المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تقديم الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من - التنبيهات المختصرة شرح الواجبات المتحتمات المعرفة

[إبراهيم الخريصي]

الفصل: ‌ ‌تقديم الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من

‌تقديم

الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما بعد؛ فإنه لا صلاح للعباد، ولا فلاح، ولا نجاح، ولا حياة طيبة، ولا سعادة في الدارين، ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة؛ إلاّ بمعرفة أول مفروض عليهم، والعمل به، وهو الأمر الذي خلقهم الله عز وجل له، وأخذ عليهم الميثاق به، وبه حقَّت الحاقَّة، ووقعت الواقعة، وفي شأنه تُنصب الموازين، وتتطاير الصحف، وفيه تكون الشقاوة والسعادة، وعلى حسب ذلك تقسم الأنوار، ومَنْ لم يجعل الله نورًا؛ فما له مِنْ نور، وذلك الأمر هو معرفة الله عز وجل بإلهيَّته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وتوحيده بذلك، ومعرفة ما يناقضه أو بعضه، من الشرك الأكبر والأصغر، والكفر الأكبر والأصغر، والنفاق الاعتقادي والعملي، ومعرفة الطاغوت والكفر به والإيمان بالله تعالى.

وقد كان الناس من أهل نجد وغيرهم قبل دعوة الإِمام المجدد شيخ

ص: 5

الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب -رحمه الله تعالى- في جهل بهذا الركن الأعظم والأساس الأكبر، وأصل الأصول ورأس العلوم؛ أعني: علم توحيد الألوهيَّة.

وقد تفاقم هذا الخطب وعظم، وتلاطم موج الكفر والشرك في هذه الأمة وجسم، وطمست الآثار السلفية، وأقيمت البدع الرفضية والأمور الشركية.

إلى أن أراد الله تعالى إزالة تلك الظلمات، وكشف البدع والضلالات ونفي الشبهات والجهالات، وتصديق بشارة رسول رب الأرض والسماوات في قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها" 1، على يدي من أقامه هذا المقام، ومنحه جزيل الفضل والإنعام؛ أعني به الشيخ الإمام، خلف السلف الكرام، المتبع لهدي سيد الأنام، المنافح عن دين الله في كل مقام، شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، أحسن الله له المآب، وضاعف له الثواب.

فدعا إلى الله ليلًا ونهارًا، وسرًا وجهارًا، وقام بأمر الله في الدعوة إليه وما حابى أحدًا فيه ولا دارى، فعظم على الأكثرين وأنفوا استكبارًا، ولم يثنه ذلك عن أمر الله حتى قيض الله له أعوانًا وأنصارًا، فرفعوا ألويته وأعلامه حتى انتشرت في الخافقين انتشارًا.

وصنف رحمه الله تعالى التصانيف في توحيد الأنبياء والمرسلين، والرد على من خالفه من المشركين، ومن جملتها: كتاب التوحيد، وهو فرد في معناه؛ لم يسبقه إليه سابق، ولا لحقه فيه لاحق، ومن ذلك: الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات

وغير ذلك من المصنفات النافعة.

ولأهمية التوحيد وعظم شأنه؛ طلب مني بعض إخواني في الله تعالى أن

1 رواه أبوداود، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وإسناده صحيح.

ص: 6

أجمع متنًا مختصرًا فيما يجب أن يعتقد، وبه يعمل، ومنه يتعلم، يسهل على الطالب المبتدي حفظه، ولا يستغني الراغب المنتهي عن فهمه، فيسر لي ربي تبارك وتعالى ذلك، ووفق سبحانه وألهم أن جمعت من تقرير هذا الإمام وأحفاده وفيه عن غيرهم؛ فلله الحمد على ذلك وغيره من المنن لا أحصي ثناء عليه، وأسميته: الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة.

أسأل الله تعالى أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في الحياة وبعد الممات، وكل من قرأه أو سمعه أو نظر فيه؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

ولما كثر في الطلَّاب حفظه، وتعدد في الآفاق والأقطار نشره؛ عرض عليَّ أحد من كان يحفظه من طلاب العلم -وهو الأخ إبراهيم بن الشيخ صالح بن أحمد الخريصي- أن يضع لهذا المتن شرحًا مختصرًا؛ يساعد الطالب على فهمه، والراغب على العمل به وتعليمه، فأيَّدته على ما هم له وأراد، ورغَّبته في ذلك، وعلى الله تحقيق المراد، فكتب في ذلك هذه الرسالة المباركة، التي سماها: التنبيهات المختصرة شرح الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة.

وقد اطلعت عليها، فألفيتها رسالة قيِّمة، غزيزة الفائدة، قد اشتملت على إيضاح الحق بدليله، وكشف الشبه، وإيضاح كثير من الحكم، أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

وإني أنصح كل من وقعت في يده هذه الرسالة أن يقرأها من أولها إلى آخرها، وأن يتدبر ما فيها من كلام الله عز وجل وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء المحققين، لعله بذلك يتضح له الحق، ويطمئن قلبه إلى ما دلت عليه النصوص؛ من تقرير هذا التوحيد الذي هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى لا إله إلا الله، ولعله أن يقوم بما

ص: 7

أوجب الله عليه من الدعوة إلى الحق، والتحذير من خلافه.

فقد قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم"1.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير؛ فله مثل أجر فاعله"2.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.

قاله الفقير إلى ربه ومولاه: عبد الله بن إبراهيم بن عثمان القرعاوي

ملحوظة: قال جامع الشرح: جزى الله شيخنا خيرًا وغفر له، حيث تفضل بهذا التقديم المبارك المفيد، ومرادي بالمؤلف في هذا الشرح هو شيخنا جامع المتن عفا الله عنه، وما عداه؛ فهو مبيَّن، والله المستعان.

1 متفق عليه.

2 رواه مسلم وغيره.

ص: 8