المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فراسة إيمانية: - من روائع أبى الحسن الندوى في الدعوة إلى الله

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الدعوة إلى اللهمن البداية إلى النهاية

- ‌ حال العالم قبل ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ ظهور الأمة المحمدية:

- ‌ هل بعثت الأمة للزراعة

- ‌ وهل بعثت الأمة للتجارة

- ‌ وهل بعثت الأمة للصناعة

- ‌ وهل بعثت الأمة لتنضم إلى الحكومات

- ‌ وهل بعثت الأمة للتوسع في الشهوات والملذات

- ‌ وهل تريد ملكا

- ‌ لقد بعثت الأمة لغرض سام جداً

- ‌ في أي مكان ظهرت هذه الأمة

- ‌ مجابهه قريش لها:

- ‌ غزوة بدر وبيان مهمة الأمة:

- ‌ شرط بقاء الأمة:

- ‌ ربعي بن عامر رضي الله عنه يبين لرستم قائد الفرس مقصد بعثة الأمة:

- ‌ عتاب الله لمن تلكأ عن المهمة:

- ‌ حال الأمة اليوم:

- ‌ حجة ظاهرة علي المسلمين:

- ‌ لماذا كتب الله لنا الخلود والظهور

- ‌ تخلف الأمة عن الأمم المعاصرة:

- ‌ ما الذي يقهر المادة

- ‌ العالم بأسرة ينتظر رسل المسلمين:

- ‌ انحراف المسلمين عن المثل الكامل:

- ‌ ماذا كان يفعل الصحابة إذا أسفر النهار

- ‌ وماذا إذا أذن المؤذن

- ‌ مجالس الذكر والعلم:

- ‌ حال القراء في الليل والنهار:

- ‌ المعرفة بالحلال والحرام:

- ‌ التبليغ:

- ‌ الحب .. التضحية .. الإيثار:

- ‌ وضع كل شيء في محله:

- ‌ ماذا لو نادي منادي الجهاد:

- ‌ يسيحون في الأرض:

- ‌ كيف السبيل إلى عودة هذه الحياة:

- ‌ الكلمة وتغيير منهاج الحياة:

- ‌ وما الذي يساعد علي التغيير

- ‌ الصلاة:

- ‌ العلم:

- ‌ الذكر:

- ‌ الدعوة والتبليغ:

- ‌ الخروج في سبيل الله:

- ‌ مثلا عمليا لعودة الحياة بعد ذهابها:

- ‌ الشيخ إلياس وفكرة في الإصلاح:

- ‌ تأسيس المدارس والكتاتيب:

- ‌ الفرق بين المعلمين والمرسلين:

- ‌ فراسة إيمانية:

- ‌ النتيجة والثمرة:

- ‌ وختاما:

الفصل: ‌ فراسة إيمانية:

ثم رأى أن الذين قد خرجوا من سن الدراسة والتعليم وتقدم بهم العمر لا ينتفعون بهذه المدارس ولا يفسح وقتهم للتعلم فيها، فلابد إذاً من دعوة عامة إلى تعليم الدين بطريقة وجيزة سهلة طبيعية لا تشق عليهم ولا تطول وتشمل جميع طبقات الأمة.

ولكن كيف السبيل إلى ذلك وقد استولت الحياة الدنيوية وتكاليفها على ابن القرن العشرين أخذت بمجامع القلوب وأسرت الروح وغلت الأيدى وصفدت الأقدام فأصبح الإنسان فى القرية والمدينة رهين بطنه، أسير شغله، جليس بيته أو حانوته أو وظيفته وماتت فى الناس العاطفة الدينية ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها.

*‌

‌ فراسة إيمانية:

اهتدى الشيخ بفراسته الإيمانية ونظره الثاقب وبمجاهدة فى سبيل الدين لقول الله عز وجل {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (1) وبدراسته العميقة النادرة لأصول

(1) سورة العنكبوت - الآية 69.

ص: 45

الدين إلى مركز العلة فى جسم هذه الحياة وهو الاستغناء فى أمر الدين والإخلاد إلى الحياة فضرب على الوتر الحساس ودعا الناس فى ميوات (1) أولاً وفى المدن الهندية آخراً إلى تفريغ أوقاتهم أربعين يوماً أو أربعة أشهر مثلاً، للدين وانقطاع إلى تعلمه لمدة قصيرة فكانت دعوة غريبة طارئه ولكن الشيخ لم يفشل ولم ييئس واستمر فى دعوته ودعائه حتى لبى الناس دعوته وخرجت عصائب إلى مراكز العلم والدين وعليها أمير منهم يرأسهم ومعلم يعلمهم مبادئ الدين وأحكامه والقرآن وقصص الصحابة وأخبار جهادهم وجهدهم فى سبيل الدين وحبهم للرسول صلى الله عليه وسلم، واستهانتهم بهذه الحياة وحنينهم للآخرة وتوقهم إلى الجنة وإيثارهم على النفس وزهدهم فى الدنيا ومسارعتهم فى سبيل الخير وخشيتهم لله تعالى إلى غير ذلك مما يحرك الساكن من قلوبهم وينير

(1) هى منطقة هندية وهى أول منطقة تم فيها إحياء الدعوة.

ص: 46

الكامن من عواطفهم ويذرف الجامد من عيونهم ويشعل فيهم الحياة الإسلامية.

ثم يخرجون فى أوقات مناسبة فيطوفون فى القرى ويمرون على البيوت ويحادثون الناس فى أمكنتهم ويغشونهم فى أنديتهم فيجلسون إليهم ويحرضونهم على الإقبال على الدين ويفهمونهم الغرض الذى خلقوا لأجله والغاية التى بعثوا لها، وأنهم لم يخلقوا عبثاً ولم يتركوا سدى ويرهبونهم من النار ويشوقونهم إلى الجنة ويرغبونهم فى تعلم الدين والمبادرة إلى ذلك ويخوفونهم من التسويف والمماطلة ويدعونهم إلى مركزهم الذى قد أقاموا فيه ليكلموهم فى تفصيل ذلك كله فى لطف ورفق ولين واحترام لإيمان المخاطب وتقدير لإسلامه فى غير ازدراء ولا فظاظة وهم يغضون الطرف عن الحرام ويلهجون بالذكر أثناء الكلام.

وهكذا يقضون أوقاتهم فى طلب العلم والدين وفى العبادة والجهد للدين وفى الاختلاط بجماهير الأمة والاتصال بها فى سبيل الدين تحت نظام محكم متقن لا يتسرب فيه

ص: 47