الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: مناهج التأليف في علم المقالات والمؤلفات فيه
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات
…
المطلب الأول: مناهج التأليف في علم المقالات:
سلك أصحاب كتب المقالات طريقان في ترتيب هذا الفن وفي ذلك يقول الشهرستاني: "ولأصحاب كتب المقالات طريقان في الترتيب:
أحدهما: أنهم وضعوا المسائل أصولاً ثم أوردوا في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
والثاني: أنهم وضعوا الرجال وأصحاب المقالات أصولاً ثم أوردوا مذاهبهم في مسألة مسألة" 1.
ولا شك أن أغلب المصنفين سلك المسلك الثاني. ومنهم الشهرستاني الذي علل ذلك بقوله: "لأني وجدتها أضبط للأقسام وأليق بأبواب الحساب"2.
ومنهم عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق، حيث جعل أصحاب الآراء وزعماء الفرق أصولاً، ثم يورد آراء كل منهم في كل مسألة، كما قال: "
…
ونذكر في الباب الذي يليه تفصيل مقالة كل فرقة من فرق أهل الأهواء الذين ذكرناهم إن شاء الله عز وجل
…
"3.
وممن جمع بين الطريقتين أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين فقد تميز كتابه بالجمع بين الطريقتين في عرض آراء الفرق،
1 الملل والنحل 1/6
2 المصدر السابق 1/6
3 الفرق بين الفرق ص 28.
فالجزء الأول معظمه كان وفق الطريقة الثانية، وهي جعل أصحاب المذاهب أصولاً.
أما الجزء الثاني فهو وفق الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً، ثم إيراد في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.
ومنهج الأشعري هذا جعل كتابه بمثابة كتابين مختلفين ضم أحدهما إلى الآخر، فمن أراد آراء الفرق في مسألة ما، أمكنه ذلك، ومن أراد آراء فرقة ما، أمكنه ذلك، وقد اقتضى منه ذلك شيئاً من التكرار الملاحظ لآراء الأشخاص في أكثر من موضع.
وممن وافق الأشعري في طريقته هذه ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل، حيث جمع بين الطريقتين، مع استعماله الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً أكثر.
ومنهم أيضاً أبو محمد اليمني في كتابه عقائد الثلاث والسبعين فرقة حيث جمع بين الطريقتين الأولى، والثانية.
وإذا ماخرجنا عن كتب المقالات فإنا نجد كتب الردود قد اعتمدت الطريقة الأولى، وهي جعل المسائل أصولاً، فهي تعنى ببيان الحق في مسألة من مسائل العقيدة والرد على المخالفين فيها، ومن ذلك على سبيل المثال:
الرد على الجهمية للإمام أحمد، والرد عى الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي، والرد على الجهمية لابن منده، والرد على بشر المريسي للدارمي، والرد على البكري، وعلى الأخنائي، كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية، والصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي.
والملاحظ أن الغالب اليوم في طريقة عرض هذه المادة عند من يقوم بتدريسها هو استعمال الطريقة الثانية وهي وضع الرجال وأصحاب المذاهب أصولاً ثم إيراد مذاهبهم.