الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الكوثر
مكيّة وهى ثلث آيات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ روى مسلم عن انس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى اغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما اضحكك يا رسول الله قال أنزلت على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم انا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الأبتر قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله اعلم قال فانه نهر وعدنيه ربى عليه خير كثير هو حوض يرد عليه أمتي يوم القيامة انيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فاقول رب انه أمتي فيقول ما تدرى ما أحدث بعدك واخرج الطيراني بسند ضعيف عن ابى أيوب قال لما مات ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى المشركون بعضهم الى بعض فقالوا ان هذا الصابي قد بتر الليلة فانزل الله تعالى انا أعطيناك الكوثر وكذا اخرج ابن المنذر عن ابن جريج واخرج ابن جرير عن شهر بن عطية قال كان عقبة بن ابى معيط يقول لا يبقى لمحمد ولد وهو ابتر فانزل الله فيه ان شانئك هو الأبتر واخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير فى قوله فصل لربك وانحر قال أنزلت يوم الحديبية أتاه جبرئيل فقال انحر وارجع فقام فخطب خطبة القصر والنحر ثم ركع ركعتين ثم انصرف الى البدن فنحرها وفيه غرابة شديدة واخرج البزار وغيره بسند صحيح عن ابن عباس قال قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش أنت سيد اهل المدينة الا ترى الى هذا المتصبر المنتبز من قومه يزعم انه جرمنا ونحن اهل الحجيح واهل السقاية واهل السدانة قال أنتم خير منه فنزلت ان شانئك هو الأبتر واخرج ابن ابى شيبة فى المصنف وابن المنذر عن عكرمة قال لما اوحى الى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش بتر محمد منا فنزلت ان شانئك هو الأبتر واخرج ابن ابى حاتم عن السدى قال كانت قريش تقول إذا مات ذكورا الرجل بتر فلان فلما مات ولد النبي صلى الله عليه وسلم قال العاص بن وائل بتر محمد فنزلت واخرج البيهقي فى الدلائل مثله عن محمد ابن على بن الحسين وسمى الولد القاسم واخرج البيهقي فى الدلائل عن مجاهد قال فنزلت فى العاص ابن وائل قال انا شاتى محمد وذكر البغوي ان العاص بن وائل السهمي راى النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بنى سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش جلوس فى المسجد
فلما دخل العاص قالوا من الذي تحدث معه قال ذلك الأبتر يعنى النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد توفى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة وذكر محمد بن اسحق عن يزيد بن رومان قال كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوه فانه رجل ابتر لا عقب له فاذا هلك انقطع ذكره فانزل الله هذه السورة قلت والصحيح عندى ان نزول انا أعطيناك الكوثر لم يكن عند وفات ابن النبي صلى الله عليه وسلم فان القاسم مات بمكة قبل الهجرة وفى رواية قبل البعثة وما روى عن محمد بن على فهو من رواية جابر الجعفي وهو كذاب وابراهيم مات سنة عشر جزم به الواقدي وقال يوم الثلثاء بعشر خلون من ربيع الاول كذا فى سبيل الرشاد والصحيح فى نزول هذه السورة رواية مسلم عن انس ورواية البزار عن ابن عباس حين قدم كعب بن الأشرف مكة والله اعلم قوله تعالى
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال اهل اللغة الكوثر فوعل من الكثرة كنوفل من النفل والعرب تسمى كل شىء كثير فى العدد او كثير فى القدر والخطر كوثر ومن هاهنا ما روى البخاري ومن طريق ابى بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه قال ابو بشر قلت لسعيد بن جبير ان ناسا يزعمون انه نهر فى الجنة قال سعيد النهر الذي فى الجنة من الخير الذي أعطاه إياه فعلى هذا احمل ابن عباس اللام فى الكوثر للجنس وزعم ان الحوض فرد من افراده وكذا من قال هو النبوة والقران والاولى حمل اللام على العهد تفسيره بما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا حديث مسلم عن انس وفى الصحيحين عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فاذا انا ينهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت يدى الى ما يجرى فيه الماء فاذا مسك ازفر قلت ما هذا يا جبرئيل قال هذا الكوثر الذي اعطاك الله وعند احمد والترمذي عنه مرفوعا قال هو أشد بياضا من اللبن واحلى من العسل وفيه طيور أعناقها كاعناق الجزر قال عمر يا رسول الله انها لناعمة قال أكلها أنعم منها يا عمر واخرج الطبراني عن اسامة بن زيد ان امرأة حمزة بن عبد المطلب قالت يا رسول الله انك أعطيت نهرا فى الجنة تدعى الكوثر قال أجل وارضه ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ هو ما بين ايله وصنعاء فيه أباريق مثل عدد النجوم واخرج الطبراني عن حذيفة فى قوله تعالى انا أعطيناك الكوثر قال نهر فى الجنة أجوف فيه آنية من الذهب والفضة لا يعلمها الا الله تعالى واخرج احمد والترمذي وصححه وابن ماجة عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكوثر نهر فى الجنة حافتاه من ذهب والماء
يجرى على اللؤلؤ الحديث واخرج البخاري عن عائشة انها سالت عن قوله تعالى انا أعطيناك الكوثر قالت نهر أعطاه الله تعالى نبيكم صلى الله عليه وسلم ذكر الحوض فى رواية بضع وخمسين صحابيا الخلفاء الاربعة وابن مسعود وابن عباس والحسن بن على وحمزة بن عبد المطلب وعائشة وأم سلمة وابو هريرة وابى بن كعب وعبد الرحمن بن عوف وجابر بن عبد الله وغيرهم وسرد السيوطي فى البدور السافرة الأحاديث الواردة فيه نحوا من سبعين.
فَصَلِّ الفاء للسببية يعنى فصل شكر الله تعالى على ما اعطاك فان الصلاة جامعة لاقسام الشكر باللسان والقلب والجوارح وقيل معناه دم على الصلاة لِرَبِّكَ خالصا بوجهه خلافا لمن يصلون وينحرون بغير الله وخلافا لمن يراؤن فيها وَانْحَرْ ط البدن التي هى خيار اموال العرب وتصدق على اليتامى والمساكين خلافا لمن يدعون اليتامى والمساكين ويمنعون الماعون فهذه السورة كالمقابلة لسورة المقدمة قال عكرمة وعطاء وقتادة فصل لربك صلوة العيد يوم النحر ونحر نسكك فعلى هذا يثبت به وجوب صلوة العيد والاضحية وقال سعيد بن جبير فصل الصلاة المفروضة بجمع وانحر البدن بمنى وروى عن ابن الجوزاء عن ابن عباس قال فصل لربك وانحر وضع اليمين على الشمال فى الصلاة عند النحر.
إِنَّ شانِئَكَ عدوك مبغضك هُوَ الْأَبْتَرُ ع اى لا عقب له بمعنى انه لا يعقبه ذكر حسن ويعقبه اللعنة من الله والملائكة والناس أجمعين فلا يرد ما قيل ان العاص بن وائل كان له عقب وهو عمرو وهشام فكيف يثبت له البتر وانقطاع الولد وان عمرو وهشام أسلما فقد انقطعت بينه وبينهما حتى لا يرثانه فهم من أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهاتهم وذكر خبر ان معرفا باللام وإيراد ضمير الفصل للدلالة على الحصر يعنى لست بأبتر فانه يبقى ذكرك مع ذكر الله تعالى ابدا ويدوم حسن صيتك واثار فضلك الى يوم القيامة والاخرة خير لك من الاولى ويبقى ذكر المؤمنين من أمتك على السنة الملائكة والمؤمنين فى قولهم اللهم اغفر للمومنين والمؤمنات والله تعالى اعلم.