الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مُجَاوَرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ فِي الْجَنَّةِ
رِوَايَةُ أَبِي الْحَسَنِ خَيْثَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ الْأَطْرَابُلْسِيِّ، عَنْ شُيُوخِهِ، رِوَايَةَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِنِ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْهُ، رِوَايَةَ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ مُحُمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصِّيصِيِّ السُّلَمِيِّ عَنْهُ. سَمَاعًا لِهِبَةِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ طَاوُسٍ الْبَغْدَادِيِّ الْمُقْرِئِ نَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ، آمِينَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَدَقَةَ الشَّطِّيُّ بِالرَّقَّةِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الْعَلَّافُ بِفِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَفَّارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ، لَقَدْ أَرَانِي اللَّهُ عز وجل اللَّيْلَةَ مَنَازِلَكُمْ فِي الْجَنَّةِ ، وَقُرْبَ مَنَازِلِكُمْ مِنْ مَنْزِلِي» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: " يَا عَلِيُّ ، أَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِي؟ قَالَ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: «فَإِنَّ مَنْزِلَكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلُ مَنْزِلِي» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا أَعْرِفُ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَاسْمَ أُمِّهِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَيْسَ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا ، وَلَا غُرْفَةٍ مِنْ غُرَفِهَا ، إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ هَذَا لَغَيْرُ خَائِبٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ:«هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ» قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رحمه الله فَقَالَ: " يَا عُمَرُ ، لَقَدْ رَأَيْتُ فِيَ الْجَنَّةِ قَصْرًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ ، شُرَفُهُ لُؤْلُؤٌ أَبْيَضُ مَشِيدٌ بِالْيَاقُوتِ ، فَأَعْجَبَنِي حُسْنُهُ فَقُلْتُ: يَا رَضْوَانُ ، لِمَنْ
⦗ص: 122⦘
هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لِي ، فَذَهَبْتُ لِأَدْخُلَهُ ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ ، هَذَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " ، قَالَ: «فَمَا مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِهِ إِلَّا غَيْرَتُكَ يَا أَبَا حَفْصٍ» قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي ، أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ ، إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقًا فِي الْجَنَّةِ ، وَأَنْتَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ» قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَقَالَ: " يَا طَلْحَةُ ، وَيَا زُبَيْرُ إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ ، وَأَنْتُمَا حَوَارِيَّ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، لَقَدْ بُطِّيءَ بِكَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ قَدْ هَلَكْتَ ، ثُمَّ جِئْتَ وَقَدْ عَرِقْتَ عَرَقًا شَدِيدًا ، فَقُلْتُ لَكَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقُلْتَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مِنْ كَثْرَةِ مَالِي ، مَا زِلْتُ مَوْقُوفًا مُحْتَبِيًا أُسْأَلُ عَنْ مَالِي مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتُهُ؟ وَفِيمَا أَنْفَقْتُهُ؟ " قَالَ: فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ مِائَةُ رَاحِلَةٍ جَاءَتْنِي اللَّيْلَةَ ، عَلَيْهَا مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ ، وَأَنَا أُشْهِدُكَ أَنَّهَا بَيْنَ أَرَامِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ عز وجل مُخَفِّفٌ عَنِّي ذَلِكَ الْيَوْمَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَاطِيسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ النَّجَّارُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَدِيٍّ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، قَالَ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَينْتَقَّصُونَهُمَا ، فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ مِنَ الشِّيعَةِ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَينْتَقَّصُونَهُمَا مِمَّا لَيْسَ هُمَا لَهُ مِنَ الْأُمَّةِ بِأَهْلٍ ،
⦗ص: 123⦘
وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكَ تُضْمِرُ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ لَمْ يَجْتَرِئُوا عَلَى ذَلِكَ ، قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُضْمِرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَضْمَرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَضْمَرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، أَخَوَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَزِيرَاهُ ، ثُمَّ نَهَضَ دَامِعَ الْعَيْنَيْنِ يَبْكِي قَابِضًا عَلَى يَدِي ، حَتَّى صَعَدَ الْمِنْبَرَ مُتَّكِئًا قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَنْظُرُ فِيهَا وَهِيَ بَيْضَاءُ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ ، فَقَامَ يَخْطُبُ خُطْبَةً مُوجَزَةً بَلِيغَةً فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذْكُرُونَ سَيِّدَيْ قُرَيْشٍ ، وَأَبَوَيِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَنَا عَنْهُ مُتَنَزِّهٌ ، وَمِمَّا يَقُولُونَ بَرِيءٌ ، وَعَلَى مَا يَقُولُونَ مُعَاقِبٌ؟ فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إنَّهُ لَا يُحِبُّهُمَا إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيُّ ، وَلَا يُبْغِضُهُمَا إِلَّا فَاجِرٌ غَوِيُّ ، صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ ، يَأْمُرَانِ ، وَيَنْهَيَانِ ، وَيُعَاقِبَانِ ، مِمَا يُجَاوِزَانِ فِيمَا يَصْنَعَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمَا رَاضٍ ، وَالنَّاسُ رَاضُونَ ، وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ ، وَفَوَّضُوا إِلَيْهِ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهُمَا مَقْرُونَتَانِ ، وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ سُنَّ لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ ، يَوَدُّ أَنَّ بَعْضَنَا كَفَاهُ ، فَلَمَّا وَلِيَ فَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ ، أَرْأَفَهُ رَأْفَةً ، وَأَرْحَمَهُ لَهُ رَحْمَةً ، وَأَنْسَبَهُ وَرَعًا ، وَأَقْدَمَهُ إِسْلَامًا ، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِيكَائِيلَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ، وَبِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَفْوًا وَوَقَارًا ، فَسَارَ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ وَلِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، وَاسْتَأْمَرَ فِي ذَلِكَ النَّاسَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ ، وَمِنْهُمْ مِنْ كَرِهَ ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَضِيَ ، فَوَاللَّهِ مَا فَارَقَ عُمَرُ الدُّنْيَا حَتَّى رَضِيَ مَنْ كَانَ لَهُ كَارِهًا ، فَأَقَامَ الْأَمْرَ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبِهِ ، يَتْبَعُ آثَارَهُمَا كَمَا يَتْبَعُ الْفَصِيلُ أَثَرَ أُمِّهِ ، وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ ،
⦗ص: 124⦘
رَؤُوفًا رَحِيمًا وَنَاصِرَ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ ، ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ حَتَّى أُرِينَا أَنَّ مَلَكًا يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ ، وَأَعَزَّ اللَّهُ بِإِسْلَامِهِ الْإِسْلَامَ ، وَجَعَلَ هِجْرَتَهُ لِلدِّينِ قَوَامًا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْحُبَّ لَهُ ، وَفِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ الرَّهْبَةَ مِنْهُ ، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجِبْرِيلَ ، فَظًّا غَلِيظًا عَلَى الْأَعْدَاءِ ، وَبِنُوحٍ حَنِقًا مُغْتَاظًا عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهِمَا؟ لَا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُمَا إِلَّا بِالْحُبِّ لَهُمَا وَاتِّبَاعِ آثَارِهِمَا ، فَمَنْ أُحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِي أَمْرِهِمَا لَعَاقَبْتُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ ، فَمَنْ أَلَمَّتْ بِهِ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي