المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدنيا جُبلَت على كدَر، قال ابن القيم (ت 751 هـ) - ندب العيد

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

الفصل: الدنيا جُبلَت على كدَر، قال ابن القيم (ت 751 هـ)

الدنيا جُبلَت على كدَر، قال ابن القيم (ت 751 هـ) رحمه الله: (إنَّ الدنيا لا تتخَلَّصُ أفراحُها من أحزانِها وأتراحِها البتة.

بل ما مِن فرحة إلا ومعها تَرْحَةٌ سابِقَةُ، أو مُقَارِنَةٌ، أو لَاحِقَةٌ.

ولا تتجرَّد الفرحة، بل لا بُدَّ مِن تَرحَةٍ تُقارنها، ولكن قد تقوى الفرحة على الحزن فينغمر حُكمُه وألَمُه مع وجودها، وبالعكس). (1)

‌أخيراً:

العيدُ فرَحٌ شَرْعِيٌّ، مع ذكرِ الله وشُكْرِه، وحُسنِ عبادته، ومن عبادته: السلام، والبشاشة، وصلة الرحم، والصدقة، وإدخال السرور، وإظهار التكبير في عيد الأضحى، وزكاة الفطر، وذبح الهدي والأضاحي و ....

وليس من مستلزمات العيد عقلاً ولا شرعاً ولا عادةً للمسلمين: أن يُفعلَ المنكر، ويُجاهرَ به، ويُفرح به، من أغانٍ، وخمور، وتعرٍّ، واختلاطٍ بين الرجال والنساء، وإسرافٍ في المأكل والمشرب، وتضييعٍ للصلوات، وتقصيرٍ في الواجبات من صلة الرحم، وغيرها.

(1). «مدارج السالكين» (4/ 3089).

ص: 33

واحذر أن تقصدَ مكاناً تعلو فيه أصوات المنكر، وتجدُ النساءَ فيه كاسياتٍ عارياتٍ، كما في شواطئ بعضِ الدول الغربية والشبيهةِ بالدول الغربية، فإنَّ ذلك مُخِلٌّ بالديانة، إلا إذا أنكرْتَ عليهم، فإما زوالُ المنكر فتجلس، أو بقاؤه فتذهب:

قال تعالى:

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} الأنعام: 68

وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} النساء: 140

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (28/ 239): عن رجُلٍ مَقبولٍ القَولِ عند الحُكَّامِ، يخرُجُ للفُرْجَةِ في الزَّهَرِ في «مَواسم الفُرَجِ» حيث يكونُ مَجمَعَ الناسِ، ويَرى المنكرَ ولا يَقْدِرُ عَلى إزالَتِهِ، وتَخْرُجُ امرَأَتُهُ أيضاً مَعَهُ.

هَل يجوز ذلك؟ وهل يَقدَحُ في عَدَالَتِهِ؟

ص: 34

فأجاب رحمه الله وقدَّسَ رُوحَهُ في عِلِّيِّيْن: (لَيسَ لِلإنسانِ أنْ يَحْضُرَ الأمَاكِنَ التي يَشْهَدُ فيهَا المنكراتِ، ولا يُمْكِنُهُ الإنكَارُ؛ إلَّا لِمُوجِبٍ شَرعِيٍّ، مثل: أنْ يكون هناكَ أمرٌ يحتاجُ إليه لمصلحةِ دينِه أوْ دُنياهُ، لا بُدَّ فيهِ مِن حضورِه، أو يكونَ مُكرَهَاً.

فأمَّا حُضُورُهُ لمجرَّدِ الفُرْجَةِ وَإحضَارِ امرأَتِهِ تُشَاهِدُ ذلِكَ؛ فهَذَا مما يقدَحُ في عدَالَتِهِ ومُرُوءَتِهِ إذَا أصَرَّ عَلَيه. والله أعلم).

اللهم أدم الإيمان والتوحيد والسُّنَّة والأمن والرخاء والاجتماع في بلادنا وجميع بلاد المسلمين، اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار، وشر ما اختلف عليه الليل والنهار.

اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، وبعفوك عمن سواك.

اللهم اجعل لنا من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، يارب اشرح صدورنا، ويسر أمورنا، وارزقنا سعادة الدارين.

اللهم اعمُر قلوبنا بذكرك، واجعل القرآن والسنة النبوية ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا، وارفعنا بهما في الدنيا والآخرة.

ص: 35

اللهم استعملنا فيما يرضيك، ياربِّ حبِّبْ إلينا الإيمان، وزيِّنْهُ في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومَن اتبع هداه، وسلِّمْ تسليماً كثيراً.

كتبه:

إبراهيم بن عبدالله المديهش

الرياض

نشرة خاصة: (12/ 1432 هـ)

ثم أعدت ترتيبه وزدت عليه في هذه:

النشرة الأولى: (12/ 1438 هـ)

ص: 36