الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الأديب: الزيَّات المصري (ت 1388 هـ) رحمه الله تعليلاً تافهاً مضحكاً! لهذا التغيُّر وهو: (غياب المرأة عن المجتمع الإسلامي).!
ولو عَلِم بتعليله هذا المنافقون: (من الجالية الأقلية اللبرالية وغيرهم من مرَدَة المنافقات) وغيرِهم؛ لطاروا بها فرحاً، ولجعلوها حجةً على المؤمنين، ألا ساء ما يزرون.
ومع كل ما سبق، نجد في رجال اليوم (1438 هـ) مَن يرى أن العيد قبل عشرين، وثلاثين سنة من أمتع الأعياد؛ رغم وجود الكتابات في ذلك الزمن تذكر أن العيد قد تغير، بتغير الناس!
وهكذا دواليك، كل جيل يندب العيد!
فما السبب
؟
يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن الكل يذكر عيد طفولته مع آبائه، والطفولة تحمل فرحاً غير مشوب بَهمٍّ وقَلَقٍ؛ وربما كانت طفولة فقيرة، تفرح بما تُؤتى في العيد من حلوى وجديد ..
ولمَّا تعالت سِنُّه، وحمل هموماً وأسقاماً وقلاقل كالجبال ثقُلَتْ نفسُه عن تحمُّلِها؛ نغَّصت عليه العيد، ولم يستطع الخروج الذهني منها إلى وقت الفرح والسرور، لذا لا يجدُ للعيد طعماً، بل مرارةً وثِقلاً؛ لمسؤولية
السلام والاجتماع والزيارات، والأولاد، والهدايا وسائر التكاليف
…
... إذن الفرق:
- عيد الطفولة، وعيد الفقراء من جهة
- وعيد الكبار، وعيد الأغنياء من جهة مقابلة.
والجهة الأولى أسعد وألذ وأمتع، ولو بالقليل من المطعم والملبس والملعب.
وإن كان وقتنا هذا ـ فيما أزعم ـ أنه أكثر تعقيداً ومدنية وتكلفاً وتباعداً وتشاحناً من أي زمن مضى، وعليه فهو أبعدُ عن الفرحة الصادقة عند الكثيرين
…
يضاف إلى ذلك صعوبة إحداث ملبس ومطعم ومشرب جديد؛ وكذا لعبة وهدية جديدة، لكثرة النِّعم والرخاء طيلة العام (1)
…
فلسان حال كثير من الآباء: ماذا أُقدِّم في العيد من جديد؟ ! !
أضف سبباً خفياً لضعف الفرح عند الكبار، هو: أن التباعد البدني طيلة العام؛ المورث للجفوة، له تأثير على تغيُّر النفوس واستبدال المتعة بالرسمية، وإذا دخلت الرسمية في ملتقيات الأُسَر، والجماعات في القرى
(1). عند كثير من البلدان التي ازدادت غِنى وثروة ـ والأمر في الغني نسبيٌّ ـ.
والقبائل، والجيران، إذا دخلت في الأعياد؛ حلَّت الكَلَفة وتوسَّط الثِّقل، فأصبح اللقاء طارداً! ! والفرح مصطنعاً، فأين السعادة إذن؟ ! !
مصداق ذلك أن تقارن بين أعياد المدن وأعياد القرى، والقرى أكثر اجتماعاً طيلة السنة، وعيدهم أجمل وأمتع وليس ثمَّة مهرجانات واحتفالات وأسواق وطرب ومسرحيات! ! كما في المدن.
كذلك قارن بين أعياد الأسر التي تجتمع كثيراً طيلة السنة، مع الأسر التي لا تلتقي إلا في السنة مرَّة واحدة.
إذن طول الغياب مورث للجفوة والرسمية. والفرح لابد له من التبسط والأريحية.
ونجد أن كثيراً من الشباب يرغب في العيد مع أصدقائه مع أنه يراهم يومياً، لأنه يحبهم، و «لقاء الأحبة مسلاة الهموم» (1) ويجد معهم طرحَ الكَلَفَة، وكثيراً من معاني السرور ما لا يجدها في عيد أسرته أو أخواله أو جيرانه، ناهيك عن ضعف الوازع الديني في كثير من الشباب في أمر «صلة الرحم» ، فالهدف عندهم المتعةُ لا غير.
(1). «بهجة المجالس» لابن عبدالبر (3/ 191).