّثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد به

". وهذا من أغلاط البوصيرى، فليس في "الصحيحين" ولا في أحدهما حديث بتلك الترجمة أصلا.

للحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة منهم: يزيد بن السكن، وسعد بن أبى وقاص، ولا يصحان، وقد غفل من قوَّاه بحديث الزبير بن العوام الآتى [برقم/ 670]، كالإمام الألبانى في "صحيح أبى داود"[7/ 341/ طبعة دار غراس]، فإنه ساق حديث الزبير مقوِّيًا به حديث طلحة هنا، فقال: "رواه محمد بن إسحاق: حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن جده عن الزبير رضى الله عنه قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب لينهض إلى الصخرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظاهر بين درعين

". =

ص: 608

660 -

حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن رجلٍ من بنى تميمٍ - يقال له: معاذ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحدٍ بين درعين.

661 -

حدّثنا أبو موسى، حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا سليمان بن سفيان المدنى، حدّثنا بلال بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال:"اللَّهمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ الله".

= قلتُ: وغفل الإمام عن كون محل الشاهد وهو هذه الجملة: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظاهر بين درعين

" مدرجٌ من قول ابن إسحاق، كما سنبينه قريبًا [برقم/ 670].

660 -

صحيح: انظر قبله.

661 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [3451]، وأحمد [1/ 162]، والدارمى [1688]، والحاكم [/ 3174]، والبزار [947]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "الفتوحات الربانية"[4/ 329]، وعبد بن حمد في "مسنده"[رقم/ 153/ المنتخب]، وابن أبى خيثمة في "تاريخه"[2/ 935]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 376/ ظلال]، والبخارى في "تاريخه"[2/ 109]، والطبرانى في "الدعاء"[رقم 903]، والضياء في "المختارة" 31/ 22]، وفى "المنتقى من حديث أبى الحسن العبدوى"[رقم 18/ ضمن مجموعة أجزاء حديثية/ طبعة دار ابن حزم]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 128]، وفى "الأنوار في شمائل المختار"[رقم/ 1165]، والخطيب في "تاريخه"[14/ 324]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 272]، والعقيلى في "الضعفاء"[2/ 135]، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[ص/ 199]- وعنده معلقًا - والبيهقى في "الدعوات"[2/ رقم/ 467/ طبعة منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق]، وابن السنى في "اليوم والليلة"[2/ رقم/ 642/ مع عجالة الراغب]، وابن الشجرى في "أماليه"[1/ 223]، وجماعة، من طريق سليمان بن سفيان القرشى عن بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه عن جده به

قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب"، وقال البزار:"وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة بن عبيد الله، إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". =

ص: 609

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: هذا إسناد منكر، وفيه علتان:

1 -

سليمان بن سيف تكلموا فيه، فقال أبو حاتم:"ضعيف الحديث، يروى عن الثقات أحاديث مناكير". وقال أبو زرعة: "منكر الحديث". ومثله قال البخارى وغيره. وقال النسائي: "ليس بثقة". ومثله قال أبو بشر الدولابى، وضعفه سائر النقاد. وقد أنكر عليه ابن معين هذا الحديث، فأخرج ابن عدى في "الكامل"[3/ 272]، بإسناد صحيح عن ابن معين أنه قال:"سليمان بن سفيان مدينى يروى عنه أبو عامر العقدى حديث الهلال، وليس بثقة"، وكذا انكره عليه ابن عدى في "كامله"، وكذا العقيلى في "الضعفاء"، والذهبى في "الميزان"، وساقوا هذا الحديث له في ترجمته. وقال العقيلى عقب روايته:"ولا يتابع عليه، وفى الدعاء لرؤية الهلال أحاديث هذا عندى من أصلحها إسنادا كلها لينة الأسانيد".

والحديث: حسنه الترمذى وتبعه السيوطى في "الجامع الصغير"، وتعقبه المناوى في "الفيض"[5/ 135]، قائلًا: "ونُوزع بأن الحديث عُدَّ من منكرات سليمان

". ثم تناسى ذلك، وحسَّن سنده في "التيسير بشرح الجامع الصغير" [2/ 488].

2 -

وبلال بن يحيى: شيخ مجهول؛ لم يرو عنه سوى سليمان بن سيف وحده، ولم يوثقه إلا ابن حبان وحده، وقد قال الحافظ عنه بالتقريب:"لين". ولم أقف على أحد ضعفه، ولعل مستند الحافظ في تلْيننه: هو انفراد سليمان بن سيف عنه بالرواية، وقد نقل ابن علان في "الفتوحات الربانية" عن الحافظ أنه قال:"هذا حديث حسن، أخرجه أحمد وإسحاق في "مسنديهما"، وأخرجه الترمذى وقال: "حديث حسن غريب"، وأخرجه الحاكم وقال: "صحيح الإسناد"، وغلط في ذلك، فإن سليمان ضعَّفوه، وإنما حسَّنه الترمذى لشواهده، وقوله: "غريب" أي: بهذا السند".

قلتُ: وشواهده كلها معلولة لا يثبت منها شئ قط، ومنها:

1 -

حديث ابن عمر مرفوعًا: عند الدارمى [1687]، وابن حبان [888]، والطبرانى في "الكبير"[21/ رقم 13330]، وابن عساكر في "تاريخه"[38/ 310]، وغيرهم: من طريق سعيد بن سليمان عن عبد الرحمن -[سقط "عبد الرحمن" من سند الطبراني]- ابن عثمان بن إبراهيم الحاطبى عن أبيه وعمه عن ابن عمر به مثله

مع زيادة التكبير في أوله عند بعضهم.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف لا يصح، وعبد الرحمن: ضعفه أبو حاتم وقال: "يهولنى كثرة ما يسند". وذكره ابن حبان على قاعدته في كتابه "الثقات"[8/ 372]. =

ص: 610

662 -

حدّثنا أبو موسى هارون بن عبد الله الحمال، حدّثنا أبو عامرٍ، حدثنى سليمان بن سفيان، قال: سمعت بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله يحدث، عن أبيه، عن جده قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر إلى الهلال قال: "اللَّهمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّى وَرَبُّكَ الله".

663 -

حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن طلحة بن يحيى، عن موسى،

= وأبوه: شيخ ما وثقه أحد إلا ابن حبان أيضًا، وقد قال عنه أبو حاتم:"روى عنه ابنه عبد الرحمن أحاديث منكرة .... ". راجع "تعجيل المنفعة"[1/ 281]، و"الجرح والتعديل"[6/ 144].

2 -

ومنها: شاهد بمثل لفظ المؤلف عن طلحة الزرقى: عند القطيعى في "الألف دينار"[رقم 107]، ومن طريقه الشجرى في "أماليه"[1/ 222]، وأبى نعيم في "معرفة الصحابة"[رقم/ 3485]، وغيرهم، وسنده ساقط، فيه الكديمى الهالك.

3 -

ومنها: شاهد ثالث: عن أنس بن مالك عند الطبراني في "الدعاء"[رقم/ 907]، وأبى سعيد النقاش في "فوائد العراقيين"[رقم/ 73]، وسنده واهٍ.

4 -

ومنها: شاهد رابع بمثله: عن بديل بن ورقاء عند أبى نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 90/ الطبعة العلمية]، وسنده مظلم جدًّا.

5 -

ومنها: شاهد بلفظه مرسلًا: عن أبى جعفر الباقر عند ابن أبى الدنيا في "فضائل رمضان"[رقم/ 20]، وابن عساكر في "تاريخه"[51/ 186]، وسنده ضعيف على إرساله.

وللحديث: شواهد أخرى دون هذا اللفظ. ولا يصح في هذا الباب حديث، وقد مضى أن العقيلى قد قال: "وفى الدعاء لرؤية الهلال أحاديث

كلها لينة الأسانيد". وقد بسطنا تخريج أحاديث الباب: في مكان آخر.

* تنبيه: شيخ المؤلف: "أبو موسى" هو هارون بن عبد الله الحمال، فسيأتى الحديث مرة أخرى عند المؤلف [برقم/ 662]، وهناك قال المؤلف:"حدثنا أبو موسى هارون بن عبد الله الحمال".

662 -

ضعيف: انظر قبله.

663 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [3203]، و [3742]، والبزار [943]، والطبرى في "تفسيره"[20/ 420 طبعة الرسالة]، وفى "تهذيب الآثار"[ص/ 333 - 334/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والضياء في "المختارة"[3/ 17 - 18]، وابن أبى عاصم في "السنة" =

ص: 611

وعيسى ابنى طلحة، عن أبيهما، أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه: من هو؟ فكانوا لا يجترئون على مسألته يوقرونه ويهابونه، قال: فسأله الأعرابى، فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إنى اطلعت من باب المسجد، وعلى ثيابٌ خضرٌ، فلما رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أَيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟ " قال الأعرابى: أنا، يا رسول الله، قال:"هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ".

= [2/ عقب رقم/ 1399]- وعنده معلقًا - وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 84]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 544]، والذهبى في "سير النبلاء"[1/ 27 - 28]، وغيرهم من طريق يونس بن بكير عن طلحة بن يحيى عن موسى بن طلحة وأخيه عيسى بن طلحة عن طلحة به نحوه ..

قال الترمزى: "قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن بكير".

وقال الطبرى: "هذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره على رسم الحسن، لولا أنه معلول، وقال البزار:"وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن طلحة من وجه متصل إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

قلتُ: بل هناك إسناد آخر موصول عن طلحة يأتى الكلام عليه. وقال الإمام في الصحيحة [1/ 195]: "إسناده حسن رجاله ثقات رجال مسلم غير طلحة بن يحيى، تكلم فيه بعضهم من أجل حفظه، وهو مع ذلك لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن

".

قلتُ: ولم يتكلم الإمام عن حال الذي رواه عن طلحة بن يحيى: وهو يونس بن بكير، ويونس: صدوق حافظ عالم، لكن في حفظه شئ، وقد خولف في إسناده، خالفه وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ - فرواه عن طلحة بن يحيى فقال: عن عيسى بن طلحة بالمرفوع منه به مرسلًا ..

هكذا أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1297]، ومن طريقه الواحدى في "أسباب النزول"[ص/ 238 - 239/ طبعة مكتبة نزار الباز]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 85].

وتابعه على هذا الوجه المرسل: عبد الله بن إدريس - الثقة الإمام - عند ابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1399]، والطبرى في "تفسيره"[20/ 238]، وفى "تهذيب الآثار"[ص/ 333 - 334/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]. وهذا هو المحفوظ مرسلًا، وإسناده حسن.

وللحديث: طريق آخر عن طلحة عند ابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم/ 1400]، والطبرانى في "الكبير"[1/ 215]، وابن أبى حاتم في "تفسيره كما في "تفسير ابن كثير" [6/ 394]، وابن عساكر في "تاريخه" [25/ 86]، وغيرهم من طريق سليمان بن أيوب، عن أبيه، عن جده، =

ص: 612

664 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَل بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ آخِرَةِ الرَّحْلِ، ثمَ يُصَلِّى وَلا يُبَالِى مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ".

665 -

حدّثنا أبو هشامٍ الرفاعى، حدّثنا يحيى بن يمانٍ، حدّثنا شيخٌ من بنى زهرة،

= عن موسى بن طلحة عن أبيه بلفظ: "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشى على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله".

قلتُ: وإسناده منكر. وقد مضى الكلام على هذا الإسناد [برقم 631]. وللحديث: شواهد عن عائشة ومعاوية وأبى هريرة وجابر بن عبد الله، وعلى بن أبى طالب وأسماء بنت أبى بكر وغيرهم. وكلها بأسانيد منكرة مظلمة ساقطة، وسيأتى منها: حديث عائشة [برقم 4898].

بل لم يصح في هذا الباب شئ أصلًا، اللَّهم: إلا مرسل عيسى بن طلحة الماضى. ومرسل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: عند ابن سعد في "الطبقات"[3/ 219]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [25/ 85] قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسى أخبرنا أبو عوانة عن حصين - يعنى ابن عبد الرحمن السلمى - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينظر إلى رجل قد قضى نحبه؛ فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله".

قلتُ: وسنده صحيح مع إرساله. وقد تساهل من قوَّاه بطرقه من المتأخرين. والله المستعان لا رب سواه.

664 -

صحيح: مضى [برقم 229].

665 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [3698]، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 751]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على فضائل الصحابة"[1/ رقم/ 820]، وأبو بكر القطيعى في "زوائده على فضائل الصحابة"[1/ رقم/ 616، 820، 841]، وابن الفاخر الأصبهانى في "موجبات الجنة"[رقم/ 389/ طبعة مكتبة عباد الرحمن]، وابن عساكر في "تاريخه [39/ 104]، وغيرهم من طريق يحيى بن يمان، عن شيخ من بنى زهرة، عن الحارث بن عبد الرحمن بن طلحة به

قلتُ: وهذا إسناد مسلسل بالعلل:

1 -

يحيى بن اليمان: فاحش الأوهام. =

ص: 613

عن الحارث بن عبد الرحمن، عن طلحة بن عبيد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ، وَرَفِيقِى عُثْمَانُ".

* * *

= 2 - وشيخه: مجهول الجهالتين، غائب الحالتين؟

3 -

والحارث بن عبد الرحمن: هو ابن أبى ذباب مختلف فيه، ثم هو لم يدرك طلحة بن عبيد الله أصلًا، فكيف يطيق سماعه؟، وقد أشار الترمذى إلى كل هذا فقال:"هذا حديث غريب، ليس إسناده بالقوى، وهو منقطع".

قلتُ: وللحديث طريق آخر عن طلحة عند أبى نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 259/ الطبعة العلمية]. وسنده منكر، وله شاهد من حديث أبى هريرة عند ابن ماجه [109]، وجماعة. وسنده منحط واهٍ، وله شاهد آخر عن عثمان نفسه بإسناد لا يصح، راجع:"الضعيفة"[5/ 315].

وشاهد ثالث: عن عبد الله بن أبى أوفى عند ابن عساكر في "تاريخه"[35/ 226]. وسنده منكر، ولا يصح في هذا الباب شئ. واللَّه المستعان.

ص: 614