المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلام على أصل الدين وبيان الأمر الأول - التنبيهات المختصرة شرح الواجبات المتحتمات المعرفة

[إبراهيم الخريصي]

الفصل: ‌الكلام على أصل الدين وبيان الأمر الأول

‌الكلام على أصل الدين وبيان الأمر الأول

أصل الدين وقاعدته

أصل الدين وقاعدته أمران:

الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.

الأصل: تقدم بيانه.

والقاعدة: بمعنى الأصل؛ أي: أن أصل الدين وأساسه وقاعدته الذي ينبني عليه غيره، ويتفرع منه سواه، ولا يصحُّ عمل ولا قول إلا به: أمران عظيمان، وهما: معنى كلمة الإخلاص: لا إلا الله، التي خلق الله الثقلين لأجلها.

الأول: الأمر بعبادة الله؛ أي: إفراده بالعبادة كلها له وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّك} ؛ أي: أمر ووصى {أَلَاّ تَعْبُدُوا} ، وهذا معنى: لا إله، {إِلَاّ إِيَّاهُ} [الإسراء:23] ، وهذا معنى: إلا الله.

وكل رسول أرسله الله إلى قومه أول ما يأمرهم به هو إفراد الله بالعبادة دون من سواه:

كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] .

ص: 27

والنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة عشر سنين يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له قبل فرض الصلاة وغيرها من الشرائع؛ لأن التوحيد أساس الْمِلَّة وأصلها، وبقية الفرائض فرع منه، فإذا زال الأصل؛ زال الفرع.

والعبادة لغةً: التذلُّل والخضوع والانقياد، وشرعًا: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة؛ كالدعاء، والصلاة، والخوف، والرجاء، والمحبة، وغير ذلك من العبادات؛ فيجب إخلاصها وإفرادها لله وحده لا شريك له، فمن صرف منها شيئًا لغير الله؛ فهو مشرك كافر.

والتحريض على ذلك؛ أي: على عبادة الله وحده لا شريك له، والحث على ذلك، والصبر والمصابرة على الدعوة إلى التوحيد؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من بعده، والترغيب فيما أعد الله لعباده المخلصين من النعيم المقيم، والترهيب عما أعد الله للمشركين من العذاب الأليم والخلود في الجحيم، وبذل الوسع في ذلك.

والموالاة فيه؛ أي: في التوحيد. والموالاة: الموادة والمصادقة والنصرة، ضد المعاداة فمن أحب الله؛ أحب فيه، ووالى أولياءه، وكلما قويت محبة العبد لله في قلبه؛ قويت هذه الأعمال المترتبة عليها، وبكمالها يكمل توحيد العبد، وبضعفها يضعف.

فيجب على المسلم موالاة أولياء الله تعالى ومحبتهم؛ لأن ذلك من لوازم: لا إله إلَّا الله.

وقد قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55-56]

ص: 28