الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: بيان أهمية معرفة منهج السلف في الدفاع عن العقيدة:
إن العناية بمعرفة منهج السلف في الدفاع عن العقيدة هو من العناية بالعقيدة الإسلامية نفسها؛ لأن في ذلك اهتمام بها، وتلمس لمصادرها، وتصفية لها مما يشوبها من البدع، وتلق لها عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
"فمعرفة منهج السلف في الدفاع عن العقيدة يعطي الباحث قوة في الاستدلال والرد على المخالفين؛ نظراً لوضوح الأثر القوي والفعال في كتب السلف مع أنها أقل بكثير من كتب المتأخرين، وكذلك فإن قوة بعض علماء أهل السنة العلمية التي ظهرت من خلال تقريرهم لمسائل الاعتقاد والرد على المخالفين، كان من أعظم الأسباب: اعتمادهم على منهج السلف في تقرير وتدوين مسائل العقيدة
…
وتبرز الأهمية أكثر في العصور المتأخرة التي قل فيها العلم المؤصل على المنهج الصحيح والله المستعان"
(1)
.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم"
(2)
.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: " هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب يُنال به علم أو يُدرك به هدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا"
(3)
.
وقال ابن رجب -رحمه الله تعالى-: " وفي كلامهم -أي السلف- من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم؛ بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه.
وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يُبين بطلانه لمن فهمه وتأمله، ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدى إليه من بعدهم ولا يلم به.
(1)
منهج أهل السنة والجماعة في تدوين علم العقيدة إلى نهاية القرن الثالث الهجري، ناصر بن يحيى الحنيني: 1/ 68.
(2)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية: 3/ 126، وأورد ابن عبدالبر نحوه في جامع بيان العلم وفضله، رقم (1811): 2/ 948.
(3)
مجموع الفتاوى: 4/ 157، وانظر: اهتمام علماء المسلمين بعقيدة السلف، د. أبو اليزيد العجمي، مجلة البحوث الإسلامية، العدد (15) الصادر عام 1406 هـ
فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم، قال الأوزاعي:" العلم ما جاء به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما كان غير ذلك فليس بعلم"
(1)
، "
(2)
.
وتكمن أهمية معرفة منهج السلف في الدفاع عن العقيدة في وضع منهج واضح المعالم في الرد والمناقشة للمخالفين فإن "مما يظهر أهمية الرد على المخالفين والدفاع عن عقيدة الأمة: وضع منهج واضح للعلماء، ولطلبة العلم إذا أرادوا إبطال أي شبهة أو الرد على أي انحراف، بحيث تؤتي هذه الجهود المباركة ثمارها المرجوة منها من تصحيح لما فسد في المعتقد، وإبطال لتلبيس الملبسين، وغيرها من الثمار، والمصالح التي تنتج عن الالتزام بالمنهج الصحيح في الرد والمناقشة.
ومن هنا نؤكد على أهمية الدفاع عن العقيدة والرد على المبطلين ليس لأجل الرد على أهل الباطل فحسب، بل لأجل وضع منهج واضح المعالم لمن يأتي من أجيال الأمة"
(3)
.
(1)
جامع بيان العلم وفضله رقم (1067)، (1421): 1/ 618، 1/ 769.
(2)
فضل علم السلف على الخلف، : 34 - 42.
(3)
منهج أهل السنة والجماعة في تدوين علم العقيدة: 2/ 834.