الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام على الصول الثلاثة ووجوبها
…
الأصول الثلاثة
الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها.
الأصول: جمع أصل، وهو لغة: أسفل الشيء وأساسه، واصطلاحًا: ما بني عليه غيره.
وهذه الأصول الثلاثة هي أصول الدين التي يرجع الدين كله إليها، ويتفرع منها.
وتقرير هذه الأصول الثلاثة ليست من رأي الإمام المجدد1 رحمه الله تعالى بدون دليل، بل استنبطها من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم:
كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن البراء بن عازب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم من سؤال الميِّت في قبره عن هذه الأصول الثلاثة: "فأما المؤمن؛ فيثبته الله بالقول الثابت، وأما المنافق أو المرتاب؛ فيقول: هاه! هاه! لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته! فيضرب بمرزبة من حديد يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها؛ لصُعِق.
والأحاديث في ذلك كثيرة جدًا، لا تخفى على من عنده أدنى علم
1 أي شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب رفع الله درجاته. وهكذا ما يأتيك في هذا الكتاب من إطلاق الشيخ الإمام أو المجدد فهو المراد بذلك.
وإيمان؛ فالله المستعان1.
فلذلك يجب وجوبًا عينيًّا لا كفائيًّا، بل لا يعذر أحد بتركه؛ فإن الواجب والفرض قسمان: فرض عين، وفرض كفاية، وما ذكر رحمه الله؛ فهو فرض عين على كل مكلف، لا يعذر أحد بالجهل به، وعند الأصوليين: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
والمراد بالمسلم والمسلمة؛ أي: من المكلفين، حرًا كان أو عبدًا؛ لأن من ترك الأصول؛ حرم الوصول، ومن ترك الدليل؛ ضل السبيل.
فيجب على كل مكلف تعلمها؛ أي: هذه الأصول الثلاثة، ومعرفتها، واعتقادها، والعمل بما دلَّت عليه ظاهرًا وباطنًا.
والعلم: معرفة الهدي بدليله، وإذا أطلق العلم؛ فالمراد به العلم الشرعي الذي تفيد معرفته ما يجب على المكلف من أمر دينه.
قال الإمام المجدد رحمه الله تعالى: اعلم أن طلب العلم فريضة، وأنه شفاء للقلوب المريضة، وأن أهم ما على العبد معرفة دينه الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار أعاذنا الله منها اهـ.
فمن تعلم هذه الأصول وعمل بها ظاهرًا وباطنًا؛ فهو حري أن يثبِّته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ومن تهاون بها وتساهل ولم يرفع بها رأسًا؛ فلا يلومن إلا نفسه.
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَاّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]
1 راجع "تفسير الحافظ ابن كثير" رحمه الله تعالى على هذه الآية: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
…
} .
وهي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم.
أي: الأصول الثلاثة هي:
معرفة العبد ربه تبارك وتعالى بما تعرف إليه في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من وحدانيته وأسمائه وأفعاله؛ فهو رب كل شيء ومليكه، لا إله غيره ولا رب سواه.
وهذا أصل الأصول؛ فيجب علينا معرفته؛ لنعبده على حقيقة وبصيرة، ولا يكون الإنسان على حقيقة من دينه إلا بعد العلم بالله سبحانه، وما يجب له من التعظيم والإجلال.
ومعرفة دينه؛ أي: دين الإسلام الذي تعبدنا به بأدلته من الكتاب والسنة.
والدين: لغة: الذل والانقياد؛ يقال: دنته فدان؛ أي: أذللته فذل. وشرعًا: ما أمر الله به على ألسنة رسله.
ومعرفة نبيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه الواسطة بيننا وبين الله تعالى في تبليغ الرسالة، وهو أفضل الخلق على الإطلاق، والآيات والأحاديث في فضله وشرفه كثيرة جدًا، ومعرفته فرض على كل مكلف؛ لأنه لا طريق لنا إلى عبادة الله إلا بما جاء به صلى الله عليه وسلم. والنبي: رجل أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر به؛ فرسول.
وذكر المؤلف رحمه الله هذه الأصول مجملة، ثم يذكرها مفصلة أصلًا أصلًا؛ تتميمًا للفائدة، وتنشيطًا للقارئ؛ فإنه إذا عرفها مجملة وعرف ألفاظها بقي متشوقًا إلى معرفة معانيها وتفاصيلها، والله الموفِّق.
"فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربَّى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي، ليس لي معبود سواه".
هذا شروع في تفصيل ما تقدم من الأصول الثلاثة، وأخرج الكلام بصيغة السؤال؛ ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في الفهم، وأقرب إلى الانتباه.
فإذا قيل لك: من ربك؟ 1؛ أي: من إلهك الذي خلقك ورباك ورزقك النعم لتستعين بها على عبادته وحده لا شريك له؟ والرب: هو المعبود المالك المتصرف، وله معان أخر، ولا يطلق معرفًا بالألف واللام إلَّا على الله تعالى.
فقل أيها العبد: ربي هو الذي أوجدني من العدم وربَّاني بالنعم وحده لا شريك له، وربى كذلك جميع العالمين بنعمه الظاهرة والباطنة، هو الذي أوجد العالم العلوي والسفلي من العدم، وهو مالكهم ورازقهم والمتصرف فيهم بما شاء.
ونعم الله كثيرة لا تحصى؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34] .
والخلق مفطورون على معرفة خالقهم سبحانه، لا ينازع في ربوبيته ووجوده إلَّا مجنون أو مكابر معاند، وكل مخلوقاته وآياته -وإن دقت- دالة أعظم دلالة على وجود الخالق وعظمته وتفرده بالربوبية وحده لا شريك له ولا إله سواه.
والعالمون: جمع عالم، وهم كل ما سوى الله؛ فالوجود قسمان: رب ومربوب. فالرب: هو الله العظيم سبحانه، والمربوب: هو العالم. والمراد بهم جميع المخلوقات. وسمي العالم عالمًا؛ لأنه علامة واضحة دالة على صانعه وموجده جلَّ وعلا.
وهو -أي: الله تعالى - معبودي- أي: مألوهي - وحده، ليس لي معبود سواه؛ فكما أنه سبحانه المتفرد بالخلق والرزق والتدبير؛ فهو وحده المتفرد والمستحق بأن يعبد وحده دون من سواه، وهذا هو مدلول كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله.
1 راجع على هذه المسألة والتفصيل فيها كلام الإمام المجدد رحمه الله في الدرر السنية ج1 ص73 الطبعة الجديدة المزيدة
والتعبد: هو التألة ذلًا وحبًّا وتعظيمًا للإله الحق الكبير؛ فأعظم دليل على توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية؛ كما يستدل بذلك تعالى على المشركين في آيات كثيرة من كتابه:
كما في أول آية في القرآن فيها الأمر بالتوحيد، وهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الآية: [البقرة:21] .
"واذا قيل لك: ما دينك؟ فقل: ديني الإسلام، وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله".
شرع المؤلف رحمه الله في بيان الأصل الثاني من أصول الدين:
فإذا قال لك قائل: ما دينك الذي تدين الله به وتنال به السعادة في الدنيا والآخرة؟
ولابد في هذا من معرفة الأدلة من الكتاب والسنة؛ ليكون العبد على نور وبرهان وبصيرة من دينه؛ فإنه لا يأمن في حياته من الشك والزيغ والانقلاب؛ عياذًا بالله من ذلك، وكذلك بعد مماته عند سؤال الملكين منكر ونكير؛ بأن يقول: هاه! ها! لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته.
وما ذكره المؤلف عن الشيخ وأحفاده رحمهم الله في هذه النبذة العظيمة المفيدة مع العمل ظاهرًا وباطنًا بما دلَّت عليه كفيل بإذن الله تعالى بمعرفة أصول الدين والثبات عليه حتى الممات؛ فجزاهم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خيرًا، ونفعنا والمسلمين بعلومهم.
فقل: ديني الإسلام؛ أي: جاوبه بقولك: ديني هو الإسلام، الذي لا يقبل الله من أحد دينًا غيره، وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين عليهم وعلى نبيِّنا
الصلاة والسلام؛ فالدين واحد وهو الإسلام، أما الشرائع؛ فقد تختلف1.
قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19] وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85] .
والدين له ثلاث مراتب وهي: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وكل مرتبة لها أركان؛ كما لا يخفى على ذوي الإيمان.
وعرَّف رحمه الله الإسلام بأنه هو الاستسلام؛ أي الذلُّ والخضوع لله تعالى بالتوحيد الذي هو إفراد الله بالعبادة، من قولهم: استسلم فلان للقتل إذا أسلم نفسه وذل وانقاد وخضع؛ فالمسلم ذليل خاضع منقاد لله وحده، مستسلم طوعًا لعبادته دون من سواه.
والانقياد له بالطاعة؛ أي: فلا يكفي مجرد الاستسلام والخضوع فقط، بل لابدَّ مع ذلك من الانقياد لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك المنهيات؛ طاعة لله، ابتغاء وجه، ورغبة فيما عنده، وخوفًا من عقابه.
والبراءة من الشرك وأهله؛ أي: فالمسلم إذا انقاد لأوامر الله تعالى باطنًا وظاهرًا؛ وجب عليه شيء آخر، وهو البراءة والتبري من الشرك كبيره وصغيره، ومن أهل الشرك؛ بإظهار عداوتهم وبغضهم وتكفيرهم، وعدم مساكنتهم ومؤاكلتهم، وعدم التشبه بهم في الأقوال والأعمال، بل لابدَّ من التبري من كل خصلة من خصالهم.
وهذا هو أوثق عرى الإيمان، وهو الولاء والبراء، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة.
وهذا الأمر العظيم الذي أوجبه الله تعالى في غير ما آية من كتابه العزيز،
1 كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلَّات أمهماتهم شتى ودينهم واحد".
وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، في عدة أحاديث قد تساهل فيه كثير من الناس في هذا الزمان؛ فمستقل ومستكثر، بل قد يكاد الولاء والبراء أن يكون معدومًا؛ إلَّا ما شاء الله، وهذا خطر شديد، يخشى على المتساهل فيه من الزيغ وهو لا يشعر والعياذ بالله؛ لأن القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن تعالى، وليس للزيغ علامة على صاحبه، بل ربما عوفي ووسِّع عليه استدارجًا وإملاءً، وهو لا يدري أنه قد مُكِر به؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فالسعيد من تنبه لهذا وتعلم دينه وخاف من ذهابه أعظم من خوفه على بدنه ودنياه وماله، ونستغفر الله لما نعلم ولما لا نعلم، ونسأله بمنه وكرمه وإحسانه أن يهدينا والمسلمين والمسلمات إلى صراطه المستقيم، وأن يتوفانا عليه، آمين.
تنبيه: وقع في بعض نسخ الأصول الثلاثة ونحوها عبارة: والخلوص من الشرك؛ بدل: والبراءة من الشرك وأهله، وكلام الشيخ الإمام المجدد قدس الله روحه كما في النسخ المعتمدة بهذه العبارة التي شرحناها، وهي: والبراءة من الشرك وأهله؛ لأن الخلوص من الشرك لا يكفي وحده، بل لابدَّ معه من البراءة من أهله وتكفيرهم؛ كما قال تعالى عن إمام الحنفاء عليه السلام:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} الآية [الممتحنة:4] ، فتبرءوا من أهل الشرك قبل الشرك.
وقال الشيخ الإمام رحمه الله في الأصول على قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ
فَاهْجُر} ؛ قال: الرجز: الأصنام، وهجرها: تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها.
فتأمل، وهذا واضح جدًّا، والله المستعان.
"وإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم".
هذا هو الأصل الثالث من الأصول الثلاثة، وهو معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله للعالمين بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأفضل الخلق أجمعين.
وهو عبد لا يعبد ورسول لا يكذَّب، بل يطاع ويتبع، شرَّفه الله بالعبوديَّة.
فيجب على المكلف معرفته، والإيمان به، ومحبته، وطاعته، وتعظيمه، وتبجيله، وتوقيره، ويستحب - وقيل: يجب -على المسلم أن يصليَّ ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم عندما يذكر اسمه، وفي الأمر بذلك وفضل الصلاة والسلام عليه نصوص من الكتاب والسنة1.
ومعرفته صلى الله عليه وسلم تشتمل على معرفة نسبه الشريف وعمره وبقائه في الدنيا ووفاته وما نبئ به وما أرسل به وبلده ومهاجره، وأعظم ذلك معرفة ما بعث به.... إلى غير ذلك؛ كما ذكره الإمام في الأصول وغيره.
وكيف لا يعرف المسلم والمسلمة من لا يدخل الجنة وينجو من النار إلَّا بسلوك طريقه وهديه صلوات الله وسلامه عليه؟! فهو الرحمة المهداة لمن أراد الله هدايته وسعادته عاجلًا وآجلًا؛ فلا يعرف الأصل الأول وهو معرفة الله، ولا
1 وللإمام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى كتاب حافل سماه "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام" فراجعه إن أردت الفوائد
الأصل الثاني وهو معرفة الدين؛ إلا بمعرفة الأصل الثالث وهو معرفة الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ الرسالة، فتحتمت معرفته، وصارت من الضروريات اللازمة.
فبهذا يظهر ويتبين أن معرفته أحد الأصول الثلاثة؛ فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين1.
إذا تبَّين هذا؛ فاعلم أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم له عدة أسماء، أشهرها محمد، وهو الذي جاء في القرآن والسنة أكثر من غيره، ومن أسمائه أحمد؛ كما في سورة الصف، وله غيرها صلى الله عليه وسلم، وسمي محمدًا لكثرة خصاله الحميدة، وأنه يحمد أكثر مما يحمد غيره، وكنيته أبو القاسم.
وأبوه عبد الله، وهو الذبيح الثاني المفدَّى بمئة من الإبل، والقصة مذكورة في التاريخ.
وجدُّه عبد المطلب، واسمه شيبة، ويقال له: شيبة الحمد؛ لجوده وجماع أمر قريش عليه، وإنما سمي بعبد المطلب؛ لأن عمه المطلب قدم به مكة وهو رديفه، وقد تغير لونه بالسفر، فحسبوه عبدًا له -أي: مملوكًا- فقالوا: هذا عبد المطلب! فعلق به هذا الاسم.
وأبوه: هاشم، واسمه عمرو، وإنما سمي هاشمًا لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في سني المَحْل، وهو من قريش وقريش هو النضر الذي جماع قريش إليه.
ولا خلاف بين العلماء أن هاشمًا ابن لعبد مناف، واسمه: المغيرة بن
1 وفي أوائل "زاد المعاد" للعلامة ابن القيم رحمه الله فصل مهم جدًا في تحتم وضرورة معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به لا يستغني عنه المسلم.
قصي بن كلاب بن مرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. إلى ها هنا معلوم الصحة، متفق عليه بين النسابين، ولا خلاف فيه ألبتة، وما فوق عدنان مختلف فيه، ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
والمراد بالعرب هنا المستعربة؛ فإن العرب قسمان: عاربة ومستعربة؛ فالعاربة قحطان، والمستعربة عدنان، وهم أفضل من العرب العاربة؛ لأن منهم أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو القائل:"إن الله اصطفى بني إسماعيل من العرب، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم؛ فأنا خيار من خيار". رواه مسلم وغيره.
ولما سأل هرقل أبا سفيان رضي الله عنه عن نسب النبي صلي الله عليه وسلم؟ قال: هو فينا ذو نسب. قال: وهكذا الرسل تبعث في أنساب قومها؛ يعني: في أكرمها أحسابًا. خرَّجه البخاري.
فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه؛ فصلوات الله وسلامه عليه.
والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وهذا لا خلاف فيه، ولا خلاف أن الخليل عليه السلام من ذرية سام بن نوح عليه السلام.
وقد ذكر المؤرخون نسب الخليل إلى نوح عليهما السلام في مصنفاتهم، كما ذكروا قصة الخليل وذريته مفصلة، وأن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح، وهو الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
أما ذكر سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومولده ونشأته وغير ذلك؛ فهي مذكورة في مؤلفات أهل العلم؛ خصوصًا المحققين منهم؛ كابن القيِّم في زاد المعاد، وابن كثير في البداية والنهاية، ونحوهما، وكـ مختصر السيرة لشيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب؛ رحمهم الله تعالى أجمعين.
أما تعريف صلاة الله وسلامه على من يُصلِّي عليه؛ فالصلاة لغةً: الدعاء، وأصحُّ ما قيل في معنى الصلاة من الله على الرسول صلى الله عليه وسلم ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية رحمه الله؛ قال: صلاة الله على رسوله: ثناؤه عليه في الملإ الأعلى1، والسلام بمعنى التحية أو السلامة من النقائض والرذائل، ومن أسماء الله سبحانه: السلام؛ لسلامته من النقائص والعيوب جلَّ وعلا.
1 انظر صحيح البخاري مع الفتح 532/8 باب {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .