المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأولفي متشابه كلامه بعضه ببعض في القليل والكثير - موائد الحيس في فوائد القيس

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌القَوْلُ في المُقَدِّمَةِ:

- ‌البَابُ الأَوَّلُفي مُتَشَابِهِ كَلَامِهِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ في القَلِيلِ وَالكَثِيْرِ

- ‌البَابُ الثَّانِيفي مُتَشابِهِ شِعْرِهِ بِشِعْرِ غَيْرِهِمِنْ قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ، وَعَرَبِيٍّ وَمُولّدٍ، في الّفْظِ وَالْمَعْنَى،عَلى حَسَبِ طَاقَتِي فِي الإِملاءِ، وَقَد أُخِلُّ مِنْ ذلِكَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ

- ‌وفائِدَةُ هذا البَابِ شَبِيْهَةٌ بِفَائِدَةِ ما قَبْلَهُ. ولَنْخَتِمْهُ بِضابِطٍ في تَحْقِيْقِ التَّلَقِّي والتَّناولِ

- ‌البَابُ الثَّالِثُفي سَبَبِ اشْتِباهِ كلامِهِ بَعْضِهِ بِبعضٍ

- ‌أَحَدُهُما: اتِّحادُ مَوْضوعِ كلَامِهِ، أَعْنِي مَقْصودَهُ في شِعْرِهِ

- ‌والثَّانِي: تَفَنُّنهُ في البَيَانِ، وقُدْرَتُهُ على الكَلَامِ

- ‌البَابُ الرَّابِعُمحاسِنُ تشبيهاتِهِ واستعاراتِهِ وأمثالِهِ ونَحْوِهِ

- ‌البَابُ الخَامِسُفِي فَوَائِدَ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ كَشْفِ مُشْكِلٍ وَغَيْرِهِ

الفصل: ‌الباب الأولفي متشابه كلامه بعضه ببعض في القليل والكثير

‌البَابُ الأَوَّلُ

في مُتَشَابِهِ كَلَامِهِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ في القَلِيلِ وَالكَثِيْرِ

فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

قِفا نَبْكِ من ذِكْرى حَبِيْبٍ ومَنْزِلِ

هو شَبِيْهُ قَوْلِهِ:

قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكرى حَبِيبٍ وعِرْفانِ

ورَسْمٍ عَفَتْ آياتُه مُنْذُ أَزْمانِ

من ذلك قَوْلُه:

إذا قامتا تَضَوَّعَ المِسْكُ منهما

نَسِيْمُ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

ص: 178

هو شَبِيْهٌ بِقَولِهِ:

إذا قامَتَا يَضَّوَّعُ المِسْكُ مِنْهُما

ورائِحَةٌ مِنَ اللَّطِيمَةِ والقُطُرْ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُه:

فَقَالَتْ: يَمِيْنُ اللهِ ما لَكَ حِيْلةٌ

وما إنْ أرى عنكَ الغَوايَةَ تَنْجلي

هو شبيهٌ بقولِهِ:

فَقَالَتْ: يِمِيْنُ اللهِ أَبْرَحُ قاعِداً

ولو قَطَّعوا رَأْسِي لَدَيْكِ وأَوْصالِي

غيرَ أَنَّ الحالِفَ ها هُنا هو، وفي الأُولى هِيَ.

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

وجِيْدٍ كجِيْدِ الرِّئمِ لَيْسَ بِفاحِشٍ

إذا هِيَ نَصَّتْهُ ولا ِبُمعطَلِ

ص: 179

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

لَيَالِيَ سَلْمَى إذ تُريكَ مُنَصَّبَاً

وَجِيْداً كجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْس بِمِعْطَالِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ في صِفَةِ اللَّيْلِ:

فيا لكَ مِنْ لَيْلٍ كأَنَّ نُجومَهُ

بِكُلٍّ مُغَارِ الفَتْلِ شُدَّتْ بِيَذْبُلِ

هو شَبيْهٌ بِقَوْلِهِ في صِفَةِ الفَرَسِ:

كَأَنَّ نجوماً عُلِّقَتْ في مَصامِهِ

بأمراس ِكَتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَلِ

شَبَّهَ غُرَّتَهُ وتَحْجِيْلَهُ بالنُّجومِ، وأَعْضاءَهُ بأَمراسِ الكَتَّانِ، وهي الحِبَالُ، وحوافرَهُ بالصَّخْرِ، ويُرْوَى هذا البَيْتُ في صِفَةِ اللَّيْلِ:

كَأَنَّ الثُّريا عُلِّقَتْ في مَصَامِها .... البيت

والمَصَامُ: المُقَامُ.

ص: 180

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِهَا

بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابِدِ هَيْكَلِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ في البَائِيَّةِ:

وقَدْ أغتَدِي قَبْلَ الشُّروق بِسَابِحٍ

أَقَبَّ كَيَعْفُورِ الفَلاةِ مُحَنَّبِ

الشُّروقُ: طُلُوعُ الشَّمْسِ، والإِشراقُ: إضاءَتُها، ومُحَنَّبٌ بالْحَاءِ المُهْمَلَةِ والنُّونِ ثُمَّ الباءِ المُوَحَّدَةِ: وهو الأَقْنَى الذِّراعِ.

وأَشْبَهُ أَيْضَاً بِقَوْلِهِ:

وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِها

بِمُنْجَرِدٍ عَبْلِ اليَدَيْنِ نَهوضِ

ومِنْ ذلكَ قولُهُ في صِفَةِ الفرسِ:

له أَيْطلا ظَبْي وسَاقَا نَعَامَةٍ

وإِرخاءُ سِرْحَانٍ وتَقْرِيْبُ تَتْفُلِ

ص: 181

هو مُماثِلٌ في شَطْرِ البَيْتِ لِقَوْلِهِ في البَائِيَّةِ:

لَهُ أَيْطَلا ظَبْي، وسَاقا نعامَةٍ، وصَهْوَةُ عَيْرٍ قائِمٍ فَوْقَ مَرْقَبِ

وشَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ في الضَّادِيَّةِ:

له قُصْرَيَا عَيْرٍ وساقا نَعَامَةٍ

كَفَحْلِ الهِجانِ القَيْسَرِيِّ العَضُوضِ

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

كَأَنَّ دماءَ الهادياتِ بِنَحْرِهِ

عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّبِ

ويُرْوَي: «مُخَضَّب» .

وَشَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ في القافِيَّةِ:

ص: 182

كَأَنَّ دماءَ الهادياتِ بِنَحْرِهِ

عُصَارةُ حِنَّاءِ بِشَيْبٍ مُفَرَّقِ

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

فَعَادَى عِداءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ

دِراكاً، ولم يُنْضَحْ بِماءٍ فَيُغْسَلِ

وهو شبيه بقوله في القافية:

فَصَادَ لنا عَيْرًا وثَوْرَاً وخَاضِبَاً

عِداءً، ولم يُنْضَحْ بِماءٍ فَيَعْرَقِ

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ في اللاميَّةِ الثَّانِيَةِ:

يُضِيء الفِراشَ وَجْهُها لِضَجِيعِها

كمِصْباحِ زَيْتٍ في قَنادِيلِ ذُبَّالِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ في الأُولى:

نُضِيْءُ الظلامَ بالعِشاءِ كَأَنَّها

مَنَارةُ مُمْسَى راهِبٍ مُتَبَتِّلٍ

ومن ذلك قَوْلُهُ:

ومِثْلُكِ بَيْضاءِ العَوارضِ طَفْلَةٍ

لَعُوبٍ تُنَسِّيني إذا قُمْتُ سِرْبالي

ص: 183

إلى قَوْلِهِ:

سَموْتُ إليها بَعْدَ ما نَامَ أَهْلُها .... الأبيات

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَمِثْلَكِ حُبْلَى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً

فَأَلْهَيْتُها عَنْ ذي تَمائِمَ مُحْوِلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

لَطِيْفَةِ طَيِّ الكَشْحِ غَيْرِ مُفَاضَةٍ

إذا انْفَتَلَتْ مُرْتَجَّةٍ غَيْرِ مِتْفالِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وكَشْحٍ لَطِيْفٍ كالجَدِيْلِ مَخَصَّرٍ

وساقٍ كأُنبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ

ص: 184

وبِقَوْلِهِ:

مُهَفْهَفَةٌ بَيْضاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ

تَرائِبُها مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

نَظَرْتُ إليها والنُّجومُ كَأَنَّها

مَصَابِيْحُ رُهْبَانٍ تُشَبُّ لِقُفَّالِ

هو شَبِيْهٌ بقولِهِ:

أصاحِ تَرَى بَرْقَاً أُريكَ وَمِيْضَهُ

كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّل

يُضِيءُ سَنَاهُ أو مصابِيْحُ رَاهٍب

أَمَالَ السَّلِيْطَ بالذُّبالِ المُقَنْدَلِ

ومن ذلكَ قَوْلُهُ:

فَقَالَتْ: سَبَاكَ اللهُ إِنَّك فاضِحي

أَلَسْتَ تَرَى السُّمَّارَ والنَّاسَ أَحوالي؟ !

ص: 185

شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلي

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الحَدِيْثَ وأسمَحَتْ

هَصَرْتُ بِغُصْنٍ ذي شَمَارِيْخَ مَيَّالِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَلَمَّا أَجَزْنا سَاحَةَ الحّيِّ وانْتَحَى

بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدِي رَأْسَها فَتَمايَلَتْ

عَلَيَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ

ص: 186

ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وقد أغتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها

لِغَيْثٍ من الوَسْمِيِّ رائِدُهُ خَالي

وقد سَبَقَ نَظِيْرُهُ.

ومن ذلكَ قَوْلُهُ:

وعاديتُ منها بَيْنَ ثورٍ ونَعْجَةٍ

وكانَ عِداءُ الوَحْشِ مِنِّي على بالِ

سَبَقَ نَظِيْرُهُ.

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

كَأَنِّي بِفَتْخاءِ الجَنَاحَيْنِ لِقْوَةٍ

صَيودٍ مِنَ العِقْبانِ طَأْطأْتُ شِمالي

تَخَطَّفُ خِزَّانَ الشَّرَبَّةِ بالضُّحى

وقد حَجَرت منها ثَعَالِبُ أَوْرالِ

ص: 187

كَأَنَّ قلوبَ الطَّيْرِ رَطْباً ويابِسَاً

لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

كأَنَّها لِقْوةٌ طَلُوبٌ

كَأَنَّ خُرْطُومَها مِنْشَالُ

تَطْعِمُ فَرْخاً لها ضريراً

أَزرى به الجُوعُ والإِحثالُ

قلوبَ خِزَّانٍ ذي أورالٍ

قوتاً كما يُرْزَقُ العِيالُ

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

يا رُبَّ غانِيَةٍ لَهَوْتُ بِها

وَمَشَيْتُ مُتَّئِداً على رِسْلِي

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وبَيْضَةِ خِدْر لا يُرامُ خِبَاؤُها

تَمَتَّعْتُ من لهوٍ بها غَيْرَ مُعْجَلِ

ص: 188

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

وقد أَغْتَدِي ومَعِي القانِصانِ

وَكُلٌّ بِمَرْبأَةٍ مُقْتَفِرْ

قد سَبَقَ لَهُ نَظائِرُ في قَوْلِهِ: «وَقَدْ أَغْتَدِي» .

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ:

فَأَنْشَبَ أَظْفارَهُ في النَّسا

فَقُلْتُ: هُبِلْتَ ألا تَنْتَصِرْ!

وَقَعَ لَفْظُ النَّسَا في شِعْرِهِ في مَوَاضِعَ، مِنْها هذا، وَقَوْلُهُ:

سَلِيْمِ الشَّظَي، عَبْلِ الشَّوى، شَنْجِ النَّسَا

لَهُ حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفَالِ

وفي قَوْلِهِ:

فأَدْرَكْنَهُ يَأْخُذْنَ بالسَّاقِ والنَّسَا

البيت

ص: 189

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ في صِفةِ الفَرَسِ:

لَهَا ذَنَبٌ مِثْلُ ذَيْلِ العَرُوسِ

تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها مِنْ دُبُرْ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

ضَلِيْعٍ إذا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ

بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قولُهُ:

قَدْ غدا يَحْمِلُني في أَنْفِهِ

لاحِقُ الإِطْلَيْنِ مَحْبُوكٌ مُمَرّ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ: «وقد أغتَدي» وقد سَبَقَ.

وَمِنْ ذَلِكَ قولُهُ.

أَلا رُبَّ يَوْمٍ صَالحٍ قد شَهِدْتُهُ

* بِتَأْذِفَ ذاتِ التَّلِّ مِنْ فَوْقِ طَرْطَرا

ص: 190

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

أَلا رُبَّ يَوْمٍ صالحٍ لَكَ مِنْهُما

ولا سِيَّما يَوْمٌ بِدارةِ جُلْجُلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

إِني لأَصْرِمُ مَنْ يُصارِمُني

وأَجِدُّ وَصْلَ مَنِ ابْتَغَى وَصْلي

وهو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وخَلِيْلٍ قد أصاحِبُهُ

ثُمَّ لا أَبْكي على أَثَرِهْ

يَعْنِي: إذا صارَمَنِي صارَمْتُهُ ثُمَّ لا أبكي عليه، فهو مَعْنى الأَوَّلِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ في الشُّطورِ الَّتي شَاعَرَ فيها التَّوْأَمَ اليَشْكُرِيَّ:

أصاحِ تَرَى بُرَيْقاً هَبَّ وَهْناً

ص: 191

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

أصاحِ ترى برقاً أُريكَ وَمِيْضَهُ

البيت

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

كَأَنَّ هَزِيْزَهُ لِوَرَاءِ غَيْبِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ في البائِيَّةِ:

إذا ما جَرَى شَأْوَيْنِ وابْتَلَّ عِطْفُهُ

* تَقُولُ هَزِيْزُ الرِّيْحِ مَرَّتْ بِأَثْأَبِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَعَيْنَاك غَرْبا جَدْوَلٍ بِمُفَاضَةٍ

كَمَرِّ خَلِيْجٍ في صَفِيْح مُنَصَّبِ

ص: 192

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

عَيْناكَ دَمْعُهما سِجَالُ

كَأَنَّ شَأْنَيْهِمَا أَوْشَالُ

أو جدولٌ في ظلالِ نَخْلٍ

لِلماءِ من تَحْتِهِ مَجَالُ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

ضَلِيْعٍ إذا استَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ

بِضافٍ فُوَيْقَ الأرضِ لَيْسَ بِأَصْهَبِ

نَظِيْرُهُ في اللَّامِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ قالَ:«لَيْسَ بِأَعْزَلِ» وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ قَرِيْباً».

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فآنَسْتُ سِرْباً مِنْ بَعِيْدٍ كَأَنَّهُ

رَواهِبُ عِيْدٍ في مُلاءٍ مُهَدَّبِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعاجَهُ

عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ

ص: 193

ورِوايةُ أَبي عُبَيْدَةَ:

فَبَيْنا نِعاجٌ يَرْتَعِيْنَ خَمِيْلةً

كَمَشْي العَذارى في المُلاءِ المُهَدَّبِ

وما على هذِهِ الرِّوايَةِ أَشَدُّ تَقَارُباً.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَأَدْرَكَ لم يَعْرَقْ مَنَاطَ عِذارِهِ

يَمُرُّ كَخُذْرُوفِ الوَلِيْدِ المُثَقَّبِ

شَطْرُهُ الأَولُ شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ: «ولم يُنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ» ، وشَطْرُهُ الثَّاني كَقَوْلِهِ:

دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَلِيْدِ أَمَرَّهُ

تَتَابُعُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَغَادَرَ صَرْعَى مِنْ حِمارٍ وخاضبٍ

وتَيْسٍ وثَوْرٍ كالهَشِيْمَةِ قَرْهَبِ

ص: 194

وهو كَقولِهِ:

فَصَادَ لنا عَيْراً وثَوْراً وخَاضِباً

البيت

وقد سَبَقَ مَعَ نَظِيْرِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَكَابٍ على حُرِّ الجَبِيْنِ ومُتَّقٍ

بِمَدْراتِهِ كَأَنَّها ذَلْقُ مِشْعَبِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَكَرَّ إليه بِمِبْراتِهِ

كما خَلَّ ظَهْرَ اللِّسَانِ المُجِرّْ

ومَعْنَاهُما: أَنَّ الثورَ الوَحْشِيَّ أَلْقَى الكَلْبَ الصَّائِدَ بِقَرْنِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وَقَاهُمْ جَدُّهُمْ بِبَني أَبِيْهمْ

وبالأَشْقَيْنِ ما كانَ العِقابُ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

صَبَّحْتُها الحَيَّ ذا صَبَاحٍ

فَكانَ أَشْقاهُمُ الرِّجالُ

ص: 195

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

يا بُؤْسَ لِلْقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ

ذكرى حبيبٍ ببعضِ الأَرْضِ قد رابَهْ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ: «مِنْ ذِكرى حَبِيْبٍ» وقد سَبَق.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

كَأَنِّي ورحلي والقِرَابَ ونُمْرُقي

على ظَهْرِ عَيْرٍ وارِدِ الخَبَراتِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

كَأَنِّي وَرَحْلِي فَوْقَ أَحْقَبَ قارِحٍ

بِشَرْبَةَ، أو طَاوٍ بِعِرْنانَ مُوْجِسِ

ص: 196

وأَشْبَهُ بِقَوْلِهِ:

كَأَني ورَحْلِي والقِرَابِ ونُمْرُقي

إذا شُبَّ للمَرْوِ الصِّغارَ وَبِيْصُ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَأَوْرَدَها ماءً قليلاً أَنِيْسُهُ

يُحاذِرْنَ عَمْراً صاحِبَ القُتُراتِ

هذا عَمْرو، هو الرَّامي المُشارُ إليه بِقَوْلِهِ:

رُبَّ رامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ

مُخْرِجٍ كَفَّيْهِ مِنْ سُتَرِهْ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فيا رُبَّ مَكْروبٍ كَرَرْتُ وراءَهُ

وطاعَنْتُ عَنْهُ الخَيْلَ حَتَّى تَنَفَّسا

ص: 197

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فيا رُبَّ مَكْروبٍ كَرَرْتُ وراءَهُ

وعَانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عَنْهُ فَفدَّاني

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

أَمَاوِيَّ، هَلْ لي عِنْدَكُمْ مِنْ مُعَرَّسِ

أم الصَّرْمَ تَخْتَارِينَ بالوَصْلِ نَيْئَسِ

أَبِيْني لَنَا، إِنَّ الصَّرِيْمَةَ راحَةٌ

مِنْ الشَّكِّ ذي المَخْلوجَةِ المُتَلَبِّسِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

أَفاطِمَ مهلاً بَعْضَ هذا التَّدلُّلِ

وإنْ كُنْتِ قد أَزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلي

وإن تكُ قد سَاءَتْكِ مِنِّي خَلِيْقَةٌ

فَسُلِّي ثِيَابِي من ثيابِك تَنْسُلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

أَعِنِّي على بَرْقٍ أَراهُ وَمِيْضِ

يُضِيْءُ حَبِيّاً في شَمَاريخَ بِيْضِ

ص: 198

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

أصاحِ ترى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَهُ

كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتي بَيْنَ ضارجٍ

وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ فالعَرِيْضِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

قَعَدتُ له وصُحْبَتي بَيْنَ ضارجٍ

وبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَ ما مُتَأَمَّلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وأَضْحَى يَسُحُّ الماءَ عن كُلِّ فِيْقَةٍ

يَحوزُ الضِّبَابَ في صَفَاصِفَ بِيْضِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَأَضْحى يَسُحُّ الماءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ

ص: 199

ويُرْوَى:

...... عن كل فِيْقَةٍ

يَكُبُّ على الأَذْقانِ دَوْحَ الكَنَهْبُلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

كَأَنَّ سَراتَهُ وجُدَّةَ ظَهْرِهِ

كَنَائِنُ يجْري فَوْقَهُنَّ دَلِيْصُ

هو كَقَوْلِهِ:

كَأَنَّ سَراتَهُ لدى البَيْتِ قائماً

البيت

في اللَّفْظَيْنِ الأَوَّلَيْنِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

ألا انْعَم صَبَاحاً أَيُّها الرَّسْمُ وانْطِقِ

وحَدِّثْ حَدِيْثَ الرَّكْبِ إِنْ شِئْتَ واصْدُقِ

ص: 200

هو كَقَوْلِهِ:

ألا انعَمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الطَّلَلُ البَالِي .... البيت

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَعَزَّيْتُ نَفْسي حِيْنَ بانو بِجَسْرَةٍ

أَمُونٍ كَبُنْيانِ اليَهودِيِّ خَيْفَقِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَدَعْهَا وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ

ذَمُولٍ إذا صَامَ النَّهارُ وهجَّرا

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

كَأَنَّ بِها هِرّاً جَنِيْبَاً تَجُرُّهُ

بِكُلِّ طَرِيْقٍ صادَفَتْهُ ومَأْزِقِ

ص: 201

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

بَعِيْدَةُ بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ كأَنَّما

تَرى عِنْدَ مَجْرَى الضَّفْرِ هِرَّاً مُشَجَّرا

يَعْنِي: كأَنَّ عِنْدَ مَجْرى حِزامِها هِرَّاً مَرْبوطاً، لِسَعَةِ ما بَيْنَ مَنْكِبَيْها.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وبَيْتٍ يَفوحُ المِسْكُ في حُجُراتِهِ

بَعِيْدٍ مِنَ الآفاتِ غَيْر مُؤَرَّقِ

دَخَلْتُ على بَيْضَاءَ جُمٍّ عَظَامُها

تُعَفِّي بِذَيْلِ الدِّرْعِ إذ جِئْتُ مَوْدِقي

وَمَوْدِقي، أَيْ: أَثَرِي وطَرِيْقي؛ شَبَّهَهُ بِمَوْقِعِ الوَدْقَ، وهو المَطَرُ.

ص: 202

وهو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وبَيْتِ عَذَارَى يَوْمَ دَجْنٍ وَلَجْتُهُ

يَطُفْنَ بِجَمَّاءِ المرافِقِ مِكْسَالِ

وشَطْرُ البَيْتِ الثَّاني شَبِيْهُ بِقَوْلِهِ:

فَقُمْتُ بها أَمْشي تَجُرُّ وَرَاءَنا

على إِثْرِنا أَذْيَالَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ

ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَيَا لكَ من لَيْلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ

بِكُلِّ مُغارِ الفَتْلِ شُدَّتْ بِيَذْبُلِ

ص: 203

وقَوْلِهِ:

كَأَنَّ الثُّريا عُلِّقَتْ في مَصَامِها

بِأَمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وقَد أَغْنَدِي قَبْل العُطاسِ بِهَيْكلٍ

شَدِيْدِ مَشَكِّ الجَنْبِ فَعْمِ المُنَطَّقِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وقد أغتَدِي قَبْلَ الشُّروقِ بِسَابِحٍ

.......... البيت

ونظائِرِهِ، وقد سَبَقَ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

نزاوِلُهُ حَتَّى حَمَلْنا غُلامَنَا

على ظَهْرِ سَاطٍ كالصَّلِيْفِ المُعَرَّقِ

ص: 204

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَلْأياً بِلأيٍ ما حَمَلْنا غلامَنَا

على ظَهْرِ مَحْبُوكِ السَّراةِ مُحَنَّبِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وأَدْبَرْنَ كالجَزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ

بِجِيْدِ الغُلامِ ذي القَمِيْصِ المُطَوَّقِ

وهو كَقَوْلِهِ:

فَأَدْبَرْنَ الجزَعْ ِالمُفَصَّلِ بَيْنَهُ

بِجِيْدٍ مُعَمٍّ في العَشِيْرَةِ مُخْوَلِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَأَدْرَكَهُنَّ ثانياً مِنْ عِنَانِهِ

كَغَيْثِ العَشِي الأَقْهَبِ المُتَوَدِّقِ

ص: 205

هو كَقَولِهِ:

فَأَدْرَكَهُنَّ ثانياً مِنْ عِنانِهِ

يَمُرُّ كَمَرِّ الرَّائِحِ المُتَحَلِّبِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَقُلْنا: ألا قَدْ كانَ صَيْدٌ لِقَانِصٍ

فَخَبُّوا عَلَيْنَا ظِلَّ ثَوْبٍ مُرَوَّقِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وقُلتُ لِفِتْيانٍ كرامٍ: أَلا انزِلوا

فَعَالُوا علينا فَضْلَ بُردٍ مُطَنَّبِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فظَلَّ صِحابي يَشْتَوونَ بِنَعْمَةٍ

يَصفُّونَ غاراً بِاللَّكِيْكِ المُوَشَّقِ

ص: 206

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بَيْنَ مُنْضِجٍ

صَفيْفِ شِواءِ، أو قَدِيْرٍ مُعَجَّلِ

وقَوْلِهِ:

فَظَلَّ لنا يَوْمٌ لَذِيْذٌ بِنَعْمَةٍ

فَقُلْ في مَقِيْلٍ نَحْسُهُ مُتَغَيِّبِ

إلى قَوْلِهِ:

نَمُشُّ بِأَعرافِ الجِيادِ أَكُفَّنا

البيت

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وَرُحْنا بكابْنِ الماءِ يُجْنَبُ وَسْطَنَا

تُصَوَّبُ فيه العَيْنُ طوراً وَتَرْتَقِي

ص: 207

هو كَقَوْلِهِ:

ورُحْنَا يكادُ الطَّرْفُ يَقْصُر دُونَهُ

متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَهَّلِ

والمُشَابَهَةُ في شَطْرَيْهما الأَخِيْرَيْنِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

أَفلا تَرَى أَظْعَانهُنَّ بَوَاكِراً

كالنَّخْلِ مِنْ شَوكانَ حِيْنَ صِرامِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَشَبَّهْتُهُمْ في الآلِ حِيْنَ زهاهُمُ

عَصَائِبَ دَوْمٍ أو سَفِيْناً مُقَيَّرا

ص: 208

أو المُكْرَعاتِ مِنْ نَخِيْلِ ابنِ يامِنٍ

دُوَيْنَ الصَّفَا اللَّائي يَلِينَ المشقَّرا

أَطَافَتْ بِهِ جَيلانُ عِنْدَ قِطافِهِ

وَرَدَّتْ عَلَيْه الماءَ حَتَّى تَحَيَّرا

فَأَثَّتْ أَعالِيه وآدَتْ أُصُولَهُ

وَمَالُ بِقنيانٍ مِنَ البُسْرِ أَحْمَرا

مَعْنَى ذلكَ كُلِّهِ تَشْبيهُ الرّكاب في البَرِّ على بُعْدٍ بالنَّخلِ، بجامِعِ السَّوادِ والارتِفَاعِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجاني

كَخطِّ زَبُورٍ في عَسِيْبٍ يَمَانِ

وهو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

لِمَنِ الدِّيارُ غَشِيُتها بِسُحَامِ

فَعَمايَتَيْنِ فَهَضْبٍ ذِي أَقدامِ

ص: 209

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

دِيارٌ لِهِنْدٍ والرَّبَابِ وفَرْتَنَى

ليالِيَنا بالنَّعْفِ مِنْ بَدَلانِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

دارٌ لِهِنْدٍ والرَّبابِ وفَرْتَنَى

ولَمِيْسَ قَبْلَ حوادثِ الأَيَّامِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَإِنْ أُمْسِ مَكْروباً فَيا رُبَّ بُهْمَةٍ

كَشَفْتُ إِذا ما اسْوَدَّ وَجْهُ الجَبَانِ

وهو شبيه بقوله بعده:

فإن أُمْسِ مكروباً فيا رُبَّ قَيْنَةٍ

مُنَعَّمَةٍ أَعْمَلْتُها بكِرانِ

وبِقَوْلِهِ:

فإِنْ أُمْسِ مكروباً فيا رُبَّ غارةٍ

شَهِدْتُ على أَقَبَّ رِخْوِ اللَّبَانِ

ص: 210

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

مِخَشٍّ مِجَشٍّ مُقْبلٍ مُدْبرٍ مَعَاً

كَتَيْسِ ظِبَاءِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً

كَجُلْمودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

وقِيْلَ: هذا البَيْتُ يُبَيِّنُ قَوْلَه.

على رَبِذٍ يَزْدادُ عَفْواً إِذا جَرَى

مِسَحٍّ حَثِيْثِ الرَّكْضِ والذَّأَلانِ

وقَوْلُهُ: «كَتَيْس ظِباءِ الحُلَّب» : شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

وراحَ كَتَيْسِ الرَّبْلِ يَنْفُضُ رَأْسَهُ

أَذَاةً بِهِ مِنْ صَائِكٍ مُتَحَلِّبِ

ص: 211

وكِلاهُما- أَعْني: الرَّبلَ والحُلَّبَ- نَبْتٌ.

ومِنْ ذلكَ قَوْلُهُ في وَصْفِ الدِّيارِ:

أَتَتْ حِجَجٌ بَعْدي عَلَيْها فَأَصْبَحَتْ

كَخَطِّ زَبُورٍ في مَصَاحِفِ رُهْبَانِ

هُوَ نَحْوٌ مِنْ قَوْلِهِ:

كخطِّ زَبُورٍ في عَسِيْبٍ يَمانِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَسَحَّتْ دُمُوعِي في الرِّداءِ كَأَنَّها

كُلًى مِنْ شَعِيْبٍ ذاتِ سَحٍّ وتَهْتَانِ

هُوَ شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

فَفَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً

على النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي

ص: 212

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

على هَيْكلٍ يُعْطِيْكَ قَبْلَ سُؤالِهِ

أَفانِيْنَ جَرْيٍ غَيْرَ كَزٍّ ولا وانِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

على رَبَذٍ يزدادُ عفواً إِذا جَرَى

البيت

وقد سَبَقَ أيضاً.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

كَتَيْسِ الظِّبَاءِ الأَعْفَرِ انْضَرَجَتْ لَهُ

عُقَابٌ تَدَلَّتْ من شَمَارِيخَ ثَهْلَانِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

كَتَيْسٍ ظِبَاءِ الحُلَّبِ

وقَوْلِهِ:

وَرَاحَ كَتَيْسِ الرَّبْلِ

يَعْني الفرسَ، وقد سَبَقَ أيضاً.

ص: 213

ومِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ في صِفَةِ الفَرَسِ:

يُدَافِعُ أَرْكانَ المَطَايا بِرُكْنِهِ

كما مَالَ غُصْنٌ ناعِمٌ بَيْنَ أَغْصَانِ

هو شَبِيْهٌ بِقَوْلِهِ:

إذا ما حَثَثْنَاهُ تَأَوَّدَ مَتْنُهُ

كَعِرْقِ الرُّخامَى اللَّدْنِ في الهَطَلانِ

يَصِفُهُ بِلِيْنِ المَعَاطِفِ، وسُهولَةِ التَّثَنِّي.

ولقد أَحْسَنَ ما شاءَ في قَوْلِهِ:

ويَخْدِي على صُمٍّ صلابٍ مَلَاطِسٍ

شَدِيْداتِ عَقْدٍ لَيِّناتٍ مِثَانِ

ص: 214

أي: شَدِيْدَةُ التركيبِ، سَهْلَةُ التَّثَنِّي، فَذلكَ أَشَدُّ لَهُ وَأَخَفُّ، وهذا هو السَّبَبُ في كَوْنِهِ غَيرَ كَزٍّ ولا وانٍ.

ولْيَكُنْ هذا آخِرَ البابِ، واللهُ عز وجل أَعْلَمُ بالصَّوابِ. وقد ذَكَرْنَا فيهِ مُتَشَابِهِ شِعْرِهِ في القَلِيْلِ والكَثِيرِ، وباللَّفْظِ والمَغْنَى، غَيْرَ مُلْنَزِمينَ بالاسْتِقْصاءِ في ذلك، لكن ذكرنَا الأَكْثَرَ، ولم يَفُتْ إلا اليَسِيْرُ.

وفائِدَةُ هذا الباب: رِيَاضَةُ الذِّهنِ بِمَعْرِفَةِ تَنَاسُبِ الكَلامِ، والقَدْرِ الجامِع بَيْنَ الكلامَيْنِ؛ بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِما بالتَّساوي مِنْ جِهَتِهِ، كما سَبَقَتِ الإِشَارَةُ إِليه في المُقَدِّمَةِ، وفي ذلِكَ فائِدَةٌ كَبِيْرَةٌ.

وقد اعتمدتُ هذا الطَّرِيْقَ في القرآنِ الكُريمِ في كِتَابٍ سَمَّيْتُهُ: «الرِّياضُ النَّواضِرُ في الأشْبَاهِ والنَّواظِرِ» ، وهو كِتابُ تَفْسيرٍ. والحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِيْنَ.

ص: 215