الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المرسلات
مكيّة وهى خمسون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ادغم ابو عمرو الخلاد التاء فى الذال واظهر الجمهور قال مقاتل معنى الملائكة التي أرسلت بالمعروف من امر الله ونهيه وهى رواية عن مسروق عن ابن مسعود فعرفا حينئذ مفعول له ويحتمل ان يكون عرفا حالا بمعنى متتابعات من عرف الفرس يعنى أرسلت للاحكام متتابعات فغصفن الى عصر من عصف الرياح فى امتثال ما أمروا به ونشرن الشرائع فى الأرض بنشر الكتب وانزالها ونشرن ان احين النفوس الموتى بالجهل بما اوتين من العلم ففرقن بين الحق والباطل فالقينا الى الأنبياء ذكرا اى وحيا او اليقين فى قلوب المؤمنين ذكر الله سبحانه وقال مجاهد وقتادة هى الرياح المرسلات أرسلت متتابعة وقيل عرفا كثير العاصفات شديدة الهبوب عصفا الناشرات السحاب فى الجو نشر الفارقات بين السحاب بالقصر فرقا او فارقات السحاب بعد المطر فالملقيات ذكر اى تستبين لذلك فان العاقل إذا شاهد هبوبها واثارها ذكر الله تعالى وكمال قدرته وشكره على نعمة المطر بعد ما قنطوا ويحتمل ان يكون المراد به آيات القران المرسلات الى محمد صلى الله عليه وسلم بكل عرف اى معروف فعصفن الاكتاب والأديان بالنسخ ونشرن اثارى الهدى والاحكام فى الشرق والغرب وفرقن بين الحق والباطل فايقين ذكر الله بين العالمين او المراد بها نفوس الأنبياء المرسلات الى الخلق للهداية والإرشاد وتبليغ الاحكام فغصفن واسرعن وامتثال الأوامر والانتهاء عن المناهي ونشرن الهداية وفرقن بين الحق والباطل فالقين ذكر الله تعالى فى قلوب الامة وألسنتهم.
عُذْراً روى عن ابى بكر عن عاصم ضم الذال وهو قراءة الحسن والمشهور عنه ونحن ساير القراء السكون أَوْ نُذْراً قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وابو بكر بضم الذال والباقون باسكاتها وهما
بسكون الذال مصدران العذر او امحى اساءة وانذر إذا خوف وبالضم جمعان للعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الانذار او المعنى العاذر والمنذر ونصبهما على أولين بالعلية اى عذر المؤمنين إمحاء لاساتهم ونذر للكفار تخويفا لهم والرياح سبب بوعيد الكفار بالعذاب إذا أسند والمطرا الى الأنواء مثلا او هما منصوبان بالبدلية من ذكر على ان المراد به الوحى وعلى الثالث بالحالية.
إِنَّما تُوعَدُونَ من القيامة والجزاء لَواقِعٌ ط كائن لا محالة الجملة جواب للقسم.
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ محقت وذهبت بنورها جواب إذا محذوف وهو العامل فيها اى يفصل بين اهل الجنة واهل النار.
وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ اى شقت فصارت لها فرجا.
وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ قلعت من أماكنها وإذا مليت.
وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ قرأ ابو عمر وقتت بالواو وعن ابى جعفر رواية بالواو بالهمزة كالجمهور عوضا عن الواو اى أظهرت وقت جمعهم وشهادتهم على الأمم.
لِأَيِّ يَوْمٍ متعلق بما بعده وقدم عليه لاقتضاء صدر الكلام أُجِّلَتْ ط أخرت وضرب الاجل لذلك الوقت استفهام استعير للتعجب والتهويل.
لِيَوْمِ الْفَصْلِ بدل من لاى يوم وبيان له وجملة لاى يوم معترضة ويحتمل ان يكون ثانى مفعولى أقتت لتضمينه معنى أعلمت.
وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ ط تعجيب اخر وتعظيم امره يعنى انه شىء أعظم لا تعلم كنهه ولم تر مثله.
وَيْلٌ مصدر بمعنى حلول الشر والهلاك فى الأصل منصوب على المصدرية بإضمار فعله عدل به الى الرفع يجعله مبتداء لدلالته على ثبات الهلاك والشر والجملة دعائية اخرج احمد والترمذي وابن جرير وابن ابى حاتم والحاكم وصححه والبيهقي وابن ابى الدنيا وهناد عن ابى سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل واد فى جهنم يهويه الكافر أربعين خريفا قبل ان يبلغ قعره واخرج البيهقي وابن المنذر عن مسعود قال الويل واد فى جهنم يسيل صديد اهل النار جعل الله للمكذبين واخرج ابن ابى حاتم عن النعمان بن بشير نحوه واخرج البيهقي وابن جرير وابن المبارك عن عطاء بن يسار قال الويل واد من صديد جهنم لو سيرت فيه الجبال لانذابت من حره واخرج ابن جرير عن عثمن بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الويل جبل فى النار واخرج البزار بسند ضعيف عن سعيد بن ابى وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان فى النار حجرا يقال له ويل يصعد عليه
العرفاء وينزلون يَوْمَئِذٍ اى يوم إذا النجوم طمست الى آخره لِلْمُكَذِّبِينَ ليوم الفصل ظرف مستقر خبر لويل يومئذ متعلق به ويحتمل ان يكون يومئذ ظرفا مستقرا صفة لويل.
أَلَمْ نُهْلِكِ بالعذاب المكذبين او الْأَوَّلِينَ نحو قوم نوح وعاد وثمود استفهام تقرير.
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ يعنى كفار مكة السالكين سبيل الأولين فى تكذيب الرسل عطف على مضمون الم نهلك يعنى أهلكنا الأولين ثم نتبعهم الآخرين.
كَذلِكَ صفة مصدر محذوف اى فعلا مثل ذلك الفعل نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ اى نجس المجرمين.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بما اوعدنا.
أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ استفهام تقرير اى خلقناكم مِنْ ماءٍ مَهِينٍ حقير قدرا وهى النطفة.
فَجَعَلْناهُ اى الماء فِي قَرارٍ مَكِينٍ ما يتمكن فيه وهو الرحم ظرف مستقر مفعول ثان لجعلناه ان كان ناقصا بمعنى صيرناه والا فظرف لغو متعلق به وجملة جعلناه معطوفة على مضمون الم نخلقكم الفاء للتفسير لا للتعقيب او محمول على القلب فى التركيب.
إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ متعلق بقوله فى قرار مكين ان كان ظرفا مستقرا والا فبفعل محذوف اى مؤخرا اى مقدار من الوقت المعلوم عرفا أدناه ستة أشهر وأكثره سنتين او معلوم عند الله مدة لبثه.
فَقَدَرْنا قرأ نافع والكسائي بالتشديد من التقدير اى فقدرنا مدة لبثه فى بطن امه وقت ولادته وعمله واجله ورزقه وشقى او سعيد عن ابن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان حلق أحدكم يجمع فى بطن امه أربعين يوما النطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله اليه ملكا بأربع كلمات فيكتب عمله واجله ورزقه وشقى او سعيد ثم ينفح فيه الروح فو الذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها متفق عليه والباقون من القراء قرؤا بالتخفيف من القدرة يعنى فقدرنا يعنى إيجاده واعدامه وإعادته فَنِعْمَ الْقادِرُونَ نحن اى على كل شىء ويحتمل ان يكون القادر بمعنى المقدر على قراءة نافع.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بقدرتنا وهم الكفار او بتقديرنا وهم القدرية مجوس هذه الامة.
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ استفهام تقرير كِفاتاً اسم لما يكفت فيه بضم او مصدر نعت به مبالغة او جمع كافت
كصيام وصائم او جمع كفت بمعنى الوفاء اجرى الجمع على الأرض باعتبار اقطاعها.
أَحْياءً وَأَمْواتاً حال عن المفعول المحذوف لكفاتا ان كان مشتقا والا فالفعل محذوف دل عليه كفاتا يعنى نكفت الناس احياء على ظهرها فى دورهم ومنازلهم وأمواتا فى بطنها بخروجهم كذا قال الفراء وانما حذف المفعول للعلم به ويحتمل ان يكون مفعولين لكذلك اى نكفت الاحياء والأموات وتنكيرهما للتفخيم او لان احياء الناس وأمواتهم بعض الاحياء والأموات ويحتمل ان يكونا ثانى مفعول نجعل وكفاتا حال منهما قدم عليهما لتنكيرهما ويحتمل ان يكونا حالين عن مفعول نجعل يعنى الأرض او كفاتا والمراد بالاحياء والأموات ما ينبت من الأرض وما لا ينبت.
وَجَعَلْنا عطف على مضمون لم نجعل فِيها اى فى الأرض رَواسِيَ جبال شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً ط عاليات والتنكير للتعظيم نابعات من الأرض.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بامثال هذه النعم قال مقاتل وهذه الأمور المذكورة كلها اعجب من المبعث.
انْطَلِقُوا جملة مستأنفة كانه فى جواب ما يصنع بالمكذبين يومئذ وتقديره يقال لهم يومئذ انطلقوا اى سيروا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ج فى الدنيا يعنى نار جهنم.
انْطَلِقُوا بدل من الاول وتأكيد وفيه بيان لما يسيرون اليه إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال المفسرون أريد به دخان جهنم قال البيضاوي وغيره الدخان العظيم إذ يرتفع يتفرق ذوائب وفى خصوصية شعب دخان جهنم بالثلث ذكر البيضاوي وغيره وجوها لا ترضيه وعندى وجه الخصوصية بالثلث ان اسباب الدخول فى نار جهنم منحصرة فى ثلث أحدها الكفر بالله وتكذيب الرسل صريحا وعبارة كقول الكفار افترى على الله كذبا ثانيها اتباع الهوى وتكذيب الرسل وآيات الله اقتضاء كقوله اهل الهواء من المجسمة والقدرية والروافض والخوارج والمرجئة على خلاف ظواهر النصوص القطعية بتأويلات فاسدة على خلاف الإجماع كما ان المجسمة يكذبون قوله تعالى وجوه يومئذ ناظرة وما دلت من الآيات على وزن الأعمال والصراط ونحو ذلك والروافض والخوارج يكذبون ما تواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى مدح ابى بكر وعمر وعثمان وعلى تواترا معنويا ثالثها اتباع الشهوات فى ارتكاب الكبائر والصغائر وترك الواجبات فهذه الأمور الثلاثة تصلح ان تكونا أسبابا لانشعاب دخان جهنم الى
ثلث وشعب قال البغوي قيل يخرج عنق من النار فيشعب ثلث شعب اما النور فتقف على رؤس المؤمنين والدخان تقف على روس المنافقين واللهب تقف على رؤس الكافرين قلت وايضا يكون هذا القول مرفوعا لكونه مما لا يدرك بالرأي فتأويله انه عبر عن شعبة من شعب الثلث الدخان جهنم بالنور لخفته فى الظلمة بالنسبة الى أختيه والا فما معنى النور فى نار جهنم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقد على نار جهنم الف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة اخرج الترمذي والبيهقي عن ابى هريرة فهذه الشعبة الخفيفة الظلمة بالنسبة الى أختيها تقف على رؤس عصاة المؤمنين من اهل النار وعن الشعبة....
الثانية بالدخان لكثرة اجزاء النار فيها وشدة ظلمتها فهى تقف على رؤس المنافقين والمراد بالمنافقين هاهنا هم اهل الهواء الذين يدعون الايمان ويلزمهم الكفر وتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام وليس المراد بالمنافقين هاهنا الذين قالوا أمنا بأفواههم فى العلانية دون السر ولم يؤمن قلوبهم فانهم أشد فى الكفر من الجاهرين وهم فى الدرك الأسفل من النار وقد ذكرنا فى تفسير سورة البقرة وجه اطلاق المنافقين على اهل الهواء وتطبيق ما ضرب الله تعالى به مثل المنافقين عليهم وعن الشعبة الثالثة باللهب لكمال احتراقها وشدة التهابها فهو تقف على رؤس الكافرين قلت ويمكن ان يقال المراد بالظل نار جهنم نفسها عبر عنها بالظل مجازا لظلمته واسوداده فان الظل لا يخلو من الظلمة وفيه استهزاء وتهكم بالكفار كما فى ذق انك أنت العزيز الكريم وفى بشره بعذاب اليم فمعنى قوله تعالى انطلقوا الى ظل ذى ثلث شعب انطلقوا الى نار جهنم التي هى ذى ثلث طرق موصلة إليها أحدها تكذيب الرسل صريحا ثانيها تكذيبهم اقتضاء ثالثها ارتكاب المعاصي لما ذكرنا.
لا ظَلِيلٍ كظل العرش وظل الجنة للمؤمنين صفة الظل بعد صفة وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ط اى لا يرد لهب جهنم صفة لموصوف محذوف اى ولا ظل يغنى من اللهب ويحتمل ان يكون معطوفا على ظليل على طريقة فالق الإصباح وجعل الليل فيكون صفة ثالثة لظل مذكورة فى هاتين الصفتين تهكم بهم وروى أوهم لفظ الظل من وقاية الحر والإغناء من اللهب.
إِنَّها الضمير راجع الى ظل من حيث المعنى ان كان المراد به النار كما ذكرت والا فهو راجع الى غير مذكور دل عليه الكلام اى جهنم تَرْمِي تعليل لعدم الإغناء بِشَرَرٍ جمع شررة وهى ما تطاير من النار كَالْقَصْرِ ج اى كل شررة فى عظمها كالقصر اى كبيت من حجر او قرية او حصن كذا فى القاموس فهو مفرد وقيل هو جمع
قصرة بمعنى اصل النخل او الشجر الغليظ.
كَأَنَّهُ اى القصر أفرد الضمير نظرا الى لفظه جِمالَتٌ جملة كانه صفة ثانية لشرر قرأ حفص وحمزة والكسائي جملة بغير الف وهو جمع جمل والباقون جمالات بالألف على انه جمع جمال فهو جمع الجمع صُفْرٌ جمع اصفر فان الشرر لما فيه من النار به يكون اصفر وقيل معناه اسود كما جاء فى الحديث ان شرر نار جهنم سود كالقير والعرب يسمى سواد الإبل صفر الضربة الى الصفرة والاول تشبيه فى العظمة وهذا فى اللون والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بالنار والعذاب-.
هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ اى الكفار نطقا يفيدهم او لا ينطقون شيئا من فرطا الدهشة والحيرة وهذا فى بعض المواقف وينطقون فى بعضها.
وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فى الاعتذار عطف على لا ينطقون فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ عطف على لا يوذن فيدل على نفى الاذن والاعتذار مطلقا ولعله لم يجعل جوابا عن النفي كيلا يدل على ان عدم اعتذارهم بعد الاذن فيوهم ان لهم عذرا قال حينئذ اى عذرا لمن اعرض عن منعمه وكفر باياديه ونعمه.
هذا يَوْمُ الْفَصْلِ ج بين اهل الجنة واهل النار جَمَعْناكُمْ خبر ثان لهذا او حال عن يوم الفصل والعامل معنى الاشارة والعائد محذوف اى جمعناكم فيه او تعليل يعنى هذا يوم الفصل لانا جمعناكم فيه للفصل بين المؤمن والمكذب او تقرير وبيان للفصل وَالْأَوَّلِينَ فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ حيلة لدفع العذاب كما كنتم تكيدون بالمؤمنين فى الدنيا كما كنتم تقولون أيعجز كل عشرة منكم ان يبطش بواحد من تسعة عشر خزنة.
فَكِيدُونِ الياء محذوفة اى فكيدونى الان توبيخ وتعجيز جملة الشرطية بتقدير فيقال لكم معطوفة على جمعناكم.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ع بالعذاب إذ لا حيلة لهم يومئذ فى تخليص أنفسهم من العذاب.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ من الشركة او من المعاصي مطلقا على تفاوت درجاتهم فِي ظِلالٍ كناية عن تكاسف أشجار الجنة كقوله زيد طويل النجاد بمعنى طويل القامة وان لم يكن له نجاد والا فلا شمس حتى يتصور الظل وَعُيُونٍ جارية من ماء غير أسن ولبن لم يتغير طعمه وخمر لذة للشاربين وعسل مصفى.
وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ط اى لذيذة شتهاه وفيه اشعار بان المآكل والمشارب فى الجنة بحسب شهواتهم بخلاف الدنيا فان فيها يحسب ما يجد الناس.
كُلُوا وَاشْرَبُوا حال من ضمير المرفوع فى الظرف اى مستقرون فى ظلل حال كونهم مقولا لهم ذلك
او جملة معترضة بتأويل يقال لهم هَنِيئاً صفة المصدر المحذوف اى أكلا هنيئا او حال اى مهنئين والهنأ ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقبه وخامة بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من عقد القلب بالايمانيات ومعالجته الطاعات وجملة ان المتقين مستأنفة كانه فى جواب سائل يسئل عن حال غير المكذبين بعد ما سمع حال المكذبين.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ كذلك فى محل النصب على المصدرية لما بعده والجملة الفعلية خبر ان والاسمية تأكيد لما سبق فان المراد بالمحسنين هم المتقون لا ما هو أخص منه والا يلزم تشبيه الا على بالأدنى وفيه حث على الإحسان يعنى فأحسنوا ايها الناس يجزينكم كما ذكرنا والإحسان بالمعنى الأخص ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جواب جبرئيل سال عنه رواه الشيخان فى الصحيحين عن عمر بن الخطاب.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بالجنة حيث يحرمون من النعيم.
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا كلام مستأنف خطاب للمكذبين فى الدنيا على وجه التهديد قَلِيلًا منصوب على المصدرية وعلى الظرفية اى أكلا قليلا او زمانا قليلا ما دمتم فى الدنيا ثم ينقطع ذلك عنكم إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ تعليل للتهديد.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ حيث عرضوا أنفسهم على العذاب الأليم لاجل التمتع القليل اخرج ابن المنذر عن مجاهد ان النبي صلى الله عليه وسلم امر وفد ثقيف بالايمان والصلاة فقالوا ولكن لا نجبى فانها مسبة فى القاموس التجبية وضع يديه على ركبة او على الأرض او الإكباب على وجهه قولهم فانها مسبة الى عار فنزلت.
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ فهذه جملة معترضة لذم الكفار ويحتمل ان يكون معطوفة على المجرمون على سبيل الالتفات من الخطاب الى الغيبة يعنى انكم مجرمون وانهم لا تركعون إذا دعيتم الى الصلاة ويحتمل ان يكون معطوفة على مضمون المكذبين يعنى ويل الذين كذبوا ولم يصلوا عند الدعاء إليها.
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بالأوامر والنواهي.
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ اى بعد القران يُؤْمِنُونَ استفهام إنكاري اى لا يومنون بشئ من الحجج إذ لم يؤمنوا بالقران الذي هو مشتمل على وجوه من الاعجاز نظما ومعنى وعلى الحجج الواضحة والبراهين الساطعة ولما كان سياق هذه السورة على التخويف والتهديد غالبا كما ان كان سياق سورة الإنسان على اللطف لتطيع غالبا قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم شيبتنى هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت رواه الحاكم وصححه عن ابن عباس وابن مردوية عن سعيد.