المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة التطفيف مكيّة وهى ستّ وثلثون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ - التفسير المظهري - جـ ١٠

[المظهري، محمد ثناء الله]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌فهرست تفسير المظهرى من سورة الملك الى اخر القران

- ‌سورة ن

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة هود

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سوره كوّرت

- ‌سورة انفطرت

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الم نشرح

- ‌سورة والتين

- ‌سورة اقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة لم يكن

- ‌سوره إذا زلزلت

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة ارايت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النّصر

- ‌سوره تبّت

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌وعن

- ‌وعن

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثر

- ‌سورة القيمة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النّبإ

- ‌سورة النّازعت

- ‌سورة عبس

- ‌سورة كوّرت

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة التطفيف

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة الانشراح

- ‌سورة التّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌سورة الزّلزال

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة اللهب

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

الفصل: ‌ ‌سورة التطفيف مكيّة وهى ستّ وثلثون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

‌سورة التطفيف

مكيّة وهى ستّ وثلثون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عن ابن عباس قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فانزل الله تعالى ويل للمطففين فاحسنوا الكيل بعد ذلك رواه الحاكم والنسائي وابن ماجة بسند صحيح وقال السدى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له ابو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالاخر فانزل الله تعالى

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ والطف الحقير والمراد بالمطففين ما بين بقوله.

الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا اى أخذوا الكيل او اتزنوا ولم يذكره اكتفاء بذكر الوزن فى القرنية الثانية ولعل الكيل كان هو الغالب فى الاستعمال عَلَى النَّاسِ متعلق بقوله اكتالوا او بقوله يَسْتَوْفُونَ وقع على موضع من تقديره إذا اكتالوا من الناس يستوفون منهم للدلة على ان اكتيالهم لما لهم على الناس او ان اكتيالهم بتحامل فيهم عليهم قال الفراء من وعلى يتعاقبان فى هذه الموضع فاذا اكتلت عليك كانه قال أخذت ما عليك وإذا قال اكتلت منك فكأنه قال استوفيت منك.

وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ الضمير المنصوب راجع الى الناس اى كالوهم او وزنوهم حذف الجار وأوصل الفعل روى التقدير كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم مضاف اليه مقامه وليس تأكيد المتصل بالمنفصل إذ المقصود بيان اختلاف حالهم فى الاخذ والإعطاء لا فى المباشرة وعدمها وايضا يابى عنه الخط فانه يستدعى عن اثبات الف بعد الواو يُخْسِرُونَ ط اى ينقصون الكيل والوزن يقال خسر الميزان واخسره وسمى هذا العمل بالتطفيف لان ما يبخس فى الكيل والوزن لا يكون الا حقيرا وفيه ايماء الى ان بخس الحقير موجب للويل والعذاب فبخس الكثير بالطريق الاولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس بخمس ما نقض العهد قوم الا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما انزل الله الا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة الا فشا فيهم الموت ولا طففوا

ص: 217

المكيال الا منعوا لنبات وأخذوا بالسنين ولامنعوا الزكوة الا حبس عنهم القطر رواه الحاكم من حديث بريدة ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه الطبراني من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ظهر الغلول فى قوم الا القى الله فى قلوبهم الرعب ولا فشا الربوا فى قوم الأكثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق الا فشا فيهم الدم وماختر قوم بالعهد الا سلط الله عليهم العدو رواه مالك موقوفا والختر الغدر قلت وقطع الرزق بالتطفيف قد يكون بجعله فقيرا لا يقدر على شىء يكون بمنع الرزق عنه مع قدرته عليه فلا يقدر الاكل منه فى حقه كما فى البقالين من ديارنا قال البغوي كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول اتق الله أوف الكيل والوزن فان المطففين يوقفون يوم القيمة حتى ان العرق ليلجمهم الى انصاف آذانهم.

أَلا يَظُنُّ ذكر الظن مكان اليقين ايماء الى ان من كان يظن ذلك ينبغى ان لا يرتكب موجبات تلك الشدائد فكيف من يستيقن والاستفهام للانكار وفيه تعجيب من مالهم وتوبيخ أُولئِكَ المطففين فاعل ليظن أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ قام مقام المفعولين ليظن.

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ متعلق مبعوثون وللتعليل اى لحساب يوم عظيم او بمعنى فى يوم عظيم وهو يوم القيمة عظمه لعظم ما يكون فيه اخرج ابن المبارك عن الحسن قال لقد مضى بين ايديكم أقوام لو ان أحدهم اتفق عدد هذا الحصى تخشى ان لا ينجوا من عظمة ذلك اليوم.

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ من القبور منصوب بمبعوثون على الظرفية او بدل من يوم عظيم وفتحه على البناء لاضافته الى غير متمكن لرب العلمين اى لحسابه وجزائه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم يقوم النّاس لِرَبِّ الْعالَمِينَ ط اى حسابه وجزائه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم يقوم النّاس لرب العالمين حين يغيب أحدهم فى رشحه الى انصاف اذنيه متفق عليه واخرج الحاكم مثله عن ابى سعيد الخدري وفى الصحيحين عن ابى هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعرق الناس يوم القيمة حتى يذهب عرقهم فى الأرض سبعين باعا ويلجمهم حتى آذانهم واخرج الطبراني وابو يعلى وابن حبان عن ابن عباس ان الكافر يلجم بعرقه يوم القيمة حتى يقول يا رب أرحني ولو الى النار واخرج الحاكم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان العرق ليلجم الرجل فى الموقف

ص: 218

حتى يقول يا رب ارسالك لى الى النار أهون على مما أجد وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب واخرج البيهقي عن قتادة فى قوله تعالى يوم يقوم الناس لرب العلمين قال بلغني ان كعبا كان يقول يقومون مقدار ثلاثمائة عام واخرج مسلم عن المقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تدنوا الشمس يوم القيمة من الخلق حتى يكون منهم مقداد ميل قال سليم بن عامر فو الله ما أدرى ما يعنى بالميل أمساق الأرض أم الميل الذي يكحل به العين فيكون الناس على قدر أعمالهم فى العرق فمنهم من يكون الى كعبه ومنهم من يكون الى ركبته ومنهم من يكون الى حقوته ومنهم من يلجمه العرق الجاما وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الى فيه واخرج احمد والطبراني وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر نحوه واخرج احمد والطبراني عن ابى امامة الباهلي عنه صلى الله عليه وسلم وفيه ويزاد فى حرها كذا وكذا تغلى منها الهوام كما تغلى القدور واخرج احمد والطبراني بسند جيد عن انس رفعه قال لم يلق ابن آدم شيئا منذ خلق الله أشد عليه من الموت وهو أهون مما بعده وانهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم حتى ان السفن لو أجريت لجرت واخرج البيهقي عن ابن عمر وقال يشتد كرب ذلك اليوم حتى يلجمهم الكافر العرق قبل الحساب قيل له فاين المؤمنون قال على كراسى من ذهب ويظلل عليهم الغمام واخرج هناد عن ابن مسعود نحو هذا كله وفيه ما طول ذلك اليوم عليهم اى على المؤمنين الا كساعته من نهار واخرج هناد وابن المبارك عن سلمان قال تدنى الشمس من رؤس الخلائق يوم القيمة قاب قوسين او قوسين ويعطى حر عشر سنين وليس أحد من الناس عليه يومئذ صحره الى خرقة ولا يرى عورة مومن ولا مؤمنة ولا يجد حرها مومن ولا مؤمنة واما الكافر فيطبخهم طبخا حتى يسمع لاجوافهم عق عق.

كَلَّا ردع عن التطفيف وتم الكلام وقال الحسن كلا ابتداء يتصل بما بعده بمعنى حقا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ يعنى صحف أعمالهم التي كتبتها الحفظة الكرام والمراد بالفجار الكفار لَفِي سِجِّينٍ مشتق من السجن بمعنى الحبس فى القاموس السجين كالسكين الحبس الدائم الشديد قال الأخفش فعيل من السجن كما يقال فسيق وشريب معناه لفى حبس شديد وقال عكرمة لفى سجين اى فى خساء وضلال لما كان كتاب الفجار اى ما فى الكتاب من الأعمال موجبا لكونهم فى الحبس والخساء والضلال أسند ذلك الى الكفار مجازا والظاهر من الأحاديث والآثار ان السجين اسم موضع فى كتاب الفجار كذا فى القاموس وكون الكتاب فى ذلك الموضع بان يوضع صحف أعمالهم هناك او يكتب هناك كتاب جامع الصحف

ص: 219

اعمال الفجار من الثقلين ووجه تسمية ذلك الموضع بالسجين ان هناك يحبس أرواح الكفار أجمعين وذلك الموضع هو الأرض السابعة او تحت الأرض السابعة اخرج ابن مندة والطبراني وابو الشيخ عن حمزة بن حبيب مرسلا قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أرواح المؤمنين فقال فى طير خضر تسرح فى الجنة حيث شاءت قالوا يا رسول الله وأرواح الكفار قال محبوسة فى سجين وروى ابن المبارك والحكيم الترمذي وابن ابى الدنيا وابن مندة عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال نفس الكافر فى سجين قال البغوي قال عبد الله بن عمر وقتادة ومجاهد والضحاك سجين هى الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار وقلت كذا اخرج ابن ابى الدنيا عن عبد الله بن عمر روى البغوي بسنده عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سجين أسفل سبع ارضين وعلّيون فى السماء السابعة تحت العرش وقد ورد فى حديث طويل عن البراء بن عازب مرفوعا فى ذكر موت المؤمنين وموت الكفار فذكر فى الكفار انه لا يفتح لهم أبواب السماء فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه فى سجين فى الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا الحديث اخرج احمد وغيره وذكر البغوي قول شبرمة بن عطاء جاء ابن عباس الى كعب الأحبار فقال أخبرني عن قول الله عز وجل ان كتب الفجار لفى سجين فقال ان روح الفاجر يصعد بها الى السماء فتابى السماء ان تقبلها ثم تهبط بها الى الأرض فتابى الأرض ان تقبلها فتدخل تحت سبع ارضين حتى ينتهى بها الى سجين وهى موضع جند إبليس فيخرج لها من سجين من تحت جند إبليس رق فيرقم ويختم ويوضع تحت جند إبليس لمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيمة وقال الكلبي هى صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء خضرة السماء منها يجعل كتاب الفجار تحتها وروى عن ابن نجيح عن مجاهد قال سجين صخرة تحت الأرض السفلى تقلب فيجعل كتاب الفجار فيها وقال البغوي جاء فى الحديث الفلق جب فى جهنم مغطى والسجين جب فى جهنم مفتوح قلت ويمكن الجمع بينهما اعنى بين كون السجين تحت الأرض السابعة وكونه فى جهنم ان جهنم تحت الأرض السابعة السفلى اخرج ابو الشيخ فى العظمة والبيهقي من طريق ابى الزعراء عن عبد الله قال الجنة فى السماء السابعة والنار فى الأرض السابعة السفلى واخرج البيهقي فى الدلائل

ص: 220

عن عبد الله بن سلام الجنة فى السماء والنار فى الأرض واخرج ابن جرير فى تفسيره عن معاذ قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من اين يجاء بجهنم يوم القيمة قال لجاء بها من الأرض السابعة بها الف زمام لكل زمام سبعون الف ملك فاذا كانت من العباد على مسيرة الف سنة زفرت زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا جثا على ركبتيه يقول رب نفسى نفسى.

وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ط تفخيم وتهويل قال الزجاج ليس ذلك مما كنت تعلمها أنت ولا قومك.

كِتابٌ مَرْقُومٌ ط اى مكتوم فيه أعمالهم ثبت عليهم كالرقم فى الثوب لا ينسى ولا يمحى حتى يجازوا به او المعنى معلم يعلمه من راه انه عرف لا خير فيه وقيل معناه مختوم بلغة حمير قال البغوي ليس هذا تفسيرا للسجين بل هو بيان الكتاب المذكور ان كتب الفجار وقال البيضاوي هذا تفسير للسجين لقب به الكتاب لانه سبب للحبس فقال هذا ظرفية السجين الكتاب لكونه كتابا جامعا لكتب الفجار من الثقلين والظاهر ان السجين فيه مقر أرواح الكفار ومقر صحف أعمالهم وفى الكلام حذف مضاف اما اى فى السجين اى ما كتاب سجين او فى كتاب مرقوم اى محل كتاب مرقوم بالشر.

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بالحق.

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ط صفة موضحة او ذامة او مخصصة او بدل من المكذبين وجملة ويل يومئذ إلخ معترضة للذم قلت ويحتمل ان يكون فى محل الرفع من مرقوم بمعنى رقم فيه ويل يومئذ إلخ او صفة الكتاب اى كتاب موجب للويل والتأويل الاول اظهر من حيث اللفظ وللاخيرين من حيث المعنى لان كونه كتابا مرقوما ليس من خصائص كتاب الفجار بل قيل مثل ذلك فى كتب الأبرار ايضا يتصور كونه جوابا لقوله ما سجين.

وَما يُكَذِّبُ بِهِ اى بيوم الدين إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ مجاوز عن الحد فى الجهل وتقليد الآباء الجهلة حتى أنكر قدرة الله على الاعادة أَثِيمٍ منهمك فى الشهوات اشتغل بها عما ورائها وحمله على الإنكار لما عداها.

إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا يعنى القران شرط جزائه قالَ من فرط جهله وغفلته عن كونه معجزا او من غباوته واعراضه عن الحق تعنتا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ط خبر مبتداء محذوف اى هى والأساطير جمع اسطورا واسطارا او اسطر بمعنى الأحاديث التي لا نظام بها فى القاموس وفى الصراح أساطير الأولين اى شى كتبوه كذبا والجملة الشرطية

ص: 221

صفة بعد صفة لمعتد لبيان انه لا ينفعه من الادلة العقلية والنقلية شى والجملة وما يكذب به معترضة.

كَلَّا ردع عن التكذيب وعما قالوا وقال مقاتل معناه اى لا يومنون بَلْ سكته إضراب عن الردع ينفى قابلية قلوبهم عن درك الحق وتميزه من الباطل يسكت حفص هاهنا سكتة ويدغم غيره رانَ قال ابو بكر وحمزه والكسائي فتح الراء والباقون بتفخيمها عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ والرين الغلبة يقال ران الخمر على قلبه إذا غلب عليه سكره والمعنى غلب على قلوبهم ظلمت ما كانوا يكسبون من المعاصي حتى عمى قلوبهم عن التميز بين الحق والباطل عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء فى قلبه فان تاب وفزع واستغفر صقل قلبه منها وان زاد زادت حتى تعلو قلبه فذالكم الران الذي ذكر الله فى كتابه كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون رواه البغوي وكذا اخرج احمد والترمذي وصححه واحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وفى بعض الروايات ان العبد كلما أذنب ذنبا الحديث ولفظ المؤمن يدل على شدة السوداء قلب الكافر بطريق الاولى.

كَلَّا ردع عن كسب المعاصي الموجبة للرين او هو بمعنى حقا لتحقيق الرين قال يريد انهم لا يصدقون إِنَّهُمْ اى الكفار عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ اى يوم الدين يوم يرى الله سبحانه المؤمنون لَمَحْجُوبُونَ ط لحجب ظلماتهم الناسبة عنهم فلا يرون الله سبحانه كما كانوا لا يرون الحق من الباطل فى الدنيا قال الحسن لو علم الزاهدون والعابدون انهم لا يرون ربهم لزهقت أنفسهم فى الدنيا سئل مالك عن هذه الاية فقال لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لاولياءه حتى رأوه وقال الشافعي فى الاية دلالة على ان اولياء الله يرون الله.

ثُمَّ اى بعد كونهم محجوبين عن روية الله إِنَّهُمْ لَصالُوا اى لداخلوا الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقالُ يقول لهم خزنة جهنم هذَا هذا العذاب الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ كَلَّا ان التطفيف تكرير للاول ليعقب وعد الأبرار كما عقب وعيد الفجار اشعارا بأن التطفيف فجور كما ان الإيفاء برا وردع عن تكذيب العذاب او هو بمعنى حقا وقال مقاتل معناه لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ قال بعض اهل المعاني هو علو وشرف بعد شرف ولذلك جمع بالواو والنون وقال الفراء

ص: 222

اسم موضع على صيغة الجمع لا واحد له من لفظ كعشرين وقال بعض المحققين هو منقول من جمع على وزن فعيل من العلو وقد مر حديث البراء المرفوع عليين فى السماء السابعة تحت العرش وفى الحديث البراء الطويل فى ذكر الموت المؤمنين والكفار ذكر فى نفس المؤمن انه يصعد بها حتى ينتهى بها الى السماء السابعة فيقول الله تعالى اكتبوا كتاب عبدى فى عليين وأعيدوا الأرض الحديث أخرجه احمد وابو داود والحاكم وغيرهم من طرق صحيحة وقال ابن عباس هو يعنى عليين لوح زبرجد خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيها ومن هاهنا قالوا هو كتاب جامع الأعمال الخير من الملئكة ومومنى الثقلين وقال كعب وقتادة هو قائمة العرش اليمنى وقال عطاء عن ابن عباس هو الجنة وقال عطاء والضحاك هو سدرة المنتهى.

وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ الكلام فيه كما مر فى نظيره.

يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ط صفة لكتاب كما كان ويل للمكذبين صفة هناك والمقربون قال البغوي يعنى الملائكة قلت وأرواح الأنبياء والصديقين والشهداء ايضا فان هناك لعزها كما اخرج مسلم عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أرواح الشهداء عند الله فى حواصل طير خضر تسرح فى انهار الجنة حيث شاءت تأوي الى قناديل تحت العرش وكذا روى سعيد بن منصور عن ابن عباس وتقى بن مخلد عن ابن ابى سعيد الخدري وروى ابو الشيخ عن انس قال يبعث الله شهداء من حواصل طير بيض كانوا فى قناديل معلقة بالعرش واخرج ابن مندة عن ابن شهاب بلاغا بلغني ان أرواح الشهداء كطير خضر المعلقة بالعرش تغدوا ثم ترجع الى رياض الجنة يأتى ربها سبحانه وتعالى كل يوم يسلم عليه واخرج ابن ابى حاتم عن ابى الدرداء قال هى يعنى أرواح الشهداء طائر خضر فى قناديل الحديث واخرج البخاري عن انس انه قال لما قتل حارثة قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه جنان وانه فى الفردوس الأعلى وقال الله تعالى فى حبيب نجار قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومى يعلمون بما غفر لى ربى الاية ولا منافاة بين كونهم فى الجنة وكونهم تحت العرش فى قناديل لان العرش بمنزلة السماء للجنة قلت وهذا الحكم غير مختص بالشهداء فان الأنبياء والصديقين أعلى منهم منزلة وقد ورد فى الحديث بلفظ المؤمنين مطلقا اخرج مالك والنسائي بسند صحيح عن كعب بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 223

قال انما نسمة المؤمن طاير المتعلقة فى شجرة الجنة حتى ترجع الى جسده يوم القيمة وكذا اخرج احمد والطبراني عن أم هانئ عنه صلى الله عليه واله وسلم قال يكون النسم طير التعلقه بالشجر حتى إذا كان يوم القيمة دخلت كل نفس فى جسده واخرج ابن عساكر عن أم بشر امرأة ابى معروف نحوه والمراد فى تلك الأحاديث الكاملين منهم كما يدل عليه قوله تعالى يشهده المقربون وقد ورد فى بعض الأحاديث ان مقر أرواح المؤمنين فى السماء السابعة ينظرون الى منازلهم فى الجنة أخرجه ابو نعيم بسند ضعيف عن ابى هريرة واخرج ايضا عن وهب بن منبه ان لله تعالى فى السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين وفى بعض الأحاديث إذا اخرج من الجسد كان بين السماء والأرض رواه سعيد بن منصور عن سلمان وروى ابن المبارك والحكيم الترمذي وابن ابى الدنيا وابن مندة عن سعيد بن المسيب عن سلمان أرواح المؤمنين فى برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت ونفس الكافر فى سجين وفى هذه الحديث حكاية عن حال المؤمنين على تفاوت درجاتهم قال الشعبي فى بحر الكلام الأرواح على اربعة أوجه أرواح الأنبياء تخرج من جسدها وتصير مثل صورتها المسك والكافور وتكون فى الجنة تأكل وتشرب وتنعم وتأوي بالليل الى قناديل معلقة بالعرش وأرواح الشهداء تخرج من جسدها ويكون فى أجواف طير خضر فى الجنة تأكل وتشرب وتنعم وتأوي بالليل الى قناديل معلقة بالعرش وأرواح المطيعين من المؤمنين يربص بالجنة لا تأكل ولا تتمتع ولكن تنظر فى الجنة وأرواح العصاة من المؤمنين تكون بين السماء والأرض فى الهواء واما أرواح الكفار فهى فى السجين فى جوف طير سود تحت الأرض السابعة قلت وما ذكر فى أرواح الأنبياء انها تصير فى مثل صورتها المسك والكافور يعنى ان لها أجسادا كالاجساد الإنسان وعبرها بالمسك لتطيب ريحها وعبر المجدد عن تلك الأجساد بالجسم الموهب ويكون ذلك للانبياء ولكمل اتباعهم الصديقين قبل الموت فان قيل بعض الأحاديث الصحاح تدل على ان أرواح المؤمنين حتى الأنبياء وأرواح الكفار كلها فى القبور كما ورد فى حديث البراء الطويل يقول الله تعالى فى حق المؤمنين اكتبوا كتاب عبدى فى عليين واعيدوه الى الأرض فانى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة اخرى فيعاد روجه فى جسده وكذا قال فى الكافر فيعاد روحه فى قبره قال ابن عبد البر هذا أصح ما قيل

ص: 224

وقد راى النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام فى قبره يصلى ليلة اسرى به وانه صلى الله عليه وسلم قال من صلى على عند قبرى سمعته ومن صلى على غائبا بلغته فكيف تطبيق قلنا وجه التطبيق

أن مقر أرواح المؤمنين فى عليين او فى السماء السابعة ونحو ذلك كما مر ومقر أرواح الكفار فى سجين ومع ذلك لكل روح منها اتصال لجسده فى قبره لا يدرك كنهه الا الله تعالى وبذلك الاتصال يصح ان يعرض على الإنسان المجموع المركب من الجسد والروح مقعده من الجنة او النار ويحس اللذة او الألم ويسمع سلام الزائر ويجيب المنكر والنكير ونحو ذلك بما ثبت بالكتاب والسنة كما ان جبرئيل مع كون مستقره من السموات كان يدنوا من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع يديه على فخذيه قال الشعبي فى بحر الكلام هى متصلة بأجسادها فتعذب الأرواح ويتالم الأجساد منها كالشمس فى السماء ونورها فى الأرض والله تعالى اعلم.

إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ مستأنفة.

عَلَى الْأَرائِكِ اى على الاسرة فى الحجال حال من المستكن فى ظرف المستقر يَنْظُرُونَ حال بعد حال مترادف لما سبق او متداخل قال اكثر المفسرين يعنى ينظرون الى ما أعطاهم الله تعالى من الكرامة والنعمة وقال قتادة ينظرون الى أعدائهم كيف يعذبون فى النار قلت ينظرون الى ربهم تبارك وتعالى كما ان الكفار عن ربهم يومئذ لمحجوبون.

تَعْرِفُ ايها المخاطب كذا قرأ الجمهور وقرأ ابو جعفر ويعقوب على المبنى للمفعول فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ بالرفع عند جعفر ويعقوب وبالنصب عند الجمهور النَّعِيمِ ج اى بجنة النعيم قال الحسن النضرة فى الوجه والسرور فى القلب.

يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ اى جنة صافية طيبة بيضاء مَخْتُومٍ اى ممنوع من ان تمسه يد الى ان يفك ختامه الأبرار.

خِتامُهُ مِسْكٌ ط قرأ الكسائي خاتمه بتقديم الالف على التاء على وزن عالم والباقون على وزن كتاب فى القاموس ختام ككتاب الطين يختم على الشيء والخاتم ما يوضع على الطينة والمراد بالقراءتين واحد اى مختوم او آنية بالمسك مكان الطين وكذا قال ابن زيد وقال ابن مسعود مختوم اى ممزوج ختامه اى اخر طعمه وعاقبته مسك فى القاموس والختام من كل شىء آخره وَفِي ذلِكَ الرحيق والنعيم فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ط التنافس مشتق من النفس او من النفيس ومعناه اختيار الشيء النفيس لنفسه بحيث ينفسه به اى يضن به على غيره وحاصل المعنى فليرغب

ص: 225

الراغبون يعنى ان التنافس لا يليق على الامتعة الدنيوية لبخستها وقلتها ونفادها بل على النعم الاخروية فان قيل التنافس من الرذائل فكيف يكون مرغوبا فيه قلت انما هو من الرذائل إذا كان متعلقا بالأمور الدنيوية لانها غير مرضية لله تعالى ولانها يستلزم الإضرار بغيره إذا لامتعة الدنيوية فافدة قليلة إذا اختار لنفسه فات عن غيره بخلاف النعم الاخروية فانها مرضية لله تعالى ولا ينفد فايثارها لنفسه لا يضر بغيره.

وَمِزاجُهُ اى يمزج به الرحيق مِنْ تَسْنِيمٍ قال البغوي شراب ينصب عليهم من علو فى غرفهم ومنازلهم قلت الظاهر انها تنصب من فوق العرش فان العرش بمنزلة السقف للجنة وقيل يجرى فى الهواء متسنما فينصب فى أواني اهل الجنة على قدر ملئها فاذا امتلئت امسك وهذا معنى قول قتادة واصل الكلمة من العلو يقال للشئ المرتفع سنام ومنه سنام البعير قال الضحاك هو شراب اسمه تسنيم وهو من اشرف اشربة الجنة قال ابن مسعود وابن عباس هو خالص للمقربين يشربونها صرفا ويمزج لساير اهل الجنة ثم فسره بقوله.

عَيْناً منصوب على المدح او بتقدير اعنى او حال من تسنيم يَشْرَبُ بِهَا اى منها او بتضمين يلتذ صفة لعينا الْمُقَرَّبُونَ ط اى اصحاب كمالات النبوة بالاصالة او بالوراثة وهم الصديقون قال البغوي روى يوسف بن مهران عن ابن عباس انه سئل عن قوله من تسنيم قال هذا مما قال الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين.

إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعنى كفار قريش ابو جهل والوليد بن مغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مشركى مكة كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا عمار وصهيب وخباب وبلال وأصحابهم من فقراء المؤمنين يَضْحَكُونَ استهزاء بهم.

وَإِذا مَرُّوا

اى المؤمنون بِهِمْ

اى بالكفار يَتَغامَزُونَ

اى الكفار يشيرون إليهم بالجفن والحواجب استهزاء والجملة الشرطية معطوفة على يضحكون خبر لكانوا وكذا الشرطيتين الأخريين.

وَإِذَا انْقَلَبُوا اى الكفار إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ معجبين ملتذين بالسخرية منهم قرأ حفص فكهين بغير الف والباقون بالألف فاكهين.

وَإِذا رَأَوْهُمْ يعنى الكفار المؤمنين قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ اى خدعهم محمد فضلوا عن دين ابائهم وتركوا اللذات لما يرجون فى الاخرة من الكرامات فقد تركوا الحقيقة بالخيال.

وَما أُرْسِلُوا اى الكفار عَلَيْهِمْ

ص: 226

على المؤمنين حافِظِينَ ط لاعمالهم ويشهدون برشدهم وصلاحهم جملة وما أرسلوا حال من فاعل قالوا.

فَالْيَوْمَ اى يوم كون المؤمنين على الأرائك ينظرون الى الله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ حين يرونهم فى السلاسل والاغلال فى النار قال البغوي قال ابو صالح وذلك انه يفتح للكفار فى النار ابوابها ويقال لهم اخرجوا فاذا رأوها مفتوحة اقبلوا إليها ليخرجوا والمؤمنون ينظرون إليهم فاذا انتهوا الى ابوابها غلقت دونهم يفعل بهم ذلك مرارا والمؤمنون يضحكون من الكفار كما كان الكفار يضحكون منهم فى الدنيا وقال كعب بين الجنة والنار كوى فاذا أراد المؤمن ان ينظر الى عدو له فى الدنيا اطلع عليه من تلك الكوى كما قال الله تعالى فاطلع فراه فى سواء الجحيم فاذا اطلعوا من الجنة الى أعدائهم وهم يعذبون فى النار فضحكوا فذلك قوله تعالى هذه الاية واخرج البيهقي عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال لاحدهم هلم فجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما زال كذلك حتى ان أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة فيقال له هلم فما يأتيه من الا يأس.

عَلَى الْأَرائِكِ حال من فاعل يضحكون يَنْظُرُونَ اى الكفار فى النار حال مترادف او متداخل لما قبله-.

هَلْ ثُوِّبَ اى جوزى الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ ع اى جزاء ما كانوا يعملون من الاستهزاء والاستفهام للتقرير اى نعم والله اعلم بالصواب.

ص: 227