الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبمحكماته أكثر منه بمتشابهاته، " أبر الناس قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفا "(1).
*
التبليغ:
وإذا تعلم أحد منهم شيئا من الدين أسرع إلى إخوانه يعلمهم لأنه سمع " ألا فليبلغ الشاهد الغائب .. فرب مبلغ أوعى من سامع .. (2) وسمعوا نبيهم يقول " إنما بعثت معلما " (3) وسمعوه يقول " لا حسد إلا فى اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطته على هلكته فى الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها " (4) وسمعوه يقول " إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة فى جحرها وحتى الحوت يصلون على معلم الناس الخير " (5).
…
وهكذا انقسم المسلمون فى المدينة بين طالب ومعلم فإما طالب وإما معلم بل كل واحد منهم طالب ومعلم فى وقت واحد يأخذ من مكان ويدفع إلى مكان.
*
الحب .. التضحية .. الإيثار:
أفليست المدينة إذاً مدرسة واسعة عامرة بالطلبة والمعلمين وهل عرف التاريخ مدرسة أوسع وأعمر من هذه المدرسة
(1) من كلام عبد الله بن عمر، انظر حياة الصحابة - 1/ 18.
(2)
متفق عليه.
(3)
رواه الدارمى، انظر مشكاة المصابيح - كتاب العلم - 1/ 86.
(4)
متفق عليه، رياض الصالحين - باب فضل العلم.
(5)
رواه الترمذى، المرجع السابق.
النبوية التى يتعلم فيها التاجر والفلاح والأجير والصانع والمحترف والمشغول والشاب الناهض والشيخ الفانى، يتعلمون فيها بجميع مشاعرهم، فالأذن تسمع والعين تبصر والقلب يشعر ويتأثر والعقل يفكر والجوارح تعمل، يشاهدون المعانى فى صورها وأمثالها، ولا يقرؤونها بلفظها فقط، فإذا عرفوا الإيثار على النفس مثلاً عرفوه فى ضيافة أبى طلحة لضيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بات هو وأطفاله جياعاً، وفى قصة الجرحى الذى آثروا إخوانهم على أنفسهم فى الماء فماتوا عطاشاً، وإذا عرفوا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوه فى قصة خبيب رضي الله عنه لما رفعوه على الخشبة نادوه يناشدونه أتحب أن محمداً مكانك؟ قال
…
لا والله العظيم ما أحب أن يفدينى بشوكة يشاكها فى قدمه فضحكوا منه (1) فعرفوا من معانى الإيثار والحب مالا يعرفه أكبر لغوى وأديب وعالم علوم النفس.
(1) حياة الصحابة - 1/ 510.