المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قبلةَ النصارى، ولا النصارى بتابعةٍ قبلة اليهود فمتوجِّهةٌ نحوها، كما:- 2257- - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٣

[ابن جرير الطبري]

الفصل: قبلةَ النصارى، ولا النصارى بتابعةٍ قبلة اليهود فمتوجِّهةٌ نحوها، كما:- 2257-

قبلةَ النصارى، ولا النصارى بتابعةٍ قبلة اليهود فمتوجِّهةٌ نحوها، كما:-

2257-

حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وما بعضهم بتاع قبلة بعض"، يقول: ما اليهود بتابعي قبلة النصارى، ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود. قال: وإنما أنزلت هذه الآية من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حُوِّل إلى الكعبة، قالت اليهود: إن محمدًا اشتاقَ إلى بلد أبيه ومولده! ولو ثبت على قبلتنا لكُنا نرجو أن يكون هو صاحبَنا الذي ننتظر! فأنزل الله عز وجل فيهم:"وإنّ الذين أوتوا الكتابَ ليعلمون أنه الحق من ربهم" إلى قوله:"ليكتمون الحق وهم يعلمون". (1)

2258-

حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"وما بعضهم بتابع قبلةَ بعض"، مثل ذلك.

* * *

وإنما يعني جل ثناؤه بذلك: أن اليهود والنصارى لا تجتمع على قبلة واحدة، مع إقامة كل حزب منهم على مِلَّتهم. فقال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تُشعر نفسك رضَا هؤلاء اليهود والنصارى، فإنه أمر لا سبيل إليه. لأنهم مع اختلاف مللهم لا سبيل لكَ إلى إرضاء كل حزب منهم. من أجل أنك إن اتبعت قبلةَ اليهود أسخطتَ النصارى، وإن اتّبعت قبلة النصارى أسخطت اليهود، فدع ما لا سبيل إليه، وادعُهم إلى ما لهم السبيل إليه، من الاجتماع على مِلَّتك الحنيفيّة المسلمة، وقبلتِك قبلةِ إبراهيم والأنبياء من بعده.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ‌

(145) }

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"ولئن اتبعت أهواءهم"، ولئن التمست يا محمد رضَا هؤلاء اليهود والنصارى، الذين قالوا لك ولأصحابك:"كونوا هُودًا أو نصارى تهتدوا"، فاتبعتَ قبلتهم - يعني: فرَجعت إلى قبلتهم.

(1) الأثر: 2257- انظر ما مضى رقم: 2204.

ص: 186

ويعني بقوله:"من بَعد مَا جَاءك من العلم"، من بعد ما وصَل إليك من العلم، بإعلامي إياك أنهم مقيمون على باطل، وعلى عنادٍ منهم للحق، ومعرفةٍ منهم أنّ القبلة التي وجهتُك إليها هي القبلةُ التي فرضتُ على أبيك إبراهيم عليه السلام وسائر ولده من بعده من الرسل - التوجُّهَ نحوها،"إنك إذًا لمن الظالمين"، يعني: إنك إذا فعلت ذلك، من عبادي الظَّلمةِ أنفسَهم، المخالفين أمري، والتاركين طاعتي، وأحدُهم وفي عِدادِهم. (1)

* * *

(1) السياق: من عبادي الظلمة. . . وأحدهم، وفي عدادهم".

ص: 187

القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه"، أحبارَ اليهود وعلماء النصارى: يقول: يعرف هؤلاء الأحبارُ من اليهود، والعلماءُ من النصارى: أن البيتَ الحرام قبلتُهم وقبلة إبراهيم وقبلةُ الأنبياء قبلك، كما يعرفون أبناءَهم، كما:-

2259-

حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يَعرفونه كما يَعرفون أبناءهم"، يقول: يعرفون أن البيت الحرام هو القبلةُ.

2260-

حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قول الله عز وجل:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونهُ كما يعرفونَ أبناءهم"، يعني: القبلةَ.

ص: 187

2261-

حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم"، عرفوا أن قِبلة البيت الحرام هي قبلتُهم التي أمِروا بها، كما عرفوا أبناءهم.

2262-

حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفونَ أبناءهم"، يعني بذلك: الكعبةَ البيتَ الحرام.

2263-

حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم"، يعرفون الكعبة من قبلة الأنبياء، كما يعرفون أبناءهم. (1)

2264-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" قال، اليهود يعرفون أنها هي القبلة، مكة.

2265-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج في قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" قال، القبلةُ والبيتُ.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) }

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وإنّ طائفةً من الذين أوتوا الكتاب -وهُمُ اليهود والنصارى. وكان مجاهد يقول: هم أهل الكتاب.

2266-

حدثني محمد بن عمرو -يعني الباهلي- قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بذلك.

(1) في المطبوعة: "يعرفون الكعبة من قبلة الأنبياء".

ص: 188

2267-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج مثله.

2268-

حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح مثله.

* * *

قال أبو جعفر: وقوله:"ليكتمون الحق"، - وذلك الحق هو القبلة =التي وجَّه الله عز وجل إليها نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم. يقول: فَولِّ وجهك شطرَ المسجد الحرام= التي كانت الأنبياء من قبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم يتوجَّهون إليها. فكتمتها اليهودُ والنصارى، فتوجَّه بعضُهم شرقًا، وبعضُهم نحو بيتَ المقدس، ورفضُوا ما أمرهم الله به، وكتموا مَعَ ذلك أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم وهم يجدونَه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. فأطلع الله عز وجل محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمَّتَه على خيانتهم اللهَ تبارك وتعالى، وخيانتهم عبادَه، وكتمانِهم ذلك، وأخبر أنهم يفعلون ما يَفعلون من ذلك على علم منهم بأن الحق غيرُه، وأن الواجب عليهم من الله جل ثناؤه خلافُه، فقال:"ليكتمونَ الحق وهم يعلمون"، أنْ لَيس لَهم كتمانه، فيتعمَّدون معصية الله تبارك وتعالى، كما:- (1)

2269-

حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد عن قتادة قوله:"وإنّ فريقًا منهم ليكتمون الحق وهُمْ يعلمون"، فكتموا محمدًا صلى الله عليه وسلم.

2270-

حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ليكتمون الحق وَهمْ يعلمون" قال، يكتمون محمدًا صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.

(1) من أول قوله: "كما حدثنا بشر بن معاذ"، إلى حيث نذكر في ص 207 تعليق: 2 موجود في ست عشرة صفحة بقيت من القسم المفقود من النسخة العتيقة.

ص: 189