المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] الْقَوْلُ فِي الْمُسَاقَاةِ: أَمَّا أَوَّلًا: فَفِي جَوَازِهَا. وَالثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ - بداية المجتهد ونهاية المقتصد - جـ ٤

[ابن رشد الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَاتِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِ الْإِجَارَاتِ وَشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ]

- ‌[الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ النَّظَرُ فِي أَحْكَامِ الْإِجَارَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْجُعْلِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِرَاضِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَحِل القراض]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَسَائِلِ الشُّرُوطِ في القراض]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ] [

- ‌الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مَحِل شركة العنان مِنَ الْأَمْوَالِ]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّانِي كَيْفِيَّةُ اقْتِسَامِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا في شركة العنان]

- ‌[الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَمَلِ في شركة العنان]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي وَهُوَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَام القسمة]

- ‌[كِتَابُ الرُّهُونِ] [

- ‌الْقَوْلُ فِي أَرْكَان الرهن]

- ‌[الْقَوْلُ فِي شُّرُوطِ الرهن]

- ‌[الْقَوْلُ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي أَحْكَام الرهن]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَصْنَافِ الْمَحْجُورِينَ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي مَتَّى يَخْرُجُونَ مِنَ الْحَجْرِ وَمَتَى يُحْجَرُ عَلَيْهِمْ وَبِأَيِّ شُرُوطٍ يَخْرُجُونَ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ أَفْعَالِهِمْ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ الوكالة]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الوكالة]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُخَالَفَةِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي أَرْكَانِ اللُّقَطَةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي ضَّمَانِ المغصوب]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي الطَّوَارِئِ على الْمَغْصُوبِ بالزِيَادَةٍ أو النقْصَان]

- ‌[كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْقَوْلُ فِي أَرْكَانِ الوصايا]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الوصايا]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مِيرَاثُ الصُّلْبِ]

- ‌[مِيرَاثُ الزَّوْجَاتِ]

- ‌[مِيرَاثُ الْأَبِ وَالْأُمِّ]

- ‌[مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ]

- ‌[مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ]

- ‌[مِيرَاثُ الْجَدِّ]

- ‌[مِيرَاثُ الْجَدَّاتِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[حُكْمُ الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ أَوِ الْمُرْتَدَّ]

- ‌[تَوْرِيثُ الْمِلَلِ الْمُخْتَلِفَةِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا]

- ‌[تَوْرِيثُ الْحُمَلَاءِ]

- ‌[تَوَارُثُ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[مِيرَاثُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَى]

- ‌[النَّسَبُ الْمُوجِبُ لِلْمِيرَاثِ]

- ‌[هَلْ يُلْحَقُ أَوْلَادُ الزِّنَى بِآبَائِهِمْ]

- ‌[مِيرَاثُ الْقَاتِلِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْوَلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ الْكِتَابَةِ] [

- ‌أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[أَحْكَامُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِصَاصِ] [

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ فِي مُوجِبِ الْقِصَاصِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي النَّظَرُ فِي الْوَاجِبِ فِي الْقِصَاصِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ فِي النُّفُوسِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ] [

- ‌وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ] [

- ‌الْقَوْلُ فِي دِيَاتِ الشِّجَاجِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابٌ فِي أَحْكَامِ الزِّنَى]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حَدِّ الزِّنَى]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَصْنَافِ الزُّنَاةِ وَعُقُوبَاتِهِمْ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ مَا تَثْبُتُ بِهِ هَذِهِ الْفَاحِشَةُ]

- ‌[كِتَابُ الْقَذْفِ]

- ‌[بَابٌ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْحِرَابَةِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي النَّظَرِ فِي الْحِرَابَةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي النَّظَرِ فِي الْمُحَارِبِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحَارِبِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ ما تسقطه التوبة عَنْ المحارب]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ بِمَاذَا تَثْبُتُ الحرابة]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ مَا يَقْضِي بِهِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَكُونُ بِهِ الْقَضَاءُ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ النُّكُولُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ أَوْ لَهُ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَضَاءِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي وَقْتِ الْقَضَاءِ]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] الْقَوْلُ فِي الْمُسَاقَاةِ: أَمَّا أَوَّلًا: فَفِي جَوَازِهَا. وَالثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

الْقَوْلُ فِي الْمُسَاقَاةِ: أَمَّا أَوَّلًا: فَفِي جَوَازِهَا.

وَالثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ الْفَسَادِ وَالصِّحَّةِ فِيهَا.

وَالثَّالِثُ: فِي أَحْكَامِهَا.

الْقَوْلُ فِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فَأَمَّا جَوَازُهَا: فَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُدُ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مُسْتَثْنَاةٌ بِالسُّنَّةِ مِنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَمِنَ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ أَصْلًا. وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ فِي إِجَازَتِهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الثَّابِتِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ، وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يُعْمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمَرِهَا» ، خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَاقَاهُمْ عَلَى نِصْفِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ، وَالثَّمَرَةِ» . وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَيْضًا مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ يَوْمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ: «أُقِرُّكُمْ عَلَى مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ الثَّمرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» . قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ:«إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي» ، وَكَذَلِكَ مُرْسَلُهُ أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي مَعْنَاهُ.

ص: 28

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: فَعُمْدَتُهُمْ مُخَالَفَةُ هَذَا الْأَثَرِ لِلْأُصُولِ مَعَ أَنَّهُ حُكْمٌ مَعَ الْيَهُودِ، وَالْيَهُودُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ ذِمَّةٌ، إِلَّا أَنَّا إِذَا أَنْزَلْنَا أَنَّهُمْ ذِمَّةٌ كَانَ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ; لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ، (وَهُوَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا) ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْخَرْصِ بَيْعُ الْخَرْصِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلْأُصُولِ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عِنْدَ الْخَرْصِ:«إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَتَضْمَنُونَ نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي وَأَضْمَنُ نَصِيبَكُمْ» . وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ. وَرُبَّمَا قَالُوا: النَّهْي الْوَارِد عَنِ الْمُخَابَرَةِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ بِخَيْبَرَ. وَالْجُمْهُورُ يَرَوْنَ أَنَّ الْمُخَابَرَةَ هِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ هَذَا الْحَدِيثِ، أَوْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْيَهُودِ مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ، وَغَيْرِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا; لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ، وَهُوَ خَاصٌّ أَيْضًا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَحَادِيثِ الْمُسَاقَاةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَقُلْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مَالِكٌ، وَلَا الشَّافِعِيُّ (أَعْنِي: بِمَا جَاءَ مِنْ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَاقَاهُمْ عَلَى نِصْفِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ وَالثَّمَرَةُ» . وَهِيَ زِيَادَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَالَ بِهَا أَهْلُ الظَّاهِرِ.

الْقَوْلُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَالنَّظَرُ فِي الصِّحَّةِ رَاجِعٌ إِلَى النَّظَرِ فِي أَرْكَانِهَا، وَفِي وَقْتِهَا، وَفِي شُرُوطِهَا الْمُشْتَرَطَةِ فِي أَرْكَانِهَا.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْمَحِلُّ الْمَخْصُوصُ بِهَا. وَالْجُزْءُ الَّذِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ. وَصِفَةُ الْعَمَلِ الَّذِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ. وَالْمُدَّةُ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا وَتَنْعَقِدُ عَلَيْهَا.

الرُّكْنُ الْأَوَّلُ.

فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّ الْمُسَاقَاةِ، فَقَالَ دَاوُدُ: لَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِي النَّخِيلِ فَقَطْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي النَّخْلِ، وَالْكَرْمِ فَقَطْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ فِي كُلِّ أَصْلٍ ثَابِتٍ كَالرُّمَّانِ، وَالتِّينِ، وَالزَّيْتُونِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَتَكُونُ فِي الْأُصُولِ غَيْرِ الثَّابِتَةِ كَالْمَقَاثِئِ، وَالْبِطِّيخِ مَعَ عَجْزِ صَاحِبِهَا عَنْهَا، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ، وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْبُقُولِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا ابْنَ دِينَارٍ، فَإِنَّهُ أَجَازَهَا فِيهِ إِذَا نَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْتَغَلَّ.

فَعُمْدَةُ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى النَّخْلِ: أَنَّهَا رُخْصَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى بِهَا مَحِلَّهَا الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ السَّنَةُ.

وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَأَى أَنَّهَا رُخْصَةٌ يَنْقَدِحُ فِيهَا سَبَبٌ عَامٌّ، فَوَجَبَ تَعْدِيَةُ ذَلِكَ إِلَى الْغَيْرِ. وَقَدْ يُقَاسُ عَلَى الرُّخَصِ عِنْدَ قَوْمٍ إِذَا فُهِمَ هُنَالِكَ أَسْبَابٌ أَعَمُّ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عُلِّقَتِ الرُّخَصُ بِالنَّصِّ بِهَا، وَقَوْمٌ مَنَعُوا الْقِيَاسَ عَلَى الرُّخَصِ، وَأَمَّا دَاوُدُ فَهُوَ يَمْنَعُ الْقِيَاسَ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَالْمُسَاقَاةُ عَلَى أُصُولِهِ مُطَّرِدَةٌ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّمَا أَجَازَهَا فِي الْكَرْمِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحُكْمَ

ص: 29

فِي الْمُسَاقَاةِ هُوَ بِالْخَرْصِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ الْحُكْمُ بِالْخَرْصِ فِي النَّخْلِ، وَالْكَرْمِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ، فَكَأَنَّهُ قَاسَ الْمُسَاقَاةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ هُوَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ وَتُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا، كَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» . وَدَفَعَ دَاوُدُ حَدِيثَ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ ; لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ مَعَ النَّخْلِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ أَوْ مَعَ الثِّمَارِ; هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُسَاقَى الْأَرْضُ مَعَ النَّخْلِ بِجُزْءٍ مِنَ النَّخْلِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنَ النَّخْلِ وَبِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ؟

فَذَهَبَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ طَائِفَةٌ، وَبِهِ قَالَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَاللَّيْثُ، وَأَحْمَدُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَجَمَاعَةٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إِلَّا فِي الثَّمرِ فَقَطْ.

وَأَمَّا مَالِكٌ، فَقَالَ: إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ تَبَعًا لِلثَّمَرِ، وَكَانَ الثَّمَرُ أَكْثَرَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا فِي الْمُسَاقَاةِ اشْتَرَطَ جُزْءًا خَارِجًا مِنْهَا، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَحَدُّ ذَلِكَ الْجُزْءِ بِأَنْ يَكُونَ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ (أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ كِرَاءِ الْأَرْضِ الثُّلُثَ مِنَ الثَّمَرِ فَمَا دُونَهُ) ، وَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ لِنَفْسِهِ; لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ الْمُسَاقَاةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا (أَعْنِي: عَلَى الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا) : حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ.

وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فِي حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُ رَافِعٍ مُضْطَرِبَةُ الْأَلْفَاظِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ. وَأَمَّا تَحْدِيدُ مَالِكٍ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ فَضَعِيفٌ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الْأُصُولِ; لِأَنَّ الْأُصُولَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجَائِزِ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ. وَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي الْبَقْلِ; فَأَجَازَهَا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْبَقْلِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهَا الْجُمْهُورُ; لِأَنَّ الْعَامِلَ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا سَقْيٌ فَيَبْقَى عَلَيْهِ أَعْمَالٌ أُخَرُ، مِثْلُ الْإِبَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ; وَأَمَّا اللَّيْثُ فَيَرَى السَّقْيَ بِالْمَاءِ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْمُسَاقَاةُ، وَلِمَكَانِهِ وَرَدَتِ الرُّخْصَةُ فِيها.

الرُّكْنُ الثَّانِي: ; وَأَمَّا الرُّكْنُ الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ: فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ بِالْجُمْلَةِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ هُوَ السَّقْيُ وَالْإِبَارُ.

ص: 30

وَاخْتَلَفُوا فِي الْجِذَاذِ عَلَى مَنْ هُوَ؟ وَفِي سَدِّ الْحِظَارِ، وَتَنْقِيَةِ الْعَيْنِ، وَالسَّانِيَةِ:

أَمَّا مَالِكٌ، فَقَالَ فِي الْموطأ: السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ سَدُّ الْحِظَارِ، وَخَمُّ الْعَيْنِ، وَشُرْبُ الشَّرَابِ، وَإِبَارُ النَّخْلِ، وَقَطْعُ الْجَرِيدِ، وَجَذُّ الثَّمَرِ، هَذَا وَأَشْبَاهُهُ هُوَ عَلَى الْعَامِلِ، وَهَذَا الْكَلَامُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ دُخُولُ هَذِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ بِالشَّرْطِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ دُخُولُهَا فِيهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عَلَيْهِ سَدُّ الْحِظَارِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الثَّمَرَةِ مِثْلَ الْإِبَارِ وَالسَّقْيِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَيْسَ عَلَيْهِ تَنْقِيَةُ السَّوَانِي وَالْأَنْهَارِ.

وَأَمَّا الْجِذَاذُ، فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ عَلَى الْعَامِلِ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إِنِ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ جَازَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ وَتَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ إِنْ وَقَعَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْجِذَاذُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

وَقَالَ الْمُحَصِّلُونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إِنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَائِطِ عَلَى وَجْهَيْنِ: عَمَلٌ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ، وَعَمَلٌ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِهَا. وَالَّذِي لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِهَا مِنْهُ مَا يَتَأَبَّدُ وَيَبْقَى بَعْدَ الثَّمَرِ، وَمِنْهُ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الثَّمَرِ. فَأَمَّا الَّذِي لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِ الثَّمَرِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَلَا بِالشَّرْطِ إِلَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ. وَأَمَّا مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِ الثَّمَرِ وَيَبْقَى بَعْدَ الثَّمَرِ فَيَدْخُلُ عِنْدَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، مِثْلُ إِنْشَاءِ حَفْرِ بِئْرٍ، أَوْ إِنْشَاءِ ظَفِيرَةٍ لِلْمَاءِ، أَوْ إِنْشَاءِ غَرْسٍ، أَوْ إِنْشَاءِ بَيْتٍ يُجْنَى فِيهِ الثَّمَرُ. وَأَمَّا مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِصْلَاحِ الثَّمَرِ، وَلَا يَتَأَبَّدُ، فَهُوَ لَازِمٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْحَفْرِ، وَالسَّقْيِ، وَزَبْرِ الْكَرْمِ، وَتَقْلِيمِ الشَّجَرِ وَالتَّذْكِيرِ، وَالْجِذَاذِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْعَبِيدِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعَامِلِ. وَاخْتَلَفُوا فِي شَرْطِ الْعَامِلِ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَاقِي، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْحَائِطِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ. وَأَمَّا إِنِ اشْتَرَطَ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ فَلَا يَجُوزُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَوِ اشْتَرَطَهُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ ذَلِكَ، وَوَجْهُ كَرَاهِيَتِهِ ذَلِكَ مَا يَلْحَقُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْجَهْلِ بِنَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ، وَمَنْ أَجَازَهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ تَافِهٌ وَيَسِيرٌ.

وَلِتَرَدُّدِ الْحُكْمِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْحَائِطِ فِي وَقْتِ الْمُسَاقَاةِ وَمَنَعَهُ فِي غَيْرِهِمْ; لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَنْفَعَةِ فِي ذَلِكَ أَظْهَرُ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ; لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا عَلَى الْعَامِلِ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسَاقَاةِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِيَدِهِ.

وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ إِلَّا مَا يَعْمَلُ بِيَدِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ; لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِمَا لَمْ يُخْلَقْ، فَهَذِهِ هِيَ صِفَاتُ هَذَا الرُّكْنِ، وَالشُّرُوطُ الْجَائِزَةُ فِيهِ وغَيْرِ الْجَائِزَةِ.

ص: 31

الرُّكْنُ الثَّالِثُ ; وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَجُوزُ بِكُلِّ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ أَجْزَاءِ الثَّمَرِ، فَأَجَازَ مَالِكٌ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ كَمَا فَعَلَ فِي الْقِرَاضِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْحَةٌ لَا مُسَاقَاةٌ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ زَائِدَةٍ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمُسَاقَاةِ إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ عِنْدَ مَالِكٍ مِثْلَ سَدِّ الْحِظَارِ، وَإِصْلَاحِ الظَّفِيرَةِ (وَهِيَ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ) .

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى حَائِطَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَلَى جُزْءٍ، وَالْآخَرُ عَلَى جُزْءٍ آخَرَ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَاقَى عَلَى حَوَائِطَ مُخْتَلِفَةٍ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ، وَفِيهِ خِلَافٌ.

وَاختلف الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الْعَامِلِ، وَالْمُسَاقِي فِي الثَّمَرِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْكَيْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ، وَأَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِالْخَرْصِ. وَأَجَازَ قَوْمٌ قِسْمَتَهَا بِالْخَرْصِ. وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، فَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ مِنَ الثِّمَارِ فِي الرِّبَوِيَّةِ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ بِإِطْلَاقٍ إِذِ اخْتَلَفَ حَاجَةُ الشَّرِيكَيْنِ.

وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ: أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَابَنَةِ، وَيَدْخُلُهُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً.

وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ قِسْمَتَهَا بِالْخَرْصِ تَشْبِيهُهَا بِالْعَرِيَّةِ، وَبِالْخَرْصِ فِي الزَّكَاةِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَأَقْوَى مَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ مِنَ الْخَرْصِ فِي مُسَاقَاةِ خَيْبَرَ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْوَقْتِ فِي الْمُسَاقَاةِ: فَهُوَ صِنْفَانِ: وَقْتٌ هُوَ مُشْتَرَطٌ فِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ، وَوَقْتٌ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمُحَدِّدُ لِمُدَّتِهَا.

فَأَمَّا الْوَقْتُ الْمُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ عَقْدِهَا: فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَعْدَ بدو الصَّلَاحِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ; فَمَرَّةً قَالَ: لَا يَجُوزُ، وَمَرَّةً قَالَ: يَجُوزُ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ: إِنَّهَا لَا تَجُوزُ إِذَا خُلِقَ الثَّمَرُ.

وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ مِنَ الثَّمَرِ لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ، وَلَا ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ إِلَى الْمُسَاقَاةِ; إِذْ كَانَ يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا هِيَ إِجَارَةٌ إِنْ وَقَعَتْ.

وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَهَا: أَنَّهُ إِذَا جَازَتْ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ الثَّمَرُ فَهِيَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَجْوَزُ، وَمِنْ هُنَا لَمْ تَجُزْ عِنْدَهُمْ مُسَاقَاةُ الْبُقُولِ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا (أَعْنِي: عِنْدَ الْجُمْهُورِ) .

وَأَمَّا الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي مدة الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أن يَكُونُ مَجْهُولًا (أَعْنِي: مُدَّةً غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ) ، وَأَجَازَ طَائِفَةٌ أَنْ يَكُونَ إِلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مُؤَقَّتَةٍ مِنْهُمْ أَهْلُ الظَّاهِرِ.

ص: 32

وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ: مَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَرَرِ قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ. وَعُمْدَةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ مَا وَقَعَ فِي مُرْسَلِ مَالِكٍ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أُقِرُّكُمْ على مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ» . وَكَرِهَ مَالِكٌ الْمُسَاقَاةَ فِيمَا طَالَ مِنَ السِّنِينَ، وَانْقِضَاءُ السِّنِينَ فِيهَا هُوَ بِالْجَذِّ لَا بِالْأَهِلَّةِ. وَأَمَّا هَلِ اللَّفْظُ شَرْطٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ، فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ: فَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَنْ لَا تَنْعَقِدَ إِلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ غَيْرُهُمْ: تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ سَحْنُونٍ.

الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الصِّحَّةِ وَالْمُسَاقَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنَ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ بِاللَّفْظِ لَا بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ عِنْدَهُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِالْعَمَلِ لَا بِاللَّفْظِ، وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ عَقْدٌ مَوْرُوثٌ، وَلِوَرَثَةِ الْمُسَاقِي أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ يَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ إِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ سَلَّمَ إِلَى الْوَرَثَةِ رَبُّ الْمَالِ أُجْرَةَ مَا عَمِلَ، وَفَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ تَرِكَةٌ لَزِمَتْهُ الْمُسَاقَاةُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِالْعَجْزِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا عَجَزَ وَقَدْ حَلَّ بَيْعُ الثَّمَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُ، وَإِنْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اسْتُؤْجِرَ مِنْ حَظِّهِ مِنَ الثَّمَرِ.

وَإِذا كَانَ الْعَامِلُ لِصًّا أَوْ ظَالِمًا لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ لِلْعَمَلِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا هَرَبَ الْعَامِلُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ اسْتَأْجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ، وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَرِطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الزَّكَاةَ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَنِصَابُهُمَا عِنْدَهُ نِصَابُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الشُّرَكَاءِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ، وَالْعَامِلُ فِي مِقْدَارِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمُسَاقَاةُ مِنَ الثَّمَرِ: فَقَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَتَكُونُ لِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ، شَبَّهَهُ بِالْبَيْعِ. وَأَوْجَبَ مَالِكٌ الْيَمِينَ فِي حَقِّ الْعَامِلِ; لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى أَقْوَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ شُبْهَةً.

وَفُرُوعُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ، لَكِنَّ الَّتِي اشْتُهِرَ الْخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هِيَ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.

أَحْكَامُ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةُ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي جَوَّزَهَا الشَّرْعُ أَنَّهَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ تَفُتْ بِالْعَمَلِ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا فَاتَتْ بِالْعَمَلِ مَاذَا يَجِبُ فِيهَا؟ فَقِيلَ: إِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى إِجَارَةِ الْمِثْلِ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقِيَاسُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ بِإِطْلَاقٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ فِي بَعْضِهَا: تُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةٍ مِثْلِهَا، وَفِي بَعْضِهَا: إِلَى إِجَارَةِ الْمِثْلِ.

ص: 33

وَاخْتَلَفَ التَّأْوِيلُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ فِي مَذْهَبِهِ إِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى إِجَارَةِ الْمِثْلِ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ، فَإِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهَا:

إِحْدَاهَا: الْمُسَاقَاةُ فِي حَائِطٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْ أَطْعَمَ. وَالثَّانِيَةُ: إِذَا اشْتَرَطَ الْمُسَاقِي عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ.

وَالثَّالِثَةُ: الْمُسَاقَاةُ مَعَ الْبَيْعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَالرَّابِعَةُ: إِذَا سَاقَاهُ فِي حَائِطٍ سَنَةً عَلَى الثُّلُثِ وَسَنَةً عَلَى النِّصْفِ.

وَقِيلَ: إِنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إِذَا لَحِقَهَا الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ مَا دَخَلَهَا مِنَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، أَوْ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ مِنْ قِبَلِ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ; وَذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ زِيَادَةٍ رُدَّ فِيهَا إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، مِثْلَ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنْ كَانَتْ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ كَانَتْ إِجَارَةً فَاسِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْعَامِلِ كَانَتْ بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ. وَأَمَّا فَسَادُهُ مِنْ قِبَلِ الْغَرَرِ مِثْلُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى حَوَائِطَ مُخْتَلِفَةٍ فَيُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ، وَهَذَا كُلُّهُ اسْتِحْسَانٌ جَارٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ: أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنَ الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ لِلْمُسَاقِي، أَوْ أَقَلَّ إِنْ كَانَ الشَّرْطُ لِلْمُسَاقِي، وَهَذَا كَافٍ بِحَسَبِ غَرَضِنَا.

ص: 34