المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: للجنين النصيب الأعلى من الميراث - إعجاز القرآن في (ويعلم ما في الأرحام)

[محمود محمد غريب]

الفصل: ‌ثانيا: للجنين النصيب الأعلى من الميراث

الحقوق التي أعطاها الإسلام للجنين

‌أولا: ثبوت النسب

النسب يرفع الإنسان ويشرف قدره. وما رأيت إنسانا وسرَّك لقاؤه إلا وسألت

ابن من؟

وهو شرف متبادل فقد يرفع الواحد شرف قبيلة كاملة - كما علت برسول الله صلى الله عليه وسلم

كل الدنيا. اهتم الفقه الإسلامي بالنسب، وجعله حقا للمولود (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ)

فالأب مولود له (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)

(إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) ومع اتفاق الأئمة في ضرورة ثبوت النسب

فقد احتلفوا في الأب إذا لم يثت لقاؤه بالأم مدة الحمل.

يرى الأحناف ثبوت النسب للجنين ولو كان الأب في أقصى المشرق والأم في

أقصى المغرب وعجزت الأم عن إثبات حضوره إليها. يثبت النسب. ولا يثبت الميراث.

وسوف أناقش هذا الموضوع في حديثي عن الحمل من نطفة زوجها بعد موته.

أعني أنها احتفظت بالنطفة قبل موته بطريقة علمية وانتفعت بها بعد موته.

والعلم يؤيد هذا ويفعله أحيانا.

‌ثانيا: للجنين النصيب الأعلى من الميراث

.

وهو جنين يحتمل أن يكون ولداً فيرث ميراث الولد ويعصب النساء ويحتمل

أن يكون أنثى؟

هل سيتم تكوينه أم سينزل سقطاً؟

بل من حق أحدهم أن يسال: هل هناك حمل أم مجرد وهْم؟

يحكم الإسلام دائما لصالح الجنين فنعتبرها حاملاً. ونعتبره ولداً.

وإذا كان الظن أنه واحد أو توأم نعتبره توأما.

ص: 22

يأخذ النصيب الأعلى دائما من باب الاحتياط. وإن غداً لناظره قريب. وقد

شرح الدكتور مفتاح أقزيط أن في بعض المسائل يكون الجنين غير وارث ولكن الدكتور

أكد الاحتمال الثاني الذي يجعله وارثا من باب الاحتياط.

من ذلك يموت الميت ويترك ابن أخ شقيق وزوجة أخ شقيق حامل. لو

فرضنا الحمل ولداً يعتبر ابن أخ شَقيق. وفى هذه الحالة يرث.

ولو فرضنا الجنين أنثى كانت بنت أخ شقيق فهي لا ترت لأنها من ذوي

الأرحام. وبعض المذاهب لا تورّث ذوي الأرحام.

وذكر الدكتور مفتاح محمد أقزيط مجموعة مسائل من هذا الطراز في كتابه

(الحماية القانونية للجنين ص: 118). وكما احتاط الإسلام للجنين ووضحه في نصاب

الوارث دائما حتى تتمّ الولادة فقد أجمع العلماء - في حدود ما أعلم - على ثبوت الوصية له كالميراث.

فيجوز للجنين أن يرث عرش دولة كاملة. كذلك تجوز له الوصية. والوصيهَ

كالميراث، بل هى في القرآن مقدمة على الميراث في آيات سورة النساء.

إن الوصية مقدمة على الميراث فاختلاف الدِّين يمنع من الميراث ولا يمنع من

الوصية. وتقبل الوصية للجنين من أول أيام الحمل. ودليل ذلك أن يولد الجنين لأقل من ستة أشهر وأن يولد حيا.

وتقاس الهبة على الوصية. ويقبلها الوصي على الجنين فإن ولد حيًّا فهي للمولود.

وإن ولد حيًّا ثم مات فهي لورثته كميراثه تمامًا. وإن ولد ميِّتًا فهي لمن وهبها.

(الوسيط في شرح القانون المدني. ج 5 ص: 4).

ومعلوم في موضوع الوصية للجنين أنها مقبولة كما قلت إلا أن تكون باطلة

لسبب آخر كأن يكون الجنين وارثا لمن أوصى له. لأن الله قد أعطى كل ذي حق حقه

فلا وصية لوارث. وذلك عند من يمنع الجمع يين الميراث والوصية وهم الجمهور.

ص: 23