الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامر قال: أتي عمر بشاهد زور، فوقفه للنَّاس يومًا إلى اللّيل يقول: هذا فلان شهد بزور فاعرفوه، ثمّ حبسه. وعاصم فيه لين".
ثالثا: أوهامٌ وَقَعَ فيها الحافظ ابن حجر رحمه الله
-.
لا أحد يسلم من الوهم، والجواد قد يَكْبُو، والصارم قد يَنْبُو، وليس من شِيَمِ أصحاب الطِّباع السَّليمة، ولا من أخلاق طالبي علوم الشريعَة تتبّع أوهام أولي العلم والفضل، وتقصّي أخطاءهم؛ إذ العصمة لا تكون إلا لمن عصمه الله، والكبار قد غَلَبَ صوابُهم على خَطَئِهم، وأبى الله أن يُتمَّ كتاب بعد كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه، وما أشير به في هذا المقام إنما هو مما اقتضته الموازنة بين الكتابين، على ما جرت عليه عادة من رام تمام المقايسة بين أمرين.
ويمكن تقسيم الأوهام التي وَقَعَ فيها الحافظ ابن حجر إلى قسمين:
القسم الأول: أوهامٌ وَقَعَ فيها الحافظ ابن حَجر تبعًا لابن الملقِّن:
من أمثلة ذلك:
* حديث: "دِبَاغُ الأديمِ ذَكَاتُه".
قال الحافظ ابن حجر (1): وفي الباب أيضًا: عن المغيرة بن شعبة، وزيد بن ثابت، وأبي أمامة، وابن عمر، وهي في الطَّبراني.
وعَزْو الحافظ رواية ابن عمر إلى الطَّبراني تابعَ فيها ابن الملقِّن (2)، وهو غَلَطٌ،
(1) التمييز (رقم 114).
(2)
البدر المنير (1/ 617).
والصَّواب عزوها إلى الدَّارقطني، فلما عزاها ابن الملقن إلى الطبراني نَقَلَ قولَه:"القاسم ضعيف"، وهذه عبارة الدّارقطني، كما يتضح من مراجعة "السُّنن".
وأبو أمامة إنما هو الرّاوي لهذا الحديث عن المغيرة بن شعبة، كما في "المعجم الكبير" وكما يتبين من سياق ابن الملقِّن في "البدر المنير"(1).
* حديث عائشة: "إذًا ذَهَبَ أَحَذكمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ؛ فَإنَّهَا تجْزئُ عَنْه".
عزاه الحافظ ابن حجر (2). رحمه الله إلى أحمد وأبي داود والنّسائيّ وابن ماجه والدَّراقطني.
وفي عَزْوِ الحديث إلى ابن ماجه وَهْمٌ، تابع فيه الحافظ ابن الملقِّن (3)، ولم أجده عند ابن ماجه، ولم يعزه إليه المزّي في "تحفة الأشراف".
* حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم تَسَلَّفَ من العباس صَدَقةَ عامين.
خَرّجَه الحافظ ابن حجر رحمه الله، ثمّ قال (4): ورواه الدارقطني أيضًا من حديث العرزمي، ومندل بن علي، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، في هذه القِصَّة.
وقوله: "ومندل بن علي عن الحكم) وَهْمٌ، إنما يرويه مندل، عن عبيد الله،
(1) البدر المنير (1/ 617).
(2)
التمييز (رقم 465).
(3)
البدر المنير (2/ 336).
(4)
التمييز (رقم 2795).
عن الحكم. وفي آخره قال الدارقطني: "كذا قال: عن عبيد الله بن عمر! وإنما أراد محمَّد بن عبيد الله. والله أعلم".
والوهم فيه من ابن الملقن، ولم يَتَنَبَّه له الحافظ ابن حجر (1).
* حديث: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا قَطْعَ في ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ".
أعلَّ الحافظُ ابن حجر حديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجه بسعد بن سعيد المقبري، وقال (2):"وهو ضعيف".
وقد تَبعَ ابنَ الملقِّن في هذا الإعلال، وإلّا فإن الحديث يَرويه سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو متروك، فإعلال الحديث به أَوْلَى من الأعلال بسعدٍ أخيه.
* حديث: "مَن نَفَّسَ عَنْ فسْلِمٍ كرْبَةً مِنْ كرَبِ الدّنْيَا نَفَّسَ الله عَنْه كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الآخِرَةِ. . .". الحديث.
اكتفى الحافظ ابن حجر (3) - تبعًا لابن الملقن- بعزوه إلى التّرمذيِّ وهو عند مسلم في صحيحه؛ فالعزو إليه أَوْلَى كما لا يخفى.
وقال أيضًا: "ورواه التّرمذي من حديث ابن عمر في حديث أوله: "الْمُسلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. . ." الحديث. وفيه: "وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
(1) البدر المنير (5/ 502).
(2)
التمييز (رقم 5859).
(3)
انظر: التمييز (رقم 5871).
واكتفى رحمه الله. تبعًا لابن الملقِّن. بعزو الحديث إلى التَّرمذي وهو في "الصَّحيحين"؛ فالعزو إليهما أَوْلَى كما لا يخفى.
* حديث عائشة: سارق موتانا كسارق أحيائنا.
قال ابن الملقن (1): "وهذا الأثر رواه البيهقي في "خلافياته" من حديث الدارقطني: حدثنا [سويد] (2) بن عبد العزيز. . ." ثم ساق إسناده.
وتابعه ابن حجر فعزاه إلى الدارقطني (3)، فقال:"الدارقطني من حديث عمرة عنها".
ويبدو أنَّ (علي بن حجر) الرّاوي عن سويد بن عبد العزيز تصحّف في نسخة ابن الملقِّن إلى (علي بن عمر) فظنّه الدّارقطني، ولكن كيف يَروي الدّارقطني عن سويد هذا وبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي، فسويد تُوفِّي سنة (194هـ) وولد الدّارقطني سنة (306 هـ)، وقد جاء على الصّواب (علي بن حجر) في "المعرفة"(4)، ونقل إسمناده عنه الزّيلعي.
وقد زاد تصرّف الحافظ ابن حجر بحذف المصدر المذكرر عند ابن الملقن ضغثًا عَلى إبَّالَة، إذ إن المتتبع سوف يُتعب بصرَه بالبحث عن الخبر في كتب الدّارقطني حَتى ينقطع دونه الأمل، ويئوب بِخُفَّي حُنين، ولو تَرَكَ له المصدر لاهتدى إلى سواء السَّبيل من دون عناءٍ طويلٍ.
(1) البدر المنير (8/ 679).
(2)
تصحف في مطبوعة "البدر المنير" إلى (مروان) والصَّواب ما أثبته.
(3)
التمييز (رقم 5894).
(4)
معرفة السنن والآثار، للبيهقي (12/ 409)
* حديث: "الختَانُ سُنَّةٌ في الرِّجالِ مَكْرُمةٌ للنِّساءِ".
خرَّجه الحافظُ ابن حجر رحمه الله ثمّ قال (1): "قلت: وله طريق أخرى من غير رواية حجاج؛ فقد رواه الطبراني في "الكبير" والبيهقي من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعّفه البيهقي في "السنن".
وقال في "المعرفة": لا يصحّ رفعه.
وهو من رواية الوليد، عن ابن ثوبان، عن ابن عجلان، عن عكرمة، عنه، ورواته موثّقون إلَاّ أنّ فيه تدليسًا".
يشير إلى الوليد المذكرر ظنًّا منه أنّه (ابن مسلم)، وهذا وَهْمٌ منه، إنّما هو الوليد بن الوليد العنسي الدّمشقي، كما صَرَّحَ به الطّبراني والبيهقي، وهو صدوق.
وهذا تَبعَ فيه ابن الملقن (2) حيث قال: "رواه الطِّبراني في أكبر معاجمه" والبيهقي في "سننه" من حديث الوليد بن [مسلم](3) عن ابن ثوبان. . .".
* حديث أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الفتنة: "كسِّرُوا فِيهَا قِسِيَّكُمْ، وَأَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ". . .".
(1) التمييز (رقم 5987).
(2)
البدر المنير (8/ 744).
(3)
تصرَّف محقِّقا "البدر المنير"(المجلد الثّامن) هنا تصرُّفًا غيرَ لائق، فغيرا (الوليد بن مسلم) إلى (بن الوليد) اعتمادًا منهما على الطّبراني والبيهقي مع اعترافهما في الهامش بأنه في نسخة كتاب "البدر المنير"(ابن مسلم)، وهذا لا يليق، بل اللاّنق بهما أن يثبتاه كما هو، ويُبَيّنَا وجه الصّواب بالهامش إلاّ (ذا كان عندهما في نسخة أخرى على الصّواب، فليُبَيّنَا ذلك. والله أعلم.
قال الحافظ ابن حجر (1): "وصحَّحه القشيريُّ في آخر "الاقتراح" على شَرْطِ الشّيخين".
وهذا وَهْمٌ تابع فيه ابنَ الملقِّن (2)، وإنمّا صحّحه ابن دَقيق العيد على شَرْطِ البخاريّ وحدَه.
* حديث عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم -فاستأذنه في الجهاد؟ فقال: " أَحَيُّ وَالِدَاكَ؟ " قال: نَعَم، قال:"فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ". متفق عليه.
وجَعْلُ الحديثِ في مسند (عبد الله بن عمر) وَهمٌ، تَابعَ فيه الحافظُ ابنُ حجر (3) شيخَه ابنَ الملقِّن صاحبَ الأصل (4). وصوابُه:"ابن عمرو" بزيادةِ واوٍ، كما خَرَّجاه في باب "الإحصار"(5).
* حديث ابن عمر في قصة قال: فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبَّلْنَا يدَه، ورجلَه.
عزاه الحافظ ابن حجر (6) إلى أبي داود بزيادة لفظة: (ورجله)، وليس في سنن أبي داود هذه الزيادة، وإنما تابعَ الحافظ ابن حجر في ذكرها صاحب الأصل الحافظ ابن الملقن (7).
(1) التمييز (رقم 6000).
(2)
البدر المنير (1/ 9).
(3)
انظر: التمييز ما قبل (رقم 6137).
(4)
البدر المنير (9/ 40).
(5)
انظر: التمييز (رقم 3804).
(6)
التمييز (رقم 6048).
(7)
البدر المنير (9/ 48).
* حديث عمر: أنّه أذن للحربي في دخول دار الإِسلام بشرط أخذ عشر ما معه من أموال التجارة.
عزاه الحافظ ابن حجر إلى البيهقي، وقال (1):"عن محمَّد بن سيرين، عن أنس بن مالك. . ."
وقوله: (محمَّد بن سيرين) وهم تَبع فيه ابنَ الملقن (2)، وصوابُه:(أنس بن سيرين)، ولفظ البيهقي:"عن أنس بن سيرين أخي محمّد بن سيرين، قال: (فذكره). . .".
القسم الثاني: أوهامٌ وَقَعَت للحافظ ابن حَجر وعند ابن الملقِّن عَلَى الصَّواب:
من أمثلة ذلك:
قال الحافظ ابن حجر. مُعلِّقًا على كلامٍ للرَّافعي:. " كأنّه يشير إلى حديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعًا، وأن ينبذ الرّطب والبسر جميعًا. متفق عليه. وفي لفظ: أن يخلط الزبيب والتمر، والبسر والرطب. وفي لفظ: نهى عن الخليطين أن يشربا، قال: قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هما؟ قال: " التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ". . . .".
فسياق الحافظ هذا يُوهم أن هذا اللّفظ الأخير عندهما، أو عند أحدهما،
(1) التمييز (رقم 6314).
(2)
البدر المنير (9/ 213).
وليس كذلك، بل هو سياق رواية الطبراني في، "المعجم الكبير" من حديث أمّ مغيث، وفيه إسحاق بن أبي فروة، وهو متروك.
ورواه ابن حزم في المحلى من حديث جابر رضي الله تعالى عنه، وضعفه بعبد الجبار بن عمر، وقال:"ضعيف جدًا".
ولفظ ابن الملقن (1): "قلت: قد روي هذا أولًا من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الخليطين. . . .".
ولم يكن ذكَر هذا معطوفا على ذكر "الصحيحين" أو أحدهما، فيوهم ما وقع فيه الحافظ ابن حجر، وإنما كان مذكررًا بعد نقل كلامٍ لابن حزم، وإن وقع في كلام ابن حزم ذكر صحيح مسلم، لكنه بعيد عن هذا الإيهام، وربما أوقع الحافظَ ابن حجر في هذا الوهم كونُ ابن الملقن ما عزاه لأحدٍ.
* حديث: " مَا أُبِينَ مِن حَيّ فَهو مَيِّت".
قال الحافظ ابن حجر (2): "ورواه ابن ماجه والبزار والطّبراني في "الأوسط" من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر. . .".
ورواية الطبراني في "المعجم الأوسط" ليست من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، وإنما هي من طريق عبد الله بن نافع الصّائغ، عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.
وعلى الصّواب ذكرها ابن الملقِّن (3).
(1) البدر المنير (8/ 708).
(2)
التمييز (رقم 41).
(3)
انظر: البدر المنير (1/ 463).
* حديث: أنّه صلى الله عليه وسلم -كان إذا استيقظ من الليل استاك.
قال الحافظ ابن حجر (1): "واستغرب ابن مَنده هذه الزيادة، وقد رواها الطبراني من وجه آخر بلفظ: كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل".
وهذا وهم، والصواب أن هذا اللّفظ إنما رواه النّسائي من حديث حذيفة، وإليه عَزاه ابن الملقِّن (2).
وأمّا لفظ الطّبراني (في الأوسط قم 2927) فهو: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشوص فاه بالسّواك"، وهكذا أورده ابن الملقّن.
ولعلّ منشأَ وهم الحافظ حصول سقطٍ في سياق بعض نسخ البدر المنير، فجاءت العبارة هكذا: "وفي رواية للطّبراني ليس فيها ذكر القيام من الليل، وهذا لفظه عن حذيفة: كنا نؤمر بالسواك
…
" الخ.
وجاء السّياق بتمامه في نسخة المحموديّة. كما أشار إليه المحقِّق (3).
* حديث: "يجزئُ مِن السِّوَاك الأَصَابعُ"،
قال الحافظ ابن حجر (4): "ورواه أبو نعيم والطبراني وابن عدي، من حديث عائشة. وفيه المثنى بن الصباح".
لم أجده عند الطبراني وابن عدي من طريق المثنى بن الصباح، وإنما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط" وابن عدي في الكامل من طريق الوليد بن مسلم،
(1) التمييز (رقم 194).
(2)
البدر المنير (1/ 706).
(3)
انظر: البدر المنير (1/ 705 - 706) مع الهامش (رقم 2).
(4)
التمييز (رقم 268).
حدثنا عيسى بن عبد الله الأنصاري، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة، به.
وهو عند ابن الملقن (1) على الصواب.
* حديث المستورد بن شداد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره.
قال الحافظ ابن حجر عند تخريجه (2): "وفي رواية لابن ماجه: "يخلل" بدل "يدلك". وفي إسناده ابن لهيعة، لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث، أخرجه البيهقي وأبو بشر الدولابي والدارقطني في "غرائب مالك" من طريق ابن وهب عن الثلاثة".
وهذا الحديث إنما حدّث به الدّارقطني في "غرائب مالك" عن أبي جعفر الأسواني، عن الدولابي، به، كما هو سياق ابن الملقن (3).
وعبارة الحافظ ابن حجر بعطف (الدّارقطني) على (الدّولابي) تُوهم خلافَ ذلك!
* حديث: "إنَّ الشَّيطانَ لَيَأتِي أَحَدَكمْ فَيَنْفَخُ بَينَ إِلْيَتَيهِ. . . .".
قال الحافظ ابن حجر (4): "وقد ذكره البيهقي في "الخلافيات" عن الربيع عن الشّافعي، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره".
(1) انظر: البدر المنير (2/ 58).
(2)
التمييز (رقم 374).
(3)
انظر: البدر المنير (2/ 229).
(4)
التمييز (رقم 562).
وهذا الذي عزاه الحافظ إلى "الخلافيات"، ليس فيها، وإنما هو في "معرفة السنن والآثار"، هاليه عزاه ابن الملقن في البدر المنير (1).
* حديث: جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "التّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلزِّراعَينِ إِلَى الْمِرْفَقَيْن".
قال الحافظ ابن حجر (2): "ضعف ابن الجوزي هذا الحديث بعثمان بن محمّد، وقال: إنه متكلم فيه. وأخطأ في ذلك. قال ابن دقيق العيد: لم يتكلم فيه أحد".
لم أجد ما نسبه هنا إلى ابن دقيق العيد في شيء من كتبه، بل الموجود عنده في كتابه (الإِمام) أنه نقل كلام ابن الجوزي هذا، وسكت عنه.
وسياق كلام ابن الملقن (3) يفيد أن ابن دقيق العيد نقل كلام ابن الجوزي المذكرر وأقرّه عليه.
* حديث: " إذًا اشْتَدّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بالصَّلاة. . . .".
قال الحافظ ابن حجر في أثناء تخريجه حديث المغيرة (4): "رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان، وتفرد به إسحاق الأزرق عن شريك، عن طارق، عن قيس عنه".
(1) انظر: البدر المنير (2/ 482).
(2)
التمييز (رقم 688).
(3)
انظر: البدر المنير (2/ 648).
(4)
التمييز (رقم 835).
وهذا وَهْمٌ من الحافظ ابن حجر رحمه الله وصوابه عند المذكررين: (عن بيان بن بشر).
أما رواية طارق فليست لهؤلاء، وقد أشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/ 136)، من طريق أبي عوانة، عن طارق، عن قيس.
ومن ابن أبي حاتم نقلها ابن الملقن (1)، ولم يعزها للمذكررين.
وعن أنس: أن النبي (كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
قال الحافظ ابن حجر (2): "رواه ابن خزيمة في "صحيحه" هكذا" وهذا لم أجده عند ابن خزيمة من حديث أنس، وقد عزاه الحافظ في "إتحاف المهرة"، إلى ابن حبان وحده، ويبدو لي أنّ الحافظ ابن حجر إنما توهَّم عزوَه إلى ابن خزيمة من قول ابن الملقِّن (3):"ورواه البيهقي في "خلافياته" من جهة ابن خزيمة. . . .".
* حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة.
قال الحافظ ابن حجر (4): "وللبخاري مثله عن عمر".
وصوابُه (ابن عمر)، فإنّ البخاري رحمه الله رواه من حديثه.
(1) انظر: البدر المنير (3/ 217).
(2)
التمييز (رقم 1096).
(3)
البدر المنير 3/ 468)
(4)
التمييز (رقم 1263).
وذكره ابن الملقن على الصواب (1).
* حديث ابن عباس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام في صلاته وضع يده على الأرض كما يضع العاجن.
قال الحافظ ابن حجر (2): "وقال في "شرح المهذب" نقل عن الغزالي أنه قال في درسه: هو بالزّاء وبالنون أصحّ. . . .".
والنقل عن الغزالي ليس في "المجموع شرح المهذب"، إنما هو في كتاب "التنقيح"، للنووي، كما جاء عند ابن الملقن (3).
* قوله: روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى في صَلاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيَبْنِ عَلَى صَلاِتهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ"(4)
قال الحافظ ابن حجر: "تنبيه: وقع لإمام الحرمين في النّهاية وتبعه الغزالي في "الوسيط" وهم عجيب؛ فإنه قال: هذا الحديث مروي في الصّحاح".
هكذا عزا كلامَ الغزالي إلى "الوسيط" ولم أجده فيه، وإنما عزاه الحافظ ابن الملقِّن إلى "البسيط" للغزالي فقال (5):"وتبعه الغزّالي في بسيطه".
(1) انظر: البدر المنير (3/ 629).
(2)
التمييز (رقم 1355).
(3)
انظر: البدر المنير (3/ 680).
(4)
التمييز (رقم 1458).
(5)
انظر: البدر المنير (4/ 106).
* حديث ابن عمر: "صَلاةُ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى".
قال الحافظ ابن حجر (1): "وصحّحه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم في "المستدرك"، وقال: رواته ثقات".
وعزو هذا الحديث إلى "المستدرك" وهمٌ من الحافظ رحمه الله، ولم يعزه إليه في "إتحاف المهرة" له.
وابن الملقن (2) إنما عَزا عبارةَ الحاكم إلى نقل الإمامِ البيهقي عنه في "الخلافيّات"، فلعل الحافظ رحمه الله توَّهم من ذلك أنّ الحديث في "المستدرك" فعزاه إليه.
وقال الحافظ ابن حجر (3): "ورواه أبو داود في "المراسيل" (4) من طريق أبي المنذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم حتى في قبر ثلاثًا. قال أبو حاتم في "العلل": أبو المنذر مجهول".
وفي عزوه كلام أبي حاتم إلى كتاب "العلل" وهم، وإنما هو في "مراسيل ابن أبي حاتم"، وإليه عزاه الحافظ ابن الملقن (5).
قال الحافظ ابن حجر (6): "وفي الباب، عن أبي هريرة. رواه ابن حبان في
(1) التمييز (رقم 1681).
(2)
انظر: البدر المنير (4/ 357 - 360)
(3)
التمييز (رقم 2586).
(4)
مراسيل أبي داود (رقم 420).
(5)
انظر: البدر المنير (5/ 317).
(6)
التمييز (رقم 2711).
"الضعفاء" في ترجمة أحمد بن موسى، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، رفعه:"تَارِكُ الصّلاةِ كَافِرٌ". واستنكره".
وهذا ليس في "كتاب المجروحين"، وإنما ذكره في كتابه "الثقات"، وإليه عزاه ابن الملقن (1)، وكذلك ابن حجر نفسُه في لسان الميزان.
وقال الحافظ ابن حجر (2): "وروى الدّارقطني من طريق عبد الله ومحمد ابني أبي بكر بن محمَّد بن عمر وبن حزم، عن أبيهما، عن جدهما، فذكر قصة الورق".
كذا عزاه إلى الدارقطني! وهو خَطأٌ، وإنّما جَاءت عبارةُ (وَرُي مثلُه من طريق؟) ذُكر قَبلها الدّارقطني، وذلك في سياق كلامٍ لابن حزم في المحلّى نقلَه عنه ابن الملقِّن (3). فظنّ الحافظُ أنّ الطّريق المساقة هي عند الدّارقطني المسمّى في السّياق، وليس كذلك.
رابعا: أقوالٌ نقلها ابن الملقِّن ونصّ على مصادرها فحذف الحافظُ ابن حَجر أسماءَ تلك المصادر فأبعد النّجعة:
من أمثلة ذلك:
* حديث: "إنمّا الأعمال بالنِّيَات، وإنّما لِكُلِّ امرئِ مَا نَوَى".
قال الحافظ ابن حجر (4): "ونقل النووي، عن أبي موسى المديني وأقره عليه: أن الذي وقع في "الشهاب". . . .".
(1) انظر: البدر المنير (5/ 396).
(2)
التمييز (رقم 2874).
(3)
انظر: البدر المنير (5/ 561)
(4)
التمييز (رقم 146).
وقد حذف الحافظ مصدر كلام النووي، وهو كتابه المسمَّى بـ (بستان العارفين)، وإملائه على هذا الحديث، ولم يكملهما، نص على ذلك الحافظ ابن الملقِّن (1).
* حديث: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَسْحُ الرقبةِ أَمَانٌ مِنَ الْغِلِّ".
قال الحافظ ابن حجر (2): وقال النووي في "شرح المهذب هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وزاد في موضع آخر: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء. . .".
وقد حذف الحافظ ابن حجر اسم المصدر في النّقل الثّاني، فأوهم كونَه "شرح المهذب"، المذكور أوَّلًا، وليس كذلك، إنما هو في كلامه على "الوسيط"، كما نصّ عليه الحافظ ابن الملقن (3).
* حديث جابر: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بفروجنا، ثم رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة.
قال الحافظ ابن حجر (4): "وتوقف فيه النووي لعنعنة ابن إسحاق. . .".
ولم يذكر الحافظ ابن حجر مصدر كلام النووي، فأبعد النجعة، وهو في شرحه لسنن أبي داود، كما ذكر الحافظ ابن الملقن (5).
(1) انظر: البدر المنير (1/ 657).
(2)
التمييز (رقم 371).
(3)
انظر: البدر المنير (2/ 222).
(4)
التمييز (رقم 429).
(5)
انظر: البدر المنير (2/ 308).
* حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -احتجم وصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه.
قال الحافظ ابن حجر (1): "وادعى ابن العربي: أن الدارقطني صححه. . .".
وقد حذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام ابن العربي، والمتبادر إلى الذهن أن يكون ذلك في "عارضة الأحوذي"، أو "القبس"، أو" أحكام القرآن"، وليس هو في كل هذه الكتب، وإنما هو في كتاب "الخلافيات" له كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (2).
* حديث: "من غسَّلَ مَيتًا فَلْيَغْتَسِلْ".
قال الحافظ ابن حجر (3): وقال الرافعي: لم يصحِّح علماء الحديث في هذا الباب شيئًا مرفوعًا.
حذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام الرافعي، فاوهم أن يكون كتابه الشرح الكبير، وليس هو، وإنما هو في كتابه "شرح مسند الشّافعي" كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (4)
(1) التمييز (رقم 500).
(2)
انظر: البدر المنير (2/ 399).
(3)
التمييز (رقم 602).
(4)
انظر: البدر المنير (2/ 399).
* حديث ابن عمر: "إنّ بلالَا يُؤذِّن بِلَيْلِ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ"(1).
قال ابن حجر (2): "وأما ابن عبد البر وابن الجوزي، وتبعهما المزي فحكموا على حديث أنيسة بالوهم، وأنه مقلوب".
فقد حذف الحافظ مصدر كلام ابن الجوزي، فأوهم كونه في كتابه "تحقيق أحاديث الخلاف" أو "العلل المتناهية" وليس فيهما إنما هو في كتابه "جامع المسانيد"، كما نص عليه الحافظ ابن الملقن (3).
* حديث أنّه صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد الخدري: " إنّك رَجُلٌ تُحِبّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ. . .
قال الحافظ ابن حجر (4) في أثناء تخرجه: "وتعقبه الشيخ محيي الدّين وبالغ كعادته. . .".
وحذف الحافظ ابن حجر مصدر كلام النووي، وهو في "كتابه التنقيح" كما ذكر الحافظ ابن الملقن (5).
عن الحسن: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر.
(1) التمييز (رقم 810).
(2)
التمييز (رقم 817).
(3)
انظر: البدر المنير (3/ 203).
(4)
التمييز (رقم 925).
(5)
انظر: البدر المنير (3/ 311).
قال الحافظ ابن حجر (1): "ونبّه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله: "في قنوت الوتر"؛ تفرد بها أبو إسحاق".
فَحذْفُ الحافظِ ابن حَجَر لمصدر كلام ابن حبان يوهم أنه في "الصحيح" له، وليس كذلك وإنما هو في كتابه "وصف الصّلاة بالسنّة" كما نص عليه الحافظ ابن الملقن، والسّياق له (2).
* * * *
(1) التمييز (رقم 1268).
(2)
انظر: البدر المنير (3/ 634).