الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
فِي مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا فَأَمَّا الْمَكِيلُ، وَالْمَوْزُونُ: فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْقُرْعَةُ بِاتِّفَاقٍ إِلَّا مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ.
وَالْمَكِيلُ أَيْضًا لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ صُبْرَةً وَاحِدَةً أَوْ صُبْرَتَيْنِ فَزَائِدًا:
فَإِنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا; فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ قِسْمَتُهُ عَلَى الِاعْتِدَالِ بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ إِذَا دَعَا إِلَى ذَلِكَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَلَى التَّرَاضِي عَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الرِّبَوِيِّ، أَوْ مِنْ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ (أَعْنِي: الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ) ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ، وَالْمَجْهُولِ، وَلَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ جُزَافًا بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ. وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ قِسْمَتُهُ تَحَرِّيًا: فَقِيلَ لَا يَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ، وَيَجُوزُ فِي الْمَوْزُونِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخِلَافِ مَا يَدْخُلُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ تَحَرِّيًا.
وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَا صِنْفَيْنِ:
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ: فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ إِلَّا بِالْكَيْلِ الْمَعْلُومِ فِيمَا يُكَالُ، وَبِالْوَزْنِ بِالصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِيمَا يُوزَنُ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَدْرِ كَمْ يَحْصُلُ فِيهِ مِنَ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ مِنَ الْكَيْلِ الْمَعْلُومِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ ; لِأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي الصِّنْفَيْنِ إِذَا تَقَارَبَتْ مَنَافِعُهُمَا، مِثْلُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ: فَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَى الِاعْتِدَالِ، وَالتَّفَاضُلِ الْبَيِّنِ الْمَعْرُوفِ; بِالْمِكْيَالِ الْمَعْرُوفِ أَوِ الصَّنْجَةِ الْمَعْرُوفَةِ (أَعْنِي: عَلَى جِهَةِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَا صِنْفَيْنِ) ، وَهَذَا الْجَوَازُ كُلُّهُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى جِهَةِ الرِّضَا. وَأَمَّا فِي وَاجِبِ الْحُكْمِ فَلَا تَنْقَسِمُ كُلُّ صُبْرَةٍ إِلَّا عَلَى حِدَةٍ، وَإِذَا قُسِمَتْ كُلُّ صُبْرَةٍ عَلَى حِدَةٍ جَازَتْ قِسْمَتُهَا بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ. فَهَذَا كُلُّهُ هُوَ حُكْمُ الْقِسْمَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الرِّقَابِ.
[الْقَوْلُ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي وَهُوَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ]
الْقَوْلُ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي.
وَهُوَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ.
فَأَمَّا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ: فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالسُّهْمَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا، وَلَا تَكُونُ الْقُرْعَةُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَقِسْمَةُ الْمَنَافِعِ هِيَ عِنْدَ الْجَمِيعِ بِالْمُهَايَأَةِ، وَذَلِكَ إِمَّا بِالْأَزْمَانِ، وَإِمَّا بِالْأَعْيَانِ: أَمَّا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ بِالْأَزْمَانِ: فَهو أَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَيْنِ مُدَّةً مُسَاوِيَةً لِمُدَّةِ انْتِفَاعِ صَاحِبِهِ.
وَأَمَّا قَسْمُ الْأَعْيَانِ: بِأَنْ يُقَسِّمَا الرِّقَابَ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا حَصَلَ لَهُ مُدَّةً مَحْدُودَةً، وَالرِّقَابُ بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِ الشَّرِكَةِ.
وَفِي الْمَذْهَبِ فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ بِالزَّمَانِ اخْتِلَافٌ فِي تَحْدِيدِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الْقِسْمَةُ لِبَعْضِ الْمَنَافِعِ دُونَ بَعْضٍ لِلِاغْتِلَالِ، أَوِ الِانْتِفَاعِ، مِثْلَ اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَزِرَاعَةِ