الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنجاسة عمدًا، أو وطأه بقدمه يستهين به، فإنه يرتدّ بذلك عن الإسلام.
ومن الرِّدَّة الفعلية: كونه يطوف بالقبور يتقرَّب لأهلها بذلك، أو يصلّي لهم، أو للجنّ، وهذه رِدَّةٌ فعلية.
أما دعاؤه إيَّاهم والاستعانة بهم والنذر لهم: فردَّة قولية.
أما من طاف بالقبور يقصد بذلك عبادة الله، فهو بدعةٌ قادحةٌ في الدِّين، لا يكون رِدَّة، إنما يكون بدعة قادحة في الدين، إذا لم يقصد التقرّب إليه بذلك، وإنما فعل ذلك تقرّبًا إلى الله سبحانه جهلاً منه.
ومن الكفر الفعلي: كونه يذبح لغير الله ويتقرب لغيره سبحانه بالذبائح، يذبح البعير أو الشاة أو الدجاجة أو البقرة لأصحاب القبور تقربًا إليهم يعبُدُهم بها، أو للجِنِّ يعبدهم بها، أو للكواكب يتقرب إليها بذلك، وهذا ما أُهِلَّ به لغير الله، فيكون ميتةً، ويكون كفرًا أكبر – نسأل الله العافية -.
هذه كلُّها من أنواع الردة عن الإسلام والنواقض الفعلية.
3 - الرّدّة بالاعتقاد:
ومن أنواع الرّدّة العقدية: التي يعتقدُها بقلبه وإن لم يتكلم، ولم يفعل – بل بقلبه يعتقد – إذا اعتقد بقلبه أنَّ الله جل وعلا فقيرٌ، أو أنه بخيل، أو أنه ظالم، ولو أنه ما تكلم، ولو لم يفعل شيئًا، هذا كفر بمجرد هذه العقيدة بإجماع المسلمين.
أو اعتقد بقلبه أنه لا يُوجد بعثٌ ولا نشور، وأن كلَّ ما جاء هذا ليس
له حقيقة، أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد جَنَّة أو نار، ولا حياة أخرى، إذا اعتقد ذلك بقلبه، ولو لم يتكلم بشيء، هذا كفرٌ ورِدَّةٌ عن الإسلام – نعوذ بالله –، وتكون أعمالُهُ باطلة، ويكون مصيره إلى النار بسبب هذه العقيدة.
وهكذا لو اعتقد بقلبه – ولو لم يتكلم – أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس بصادق، أو أنَّه ليس بخاتم الأنبياء، وأنَّ بعده أنبياء، أو اعتقد أنَّ مُسيلمة الكذَّاب نبيٌّ صادق، فإنه يكون كافرًا بهذه العقيدة.
أو اعتقد – بقلبه – أنَّ نوحًا، أو موسى، أو عيسى، أو غيرهم من الأنبياء عليهم السلام أنهم كاذبون، أو أحدًا منهم، فهذا رِدّةٌ عن الإسلام.
أو اعتقد أنه لا بأس أنْ يُدعى مع الله غيره، كالأنبياء أو غيرهم من الناس، أو الشمس والكواكب أو غيرها، إذا اعتقد بقلبه ذلك صار مُرتدًّا عن الإسلام؛ لأن الله تعالى يقول:{ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (1)، وقال سبحانه:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَاّ إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2)، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ} (3)، وقال:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ} (4).
وقال: {فَادْعُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (5).
وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ
(1) سورة الحج، الآية:62.
(2)
سورة البقرة، الآية:163.
(3)
سورة الفاتحة، الآية:5.
(4)
سورة الإسراء، جزء من الآية:23.
(5)
سورة غافر، جزء من الآية:14.
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فمن زَعَم أو اعتقد أنه يجوزُ أن يُعْبَدَ مع الله غيرُهُ من مَلَكٍ، أو نبيٍّ، أو شجرٍ، أو جِنٍّ، أو غير ذلك فهو كافر وإذا نطق وقال بلسانه ذلك صار كافرًا بالقول والعقيدة جميعًا، وإن فعل ذلك ودعا غير الله، واستغاث بغير الله، صار كافرًا بالقول والعمل والعقيدة جميعًا، نسأل الله العافية.
ومما يدخل في هذا ما يفعله عُبَّاد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب المَدَدِ منهم، فيقول بعضهم: يا سيدي المَدَدَ المَدَدَ، يا سيدي الغوثَ الغوثَ، أنا بجوارك، اشفِ مريضي، ورُدَّ غائبي وأصلح قلبي.
يخاطبون الأموات الذين يُسمّونهم الأولياء، ويسألونهم هذا السؤال، نَسُوا الله وأشركوا معه غيره – تعالى الله عن ذلك -.
فهذا كفرٌ قوليٌّ، وعقديٌّ، وفعليّ.
وبعضُهم ينادي من مكانٍ بعيد وفي أمصارٍ متباعدة: يا رسول الله انصرني
…
ونحو هذا، وبعضهم يقول عند قبره: يا رسول الله اشفِ مريضي، يا رسول الله المدد المدد، انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه، انصُرنا على أعدائنا.
والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، هذا من الشرك القولي العملي، وإذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز، وأنه لا بأس به،
(1) سورة الزمر، الآية:65.