المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند الزبير بن العوام رضي الله عنه - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ١

[أبو يعلى الموصلي]

الفصل: ‌مسند الزبير بن العوام رضي الله عنه

‌مسند الزبير بن العوام رضي الله عنه

- (*)

666 -

حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلمٍ الرقاشى، عن جده عبد الملك، عن أبى جروٍ المازنى قال: شهدت عليًا، والزبير حين تواقفا، فقال له عليٌّ: يا زبير، أنشدك الله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّكَ تُقَاتِلُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لِي؟ " قال: نعم، ولم أذكر إلا في موقفى هذا، ثم انصرف.

(*) هو: الصحابى الجليل، حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر الهجرتين، وصلَّى إلى القبلتين، وشهد المشاهد، وهو أحد العشرة المشهورين، وأحد الستة الذين جُعِلتْ الشورى بينهم، وكان فارسًا لا يشق له غبار، أسدًا كاشرًا إزاء أعداء الإسلام في صدر الإسَلام، ومناقبه شهيرة كثيرة عطرة. يأتيك بعضها في هذا المسند.

6 -

ضعيف: أخرجه النسائي في "مسند على" كما في "تهذيب الكمال"[16/ 71]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 408]، من طريق أبى يوسف الدورقى الحافظ عن أبى عاصم النبيل عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشى عن جده عن أبى جرو المازنى به

قلتُ: هكذا رواه أبو يوسف الدورقى عن أبى عاصم على هذا الوجه.

وخالفه أبو قلابة الرقاشى، فرواه عن أبى عاصم فقال: عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشى عن جده عن أبى حرب بن أبى الأسود به

، هكذا أخرجه الحاكم [3/ 413]، أخبرنى أبو الحسن محمد بن أحمد بن تميم القنطرى ببغداد ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا أبو عاصم به

قلتُ: والمحفوظ عن أبى عاصم هو الأول. وأبو قلابة صدوق حافظ، لكنه قد تغير حفظه لما نزل بغداد حتى كثرت الأوهام في حديثه، وأبو يوسف الدورقى أوثق منه وأحفظ. وقد قال الحاكم عقب الراوية الماضية:"هذا حديث صحيح عن أبى حرب بن أبى الأسود فقد روى عنه يزيد بن صهيب الفقير والمفضل بن فضالة في إسناد واحد".

ثم ساقه من طريق عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمى ثنا منجاب بن الحارث ثنا عبد الله بن الأجلح حدثنى أبى عن يزيد الفقير - ح. قال منجاب: وسمعت مفضل بن فضالة يحدث به جميعًا عن أبى حرب بن أبى الأسود الديلى قال: "شهدت عليًا والزبير

" وساقه بنحوه في سياق أتم. =

ص: 615

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا الطريق لا يثبت عن أبى حرب بن أبى الأسود، ففى الإسناد الأول إليه: الأجلح الكندى، وهو شيخ ضعيف على التحقيق. وفى الطريق الثاني إليه: المفضل بن فضالة، وهو ابن أبى أمية القرشى الشيخ الضعيف المشهور، وقد تحرَّف عند الحاكم إلى "فضل بن فضالة"، ولا يوجد في الرواة من يسمى بهذا بعد البحث، واستظهر الإمام في "الصحيحة"[6/ 339]، أنه ربما يكون هو "فضيل بن فضالة الهوزنى" - الصدوق المشهور -، أو يكون هو "فضيل بن فضالة القيسى البصرى" - الثقة المعروف - ثم مال الإمام إلى كونه ربما يكون الأخير.

وأقول: وكل ذلك تخرُّصٌ ليس بشئ، والمفضل هنا: هو ابن فضالة البصرى الضعيف المشهور، وهو المعروف بالرواية عن أبى حرب بن أبى الأسود، وقد روى عنه حديثا تجده عند الطبراني في الأوسط [7/ رقم 7498]، وسنده مستقيم إليه. وعبد الله بن محمد بن سوار في سند الحاكم: يقول عنه الإمام في الصحيحة [6/ 339]،:"لم أعرفه، وقد فتشتُ عنه فيما لدى من كتب الرجال، فلم أعثر عليه، فأخشى أن يكون غير مشهور بالرواية".

قلتُ: بل الرجل مشهور معروف من شيوخ أبى الشيخ ابن حيان وجماعة من أهل أصبهان. وقد قال عنه الدارقطنى: "صدوق" كما في "سؤالات الحاكم" له [ص 120/ رقم/ 116].

وفى إسناد الحاكم علة أخرى؟، وهى أن البيهقى قد روى هذا الحديث في كتابه "الدلائل"[6/ 415/ الطبعة العلمية،، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" [18/ 409]، من طريق أبى عمرو بن مطر - شيخ الحاكم - بإسناده كما مضى لكنه قال: "عن يزيد الفقير عن أبيه

".

فزاد فيه: "عن أبيه". وأبو يزيد: لا يعرف أصلًا، فلعلها زيادة مقحمة.

وقد توبع أبو عاصم النبيل على الوجه الأول المحفوظ:

2 -

تابعه: جعفر بن سليمان عند البخارى في "تاريخه"[5/ 431]- وعنده إشارة - والحاكم [3/ 414]، وعنه البيهقى في "دلائل النبوة"[6/ 415/ الطبعة العلمية]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 35]، ومن طريقه ابن الجوزى في "المتناهية"[2/ 847 - 848].

3 -

وتابعه أيضًا: محمد بن عبد الله الرقاشى: عند البخارى في "الكنى"[ص/ 21/ رقم/ 165]. ثلاثتهم: رروه عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم عن جده عن أبى جرو المازنى به

قال ابن الجوزى: "هذا حديث لا يصح". =

ص: 616

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وإسناده مسلسل بالعلل:

1 -

عبد الله بن محمد: يقول عنه أبو حاتم: "في حديثه نظر" وقال البخارى: "فيه نظر". وهذا جرح شديد عنده، كما استظهره الذهبى والعراقى وغيرهما.

2 -

وعبد الملك بن مسلم: شيخ مجهول الحال، وقد أورد له البخارى هذا الحديث في "تاريخه"[5/ 431]، إشارة ثم قال:"لم يصح حديثه".

وقد ساق له العقيلى هذا الحديث في ترجمته من "الضعفاء" ثم قال: "وفى هذه الرواية من غير هذا الطريق تقارب هذه الرواية".

وبه وحده: أعله الهيثمى في "المجمع"[7/ 475]، فقال:"رواه أبو يعلى وفيه عبد الملك بن مسلم، قال البخارى: لم يصح حديثه"، وقبله ابن الجوزى في "المتناهية"، وهو قصور لا يخفى منهما.

3 -

وأبو جرو المازنى: رجل مجهول كما قاله الذهبى وغيره. لكن للحديث طرق أخرى، منها:

1 -

طريق يرويه ربيعة بن الحارث عن محمد بن سليمان العابد عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم بنحوه

أخرجه الحاكم [3/ 412]، من طريق عثمان بن خرزاذ الأنطاكى ثنا ربيعة بن الحارث به

وقد توبع عليه ربيعة بن الحارث: تابعه لوين الحافظ: كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 245]. وقد قال الذهبى في "تلخيص المستدرك": "قلت: العابد لا يعرف؟، والحديث فيه نظر". وهو كما قال عن العابد. فقد أورده الحافظ في "اللسان"[5/ 184]، وذكر قول الذهبى فيه ثم أقره عليه. وقال الدارقطنى في "العلل" [4/ 145]:"ليس هذا من حديث قيس - يعنى: ابن أبى حازم - وإنما رواه إسماعيل - يعنى ابن أبى خالد - عن عبد السلام رجل من حية - كذا قال يعلى - يعنى ابن عبيد - عن إسماعيل".

قلتُ: ورواية يعلى: أخرجها العقيلى في "الضعفاء"[3/ 65]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[18/ 409]، وقبلهما البخارى في "الكنى"[رقم 165]، وابن أبى شيبة في "المصنف"[37827]، من طريق يعلى به

قلتُ: وعبد السلام هذا: شيخ نكرة، ولم يثبت له سماع من على ولا الزبير، =

ص: 617

667 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا عبد الرحمن، حدّثنا شعبة، عن جامع بن شدادٍ، قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير، يحدث، عن أبيه قال: قلت لأبى الزبير: مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه فلان وفلانٌ؟ قال: ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمةً، سمعته يقول:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

= كما جزم به البخارى. وقال عنه أبو حاتم: "هو مجهول لا يُدرى أدرك ابن الزبير أم لا؟ ". وذكره ابن حبان في ثقاته [7/ 126]، ولم يفعل شيئًا، لكنه أفاد بقوله عنه:"يروى المراسيل". أما الدارقطنى: فإنه قد ساق نسبه في "علله"[4/ 245]، فقال: "وهو عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسى

وعبد السلام هذا لم يدرك الزبير، وهو مرسل".

قلتُ: يعنى منقطع. وعبد السلام بن عبد الله: شيخ مجهول كما قاله ابن القطان، راجع:"اللسان"[3/ 265]، و [4/ 13].

3 -

وله طريق ثانٍ عند ابن عساكر في "تاريخه"[18/ 408]. وسنده مجهول،

4 -

وطريق رابع عنده أيضًا [18/ 410]، عن ابن عباس به .... في قصة. وسنده مظلم.

5 -

وطريق خامس: بإسنادٍ رجاله ثقات عند عبد الرزاق [20430]. وسنده منقطع.

وله طرق أخرى بأسانيد منكرة. ولا يصح في هذا الباب شئ. وتقوية الحديث بطرقه: فيها نظر لا يخفى على الناقد المتأمل، وقد قال العقيلى في "الضعفاء" [3/ 65]:"ولا يُروى هذا المتن من وجهٍ يثبت".

وقال في موطن آخر [2/ 300]: "الأسانيد في هذا لينة".

667 -

صحيح: أخرجه البخارى [107]، وابن ماجه [36]، وأحمد [1/ 65]، والطيالسى [191]، وابن أبى شيبة [26242]، والنسائى في "الكبرى"[5912]، والبزار [970]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 40]، والقضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 549]، والطبرانى في طرق حديث "من كذب على"[رقم/ 26]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 334]، وجماعة كثيرة، من طرق عن شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به

وقد زاد بعضهم عن شعبة قوله: "متعمدًا". وللحديث: طريق آخر عن الزبير يأتى [برقم 674].

ص: 618

668 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا محمد بن عبيد، حدّثنا محمد بن عمرٍو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30]، قال الزبير: يا رسول الله، أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال:"نَعَمْ، لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيْكُمْ حَتَى يُرَدَّ إلَى كُلِّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ".

668 - حسن: أخرجه الترمذى [3236]، وأحمد [1/ 167]، ومن طريقه البغوى في "تفسيره"[7/ 118]، وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[6/ 87]، والبزار [3/ رقم 964]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[1/ 51]، والحميدى [رقم/ 60، 62]، وابن وهب في "تفسير القرآن/ من الجامع له"[رقم/ 201/ طبعة دار الغرب الإسلامي]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 32]، وابن أبى داود في "البعث"[رقم/ 29]، والطبرى في "تفسيره"[3/ 11]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[10/ رقم/ 18385/ طبعة المكتبة العصرية]، والحاكم [2/ 272] و [4/ 616]، والبيهقى في "سننه"[11286]، وأبو نعيم في "الحلية"[1/ 91 - 92]، والضياء في "المختارة"[3/ 49 - 50]، وأبو إسحاق الثعلبى في "تفسيره"[8/ 234/ طبعة دار إحياء التراث العربى]، وجماعة، من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن الزبير عن الزبير به

وزاد أحمد وعنه بعضهم - في رواية له - في آخره: "ولما نزلت: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر: 8]، قال الزبير: أي رسول الله أي نعيم نسأل عنه، وإنما يعنى هما الأسودان التمر والماء؟. قال: أما إن ذلك سيكون"، وهذه الزيادة وحدها: ستأتى عند المؤلف [برقم 676]، وسيأتى الكلام عليها هناك. قال الترمذى:"هذا حديث حسن صحيح". وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

قلتُ: وهذا إسناد حسن رائق ومحمد بن عمرو: صدوق صالح له أوهام، لكنه متماسك.

ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: ثقة مشهور. وقد اختلف في سنده على محمد بن عمرو، فرواه عنه جماعة على الوجه الماضى، وجعلوه من "مسند الزبير بن العوام".

منهم: أنس بن عياض وابن عيينة وابن نمير وأبو أسامة حماد بن أسامة وعبدة بن سليمان ومحمد بن عبد الله الأنصارى، وابن أبى عدى وغيرهم. =

ص: 619

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واختلف فيه على ابن عيينة من بينهم، فرواه عنه الحميدى والإمام أحمد وعبد الله بن يزيد المقرئ وابن أبى عمر العدنى وأكثر أصحابه على الوجه الماضى.

واختلف في سنده على الإمام أحمد، فرواه أبو بكر القطيعى - راوية المسند - عن عبد الله بن أحمد عن أبيه عن سفيان كما مضى. وخالفه أبو على بن الصواف - الثقة المعروف -، فرواه عن عبد الله بن أحمد بن حنبل فقال: حدثنى أبى ثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابن الزبير قال: "لما نزلت "ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم" قال الزبير: يا رسول الله: أي نعيم نسأل عنه وإنما هما الأسودان الماء والتمر؟ قال: أما إن ذلك سيكون". فجعله من "مسند عبد الله ابن الزبير"، هكذا أخرجه أبو نعيم في "الحلية" [1/ 337، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد لله ابن أحمد بن حنبل به

قلتُ: وهذا اللفظ هو زيادة وقعت في ذيل هذا الحديث عند أحمد وعنه بعضهم، وستأتى وحدها عند المؤلف [برقم/ 676].

وهكذا توبع الإمام أحمد على هذا اللون الثاني عن ابن عيينة: تابعه: محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عمرو عن ابن حاطب عن عبد الله بن الزبير قال: "لما نزلت: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} [الزمر]، قال الزبير: قلت: يا رسول الله وتكرر علينا خصومتنا في الدنيا؟ قال: نعم. قال: قلت: إن الأمر إذا لشديد". وجعله من "مسند ابن الزبير"، هكذا أخرجه المؤلف [برقم/ 687]، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة به

قلتُ: وابن أبى سمينة: ثقة معروف. ثم جاء عبد الرزاق وخالف الجميع في ابن عيينة، فقال: أنا ابن عيينة عن محمد بن عمرو بن علقمة بن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن الزبير قال: "لما نزلت" ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون" قال الزبير: أي رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: نعم. قال: فإن الأمر إذا لشديد". فأسقط منه: "عبد الله بن الزبير"، هكذا أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"[2/ 173/ طبعة مكتبة الرشد].

قلتُ: أخشى أن يكون: "عبد الله بن الزبير" قد سقط من سند عبد الرزاق، لكن: توبع عبد الرزاق على هذا اللون عن ابن عيينة:

1 -

تابعه: زياد بن أيوب: كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 229]. =

ص: 620

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 2 - وتابعه أيضا: عبد الرحمن بن مهدى: أخرجه الضياء في "المختارة"[3/ 54]، من طريق بن مردويه الحافظ حدثنى عبد الله بن محمد نا عباس بن مجاشع نا محمد بن أبى يعقوب نا عبد الرحمن بن مهدى نا سفيان عن محمد بن عمرو عن ابن حاطب عن الزبير بن العوام به

والصواب عن ابن عيينة في هذا الحديث: هو ما رواه الحميدى ومن تابعه عنه على الوجه الأول، ومن رواه عنه على غير ذلك فقد قصَّر في روايته، وبذلك: جزم الدارقطنى في "العلل"[4/ 229].

ثم رأيتُ الحميدى قد قال عقب روايته الوجه الأول عن ابن عيينة: "كان سفيان ربما قال: قال الزبير، وربما قال: عن عبد الله بن الزبير، ثم يقول: فقال الزبير".

والظاهر: أن هذا التلون كان من شيخ ابن عيينة: محمد بن عمرو كما سيأتي. نعم: قد توبع ابن عيينة على الوجه الثاني عن محمد بن عمرو: تابعه جماعة، كلهم رروه عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن ابن الزبير به .... وجعلوه من "مسنده" دون أبيه، ومن هؤلاء:

1 -

يزيد بن هارون: عند ابن منيع في "مسنده" ومن طريقه الضياء في "المختارة"[9/ 348]، ثنا يزيد عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن الزبير به

2 -

ومحمد بن بشر العبدى: أخرجه الضياء في "المختارة"[9/ 349]، من طريق الطبراني ثنا الحسين بن إسحاق التسترى ثنا عثمان بن أبى شيبة ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو به

3 -

وعَبدَةُ بن سُلَيمان: كما ذكره الدارقطنى في "العلل". لكن: رواه بعضهم عن عبدة على الوجه الأول عن محمد بن عمرو، فالظاهر أنه قد اختلف عليه فيه مثل ابن عيينة.

3 -

وعمر بن طلحة الوقاصى: أخرجه الإمام المحدث أبو سعد سعيد بن محمد الشُعَيْبى النيسابورى في "الجزء الثاني والسابع من الفوائد المخرجة من أصول مسموعات أبى عثمان البحيرى"[رقم/ 42، 102/ مخطوط/ بترقيمى]، من طريق البخارى نا محمد بن عبيد الله أبو ثابت المدينى، نا عمر [بالأصل:"على"] وهو تحريف، بن طلحة الوقاصى، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن، قال: سمعت عبد الله بن الزبير به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح إلى الوقاصى. والوقاصى: هو عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثى، شيخ فيه لين من رجال:"التهذيب". =

ص: 621

669 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا أبو عامرٍ العقدى، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش بن الوليد، أن مولًى لآل الزبير حدثه، عن الزبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دَبَّ إلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الحْسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، وَهِىَ الحالِقَةُ، لا أَقُولُ: حَالِقَةُ الشَّعَرِ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدِّيْنِ، وَالَّذِى نَفْس مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَى تحَابُّوا، أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يثْبِتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ".

= وقد ذكر الدارقطنى هذا الاختلاف على محمد بن عمرو في سنده في "العلل"[4/ 224]، ثم قال:"والقول قول مَنْ أسنده عن ابن الزبير عن الزبير".

قلتُ: والإسناد صالح من الوجهين، وهو خلاف غير مؤثر. ويشبه: أن يكون هذا الاختلاف من أوهام محمد بن عمرو بن علقمة، فلعله كان يشتبه عليه.

ثم جاء سعيد بن عامر الضبعى وخالف الجميع، ورواه عن محمد بن عمرو فقال: عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال: "لما نزلت قال الزبير: يا رسول الله"، هكذا علقه الدارقطنى في "العلل"[4/ 224]، ووصله أبو نعيم في الحلية [1/ 91]، ومن طريقه المزى في "التهذيب"[9/ 323]، حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبى أسامة قال: حدثنا سعيد بن عامر به

قال الدارقطنى: "ووهم فيه - يعنى سعيدًا - على محمد بن عمرو، والصواب: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب".

قلتُ: وهو كذلك. وسعيد بن عامر: ثقة إمام، لكن يقول أبو حاتم "كان في حديثه بعض الغلط

" فكأنه سلك الجادة في روايته.

وقد اختلف على محمد بن عمرو على وجه آخر غير محفوظ: سنذكره عند تخريج الحديث [رقم/ 676].

والحديث قال عنه الحاكم عقب روايته: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

إنما هو حسن وحسب؛ للكلام المعروف في محمد بن عمرو.

669 -

حسن لغيره: أخرجه الترمذى [2510]، وأحمد [1/ 167]، والمروزى في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 465]، والطيالسى [193]، ومن طريقه البيهقى في "الآداب"[رقم/ 116/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]، وفى "الشعب"[11/ رقم/ 8373/ طبعة الرشد]، =

ص: 622

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن وضاح في "البدع"[ص/ 85/ 86/ طبعة مكتبة الصفا]، ومن طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"[2/ 293 - 294/ طبعة مؤسسة الريان]، وفى "التمهيد" 61/ 121/ طبعة مؤسسة قرطبة]، وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[رقم/ 485]، وابن قانع في معجم الصحابة [1/ 223 - 224/ طبعة مكتبة الغرباء الأثرية]، وابن بطة في "الإبانة"[2/ 664/ طبعة دار الراية]، وغيرهم من طريق حرب بن شداد عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى لآل الزبير - أو مولى للزبير - عن الزبير به نحوه

قال الترمذى: "هذا حديث صحيح".

قلتُ: قد سقط: "الزبير" من سند الطيالسى في "مسنده"، وقع ذلك في "طبعة المعرفة" وفى "طبعة دار هجر"[1/ رقم/ 190/ التركى]، وبرهان هذا السقط: أن البيهقى قد رواه من طريقه في "الآداب" و"الشعب" فقال: "أخبرنا أبو بكر ابن فورك، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبى كثير أن يعيش بن الوليد، حدثه أن مولى للزبير حدثه، أن الزبير بن العوام، حدثه

" وذكره. وكذا أخرجه ابن شاهين عنه في "فضائل الأعمال" فقال: "حدثنا عبد الله بن سليمان، ثنا عمر بن شبة، ثنا أبو داود، ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش بن الوليد، أن مولى الزبير بن العوام، حدثه أن الزبير بن العوام حدثه

" وذكره.

قلتُ: وكذا سقط: "الزبير" من إسناد ابن عبد البر في "التمهيد" أيضًا.

وسند الحديث ضعيف معلول،، أما ضعفه: فلجهالة مولى الزبير، فهو شيخ لم يُسَم.

وأما كونه معلولًا: فقد اختلف في إسناده على ألوان، فرواه حرب بن شداد - ولم يختلف عليه فيه وإن وقع عند بعضهم ما يوهم ذلك، - عن يحيى بن أبى كثير بإسناده به

على الوجه الماضى. وقد توبع حرب بن شداد عليه على هذا الوجه: تابعه:

ا - على بن المبارك: عند المؤلف [رقم/ 669]، وأحمد [1/ 167].

2 -

وشيبان النحوى: عند ابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 120]، وفى "جامع بيان العلم"[2/ 294]، من طريق ابن وضاح قال: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن شيبان وهشام الدستوائى عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش ين الوليد بن هشام، زاد شيبان عن مولى الزبير عن الزبير به

=

ص: 623

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهو عند ابن أبى شيبة في "المصنف"[رقم/ 25744]: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا شيبان عن يحيى بن أبى كثير عن بعض بنى الوليد عن مولى للزبير عن الزبير

بالفقرة الأخيرة منه فقط، بلفظ:"ألا أنبئكم بأمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم". وقول ابن أبى كثير: "عن بعض بنى الوليد" يعنى به: "يعيش ين الوليد بن هشام".

وقد اختلف فيه على يزيد بن هارون، فرواه عنه ابن أبى شيبة على الوجه الماضى به عن شيبان.

وخالفه: الإمام أحمد، فرواه عن يزيد فقال: ثنا يزيد بن هارون أنبأنا هشام عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام وأبو معاوية شيبان عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن الزبير بن العوام به

، فأسقط منه:"مولى الزبير"، هكذا أخرجه في "المسند"[1/ 164] ثنا يزيد به

قلتُ: وتوبع عليه الإمام أحمد عن يزيد:

1 -

تابعه: أحمد بن منيع نا يزيد أنا أبو معاوية شيبان عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن الزبير بن العوام قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر".

أخرجه أبو الشيخ في "التوبيخ والتنبيه"[رقم/ 65]، والضياء في "المختارة"[3/ 81]، من طريقين عن أحمد بن منيع به

2 -

وتابعهما: حمدون بن عباد نا يزيد، أنا هشام الدستوائى، عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش بن الوليد بن هشام، وأبو معاوية شيبان التميمى، عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش بن الوليد بن هشام، عن الزبير بن العوام به

أخرجه الشاشى في "مسنده"[/ رقم/ 55]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 80]، حَدَّثَنَا حَمْدُونُ بْنُ عَبَّادٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ به

وخولف فيه يزيد بن هارون، خالفه عبيد الله بن موسى العبسى، فرواه عن شيبان بن عبد الرحمن فقال: عن يحيى بن أبى كثير قال: حدثنى يعيش بن الوليد بن هشام قال: حُدِّثت عن الزبير بن العوام به

هكذا أخرجه ابن حميد في "مسنده"[رقم/ 97/ المنتخب]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 54]، من طريق عبيد الله به

=

ص: 624

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3 - وسليمان التيمى: عند الرافعى في "التدوين"[4/ 142/ الطبعة العلمية]، من طريق أبى نصر بن قتادة أنبا يحيى بن منصور ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجى ثنا عبيدة [وتحرف عنده إلى "عبدة"] عن المعتمر بن سليمان عن أبيه - عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى الزبير عن الزبير بن العوام به

قلتُ: واختلف على محمد بن إبراهيم البوشنجى في سنده، فرواه عنه يحيى بن منصور على هذا الوجه. وخالفه أحمد بن محمد بن يونس، فرواه عن البوشنجى فقال: حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجى حدثنا عبيد بن عبيدة بن مرة التمار البصرى حدثنا المعتمر عن أبيه عن يحيى هو ابن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى الزبير به

، ولم يذكر فيه الزبير، هكذا أخرجه الهروى في "ذم الكلام"[1/ رقم/ 70]، أخبرنا أبو يعقوب الحافظ أخبرنا الحسين بن أحمد الصفار أخبرنا أبو إسحاق البزاز أحمد بن محمد بن يونس به

قلتُ: وتوبع البوشنجى على هذا اللون الثاني عن عبيد: تابعه محمد بن غالب بن حرب المعروف بـ: "تمتام" قال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِى كَثِيرٍ، عَنْ يَعِيشَ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ مَوْلَى الزُّبَيْرِ به

أخرجه البيهقى في "الشعب"[9/ رقم/ 6189/ طبعة الرشد]، من طريق إِسْمَاعيل بْن مُحَمَّدٍ الصَّفَار، نا مُحَمدُ بْنُ غَالِبٍ به

4 -

وهشام الدستوائى: عند أبى الشيخ في "التوبيخ والتنبيه"[رقم/ 66]، من طريق إسحاق بن وهب ثنا أبو عامر - وهو العقدى - نا هشام الدستوائى عن يحيى قال: حدثنى يعيش أن مولى لآل الزبير حدثه أن الزبير حدثه به

قلتُ: وقد خولف فيه أبو عامر العقدى، خالفه يزيد بن هارون، فرواه عن هشام الدستوائى فقال: عن ابن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن الزبير به

، ولم يذكر فيه "مولى الزبير".

هكذا أخرجه أحمد [1/ 164]، والبيهقى في "الكبرى"[20854]، وابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 120]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 55]، وأبو القاسم التيمى في "الترغيب"[2/ رقم/ 1138/ طبعة دار الحديث]، من طريق يزيد بن هارون عن هشام به

5 -

وموسى بن خلف العمى: عند ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"[2/ 295]، من طريق محمد بن عبد الله الخزاعى حدثنا موسى بن خلف العمى، عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش، عن مولى الزبير، عن الزبير به

=

ص: 625

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وقد خولف محمد بن عبد الله الخزاعى في سنده عن موسى بن خلف، خالفه خلف بن موسى بن خلف، فرواه عن أبيه فقال: نا أبى عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد مولى لابن الزبير عن ابن الزبير به

، وجعله من "مسند ابن الزبير"، هكذا أخرجه البزار [2232]، حدثنا أحمد بن منصور بن سيار قال قال: نا خلف بن موسى به

قال البزار: "وهذا الحديث خالف موسى بن خلف في إسناده هشام صاحب الدستوائى، فرواه هشام عن يحيى عن يعيش بن الوليد عن مولى الزبير عن الزبير، وقال موسى عن يحيى عن يعيش مولى ابن الزبير عن ابن الزبير، وهشام أحفظ".

قلتُ: الوجه الأول عن موسى أصح، وخلف بن موسى وصفه ابن حبان بالخطأ، فلعله غلط فيه على أبيه، نعم: ربما يكون موسى لم يكن يضبطه، ففى حفظه مقال.

ويؤيد هذا: أن موسى قد رواه على لون ثالث، فقال ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم/ 2500]:"وَسُئِلَ أبُو زُرعَةَ عَن حَديِثٍ؛ رَواهُ مُوسَى بن خَلَفٍ، عَن يَحيَى بن أبى كَثِيرٍ، عَن يَعيشَ مَولى ابنِ الزُّبَيرِ، عَنِ الزُّبَيرِ، أَنّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: "دبَّ إلَيكُم داءُ الأُمَمِ قَبلَكُم: الحَسَدُ وَالبَغضاءُ، هِىَ الحالقَةُ، لَا أقُولُ تَحلِقُ الشَّعرَ، وَلَكِن تَحلِقُ الدِّينَ، والَّذِى نَفسِى بِيَده، لَا تَدخُلُوا الجَنَّةَ حَتَى تُؤمِنُوا، وَلا تَؤمِنُوا حَتَّى تَحابُّوا، ألَا أُنَبِّئكُمَ بِما يُثبِتُ ذَلِكُم: أفشُوا السَّلَامَ بَينَكُم". قالَ أبُو زُرعَةَ: رَواهُ عَليُّ بنُ المُبارَكِ، وَشَيبانُ، وَحَربُ بن شَدّادٍ، عَن يَحيَى بن أبى كَثِيرٍ، عَن يَعِيشَ بن الوَلِيدِ بن هِشامٍ أن مَولًى لآلِ الزَّبَيرِ حَدَّثَهُ أنَّ الزُّبَيرَ، حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ أبُو زُرعَةَ: والصَّحِيحُ هَذا، وَحَدِيثُ مُوسَى بن خَلَفٍ وَهمٌ".

قلتُ: ومشى المنذرى على ظاهر رواية موسى عند البزار، وقال في "الترغيب" [3/ 285]:"رواه البزار بإسناد جيد"، وتابعه على ذلك الهيثمى في "المجمع"[6/ 64]، فقال:"رواه البزار وإسناده جيد". وهذا تساهل منهما لا يخفى مورده.

ثم جاء معمر بن راشد وخالف الجميع، ورواه عن ابن أبى كثير فقال: عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد به مرسلًا

، هكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"[رقم/ 19438]، ومن طريقه البغوى في "شرح السنة"[12/ 259]، قال: أخبرنا معمر به

قلتُ: لكن خولف عبد الرزاق فيه عن معمر، خالفه رباح بن زيد القرشى الثقة المشهور، فرواه عن معمر فقال: عن يحيى بن أبى كثير، عن يعيش بن الوليد بن هشام، =

ص: 626

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن مولى لآل الزبير به

هكذا أخرجه أحمد في "مسنده"[1/ 455/ طبعة عالم الكتب]، وكما في "إتحاف المهرة"[4/ 555]، و"أطراف المسند"[2/ 360/ طبعة دار ابن كثير]، ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح عن معمر به

قلتُ: قد وقع في أكثر طبعات "المسند": "عن معمر عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى لآل الزبير أن الزبير بن العوام حدثه"، هكذا بزيادة:، "الزبير بن العوام"، وهى زيادة مقحمة بلا ريب.

أما بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم: فهما في وادٍ آخر، فقد بلغ بهما التخليط مبلغًا جعلهما يرويانه عن ابن أبى كثير فيقولان: عن زيد بن أسلم عن أبى سلام عن الزبير بن العوام به

، هكذا أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة"[1/ 223/ طبعة مكتبة الغرباء الأثرية]، حدثنا بشر بن موسى نا معلى بن عباد بن يعلى نا بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم كلاهما به

قلتُ: وهذا إسناد ما كان أصلًا، وبحر بن كنيز: قد غرق في بحر الهجران منذ زمان، وقد تركه جماعة، وهو من رجال ابن ماجه وحده، أما عثمان بن مقسم: فقد قُسِمَ له بالكذب على لسان جماعة من النقاد، راجع ترجمته من "اللسان"[4/ 155].

والمحفوظ في هذا الحديث: هو قول من رواه عن ابن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى للزبير عن الزبير به

قلتُ: وهذا هو الذي رجحه الدارقطنى في "العلل"[4/ 247]، وقبله صححه أبو زرعة الرازى كما مضى. ونحوه البزار. وهو إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى الزبير كما سبق ذكره. لكن للحديث شواهد تقويه إن شاء الله:

1 -

فلقوله: "دب إليكم داء الأم قبلكم الحسد والبغضاء": شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعًا بلفظ: "سيصيب أمتى داء الأم، فقالوا: يا رسول الله، وما داء الأمم؟، قال: الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد حتى يكون البغى، ثم يكون الهرج".

أخرجه الحاكم [4/ 185]، والطبرانى في "الأوسط"[9/ رقم/ 9016]، وابن أبى الدنيا في "العقوبات"[رقم/ 261]، وفى "ذم الحسد"، وفى "ذم البغى"[رقم/ 2]، وابن وضاح في "البدع"[رقم/ 224]، وابن أبى حاتم في "العلل"[6/ 302 - 303/ طبعة سعد الحميد]، وغيرهم، من طريق ابن وهب أخبرنى أبو هانئ حميد بن هانئ الخولانى حدثنى أبو سعيد الغفارى أنه قال: سمعت أبا هريرة به

وليس عند الحاكم قوله: "ثم يكون الهرج". =

ص: 627

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبى سعيد الغفارى إلا أبو هانئ". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وقال العراقى في "المغنى"[3/ 156]"أخرجه ابن أبى الدنيا في ذم الحسد والطبرانى في الأوسط من حديث أبى هريرة بإسناد جيد". وتابعه الإمام في "الصحيحة"[2/ 296]، وقال الهيثمى في "المجمع" [1/ 600]:"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو سعيد الغفارى لم يرو عنه غير حميد بن هانئ، وبقية رجاله وثقوا".

قلتُ: ومداره على "أبى سعيد الغفارى" وقد ترجمه الحافظ في "التعجيل" فقال: "أبو سعيد الغفارى: عن أبى هريرة في نزع الحرير من الثوب، روى عنه أبو هانئ حميد بن هانئ، استدركه شيخنا الهيثمى وقال: ذكره بن حبان في "الثقات"

".

ثم قال الحافظ: "قلت: والذى في نسخة شيخنا - يعنى الهيثمى - من "ثقات ابن حبان" وهو بخط الحافظ أبى على البكرى: "أبو سعد" بسكون العين، وقال: "مولى بنى غفار" وكذا رأيته في "ترتيب المسند" لابن المحب، وكذا هو في "الكنى" لأبى أحمد وقال: "حديثه في المصريين" وتبع في ذلك البخارى، فإنه ذكره وذكر حديثه عن عبد الله بن يزيد المقرئ شيخ أحمد فيه - يعنى في الحديث المذكور أول ترجمته - ثم وجدته في "تاريخ ابن يونس" فقال: "مولى بنى غفار روى عنه أبو هانئ وخلاد بن سليمان الحضرمى" فأفاد عنه راويًا آخر".

قلتُ: وبـ: "أبى سعد الغفارى" ترجمه الأكثرون. وهو الذي جزم به أبو حاتم الرازى كما في "العلل"[6/ 302]. فالحاصل: أنه شيخ غفارى روى عنه ثقتان، وذكره ابن حبان في "الثقات". ولا يطمئن القلب بهذا إلى تحسين ما ينفرد به، لكن حديثه هنا: شاهد صالح لحديث الزبير، فأرجو أن يتقوى أحدهما بالآخر إن شاء الله.

2 -

ويشهد لقوله: "وفى الحالقة: لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين": حديث أبى هريرة مرفوعًا: "والذى نفسى بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا، ولا تسلموا حتى تحابوا، وأفشوا السلام تحابوا، وإياكم والبغضة فإنها هي الحالقة، لا أقول لكم تحلق الشعر ولكن تحلق الدين". أخرجه البخارى في "الأدب"[رقم/ 260]، من طريقين عن إبراهيم بن أبى أسيد عن جده عن أبى هريرة به

قلتُ: وسنده صالح في الشواهد؛ فيه جهالة جد إبراهيم.

وله شاهد آخر: من حديث ابن عباس مرفوعًا: "دب إليكم داء الأم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر". أخرجه ابن عدى في "الكامل"[4/ 198] بسند تالف =

ص: 628

670 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق، حدّثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ حِينَ صَنَعَ بِرَسُولِ الله مَا صَنَعَ"، قال ابن إسحاق: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ نهض إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وكان قد بدن وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض فلم يستطع جَلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض حتى استوى عليها.

= 4 - ويشهد لباقى الحديث: "والذى نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم؟ أفشوا السلام": حديث أبى هريرة عند مسلم [54]، وأبى داود [5193]، والترمذى [2688]، وابن ماجه [68]، وأحمد [2/ 391]، وجماعة كثيرة. والله المستعان.

670 -

حسن: أخرجه أحمد [1/ 160]، وفى "فضائل الصحابة"[2/ 1290]، والضياء في "المختارة"[3/ 5958]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 68]، من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير به نحوه

ولفظ أحمد ومن طريقه الضياء في رواية له: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذٍ: أوجب طلحة، حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع، يعنى حين برك له طلحة فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره".

قلتُ: وهذا إسناد صالح. وابن إسحاق: صدوق إمام وقد صرح بالسماع كما ترى، فأمنَّا بذلك غائلة تدليسه.

والمرفوع من الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم: "أوجب طلحة" وحسب، وما عداه فهو مدرج من قول ابن إسحاق، وقد بيَّن ذلك إبراهيم بن سعد: كما في رواية المؤلف. وبيته أيضًا: زياد بن عبد الله البكائى في روايته عن ابن إسحاق لقصة القتال يوم أحد، فقال:"أخبرنا ابن إسحاق قال .... فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل، ونهض النبي صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وقد كان بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض لم يستطع، فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها، فحدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ: أوجب طلحة. حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ ما صنع". =

ص: 629

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا رواه ابن هشام عن زياد البكائى في "تهذيب السيرة". وقد نبَّه الحافظ على هذا الإدراج في "الأربعين المتابينة السماع"[ص/ 23].

قلتُ: وقد رواه ابن المبارك عن ابن إسحاق بالمرفوع منه فقط: كما أخرجه ابن المبارك في "الجهاد"[رقم 93]، ومن طريقه ابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم / 1397/ ظلال]، وابن سعد في "الطبقات"[3/ 218]، وابن أبى شيبة [32160]، والبلاذرى في "الأنساب"[3/ 330، 331]، وابن أبى خيثمة في "تاريخه"[2/ 703]، وأبو القاسم البغوى في "معجم الصحابة"[3/ 410]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 31]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 58]، والحاكم [3/ 421]، وغيرهم من طريق ابن المبارك عن محمد بن إسحاق قال: حدثنى يحيى بن عباد عن أبيه عن جده عن الزبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذٍ: "أوجب طلحة". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".

قلتُ: إنما هو حسن وحسب، وابن إسحاق لم يحتج به مسلم، إنما أخرج له في "المتابعات" كما جزم به جماعة. وقد رواه يونس بن بكير و جرير بن حازم عن ابن إسحاق فأدرجا فيه قوله الماضى في صلب الحديث.

1 -

أما رواية جرير: فقد أخرجها ابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم/ 1398/ ظلال]، وابن حبان [6979]، من طريق وهب بن جرير حدثنا أبى عن ابن إسحاق حدثنى يحيى بن عبادة عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد في أحد فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لينهض على صخرة فلم يستطع، فبرك طلحة بن عبيد الله تحته، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره حتى جلس على الصخرة. قال الزبير: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة". هذا لفظ ابن أبى عاصم.

2 -

وأما رواية يونس: فقد أخرجها الترمذى [رقم 1692، 3738]، وفى "الشمائل"[رقم 110]، ومن طريقه البغوى في "الأنوار"[رقم/ 314]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 544]، والحافظ في "الأربعين المتابينة السماع"[ص/ 23]، والحاكم [3/ 28/ 421]، والبزار [رقم/ 972]، والبيهقى في "سننه"[رقم 12878، 1771]، وفى "دلائل النبوة"[3/ 238/ الطبعة العلمية]، وجماعة، من طريق يونس بن بكير - وهذا في "مغازيه" - عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير قال: =

ص: 630

671 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق قال: حدثنى عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى الزبير، عن أمه، وجدته أم عطاءٍ، قالتا: والله لكأننا ننظر إلى الزبير بن العوام حين أتانا على بغلةٍ له بيضاء، فقال: يا أم عطاءٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى المسلمين أن يأكلوا لحوم نسكهم فوق ثلاث، فلا تأكليه، قال: قلت: يا نبى الله، بأبى أنت وأمى كيف نصنع بما أهدى لنا؟ قال:"مَا أُهْدِىَ لَكُمْ فَشَأْنُكُمْ بِهِ".

= "كان على النبي صلى الله عليه وسلم درعان يوم أحد، فنهض إلى الصخرة فلم يستطع، فأقعد طلحة تحته، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم عليه حتى استوى على الصخرة فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة". هذا لفظ الترمذى.

قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق"، وقال في موضع آخر:"هذا حديث حسن صحيح غريب". وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه".

وقال الحافظ عقب روايته في "الأربعين": "وقد رواه الحاكم من طريق يونس بن بكير فصرح عن ابن إسحاق بالتحديث عن يحيى، ورواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق، فجعل المسند منه الجملة الأخيرة، والبقية بلا إسناد، وهكذا ذكره زياد البكائى من رواية ابن هشام عنه في "تهذيب السيرة" متصلًا، ورواه الحاكم أيضًا من طريق ابن المبارك عن ابن إسحاق مختصرًا على الجملة المسندة وهو قوله: "أوجب طلحة"، وهذا كله يدل على أن في رواية يونس إدراجًا".

قلتُ: وهو كما قال الحافظ بشأن الإدراج الواقع في رواية يونس، وقد وقع في رواية غيره كما مضى أيضًا. فانتبه يا رعاك الله. وللحديث المرفوع: شواهد لا يصح منها شئ،

671 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 166]، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"[6/ رقم / 3541]، والضياء في "المختارة"[3/ 73 - 74]، والطبرانى في "الكبير"[25/ رقم 259]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1451]، والحازمى في "الاعتبار"[ص 154/ الطبعة الهندية]- وعنده معلقًا - وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه"[ص/ 411 - 412]، وغيرهم، من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى الزبير عن أمه وجدَّته أم عطاء عن الزبير به نحوه

=

ص: 631

672 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا أبو معاوية. محمد بن حازم، حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد.

= قلتُ: وهذا إسناد لا يصح. وعبد الله بن عطاء: هو ابن إبراهيم مولى الزبير بن العوام القرشى، شيخ مجهول الحال، انفرد عنه ابن إسحاق بالرواية، وقال ابن معين:"لا شئ"، راجع:"الجرح والتعديل"[3/ 316].

وقد أشار الهيثمى إلى إعلاله به في "المجمع"[4/ 25]، فقال:"رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى في "الكبير"، وعبد الله بن عطاء وثقة أبو حاتم، وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".

قلتُ: ليت شعرى من أين جاء بتوثيق أبى حاتم له،؟، والذى نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" هو قوله عن ابن عطاء:"شيخ"؟، فإن كان الهيثمى قد فهم من تلك الكلمة ما فهم، فتلك الطامة الكبرى.

والحقيقة: أن الهيثمى كثير التسامح في حكاية عبارات النقاد في الجرح والتعديل، وسوف يأتى المزيد من هفواته في هذا الصدد.

وأمه: امرأة مجهولة العين والحال معًا، وجدَّتُه أم عطاء: يقال لها صحبة، جزم بذلك ابن عبد البر وغيره، وصححه الحافظ في "الإصابة"[8/ 260].

وأقول: إن كان عمدة مَنْ أثبت لها شرف الصحبة إنما هو هذا الحديث، فتلك صحبة مدخولة لا تثبت، وإن كان عمدته غير ذلك فأيش هو؟!

672 -

صحيح: دون قوله: "يوم أحد": أخرجه ابن ماجه [123]، وأحمد [1408]، وفى "فضائل الصحابة"[2/ رقم 1267]، والنسائى في "الكبرى"[10028]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 200]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 378]، وغيرهم، من طرق عن أبى معاوية الضرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير به

قلتُ: هذا إسناد صحيح دون قوله: "يوم أحد،" فهى زيادة انفرد بها أبو معاوية عن هشام بن عروة،، وأبو معاوية: ثقة حافظ في حديثه عن الأعمش، أما إذا روى عن غيره - لا سيما هشام بن عروة - فإنه يخلِّط ما شئتَ، وقد خولف في هذه الزيادة.

خالفه جماعة من أصحاب هشام كلهم قد رواه عنه مثله، إلا أنهم لم يقولوا فيه:"يوم أحد،" وإنما قالوا: "يوم قريظة" ومن هؤلاء: =

ص: 632

673 -

حدّثنا حوثرة بن أشرس أبو عامرٍ، حدّثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، أن ابن الزبير قال له: يا أبة لقد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق، قال: رأيتنى يا بنى؟ قال: نعم، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ ليجمع لأبيك أبويه، يقول:"ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّى".

674 -

حدّثنا وهب بن بقية الواسطى، وإسحاق، قالا: حدّثنا خالد بن عبد الله، عن بيانٍ، عن وبرة، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: قلت لأبى الزبير: ما

= 1 - ابن المبارك: عند البخارى [3515]، والنسائى في "الكبرى"[8213]، وأحمد [1/ 166].

2 -

وعبدة بن سليمان: عند الترمذى [3743]، وابن حبان [6984]، وابن أبى شيبة [36829]، والنسائى في "الكبرى"[8214]، وغيرهم.

3 -

وعلى بن مسهر: عند مسلم [2416].

4 -

وحماد بن أسامة: عند مسلم أيضًا [2416]، وأحمد [1/ 164].

5 -

وحماد بن زيد: عند الطبرى في "تهذيب الآثار"[3/ 110/ مسند على]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[رقم 126].

6 -

وحماد بن سلمة: عند ابن سعد في "الطبقات"[3/ 106].

وقد وقع في سنده اختلاف لا يضر على هشام بن عروة.

673 -

صحيح: انظر قبله. وطريق حماد بن سلمة: عند ابن سعد في "الطبقات"[3/ 106]، به مثل المؤلف. ولفظه هنا: أتم من الذي قبله.

674 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3651]، والبزار [971]، والطبرانى في طرق حديث "من كذب على"[رقم 27]، والشاشى في "المسند"[1/ 37]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 333].

وجماعة من طريق خالد الطحان عن بيان بن بشر عن وبرة بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن الزبير به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح. وقد توبع عليه خالد الطحان: تابعه: على بن عاصم عند ابن الأعرابى في "المعجم"[رقم/ 2353]. وللحديث: طرق أخرى عن الزبير به .. مضى بعضها [برقم/ 667].

ص: 633

يمنعك أن تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه أصحابه؟ قال: لقد كان لى منه وجهٌ ومنزلةٌ، ولكن سمعته يقول:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

675 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَأخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ ثُمَ يَأْتِىَ الجْبَلَ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةٍ مِنْ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَسْتَغْنِىَ بِثَمَنِهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".

676 -

حدّثنا محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة البصرى، حدّثنا سفيان بن عيينة،

675 - صحيح: أخرجه البخارى [1402]، وأحمد [1/ 167]، وابن ماجه [1836] وابن أبى شيبة [10677]، وابن حبان في "روضة العقلاء"[رقم/ 283/ بتخريجنا] وابن أبى الدنيا في "إصلاح المال"[رقم/ 315] وابن زنجويه في "الأموال"[رقم/ 1670]، ووكيع في "الزهد"[رقم/ 136]، والحربى في "غريب الحديث"[2/ 475]، والبزار [982]، والبيهقى في سننه [76531]، وجماعة، من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام به نحوه

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم يروى عن الزبير بن العوام إلا من هذا الوجه".

قلتُ: وهكذا رواه جماعة عن هشام على هذا الوجه. وخالفهم معمر بن راشد.

فرواه عن هشام فقال: عن أبيه به مرسلًا

، هكذا أخرجه عبد الرزاق [رقم/ 20010].

واختلف على معمر في إسناده، فرواه عنه عبد الرزاق على هذا الوجه.

وخالفه إسماعيل ابن علية، فرواه عن معمر على الوجه الأول مثل رواية الجماعة. أخرجه أبو طاهر المخلص في "الجزء التاسع من حديثه/ تخريج أبى بكر البقال"[رقم/ 67/ مخطوط/ بترقيمى]، ومن طريقه ابن النجار في "التاريخ المجدد لمدينة السلام"[1/ 79/ الطبعة العلمية]، حدثنا يخيى بن محمد - وهو ابن صاعد - ثنا مؤمل ابن هشام، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، نا معمر به

قلتُ: وهذا هو المحفوظ. فلعل عبد الرزاق قد وهم فيه على معمر.

67 -

حسن: أخرجه الترمذى [3356]، وابن ماجه [4158]، وأحمد [1/ 164]، والبزار [رقم/ 963]، والحميدى [رقم/ 61]، وابن أبى حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير"[4/ 68]، وابن أبى الدنيا في "الإشراف"[رقم / 212]، وأبو نعيم في "الحلية"[1/ 337]، =

ص: 634

عن محمد بن عمرٍو، عن ابن حاطب، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: لما نزلت: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر: 8]، قال الزبير: قلت: يا رسول الله، وأى نعيمٍ نحن فيه، وإنما هما الأَسودان؟ قال:"إنه سيكون".

= وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 378]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن الزبير عن أبيه به نحوه

قال الترمذى: "قال: هذا حديث حسن". وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن الزبير بهذا الإسناد".

قلتُ: وسنده حسن صالح. وقد اختلف في سنده على ابن عيينة، وكذا اختلف فيه عنى محمد بن عمرو أيضًا، وقد مضى شرح أكثر ذلك الاختلاف في الحديث الماضى [برقم/ 668]، ووعدنا هناك باستيفاء سائر الاختلافات فيه على محمد بن عمرو. فنقول: قد خولف ابن عيينة في إسناده هنا، خالفه أبو بكر بن عياش، فرواه عن محمد بن عمرو فسلك فيه الجادة، فقال: عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: "لما نزلت هذه الآية: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر: 8]. قال الناس: يا رسول الله عن أي النعيم نسئل؟ فإنما هما الأسودان والعدو حاضر وشوفنا على عواتقنا؟ قال: إن ذلك سيكون". هكذا أخرجه الترمذى [3357]، حدثنا عبد بن حميد حدثنا أحمد بن يونس عن أبى بكر بن عياش عن محمد بن عمرو به

ثم قال: "وحديث ابن عيينة عن محمد بن عمرو عندى أصح من هذا، [و] سفيان بن عيينة أحفظ وأصح حديثًا من أبى بكر بن عياش".

قلتُ: وهو كما قال بلا كلام، وأين ابن عياش من أبى محمد الهلالى؟، ولمحمد بن عمرو في هذا الحديث إسناد آخر: يرويه عن صفوان بن سليم عن محمود بن لبيد قَالَ: "لمَّا نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}، فَقَرَأهَا حَتَّى بَلَغَ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر]. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: عَنْ أيِّ نَعيمٍ نُسْألُ؟ وَإنَّمَا هُمَا الأسْوَدَانِ الماءُ وَالتَّمْرُ، وَسُيُوفُنَا عَلَى رِقَابِنَا وَالْعَدُوُّ حَاضِرٌ، فَعَنْ أيِّ نَعيمٍ نُسألُ؟ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ".

أخرجه أحمد [5/ 429]، وابن أبى شيبة [34345]، والطبرى في "تفسيره"[12/ 680] والبيهقى في "الشعب"[4/ رقم 4598]، وهناد في "الزهد"[2/ رقم 768]، والواحدى في "تفسيره الوسيط"[4/ 549]، والثعلبى في "تفسيره"[10/ 280/ طبعة دار إحياء التراث - العربى]، وغيرهم من طرق عن محمد بن عمرو به

=

ص: 635

677 -

حدّثنا موسى بن محمد بن حيان، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا هشام بن أبى عبد الله الدستوائى، عن أبى الزبير، عن عبد الله بن سلمة، عن الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا ويذكرنا بأيام الله، حتى يعرف ذلك من وجهه، كأنه منذر جيشٍ، يقول: صبحكم الأمر غدوةً، قال: وكان إذا كان حديث عهدٍ بجبريل لم يتبسم ضاحكًا حتى يرفع عنه.

= قلتُ: وهذا إسناد صالح أيضًا. لكن: ذكر السيوطى في "الدر المنثور"[8/ 613]، أن عبد بن حميد قد أخرجه في "تفسيره" عن صفوان بن سليم به مرسلًا

فالظاهر: أنه قد اختلف على صفوان في وصله وإرساله، وفى الباب: شاهد من مرسل الحسن البصرى سيأتي عند المؤلف [برقم/ 6635].

677 -

صحيح: بشطره الأول فقط: أخرجه الضياء في المختارة [3/ 72]، وأبو نعيم في معرفة الصحابة [1/ رقم/ 450]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المختارة"[3/ 73]، من طريقين عن هشام الدستوائى عن أبى الزبير المكى عن عبد الله بن سلمة عن الزبير به نحوه

قال الهيثمى في "المجمع"[4/ 413]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

قلتُ: وليس كما قال، والإسناد هنا ضعيف معلول، فقد اختلف على هشام الدستوائى في سنده، فرواه عنه عبد الصمد بن عبد الوارث، وحجاج بن نصير على الوجه الماضى. واختلف فيه على حجاج.

فرواه فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الكَبِيرِ وَحَبِيبُ بْنُ الحسَنِ، قَالَا: ثَنَا أبُو مُسْلِمٍ الكشى ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ على الوجه الماضى عند أبى نعيم.

وخالفهما الطبراني، فقال: حدثنا أبو مسلم قال: حدثنا حجاج بن نصير قال: حدثنا هشام الدستوائى عن أبى الزبير عن عبد الله بن سلمة عن الزبير بن العوام أو على بن أبى طالب به

فجعله بالشك: عن الزبير بن العوام أو على بن أبى طالب"، هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط" [3/ رقم/ 2634]، حدثنا أبو مسلم به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبى الزبير إلا هشام".

قلتُ: وقد توبع حجاج بن نصير على هذا الوجه الثاني بالشك في روايته:

1 -

تابعه: كثير بن هشام ثنا هشام عن أبى الزبير عن عبد الله بن سلمة أو مسلمة، قال كثير: وحفظى سلمة عن علي أو عن الزبير به

=

ص: 636

678 -

حدّثنا إبراهيم بن سعيدٍ الجوهرى، حدّثنا حسين بن محمد، حدّثنا عمرو بن صفوان المزنى، أخبرنا عروة بن الزبير، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" غُدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ الله، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".

= أخرجه أحمد [1/ 167]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 73]، ثنا كثير بن هشام به

2 -

وتابعه أيضا: وهب بن جرير عن هشام الدستوائى عن أبى الزبير عن عبد الله بن سلمة عن الزبير بن العوام أو على بن أبى طالب به

بالشك أيضًا. أخرجه ابن راهويه في "مسنده" كما في "معرفة الصحابة/ لأبى نعيم"[1/ 115/ طبعة دار الوطن].

قلتُ: ولعل هذا الوجه بالشك هو الأصح عن هشام. وهو إسناد ضعيف. والشك في سنده: أظنه من أبى الزبير محمد بن مسلم المكى، وهو صدوق متماسك رماه النسائي وغيره بالتدليس، ولم يذكر فيه سماعًا، لكن التحقيق بشأنه: أنه لا يدلس إلا عن جابر وحده، كما يأتى شرحه عقب تخريجنا للحديث [رقم/ 1769]، وعبد الله بن سلمة: احتمل أبو نعيم في "المعرفة" أنه ربما يكون هو المرادى الكوفى الذي يروى عن علي وابن مسعود وغيرهما.

بل جزم حسين الأسد في "تعليقه على مسند المؤلف" وغيره: بكونه هو المقصود في هذا الإسناد، والظاهر ما قالوه، وليس هناك سواه بهذا الاسم من هذه الطبقة، وقد كدتُ أجزم بذلك، لولا أنى وجدتُ عبد الله بن الإمام أحمد قد سأل أباه في "العلل"[395/ 3 رقم/ 5739]، فقال:"سألت أبى عن حديث هشام الدستوائى عن أبى الزبير عن عبد الله بن سلمة عن علي أو الزبير قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيذكرنا بأيام الله"؟ فقال أبى: ما أراه عبد الله بن سلمة الذي حدث عنه عمرو بن مرة، أظنه رجلًا آخر".

قلتُ: ويؤيده أنهم لم يذكروا لأبى الزبير رواية عن عبد الله بن سلمة المرادى، وكذا لم يذكروا أن عبد الله بن سلمة يروى عن الزبير بن العوام، وابن سلمة هذا هو آفة هذا الحديث. وشيخ المؤلف فيه كلام، لكنه توبع عليه.

وللحديث: شواهد بشطره الأول فقط عن جماعة من الصحابة: منهم جابر بن عبد الله، وسيأتى حديثه [برقم/ 2119]، وهو حديث صحيح.

6 -

صحيح: أخرجه البزار [987]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 276]، والضياء في "المختارة"[3/ 71]، وغيرهما، من طريق حسين بن محمد المروزى عن صفوان بن عمرو المزنى عن عروة بن الزبير عن أبيه به

=

ص: 637

679 -

حدّثنا محمد بن إسماعيل بن علي الأنصارى، حدّثنا خلف بن تميمٍ المصيصى، عن عبد الجبار بن عمر الأيلى، عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم، عن جدته أم عطاء مولاة الزبير بن العوام، قالت: سمعت الزبير بن العوام يقول: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214]، صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى قبيسٍ: يا آل عبد مناف، إنى نذيرٌ، فجاءته قريشٌ، فحذرهم وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنك نبيٌّ يوحى إليك، وأن سليمان سخر له الريح والجبال، وأن موسى سخر له البحر، وأن عيسى كان يحيى الموتى؟ فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال، ويفجر لنا الأرض أنهارًا، فنتخذها

= قلتُ: وهذا إسناد لا يصح، وعمرو بن صفوان شيخ نكرة مجهول، وعنه يقول العقيلى:"لا يتابع على حديثه ولا يعرف بنقل الحديث،". ثم ساق له هذا الحديث في ترجمته. وقول أبى حاتم عنه: "شيخ قديم محله الصدق" لا يعنى بذلك التوثيق ولا نصيفه، بل مراده بتلك العبارة: أنه شيخ يكتب حديثه وليس بالمهجور. وبه: أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[5/ 127]، فقال:"هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ". وقال الهيثمى في "المجمع"[5/ 518]: "رواه أبو يعلى والبزار وفيه عمرو بن صفوان المزنى ولم أعرفه؟ وبقية رجاله ثقات".

قلتُ: قد عرفناك به والحمد لله. وقد قال العقيلى عقب روايته: "وهذا المتن يروى من غير هذا الوجه بأسانيد جياد". يقصد: شواهد الحديث عن جماعة من الصحابة بمثل لفظه:

1 -

منها حديث أنس عند البخارى [2639] ومسلم [1880]، والترمذى [1651]، وجماعة كثيرة، وهو يأتى عند المؤلف [برقم/ 3775].

2 -

ويأتى منها: حديث أبى هريرة وابن عباس [برقم/ 2506]، وحديث سهل بن سعد [برقم/ 7531].

679 -

ضعيف: وقال الهيثمى في "المجمع"[7/ 196]، "رواه أبو يعلى من طريق عبد الجبار بن عمر الأيلى عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم، وكلاهما وثِّق، وقد ضعفهما الجمهور".

قلتُ: عبد الجبار إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، وعبد الله بن عطاء: شيخ مجهول، انفرد عنه ابن إسحاق وعبد الجبار بالرواية، بل قال ابن معين عنه:"ليس بشئ" فكأنه قليل الحديث أيضًا. وجدته أم عطاء: مضى الكلام عليها في الحديث [رقم 671]، وهى مجهولة الصفة على التحقيق، وشيخ المؤلف لم أهتد إليه بعد البحث. نعم: ذكره المزى في الرواة عن خلف بن تميم من "التهذيب"[8/ 277]، فقال:"ومحمد بن إسماعيل أحد النسا". =

ص: 638

محارث فنزرع ونأكل، وإلا فادع لنا الله أن يحيى لنا موتانا فنكلمهم ويكلمونا، وإلا فادع الله أن يصير هذه الصخرة التى تحتك ذهبًا فننحت منها ويغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم، فبينما نحن حوله إذ نزل عليه الوحى، فلما سرى عنه، قال:"وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ أَعْطَانِى مَا سَأَلْتُمْ، وَلَوْ شِئْتُ لَكَانَ، وَلَكِنَّهُ خَيَّرَنِى بَيْنَ أَنْ تَدْخُلُوا مِنْ بَابِ الرَّحْمَةِ، فَيُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ، وَبَيْنَ أَنْ يَكِلَكُمْ إِلَى مَا اخْتَرْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَتَضِلُّوا عَنْ بَابِ الرَّحْمَةِ وَلا يُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ، فَاخْتَرْتُ بَابَ الرَّحْمَةِ فَيُؤْمِنُ مُؤْمِنُكُمْ، وَأَخْبَرَنِى: إِنْ أَعْطَاكُمْ ذَلِكَ ثُمَّ كَفَرْتُمْ أَنَّهُ مُعَذِّبُكُمْ عَذَابًا لا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ"، فنزلت:{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: 59] حتى قرأ ثلاث آياتٍ، ونزلت:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: 31].

680 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا ابن أبى ذئبٍ، عن مسلم بن جندبٍ، عن الزبير بن العوام قال: كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نبتدر في الآجام، فما نجد إلا مواضع أقدامنا.

= هكذا ولم يزد شيئًا، ولعله غيره، وأخشى أن يكون: هو محمد بن إسماعيل بن على الوساوسى الهالك، فقد روى عنه المؤلف في [رقم/ 85]. بل أظنه هو إن شاء الله، فقد ساق ابن كثير في "تفسيره"[5/ 90/ طبعة دار طيبة]، والحافظ في "المطالب"[15/ 92/ طبعة العاصمة]، والبوصيرى في "الإتحاف"[6/ 249]، إسناد المؤلف، وفيه: "قَالَ أبُو يَعْلَى المُوصِلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلَيٍّ الأنْصَارِيُّ

".

والحديث: عزاه السيوطى في "الدر المنثور"[4/ 652]، إلى أبى نعيم في "دلائل النبوة"، وابن مردويه في "تفسيره". ولبعض فقرات الحديث شواهد. وهو غريب جدًّا بهذا السياق.

680 -

ضعيف: أخرجه أحمد [1/ 164]، وابن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة". [1/ 433]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 79]، والدارمى [1545]، والطيالسى [رقم/ 188/ طبعة التركى]، ومن طريقه ابن خزيمة [رقم/ 1840]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 52]، والحاكم [1/ 429]، والبيهقى في "سننه"[رقم 5467]، وابن الأعرابى في =

ص: 639

681 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا محمد بن كناسة، حدّثنا هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ".

= "معجمه"[رقم/ 1305]، وأبو الحسن الخلعى في "الخلعيات"[ق/ 12/ ب] وغيرهم، من طرق عن ابن أبى ذئب عن مسلم بن جندب عن الزبير به نحوه

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

قلتُ: ظاهره كذلك لولا أنه منقطع، قال ابن خزيمة بعد روايته:"مسلم هذا لا أدرى أسمع من الزبير أم لا".

قلتُ: الظاهر أنه لم يسمع منه، بل لم يدركه أصلًا، وبين وفاتهما سبعون عامًا.

ثم وجدت الإمام أحمد قد أخرجه في "مسنده"[1/ 167]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[1/ 433]، من طريق يحيى بن آدم عن ابن أبى ذئب فقال: ثنا مسلم بن جندب حدثنى من سمع الزبير بن العوام يقول

وذكره. وهذا يؤيد ما ذكرناه من الانقطاع ولا بد، لكن مشى الإمام في "الإرواء"[3/ 65]، على ظاهر الإسناد الماضى وصححه، ثم أجاب عن رواية أحمد بقوله:"وأدخل أحمد في رواية عنه - يعنى: عن مسلم بن جندب - رجلًا لم يُسَمَّ بينه وبين الزبير، وهى شاذة".

قلتُ: ما ثَمَّ شذوذ إن شاء الله، بل هي رواية فيها زيادة واجبة القبول، ويؤيدها ما ذكرناه مِنْ بُعْدِ ما بين الرجلين في الوفاة، وإليه أشار ابن خزيمة كما مضى.

فالتحقيق: أن الإسناد معلول بجهالة من حدَّث مسلم بن جندب به عن الزبير.

وبهذا: أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 406]، فقال:"رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، وفيه رجل لم يُسَمَّ". ولهذا تحاشى البوصيرى تصحيحه في "إتحاف الخيرة"[1/ 433]، فقال:"وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ". ويغنى عن هذا الحديث: حديث سلمة بن الأكوع قال: "كنا نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه". أخرجه البخارى [رقم/ 3935]- واللفظ له - ومسلم [860]، وأبو داود [1085]، والنسائى [1391]، وابن ماجه [1100]، وأحمد [4/ 54]، وجماعة كثيرة.

681 -

صحيح: أخرجه النسائي [رقم 5074]، وأحمد [1/ 165]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 439]، والطبرى في "تهذيب الآثار" [ص/ 451/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون، =

ص: 640

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطحاوى في "المشكل"[8/ 299]، وأبو عمرو السمرقندى في "الفوائد المنتقاة"[رقم 74]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 45]، وأبو نعيم في "الحلية"[2/ 180]، وفى "معرفة الصحابة"[1/ رقم/ 446]، ومن طريقه المزى في "التهذيب"[25/ 496]، والدينورى في "المجالسة"[8/ 3451/ طبعة مشهور سلمان]، والخطيب في "تاريخه"[5/ -404 - 405]، وأبو موسى المدينى في "اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف"[رقم/ 902، 903/ الطبعة العلمية]، وابن عساكر في "تاريخه"[15/ 169]، ويوسف بن خليل الدمشقى الحافظ في "جزء فيه من عوالى حديث هشام بن عروة وغيره"[رقم/ 23 مخطوط/ بترقيمى]، وجماعة، من طرق عن محمد بن كناسة عن هشام بن عروة عن أخيه عثمان بن عروة [وسقط "عثمان بن عروة" من سند أبى نعيم في "الخلية"] عن عروة عن الزبير به

قال أبو نعيم: "غريب من حديث عروة، تفرد به ابن كناسة، وحدَّث به عن ابن كناسة الأئمة: أبو بكر بن أبى شيبة وابن نمير وأحمد بن حنبل وأبو خيثمة".

وقال ابن خليل الحافظ: "هذا حديث غريب من حديث أبى عبد الله عروة بن الزبير بن العوام، تفرد به محمد بن عبد الله بن كناسة". وقال الخطيب في "تخريج المهروانيات": "لم يتابع ابن كناسة على هذا القول أحد". وقال الطبرى: "ذا خبر - عندنا - صحيح سنده".

قلت: وظاهر سنده كذلك؛ لولا أنه معلول، فقد خولف فيه ابن كناسة، بل واختلف عليه في سنده أيضًا، فرواه عنه الأئمة: أبو بكر بن أبى شيبة وابن نمير وأحمد بن حنبل وأبو خيثمة وابن سعد، وحميد بن مخلد بن زنجويه وجماعة من الأكابر.

وتابعهم: أحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أبِى غَرَزَةَ - وهو ثقة حافظ - لكن اختلف عليه فيه، فرواه عنه الهيثم بن كليب الشاشى على الوجه الماضى في "مسنده". وخالفه ابن جرير الطبرى، فقال: حدثنى أحمد بن حازم الغفارى، قال: حدثنا محمد بن كناسة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عثمان بن عروة، عن الزبير به

، فأسقط منه "عروة بن الزبير"، هكذا أخرجه الطبرى في "تهذيب الآثار"[ص/ 451/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون].

قلتُ: ولعل ابن حازم كان لا يضبطه عن ابن كناسة، والوجه الأول هو المحفوظ عن شيخه ابن كناسة. =

ص: 641

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن كناسة: ثقة صدوق، تعنَّت أبو حاتم بشأنه، لكنه خولف في إسناده، خالفه: عيسى بن يونس، فرواه عن هشام فقال: عن أبيه عن ابن عمر به مرفوعًا

، ونقله إلى "مسند ابن عمر" بعد أن أسقط الواسطة التى بين هشام وأبيه، هكذا أخرجه النسائي [5073]، وابن أبى خيثمة في "تاريخه"[5/ 256 - 257]، والمؤلف [برقم / 5678]، وفى "معجمه"[70]، ومن طريقه ابن العديم في "بغية الطلب"[2/ 611/ طبعة دار الفكر]، والخطيب في "تاريخه"[4/ 77]، والطحاوى في "المشكل"[9/ 298]، والذهبى في "التذكرة"[1/ 282]، وفى "سير النبلاء"[8/ 490]، وغيرهم، من طريق أحمد بن جناب قال: حدثنا عيسى بن يونس به ..

قال الخطيب البغدادى في "تخريج المهروانيات"[ص/ 218/ طبعة دار الراية]: "تفرد عيسى بهذا القول"، وقال عقب روايته في "تاريخه":"تفرد بروايته هكذا عن هشام عيسى بن يونس ولم يكتبه إلا من حديث أحمد بن جناب عنه". وقال ابن أبى خيثمة: "وهذا خطأٌ، يقال: ابن جناب أخطأ على عيسى".

قلتُ: وقد جزم النسائي كما يأتى بكون هذا اللون غير محفوظ. وعيسى بن يونس: ثقة إمام حافظ، وإلصاق الوهم فيه بأحمد بن جناب هو الأقرب عندى، وإليه أشار ابن أبى خيثمة آنفًا.

ويؤيده: أن ابن جناب قد تلون في روايته عن يونس على لون آخر؟، فرواه عنه مرة أخرى فقال: عن عيسى بن يونس عن عُبَيد الله العمرى عن نافع، عن ابن عُمَر به

، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 414]، عقب الوجه الأول عنه، ثم قال:"وكلاهما غير ثابت". وهو كما قال.

وقد خولف فيه عيسى بن يونس هو الآخر، خالفه سفيان الثورى، فرواه عن هشام فقال: عن أبيه عن عائشة به مرفوعًا

، هكذا أخرجه الخطيب في "تاريخه"[5/ 405]، وفى "المهروانيات"[رقم/ 131]، وأبو نعيم في "أخبار أصفهان"[2/ 49/ الطبعة العلمية]، ومن طريقه أبو موسى المدينى في "اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف"[رقم/ 696/ الطبعة العلمية] وابن المقرئ في "معجمه"[رقم/ 987]، ومن طريقه أبو موسى، المدينى في "اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف"[رقم/ 696/ الطبعة العلمية]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "[رقم/ 837]، وغيرهم من طريق عبدان الأهوازى عن زيد بن الحريش عن عبد الله بن رجاء عن الثورى به

=

ص: 642

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الخطيب في "تخريج المهروانيات": "وهو غريب جدًّا من حديث سفيان الثورى، تفرد به عبد الله بن رجاء المكى عنه، ولم يروه عن ابن رجاء إلا زيد بن الحريش، ولا عن زيد إِلا عبد الله بن أحمد بن موسى المعروف بعبدان الأهوازى، ورواه عنه يحيى بن محمد بن صاعد".

قلتُ: وهذا منكر من حديث الثورى، وابن رجاء: في حفظه شئ؛ فكأنه سلك الجادة فوهم فيه على الثورى.

وابن الحريش: يقول عنه ابن حبان "ربما أخطأ". لكن قد توبع الثورى على هذا الوجه: تابعه: يحيى بن أبى زكريا الغسانى عند الطبراني في الأوسط [2/ رقم/ 1229]، من طريق محمد بن حرب النسائي الواسطى قال حدثنا أبو مروان يحيى بن أبى زكريا الغنسانى قال حدثنا هشام ابن عروة به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يحيى إلا محمد".

قلتُ: وهى متابعة لا يفرح بها، والغسانى: ضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم ابن حبان:"لا يجوز الرواية عنه".

ثم جاء حفص بن عمر الحبطى المشهور بـ: "الكبر"، وتابع الثورى والغسانى في روايتهما عن هشام على الوجه الماضى، أخرجه أبو القاسم المهروانى في "المهروانيات/ تخريج الخطيب"[رقم/ 130/ طبعة دار الراية]، وأبو على ابن شاذان في "الجزء الثامن من حديثه" من طريق محمد بن غالب بن حرب قال: ثنا حفص بن عمر قال: ثنا هشام بن عروة به

قال الخطيب: "هذا حديث غريب من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. تفرد بروايته عنه حفص بن عمر الكبر".

قلتُ: والحبطى غير ثقة ولا مأمون، راجع "اللسان"[2/ 325].

وقد قال الدرقطنى بعد أن ذكر بعض الاختلاف الماضى في "علله"[4/ 235]"ورواه الحفاظ من أصحاب هشام عن هشام عن عروة مرسلًا وهو الصحيح".

قلتُ: هكذا رواه عبد الله بن نمير عن هشام عن أبيه به مرسلًا

، أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[1/ 439]، والخطيب في "تاريخه"[5/ 406]، من طريق ابن نمير به

وتابعه محمد بن بشر العبدى على إرساله عن عروة، لكنه زاد فيه "عثمان بن عروة" بين هشام وعروة، هكذا أخرجه الخطيب في "تاريخه"[5/ 405 - 406]، بإسناد صحيح إليه. =

ص: 643

682 -

حدّثنا زهير حدّثنا محمد بن الحسن المدنى، حدثتنى أم عروة - فيما أحسب - ابنة جعفر بن الزبير بن العوام، عن أبيها، عن جدها الزبير بن العوام، أنه سمعه يقول: دعا لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولولدى ولولد ولدى، قال: فسمعت أبى يقول لأخت لى - كانت أسن منى - يا بنية، يعنى إنك ممن أصابه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

= وهو مرسل على كل حال. وهذا الوجه المرسل: هو الذي رجحه الدارقطنى كما مضى، وسبقه إليه ابن معين في تاريخه [3/ رقم 2607]، رواية الدورى]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[5/ 405]، فقال:"حديث ابن كناسة: "غيروا الشيب" إنما هو عن عروة مرسل".

قلتُ: فكأنما ينكر وصله على ابن كناس، وقد قال النسائي في "سننة"[5074]، بعد أن ساق الحديث من طريق ابن كناس، ومن طريق عيسى بن يونس أيضًا:"كلاهما غير محفوظ".

وقال الخطيب في "تخريج المهروانيات" بعد أن ساق الاختلاف في سنده على هشام بن عروة: "والإِرسال هو الصواب".

ورأيت الذهبى: قد أخرج هذا الحديث في "معجم شيوخه"[1/ 236 - 237/ طبعة مكتبة الصديق]، من طريق ابن كناسة على الوجه الأول، ونقل عن النسائي أنه قال:"هو غير محفوظ".

ثم قال الذهبى: "قلت: رواه وهيب ومحمد بن بشر عن هشام - مرسلًا - ورواه وكيع وأبو معاوية وابن نمير عن هشام عن أبيه - مرسلًا - ولم يسمعه من أبيه".

قلتُ: فالحاصل أن الحديث محفوظ عن هشام بن عروة مرسلًا. لكنه: صحيح على كل حال، فله شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة به

ويأتى منها: حديث أبى هريرة [برقم / 5977، 6021].

682 -

ساقط: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[18/ 392]، من طريق المؤلف حدثنا زهير حدثنا محمد بن الحسن المدنى حدثتنى أم عروة - فيما أحسب - ابنة جعفر بن الزبير بن العوام عن أبيها عن جدها الزبير بن العوام به

وسنده مظلم جدًّا، ومحمد بن الحسن: هو ابن زبالة الذي كذبه ابن معين وأبو داود وغيرهما بخط عريض، وأسقطة سائر النقاد، وهو من رجال أبى داود وحده، وأم عروة وأبوها: مجهولا الصفة. =

ص: 644

683 -

حدّثنا زهيرٌ، حدثّنا محمد بن الحسن المدنى، حدثتنى أم عروة، عن أبيها، عن جدها الزبير قال: لما خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه بالمدينة، خلفهن في فارعٍ، وفيهن صفية بنت عبد المطلب، وخلف فيهن حسان بن ثابتٍ، وأقبل رجلٌ من المشركين ليدخل عليهن، فقالت صفية لحسان: عندك الرجل، فجبن حسان، وأبى عليه، فتناولت صفية السيف فضربت به المشرك حتى قتلته، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب لصفية بسهمٍ كما كان يضرب للرجال.

= والحديث: ذكره الهيثمى في "المجمع"[9/ 214]، ثم قال:"رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك".

683 -

منكر: أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[12/ 429 - 430]، من طريق الزبير بن بكار حدثنى أبو خيثمة زهير بن حرب عن محمد بن الحسن المخزومى حدثتنى أم عروة عن أبيها عن جدها الزبير به نحوه

في سياق أتم.

وهذا إسناد ساقط منحط، أم عروة: امرأة مجهولة الحال هي وأبوها، كما مضى في الحديث قبله، ومحمد بن الحسن: هو ابن زبالة الهالك الماضى آنفًا، وقد تكلموا فيه حتى أسقطوه أرضًا، بل كذبه جماعة ورموه بالتوليد.

وبه: أعله الحافظ في "المطالب العالية"[4/ 132/ طبعة الأعظمى] فقال: "قلت: محمد بن الحسن وهو ابن زبالة المدنى ضعيف جدًّا، لكن تابعه إسحاق بن محمد أبى فروة كذا المدنى من رجال البخارى، فرواه عن أم عروة، أخرجه البزار من طريقه وساقه بأتمه".

قلتُ: وهذه المتابعة عند البزار [رقم/ 978/ البحر]، حدثنا عبد الله بن شبيب قال: نا إسحاق بن محمد الفروى قال: حدثتنى أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها عن جدها الزبير بن العوام به نحوه

في سياق أتم.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

قلتُ: وإسحاق الفروى شيخ ضعيف على التحقيق، وقد كان البخارى ينتقى من حديثه ما علم أنه لم يغلط فيه، أو ما تابعه الثقات عليه.

وقد اضطرب الفروى في سنده أيضًا، فعاد ورواه عن أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها عن جدها الزبير عن أمه صفية بنت عبد المطلب به نحوه في سياق أتم، وجعله من "مسند صفية". =

ص: 645

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هكذا أخرجه الحاكم [4/ 56]، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"[6/ رقم 7720/، 7493 / طبعة دار الوطن]، وعبد الغنى المقدسى في "مناقب النساء الصحابيات"[ص/ 53/ طبعة دار البشائر]، وابن عساكر في "تاريخه"[12/ 429]، من طريقين عن إسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الفَروِيّ به

قال الحاكم: "هذا حديث كبير غريب بهذا الإسناد".

قلتُ: وهذان لونان من اضطرابه فيه، ولون ثالث، فرجع ورواه فقال: حدثتنا أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها عن جدتها صفية بنت عبد المطلب به نحوه في سياق مطول

، وأسقط منه "الزبير"، هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[24/ رقم/ 809]، وفى الأوسط [4/ رقم/ 3754]، وابن أبى خيثمة في "تاريخه"[2/ 929]- وعنده بطرف منه فقط - وابن منده كما في "الإصابة"[7/ 744]، وأبو الحسن القطان في "الطوالات" كما في "تاريخ قزوين"[3/ 283/ الطبعة العلمية]، وابن عساكر في "تاريخه"[12/ 430]، وغيرهم، من طرق عن الفروى به

قال الهيثمى في "المجمع"[6/ 165]: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق أم عروة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها، ولم أعرفهما؟ وبقية رجاله ثقات"، كذا تغافل الهيثمى عن "إسحاق الفروى" في سنده، مع كونه يعل به كثيرًا في "المجمع".

فالحاصل: أن الحديث لا يثبت من هذا الوجه أصلًا، وقد تساهل من حسنه من هذا الوجه، كصاحب "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد"[4/ 371/ الطبعة العلمية].

لكن: لأصل القصة طرق أخرى منها:

1 -

طريق محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: كانت صفية

وذكره نحوه مطولًا دون جملة: "فضرب لصفية بسهم

".

أخرجه ابن إسحاق في "المغازى" كما في "الإصابة"[2/ 64]، ومن طريقه الطبرى في "تاريخه"[2/ 96]، وعنه أبو الفرج الأصفهانى في "الأغانى"[4/ 169 - 170/ طبعة دار الفكر]، والبيهقى في سننه [12552]، وفى "الدلائل"[3/ 442 - 443]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[12/ 430]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 256]، وغيرهم، من طريقين عن ابن إسحاق به

=

ص: 646

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورجاله مقبولون لولا أنه منقطع، وعباد بن عبد الله بن الزبير: بينه وبين تلك القصة التى يحكيها مفازة شاقة.

وقد اختلف في سنده على ابن إسحاق، فرواه عنه يونس بن بكير ومحمد بن سلمة المرادى على الوجه الماضى. وخالفهما شريك بن عبد الله النخعى، فرواه عن ابن إسحاق ققال: حدثنى يحيى بن عباد بن الزبير عن أبيه عن صفية بنت عبد المطلب به نحوه

، فأسنده وجعله من "مسند صفية"، هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[12/ 430]، من طريق أحمد بن يحيى الصوفى نا عبد الرحمن بن شريك نا أبى نا محمد بن إسحاق به

قلتُ: وهذا من أوهام شريك على ابن إسحاق، والوجه الأولى عنه هو المحفوظ.

2 -

ومنها طريق هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا بالقصة مختصرًا

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[8/ 41]، والبخارى في "تاريخه"[3/ 29]- وعنده إشارة - والطبرانى في "الكبير"[42/ رقم/ 804]، من طريقين عن هشام به

قلتُ: ورجاله ثقات، إلا أنه مرسل لا خير فيه، وبهذا: أعله الهيثمى في "المجمع"[6/ 194] فقال: "رواه الطبراني ورجاله إلى عروة رجال الصحيح، ولكنه مرسل".

وقد اختلف على هشام في سنده، فرواه عنه الحمَّادون: حماد بن سلمة، وحماد بن أسامة، وحماد بن زيد على الوجه الماضى.

وخالفهم: يونس بن بكير، فرواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن صفية بنت عبد المطلب به نحوه

، في سياق أتم.

هكذا أخرجه الحاكم [4/ 56]، وعنه البيهقى في "سننه"[رقم/ 12553]، وفى "الدلائل"[3/ 443/ الطبعة العلمية]، وابن عساكر في "تاريخه"[12/ 431]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 1377]، من طريق يونس بن بكير به

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

قلتُ: كذا جازف على عادته، وقد تعقبه الذهبى في "تلخيص المستدرك"، قائلًا:"عروة لم يدرك صفية". وقد وقع عند الحاكم تصريح عروة بالسماع من صفية، وهذا غلط لا ريب فيه.

وليس في "الصحيحين" ولا في أحدهما حديث بتلك الترجمة قط، والمحفوظ عن هشام بن عروة: هو الوجه الأولى عن أبيه مرسلًا. =

ص: 647

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3 - ومنها طريق الزبير بن بكار عن علي بن صالح عن جده - يعنى جد الزبير - عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام عن أبيه قال: "كان ابن الزبير يحدث"

وذكر القصة مطولة. أخرجه الزبير بن بكار كما في "كنز العمال"[رقم/ 30093]، ومن طريقه أبو الفرج في "الأغانى"[4/ 175 - 171]، وابن عساكر في "تاريخه"[12/ 432]، والمزى في "تهذيب الكمال"[24 - 23/ 6]، من طرق عن الزبير به

قلتُ: وهذا إسناد منكر معلول، عبد الله بن مصعب: ضعفه ابن معين كما في "تاريخ بغداد"[10/ 175]، ومصعب الزبيرى لم يدرك ابن الزبير ولا رآه بعينه قط.

ومن الغرائب: قول الحافظ في "الفتح"[6/ 248]: "

كما روى أحمد بإسناد قوى عن عبد الله بن الزبير قال: "كانت صفية في حصن حسان بن ثابت يوم الخندق". فذكر الحديث في قصة قتلها اليهودى، وقولها لحسان: انزل فاسلبه، فقال: ما لى بسلبه حاجة".

قلتُ: وهذا ما وجدته في "مسند أحمد" بعد الاستقراء التام، ولا رأيت من عزاه إليه سوى الحافظ؟، وهذا اللفظ الذي ساقه الحافظ: قد وقع بنحوه في طريق ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله عن أبيه به

وقد مضى الكلام على هذا الطريق: فلعل الحافظ شُبِّه له.

وهذا ما وقفتُ عليه من طرق تلك القصة. على أنه في متنها نكارة ظاهرة، فلو صح أن حسان رضى الله عنه كان بتلك المنزلة الخسيسة من الخوف والجبن، لانطلقت ألسنة الفصحاء والشعراء من مشركى قريش والعرب بهجوه والنيل منه، وأين ومتى جرى هذا؟!

وقد قال ابن عبد البر في ترجمة حسان من "الاستيعاب": "وقال أكثر أهل الأخبار والسير: إن حسان كان من أجبن الناس، وذكروا من جبنه أشياء مستشنعة أوردوها عن الزبير - يعنى ابن بكار - أنه حكاها عنه؛ كرهت ذكرها لنكارتها، ومن ذكرها قال: إن حسان لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من مشاهده؛ لجبنه، وأنكر بعض أهل العلم بالخبر ذلك، وقالوا: لو كان حقًا لهجى به".

ونقل عنه القرطبى في "تفسيره"[14/ 116]، أنه قال: "وقد أنكر هذا عن حسان جماعة من أهل السير وقالوا: لو كان في حسان من الجبن ما وصفتم؛ لهجاه بذلك الذين كان يهاجيهم في الجاهلية والإسلام، ولهجى بذلك ابنه عبد الرحمن، فإنه كان كثيرًا ما يهاجى الناس من شعراء العرب

". =

ص: 648

684 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا محمد بن الحسن المدنى، قال: حدثتنى أم عروة، عن أختها عائشة بنت جعفرٍ، عن أبيها، عن جدها الزبير، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَنَّهُ أَعْطَاهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لِوَاءَ سَعْدِ بْنِ عِبَادَةَ، فَدَخَلَ الزُّبَيْرُ مَكَّةَ بِلِوَاءَيْنِ".

= وقال السهيلى في "الروض الأنف"[1/ 335]: "ومحمل هذا الحديث عند الناس: على أن حسان كان جبانًا شديد الجبن، وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره؛ وذلك أنه حديث منقطع الإسناد وقال: لو صح هذا لهجى به حسان فإنه كان يهاجى الشعراء كضرار وابن الزبعرى وغيرهما، وكان يناقضونه ويردون عليه، فما عيره أحد منهم بجبن ولا وسمه به، فدل هذا على ضعف حديث ابن إسحاق - يعنى الماضى - وإن صح فلعل حسان أن يكون معتلًا في ذلك اليوم بعلة من شهود القتال، وهذا أولى ما تأول عليه، وممن أنكر أن يكون هذا صحيحًا: أبو عمر - يعنى ابن عبد البر - في كتاب "الدرر" له".

قلتُ: وكلام ابن عبد البر تجده في كتابه: "الدرر في اختصار المغازى والسير"[ص/ 186/ طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية].

ولجملة إسهام النبي صلى الله عليه وسلم صفية سهمًا: شواهد لا يثبت منها شئ.

68 -

ضعيف: أخرجه الفاكهى في "أخبار مكة"[5/ 217/ طبعة دار خضر]، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين"[رقم/ 110]، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"[رقم/ 161]، وابن عساكر في "تاريخه"[18/ 382]، وغيرهم من طريقين عن محمد بن الحسن بن زبالة عن أم عروة عن أختها عائشة بنت جعفر بن الزبير عن أبيها [تحرف عند الفاكهى إلى:"أمها"]، عن جدها أسقط:"جدها،" من سند ابن شاهين،] الزبير بن العوام به نحوه

قلتُ: وهذا إسناد ذاهب، وابن زبالة: مضى أن جماعة من النقاد قد كذبوه، فلْيرم بحديثه في القمامة.

وبه أعله الحافظ في "المطالب العالية"[17/ 451/ طبعة دار العاصمة]. وقال الهيثمى في "المجمع"[6/ 248]: "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة، وهو ضعيف جدًّا".

لكن ابن زبالة لم ينفرد به:

بل تابعه: الزبير بن بكار عند ابن عساكر في "تاريخه"[8/ 382]، من طريق أبى المظفر محمود بن جعفر بن محمد بن جعفر التميمى أنا عمرو بن أبى عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر المعدل أنا إبراهيم بن السرى بن على ثنا الزبير بن بكار به

=

ص: 649

685 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا حزام بن إسماعيل العامرى، عن موسى بن عبيدة، عن أبى حكيمٍ مولى الزبير، عن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ إِلا صَارِخٌ يَصْرُخُ: أَيُّهَا الخْلائِقُ، سَبِّحُوا الْقُدُّوسَ".

= قلتُ: وأم عروة: امرأة ما ندرى عن حالها شيئًا أصلًا، وأختها عائشة: مثلها في جهالة الصفة، وأبوهما مثلهما، وكونهم من "آل الزبير" لا ينفعهم شيئًا في تمشية أخبارهم فضلًا عن تصحيحها.

685 -

منكر: أخرجه ابن أبى الدنيا في "الزهد"[رقم/ 404]، وفى "كلام الأيام والليالى"

[رقم/ 2]، وابن عساكر في "تاريخه"[14/ 314]، من طريق حزام بن إسماعيل العامرى عن

موسى بن عبيدة عن أبي حكيم مولى الزبير عن الزبير به

قلتُ: هذا إسناد واهٍ معلول، موسى بن عبيدة: ضعيف صاحب مناكير وعجائب، وقد تركه جماعة، وبه: أعله الهيثمى في "المجمع"[10/ 113]، فقال:"رواه أبو يعلى وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جدا".

وكذا أعله به البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[6/ 143]، والصدر المناوى كما في "فيض القدير"[5/ 484]، وأبو حكيم: لا يدرى أحد مَنْ يكون وما حاله؟، وحزام بن إسماعيل: له ترجمه في "تعجيل المنفعة"[1/ 94]، و"الجرح والتعديل"[3/ 298]، و"اللسان"[2/ 187]، ولم يتكلم فيه أحد بجرح أو تعديل، وقد رأيت الحافظ قد أخرج هذا الحديث في "نتائج الأفكار"[2/ 391]، من طريق المؤلف به، ثم قال:"كذا رواه حزام بإسقاط: "محمد بن ثابت" من السند، ورواية من زاد أثبت،".

يقصد: أن حزامًا قد خولف في إسناده، خالفه: عبد الله بن نمير وزيد بن حباب وحماد بن أسامة أربعتهم رووه عن موسى بن عبيدة فقالوا: عن محمد بن ثابت؟، عن أبى حكيم عن الزبير به نحوه

فزادوا في إسناده "محمد بن ثابت،".

وروايتهم: عند الترمذي [3569]، وعبد بن حميد في "مسنده"[رقم/ 98/ المنتخب]، ومن طريقه الحافظ في "نتائج الأفكار"[2/ 390]، والبيهقى في الشعب [7/ رقم/ 10731]، وابن السنى في "عمل اليوم والليلة"[1/ رقم/ 63/ مع عجالة الراغب]، وأبى نعيم في "أخبار أصبهان"[2/ 56/ الطبعة العلمية]، وابن الشجرى في "أماليه"[1/ 190]، =

ص: 650

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن عساكر في "تاريخه"[14/ 314]، وغيرهم، ولفظ الترمذى:"ما من صباح يصبح العباد فيه إلا ومنادٍ ينادى: سبحان الملك القدوس". وقريب منه عند عبد بن حميد وغيره. قال الترمذى: "هذا حديث غريب". وقال الحافظ: "هذا حديث غريب، وموسى بن عبيدة ضعيف، وأبو حكيم بفتح أوله، لا يعرف اسمه ولا حاله؟ ".

قلتُ: وهذا الوجه هو المحفوظ. ولكن من يكون محمد بن ثابت؟، فابن معين يقول:"لا أعرفه"؟ وأبو حاتم الرازى يقول: "لا نفهم مَنْ محمد بن ثابت هذا؟ ".

قلتُ: قد يكون هذا الرجل ربما لم يُخْلَق بعد، وإنما جاء من تخاليط موسى بن عبيدة المعروفة، لكن جزم يعقوب بن شيبة بكونه هو محمد بن ثابت بن شرحبيل من بنى عبد الدار. ثم قال:"وهذا رجل مجهول"، وقوَّاه الحافظ المزى في "التهذيب" فقال:"وروى أبو القاسم الطبراني حديث محمد بن ثابت صلى الله عليه وسلم، عن أبى هريرة: "اللهم انفعنى بما علمتنى" من رواية عبد الله بن نمير ويحيى بن زكريا بن أبى زائدة عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت القرشى، وهذا يقوى ما قاله يعقوب بن شيبة من أنه محمد بن ثابت بن شرحبيل".

لكن اعترضه الحافظ في "التهذيب"[9/ 86]، قائلًا:"لكن قال على بن المدينى: "محمد بن ثابت عن أبى حكيم، لا نعلم أحدًا روى عنه غير موسى بن عبيدة"، فيحتمل أن الذي روى عن أبى هريرة هو ابن شرحبيل، وأن هذا رجل مجهول كما قال هؤلاء الأئمة، وأن موسى بن عبيدة روى عنهما جميعا". وما قاله الحافظ هو الأولى. وسواء كان هذا أو ذاك: فالحديث منكر مِنْ أيِّ الوجوه أتيتَه.

ثم جاء بكار بن عبد الله الربذى وخالف الجميع في متنه عن عمه موسى الربذى، فقال: نا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابتٍ، عَنْ أبِى حكيمٍ، مَوْلى الزُّبَيْرِ، عَنِ الزبير عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَا منْ صَبَاحٍ يُصْبحُهُ الْعِبَادُ إلَّا وَصَارِخٌ يَصْرُخُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ لدُوا للتُّرَاب، وَاجْمَعُوا للْفَنَاءِ، وَابْنُوَا للْخَرَابِ". هَكذا أخرجه البيهقى في "الشعب"[13/ رقم/ 10246/ طبعة الرشد]، من طريق الْحَسَن بْن سُفْيَانَ، نَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، نَا بكَّارٌ الربذيُّ، عن عمه مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ به. . .

قلتُ: وبكار الربذى ذكره ابن عدى والعقيلى وابن حبان وغيرهم في "الضعفاء"، فإما أن يكون قد غلط على عمه في لفظه، وإما أن يكون عمه قد اضطرب في متن الحديث.

• تنبيه: قد سقط: "الزبير" من سند البيهقى في "طبعة دار الكتب العلمية"[7/ 396].

ص: 651

686 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا سليمان بن داود، أخبرنى ابن أبى الزناد، عن هشام بن عروة، عن عروة، أخبرنى أبى الزبير، أنه لما كان يوم أحدٍ أقبلت امرأةٌ تسعى حتى كادت تشرف على القتلى، قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم، فقال: المرأة المرأة، قال الزبير: فتوسمت أنها أمى صفية، قال: فخرجت أسعى إليها، فأدركتها قبل أن تنتهى إلى القتلى، قال: فلكمت في صدرى، وكانت امرأةً جلدةً، وقالت: إليك لا أم لك، قال: فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك، قال: فوقفت وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخى حمزة، فإذا إلى جنبه رجلٌ من الأنصار قتل، قد فعل به كما فعل بحمزة، فوجدنا غضاضةً وحياءً أن يكفن حمزة في ثوبين، والأنصارى لا كفن له، فقلنا: لحمزة ثوبٌ، وللأنصارى ثوبٌ، فقدرناهما، فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فجعل كل واحدٍ منهما في الثوب الذي صار له.

686 - صحيح: أخرجه أحمد [1/ 165]، والبزار [رقم / 980]، والحارث [2/ رقم/ 688/ زوائد]، وعنه الشاشى في "مسنده"[1/ رقم/ 44]، والدينورى في "المجالسة"[6/ رقم/ 2796/ طبعة دار ابن حزم]، والبلاذرى في "الأنساب"[2/ 66]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم/ 1586]، وأبو طاهر المخلص في "الفوائد المنتقاة الغرائب عن الشيوخ العوالى/ انتقاء أبى الفتح ابن أبى الفوارس"[رقم/ 74/ مخطوط/ بترقيمى]، والضياء في "المختارة"[3/ 68 - 69]، والقاسم بن على بن عساكر في "تعزية المسلم"[رقم 21]، وعبد الغنى المقدسى في "مناقب النساء الصحابيات"[ص/ 54/ طبعة/ دار البشائر]، وغيرهم، من طريقين عن الهاشمى عن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير به نحوه. . .

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير، إلا عبد الرحمن بن أبى الزناد".

قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم، ولم ينفرد به ابن أبى الزناد كما يأتى. قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [5/ 228]:"وَهُوَ حَدِيثٌ رُوَاتُهُ ثقَاتٌ". أما صاحبه الهيثمى فإنه قال في "المجمع"[6/ 170]: "وفيه عبد الرحمن بن أبى الزناد، وهو ضعيف وقد وثِّق".

قلتُ: ابن أبى الزناد فقيه إمام عالم مثل أبيه، لكن تكلموا في حفظه. والتحقيق: أنه صدوق متماسك في ما حدَّث به بالشام والحجاز، أما ما حدَّث به بالعراق فهو ضعيف؛ لكون جماعة من البغداديين قد أفسدوا عليه حديثه. =

ص: 652

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال ابن المدينى: "حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب، وقد نظرتُ فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمى فرأيتها مقاربة".

قلتُ: وهذا الحديث قد رواه عنه سليمان بن داود الهاشمى الإمام عند الجميع سوى الدينورى.

ثم هو من أثبت الناس في هشام بن عروة كما صح عن ابن معين. ثم هو لم ينفرد به مع كل هذا.

بل تابعه: يحيى بن أبى زائدة الثقة الحافظ الإمام عند البيهقى في "سننه"[6476]، من طريق العباس بن محمد الدوري قال: حدّثنا إبراهيم بن مهدى ثنا يحيى بن زكريا بن أبى زائدة قال: أنبأ هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير به نحوه. . .

قلتُ: فالإسناد صحيح، كما قاله الإمام في "الإرواء"[3/ 166]، لكن: قد خولف ابن أبى الزناد وابن أبى زائدة في إسناده، خالفهما أبو معاوية الضرير، فرواه عنه هشام فقال: عن أبيه: "أن صفية ذهبت يوم أحد بثوبين تريد أن تكفن فيهما حمزة بن عبد المطلب. قال: وأحد الثوبين أوسع من الآخر. قال: فوجدت إلى جنبه رجلًا من الأنصار فأقرعت بينهما، فكفنت القارع أوسع الثوبين، والآخر في الثوب الباقى". فأرسله ولم يذكر فيه "الزبير،". هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [11062] حدّثنا أبو معاوية به. . .

قلتُ: وأبو معاوية الضرير: ثقة ثبت في حديث الأعمش وحده، أما إذا حدَّث عن غيره فهو لا يدرى ما يقول، وقد غمزه أحمد في روايته عن هشام بن عروة أيضًا.

لكن توبع عليه أبو معاوية على هذا اللون: تابعه: يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه به مرسلًا. . . نحو سياق المؤلف. أخرجه البيهقى في "دلائل النبوة"[3/ 289 - 290/ الطبعة العلمية]، من طريق الحاكم عن أبى العباس الأصم حدّثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدّثنا يونس به. . .

قلتُ: ويونس في حفظه كلام مشهور.

ثم جاء سليمان بن المغيرة البصرى وخالف الجميع، فقال: أخبرنا هشام بن عروة قال: "أقبلت صفية بنت عبد المطلب. . ." وذكر بنحو شطره الأخير، ولم يذكر فيه عروة ولا أباه، هكذا أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[3/ 15]، أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابى قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة به. . .

قلتُ: وسليمان ثقة إمام. وأما عاصم: فقد وثقه جماعة، لكن غمزه بندار، وقال الحافظ في "التقريب":"صدوق في حفظه شئ" فلعله وهم في إسناده على سليمان. =

ص: 653

687 -

حدّثنا محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن عمرو، عن ابن حاطب، عن عبد الله بن الزبير قال: لما نزلت: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} ، قال الزبير، قلت: يا رسول الله، وتكرر علينا خصومتنا في الدنيا؟ قال: نعم، قال: قلت: إن الأمر إذًا لشديدٌ.

688 -

حدّثنا سعيد بن أبى الربيع السمان، حدّثنا محمد بن دينارٍ الطاحى، حدّثنا

= والوجه الأول عن هشام: هو الأصح، وقد جوَّده عنه ابن أبى الزناد وابن أبى زائدة. ولعل هشام بن عروة كان ينشط فيسنده، ثم يذاكر به فيرويه مرسلًا دون أن يقيم إسناده، وهذا ربما يكون أولى من تخطئة الثقات في نقدى. ولبعض فقراته شواهد.

687 -

حسن: مضى الكلام عليه [برقم/ 668].

688 -

صحيح: أخرجه الترمذى في "العلل"[رقم 290/ طبعة عالم الكتب]، والنسائى في "الكبرى"[5457]، وابن حبان [4226]، والطبر انى في "الكبير"[1/ رقم 248]، والبزار [967]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 63]، والشاشى في "مسنده "[1/ 46]، وغيرهبم، من طرق عن محمد بن دينار الطاحى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير به. . .

قلتُ: هذا إسناد صحيح في المتابعات. ومحمد بن دينار: ضعفه جماعة لسوء حفظه، وقد زاد في سنده زيادة لم يتابعه أحد عليها، فقال:"عن عبد الله بن الزبير عن الزبير به. . .". فجعله من "مسند الزبير" وإنما رواه الثقات الأثبات عن هشام عن أبيه وجعلوه من "مسند ابن الزبير". وهذا هو الصواب. فقد سأل الترمذيُّ البخاريَّ عن هذا الحديث في "علله"[ص/ 167]، فقال:"الصحيح: عن ابن الزبير عن عائشة، وحديث محمد بن دينار أخطأ فيه، وزاد فيه "عن الزبير،" إنما هو هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير. . .".

قلتُ: ومثله قال الدارقطنى في "علله"[4/ 226]، ونحوهما قال البزار في "مسنده"[6/ 139]، والترمذى في "سننه"[3/ 455]، وهو كما قالوا. وهكذا رواه الثقات من أصحاب هشام عنه عن أبيه عن ابن الزبير به. . . ومنهم:

1 -

عبدة بن سليمان: عند ابن حبان [4225]، وابن أبى شيبة [17023]، وغيرهما.

2 -

والدراوردى: عند الرويانى في "مسنده"[2/ رقم/ 1322]. =

ص: 654

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تحَرِّمُ المْصَّة وَالمْصَّتَانِ، وَالإِملاجَةُ وَالإمْلاجَتَانِ".

آخر المجلد الأول، ويليه المجلد الثاني، وأوله:

مسند سعد بن أبى وقاص

= 3 - وعبد الله بن نمير: عند المروزى في "السنة"[رقم 317]، وابن أبى شيبة [17023]، وغيرهما.

4 -

ويحيى القطان: عند النسائي [3309]، وأحمد [4/ 4]، والبزار [رقم / 2180]، وغيرهم.

5 -

والليث بن سعد: عند أبى الجهم في حديثه [رقم/ 77].

6 -

وابن عيينة: عند الشافعي [1460] والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 64]، واختلف عليه في سنده كما تراه عند ابن حبان [رقم/ 4227].

7 -

ووكيع: عند أحمد [4/ 5].

8 -

وابن جريج: عند عبد الرزاق [رقم/ 13925].

9 -

وأنس بن عياض: عند الشافعي [رقم/ 1080]، والبيهقى [رقم/ 15400].

10 -

12 - 11 - وحماد بن - سلمة والثورى وجرير بن عبد الحميد ثلاثتهم: عند العقيلى في "الضعفاء"[4/ 63، 64].

وقد توبع عليه هشام بن عروة على هذا الوجه: تابعه الزهرى عند المروزى في "السنة"[رقم/ 313، 314]، من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقى، ثنا أيوب بن سويد حدثنى يونس بن يزيد عن الزهرى حدثنى عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير به. . .

قلتُ: والمحفوظ عن الزهرى: إنما هو عنه عن عروة عن عائشة به. . . كما أخرجه أحمد [6/ 347]، وابن راهويه [رقم/ 823]، والمروزى في "السنة"[رقم / 315].

ص: 655

* * * * *

= وهذا الحديث: قد أخذه ابن الزبير من عائشة، ولم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإلى هذا ذهب البخارى، كما حكاه عنه الترمذى في "علله"[ص/ 167]، وفى "سننه"[455/ 3]، وكذا الدارقطنى في "العلل"[4/ 226]، أيضًا.

وهذا هو الظاهر؛ فقد رواه ابن أبى مليكة عن ابن الزبير عن عائشة به. . . أخرجه مسلم [1450]، وأبو داود [2063]، والترمذى [1150]، والنسائى [3310]، وابن ماجه [1941] وأحمد [6/ 31]، وجماعة كثيرون.

وقد أعلَّ هذا الحديث بالاضطراب، أعله الطبرى بذلك في "تهذيب الآثار" كما نقله عنه ابن التركمانى في "الجوهر النقى" وكذا أعله المالكية وغيرهم كما حكاه عنهم ابن عبد البر في التمهيد [8/ 268]، وهى علة عليلة، كما شرحناه في "غرس الأشجار" والحديث ثابت مثل الجبل، وراجع:"فتح البارى"[147/ 9]، وله شاهد من حديث أم الفضل سيأتي [برقم/ 7072]، واللَّه المستعان.

ص: 656