الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يّسرْ، بفضلك، وكرمك.
قال الشيخ الإمام الأجلّ العلامة، جار الله، فخرُ خوَارزم، أبو القاسم، محمود بن عمر الزمخشريّ، رحمه الله تعالى: أسألُ الله الذي عَدَّلَ موازينَ قِسطِه، وعايرَ مكاييل
قَبضِه وبسِطِه، ودعا في كتابه بالويل، على المطفّفين في الكيل، وكره لعباده السَّرَف والبخس، وحظر عليهم الشطط والوكس، أن يحملني على السَّويَّةِ فيما أُورد وأُصْدِرُ، والاقتصاد فيما آتي وأذرُ. ويأخذَ بيدي، إلى وزن الأمور بميزان العقل السليم، فإنه المعيار المعتدل والقسطاس المستقيم، حتى أكون من القائمين
على الحق وبه، والذاهبين عن الصواب وإليه. وأحمده، وأصلّي على خير خلقه، محمدٍ، وآله، وعلى الذين انتهجوا منهجهم في بدء الأمر ومآله.
أعلم أنَّ أصناف العلوم الأدبية ترتقي إلى اثني عشر صنفاً: الأول: علم اللغة.
والثاني: علم الأبنية.
والثالث: علم الاشتقاق.
والرابع: علم الإِعراب.
والخامس: علم المعاني.
والسادس: علم البيان.
والسابع: علم العروض.
والثامن: علم القوافي.
والتاسع: إنشاء النثر.
والعاشر: قرض الشعر.
والحادي عشر: علم الكتابة.
والثاني عشر: المحاضرات.
ولَعَهدي بهذه الأصناف لا يُسمَعُ لها صدًى، ولا تُرى لها عينٌ ولا أثر، فيما بين أهل بلادنا، وساكنه ديارنا. اللهمَّ إلَاّ متنَ اللغةِ، هكذا غُفلاً لا يَسِمهُ التحقيق، وعرياناً لا يُشمل بالإتقان، إلى أن قيَّضَ اللهُ للعَمَى أن تنكشف ضبابته، وللجهل أن تنقشع ربابته، بيُمن نَقيبةِ سيّدنا ومولانا، الإِمام الأستاذ الرئيس الأجلّ، فريدِ العصر، فخرِ العرب والعجم، جمالِ الزمان، نجمِ
الدّين، أدام الله عزَّ الفضلِ وأهلهِ، بإطالة بقائه، وإدامة علائه. لا جرَمَ أنه فتح الأبواب إلى تلك الفضائل، ورفع الحجب دون أولئك المناقب، مُفهِمّاً ومُوقِفّاً، ومُرشداً ومطرّفاً، ومُرشّحاً ومُرغبّاً. حتى أنهجتِ المسالكُ، واتلأبَّتِ الأساليب، وهزَّ الأدبُ مَناكبَه، وأرخى الفضل ذوائبه، وغادر بذلك آثاراً أبقى من
المسند لا ينمحي رقمُها، ولا ينطمس رسمهُا. فمتى تفوَّهنا بحرف من الأصناف المعدودة فهو التقاط من ذلك المعدِن، واستقاء من ذلك المَصبّ.
وقد لاحت لي، ببركات الانتماء إلى حَضْرته، ومَيامن الانضواء إلى سُدَّتِه، طريقةٌ في باب العروض عذراء، ما أظنُّها وُطئت قبلي. فعمدتُ إلى تحرير هذه النسخة منها، وأوفدتُها على مجلسه العالي،
لأفّخِمَ شأنها، وأعلي مكانها، بمدّ يده إِليها، واطّلاِع عينه عليها. فإنه شريعة للفضائل يُحام حواليها، ومدينة للعلوم والآداب يهاجَرُ إليها.