المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الدّهر مكيّة وهى احدى وثلثون اية قال قتادة ومجاهد مدنية - التفسير المظهري - جـ ١٠

[المظهري، محمد ثناء الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌فهرست تفسير المظهرى من سورة الملك الى اخر القران

- ‌سورة ن

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة هود

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سوره كوّرت

- ‌سورة انفطرت

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الم نشرح

- ‌سورة والتين

- ‌سورة اقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة لم يكن

- ‌سوره إذا زلزلت

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة ارايت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النّصر

- ‌سوره تبّت

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌وعن

- ‌وعن

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثر

- ‌سورة القيمة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعت

- ‌سورة عبس

- ‌سورة كوّرت

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة التطفيف

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الانشراح

- ‌سورة التّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌سورة الزّلزال

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة اللهب

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

الفصل: ‌ ‌سورة الدّهر مكيّة وهى احدى وثلثون اية قال قتادة ومجاهد مدنية

‌سورة الدّهر

مكيّة وهى احدى وثلثون اية قال قتادة ومجاهد مدنية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هَلْ أَتى استفهام تقرير ومعناه قد اتى ومضى عَلَى الْإِنْسانِ المراد به الجنس او آدم عليه السلام حِينٌ قال البيضاوي اى طائفة محدودة من الزمان وفى القاموس الجنس وقت مبهم يصلح لجميع الا زمان طال او قصر وقيل يختص بأربعين سنة او ستين سنة او شهر او شهرين مِنَ الدَّهْرِ اى من الممتد الغير المحدود وفى القاموس الدهر الزمان الطويل او الف سنة قلت هو مدة عمر آدم عليه السلام وفى الصحاح الدهر فى الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده الى انقضائه وعلى ذلك قوله هل اتى على الإنسان حين من الدهر الاية ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة دهر فلان مدة حيوته لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً حال من الإنسان اى حال كونه لا يذكر ولا يعرف ولا يدرى ما اسمه ولا ما يراد او صفة لحين والعائد محذوف اى لم يكن فيه شيئا مذكورا وهذا الكلام يقتضى كونه شيئا والا لم يوصف بانه قد اتى عليه ويقتضى كونه غير مذكور بل منسيا فقال المفسرون وذلك ان أريد به آدم عليه السلام فذلك الحين حين صورة الله تعالى من الطين فكان ملقى بين مكة والطائف أربعين سنة قبل ان ينفخ فيه الروح وقال ابن عباس ثم خلقه الله تعالى بعد عشرين ومائة سنة وان أريد به الجنس فذلك الحين اربعة أشهر حين كان نطفة او علقة او مضغة الى نفخ الروح وستة أشهر اقل مدة الحمل وسنتين أكثرها وقيل اكثر مدة الحمل سبع سنين وعلى التقديرين لا يخلو الكلام عن التسامح لان ذلك الحين لم يأت على الإنسان بل على الطين المصور النطفة ونحوها والظاهر ان الكلام يقتضى كونه إنسانا لان عقد الوضع قبل عقد الحمل فالاولى ان يحتمل ذلك الكون على كونه فى مرتبة الأعيان الثابتة التي اهتدى إليها الصوفية ويدل على هذا التأويل تنكير حين فانه للتكثير روى عن ابن عمر انه سمع رجلا يقرأ هذه الاية لم يكن شيئا مذكورا فقال ليتها تمت يريد ليته بقي على ما كان غير مذكور ابدا وهذا القول اولى بالتأويل الأخير دون ما سبق وللصوفية هاهنا

ص: 147

تاويل اخر هل اتى على الإنسان اى على الصوفي حين من الدهر لم يكن لا شيئا مذكورا بعد ما كان مذكورا بالانسانية وغيرها من الصفات وذلك حين الاستهلاك والفناء الأتم بحيث لا يبقى فى علمه شيئا مذكورا قال المجدد رض نعم رب قد اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا لا عينا ولا اثرا ولا شهودا ولا وجودا ثم يصير بعد ذلك ان شئت حيا بحياتك وباقيا ببقائك ومتخلقا باخلاقك بل صار باقيا بك وبفضلك فى عين الفناء وما ينافيك فى عين البقاء قلت وقول المجدد رض ثم يصير بعد ذلك إلخ كانه تفسير لقوله تعالى فمن ابتدائية والدهر يعد من اسماء الله تعالى الحسنى كذا فى القاموس وفى الصحيحين عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى يوذينى ابن آدم يسب الدهر وانا الدهر بيدي الأمر اقلب الليل والنهار.

إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى ذريته ان كان المراد بالإنسان الاول آدم عليه السلام والا فالمراد فيهما الجنس مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ ق جمع شئيج او شيج من الشجب الشيء إذا خلطته وصف النطفة بالجمع لان المراد به مجموع منى الرجل والمرأة وكل منها مختلفة الاجزاء والأوصاف فى الرقة والقوام والخواص وقيل أمشاج مفرد بمعنى مختلطة يختلط فيه منى الرجل والمرأة فهو حينئذ على وزن أعشار يقال برمة أعشار بمعنى يحمله عشرة يقال يمان كل يومين اختلطا فهو أمشاج وقال قتادة معناه أطوار أي ذات أطوار فان النطفة تصير علقة ثم مضغة اى تمام الخلق نَبْتَلِيهِ حال من الإنسان ذكر الابتلاء وأراد به نقله من حال الى حال مجازا او حال مقدرة اى مقدرين ابتلائه فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ج لتمكن من استماع الدلائل ومشاهدة الآيات فهو كالمسبب للابتلاء ولذا عطف على ما قيد به.

إِنَّا هَدَيْناهُ اى بيناه اى الإنسان السَّبِيلَ الى الله والى مرضياته وجنته بنصب الدلائل وبعث الرسل وإنزال الكتب والمراد بالهداية هاهنا اراءة الطريق دون إيصال بخلاف قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً حالان من الهاء اى هديناه السبيل مقدرين منه أحد الامرين امر الشكر على الهداية وقبولها او الكفر والإنكار وقيل حال من السبيل يعنى هديناه السبيل حال كون السبيل سبيل الشكر او الكفر ان وصف السبيل بالشكر والكفر مجازا والترديد انما هو فى حالتى السبيل من الشكر والكفران دون الاراءة تعلقت يقسمى السبيل وحاليته معافلا يجوز يقال ان هذا التأويل غير مستحسن فان اراءة طريق الحق حقا وطريق الباطل باطلا مستلزم أحدهما

ص: 148

الاخر فلا يتصور هناك الترديد فالترديد يقتضى ان يكون معناه أريناه أحد الطريقين دون الاخر أريناه الحق او الباطل حقا فسلك تلك الطريق وحينئذ يلزم كون الإنسان مقدورا على سلوك طريق الباطل وقيل معنى الكلام الشرط والجزاء فاما مركبا ان الشرطية وما الزائدة فمعناه ان كان شاكرا او كفورا فقد هديناه السبيل ولم نترك عذرا وقال كفورا ولم يقل كافرا حتى طابقت قسميه لرعاية الفواصل ولان الشاكر فلما يخلو عن نوع من الكفران فقسمه هو المبالغ فى الكفران وجملة انا هديناه السبيل مستأنفة فكانه فى جواب من قال فما فعل بالإنسان وما فعل هو بعد ما خلق وجعل له السمع والبصر.

إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ فى جهنم سَلاسِلَ قرأ نافع والكسائي وابو بكر وهشام سلاسلا بالتنوين للمناسبة وصلا وقفوا بالألف عوضا منه وقرأ الباقون بغير تنوين وصلا وقف حمزه وقنبل وحفص بغير الف وكذا روى عن البزي وابن ذكوان وقف الباقون بالألف صلة للفتحة وَأَغْلالًا فى أيديهم نقل الى عنقهم وَسَعِيراً وقودا شديدا وهذه الجملة والتي بعدها مستانفين كانهما فى جواب ما نصيب الشاكرين وما نصيب الكافرين وقدم وعيد الكافرين مع تأخر ذكرهم لان إنذارهم انفع وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين احسن.

إِنَّ الْأَبْرارَ جمع بر بفتح الباء كارباب او بار كالشهادة يعنى المؤمنين الصادقين فى ايمانهم والمطيعين لربهم ومصدره البر كسر الباء بمعنى الصلة والخير والاتساع فى الإحسان والصدق والطاعة كذا فى القاموس وكل ذلك صفات المؤمنين يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ قال فى الصحاح الكأس الا نائما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كاسا يقال كأس خال ويقال شربت كأسا وكاسا طيبة وفى القاموس الكأس الإناء يشرب فيه او ما دام الشراب فيه ولا تخصيص فى الشراب بخمر او لبن او عسل او ماء وهاهنا يحتمل ان يكون الإناء او من للابتداء والمعنى يشربون مشروبا خمرا ولبنا وماء وعسلا من كاس اى من ظرفه ويحتمل ان يكون بمعنى المشروب اما حقيقة او مجازا تسمية الحال باسم المحل نحو جرى النهر ومن حينئذ اما زايدة او للتبعيض او للبيان ويحتمل ان يكون الإناء بما فيه ويكون من للابتداء كانَ مِزاجُها ما تمزج الضمير عايد الى كاس حقيقة ان كان بمعنى الشرب ومجازا على طريقة إذا نزل السماء بأرض قوم وعينا ان كان بمعنى الإناء يعنى كان مزاج ما فيها كافُوراً ج قال قتادة يمزج بهم بالكافور ويختم بالمسك وقال عكرمة مزاجها

ص: 149

طعمها كافورا اى ككافور فى طيب الطعم والريح كما فى قوله تعالى حتى إذا جعله نارا اى كنار وقال عطاء والكلبي الكافور اسم لعين الماء فى الجنة ونظيره قوله تعالى ومزاجه من تسنيم.

عَيْناً بدل من كافور ان جعل اسم ماء او بدل من محل من كاس على تقدير مضاف اى ماء عين او منصوب على الاختصاص او المدح او بفعل يفسره ما بعده يَشْرَبُ بِها الباء زائدة اى يشربها او صلة على تضمين يعنى ملتذا بها او ممزوجا بها او بمعنى من الابتداء عِبادُ اللَّهِ الذين عبدوا الله وحده مخلصين له الدين يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً اى يقودون تلك العين ويجرونها اجراء سهلا حيث شاؤا من منازلهم وقصورهم اخرج عبد الله بن احمد فى رواية الزهد عن ابن شوذب قال فهم قضيان من ذهب يفجرونها بها بتبع قضائهم.

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ جملة مستانفة فى جواب ما بالهم يثأبون كذلك او فى جواب الأبرار ما هم فهو تعريف للابرار بانهم يودون الواجبات ويخافون الله فيجتنبون المكروهات ويرحمون العباد ويفعلون الحسنات خالصا لله تعالى ابتغاء مرضاته هذا شأن الأبرار ويحصل ذلك المراتب بعد فناء النفس وزوال رزائله واما المقربون فشأنهم ارفع من ذلك او تعليل لما سبق يعنى ان الأبرار يشربون إلخ لانهم يوفون النذر فى الدنيا والنذر فى اللغة ان توجب على نفسك ما ليس بواجب كذا فى الصحاح وايفائهم ما يوجبوا على أنفسهم ما ليس بواجب عليه يدل بالطريق الاولى على ايفائهم ما فرض الله عليهم من الصلاة والزكوة والصوم والحج والعمرة والجهاد وغيرها فلعله هو المراد بما قال قتادة يوفون بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكوة والحج والعمرة وغيرها من الواجبات- (فصل) للايجاب ولما كان النذر عبارة عن إيجابه على نفس ما ليس بواجب ظهر انه لا بد لانعقاده من شرطين أحدهما ان يكون طاعة فان ما ليس بطاعة لا يصلح للايجاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما النذر ما ابتغى به وجه الله رواه احمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص والثاني ان لا يكون واجبا بايجاب الله تعالى وقال ابو حنيفة ولا بد ايضا ان يكون العبادة مقصودة بنفسها وان يكون من جنسها واجب بايجاب الله وعند الجمهور لا يشترط ذينك الشرطين والإجماع على وجوب الاعتكاف بالنذر يقتضى انتفاء هذين الشرطين فانه عبادة لاجل انتظار الصلاة لا بنفسه وليس منه عينه واجب ومن ثم قال الشافعي يجب بالنذر كل قربة لا تجب ابتداء كعيادة المريض

ص: 150

وتشييع الجنازة والسلام ويدل على التعميم حديث عائشة من نذر ان يطيع الله فليطعه ومن نذران يعصى الله فلا يعصه رواه البخاري وزاد الطحاوي وفى هذه الوجه وليكفر عنه عن يمينه قال ابن العطاء عند الشك فى رفع هذه الزيادة (مسئلة:) من نذر بطاعة وقيده بقيود للطاعة فيها يلغو تلك القيود وينعقد النذر بالطاعة كمن نذر بالصلوة فى مكان معين وبالصوم قايما ونحو ذلك فيجب الصلاة والصوم ويتادى بكل مكان وعلى كل حال اجماعا الا ان أبا يوسف والشافعي وغيرهما قالوا لو نذران يصلى فى المسجد الحرام لم يجزه فى غيره ولو نذر فى المسجد الأقصى او مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يجوز له الأداء فى المسجد الحرام ولم يجزه فيما هو اقل منه فضلا وقال ابو حنيفة رض فى جميع الصور يجوز الأداء فى كل مكان وفى حديث جابر ان رجلا قال يوم الفتح يا رسول الله صلى الله عليه وسلم انى نذرت ان افتح الله عليك مكة ان أصلي فى البيت المقدس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم صل هاهنا فاعادها على النبي صلى الله عليه وسلم مرتين او ثلثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم شانك إذا رواه ابو داود والدارمي فبهذا الحديث الغى ابو حنيفة تقييده بالمسجد الأقصى قال ابو يوسف والشافعي تقييده الصلاة بمسجد من هذا المساجد الثلاثة كثرة الثواب والمعنى الطاعة فلا يلغى عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوة فى مسجدى هذا خير من الف صلوة فيما سواه الا المسجد الحرام متفق عليه وعن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوة الرجل فى بيته بصلوة وصلوته فى مسجد القبائل بخمس وعشرين صلوة وصلوته فى المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلوة وصلوته فى المسجد الأقصى بألف صلوة وصلوته فى مسجدى بخمسين الف صلوة وصلوته فى المسجد الحرام مائة الف صلوة رواه ابن ماجه وقال انما ذلك على الصلاة المكتوبات لا على النوافل عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوة المرأ فى بيته أفضل من صلوته فى مسجدى هذا الا المكتوبة رواه ابو داود والترمذي وما يدل على الغاء قيود لا طاعة وفيها حديث ابن عباس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فى الشمس فسال عنه فقال ابو إسرائيل نذران يكون ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ولا يصوم فقال مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه رواه ابو داود وابن ماجة وابن حبان ورواه البخاري وليس فيه فى الشمس ورواه مالك فى المؤطأ مرسلا وفيه تأمره بإتمام ما كان لله طاعة وتترك ما كان معصية قال مالك ولم

يبلغنى انه امر بكفارة

ص: 151

وأخرجه الشافعي وفى آخره ولم يأمره بكفارة ورواه البيهقي من حديث محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس وفيه الأمر بالكفارة ومحمد بن كريب ضعيف (مسئلة:) من فاته ما وجب عليه بالنذر يجب قضاءه بمثله حقيقة او حكما فيقتضى الصلاة بالصلوة والصوم بالصوم والشيخ الفاني يطعم بكل صوم مسكينا ومن نذر الحج ماشيا فركب بعذر يهدى هديا وبه قال الجمهور وهو الصحيح من مذهب ابى حنيفة وفى رواية الأصل عن ابى حنيفة لا يجب عليه المشي فى الحج بالنذر فلا يجب عليه الهدى لحديث عقبة بن عامر الجهني قال نذرت أختي ان تمشى الى الكعبة حافية حاسرة فاتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال هذه قالوا نذرت ان تمشى الى الكعبة حافية حاسرة قال مروها فلتركب ولتخمر متفق عليه وحديث انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم راى شيخا يهادى بين ابنين له فسأل عنه فقال نذران يمشى فقال ان الله لغنى عن تعذيب هذا ويأمره بان يركب متفق عليه قلنا اما حديث عقبة بن عامر فقد رواه ابو داود بسند جيد نذرت أختي ان تمشى الى البيت فامر النبي صلى الله عليه وسلم ان تركب وتهدى هديا وروى داود من حديث زيد بن عباس بلفظ ان اخت عقبة بن عامر نذرت ان تحج ماشية وان لا تطيق ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله غنى عن مشى أختك فلتركب ولتهد بدنة وروى الطحاوي من حديث عقبة بن عامر نحوه بسند حسن فظهران ما فى الصحيحين فيه اختصار على ذكر بعض المروي وما ذكرنا من الروايات يقتضى تخصيص البدنة بالهدى وروى عبد الرزاق عن على بسند صحيح فيمن نذران يمشى الى البيت قال يمشى فان عيى ركبوا هدى جذورا واخرج نحوه عن ابن عمر وابن عباس وقتادة والحسن (مسئلة) ومن نذر بمعصية او بامر مباح لا يصلح للطاعة لا يجب ولا ينعقد النذر اجماعا فيلغو عند ابى حنيفة وعند الجمهور يتعقد يمينا للتحرز عن الغاء كلام العاقل وصيغته أكيد يصلح لكونه يمينا لفظا لاشتماله على ذكر اسم الله تعالى ومعنى لان فيه تحريم ضد المنذور فضدهم يجب ان يحنث ويكفر فى المعصية وفى المباح يخير بين ان يفعل او يكفر والحجة لهم أحاديث حديث عقبة بن عامر كفارة النذر كفارة اليمين رواه مسلم وحديث عمران بن حصين مرفوعا لا نذر فى معصية الله وكفارته اليمين رواه النسائي والحاكم والبيهقي ومداره على محمد بن زبير الحنظلي وهو ليس بالقوى وقال الحافظ بن الحجر له طرق اخر إسنادها صحيح الا انه معلول ورواه احمد واصحاب السنن

ص: 152

والبيهقي من رواية الزهري عن ابى سلمة عن ابى هريرة وهو منقطع لم يسمع ابو سلمة عن ابى هريرة ورواه اصحاب السنن عن عائشة وفيه سليمان بن أرقم متروك ورواه الدار قطنى عن عائشة مرفوعا من جعل عليه نذرا فى معصية الله فكفارته كفارة اليمين وفيه غالب بن عبد الله متروك وروى ابو داود من حديث كريب عن ابن عباس واسناده حسن قال النووي حديث لا نذر فى معصية الله فكفارته كفارة يمين ضعيف باتفاق المحدثين وقال الحافظ قد صححه الطحاوي وابو على ابن السكن وحديث ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا فى معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا اطاقته فليف به رواه ابو داود وابن ماجة وحديث ثابت بن الضحاك ان رجلا نذر ان ينحرا بلا فى موضع وفى رواية ببوانة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان فيه وثن من الأوثان الجاهلية تعبد قالوا لا قال هل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك رواه ابو داود وسنده صحيح وروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ونحوه روى ابن ماجة عن ابن عباس وهذا الحديث يدل على جواز وفاء النذر بما ليس بطاعة ولا معصية وكذا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان امرأة قالت يا رسول الله انى نذرت ان اضرب على راسك بالدف تعنى عند قدومك قال او فى بنذرك رواه ابو داود ولعل ذلك قبل تحريم الضرب بالدف والنذر المعلق عند

وجود الشرط حكمه حكم المنجز مطلقا عند ابى حنيفة فى ظاهر الرواية وعند ابى يوسف وهى رواية عن الشافعي وبه قال مالك غير انه قال فى صدقة جميع المال يلزمه التصدق بالثلث وفيما سوى ذلك فعنده يجب عليه الوفاء بما أوجب لا غير وروى عن ابى حنيفة انه رجع عن هذا القول وقال أجزأه عن المعلق كفارة يمين ويخرج عن العهدة بفعله وبه قال محمد واختار صاحب الهداية والمحققون عن علماء الحنفية ان المراد بالشرط الذي يجزء عنه الكفارة عند ابى حنيفة الشرط الذي لا يريد وجوده نحو ان دخلت الدار وكلمت فلانا او فعلت كذا فعلىّ حج او صوم سنة ويسمى هذا النذر نذر الحاج واما الشرط الذي يريد وجوده نحو ان شعبت او قدم غايبى او مات عدوى او ولدت امرأتى ابنا فعلىّ كذا قالوا وجب عليه الوفاء لا غير ويسمى هذا النذر نذر تبرد ولهذا التفصيل قال احمد وهى الأظهر من الروايات عن الشافعي

ص: 153

والرواية الثالث عن الشافعي ان الواجب فى النذر الحاج الكفارة لا غير وهى رواية عن احمد عن سعيد بن المسيب ان أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسال أحدهما صاحب القسمة فقال ان عدت بشانهما القسمة فكل مالى فى رباح الكعبة فقال له عمران الكعبة غنية عن مالك كفر عن يمينك وكلم أخاك فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يمين عليك ولا نذر فى معصية الرب ولا فى قطعة الرحم ولا فى فيما لا يملك رواه ابو داود- (مسئلة:) ومن نذر بعبادة لا يطيقها جاز له ان يكفر عنه وقال ابو حنيفة يستغفر الله ولا كفارة عليه لنا ما مر من حديث ابن عباس من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين وحديث فى قصة اخت عقبة قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا يصنع بشقاء أختك مشيا فلتركب ولتحج راكبة وتكفر يمينها رواه ابو داود وعن عبد الله بن مالك عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي ان أحج لله ماشية غير مختمرة فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال قل لاختك فلتخمر ولتركب ولتصم ثلثة رواه ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وروى الطحاوي نحوه ووجه الجمع ان النبي صلى الله عليه وسلم لعله امر بالكفارة بعد ما علم عجزها عن هذا والله تعالى اعلم وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ اى مكروهة وفى الصحاح الشر الذي يرغب عنه مُسْتَطِيراً منتشر غاية الانتشار من استطار الحريق والفجر قال مقاتل كان شره فاشيا فى السموات فانشقت وتناثر كواكبها وكورت الشمس والقمر وفزعت الملائكة وفى الأرض فنسفت الجبال وغارت المياه فكسر كل شىء على الأرض من جبال وبناء فيه اشعار الى حسن عقيدتهم واجتنابهم عن المعاصي كما ان فى يوفون بالنذر دلالة على إتيانهم الواجبات وقوله تعالى.

وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ الى آخره اشارة الى ترحمهم على عباد الله وإتيانهم الحسنات النافلات خالصا لله تعالى ابتغاء مرضاته عَلى حُبِّهِ اى على حب الله تعالى او على حبهم الإطعام وحاجتهم اليه مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً اخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ياسر اهل الإسلام ولكنها نزلت فى اهل الشرك كانوا يأسرونهم فى الله فنزلت فيهم فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالإحسان إليهم كذا قال قتادة وقال مجاهد وسعيد بن جبير هو المسبحون من اهل القبلة والاول اظهر وقيل الأسير المملوك وقيل المرأة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله سبحانه فى الضعيفين المملوك والمرأة رواه ابن عساكر عن ابى عمرو عن أم سلمة اتقوا الله فى الصلاة وما ملكت

ص: 154

رواه الخطيب وروى البخاري فى الأدب عن على مرفوعا اتقوا الله فى ما ملكت ايمانكم وروى البغوي اتقوا الله فى النساء فانهن عندكم عوان قال البغوي اختلفوا فى سبب نزول هذه الاية قال مقاتل نزلت فى رجل من الأنصار اطعم فى يوم واحد مسكينا ويتيما وأسيرا وروى مجاهد وعطاء عن ابن عباس انها نزلت فى على بن ابى طالب وذلك انه عمل لليهودى بشئ من شعير فقبض الشعير فطحن منه ثلثه، فاصلحوا منه شيئا لياكلوه فلما تم إنضاجه اتى مسكين فساله فاخرجوا اليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما ثم إنضاجه اتى يتيم فسال فاطعموه ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه اتى أسير من المشركين فسال فاطعموه وطووا ليومهم ذلك وروى الثعلبي عن ابن عباس ان الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر على وفاطمة وقضة جاريته لهما ان يصوموا ثلثة ايام ان برأ فشفيا وما معهم طعام فاستقرض علىّ من سمعون الخيبري ثلث أصوع من الشعير فطحنت فاطمة رضى الله عنها صاعا وأخبزت خمسة أقراص فوضعوا بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم مسكين فاثروه وباتوا ولم يذوقوا الا الماء وأصبحوا صياما فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم فوقف عليهم فى الثالثة أسير فافعلوا مثل ذلك فنزل جبرئيل بهذه السورة وقال خذها يا محمد هناك الله فى اهل بيتك قال الحكيم الترمذي هذا حديث مفصل لا يروح الا على أحمق وجاهل وأورده ابن الجوزي فى الموضوعات وقال هذا لا يشك فى وضعه قال السيوطي لان السورة مكية ودخول على على فاطمة بعد الهجرة بسنتين قلت وهذا الاعتراض ملحق بما قال مقاتل وما قال مجاهد وعطاء ايضا فان نزول الاية فى رجل من الأنصار يقتضى كون الاية مدنية وكذا عمل على لليهودى بشئ من الشعير ايضا لا يتصور الا فى المدينة لان اليهود لم يكونوا بمكة بل نفس الاية يقتضى كونها مدنية لان الأسارى لم تكن الا بالمدينة لم يكن بمكة جهاد اولا اسرا فالظاهر ان بعض هذه الصورة مدنية وان كانت بعضها مكية وعلى كون كلها مكية ففى الاية اخبار بالغيب عن حال المسلمين بعد الهجرة.

إِنَّما نُطْعِمُكُمْ حال من يطعمون بتقدير القول اى قائلين نطعم لهم هذا القول اما تحقيقا او تقدير القول بلسان الحال قال المجاهد وسعيد بن جبير انهم لم يتكلموا به ولكن علم الله ذلك من قلوبهم فاثنى عليهم لِوَجْهِ اللَّهِ لفظ الوجه مقحم اى لله وطلب مرضاته ثوابه لا نُرِيدُ مِنْكُمْ

ص: 155

جَزاءً

عوضا بدنيا ولا ماليا وَلا شُكُوراً مصدر كالدخول والجروح والقبول روى عن عائشة انها كانت تبعث بالصدقة الى اهل بيت ثم تسال المبعوث ما قالوا فان ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى صواب الصدقة لها خالصا عند الله.

إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا تعليل للاطعام بعد تعليل كانه معطوف على لوجه الله بحذف العاطفة وحذف حرف الجر يعنى نطعمكم طمعا وخوفا من الله المطلوب مرضاته وثوابه للخوف من غضبه وعذابه عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الصدقة لتطفى غضب الرب ويدفع منه السوء رواه الترمذي يَوْماً ظرف لمقدر اى نخاف من عذاب ربنا عَبُوساً العبوس الذي يجمع ما بين عينيه حزنا وصف اليوم به مجازا على طريقة نهارك صايم قَمْطَرِيراً شديد العبوس كذا قال الكلبي وقال اخفش قمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله فى بلاء وفى القاموس القمطرير الشديد واقمطر اشتد نفسه ترقى من الأدنى الى الأعلى.

فَوَقاهُمُ اللَّهُ ذكر المستقبل بلفظ الماضي اشعار القطع وقوعه الفاء للسببية اى لاجل خوفهم واجتنابا بموجب العذاب فى ذلك اليوم وقاهم الله شَرَّ اى مكاره ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ أعطاهم بدل العبوسة نَضْرَةً حسنا فى الوجه وَسُرُوراً فى القلب.

وَجَزاهُمْ الله حيث لم يطلب الجزاء عن غيره بِما صَبَرُوا على طاعات الله عن معاصية وعلى الجوع عند اطعام المسكين وعلى القتل فى الجهاد وعلى المعصية عند الصدقة جَنَّةً دخلوها وَحَرِيراً ألبسوه.

مُتَّكِئِينَ حال من الضمير المنصوب فى جزاء او من المرفوع فى ادخلوا المقدر فِيها فى الجنة عَلَى الْأَرائِكِ ج اى السرر فى الحجال اخرج البيهقي عن ابن عباس قال لا يكون الأرائك حتى يكون السرير فى الحجلة فان كان سرير بغير حجلة لا يكون أرائكه وان كان حجلته بغير سرير لا يكون أرائكه فاذا اجتمعا كان أرائكه لا يَرَوْنَ حال من فاعل متكئين او من ذى حاله فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً قال فى القاموس الزمهرير شدة البرد القمر وازمهرت الكواكب اى لمعت فالمراد بالزمهرير اما شدة البرد وبالشمس لازمه اى الحر فالمعنى لا حر فيها ولا برد ليدوم فيها هواء معتدل اخرج ابن المبارك وعبد الله بن احمد فى زوايدة وابن مسعود قال الجنة سجيح لاحر فيها ولا قرا والمراد بالزمهرير القمر اولا مع من الكواكب

ص: 156

فالمعنى ان الجنة مضية بنفسها ومشرقة بنور ربها لا يحتاج الى شمس ولا الى قمر اخرج البيهقي عن شعيب بن الجيحان قال خرجت انا وابو عالية الرباحي قبل طلوع الشمس فقال ينسب ان الجنة هكذا ثم تلا وظلّ مّمدود وقلت ليس معنى قول ابى العالية الجنة هكذا تشبيه بنور الصبح فانه نور ضعيف مختلط بالظلمة كما لا يخفى بل تشبيه فى انبساط نوره بل انقطاع.

وَدانِيَةً اى قريبة عطف على متكئين او على محل لا يرون ويرون دانية او على جنة بتقدير الموصوف اى وجنة اخرى دانية عليهم ظلالها فيكون نظير القوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان لكن لهذا التأويل ضعف لاقتضائه ان لا يكون الجنة الاولى دانيه الظلال إذا القسمة تنافى الشركة عَلَيْهِمْ اى منهم ظِلالُها فاعل دانية وَذُلِّلَتْ حال من ظلالها بتقدير قد او عطف على دانية على طريقة فالق الإصباح وجعل الليل سكنا او حال من ذى حال دانية والعائد محذوف اى ذللت لهم قُطُوفُها اى ثمارا تَذْلِيلًا اى جعلت سهل التناول لا يمتنع على قطوفها كيف شاؤا اخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن البراء بن عازب ان اهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما وقعودا ومضطجعين على اى حال شاؤا.

وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ اى أباريق بلا عرى كذا اخرج هناد عن مجاهد كانَتْ اى الكواكب الجملة صفة بها قَوارِيرَا حال من فاعل كانت على تقدير كونها تامة اى تكونت أكواب حال كونها قوارير اى مثل قوارير وخبرها على تقدير كونها ناقصة اى تكون مثلها فى الصفاء اخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس قال آنية من فضة صفائها كصفاء القوارير واخرج سعيد بن مسعود بن عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم يرى الماء من ورائها لكن من أواني الجنة بياض الفضة فى صفاء القوارير.

قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ بدل من الاول اخرج ابن ابى حاتم عن ابن عباس قال ليس فى الجنة شىء الا قد أعطيتم فى الدنيا شبه القوارير من فضة قال الكلبي ان الله جعل قوارير كل قوم من تراب ارضهم وان ارض الجنة من فضة فجعل منها قوارير يشربون فيها قرأ ابن كثير قوارير الاول بالتنوين لتناسب رؤس الاى والثاني بلا تنوين بعدم الانصراف وقرأ نافع والكسائي وابو بكر كلاهما بالألف تبعا للخط لا حمرة

ص: 157

فيغير الالف ومن نون الثاني ايضا بالألف عوضا من التنوين ومن لم ينون وقف بغير الف على القياس الا هشام فبالالف صلة للفتحة على الرواية قَدَّرُوها تَقْدِيراً صفة ثانية لاكواب او حال بتقدير قد والمعنى قدرها لهم السقاة والخدم الذين يطوفون عليهم على قدر ريهم لا يزيد ولا ينقص كذا اخرج الفريابي فى نفسه عن ابن عباس قال الشيخ الاجل يعقوب الكرخي رضى الله عنه لعل هذا اشارة الى ان مقادير الأكواب يكون على حسب مقادير استعدادات الأرواح فى المعارف الالهية واخرج هناه عن مجاهد تقديرها انها ليست بالملأى التي تفيضه ولا ناقصة بقدر او المعنى قدرها اهل الجنة فى أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها لما تمنوه او قدروه بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها.

وَيُسْقَوْنَ فِيها معطوف على يطاف عليهم كَأْساً المراد بالكأس هاهنا المشروب اما حقيقة او على طريق جرى النهر كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا صفة لكاس كانت العرب يستلذون الشراب الممزوج بالزنجبيل قواعد الله بذلك قال ابن عباس ما ذكر الله فى القران بما فى الجنة وسماه ليس له فى الدنيا مثل وقيل عين فى الجنة يوجد منها طعم الزنجبيل وقال قتادة يشربها المقربون صرفا ويمزج لسائر اهل الجنة قلت ذكر الله تعالى فى الجنة كاسا كان مزاجها كافورا وكاسا كان مزاجها زنجبيلا ذلك على اختلاف رغبة الشاربين فان محرور الطبيعة يعجبه التبريد فيرغب الى كاس كان مزاجها كافورا والمبرود يعجبه التسخين فيرغب الى كاس كان مزاجها زنجبيلا ولكل يرغب فيه.

عَيْناً بدل من زنجبيلا ان كان الزنجبيل اسما لعين والا فهو بدل من كاس على حذف المضاف اى كاس عين فِيها تُسَمَّى تلك العين سَلْسَبِيلًا اخرج سعيد ابن منصور وهناد والبيهقي عن مجاهد قال هى حديدة الحربة انتهى ويقر شراب سهل الانحدار فى الخلق والمساغ سلسل سلسالا وسلسبيلا فقيل الباء فيه زائدة وقال الزجاج سميت بذلك لانها منقادة لهم يصرفونها حيث شاؤا وقال مقاتل وابو العالية سميت به لانها تسيل عليهم فى الطريق....... وفى منازلهم ينبع من اصل العرش من جنة عدن الى اهل الجنان وشراب الجنة على برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك.

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ عطف على الجملة السابقة- وِلْدانٌ ينشئهم الله لخدمة المؤمنين او ولدان الكفرة يجعلهم الله خدما لاهل الجنة مُخَلَّدُونَ اى لا يموتون ولا يهرمون إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً لا يموتون ولا يهرمون

ص: 158

إذا رأيتهم لانتثارهم فى الخدمة ولو كانوا صفا شبهوا بالمنظوم والجملة الشرطية صفة ثانية للولدان اخرج ابن المبارك وهناد والبيهقي عن ابن عمر قال ان ادنى اهل الجنة من يسعى عليه الف خادم على عمل ليس معه صاحبه وتلى هذه الاية واخرج ابن ابى الدنيا عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أسفل اهل الجنة أجمعين درجة من يقوم على راسه عشرة آلاف خادم واخرج ابن ابى الدنيا عن ابى هريرة ان ادنى اهل الجنة منزلا من يغدوا ويروح عليه خمسة آلاف خادم ليس منهم خادم الا ومعا ظرف ليس مع صاحبه والله تعالى اعلم اخرج ابن المنذر عن عكرمة قال دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو راقد على حصير من جريد فاثر فى جنبه فبكى عمر فقال ما يبكيك قال ذكرت كسرى وملكه وهرمز وملكه وصاحب الحبشة وملكه وأنت رسول الله على حصير من جريد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ترضى ان لهم الدنيا ولنا الاخرة فأنزل الله تعالى.

وَإِذا رَأَيْتَ حذف مفعوله ونزل منزلة اللازم- ثَمَّ ظرف لرايت اى فى الجنة رَأَيْتَ نَعِيماً كثيرا وَمُلْكاً كَبِيراً الجملة الشرطية معترضة فى الجنة وقد مر فيما سبق عن ابن عمر مرفوعا ادنى اهل الجنة منزلة لمن ينظر الى جناته وأزواجه وخدمه وسرره مسيرة الف سنة وفى رواية مسيرة الفى عام يرى أقصاه كما يرى أدناه وقيل «لك لا يزول ويسلم عليهم الملائكة ويستاذنهم فى الدخول ولهم فيها ما يشاؤن ويرون الرب الجليل.

عالِيَهُمْ قرأ نافع وحمزة بإسكان الياء على انه مبتداء وما بعده خبره من جملته حال من ضمير عليهم فى يطوف عليهم او من المنصوب فى حسبتهم او من ملكا كبيرا بحذف المضاف اى اهل ملك كبير والباقون بالنصب على انه ظرف مستقر بمعنى فوقهم خبر لما بعده او حال مما ذكرنا وما بعده فاعل الظرف ثِيابُ سُندُسٍ بالاضافة مبتداء او خبر او فاعل لما قبله والسندس معرب ضرب من رقيق الديباج كذا فى القاموس خُضْرٌ اخضر قرأ نافع وحفص وابو عمرو ابن عامر بالرفع على انه صفة ثياب والباقون بالجر على انه صفة سندس وَإِسْتَبْرَقٌ زاى الديباج الغلظ معرب استبره او ديباج يعمل بالذهب او ثياب حرير صفاق نحو الديباج كذا فى القاموس قرأ نافع وابن كثير وعاصم بالرفع عطفا على ثياب والباقون بالجر عطفا على سندس عن ابن عمر قال قال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن ثياب اهل الجنة اخلق يخلق أم نسج ينسج فقال بلى ينشق عنها

ص: 159

ثمر الجنة رواه النسائي والبزار والبيهقي بسند جيد وعن جابر قال فى الجنة شجرة ينبت السندس يكون ثياب اهل الجنة رواه البزار والطبراني وابو يعلى بسند صحيح وعن عمر بن الخطاب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الاخرة متفق عليه وروى النسائي والحاكم وعن ابى هريرة نحوه وزاد ومن شرب الخمر فى الدنيا لم يشربه فى الاخرة ومن شرب من آنية الذهب والفضة فى الدنيا لم يشرب بهما فى الاخرة وفى الصحيحين عن انس والزبير نحو حديث عمر وعن ابى سعيد الخدري ايضا نحو حديث عمر وزاد وان دخل الجنة لم يلبسه رواه الطيالسي بسند صحيح والنسائي وابن حبان والحاكم وَحُلُّوا عطف على ويطوف عليهم او حال من الضمير فى عاليهم بإضمار قد أَساوِرَ منصوب بنزع الخافض مِنْ فِضَّةٍ ج من بيانية وهذا لا يخالف قوله تعالى أساور من ذهب لا مكان الجمع والعاقبة والتبعيض وعلى تقدير كون الجملة حالا من ضمير للخدم فيجوز ان يكون أساور من فضة للخدم ومن ذهب وسوار من فضة وسوار من لؤلؤ واخرج ابو الشيخ فى العظمة عن كعب الأحبار قال ان لله تعالى ملكا يصوغ على اهل الجنة من أول خلقه الى ان تقوم الساعة ولو ان حليا يخرج من حلى اهل الجنة لذهب بضوء الشمس وفى الصحيحين عن ابى هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يبلغ الحلي من المؤمن حيث يبلغ الضوء واخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر قوله صلى الله عليه واله وسلم ان كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها فى الدنيا وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ معطوف على الجمل السابقة شَراباً طَهُوراً من الاقذار لم تمسه الأيدي كخمر الدنيا قال ابو قلابة وابراهيم انه لا يصير لولا نجسا ولكن يصير رشحا فى أبدانهم كريح المسك وذلك انهم يوتون بالطعام وإذا كان اخر ذلك أتوا بالشراب الطهور فيشربون فيطهر بذلك بطونهم ويصير ما أكلوا رشحا يخرج من جلودهم أطيب من المسك الأذفر تعود شهوتهم وقال مقاتل هو عين ماء على باب الجنة من شرب منها نزع الله ما كان فى قلبه من غل او حسد قال البيضاوي ولنعم ما قال هو ان الله سبحانه يريد نوعا اخر من الشراب يفوق على النوعين المتقدمين ولذلك أسند الى نفسه ووصفه بالطهورية فانه يطهر شاربه عن الميل الى الذات الحسنة والركون الى ما سوى الحق فتجرد لمعاينة جماله ملتذا بلقائه وهى منتهى درجة الصديقين ذلك ختم به ثواب الأبرار وتختم ثوابهم ومبدأ ثواب الصادقين وادنى درجتهم قال فى المدارك قيل ان الملائكة تعرضون

ص: 160

عليهم الشراب فيأبون قبوله منهم ويقولون لقد طال أخذنا من الوسائط فاذا هم بكأسات تلاقى أفواههم بغير اكف من غيب الى عبد ويؤيد هذا القول ما اخرج ابن ابى الدنيا بسند جيد عن ابى امامة قال ان الرجل من اهل الجنة يشتهى الشراب من شراب الجنة فيقع فى يده فيشرب ثم يعود الى مكانه قال الشيخ الاجل يعقوب الكرخي رض ان السابقين المقربين يعطون الكاسات من تحت العرش بلا واسطة والمقتصدين يعنى الأبرار يعطيهم الملائكة وغيرهم من اهل الجنة يعنى الذين دخلوها بعد المغفرة او العذاب يعطيهم الولدان انتهى قلت

وهذه الآيات اخبار عن شان الأبرار فلعلهم يعطون الكاسات تارة بتوسط الولدان وتارة بتوسط الملائكة وتارة بلا توسط واما المقربون فلعلهم يعطون بلا توسط غالبا.

إِنَّ هذا النعيم كانَ لَكُمْ جَزاءً لاعمالكم وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ع محمودا مقبولا مرضيا عندنا مجازا فقال فهذا قول لهم من الله تعالى كأنهم شكر لهم من الله تعالى حيث لم يريدوا مشكورا من غيره تعالى من المسكين واليتيم قلت جعل الله سبحانه نعيم الجنة جزاء لاعمالهم تفضلا لهم والا فأى عمل يتصور ان يكون جزاءه كذلك.

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ج قال ابن عباس يعنى متفرقا اية بعد اية ولم ينزل جملة واحدة وتأكيد الجملة بتقديم المسند اليه على الجزاء الفعلى وتصديرها بان وتكرير الضمير لاشعار بأن الحكمة والصواب منحصر فى هذا النوع من التنزيل كانه كرر الاسناد الى نفسه وجعله مختصا به والحكيم لا يفعل الا ما هو حكمته.

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ الفاء للسببية يعنى إذا عرفت حال الأبرار والفجار وتأخير جزاء الفريقين اى دار القرار فاصبر على أذى الكفار ولا تعجل فى عقوبتهم ولا تحزن بتأخير نصرك عليهم وإذا علمت ان تنزيل القران مختص به تعالى فاصبر نفسك على ما امر به وعما نهى عنه وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من الكفار للضجر من تأخير الظفر آثِماً اى مرتكبا لاثم داعيا لك اليه وان لم يكن ذلك كفرا- أَوْ كَفُوراً ج مرتكبا للكفر داعيا لك الى الكفر فاو لاحد الامرين منكر وقعت فى حيز النفي فافادت العموم اى لا تطع أحدا دعاك الى اثم او دعاك الى كفر او إليهما جميعا فانه داع الى كل واحد منهما ولو وقعت هناك الواو لكان المعنى لا تطع من دعاك الى الكفر والإثم جميعا ولا يستفاد منه عدم إطاعة الداعي الى الإثم فقط ومقتضى هذه الاية انه لا بأس فى إطاعة كافر فيما ليس بإثم ولا كفر

ص: 161

وقيل او هاهنا بمعنى الواو والمراد بالإثم والكفور ابو جهل لعنه الله تعالى وذلك انه لما فرضت الصلاة نهى ابو جهل النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال لان رايت محمدا يصلى لاطان عنقه فانزل الله هذه الاية كذا روى عبد الرزاق وابن المنذر وابن جرير عن قتادة وقال مقاتل أراد بالإثم عتبة بن ربيعة وبالكفور وليد بن المغيرة قالا للنبى صلى الله عليه وسلم ان صنعت ما صنعت لاجل النساء والمال فارجع عن هذه الأمر وقال عتبة فانا أزوجك ابنتي وأسوقها إليك بغير مهر وقال الوليد انا أعطيك من المال ما ترضى فارجع من هذه الأمر فانزل الله تعالى هذه الاية.

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ اى صل شبه عن الصلاة بذكر اسم الله تعالى تسمية الشيء باسم جزئه فان التحريمة ركن من اركان الصلاة او يقال افعال الصلاة وأقوالها كلها ذكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذه الصلاة ليس فيها شىء من كلام الناس انما هى التسبيح والتكبير وقراءة القران رواه المسلم من حديث معاوية بن حكم بُكْرَةً اى أول النهار عنى به صلوة الفجر منصوب على الظرفية وكذا وَأَصِيلًا اى اخر النهار عنى به صلوة الظهر والعصر.

وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ عبر هاهنا عن الصلاة بالسجود وأراد به صلوة المغرب والعشاء ولما كان فى صلوة الليل زيادة كلفته أكده بتقديم الظرف وزيادة الفاء فى فاسجد على تقدير اما اى واما من الليل فاسجد وَسَبِّحْهُ لَيْلًا عبر هاهنا عن الصلاة بالتسبيح والمراد به قيام الليل طَوِيلًا صفة لمصدر محذوف اى تسبيحا طويلا نصف الليل او اقل او اكثر منه.

إِنَّ هؤُلاءِ يعنى الكفار مكة يُحِبُّونَ الدار الْعاجِلَةَ فى الدنيا وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ اى قدامهم او خلف ظهورهم يَوْماً ثَقِيلًا شديدا مستعار من الشغل البالغ فى المشقة على الحال وجملة ان هؤلاء تعليل لقوله تعالى لاتطع منهم اثما او كفورا يعنى انهم آثمون لا يعملون ما يعملون فى الدنيا ولا يصأون بالاخرة فلا تطعهم.

نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ ج أحكمنا اسرهم خلقهم وارحالهم وربط مفاصلهم وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ فى الخلق وشدة الاسر تَبْدِيلًا مصدر للتاكيد وجملة الشرطية معطوفة على شددنا وجملة نحن خلقناهم مع ما عطف عليه لبيان تشنيع الكفار على كفرهم فى مقابلة النعم وذكر نعمة إيجادهم وتمكينهم لانها اصل النعمة كلها وفى جملة إذا شئنا تسلية للنبى صلى الله عليه واله وسلم فى احتمال الاذية منهم ووعد لهم باهلاكهم وتبديلهم بقوم

ص: 162

مطيع فى الخلق وقد اهلكهم يوم بدر وقيل إذا هاهنا بمعنى ان يعنى ان يشاء الله لكن لم يشاء.

إِنَّ هذِهِ السورة او الآيات تَذْكِرَةٌ ج وموعظة وتذكرة توضح السبيل الى الله سبحانه والى مرضاته فَمَنْ شاءَ التقرب الى الله وسلوك السبيل اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا بالطاعة ودوام الذكر والإخلاص وتقليد النبي صلى الله عليه واله وسلم.

وَما تَشاؤُنَ قرأ نافع والكوفيون بالتاء على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ لا توجد مشيتكم ايها الناس او مشية الكفار باتخاذ السبيل الى الله وبشئ من الأشياء فى وقت من الأوقات الا وقت مشية الله تلك المشية عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك رواه مسلم فلما وجد مشية الله بهداية المؤمنين شاء اتخذ السبيل الى الله ولما لم توجد مشية الله بهداية الكفار لم يشأ ذلك إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بما يستاهل كل أحد فيفعل به ما هو اهل له وذلك يستدعى سبق استعدادهم الخير والشر وانما هو يكون المبادي تعينات المؤمنين ماشية من اسم الله الهادي ومبادى تعينات الكفار من اسم المضل حَكِيماً لا يشاء الا ما تقضيه الحكمة.

يُدْخِلُ الله سبحانه مَنْ يَشاءُ من عباده ورحمته فِي رَحْمَتِهِ ط اى فى جنته فانها محل الرحمة يقذف الايمان والتصديق فى قلبه ومحبة الله فى سره وتوفيقه للطاعة وحفظه وتنفيره عن الكفر والمعصية وَالظَّالِمِينَ منصوب بفعل محذوف تفسيره بعده ويعذب الظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ع جملة والظالمين معطوف على يدخل والجملتين يقرر ان مضمون ما يشاؤن الا ان يشاء الله- والله تعالى اعلم- تمت سورة الدهر.

ص: 163