المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقارنة بين شروح كتب السنة الستة (1) الشيخ/ عبد الكريم الخضير   إن - مقارنة بين شروح كتب السنة الستة - جـ ١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ ‌مقارنة بين شروح كتب السنة الستة (1) الشيخ/ عبد الكريم الخضير   إن

‌مقارنة بين شروح كتب السنة الستة (1)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

‌الكتب الستة:

فقد طلب مني الإخوة القائمون المرتبون لهذا اللقاء، وهذه الدورة، الحديث عن شروح الكتب الستة، والمراد بالكتب الستة كما هو معلوم، صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، والخلاف في السادس معروف، فمنهم من جعل السادس موطأ الإمام مالك -رحمه الله تعالى-، كابن الأثير في جامع الأصول، ورزين العبدري في تجريد الأصول، ومنهم من جعل السادس سنن الدارمي، وهو خليق بذلك، والأكثر على أن السادس سنن ابن ماجه، وأول من جعل السادس سنن ابن ماجه هو أبو الفضل بن طاهر في أطرافه وفي شروطه، شروط الأئمة الستة، جعل السادس سنن ابن ماجه، ثم تبعه على ذلك من كتب في الشروط، وفي الأطراف وفي رجال الكتب، فتبعه على ذلك الحافظ عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- في الكمال، ثم تبعه على إثره الحافظ المزي -رحمه الله تعالى- في الأطراف تحفة الأشراف، وفي تهذيب الكمال أيضاً، ثم الذهبي، ثم الحافظ ابن حجر ومن جاء بعدهم.

المقصود أن الكتاب السادس مختلف فيه بين أهل العلم، وهذه الكتب الستة التي هي كتب أصول الإسلام التي قال عنها الحافظ السلفي -رحمه الله تعالى-:"أن الأمة تلقتهما بالقبول، واتفقوا على صحة أصولها"، أما بالنسبة للصحيحين فلا خلاف في صحة ما جاء فيهما، قد تلقتهما الأمة بالقبول، واتفقوا على العمل بما جاء فيهما، وما عداهما إطلاق الصحة عليه فيه نظر، كقول الحافظ أبي طاهر آنف الذكر، ومنهم من أطلق على سنن النسائي الصحيح، وأطلق أيضاً على سنن أبي داود الصحيح بمفرده، وقيل في جامع الترمذي الجامع الصحيح، وعلى كل حال فهذا تساهل ممن أطلقه، ولهذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ص: 1

ومن عليها أطلق الصحيحا

فقد أتى تساهلاً صريحا

لا شك أن إطلاق الصحيح على ما عدا الصحيحين فيه تساهل؛ لأن فيها الصحيح والحسن والضعيف، ومثله أيضاً إطلاق الحسن عليها، كاصطلاح البغوي في (مصابيح السنة)، حيث قسم الكتاب إلى قسمين: إلى الصحاح والحسان، يرى أن الصحاح ما رواه الشيخان، والحسان ما رواه أهل السنن، وهذا الكلام لا شك أنه مردود؛ لأن في السنن غير الحسن من الصحيح والضعيف، ولهذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

والبغوي إذ قسم المصابحا

إلى الصحاح والحسان جانحا

أن الحسان ما رووه في السنن

رُد عليه إذ بها غير الحسن

الكتب الأربعة فيها غير الحسن، فيها الصحيح وهو كثير، وفيها الحسن وهو كثير جداً أيضاً، وهي من مظانه، وفيها أيضاً الضعيف، فيها أيضاً شديد الضعف، وفي بعضها لا سيما آخرها وهو ابن ماجه ما قيل بوضعه.

قد يقول قائل: لماذا لم يجعل الأئمة مسند الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في الكتب الستة؟ لا سيما وأن شرط الإمام أحمد في مسنده قوي جداً، ولا يقل عن شرط أبي داود، إن لم يكن أعلى منه وأرفع، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، وكما هو واقع الكتاب؟

أولاً: رتبة المسانيد كمسند الإمام أحمد، ومسند الطيالسي، ومسند أبي يعلى، وغيرها من المسانيد اصطلح الأئمة على جعلها في المرتبة دون السنن، والسبب في ذلكم أن المؤلف في السنن يترجم بأحكامٍ شرعية، فيقول في الترجمة: باب وجوب كذا، باب تحريم كذا، باب ما جاء في الرخصة بكذا .. الخ، فالذي يترجم بحكمٍ شرعي، والأحكام إنما يتطلب فيها أقوى ما يجده الإنسان، لا شك أنه سوف ينتقي أقوى ما عنده من المرويات، بخلاف من يترجم باسم راوٍ من الرواة، صحابي من الصحابة كما يفعله أصحاب المسانيد، فيترجم باسم أبي بكر، وباسم عمر رضي الله عنهما، وبغيرهما من الصحابة، ثم يسوق ما وقف عليه من مرويات هذا الصحابي، وحينئذٍ لا يلزمه الانتقاء؛ لأنه لا يستدل بما رواه على حكمٍ شرعي، كما يصنعه صاحب السنن، بل يثبت ما وصل إليه من الأحاديث من طريق ذلك الصحابي، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ودونها في رتبة –يعني دون السنن-.

ص: 2