المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الكاف 6179 - " كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٨

[الصنعاني]

الفصل: ‌ ‌حرف الكاف 6179 - " كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى

‌حرف الكاف

6179 -

" كاتم العلم يلعنه كل شيء حتى الحوت في البحر والطير في السماء" ابن الجوزي في العلل عن أبي سعيد (ض) ".

(كاتم العلم) الشافع من علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما ينفع فيهما والمراد ما يحتاج إليه المكلف. (يلعنه كل شيء) من حيوان وجماد. (حتى الحوت في البحر والطير في السماء) فإنها تدعوا عليه بإبعاد الرحمة كما أنها تستغفر لمن يعلم الناس الخير كما سلف وذلك؛ لأن الله تعالى ما علم العالم إلا ليعمل ويعلم الجاهل فإن بخل به استحق العقوبة.

واعلم: أن كاتم العلم يكتمه لأحد أسباب: البخل به لئلا ينال من يعلمه من الوجاهة عند الناس ما ناله وتارة اغتباطا منه بالرياسة والمال واشتغالًا بهما وتارة يكون لأنه قد خالف طائفة في مسألة قام له دليلها فإن أظهرها مقت وإن كتم ذلك أثم. (ابن الجوزي (1) في العلل عن أبي سعيد) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه قال مخرجه حديث لا يصح، فيه يحيى بن العلاء قال أحمد: كذاب يضع.

6180 -

"كاد الحليم أن يكون نبياً". (خط) عن أنس (ض) ".

(كاد الحليم) بحلمه فإن الحلم: احتمال الأعلى الأذى من الأدنى أو رفع المؤاخذة من مستحقها بحيائه في حق مستعظم أو: هو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب وهو من أشرف صفات الأنبياء ولذا قارب من اتصف به. (أن يكون نبياً) لتحليه بصفات الأنبياء وأخذه لأشرفها وهو حث على التحلي بصفة الحلم. (خط)(2) عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه يزيد الرقاشي متروك

(1) أخرجه ابن الجوزى في العلل المتناهية (1/ 99)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4146): موضوع.

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخه (5/ 310)، وابن الجوزى في العلل المتناهية (2/ 733)، وضعفه =

ص: 115

والربيع [3/ 217] بن صبيح ضعفه ابن معين وغيره ومن ثمة أورده ابن الجوزي في الواهيات، وقال لا يصح.

6181 -

"كاد الفقر أن يكون كفراً، وكاد الحسد أن يكون سبق القدر"(حل) عن أنس" (ض).

(كاد الفقر) الذي يضطر صاحبه إلى ما لا بد منه. (أن يكون كفراً) أي قارب أن يوقع صاحبه في الكفر؛ لأنه يحمل على حسد الأغنياء وعلى الاحتيال للرزق من أي وجه كان وعلى التذلل لأهل الدنيا وعلى عدم الرضا بالقضاء وسخط الرزق، والحديث حث على اجتلاب الرزق وطلبه بالإجمال.

قال الغزالي (1): هذا الحديث ثناء على المال ولا تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إلا بأن تعرف حكمة المال ومقصوده وآفته وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه شر من وجه وليس بخير محض ولا شر محض بل هو سبب للأمرين معا يمدح مرة ويذم مرة والبصير المميز يدرك المذموم منه من المحمود. (وكاد الحسد أن يكون سبق القدر) أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى النعمة التي حسد عليها غيره صارت إليه بقدر الله وقضائه هكذا قيل.

قلت: ويحتمل أنه مثل ما ورد في العين أنها كادت تسبق القدر وأن اشتعال قلب الحاسد بالمحسود وتمنيه زوال نعمه ومحبة إنزال كل بلاءً به كاد أن يؤثر في المحسود ويسبق القدر الذي قدره الله عليه. (حل)(2) عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه يزيد الرقاشي قال في الميزان: تالف وحجاج بن

= الألباني في ضعيف الجامع (4079).

(1)

إحياء علوم الدين (3/ 234).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 53)، والبيهقي في الشعب (6612)، والقضاعي (586)، وانظر الميزان (2/ 204)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 206)، والعجلوني في كشف الخفا (2/ 141)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4148)، والضعيفة (4080).

ص: 116

فُرافِصة قال أبو زرعة: ليس بالقوي (1)، ورواه البيهقي في الشعب وفيه يزيد أيضاً ورواه الطبراني من وجه آخر، قال العراقي: وفيه ضعف، وقال السخاوي: طرقه كلها ضعيفة قال الزركشي لكن يشهد له ما أخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد مرفوعاً: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر والكفر"(2).

6182 -

"كادت النميمة أن تكون سحراً". ابن لال عن أنس (ض) ".

(كادت النميمة) قاربت وهي نقل الرجل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد بينهم. (أن تكون سحراً) مفرقة بين الناقل عنه والمنقول إليه كما يفرق السحر بين المرء وزوجه، وهو تحذير من النميمة وأنها تقارب السحر في الإثم. (ابن لال (3) عن أنس) (4) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه الكديمي وقد مر غير مرة أنه ضعيف، والمعلي بن الفضل قال الذهبي في الضعفاء (5): له مناكير، ويزيد الرقاشي قد تكرر أنه متروك.

6183 -

"كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة". (م) عن أبي هريرة".

(كافل اليتيم) المربي له القائم بأمره. (له) بأن يكون من قرابته. (أو لغيره) بأن يكون أجنبياً. (أنا وهو) في التقارب والمنزلة (كهاتين) وأشار بالسبابة والوسطى. (في الجنة) مصاحبا له لعظم أجره عند الله تعالى وتقدمت عدة أحاديث في هذا المعنى والحث على الإحسان إلى اليتامى. (م)(6) عن أبي هريرة)

(1) انظر: المغني (1/ 150).

(2)

أخرجه النسائي (4/ 450)، وابن حبان (3/ 305)(1030).

(3)

عزاه في الكنز (8351) لابن لال وانظر فيض القدير (4/ 542)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4149)، والضعيفة (1905):موضوع.

(4)

جاء في المخطوط عن ابن عباس، والصواب ما أثبتناه.

(5)

انظر المغني (2/ 670).

(6)

أخرجه مسلم (2983)، والطبراني في الكبير (20/ 320)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 162).

ص: 117

ورواه البخاري دون قوله "ولغيره" ورواه الطبراني بزيادة قيد كافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى معي في الجنة كهاتين، قال الهيثمي: رجاله ثقات.

6184 -

"كان أول من أضاف الضيف إبراهيم" ابن أبي الدنيا في قري الضيف عن أبي هريرة".

(كان أول من أضاف الضيف) أول الناس فعلا للضيافة. (إبراهيم) عليه السلام كان يمشي الميل والميلين في طلب من يأكل معه وفي الكشاف كان لا يأكل إلا مع ضيف، قال في النهر: هو الأب الحادي والثلاثون لنبينا صلى الله عليه وسلم وهو أول من اختتن وأول من رأى الشيب، وفي الحديث إعلام بشأن الضيافة. وأنها سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقد كثرت الأحاديث في الحث على الضيافة، (ابن أبي الدنيا (1) في قري الضيف عن أبي هريرة).

6185 -

"كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف، وجبة صوف، وكمه صوف، وسراويل صوف، وكانت نعلاه من جلد حمار ميت". (ت) عن ابن مسعود (ض) ".

(كان على موسى يوم كلمه ربه كساء صوف، وجبة صوف، وكمه صوف) الكمة بضم الكاف وتشديد الميم وبكسر الكاف: القلنسوة الصغيرة أو مدورة. (وسراويل صوف) قال ابن العربي: إنما جعل ثيابه كلها صوفاً لأنه كان بمحل لم يتيسر له فيه سوى الصوف فأخذ باليسر ولم يتكلف وكان من الاتفاق الحسن أن أتاه الله هذه الفضيلة وهو على هذه اللبسة التي لم يتكلفها. وقال الزين العراقي: يحتمل كونه مرادا للتواضع وترك التنعم أو لعدم وجود ما هو أرفع ويحتمل أنه [3/ 218] اتفاقي لا عن قصد بل كان يلبس كل ما وجد كما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم. (وكانت نعلاه من جلد حمار ميت) قيل: يحتمل أنها مدبوغة

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (8640)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4451).

ص: 118

ويحتمل أن شرعه جواز استعمالها بدون دباغ ولكونها من ميت في الجملة قيل له: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] أي طئ الأرض بقدمك لتنال بركة هذا الوادي وأخذ اليهود منه لزوم خلع النعل في الصلاة وليس الأخذ صحيحاً. (ت)(1) عن ابن مسعود) رمز المصنف لضعفه، قال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال: حميد هذا منكر الحديث وعده من مناكير حميد بن علي الأعرج وذكر مثله في المستدرك ثم قال: هذا أصل كبير في التصوف وعده في الميزان من مناكير الأعرج لكن شاهده حديث أبي أمامة: عليكم بلباس الصوف تجدون حلاوة الإيمان، قال الذهبي: ساقه من طريق ضعيف وسقط نصف السند من النسخة انتهى.

قلت: قال ابن تيمية (2): لم يأت حديث في لباس الصوف.

6186 -

"كان داود أعبد البشر"(ت ك) عن أبي الدرداء (صح) ".

(كان داود أعبد البشر) وفي رواية "من أعبد": أكثرهم عبادة في زمانه أو مطلقاً ولذا كان صومه أفضل الصيام وقيامه أفضل القيام كما سلف. (ت ك)(3) عن أبي الدرداء) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: صحيح، فرده الذهبي بأن فيه عبد الله بن يزيد الدمشقي (4)، قال أحمد: أحاديثه موضوعة، وقال في جواهر العقدين: إنه في صحيح مسلم (5).

(1) أخرجه الترمذي (1834)، والحاكم (1/ 81)، وانظر: علل الترمذي للقاضي أبي طالب (522)، والميزان (2/ 388)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4154)، والضعيفة (4082): موضوع.

(2)

مجموع الفتاوى (11/ 554).

(3)

أخرجه الترمذي (3490)، والحاكم (2/ 470) وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 89) وقال الهيثمي في المجمع (8/ 206): رواه البزار في حديث طويل وإسناده حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4453)، وصححه في الصحيحة (707).

(4)

انظر المغني (1/ 363).

(5)

أخرج مسلم (1159) عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو بلغني=

ص: 119

6187 -

"كان أيوب أحلم الناس، وأصبر الناس، وأكظمهم لغيظ" الحكيم عن ابن أبزى".

(كان أيوب أحلم الناس) أكثرهم حلمًا والحلم سعة الأخلاق وتقدم تفسيره قريباً وسعة الأخلاق من لوازمه. (وأصبر الناس) كما حكاه الله تعالى في قوله: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44]. (وأكظمهم لغيظ) لأن الله شرح صدره فاتسع لتحمل مساوئ الأخلاق من العباد (الحكيم (1) عن ابن أبزى) (2) بهمزة مفتوحة فموحدة فموحدة ساكنة فزاي وألف مقصورة: صحابي.

6188 -

"كان الناس يعودون داود يظنون أن به مرضاً، وما به إلا شدة الخوف من الله تعالى". ابن عساكر عن ابن عمر".

(كان الناس يعودون داود) يزورونه (يظنون أن به مرضاً) لأنه يتصف بصفات المريض. (وما به إلا شدة الخوف من الله تعالى) وذلك لما غلب على قلبه من الهيبة والجلال فلزمه الوجل حتى كاد يفلق كبده فظهر على جوارحه. (ابن عساكر (3) عن ابن عمر) سكت عليه المصنف، وفيه محمَّد بن عبد الرحمن بن غزوان قال الذهبي: قال ابن حبان: يضع، وقال ابن عدي: متهم بالوضع وأخرجه عنه أبو نعيم والديلمي.

6189 -

"كان زكريا نجارا"(حم م هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كان زكريا) يمد ويقصر. (نجاراً) فيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي له

= أنك تصوم النهار وتقوم الليل فلا تفعل

"، قلت: يا رسول الله إن بي قوة قال: "فصم صوم داود نبي الله فإنه كان أعبد الناس" قال: قلت: يا نبي الله وما صوم داود؟ قال: "كان يصوم يومًا ويفطر يوماً".

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (34255)، وابن أبي عاصم في الزهد (1/ 84)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4152).

(2)

انظر الإصابة (4/ 282).

(3)

أخرجه ابن عساكر في تاريخه (51/ 23) وأبو نعيم (7/ 137)، والرافعي في التدوين (3/ 193)، وتمام في فوائده (2/ 49)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4151)، والضعيفة (641): موضوع.

ص: 120

التكبر عن كسب يده؛ لأن نبي الله مع علو درجته اتخذ هذه الحرفة، وفيه أن التجارة لا تسقط المروءة، قال القرطبي: الحرف والصنائع غير الدنيئة زيادة في فضل أهل الفضل لحصول مزية التواضع والاستغناء عن الغير وكسب الحلال الخالي عن المنة. (حم م هـ)(1) عن أبي هريرة).

6190 -

"كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك". (حم م د ن) عن معاوية بن الحكم (صح) ".

(كان نبي من الأنبياء) إدريس أو دانيال أو خالد بن سنان. (يخط) قال القاضي: أي يضرب خطوطاً كخطوط الرمل فيعرف الأحوال بالفراسة بتوسط تلك الخطوط، قال الزمخشري (2): كانت العرب تأخذ خشبة وتخط خطوطاً كثيرة على عجل كي يلحقها العدد وتمحوا خطين فإن بقى زوج فهو علامة النجاح أو فرد فعلامة الخيبة (فمن وافق خطه) نصب على مفعوليه وافق فاعله ضمير من أي من وافق خطه: في الصورة والحالة وهي قوة الخاطر في الفراسة وكماله في العلم والورع الموجبين لها (فذاك) الذي يجدون إصابته أو فذاك الذي يصيب ذكره القاضي (3) قال: والمشهور خطه بالنصب لكون الفاعل مضمراً وروى بالرفع فيكون المفعول محذوفاً، قيل الحديث سيق للزجر عنه والنهي عن تعاطيه لأن خط ذلك النبي كان معجزة وعلمًا لنبوته وقد انقطعت نبوته ولم يقل، فذلك الخط حرام دفعا لتوهم أن خط ذلك النبي حرام، وقال النووي (4): الصحيح [3/ 219] أن معناه من وافق خطه فهو مباح له لكن لا

(1) أخرجه أحمد (2/ 405)، ومسلم (2379)، وابن ماجة (2150).

(2)

الفائق (1/ 382).

(3)

انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 464).

(4)

شرح مسلم للنووي (5/ 23).

ص: 121

علم لنا باليقين بالموافقة فلا يباح والقصد أنه لا يباح إلا بتيقن الموافقة وليس لنا بها يقين انتهى.

وفي النهاية (1): قال ابن عباس: الخط هو الذي يخطه الحازي (2) وهو علم قد تركه الناس يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانا فيقول له اقعد حتى أخي لك وبين يدي الحازي غلام له معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط بها خطوطا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين وغلامه يقول للتفاؤل ابني عيان أسرعا البيان فإن بقى خطان فهو علامة النجاح وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة. وقال الحربي: الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى ويقول يكون كذا وكذا وهو ضرب من الكهانة.

قلت: الخط المشار إليه علم معروف للناس فيه تصانيف كثيرة وهو معمول به إلى الآن ولهم فيه أوضاع واصطلاح وأسام وعمل كثير ويستخرجون به الضمير وغيره وكثيرا ما يصيبون فيه.

(حم م د ن)(3) عن معاوية بن الحكم) بفتح الحاء والكاف السلمي قال: قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإِسلام إلى أن قال: ومنا رجال يخطون فذكره، ولم يخرجه البخاري ولا خرج عن معاوية.

6191 -

"كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه"(حم ق ن) عن أبي هريرة (صح) ".

(كان رجل يداين الناس) أي يجعلهم مديونين له وفي رواية: "رجل لم يعمل

(1) انظر النهاية (2/ 47).

(2)

الحازي: هو الذي ينظر في الأعضاء وفي خيلان الوجه يتكهّف ويقدر الأشياء بظنه لسان العرب.

(3)

أخرجه أحمد (5/ 448)، ومسلم (537)، وأبو داود (3909)، والنسائي (3/ 14).

ص: 122

خيراً قط وكان يداين الناس". (فكان يقول لفتاه) غلامه الذي يتولى التقاضي: (إذا أتيت معسراً) من الغرماء. (فتجاوز عنه) بنحو إنظار أو إسقاط أو أخذ سلعة والتجاوز التسامح في التقاضي وقبول ما فيه نقص يسير. (لعل الله أن يتجاوز عنا) قال الطيبي: أراد نفسه لكن جمع الضمير أراد أن يتجاوز عنه وعمن فعل هذا الفعل ليدخل دخولا أوليا ولذا ندب للداعي أن يعم في الدعاء.

قلت: هذا من علمه بأن الرب يكافئ العباد على إحسانهم إلى عباده بما يوافق فعلهم وعلمه أنه تعالى لا يضيع عمل عامل. (فلقي الله) عند موته (فتجاوز عنه) مع إفلاسه من الطاعات غير حسن ظنه في ربه وإحسانه إلى عباده والحديث حث على الأمرين: حسن الظن في الله والتساهل في القضاء والإحسان إلى العباد. (حم ق ن (1) عن أبي هريرة).

6192 -

"كان هذا الأمر في حمير، فنزعه الله منهم وجعله في قريش، وسيعود إليهم". (حم طب) عن ذي مخمر (ح) ".

(كان هذا الأمر) أي الخلافة. (في حمير) بكسر المهملة وسكون الميم وفتح المثناة قبيلة من اليمن. (فنزعه الله منهم) بعد أمد طويل استوفى أخبارهم نشوان بن سعيد الحميري في شرح نظمه وبين أحوالهم وعدة ملوكهم وكيفية خروج الأمر منهم وأنه كان قبل بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقال الشارح: إنه نزع منهم ببعثه صلى الله عليه وسلم. (وجعله في قريش) فالخلافة فيهم. (وسيعود إليهم) إلى حمير وبعد نزعه عن قريش آخر الزمان. (حم طب)(2) عن ذي مخمر) (3) بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الميم ويقال ذو مخبر بموحده بعد المعجمة هو ابن أخي النجاشي

(1) أخرجه أحمد (2/ 263)، والبخاري (3480)، ومسلم (1562)، والنسائي (7/ 318).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 91)، والطبراني في الكبير (4/ 234)(4227)، وانظر العلل المتناهية (2/ 767)، والمجمع (5/ 193)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4463)، والصحيحة (2022).

(3)

انظر الإصابة (2/ 417).

ص: 123

صحابي خدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال الهيثمي: رجالهما أي أحمد والطبراني ثقات.

قلت: ورمز المصنف لحسنه، قال الشارح: لكن قال ابن الجوزي: هذا حديث منكر وإسماعيل بن عياش أحد رجاله ضعفوه وبقية مدلس.

6193 -

"كان الحجر الأسود أشد بياضا من الثلج، حتى سودته خطايا بني آدم". (طب) عن ابن عباس (ح) ".

(كان الحجر الأسود) في لونه. (أشد بياضا من الثلج) وهو أشد الأشياء بياضاً. (حتى سودته خطايا بني آدم) الواقعة على الأرض من كفر وغيره من المعاصي ويحتمل معاصي الوافدين عليه التي يكفرها الله تعالى فإنها تكسوه لقربهم منه السواد وسواده ليس عقوبة له بل محق بركة للعباد أن الحجر الذي أمروا بإعظامه سودوه بذنوبهم وإعلاما لهم بأن المعاصي تؤثر في [3/ 220] الجمادات التي لا ذنب لها فكيف بهم، ويحتمل أن الله سبحانه جعل له إدراكا فهو يتأثم من عصيان العباد واسود من ذلك التأثم أو لأن العباد لعصيانهم ليسوا أهلا لأن يلقاهم بذلك النور السار للقلوب أو لحكمة لا يعلمها إلا الله.

فائدة: في أمالي ابن دريد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن آدم عليه السلام أهبط ومعه الحجر الأسود وكان أشد بياضاً من الثلج فوضعه على أبي قبيص فكان يضيء من الليل كأنه القمر فحيث بلغ ضوؤه كان من الحرم. (طب)(1) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه.

1946 -

"كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة". (هـ) عن أبي هريرة (ح) ".

(كان على الطريق غصن شجرة يؤدي الناس) في مرورهم. (فأماطها) أي الشجرة: أزالها (رجل عن الطريق فأدخل الجنة) برفعه ما يؤدي المسلمين

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 453)(12285)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4449).

ص: 124

ويؤخذ منه أن من وضع في طريق الناس ما يؤذيهم يدخل به النار. (هـ)(1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه ورواه أحمد وأبو يعلى عن أنس.

6195 -

"كبِّر كبِّر". (حم ق د) عن سهل ابن أبي حثمة (حم) عن رافع ابن خديج (صح) ".

(كبِّر) بفتح الكاف وكسر الموحدة المشددة. (كبِّر) أي دع الأكبر سنًّا يلي الكلام ويبدأ به وسببه أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود انطلقا إلى خيبر وهي يومئذ صلح فأتي محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم وهو أصغر القوم سنا فذكره وفيه أنه يحترم الكبير ويترك له البداية بالخطاب والتكرير للتأكيد. (حم ق د) عن سهل بن أبي حثمة) بفتح المهملة ومثلثة ساكنة، (حم)(2) عن رافع ابن خديج) ورواه عنه أيضاً الترمذي وابن ماجة في الديات، والنسائي في القضاء.

6196 -

"كبرت الملائكة على آدم أربعاً". (ك) عن أنس (حل) عن ابن عباس (صح) ".

(كبرت الملائكة) في صلاة الجنازة. (على آدم أربعاً) وفيه أن التكبير على الجنازة أربع وأنها سنة قديمة أعني صلاة الجنازة وقول الفاكهي أنها من خصائص هذه الأمة غير صحيح وقد روي تكبير الخمس واختار البعض إلى تخيير الإِمام فيكبر ما شاء. (ك) عن أنس (حل)(3) عن ابن عباس) رمز

(1) أخرجه ابن ماجة (3682)، وابن أبي شيبة (113)، أحمد (2/ 495)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (438)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4458).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 4)، والبخاري (7192)، ومسلم (1669)، وأبو داود (4520) وأخرجه أحمد (4/ 142)، والترمذي (1422)، والنسائي (8/ 9)، وابن ماجه (2677) عن رافع بن خديج.

(3)

أخرجه الحاكم (1/ 542) عن أنس، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 96) وابن عدي في الكامل =

ص: 125

المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم صحيح ورده الذهبي بأن فيه مبارك بن فضالة وليس بحجة.

6170 -

"كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب "(خدد) عن سفيان ابن أسيد (حم طب) عن النواس".

(كبرت) بزنة عظمت ومعناها أي عند الله. (خيانة أن تحدث أخاك) في الدين. (حديثًا هو لك به مصدق) إحساناً لظنه فيك. (وأنت له به كاذب) فإنها خيانة له في الحديث وإن شأن المؤمن ألا يلبس على أخيه ويوهمه ما ليس بحق حقاً، قال النووي: والتعريض والتورية إطلاق لفظ هو ظاهر في معنى وتريد معنى آخر يتناوله اللفظ لكنه خلاف ظاهره وهو ضرب من التغرير والخداع فإن دعت إليه ضرورة ومصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب أو حاجة لا مندوحة عنها إلا به فلا بأس وإلا كره فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق حرم وعليه يتنزل هذا الخبر. (خد د) عن سفيان بن أسيد بفتح الهمزة وإسناده كما قال النووي في الأذكار (1): ضعيف لكن لم يضعفه أبو داوود فاقتضى كونه حسن عنده كذا قال الشارح، فإن كانت هذه قاعدة لأبي داود وإلا فلا يحكم على الحديث بشيء مع سكوته عنه. (حم طب)(2) عن النواس) سكت المصنف عليه، وقال الهيثمي: فيه شيخ الإِمام أحمد، عمر بن هارون ضعيف وبقية رجاله ثقات، وقال شيخه العراقي: حديث سفيان ضعفه ابن عدي وحديث النواس سنده جيد.

= (6/ 129) عن ابن عباس، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4160).

(1)

الأذكار (ص 882).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (393)، وأبو داود (4971) عن سفيان بن أسيد، وأخرجه أحمد (4/ 183)، والطبراني في الشاميين (495) عن النواس بن سمعان، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 142)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4162)، والضعيفة (1251).

ص: 126

6198 -

"كبر مقتا عند الله الأكل من غير جوع، والنوم من غير سهر، والضحك من غير عجب، وصوت الرنة عند المصيبة، والمزمار عند النعمة". (فر) عن ابن عمر (ض) ".

(كبر مقتاً عند الله) العبارة قاضية بالإنكار الشديد لما يذكر بعدها. (الأكل من غير جوع) فإنه مذموم شرعًا وطبعاً يورث أمراضاً كثيرة ربما أفضى إلى الموت ولأنه يقل شكر النعمة ولا يعرف قدر لذة الطعام. (والنوم من غير سهر) يحتمل أن المراد وكبر مقتا عند الله النوم من غير سهر ويحتمل أنه عطف على الأكل ويجري هذا فيما يأتي وذلك لأن النوم من غير حاجة [3/ 221] إضاعة للوقت وإضرار بالبدن وإضعاف له. (والضحك من غير عجب) فإن فاعله ممقوت لأنه فاعل مسبب لا عن سبب ولأنه يقسي القلب ويعرض للسخرية بفاعله. (وصوت الرنة عند المصيبة) أي الصياح عند الموت. (والمزمار عند النعمة) فإن التزمير قبيح ممقوت فاعله عند غير النعمة فكيف عند النعمة التي تستدعي الشكر للمنعم. (فر)(1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه لأن فيه عبد الله بن أبان (2)، قال الذهبي: قال ابن عدي مجهول منكر الحديث وعمرو بن بكر السبكي (3) قال ابن عدي منكر الحديث.

6199 -

"كبروا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات". (حم) عن جابر" (ح).

(كبروا على موتاكم) في صلاة الجنازة. (بالليل) إن ماتوا ليلًا ويؤخذ منه عدم كراهة الدفن ليلاً. (والنهار أربع تكبيرات) كما سلف. (حم)(4) عن جابر)

(1) أخرجه الديلمي (4920)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4163).

(2)

انظر المغني (1/ 330).

(3)

انظر المغني (2/ 481).

(4)

أخرجه أحمد (3/ 336)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4161)، والضعيفة (4058).

ص: 127

رمز المصنف لحسنه.

6200 -

"كبري الله مائة مرة، واحمدي الله مائة مرة، وسبحي الله مائة مرة، خير لك من مائة فرس مسرج في سبيل الله، وخير لك من مائة بدنة، وخير لك من مائة رقبة". (حم هـ) عن أم هانئ (ح) ".

(كبري الله) يا أم هانئ التي قالت إني ضعفت وكبرت فدلني على عمل ما فذكره بقول الله أكبر أو نحوها. (مائة مرة) في أي حين من ليل أو نهار. (واحمدي الله مائة مرة) بقول الحمد لله أو نحوها من العبارات بمعناها (وسبحي الله مائة مرة) بقول سبحان الله أو نحوه فإن ذلك عند الله. (خير من مائة فرس) ملجم. (مسرج في سبيل الله) كأن المراد في حق هذه القائلة لسر يعلمه الله في كل ما يأتي. (وخير لك من مائة بدنة) تنحر وتفرق على المساكين. (وخير لك من مائة رقبة) تعتقها الله تعالى ولعل هذه الفضائل لهذا الذكر جعلها الله عوضا لهذه المرأة أو لكل من لا يستطيع ما ذكر مما خيرت عليه الله أعلم. (حم هـ)(1) عن أم هانئ) رمز المصنف لحسنه.

6201 -

"كتاب الله القصاص". (حم ق د ن هـ) عن أنس (صح) ".

(كتاب الله القصاص) برفعهما على المبتدأ أو الخبر وحذف مضاف أي حكمة القصاص والإشارة إلى قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ونحوهما ويجوز نصب الأول على الإغراء أي عليكم كتاب الله أو الزموا كتاب الله ورفع الثاني على حذف خبره أي القصاص واجب والحديث تقدم سببه في أن من عباد الله من لو أقسم على الله أبره. (حم ق د ن هـ (2) عن أنس) بألفاظ متقاربة

(1) أخرجه ابن ماجة (3810)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4171).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 128)، والبخاري (4499)، ومسلم (1675)، وأبو داود (4595)، والنسائي (4/ 222)، وفي الكبرى (4752) وابن ماجة (2649).

ص: 128

والمعنى واحد قاله صلى الله عليه وسلم في كسر الربيع ثنية الأنصارية.

6202 -

"كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض"(ش) وابن جرير عن أبي سعيد (ح) ".

(كتاب الله) الإضافة عهدية: إذا أطلق فالمراد به القرآن. (هو حبل الله) أي السبب الذي يتوصل به إلى رضائه تعالى. (الممدود من السماء) محل إنزاله. (إلى الأرض) محل العمل به فهو السبب الذي يوصل إلى رضا الله وقد مده الله لعباده وجعله وصلة لهم إليه فمن لم يصل به إلى الله تعالى فمن قبل نفسه أتى، والحديث حث على التمسك بكتاب الله وشبه المعلوم بالمحسوس إبانة لظهور كونه وصلة إليه تعالى وصلة المحسوس بعضها إلى بعض. (ش) وابن جرير (1) عن أبي سعيد) رمز المصنف لحسنه.

6203 -

"كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات الأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء". (م) عن ابن عمرو (صح) ".

(كتب الله تعالى مقادير الخلائق) من حيوان وجماد وملك وإنسان وشيطان وجان أي كمياتها أو قدرها من صغير وكبير وعظيم وحقير وليس المراد أصل التقدير فإنه أزلي ابتداءً. (قبل أن يخلق السماوات الأرض بخمسين ألف سنة) قيل: معناه طول الأمد وتكثير ما بين الخلق والتقدير من المدة لا التحديد إذ لم يكن قبل السماوات والأرض سنة ولا شهر فلا تدافع بينه وبين خبر الألفين.

قلت: يصح أن يكون على التحقيق والتحديد وهو مقدار علم الله أنه ذلك القدر لو كانت الأعوام والشهور ويبقى النظر في التلفيق بينه وبين خبر الألفين وجوابه ما مر نظيره أن ذكر الأقل لا ينافي ذكر الأكثر.

(1) أخرجه ابن أبي شيبة (30081)، وابن جرير في تفسيره (4/ 31)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4473)، والصحيحة (2024).

ص: 129

(وكان عرشه على الماء) قيل: فيه صراحة بأن أول المخلوقات العرش والماء الله أعلم أيهما كان أسبق والحديث إخبار عن سابقية تقدير الخلائق ورد على من ادعى أن "الأمر أنف"(م)(1) عن ابن عمرو) ورواه عنه الترمذي ولم يخرجه البخاري.

6204 -

"كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: "رحمتي سبقت غضبي"". (هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كتب ربكم على نفسه بيده) يجب الإيمان به والسكوت عن تأويله مع تنزيه الرب [3/ 222] عن الجارحة والتأويلات سبق نظائرها غير مرة. (قبل أن يخلق الخلق) يوجد شيئاً من الأشياء. (رحمتي سبقت غضبي) هذا المكتوب ويدخل في قبلته خلق الخلق اللوح والقلم إلا أن لفظ "كتب" يشعر بأنهما خاصة قد خلقاً؛ لأنهما آلة الكتابة ويحتمل أن الكتاب كتابة عن ثبوت الأمر المكتوب وتحققه كتحقيق ما رقم ورسم وهو إعلام بسعة رحمته تعالى وأنها السابقة على غضبه فلا يبقى له أثر بعد تقدم الرحمة، وقال القاضي: التزمها تفضلا وإحسانا والمراد بالرحمة ما يعم الدارين. وقال سعد الدين التفتازاني: الكتابة باليد تصوير وتمثيل لا بيانه وتقديره، قال النووي (2): غضب الله ورحمته يرجعان إلى عقوبة العاصي وإثابة المطيع والمراد بالسبق كثرة الرحمة وسعتها كما يقال غلب على فلان الكرم والشجاعة إذا كثر منه، قال الطيبي: هذا على وزن {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] أي أوجب (هـ)(3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته فيما قوبل على خطه وقال الشارح لحسنه.

(1) أخرجه مسلم (2653) وأحمد (2/ 169) والترمذي (2156).

(2)

شرح مسلم (16/ 192).

(3)

أخرجه ابن ماجة (189)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4475).

ص: 130

6205 -

"كتب على الأضحى، ولم يكتب عليكم -وأمرت بصلاة الضحى، ولم تؤمروا بها". (حم طب) عن ابن عباس (ض) ".

(كتب عليَّ الأضحى) أي التضحية: أوجبت علي. (ولم يكتب عليكم) بل هي سنة في حقكم (وأمرت بصلاة الضحى) وأقلها ركعتان: أي أمر إيجاب. (ولم تؤمروا بها) كذلك بل تطوعاً والحديث دليل على أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم هذين الأمرين. (حم طب)(1) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه، قال الذهبي: فيه جابر الجعفي ضعيف جداً بل كذاب رافضي خبيث، وقال ابن حجر في التخريج: حديث ضعيف من جميع طرقه، وصححه الحاكم فذهل انتهى؛ قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.

6206 -

"كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه". (م) عن أبي هريرة (صح) ".

(كتب على ابن آدم) أي قدر عليه ذلك وكتب كتب تقدير وسابقية علم بأنه يأتيه مختاراً. (نصيبه من الزنا) أي من مقدماته من التمني والتخطي لأجله والتكلم فيه طلباً أو حكايته أو سماعًا ونحوها. (فهو مدرك ذلك لا محالة) خبر مبتدأ محذوف أي هو مصيب لذلك على كل حال. (فالعينان زناهما النظر) أي أنه المستطاع لهما من الزنا وذلك أن النظر مقدمة الزنا وسمي زنا من تسمية المسبب باسم سببه ومثله. (والأذنان زناهما الاستماع) إلى ما يهيج شهوة الزنا أو

(1) أخرجه أحمد (1/ 317)، والطبراني في الكبير (11/ 373)(12044)، والدارقطني (4/ 242) وعبد بن حميد في المسند (588)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 264)، والتلخيص الحبير (3/ 118)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4164).

ص: 131

إلى كل ما يحرم. (واللسان زناه الكلام) في ذلك من المراودة والتمني والتسبب بذلك أو كل كلام محرم. (واليد زناها البطش) في ذلك وأسبابه أو في كل محرم. (والرجل زناها الخطى) أي نقلها إلى ذلك أو إليه أو إلى غيره من المحرمات وأفرد اليد والرجل للإعلام بأنها قد تنفرد كل واحدة عن الأخرى في تحصيل ذلك وأسبابه فيأثم بخلاف العينين والأذنين فانفراد أحدهما عن الأخرى لا يكون وإن كان بأن يغمض عينا ويسد أذنا فهو نادر جداً فلله در الكلام النبوي ما أشرف لفظه ومعناه (والقلب يهوى ويتمنى) فذلك حظه. (ويصدق ذلك) المذكور في كل جارحة. (الفرج) بإتيان ما دعت إليه الجوارح. (أو يكذبه) تقدم إتيانه ولا يأثم إثم الزنا حقيقة إلا إذا صدقه الفرج وإن كذبه أثم بما أتته كل جارحة بقدر ما أتته وتقدم الحديث بهذه الألفاظ والكلام عليه. (م)(1) عن أبي هريرة) ورواه البخاري مختصراً.

6207 -

"كثرة الحج والعمرة تمنع العيلة" المحاملي في أماليه عن أم سلمة (ض) ".

(كثرة الحج) إلى بيت الله. (والعمرة تمنع العيلة) الفقر ببركات هذين العملين الصالحين، وفيه أنه لا ضير في الإتيان بالعمل الصالح لقصد استجلاب الرزق من الرب تعالى؛ لأنه ذكر الحديث للحث على الفعلين ورغب إليهما بإدرار الرزق. (المحاملي (2) في أماليه عن أم سلمة) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه عبد الله بن شبيب المكي، قال الذهبي في الضعفاء (3): متهم ذو مناكير وفليح بن سليمان (4) قال

(1) أخرجه البخاري (6243)، ومسلم (2657).

(2)

أخرجه المحاملي في أماليه (372)، والديلمي (4905)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4165)، والضعيفة (477): موضوع.

(3)

انظر المغني (1/ 342).

(4)

انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي (1/ 87).

ص: 132

النسائي وابن معين: ليس بالقوي، وخالد بن إلياس (1) قال الذهبي: ترك وليس بالساقط.

6208 -

"كخ كخ ارم بها، أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة". (ق) عن أبي هريرة" (صح).

(كخ كخ) بفتح الكاف وكسرها وسكون المعجمة مثقلا ومخففاً [3/ 223] وبكسرها منونة وغير منونة فهي ست لغات وهي كلمة رد للطفل عن تناول شيء مستقذر قال الزمخشري (2): ويقال أيضاً عند تعذر الشيء فهي من أسماء الأفعال كما في التسهيل ومن أسماء الأصوات على ما في حواشيه وهذه قالها صلى الله عليه وسلم للحسن وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فزجره. (ارم بها) بين تمر الصدقة. (أما) مخففة. (شعرت) فطنت. (أنّا) آل محمَّد الذي أنت أحدهم. (لا نأكل الصدقة) لحرمتها علينا وظاهرها يعم النفل قيل: إلا أن السياق خصها بالفرض.

قلت: والعام لا يقتصر على سببه إلا أن يدعي أن لفظ الصدقة حقيقة عرفية في الزكاة لم يشمل النفل أصلا وفيه أن الطفل يجنب الحرام ليتسنى عليه وليتمرن ومخاطبة من لا يميز بقصد إسماع من يميز، قيل: وأخذ منه ندب مخاطبة العجمي بما يفهمه من لغته وعلة تحريم الصدقة التنزه عنها لكونها غسالة أوساخ الناس كما صرح به غيره وقد حققنا ذلك في رسالة مستقلة رد على العلامة الجلال سميناها: حل العقال.

(ق)(3) عن أبي هريرة) قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقاله صلى الله عليه وسلم فذكره.

(1) انظر المغني (1/ 207).

(2)

الفائق (3/ 220).

(3)

أخرجه البخاري (1491)، ومسلم (1069).

ص: 133

6209 -

"كذب النسابون قال الله تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] ". ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس".

(كذب النسابون) قال في الكشاف (1): يعني أنهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد. (قال الله تعالى؛ وقرونا بين ذلك كثيراً) أي هم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله تعالى، قال ابن دحية: أجمع العلماء والإجماع حجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب لا يتجاوز عدنان. (ابن سعد وابن عساكر (2) عن ابن عباس).

6210 -

"كرامة الكتاب ختمه". (طب) عن ابن عباس (ض) ".

(كرامة الكتاب ختمه) أي وضع الطابع عليه ومنه الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب إلى ملوك الأعاجم، قيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا عليه خاتم فاصطنعه والختام ككتاب الطين يختم به ويحتمل هنا أنه أريد بختمه وضع الختام عليه والإكرام للكتاب في اللفظ وهو للمكتوب إليه في المعنى. (طب)(3) عن ابن عباس) رمز المصنف لضغفه لأن فيه محمَّد بن مروان السدي الصغير متروك كما قاله الهيثمي، وقال العامري: هو حسن.

6211 -

"كرم المرء دينه ومروءته عقله، وحسبه خلقه". (حم ك هق) عن أبي هريرة (صح) ".

(كرم المرء دينه) أي به يكرم ويشرف ظاهراً وباطناً قولًا وفعلًا والكرم كثرة الخر والمنفعة لا ما في العرف من الإنفاق شرفًا وفخراً. (ومروءته عقله) لأنه

(1) الكشاف (1/ 624).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 52) وابن سعد في الطبقات (1/ 56)، وخليفة بن خياط في طبقاته (1/ 3)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4166)، والضعيفة (111): موضوع.

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3872)، وانظر قول الهيثمي في المجمع 8/ 99، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4167)، وقال في الضعيفة (1567، 4231): موضوع.

ص: 134

يتميز عن الحيوانات وبه يقيل نفسه عن كل خلق دني ويكفها عن طباعها الدنية وشهواتها الوبية ويجره إلى إعطاء كل ذي حق حقه من الحق والخلق، وليس المراد بالمروءة ما في العرف من جمال الحال والاتساع في المال بدلا وإظهارا، فليس كل عاقل له مال، قال الحكماء: المروءة نوعان أحدهما البذل والعطاء والآخر كف الهمة عن الأسباب الدنية وهو أتم وأعلى. (وحسبه خلقه) أي ليس شرفه لشرف آبائه بل شرف أخلاقه، قال الأزهري: أراد أن الحسب يحصل للرجل بكرم أخلاقه وإن لم يكن له نسب وإذا كان أي حسب الآباء فهو أكرم له وقال العلائي: حاصل المروءة راجع إلى مكارم الأخلاق لكنها إذا كانت غريزة تسمى مروءة، وقيل: المروءة إنصافك من دونك والسمو إلى من فوقك والجزاء بما أوتى إليك من خير أو شر، هذا وقد نظم معنى الحديث أبو العتاهية فقال:

كرم الفتى التقوى وقرته

محض اليقين ودينه حسبه

والأرض طينته وكل بني

حوى فيها واحد نسبه (1)

(حم ك هق)(2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم على شرط مسلم ورده الذهبي بأن فيه مسلماً الزنجي ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الرازي: لا يحتج به.

6212 -

"كسب الإماء حرام". الضياء عن أنس (صح) ".

(كسب الإماء) جمع أمة (حرام) أي تكسبها بالزنا كما كانت تفعله الجاهلية فلا يحل تمكينهن من ذلك فإنه مهر البغي الذي نهى عنه. (الضياء (3) عن أنس) رمز

(1) وهي أبيات لأبي العتاهية.

(2)

أخرجه أحمد (2/ 365)، والحاكم (1/ 212)، والبيهقي (7/ 136)، وانظر: العلل المتناهية (2/ 610)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4168)، والضعيفة (2369).

(3)

أخرجه الضياء في المختارة (1691)، وابن حبان 11/ 562 (5158)، وانظر فتح الباري (4/ 461)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4169)، والضعيفة (4089).

ص: 135

[3/ 224] المصنف لصحته قال ابن حجر: صححه ابن حبان وفي الباب غيره.

6213 -

"كسر عظم الميت ككسره حيا". (حم د هـ) عن عائشة" (ح).

(كسر عظم الميت) بعد وفاته. (ككسره) في الإثم. (حياً) وفي تألمه وأنه يبقى له إحساس كما يبقى له إدراك بمن يحضره وشيعه فهو نهي عن إيلامه أي إيلام فلا يغتر بقوله: ما لجرح بميت إيلام (حم د هـ)(1) عن عائشة) رمز المصنف لحسنه.

6214 -

"كسر عظم الميت ككسره عظم الحي في الإثم". (هـ) عن أم سلمة (ح) ".

(كسر عظم الميت) وكذلك جرحه وضربه ونحوهما إلا أن قوله: (ككسر عظم الحي في الإثم) يحتمل أنه يأثم الفاعل وإن لم يتألم الميت إذ التشبيه إنما وقع في الإثم فلعله لإهانته والغفلة عن الاتعاظ بحاله. (هـ)(2) عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه ووقع في الإِمام أن مسلماً رواه ورد عليه.

6215 -

"كفى بالدهر واعظاً، وبالموت مفرقا" ابن السني في عمل اليوم وليلة عن أنس".

(كفى بالدهر) وما يصدر من عجائبه وتقلبه بأهله وبكل إنسان على انفراده. (واعظاً) زاجرًا عن الدنيا والركون إليها والاغترار بها. (وبالموت مفرقاً) بين الأحباب والإخوان والأصحاب والوالد والولد والطارق والبلد فمن عقل عن الدهر عظاته استعد لمماته ومن علم سرعة الفراق بالممات بادر بالأعمال الصالحة قبل الفوات. (ابن السني (3) في عمل يوم وليلة عن أنس) قال: جاء

(1) أخرجه أحمد (6/ 105)، وأبو داود (3207)، وابن ماجة (1616)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4478).

(2)

أخرجه ابن ماجة (1617)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4170).

(3)

أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم 561)، والحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث عن =

ص: 136

رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن جاري يؤذيني فقال: "اصبر على آذاه وكف عنه أذاك" فما لبث إلا يسيرًا إذ جاءه فقال: مات فذكره وهذا من بليغ حكمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ووجيزها.

6216 -

"كفى بالسلامة داء". (فر) عن ابن عباس".

(كفى بالسلامة) في البدن عن الأمراض والأموال عن الآفات والأهل والقرابات عن الوفات. (داء) للأبدان لأن دوام سلامة الإنسان في بدنه وأهله وماله من المصائب يورثه البطر والعجب والكبر ويحبب إليه الدنيا بإلفه الشهوات وحب الدنيا رأس كل خطيئة وحينئذ يحجب قلبه عن الله وعن الإقبال عليه وأي داء أدوى من هذا والحديث تحذير من البطر والعجب فلا ينافي أحاديث سؤال العافية في النفس والأهل والمال والولد وفي الجامع الكبير: "لو لم يكن لابن آدم إلا الصحة والسلامة لكفاه داء قاتلاً" ويحتمل أن المراد اتصاف السلامة بالداء لكونها دليلاً علي إعراض الرب تعالى عن تأديب عبده وإيقاظه وتمحيصه وادخار الأعواض في الآخرة له. (فر)(1) عن ابن عباس) سكت المصنف عليه وفيه عمران القطان (2)، قال الذهبي ضعفه يحيى والنسائي، قال أحمد: وفي الباب أنس.

6217 -

"كفى بالسيف شاهدًا". (هـ) عن سلمة بن المحيق (ض) ".

(كفى بالسيف شاهداً) هكذا لفظه في نسخ الجامع وفي النهاية أن لفظه: "كفي بالسيف" أراد أن يقول شاهداً فأمسك ثم قال: "لولا أن يبايع فيه الغيران

= زوائد مسند الحارث (رقم 908)، وانظر: المطالب العالية (4/ 144 رقم 2822)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (ص: 508)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4171)، والضعيفة (4087).

(1)

أخرجه الديلمي (4871)، والقضاعي في الشهاب (1409) عن أنس، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4173)، والضعيفة (4090).

(2)

انظر الميزان (5/ 287).

ص: 137

والسكران" وجواب لو محذوف أراد لولا تهافت الغيران والسكران في القتل لتممت علي جعله شاهداً أو لحكمت إلى هنا كلامه.

قلت: وليس هذا من باب الاكتفاء المعروف عند أئمة البلاغة؛ لأنه يكون مع إرادة اللفظ يرميه وهنا الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أراد الإضراب عما يلفظ به والرجوع عما أفهمه أن السيف يكفى شاهداً على القتل، وقال أحمد: أنه لو وجد مع امرأته رجلاً وأقام على ذلك بينة وقتله هدر دمه وقال الشافعي: يلزمه القود، والحديث قاله صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن سعد بن عبادة قال لما نزل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4]، قال لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف ولم أمهله.

(هـ)(1) عن سلمة بن المحبق) بالمهملة وتشديد الموحدة مكسورة والقاف ورمز المصنف لضعفه لأن فيه الفضل بن دلهم (2) قال في الكاشف: قال أبو داود وغيره: ليس بالقوي.

6218 -

"كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع"(د ك) عن أبي هريرة (صح) ".

(كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع) لأنه يسمع الصدق والكذب فإن حدث بالكذب فالمحدث بالكذب أحد الكاذبين فعليه أن يحدث بما ظن صدقه. (د ك)(3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته.

6219 -

"كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت". (حم د ك هق) عن ابن عمرو (صح) ".

(1) أخرجه ابن ماجة (2606)، وأبو داود (4417)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4174)، والضعيفة (4091).

(2)

انظر الكاشف (2/ 122).

(3)

أخرجه أبو داود (4992)، والحاكم (1/ 195)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4480).

ص: 138

(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) أي من يلزمه قوته، قال الزمخشري (1): قاته يقيته إذا أطعمه قوتًا فعلى القادر السعي على عياله لئلا يضيعهم إن قيل: يعارض ما سبق من الحديث السابق.

قلت: ذلك يكفي إثماً من يحدث [3/ 225] وهذا فيما أضاعه من يجب عليه قوته من الأبوين العاجزين والأولاد الصغار.

(حم د ك هق)(2) عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح وأقرَّه الذَّهبي، وقال البخاري في الرياض (3): صحيح، وسببه أن ابن عمرو كان في بيت المقدس فأتاه مولى له فقال: أقيم هنا رمضان؟ فقال: هل تركت لأهلك ما يقوتهم؟ قال: لا، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.

6220 -

"كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في أمر دينه ودنياه". ابن النجار عن أنس (ض) ".

(كفى بالمرء سعادة) في الدين والدنيا. (أن يوثق به في أمر دينه) فيؤخذ عنه الديانات ويقبل قوله فيما يرويه وبقوله فيها (ودنياه) فيؤتمن على الأموال والأعراض وإنما كانت من سعادته لتوفير أجره بما ناله العباد على يديه من الخير وما يتسهل له من الرزق بسبب الأمانة. (ابن النجار (4) عن أنس) رمز المصنف لضعفه ورواه القضاعي.

(1) الفائق في غريب الحديث (3/ 236).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 160)، وأبو داود (1692)، والحاكم (1/ 575)، والبيهقي في السنن (7/ 467)، وروى مسلم في صحيحه (996) بمعناه قال:"كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمّن يملك قُوتَه"، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4481).

(3)

انظر: رياض الصالحين (ص: 202) تحقيق ماهر الفحل.

(4)

أخرجه القضاعي في الشهاب (1417)، والديلمي في الفردوس (4856)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4176)، والضعيفة (4092): موضوع.

ص: 139

6221 -

"كفى بالمرء شرًّا أن يتسخط ما قرب إليه". ابن أبي الدنيا في قري الضيف، وأبو الحسين ابن بشران في أماليه عن جابر (ض) ".

(كفى بالمرء شراً) في دينه وفي دنياه لأنه يضيف خلقه ويقلق نفسه. (أن يتسخط ما قرب إليه) ما قدم له المضيف من الضيافة فإنه إذا تسخطه ظاهراً كان من ألأم خلق الله وأمقتهم عنده وعند عباده وثقل على من أضافه وقد نهى عن تكليف المضيف ما يثقل عليه وأن سخطه باطناً كفر النعمة وازدرائها فعليه أن يقبل ما قدم إليه ببشر وانبساط خلق وانشراح صدر، وكذلك بتسخطه بما يقدمه إليه أهله فإنه قبيح. (ابن أبي الدنيا في قرى الضيف، وأبو الحسين بن بشران في أماليه (1) عن جابر) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه يحيى بن يعقوب القاضي، قال في الميزان: قال أبو حاتم: محله الصدق، وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر.

6222 -

"كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بنفسه". (هب) عن مسروق مرسلاً (ح) ".

(كفى بالمرء علماً أن يخشى الله) أي يكفيه من العلم ما يحصل له خشية الله إنما يخشى الله من عباده العلماء ويؤخذ منه أن من لم يخشى الله فلا علم عنده ولا كفاية علم. (وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بنفسه) لأن من أعجب بنفسه فقد جهل صفاتها، ومن جهل صفات نفسه فلا جهل فوق جهله. (هب)(2) عن مسروق مرسلاً) رمز المصنف لحسنه.

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في قرى الضيف (رقم 55)، والقضاعي في الشهاب (1320)، والبيهقي في الشعب (5872)، وانظر الميزان (7/ 228)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4177)، والضعيفة (4093).

(2)

أخرجه البيهقي الشعب (748)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4178).

ص: 140

6223 -

"كفى بالمرء فقها إذا عبد الله، وكفى بالمرء جهلاً أن إذا أعجب برأيه"(حل) عن ابن عمرو (حسن المتن) ".

(كفى بالمرء فقها إذا عبد الله) فإن فقهاً أثمر إفراد الله بالعبادة يكفي العبد في دينه ودنياه. (وكفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه) فإن الإعجاب بالرأي دليل الجهل بالنفس وكفى به جهلاً. (حل)(1) عن ابن عمر) في نسخة المقابلة على خط المصنف حسن المتن.

6224 -

"كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع". (م) عن أبي هريرة (صح) ".

(كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) فإنه كما تقدم أنه ليس كل ما يسمع صدقاً فلا بد أن يحدث بحديث يظن كذبه والظاهر أنه إذا حدث ساكتاً عن إبانة ما يظن من كذبه أو بتبعيد وإلا فإنه قد علم أنه قد وقع من أئمة الحديث الإخبار بالموضوعات مع إبانة وضعها. (م)(2) عن أبي هريرة) ورواه أبو داود مرسلاً.

6225 -

"كفى بالمرء من الشر أن يشار إليه بالأصابع". (طب) عن عمران بن حصين (ح) ".

(كفى بالمرء من الشر) في دينه. (أن يشار إليه بالأصابِع) تمامه كما يأتي قريبًا قالوا: يا رسول الله، وإن كان خيراً؟ قال:"وإن كان خيراً فهي مزلة، إلا من رحمه الله وإن كان شراً فهي شر" هذا تمام الحديث ووجه الشرية أنه يحصل له العجب والكبر عند نفسه والإعجاب بفعله وهذا شر في دينه فإن قيل هذا أمر لا اختيار له فيه وهؤلاء الرسل والعلماء يشتهرون ويشار إليهم بالأصابع، قيل:

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 173)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4179)، والضعيفة (5158).

(2)

أخرجه مسلم (5)، وأبو داود (4992).

ص: 141

الذم متوجه إلى من أراد بأعماله وطاعاته ذلك من باب قوله وإنما قرأت ليقال وقد قيل في حديث الأربعة الذين هم أول من تسجر جهنم بهم. (طب)(1) عن عمران بن حصين) رمز المصنف لحسنه قال الشارح: وليس كما قال، ففيه كثير بن مروان المقدسي (2)، قال العقيلي: لا يتابع كثير على لفظه إلا من جهة مقارنة، وقال يحيى: لا يصح كثير ضعيف، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ومن ثمة أورده ابن الجوزى في الواهيات.

6226 -

"كفى بالمرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع، وكفى بالمرء من الشح أن يقول: "آخذ حقي لا أترك منه شيئاً". (ك) عن أبي أمامة (صح) ".

(كفى بالمرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع) كما سلف. (وكفى بالمرء من الشح أن يقول) في تقاضيه لغريمه أو أخذه نصيبه لشريكه أو نحو ذلك. (آخذ حقي [3/ 226] كله. (لا أترك منه شيئاً) فإن ذلك دليل شحه ونقصه وقد ذم الله ذلك ومدح سهل القضاء سهل الاقتضاء. (ك)(3) عن أبي أمامة) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي؛ بأن هلال بن عمر وأبوه لا يعرفان فالصحة من أين؟!

6227 -

"كفى بالموت واعظاً، وكفى باليقين غنى"(طب) عن عمار (ض) ".

(كفى بالموت واعظاً) زاجراً للعباد عن كل ما يبعد عن زاد المعاد فهم اليوم في الدور وغدا في القبور يلقون ما قدموا ويندمون حيث لا ينفع ما عليه ندموا تلقاهم الحسنات والسيئات ويأمر بهم الرب إلى الغرفات أو الدركات وقد قال

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 210)(518)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 7)، وانظر العلل المتناهية (2/ 825)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4181)، والضعيفة (2231): ضعيف جداً.

(2)

انظر المجروحين (2/ 225)، والمغني (2/ 531).

(3)

أخرجه الحاكم (2/ 25)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4182).

ص: 142

- صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات". (وكفى باليقين غنى) قيل: اليقين سكون النفس عن جولان الموارد في الصدر ومن كلام بعض العارفين الغني حق الغنى من أسكن الله قلبه من غناه يقيناً ومن معرفته توكلا ومن عطاياه رضاً فذلك الغني كل الغنى وإن أمسى طاويا وأصبح معوزاً. (طب)(1) عن عمار) رمز المصنف لضعفه قال المنذري والعلائي: حديث غريب منقطع؛ لأن الحسن لم يدرك عماراً وفيه أيضاً الربيع بن بدر قال الدارقطني: متروك، وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف جدًّا وهو معروف من قول الفضيل بن عياض.

6228 -

"كفى بالموت مزهدا في الدنيا، ومرغباً في الآخرة". (ش حم) في الزهد عن الربيع بن أنس مرسلاً".

(كفى بالموت مزهدا في الدنيا) لأن دارًا يفارقها الإنسان حقيقة لا يحتفل بها ولا يرفع بها رأسا وإن ينزل نفسه فيها منزلته إذا كان مسافرا فإنه مسافر حقيقة يقطع في كل نفس مرحلة. (ومرغباً في الآخرة) لأنها دار نزوله ومأوى حلوله إليها منقلبه وبها بقاؤه. (ش حم)(2) في الزهد عن الربيع بن أنس مرسلاً) بصري نزل خراسان روى عن أنس وغيره قال أبو حاتم صدوق وقال ابن أبي داود حبس بمرو ثلاثين سنة.

6229 -

"كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته". (م) عن ابن عمرو" (صح).

(كفى بك إثما أن يحبس عمن يملك قوته) قال النووي (3): قوته مفعول يحبس

(1) أخرجه القضاعي في الشهاب (1410)، والبيهقي في الشعب (10556)، وانظر الترغيب والترهيب (4/ 120) وقال الألباني في ضعيف الجامع (4185)، والضعيفة (502): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة (34329)، والبيهقي في الشعب (10555)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4184).

(3)

شرح مسلم (7/ 82).

ص: 143

وقال الطبري: أن يحبس مبتدأ وكفى خبره مقدماً أو خبر مبتدأ محذوف وإثماً يتميز والحديث حث على الإنفاق لمن يجب إنفاقه وتأثيم من أخر قوته. (م)(1) عن ابن عمرو) جاءه قهرمانه فقال: أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا، قال: فانطلق فأعطهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

6230 -

"كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة". (ن) عن رجل".

(كفى ببارقة السيوف) أي لمعانها قال الراغب: بارقة السيوف لمعانها. (على رأسه) يعني الشهيد. (فتنة) فلا يفتن في قبره ولا يسأل إذ لو كان في إيمانه نفاق لفرّ عند لقاءه العدو، فثباته دليل ثبات إيمانه، قال القرطبي: وإذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل قدرًا وأعظم أمراً فهو أحرى بأن لا يفتن. (ن)(2) عن رجل) له صحبة قال: يا رسول ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد فذكره.

6231 -

"كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما". (ت) عن ابن عباس".

(كفى بك إثماً أن لا تزال مخاصمًا)، أي محاولاً للخصومة فإن كثرة الخصومة تقضي غالباً إلى ما يذم وقد ورد:"أبغض الخلق إلى الله الألد الخصم" قال لقمان لابنه: يا بني إياك والمراء فإن نفعه قليل وهو يهيج العداوة بين الإخوان، قال بعضهم: ما رأيت شيئاً أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة ولا أشغل للقلب من المراء فإن قيل لا بد من الخصومة لاستيفاء الحقوق، فالجواب ما قاله الغزالي: إن الذنب المتأكد إنما هو لمن خاصم بباطل أو بغير علم (ت)(3) عن ابن عباس) سكت المصنف عليه، وقال الترمذي: غريب

(1) أخرجه مسلم (996).

(2)

أخرجه النسائي (1/ 660)، وفي الكبرى (2180) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4483).

(3)

أخرجه الترمذي (1994)، والبيهقي في الشعب (8432)، والطبراني في الكبير (11/ 57)(11032)، وانظر قول الحافظ في الفتح (13/ 181)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4186)، والضعيفة (4096).

ص: 144

وخرجه عنه البيهقي والطبراني، وقال ابن حجر: سنده ضعيف.

6232 -

"كفى به شحا أن أذكر عند رجل فلا يصلي علي". (ص) عن الحسن مرسلاً (ح) ".

(كفى به) أي الرجل المدلول عليه بالسياق. (شحًّا) والشح مذموم شرعا وعقلاً. (أن أذكر عنده فلا يصلي علي) فإنه يخل بالكلام الذي من أيسر الأشياء دعاء لأفضل المخلوقين وأعظمهم عنده يدا وأكثرهم عليه حقًّا الذي لو بذل ماله ونفسه في رضائه لما وفي له وقد أخذ منه وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم جماعة. (ص)(1) عن الحسن مرسلاً) رمز المصنف لحسنه.

6233 -

"كفى بالمرء نصراً أن ينظر إلى عدوه في معاصي الله". (فر) عن علي".

(كفى بالمرء نصراً) يحتمل أنه بالمعجمة ويحتمل بالمهملة. (أن [3/ 227] ينظر إلى عدوه في معاصي الله) أي ينصره عليها والحال أنه عدوه يجب عليه خذلانه والإنكار عليه هكذا والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم منه وما أفاد الشارح ضبط لفظه ولا بيان معناه. (فر)(2) عن علي) ولم يسنده الديلمي كما أوهمه كلام المصنف.

6234 -

"كفى بالرجل أن يكون بذيًّا فاحشا بخيلاً". (هب) عن عقبة بن عامر (ض) ".

(كفى بالرجل) دناءة أو إثماً. (أن يكون بذيًّا فاحشاً) في لسانه وأفعاله. (بخيلاً) بما يجب عليه فإن هذه صفات سوء كلها تورثه كل صفة كما قال الغزالي مصدر هذه الأخلاق الخبث واللؤم. (هب)(3) عن عقبة بن عامر) رمز

(1) أخرجه ابن أبي شيبة (8701)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4187).

(2)

أخرجه الديلمي في الفردوس (4865)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4183).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (6677)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4182).

ص: 145

المصنف لضعفه.

6235 -

"كفى بالمرء في دينه أن يكثر خطؤه، وينقص حلمه، وتقل حقيقته جيفة بالليل بطال بالنهار كسول هلوع، منوع، رتوع"(حل) عن الحكم بن عمير".

(كفى بالمرء في دينه) أي نقصًا واختلالاً (أن يكثر خطؤه) وإلا فوقوع الخطأ قليلاً من شأن بني آدم والمراد بالخطأ إثمه وذنبه لا ما يقابل العمد (وينقص حلمه، وتقل حقيقته) فإن حقيقة الإنسان ما يتحقق من خيره وأفعاله الصالحة فإن قلة هذه الحقيقة يخرج عن أشرف صفاته (جيفة بالليل) لنومه (جيفة بالنهار) لإعراضه عن الأعمال الصالحة وعدم اشتغاله بحرفة نافعة (كسول) كصور مبالغة في الكسل (هلوع) قال في الفردوس: الهلع الحرص (منوع) شديد المنع للخير (رتوع) في الفردوس الرتع الأكل بسعة ونهمة والكل صفات مذمومة والقصد التحذير عن الاتصاف بها (حل)(1) عن الحكم بن عمير) سكت المصنف عليه وفيه بقية بن الوليد مر غير مرة ذكره، وعيسى بن إبراهيم، قال الذهبي: تركه أبو حاتم.

6236 -

"كفى بالمرء إثما أن يشار إليه بالأصابع: إن كان خيرا فهي مذلة، إلا من رحم الله تعالى، وإن كان شرا فهو شر". (هب حب) عن عمران بن حصين (ح) ".

(كفى بالرجل إثمًا أن يشار إليه بالأصابع) تعالما به وتنويها بمعرفته كما قيل (2):

وأفتن فيك الناظرون بأصبع

يومئ إليك بها وعين تنظر

(إن كان) ذلك الواقع من الإشارة أو ما اتصف به مما اقتضى الإشارة إليه. (خيراً) وأنه اشتهر بصلاح وهدى وعلم وتقوى (فهي) أي الإشارة (مزلة) أي

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 358)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4180)، والضعيفة (4094): ضعيف جداً.

(2)

الأبيات منسوبة إلى البحتري الوليد بن عبيد (ت 284 هـ).

ص: 146

مظنة زلَله؛ لأنها قد تطغيه وتحمله على جهل قبائحه وتنسيه (إلا من رحم الله تعالى) وبصره بما يضره وما ينفعه (وإن كان) ما اتصف به (شراً) فعرف به وأشارت إليه بسببه الأصابع (فهو) أي الاشتهار بالشر (شر) فالحديث تحذير عن محنة الشهرة بخير أو شر وكراهة ذلك إن وقع وذم النفس عند الهيجان إن اتفقت إليه الإشارات (هب)(1) عن عمران بن حصين) رمز المصنف لحسنه وقد قال مخرجه البيهقي بعد أن ساقه من حديث كثير بن مرة: كثير هذا غير قوي انتهى، وفي الميزان: كثير ضعفوه وقال يحيى: كذاب ثم أورد له هذا الخبر.

6237 -

"كفاك الحية ضربة بالسوط، أصابتها أم أخطأتها". (قط) في الأفراد (هق) عن أبي هريرة (ض) ".

(كفاك) يكفيك. (الحية) مفعول (ضربة) فاعل. (بالسوط، أصابتها أم أخطأتها) قال البيهقي: هذا إن صح فإنما المراد وقوع الكفاية في الإتيان بالمأمور فقد أمر المصطفي صلى الله عليه وسلم بقتلها ولكن الضربة كافية في فعل المأمور به لا أنه أراد المنع عن الزيادة على ضربة واحدة ويدل لذلك حديث مسلم: "من قتل وزغة بضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية"(2).

قلت: وكأنه يقول: لا فرق بين هذه الخرشات. (قط) في الأفراد (هق)(3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه.

6238 -

"كفارة الذنب الندامة، ولو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون ليغفر

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (6979)، وانظر الميزان (5/ 496)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4175)، والضعيفة (2231): ضعيف جدًا.

(2)

أخرجه مسلم (2240).

(3)

أخرجه البيهقي في السنن (2/ 266)، والديلمي في الفردوس (4873)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4484)، والصحيحة (676).

ص: 147

لهم". (حم طب) عن ابن عباس (ح) ".

(كفارة الذنب) لمن يرتكبه (الندامة) على فعله قال الطيبي: الكفارة عبارة عن الخصلة أو الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة وهي فعالة للمبالغة كضرابة وقبالة وهي من الصفات الغالبة في الاسمية والندم الغم اللازم والحزن. (ولو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون) وليس الحكمة في الإتيان بهم أن يذنبوا بل: (ليغفر لهم) ليظهر أنه متصف بالعفو والغفران وأن رحمته سبقت غضبه قال زين الدين من خصائص هذه الأمة أن الندم له توبة وكانت بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم حرم عليه كل طيب من الطعام وتصبح خطيئته [3/ 228] مكتوبة على باب داره (حم طب)(1) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه لكن، قال الحافظ العراقي: وتبعه الهيثمي فيه يحيى بن عمر (2) بن مالك البكري وهو ضعيف.

6239 -

"كفارة المجلس أن يقول العبد: "سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، أستغفرك وأتوب إليك" (طب) عن ابن عمرو، وعن ابن مسعود (صح) ".

(كفارة المجلس) عما يقع فيه من اللغط ونحوه. (أن يقول العبد) بعد أن يقوم كما جاء بهذا اللفظ في الأوسط للطبراني: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، أستغفرك وأتوب إليك) قدم تنزيه الرب تعالى عن كل نقص ثم الحمد والشهادة بالتوحيد ونفي الشريك ثم طلب الاستغفار تقديما للوسائل على المطالب قال الحليمي: هذا قد يلتحق بقوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8] فينبغي لكل من فارق مجلسا

(1) أخرجه أحمد (1/ 289)، والطبراني في الكبير (12/ 172)(12793)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 199)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4189)، والضعيفة (2236).

(2)

الصواب كما في الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/ 201)"عمرو".

ص: 148

أن يأتي بهذا الذكر. (طب)(1) عن ابن عمرو، وعن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته، قال الهيثمي: فيه عطاء بن السائب وقد اختلط انتهى. لكن رواه النسائي في اليوم والليلة عن رافع بن خديج، قال الحافظ العراقي: سنده جيد.

6240 -

"كفارة النذر إذا لم يسمى كفارة يمين". (حم م 3) عن عقبه بن عامر (صح) ".

(كفارة النذر إذا لم يسمى) بل نذر وأطلق كأن يقول: إن فعلت كذا فلله علي نذر أو نحو ذلك. (كفارة اليمين) قال ابن حجر (2): حمله بعضهم على النذر المطلق وأما حمل بعضهم له على نذر اللجاج والغضب فلا يستقيم إلا في رواية كفارة النذر الذي لم يسم هو النذر المطلق وأما المقيد وهو المعين فلابد من الوقاية. (حم م 3)(3) عن عقبة بن عامر).

6241 -

"كفارة من اغتبت أن تستغفر له" ابن أبي الدنيا في الصمت عن أنس".

(كفارة من اغتبت) أي كفارة الغيبة لأي شخص. (أن تستغفر له) إحساناً إليه عوضا عن الإساءة في حقه وفيه أن ذلك يمحو ذنب الغيبة ولا تحتاج إلى إعلامه وطلب عفوه، وقال الشارح: هذا إن تعذرت مراجعته واستحلاله وإلا تعين ما لم يرتب عليه مفسده. (ابن أبي الدنيا (4) في الصمت عن أنس) سكت المصنف عليه وحكم ابن الجوزي بوضعه؛ لأن فيه عتبة بن عبد الرحمن القرشي وهو

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 164)(10333)، والنسائي في اليوم والليلة (1/ 321)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4487).

(2)

فتح الباري (11/ 587).

(3)

أخرجه أحمد (4/ 144)، ومسلم (1645)، وأبو داود (3323)، والترمذي (1528)، والنسائي في المجتبى (3832).

(4)

أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (291)، وانظر الموضوعات (3/ 119)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4190) موضوع، وضعفه في الضعيفة (1519).

ص: 149

متروك وتعقبه المصنف بأن البيهقي خرجه واقتصر على تضعيفه وكذلك العراقي في تخريج الإحياء (1).

6242 -

"كفارات الخطايا إسباغ الوضوء على المكارة، وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة". (هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كفارات الخطايا إسباغ الوضوء) إتمامه وإكماله وواجباته ومسنوناته. (على المكارة) من نحو شدة برد. (وإعمال الأقدام إلى المساجد) السعي إليها لنحو صلاة. (وانتظار الصلاة بعد الصلاة) في المسجد أو غيره. (هـ)(2) عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو الشيخ رمز المصنف لصحته.

6243 -

"كفر بالله تبرأ من نسب وإن دق". البزار عن أبي بكر (ح) ".

(كفر بالله تبرأ) أي براءة. (من نسب) ثابت للمتبرأ (وإن دق) التبري والمراد بالكفر هنا ذنب عظيم لا الكفر حقيقة وذلك لأنه كذب على الله تعالى بزعمه أنه لم يجعله من الماء الذي خلقه منه (البزار (3) عن أبي بكر الصديق) رمز المصنف لحسنه.

6244 -

"كفر بمرء ادعاء نسب لا يعرف أو جحده وإن دق". (هـ) عن ابن عمرو (ح) ".

(كفر بمرء ادعاء نسب لا يعرف) أنه منه (أو جحده) أي جحد نسب يعرف وأنه منه. (وإن دق) قال ابن بطال: ليس المراد من هذين الخبرين أن من نسبته الألسنة إلى غير أبيه يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود وإنما المراد به من تحول عن نسبته لأبيه إلى غير أبيه عالماً عامداً مختاراً وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد منتسباً إلى الذي تبناه حتى

(1) انظر: تخريج أحاديث الإحياء (3/ 119).

(2)

أخرجه أبن ماجة (428)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4489).

(3)

أخرجه البزار (70)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4485).

ص: 150

نزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]، الآية فنسب كل إلى أبيه الحقيقي لكن بقي بعضهم مشهوراً بمن تبناه فيذكر لقصد التعريف لا لقصد النسب الحقيقي كالمقداد بن الأسود وليس أباه بل تبناه واسم أبيه الحقيقي عمرو بن ثعلبه. (هـ)(1) عن ابن عمرو) رمز المصنف لحسنه.

6245 -

"كفر بالله العظيم عشرة من هذه الأمة الغال والساحر والديوث وناكح المرأة في دبرها وشارب الخمر ومانع الزكاة ومن وجد سعة ومات ولم يحج والساعي في الفتن وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه". ابن عساكر عن البراء".

(كفر) بلفظ الفعل. (بالله العظيم عشرة من هذه الأمة) أمة الإجابة المسلمين: (الغال) الخائن في المغنم أو غيره. (والساحر) تقدم تحقيقه وبيان السحر. (والديوث) الذي لا يغار على أهله. (وناكح المرأة في دبرها) فإنه محرّم (وشارب الخمر) ولو جرعة (ومانع الزكاة) ولو درهماً. (ومن وجد سعة ومات ولم يحج) فإنه ترك فرض اللَّه مع تكامل شرائطه وعليه {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. (والساعي في) إثارة (الفتن) بين العباد (وبائع السلاح لأهل الحرب) الذين يحاربون المسلمين. (ومن نكح) أي [3/ 229] وطئ (ذات محرم منه) تحرم عليه فكل منهم كافر إن استحل لرده الشريعة، أو أثم إثماً بليغاً إن لم يستحل قال الشارح: لكن ينبغي استثناء الوطىء في دبر المرأة.

قلت: لا وجه له. (ابن عساكر (2) عن البراء) وخرجه الديلمي من هذا الوجه عنه أيضاً.

(1) أخرجه ابن ماجة (2744)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4486)، وصححه في الصحيحة (3370).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (52/ 391)، والديلمي في الفردوس (4922)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4188)، وقال في الضعيفة (2005): موضوع.

ص: 151

6246 -

"كف شرك عن الناس فإنها صدقه منك على نفسك". ابن أبي الدنيا في الصمت عن أبي ذر (ح) ".

(كف شرك عن الناس) فلا تؤذهم بشيء من قول أو فعل (فإنها) أي هذه الخلة. (صدقه منك على نفسك) يعود نفعها عليك. (ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (1) عن أبي ذر) رمز المصنف لحسنه.

6247 -

"كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة". (ت هـ) عن ابن عمر (ح) ".

(كف عنا جشاءك) بتقليل طعامك أو بفراقك مجلسنا وإلا فإن دفع الحادث لا يستطاع؛ لأنه أمر طبيعي والجشاء: الريح الذي يخرج من المعدة عند الامتلاء. (فإن أكثرهم) يعني الناس وفي هذا الالتفات من الخطاب إلى الغيبة غاية اللطف وحسن الخلق في عدم مواجهة المخاطب بما يسوؤه. (شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة) فإن مفاسد الشبع عديدة كثيرة مفسدة للبدن وللدين يناثر عنها كل كسل عن طاعة وكل حركة للشهوة فيكون سبباً لطول الجوع في الآخرة. (ت هـ)(2) عن ابن عمر) قال: تجشى رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره رمز المصنف لحسنه؛ لأنه قال الترمذي: حسن غريب، وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان حينئذ لم يبلغ الحلم، قال في المعارف: ولم يأكل بعد ذلك على بطنه حتى فارق الدنيا.

6248 -

"كف عنه أذاك واصبر لأذاه فكفى بالموت مفرقاً". ابن النجار عن أبي الرحمن الحبلي مرسلاً".

(كف عنه أذاك) سببه أن رجلاً شكى عليه صلى الله عليه وسلم أذية جاره له فذكره (واصبر

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (68)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4490).

(2)

أخرجه الترمذي (2478)، وابن ماجة (3350)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4491)، وصححه في الصحيحة (343).

ص: 152

لأذاه) فإنه الأحسن وإن جاز جزاء السيئة بمثلها لكن الصبر من عزم الأمور. (فكفى بالموت مفرقاً) فيه التسلية بأن المؤذي يفارق من أذاه وذكر له هذا؛ لأنه أقنع للقلب الملتهب من أذية المؤذي من ذكر أجر الصابرين. (ابن النجار (1) عن أبي عبد الرحمن الحبلى) بضم المهملة والموحدة واسمه عبد الله بن يزيد المعافري من ثقات الطبقة الثالثة (مرسلاً) تقدم سببه.

6249 -

"كفوا صبيانكم عند العشاء فإن للجن انتشار وخطفة) (د) عن جابر (صح) ".

(كفوا صبيانكم) عن الانتشار (عند العشاء فإن للجن انتشاراً) تفرقاً في الأزقة. (وخطفة) استيلاء بسرعة وفيه التحذير وأن للجان سلطان على الصبيان واختطافهم. (د)(2) عن جابر) رمز المصنف لصحته.

6250 -

"كفوا عن أهل لا إله إلا الله، لا تكفروهم بذنب فمن أكفر أهل لا إله إلا الله، فهو للكفر أقرب". (طب) عن ابن عمر (ض) ".

(كفوا عن أهل لا إله إلا الله) كفوا ألسنتكم عنهم (لا تكفروهم بذنب) ارتكبوا الكفر الأعظم وإلا فقد سلف في هذه الأحاديث الحكم على جماعة أتوا أنواع من المعاصي بالكفر. (فمن أكفر أهل لا إله إلا الله) أي حكم بكفرهم. (فهو) إلى. (الكفر أقرب) لأن من كفر أخاه فقد باء بالكفر أحدهما فإن كان كما قال وإلا فهو الكافر وتقدم معناه غير مرة. (طب)(3) عن ابن عمر) رمز المصنف

(1) عزاه في كنز العمال (24898) لابن النجار وانظر البيان والتعريف في بيان ورود الحديث (2/ 141)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4191).

(2)

أخرجه أبو داود (3733)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4492)، وانظر: إرواء الغليل (1/ 80).

(3)

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 272)(13089)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 106)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4192)، والضعيفة (4097): موضوع.

ص: 153

لضعفه، قال الهيثمي: فيه الضحاك بن حمزة عن علي بن زيد وقد اختلف في الاحتجاج بهما.

6251 -

"كل آية في القرآن درجة في الجنة، ومصباح في بيوتكم". (حل) عن ابن عمرو (ض) ".

(كل آية في القرآن) يحفظها الرجل أو يتلوها. (درجة له في الجنة) كما سلف أنه يقال للقارئ اقرأ وارق

الحديث. (ومصباح في بيوتكم) في الدنيا لكثرة الملائكة المقيضين للرحمة والمستمعين للتلاوة ويحتمل في بيوت الآخرة إنارة وإضاءة ونوراً على نور. (حل)(1) عن ابن عمرو) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه رشدين بن سعد وقد مر غير مرة ضعفه.

6252 -

"كل ابن آدم يأكله التراب، إلا عجب الذنب: ومنه يركب". (م د ن) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل ابن آدم يأكله التراب) أي كل أجزاء ابن آدم يبلى وتقدم بالكلية إلا ما ثبت من الأنبياء أنها لا تأكلهم الأرض والشهداء والعلماء العاملين والصديقين والمؤذنين المحتسبين وحامل القرآن. (إلا عجب الذنب) بفتح العين وسكون الجيم العظم الذي في أصل صلبه وإنها قاعدة البدن كقاعدة الجدار فيبقى ليركب خلقه في الساعة عند قيام الناس من قبورهم منه خلق. (ومنه يركب) كأنه أول ما يخلق وإلا فإنه يخلق العبد من الماء فهو أول ما يخلق من العظام. (م د ن)(2) عن أبي هريرة).

6253 -

"كل أحد أحق بماله والده وولده والناس أجمعين". (هق) عن حبان بن الجمحي (صح) ".

(1) أخرجه ابن المبارك في الزهد (789)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4209).

(2)

أخرجه مسلم (2955)، وأبو داود (4743)، والنسائي (4/ 666)، وأخرجه البخاري (4651) بمعناه.

ص: 154

(كلما طال عمر المسلم كان له خير) لأنه يزداد بزيادة عمره أعمالاً صالحة ولما سلف من أنه كلما بلغ عشراً من الخمسين والستين ونحوها كان عند الله أعظم قدراً وخص المؤمن لأن غيره لا يزداد إلا شراً. (طب)(1) عن عوف بن مالك) رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمي: فيه النَّهاس بن قَهْم (2) وهو ضعيف.

6354 -

"كلمات الفرج: "لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم". ابن أبي الدنيا في الفرج عن ابن عباس (ح) ".

(كلمات الفرج) التي تقال عند الكرب ليحصل الفرج عنه. (لا إله إلا الله الحليم الكريم) وصفه بالحلم؛ لأن العبد لما كان كثير الذنوب استحق أن تنزل به الكروب فتوسل إلى الله تعالى فارج كل كربة بتوحيده أو لأنه لإخراج كل شريك عن قلبه ثم بصفة الحلم؛ لأنه لا يعاجل بالعقوبة فيرفع الكرب إن كان عقوبة على ذنب وبكرمه تعالى؛ لأنه سامح العبد فيما اجترحه. (لا إله إلا الله العلي العظيم) توسل إليه ثانياً بصفة علوه وعظمته المقتضية لرفع ما علا على قلب العبد من الكرب وعظم عليه من حلوله به. (لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم) توسل إليه ثالثاً بأعظم صفاته وهي ملكه للسماوات وما فيها والأرضين وما فيها ويرقى إلى ربوبيته للعرش الكريم، قال الحكيم: كان هذا الدعاء عند أهل البيت معروفاً مشهوراً يسمونه دعاء الفرج فيتكلمون به في النوائب والشدائد متعارفاً عندهم غياثته والفرج به. (ابن أبي الدنيا (3) في الفرج عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه.

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 57)(104)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 204)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4262).

(2)

انظر: المغني (2/ 701).

(3)

أخرجه أحمد (1/ 228)، وابن أبي الدنيا في الفرج (رقم 48)، وعبد بن حميد (657)، وصححه =

ص: 155

6255 -

"كل الخير أرجوه من ربي" ابن سعد وابن عساكر عن العباس".

(كل الخير أرجوه من ربي) فإنه الذي بيده خير الدنيا والآخرة فلا ينبغي أن يخص الأمل بخلة واحدة أو حوائج وسببه أن العباس سأل النبي عما يرجوه لأبي طالب فذكره وقيل بل قاله للعباس في مرضه صلى الله عليه وسلم فبين له أنه ينبغي أن يكون المريض راجياً لله كل خير فعلي الأول يكون قاله للعباس قبل أن يعلمه الله تعالى أنه لا يغفر أن يشرك به فإن أعظم الخير المغفرة ولا ترجى لمشرك. (ابن سعد وابن عساكر (1) عن العباس).

6256 -

"كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين؛ فإن الله يجعله لصاحبه في الحياة الدنيا قبل الممات". (طب ك) عن أبي بكرة (صح) ".

(كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها) أي من العقوبة عليها. (إلى يوم القيامة) فإنه يوم الجزاء. (إلا عقوق الوالدين) فإنه من الذنوب التي لا يؤخر جزاؤها. (فإن الله يعجله لصاحبه) فاعله. (في الحياة الدنيا قبل الممات) زاده للتقرير والتأكيدات.

قلت: الحديث سيق لبيان عظم ذنب العقوق وقد قال تعالى: {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ} [الرعد: 134]، وقال:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 12] وتقدم: "فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة" فكيف هذا.

قلت: تعجيل العقوبة في الدنيا دليل غضب الرب على المعصية وسرعة انتقامه من فاعلها وعقوبة الآخرة وإن كانت أشد إلا أنها دار الرحمة ودار الشفاعات فرب ذنب فيها يغفر وجرم فيها يكفر وحسنات ترجح فتعجيل

(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 124، 125)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 336)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4212)، والضعيفة (4102).

ص: 156

العقوبة دليل أنه لا يكفرها إلا التوبة ثم في تعجيل عقوبة العقوق زجر للعباد عن ذلك فهو لطف لهم ينزجرون به عن العقوق وقد يكون سبباً لتوبة العاق عن عقوقه وتلافيه مما ارتكب من ذلك.

(طب ك (1) عن أبي بكرة) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي؛ لأن بكار ضعيف يريد بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة راويه عن أبيه عن جده.

قلت: في الخلاصة إنه من الضعفاء الذين يكتب حديثهم.

6257 -

"كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم". ابن سعد عن علي بن رباح مرسلاً".

(كل العرب) قريش وغيرها (من ولد إسماعيل بن إبراهيم) فهو أبوهم وإليه ينتهي نسبهم (ابن سعد (2) عن علي) بضم المهملة وفتح اللام، (بن رباح) بفتح الراء وموحدة ومهملة آخره (مرسلاً) هو اللخمي البصري وثقه النسائي.

6258 -

"كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث: الرجل يكذب في الحرب فإن الحرب خدعة، والرجل يكذب المرأة فيرضيها، والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما". (طب) وابن السني في عمل اليوم وليلة عن النواس (صح) ".

(كل الكذب يكتب على ابن آدم) أي يكتب إثمه أو نفسه فيحاسب عليه ويعاقب (إلا ثلاث) وهو منصوب لتكامل شرائط نصبه لكنه في النسخ كلها بغير ألف وهي مراده لكنها قاعدة للمحدثين. (الرجل يكذب في الحرب) كذباً يضر به عدوه ويعز به وليه فإنه لا يكتب عليه إثم ذلك بل ربما كان له فيه أجر.

(فإن الحرب خدعة) تقدم ضبطها ولا يتم الخدع إلا بشيء من الكذب بل

(1) أخرجه الحاكم (4/ 172)، والبزار (3693)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4213).

(2)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 51)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4214)، والضعيفة (1942).

ص: 157

قد يجب إذا دعت إليه ضرورة أهل الإِسلام. (والرجل يكذب) على (المرأة فيرضيها) بذلك وهو شامل للزوجة والأولاد من البنات. (والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما) ويزيل ما في أنفسهما فالكذب هنا جائز له ويشمل ما إذا كان أحد الرجلين نفسه فيكذب ليصلح ما يجده أخوه عليه من أي أمر فكما إنه عظم إثم النميمة لما فيها من الإيحاش والتفرق عظم أجر الإصلاح بين المتنافرين قال [3/ 231] الغزالي (1): إن الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعاً فإنه يحرم فيه الكذب لفقد الحاجة وإن لم يمكن التوصل إليه إلا به جاز إن كان ذلك المقصود جائزاً ووجب إن كان واجباً. (طب) وابن السني (2) في عمل اليوم والليلة عن النواس) رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: فيه محمَّد بن جامع العطار وهو ضعيف انتهى، وقال شيخه العراقي: فيه انقطاع.

6259 -

"كل المسلم على المسلم حرام: ماله، وعرضه، ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم". (د هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل المسلم) فيه رد علي من زعم أن "كل" لا تضاف إلا إلى نكرة. (على المسلم حرام) لا يحل له منه شيء إلا ما أحله الله. (ماله) يأخذه غصباً فإنه يحرم. (وعرضه) أي هتك عرضه بغير حق. (ودمه) بالخيانة عليه وهذه الثلاثة معلوم تحريمها من الغير بضرورة الدين. (حسب امرئ من الشر) أي يكفيه من شر أخلاقه ويكفي في مذمته وعقوبته. (أن يحقر أخاه) يحتكره ويذله ويستخف به فإن هذا محرم لا يحل وفي قوله: حسب امرئ ما يدل على أن هذا

(1) في إحياء علوم الدين (3/ 137).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 165)(420)، وابن السني (612)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 81)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4215)، والضعيفة (4103).

ص: 158

الاحتقار يتفق كثيراً للرجل في أخيه (المسلم). (د هـ)(1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وقد رواه مسلم بتمامه بتقديم وتأخير.

6260 -

"كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه". (ق) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل أمتي معافى) بفتح الفاء مقصوراً اسم مفعول من عافاه الله إذا أعفاه قال النووي (2) هو بالهاء في آخره في أكثر النسخ وفي المصابيح وغيرها هكذا من دون هاء قال الطيبي ينبغي أن تكتب ألفه بالياء.

قلت: هي قاعدة علم الخط (إلا المجاهرين) بالمعاصي من جاهر بكذا بمعنى جهر به. (وإن من الجهار) بكسر الجيم مصدر فاعل كضراب مصدر ضارب. (أن يعمل الرجل) مثلاً (بالليل عملاً) قبيحاً. (ثم يصبح وقد ستره الله) فلم يطلع عليه عباده. (فيقول: عملت البارحة) هي أقرب ليلة مضت من وقت القول من برح زال (كذا وكذا) كناية عما ينطق به من قبح أفعاله. (وقد بات يستره ربه) القادر على اطلاع العباد عليه حال عصيانه. (ويصبح يكشف ستر الله عنه) فيخالف ربه بهتكه ستر نفسه وترغيب من يستمعه إلى الشر وإشهاده عليه وفيه أن الله يكره نشر ما يأتيه العبد من قبائحه بل يتعين عليه ستر ما بارز به ربه من إتيان قبيح ما نهاه عنه والتوبة وحمده تعالى على ما مر به من إبقائه عليه بعد عصيانه وستره له على معصيته. (ق)(3) عن أبي هريرة) ورواه أبو يعلى وغيره.

(1) أخرجه أبو داود (4882)، وابن ماجة (3933)، وأخرجه مسلم (2564)، والترمذي (1927) مطولاً.

(2)

الأذكار (ص 858).

(3)

أخرجه البخاري (6069)، ومسلم (2990).

ص: 159

6261 -

"كل أمتي معافى إلا المجاهر الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول: يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا، فيكشف ستر الله عز وجل". (طس) عن أبي قتادة (صح) ".

(كل أمتي معافى) من عقوبة الله له على ذنبه فإنه إذا ستره في الدنيا ستره في الآخرى وعفا عنه فقد أخرج البزار والطبراني عن أبي موسى يرفعه: "ما ستر الله على عبد ذنباً في الدنيا فعيره به يوم القيامة"(1) قال الهيثمي: فيه عمر بن سعيد الأشج وهو ضعيف (إلا المجاهرين) بالمعاصي التي يرتكبونها (الذي يعمل العمل) القبيح. (بالليل فيستره ربه) فلم يطلع عليه أحدا من عباده لحلمه تعالى ورحمته وتأجيله. (ثم يصبح فيقول: يا فلان) أي مخاطب كان. (إني عملت البارحة كذا وكذا) فإنه يدل على جرأته وإقدامه على المعاصي وعدم حيائه من ربه ولا من عباده. (فيكشف ستر الله عز وجل قال الغزالي (2): الكشف المذموم إذا وقع على وجه المجاهرة والاستهزاء لا على وجه السؤال والاستفتاء بدليل خبر من واقع امرأته في رمضان فأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه. (طس)(3) عن أبي قتادة) رمز المصنف لصحته، قال الهيثمي: فيه عون بن عمارة وهو ضعيف.

6262 -

"كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي". (خ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل أمتي) المراد هنا أمة الدعوة لا أمة الإجابة. (يدخلون الجنة) ولو بعد الخروج من النار. (إلا من أبى) بفتح الهمزة أي امتنع عن قبول ما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم فالأبي اسم فاعل هو الكافر وقيل المراد أمة الإجابة فالأبي هو

(1) أخرجه البزار (3164)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 192).

(2)

إحياء علوم الدين (2/ 201).

(3)

أخرجه الطبراني في الصغير (632)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 192)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4219).

ص: 160

العاصي واستثناهم تغليباً وزجراً عن المعاصي وكأنهم قالوا: ومن يأبى يا رسول صلى الله عليه وسلم قال. (من أطاعني) باتباعي وامتثال ما جئت به. (دخل الجنة) ولو بعد خروجه من النار إن أريد أمة الدعوة أو دخل الجنة مع السابقين إن أريد له أمة الإجابة. (ومن عصاني) بأن لم يؤمن بي أو بأن يفعل ما نهى الله عنه مع إيمانه. (فقد أبى) فيدخل [3/ 232] النار خالداً مخلداً أو حتى يأذن الله في إخراجه على التقدير الثاني والأول عن الأول. (خ)(1) عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم ووهم الحاكم في المستدرك، فقال: لم يخرجاه.

6263 -

"كل امرئ مهيأ لما خلق له"(حم طب ك) عن أبي الدرداء (صح).

(كل امرئ مهيأ) ميسر (لما خلق له) الأظهر في تفسير ما خلق له من العبادة الدال على ذلك {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] فكل من الثقلين قد يسره الله لعبادته وفطره على معرفته فإن عدل عن نهج الهدي فمن سوء اختياره أتى وفي الحديث أقوال أخر. (حم طب ك)(2) عن أبي الدرداء) قال: قالوا: يا رسول الله أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه أو شيء نستأنفه قال: "بل فرغ منه" قالوا: فكيف بالعمل فذكره، رمز المصنف لصحته، قال الهيثمي: فيه سليمان بن عيينة وثقه أبو حاتم وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات، وقال ابن حجر بعد ما عزاه لأحمد: إسناده حسن.

6264 -

"كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس". (حم ك) عن عقبة بن عامر (صح) ".

(كل امرئ) يوم القيامة (في ظل صدقته) في كنف أجرها وصيانته. (حتى يقضى بين الناس) بفضل حسابهم ويحتمل الحقيقة بأن يجعل الصدقة في

(1) أخرجه البخاري (7280).

(2)

أخرجه أحمد (6/ 441)، والطبراني في المعجم الكبير كما في المجمع (7/ 196)، والحاكم (2/ 502)، وفتح الباري (11/ 493)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4511).

ص: 161

الآخرة جسماً تظل صاحبها وفيه ترغيب في الصدقة (حم ك)(1) عن عقبة بن عامر) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقرَّه الذهبي، وقال في المهذب (2): إسناده قوي، وقال الهيثمي: رجال أحمد ثقات.

6265 -

"كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه "بالحمد لله" أقطع". (هـ هق) عن أبي هريرة (ح) ".

(كل أمر ذي بال) حال شريف يحتفل به ويهتم فالتنوين للتعظيم وقيل شبه الأمر بصاحب.

قلت: على طريق الاستعارة المكنية وأثبت له البال تخييلاً كأنه بشدة عنائه صاحبه به صار يعتني هو أيضاً بنفسه.

(لا يبدأ فيه) عند ذكره أو فعله. (بالحمد لله) بهذا اللفظ أو بأي لفظ أفاد الثناء على الله تعالى. (أقطع) عن البركة قال النووى فيستحب البداية بالحمد في كل مصنف ودرس وتدريس وخطيب وخاطب وبين يدي جميع الأمور. (هـ هق)(3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه تبعاً لابن الصلاح، قال: إنما لم يصح؛ لأن فيه قرة بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين وغيره وأورده الذهبي في الضعفاء (4)، قال أحمد: منكر الحديث جداً لم يخرج له مسلم إلا في الشواهد.

6266 -

"كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" أقطع". عبد القادر الرهاوي في الأربعين عن أبي هريرة (ض) ".

(1) أخرجه أحمد (4/ 147)، والحاكم (1/ 576)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 110)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4510)، والصحيحة (3484).

(2)

انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (رقم 6800).

(3)

أخرجه ابن ماجة (1894)، والبيهقي في السنن (3/ 208)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4216).

(4)

انظر المغني (2/ 524).

ص: 162

(كل أمر ذي بال) يخرج الأمور الحقيقة الشأن (لا يبدأ فيه) قبل: ذكره أو فعله. (بـ بسم الله الرحمن الرحيم) أي بهذا اللفظ تبركاً به وتيامناً أو المراد بمطلق الثناء فيشمل ما لو بدأ بالحمد لله فعلى الثاني لا تنافي بين الحديثين، حديث البسملة وحديث الحمد له ويؤيد هذا أن كتبه صلى الله عليه وسلم كلها إلى الملوك وغيرهم ليس فيها إلا البسملة فقط وعلى الأول فالبداية بالحمد لله عرفية وهي بعد التسمية كما في سورة الفاتحة. (أقطع) ناقص عن البركة مقطوع عنها وهذا عام لكل ذي شأن من فعل أو قول وأما البسملة والحمد له فهما وإن كانا من الأقوال ذوات الشأن إلا أن لزوم التسلسل يدل على أنه أريد ما عداهما لأنه لا يأمر الشارع بالمحال.

(الرهاوي)(1) بضم الراء نسبة إلى رها: حي من مذحج وذكره ابن عبد الهادي عن عبد الغني بن سعيد المصري أنه بالفتح (في الأربعين عن أبي هريرة)، رمز المصنف لضعفه وقال النووي في الأذكار: إنه حديث حسن وقد روي موصولاً ومرسلاً والحكم للاتصال عند الجمهور.

6267 -

"كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أقطع، وأبتر ممحوق من كل بركة". الرهاوي عن أبي هريرة" (ض).

(كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليَّ) بتشديد الياء للتكلم بعد التحميد. (فهو أقطع، أبتر ممحوق من بركة) الكل عبارة عن محق بركته ونزعها عما لا يبدأ فيه بذلك. (الرهاوي (2) عن أبي هريرة) رمز المصنف

(1) أخرجه عبد القادر الرهاوي في الأربعين كما في الكنز (2491)، وأخرجه ابن ماجه (1894)، والخطيب في تاريخه (5/ 77)، وانظر الأذكار للنووي (ص: 259)، وانظر تدريب الراوي (1/ 55)، والتلخيص الحبير (1/ 76)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4217).

(2)

عزاه في الكنز (2510) للرهاوي وانظر فيض القدير (5/ 14)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4218).

ص: 163

لضعفه؛ لأنه قال مخرجه الرهاوي: غريب تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن زياد وهو ضعيف جداً لا يعتبر بروايته ولا بزيادته انتهى.

6268 -

"كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: "لولا أن الله هدانى" فيكون له شكر، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول: "لو أن الله هدانى" فيكون عليه حسرة". (حم ك) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل أهل الجنة) الذين ليسوا من أهل العصمة فيخرج الأنبياء. (يرى مقعده من النار) مكان قعوده الذي يستحقه لو كان من أهل النار. (فيقول: "لولا أن الله هدانى") حذف جواب لولا وهو -لكنت من أهل النار- (فيكون له شكر) أي ذلك القول لأنه ثناء على الله بأن هدايته خلص عن عذابه [3/ 232] أو الإرادة تكون سبباً لزيادة شكره وفيه دليل على أن الآخرة دار شكر (وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة) لو كان من السعداء ومن أهلها (فيقول: "لو أن الله هدانى") بتيسير اليسرى أي لكنت من أهل الجنة (فيكون) قوله أو أراه مقعده من الجنة. (عليه حسرة) وتمام الحديث عند الحاكم ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] ونسخ الجامع كلها شكراً بالنصب على خبرية كان وكأنها ثبتت رواية برفعه، قال أبو البقاء: كان بمعنى تحدث وشكر فاعلها. (حم ك)(1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.

6269 -

"كل بناء وبال على صاحبه إلا مسجداً". (هب) عن أنس (ح) ".

(كل بناء وبال) الوبال في الأصل الثقل والمكروه ويريد به هنا العذاب. (على صاحبه) يوم القيامة وذلك لأن اللَّه تعالى لم يجعل الدنيا دار بقاء بل دار

(1) أخرجه أحمد (2/ 541)، والحاكم (2/ 473)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4514)، والصحيحة (2034).

ص: 164

فناء فأقل شيء يكفي ساكنها. (إلا مسجداً) ونحوه مما يعود نفعه على كافة الأنام فإن بانيه مأجور. (هب)(1) عن أنس) رمز المصنف لحسنه.

6270 -

"كل بناء وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه، وكل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به". (طب) عن واثلة (ح) ".

(كل بناء وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه) المراد القليل الذي لاغنا عنه كمساكن الرسول صلى الله عليه وسلم فهي القدوة لمن أراد الاقتداء. (وكل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به) فإنه إذا لم يعمل به كان حجة عليه وعذابا في عنقه. (طب)(2) عن واثلة) رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: فيه هانئ بن المتوكل لا يحل الاحتجاج به بحال.

6271 -

"كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه، إلا مريم، وابنها". (م) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل بني آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه) أي يطعنه في جنبه كما بينته الرواية الآتية وهي ظاهرة في الطعن والمس حقيقة وقيل: المراد به الطمع في الإغواء لا حقيقة النخس وإلا لامتلأت الدنيا صياحاً بالإمساس تخييل وتصوير بطمع الشيطان كأنه يمسه بيده، وقال التفتازاني: أي مانع في أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرخ كما نرى ونسمع وليست تلك المسة للإغواء حتى يدفع أنه لا يتصور في حق المولود حين يولد.

قلت: وكلامه الأقرب ويكون ذلك من إبليس غيظاً وحنقاً على سرور العباد بما يهبه الله لهم من الأولاد. (إلا مريم، وابنها) إكراماً من الله لهما أو إجابة

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (10704)، وأبو داود (5237)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4220).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 55)(131)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 164)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4221)، والضعيفة (2608): ضعيف جداً.

ص: 165

لقول أمها {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]. (م)(1) عن أبي هريرة).

6272 -

"كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعيه حين يولد، غير عيسى ابن مريم: ذهب يطعن فطعن في الحجاب". (خ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه) حين يولد. (بأصبعيه) قال الطيبي: المس والطعن عبارة عن الإصابة بما يؤذيه ويؤلمه لا كما زعمت المعتزلة أن المس تخييل، وقال القاضي: مس الشيطان تعلقه بالمولود وتشويش حاله والإصابة بما يؤذيه. (حين يولد، غير عيسى بن مريم: ذهب يطعن فطعن في الحجاب) أي المشيمة التي فيها الولد، قال ابن حجر (2): اقتصر هنا على عيسى دون الأولى؛ لأن هذا بالنسبة إلى الطعن في الجنب وذاك بالنسبة للمس، أو لأن هذا قبل الإعلام بما زيد فيه بعد. (خ)(3) عن أبي هريرة).

6273 -

"كل بني آدم حسود، ولا يضر حاسداً حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد". (حل) عن أنس (ض) ".

(كل بني آدم حسود) لغيره من ذوي النعمة. (ولا يضر) في الدين ويؤثر العقوبة. (حاسداً حسده) فإنه لا يؤاخذ بما في قلبه فإنه تعالى عفا عن ما حدثت به الأمة أنفسها. (ما لم يتكلم) في شأن المحسود كلاماً يضره. (أو يعمل باليد) في إزالة نعمة من حسده فإنه حينئذ يضره حسده في دينه وإنما كان كل بني آدم يتصف بالحسد لأن حكمة الله قضت بتفضيل بعض العباد على بعض حتى إنه لا يتفق اثنان في كل خصلة من خصال التفضيل، والتفضيل يقتضي بالطبع الحسد فإنه إذا نظر إلى من فوقه في علم أو في خلق أو خلق أو مال أو أي خصلة

(1) أخرجه البخاري (3431)، ومسلم (2366).

(2)

انظر: فتح الباري (6/ 470).

(3)

أخرجه البخاري (3286، 3431، 4548).

ص: 166

من خصال لم يملك نفسه عن أن يحسده إلا من عصمه الله ولكنه تعالى عفا عن ذلك لعلمه بما جبل عليه العبد من الضعف وحبه لنيل كل خير.

واعلم: أن لفظ الحديث هكذا: "كل بني آدم حسود وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض

" إلى آخره، وكأنه وقع سقط من قلم المصنف وإلا فهذا لفظه عند من عزاه إليه. (حل)(1) عن أنس) رمز المصنف لضعفه.

6274 -

"كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون". (حم ت هـ ك) عن أنس (صح) ".

(كل بني آدم خطاء) فعال صيغة مبالغة من الخطأ، قال [3/ 234] الطيبي: إن أريد من لفظ "كل" الكل من حيث هو كل فتغليب؛ لأن الأنبياء عليهم السلام ليسوا بمبالغين في الخطأ، وإن أريد به الاستغراق وإن كل واحد واحد خطاء لم يستقم إلا على التوزيع كما يقال ظلام للعبيد أي بظلم كل واحد فهو ظالم بالنسبة إلى كل واحد ظلام بالنسبة إلى المجموع وإذا قلت هذا ظلام لعبده كان مبالغة في الظلم.

(وخير الخطاءين التوابون) الرجاعون إلى الله بالتوبة والإنابة، فالحديث أخبر أن كل أحد من بني آدم له حظ في الخطأ لما سبقت به الأقدار من ضعف بنية هذا البشر وجبلته على الخطأ وأنه لا يضره ذلك مع التوبة واسم التفضيل غير مراد به الزيادة فإنه لا خير فيمن لم يتب. (حم ت هـ ك)(2) عن أنس) رمز المصنف لصحته، وقال الترمذي: غريب لا يعرف إلا من حديث علي بن مسعدة انتهى، وقال الحاكم: صحيح، وقال الذهبي: فيه لين وقال في محل

(1) أخرجه الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/ 1043)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4222)، والضعيفة (3091).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 198)، والترمذي (2499)، وابن ماجة (4251)، والحاكم (4/ 272)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4515).

ص: 167

آخر: فيه ضعف، وقال الزين العراقي: فيه علي بن مسعدة ضعفه البخاري، إلا أنه اقتصر ابن القطان لتصحيح الحاكم، وقال: علي بن مسعدة: صالح الحديث، وغرابته إنما هي فيما تفرد به عن قتادة (1).

6275 -

"كل بني آدم ينتمون إلى عَصَبَة، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم". (طب) عن فاطمة الزهراء (ح) ".

(كل بني آدم ينتمون إلى عَصَبَة) في الفردوس: الانتماء الارتفاع. (إلا ولد فاطمة) من ذكر وأنثى. (فأنا وليهم) ولأنه الأب لأولاده حكماً شرعياً خصهم الله به كما أن علياً أبوهم الثابت فراشه فلهم أبان حقيقة شرعاً (وأنا عصبتهم) إليها ينتمون قيل ومن خصائصه أن أولاد بناته صلى الله عليه وسلم ينسبون إليه بخلاف غيره انتهي قلت: والأظهر أن هذا حكم خاص بأولاد فاطمة لا غيرها من بناته فإنه الحكم الشرعي أن الولد ليس إلا للفراش لا غير وجاء الحديث في أولاد فاطمة لا غير فليس لنا الإلحاق لغيرها بها وقد تقدم الحديث وقدمنا الكلام عليه وهذه فضيلة للبتول رضي الله عنها لم يشاركها فيها غيرها.

(طب)(2) عن فاطمة الزهراء) رضي الله عنها، رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: فيه شيبة بن نعامة وهو ضعيف (3) وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح.

6276 -

"كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم". (طب) عن عمر (ح) ".

(1) انظر: بيان الوهم والإيهام لابن القطان (3/ 355)، تخريج أحاديث الإحياء (8/ 123).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 44)(2632)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (9/ 172، 173)، والعلل المتناهية (1/ 260)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4223)، والضعيفة (4104، 4342).

(3)

انظر: فيض القدير (5/ 17).

ص: 168

(كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم) كما ذلك شرع الله الأصلي منذ خلق العباد. (ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم) تفضلاً من الله تعالى لهم، قال ابن حجر الهيتمي (1): معنى الانتساب إليه الذي هو من خصائصه أنه يطلق عليه أنه أب لهم وأنهم بنوه حتى يعتبر ذلك من الكفاءة، فلا يكافئ شريفه هاشمي غير شريف.

قلت: هو مذهب الزيدية إلا أن هذا مذهب لهم حدث في زمان الإِمام أحمد بن سليمان عليه السلام ولا دليل عليه ولا وجه له وقد أبنا الحق في المسألة في حاشية ضوء النهار لأن مؤلفه أعظم من استدل للمسألة هذه وعجيب ذهاب ابن حجر الهيتمي إلى هذا وليس بمذهب للشافعية، وأما الخصوصية لفاطمة الزهراء فكفى يكون أولادها أولاده صلى الله عليه وسلم حقيقة وأن الله جعل نسبه في صلب علي عليه السلام. (طب) (2) عن عمر) قال الشارح: سببه أن عمر رضي الله عنه خطب إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم فاعتل بصغرها وقال: أعددتها لابن أخي جعفر، فقال عمر: والله ما إياه أردت ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

قلت: ومعلوم أن عمر تزوج أم كلثوم وجاء له منها زيد بن عمر، ورمز المصنف لحسنه، قال الشارح: فيه بشر بن مهران (3) وهو متروك.

6277 -

"كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلَاّ بيع الخيار". (حم ق ن) عن ابن عمر (صح) ".

(كل بيعين) بتشديد التحتية بعد الموحدة والمراد بها البائع والمشتري، أطلق عليه البيع تغليباً. (لا بيع بينهما) أي ماض لازم بحيث يلزم نفوذه ويتعذر

(1) انظر: المغني (1/ 301).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 44)(2631)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (6/ 301)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4224)، والضعيفة (802).

(3)

انظر الميزان (2/ 37)، واللسان (2/ 34).

ص: 169

الرجوع عنه. (حتى يتفرقا) من مجلس البيع الذي وقع فيه العقد فيلزم البيع حينئذ بالتفرق وهذا هو خيار المجلس أثبته جماهير الأمة. (إلَاّ بيع الخيار) فإنه لا ينفذ بالتفرق [3/ 235] بل بمضي مدة الخيار بينهما فهو استثناء من التفرق إعلام بأن التفرق يمضي البيع إلا بيع الخيار فإنه لا يمضي إلا بعد مضي مدته. (حم ق ن)(1) عن ابن عمر).

6278 -

"كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به"(طب حل) عن أبي بكر" (ض).

(كل جسد) وفي رواية "كل لحم". (نبت من سحت) من مال حرام يسحت صاحبه في النار. (فالنار) في الآخرة. (أولى به) أن تأكله ويعذب بها، قال الذهبي: يدخل فيه المكّاس، وقاطع الطريق، والسارق، والخائن، والزغلي، من استعار شيئاً فجحده، ومن طفف في وزن أو قيل ومن التقط مالاً فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه ومن باع شيئاً فيه عيب فغطاه والمقامر ومخبر المشتري بالزائد هكذا عد المذكورات من الكبائر مستدلًا عليها بهذا الحديث. (هب حل)(2) عن أبي بكر) رواه عنه زيد بن أرقم، قال: كان لأبي بكر مملوك يغل عليه فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ثم قال: من أين جئت به، قال: مررت بقوم في الجاهلية، فرقيت لهم فأعطوني، قال: أفٍّ لك كدت أن تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت لا تخرج فقيل له لا تخرج إلا بالماء فجعل يشرب ويتقيأ فقيل: له كل هذا من أجل لقمة، فقال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكره، رمز المصنف لضعفه وذلك

(1) أخرجه أحمد (2/ 135)، والبخاري (2113)، ومسلم (1531)، والنسائي (7/ 250).

(2)

أخرجه البيهقي في الشعب (5759)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 31)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4598).

ص: 170

لأن فيه عبد الواحد بن واصل (1) قال البخاري والنسائي: متروك، وفي الباب عن عائشة وعن جابر.

6279 -

"كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة". (حم ع حب) عن أبي سعيد (صح) ".

(كل حرف من القرآن) أي كلمة أو آية. (يذكر فيه القنوت) نحو {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]. (فهو) مراد به. (الطاعة) ولفظ القنوت لغة مشترك بين معان عدة قال في النهاية (2): "قد تكرر ذكر القنوت في الحديث ويرد لمعاني متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت فيصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه انتهي فكأن المراد بهذا الحديث أن الطاعة أغلب معانيه. (حم ع)(3) عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته، قال الهيثمي: في إسناد أحمد وأبي يعلي ابن لهيعة وهو ضعيف، وقد يحسن حديثه، قال الشارح: وأقول أيضاً: فيه دراج بن أبي الهيثم (4) قد سبق أن أحمد وغيره ضعفوه وقال أحمد: أحاديثه مناكير.

6280 -

"كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء"(د) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل خطبة) لجمعة أو حاجة أو أي مهم. (ليس فيها تشهد) ظاهره ولو في أخرها والمراد اشتمالها عليه. (فهي كاليد الجذماء) التي لا تنفع صاحبها، قال ابن العربي: ذكر الله مفتتح كل كلام ولولا الحاجة إلى الدنيا لكان الكلام كله

(1) انظر المغني (2/ 411).

(2)

النهاية (4/ 111).

(3)

أخرجه أحمد (3/ 75)، وأبو يعلى (1379)، وابن حبان (2/ 7)(309)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (6/ 320)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4225)، والضعيفة (4105).

(4)

انظر المغني (1/ 222).

ص: 171

مصروفاً إليه فإذا لم يكن بد من الذكر فليكن بعد ذكر الله تعالى وأراد بالتشهد هنا الشهادتين معاً، قيل: والمراد به مطلق الثناء على الله توسعاً وحينئذ يشمل الحمد لله. (د)(1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، قال الشارح: فيه عبد الواحد بن زياد وعبد الواحد أورده الذَّهبي في الضعفاء (2) وقال: ثقه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال الطيالسي: عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها وهو يروي هذا الحديث عن عاصم بن كليب وعاصم أورده أيضاً في الضعفاء (3)، قال: قال ابن المديني: لا يحتج بما تفرد به وقد تفرد به كما قال البيهقي.

6281 -

"كل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة يكتب له حسنه، ويمحو عنه بها سيئة". (حم) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل خطوة) ضبط بالضم والفتح. (يخطوها أحدكم إلى الصلاة) إلى أدائها وظاهره ولو إلى غير مسجد. (يكتب له حسنه ويمحو عنه سيئة) فينبغي إطالة الخطى إلى محل الصلاة ما لم يعارضه فضيلة جماعة أو نحوها. (حم)(4) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته قال الشارح: وليس على ما ينبغي، ففيه إبراهيم بن خالد (5) أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: وثقوه، وقال أبو حاتم كان يتكلم بالرأي وليس محله محل المستمعين.

6282 -

"كل خلة يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب". (ع) عن سعد (ح).

(كل خلة) بزنة خصلة ومعناها. (يطبع عليها المؤمن) أي يمكن أن يطبع

(1) أخرجه أبو داود (4841)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4520)، والصحيحة (169).

(2)

انظر المغني (2/ 410).

(3)

انظر المغني (1/ 321).

(4)

أخرجه أحمد (2/ 283)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4521).

(5)

انظر المغني (2/ 462).

ص: 172

عليه (إلا الخيانة والكذب) فإن الله لا يطبعه عليهما بل إنما تحصل له بالتطبع والتشبه بالأشرار الذين يسرق طباعهم الطبَّاع وفيه بيان قبح هاتين الخلتين، والخيانة شاملة للخيانة في الأموال والأقوال والأفعال، والكذب شامل لقبائح الأقوال [3/ 236]. (ع)(1) عن سعد) رمز المصنف لحسنه وأورده ابن الجوزي في الواهيات، وقال: فيه علي بن هاشم مجروح، وقال الذهبي في الكبائر: روي بإسنادين ضعيفين.

6283 -

"كل خلق الله تعالى حسن"(حم طب) عن الشريد بن سويد (ح) ".

(كل خلق الله تعالى) يحتمل أنه بفتح المعجمة، أي كل مخلوقاته، (حسن) لا عيب فيه ولا قبح، بل هو عن حكمة وإتقان ويحتمل أنه بضمها وفتح وضم اللام أي كل أخلاقه وهي صفاته الحسنى، وبه فسره الشارح قال: أي أخلاقه المخزونة عنده التي هي مائة وسبعة عشر كلها حسن، فمن أراد به خيراً منحه شيئاً منها انتهى.

قلت: ولا أعلم ما أراد بهذه العدة إذ المعروف أن لله تسعة وتسعين اسماً كما سلف، وتقدم في الكلام عليها أن الحق أنه لا حصر لأسمائه تعالى في التسعة والتسعين، فلا أدري ما أراد بالمائة وسبعة عشر، ويحتمل أنه غلط من النساخ، فإن هذا الشرح: أعني شرح المناوي الكبير لا يكاد يسلم من الغلط. (حم طب (2) عن الشريد بن سويد) رمز المصنف لحسنه.

6284 -

"كل دابة من دواب البحر والبر ليس لها دم منعقد فليست لها ذكاة". (طب) عن ابن عمر (ض) ".

(1) أخرجه أبو يعلى (711)، وانظر العلل المتناهية (2/ 706)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4226).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 390)، والطبراني في الكبير (7/ 316)(7241)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4522)، والصحيحة (1441).

ص: 173

(كل دابة من دواب البحر والبر) التي أحل الله أكلها. (ليس لها دم منعقد) في نسخة: يتفصد، قال في الفردوس: يقصد الدم إذا سال. (فليست لها ذكاة) بل تحل من دون تذكية، ولا يجب ذكاتها كالجراد ونحوه، وهل يجوز ذكاتها؟ ظاهره عدم الجواز. (طب (1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وجزم الحافظ ابن حجر بضعف سنده.

6285 -

"كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم". (فر) عن أنس (هب) عن علي موقوفاً".

(كل دعاء محجوب) عن القبول. (حتى يصلى) بالبناء للمجهول، أي يصلي الداعي. (على النبي صلى الله عليه وسلم) في دعائه فإن الصلاة عليه سبب القبول والإجابة، وذلك أنه تعالى لا يرد الداعي بالصلاة على رسوله خائباً، وهو أكرم من أنه يقبل بعض الدعاء ويرد بعضه وفي الحديث على كونه مرفوعاً تجريد، جرد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه شيئاً وخاطبه وكذا قال الشارح (2).

قلت: والذي يظهر أنه لا تجريد فيه إذ هو خطاب لكل سامع وإنما في الحديث وضع الظاهر موضع المضمر في قوله النبي، وكان مقتضى الظاهر على تضمير المتكلم ونكتة ذلك ظاهرة. (فر) عن أنس (هب)(3) عن علي موقوفاً" سكت المصنف عليه وظاهره أن لا علة لرواية أنس، والأمر بخلاف ذلك ففي حديث أنس محمَّد بن عبد العزيز الدينوري، قال الذهبي في الضعفاء (4): منكر

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 357)(13333)، وأبو يعلى (5646)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (9/ 159)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4227)، والضعيفة (4108).

(2)

فيض القدير (5/ 19).

(3)

أخرجه الديلمي في الفردوس (4754)، والبيهقي في الشعب (1575)، والطبراني في الأوسط (721)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 160)، وأخرجه البيهقي في الشعب (1577) مرفوعاً عن أنس، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4523)، والصحيحة (2035).

(4)

انظر: المغني (2/ 609) وفيه: شيخ صاحب المجالسة، منكر الحديث، ضعيف.

ص: 174

الحديث وأما رواية البيهقي عن علي موقوفة فقد رواها الطبراني في الأوسط عن علي مرفوعاً وزاد فيه "الآل" فقال كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمَّد وآل محمَّد صلى الله عليه وسلم، قال الهيثمي: رجاله ثقات انتهى.

6286 -

"كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا من مات مشركاً، أو قتل مؤمناً متعمداً". (د) عن أبي الدرداء (حم ن ك) عن معاوية (صح) ".

(كل ذنب) من صغير وكبير. (عسى الله أن يغفره) هو ترجى وكل مرجو من الله واقع إن شاء إلى. (إلا من مات مشركاً) فإن الله لا يغفر أن يشرك به. (أو قتل مؤمنا متعمداً) قيل: إنه يتنزل على ما إذا استحل وإلا فهو تهويل وتغليظ، قال الذهبي في الكبائر: وأعظم من ذلك أن يمسك مؤمناً لمن عجز عن قتله فيقتله أو يشهد بالزور على جمع مؤمنين فتضرب أعناقهم. (د) عن أبي الدرداء (حم ن ك)(1) عن معاوية) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي، وقال الهيثمي: رواه البزار عن عبادة بن الصامت أيضاً ورجاله ثقات.

6287 -

"كل ذي مال أحق بماله يصنع به ما يشاء". (هق) عن ابن المنكدر مرسلاً".

(كل ذي مال) قل أو كثر. (أحق بماله) من والده وولده. (يصنع به ما يشاء) من التصرفات ما لم يخرج عن حد تصرف العقلاء فإنه يمنعه الحاكم وينصرفه عليه. (هق)(2) عن ابن المنكدر مرسلاً) هو بضم الميم وسكون النون عبد الله بن الهدير بضم الهاء وفتح المهملة قرشي أحد الأعلام (3).

(1) أخرجه أبو داود (4270) عن أبي الدرداء، وأخرجه أحمد (4/ 99)، والنسائي (7/ 81)، والحاكم (4/ 391) عن معاوية بن أبي سفيان، وأخرجه البزار (2730) عن عبادة بن الصامت، وانظر قول الهيتمي في المجمع (7/ 296)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4524)، والصحيحة (511).

(2)

أخرجه البيهقي في السنن (6/ 178)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4228).

(3)

انظر: سير أعلام النبلاء (5/ 353).

ص: 175

6288 -

"كل ذي ناب من السباع فأكله حرام"(م ن) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل ذي ناب من السباع) الناب السن خلف الرباعية والمراد ناب يصول به كالأسد والكلب والنمر والذئب. (فأكله حرام) بهذا أخذ جمهور السلف والخلف وفي التفاصيل خلاف في الفروع. (م ن)(1) عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري، قال ابن عبد البر: إنه مجمع على صحته.

6289 -

"كل راع مسئول عن رعيته". (خط) عن أنس (ض) ".

(كل راع مسئول عن رعيته) يسأله الله يوم القيامة: هل أصلح ما يجب [3/ 237] نظره أم لا وليس المراد مجرد السؤال بل يتفرع عليه الجزاء من خير أو شر والسؤال له مع علمه تعالى بما أتاه تقريع وتوبيخ وإقامة الحجة حيث ينطق بما صدر عنه. (خط)(2) عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه ربيعة بن عثمان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء (3) وقال: صدوق وقال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، ورواه البيهقي في الشعب بلفظه.

6290 -

"كل سارحة ورائحة على قوم حرام على غيرهم". (طب) عن أبي أمامة" (ض).

(كل سارحة) في الفردوس: السارحة التي تسرح في الغداة إلى مراعيها. (ورائحة) هي التي تروح وقت الرواح إلى أهلها. (على قوم) تسرح وتروح عليهم لأجلهم. (حرام على غيرهم) التعرض لها بمنعها عن الشرعي أو أخذها أو أخذ شيء من درها أو نحوه. (طب)(4) عن أبي أمامة) رمز المصنف لضعفه،

(1) أخرجه مسلم (1933)، والنسائي (7/ 200)، وانظر التمهيد لابن عبد البر (1/ 139).

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخه (10/ 340)، والبيهقي في الشعب (11063)، وأحمد (2/ 108)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4526).

(3)

انظر المغني (1/ 230).

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 176)(7732)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 163)، وقال=

ص: 176

قال الهيثمي: فيه سليمان بن سلمه الجبابري وهو ضعيف، وقال غيره: فيه الحسن بن علي العمري أورده الذهبي في الضعفاء (1).

6291 -

"كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي". (طب ك هق) عن عمر (طب) عن ابن عباس وعن المسور (صح) ".

(كل سبب) قال في الفردوس: السبب هنا الموصلة والمودة، وقيل ما يتوصل به إلى الشيء يبعد عنك فهو سبب وقيل السبب: يكون بالتزويج، (ونسب) وهو ما يكون بالولادة. (منقطع يوم القيامة):{فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} [المؤمنون: 101]، لا ينفع بعضهم بعضاً، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34)} الآية [عبس: 34]. (إلا سببي ونسبي) فإنه لا ينقطع بل يتصل وبه تكون النجاة ولا يعارضه أحاديث: "يا بني عبد المطلب، ويا فاطمة بنت محمَّد" ونحوه، وقوله:"لا أغني عنكم من الله شيئاً"(2) فإن المراد لا أغني عنكم بمجرد نفسي وقدرتي لا بما يكرمني الله به، أو كان ذلك قبل إعلام الله له بأنه ينفع. (طب ك هق)(3) عن عمر)، قال عمر: فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك، وأحببت أن يكون بيني وبينه سبب ونسب خرَّج هذا السبب البزار، (طب) عن ابن عباس وعن المسور) رمز المصنف لصحته لأنه قال الحاكم: صحيح، وقال الذهبي: بل منقطع رواه الطبراني ورجاله ثقات.

6292 -

"كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل

= الألباني في ضعيف الجامع (4229): ضعيف جداً.

(1)

انظر: المغني (1/ 162).

(2)

أخرجه البخاري (2602)، ومسلم (206).

(3)

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 45)(2634)، والحاكم (3/ 153)، والبيهقي في السنن (7/ 114)، وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 243)(11621) عن ابن عباس، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4527)، والصحيحة (2036).

ص: 177

بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، ودلُّ الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة". (حم ق) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل سلامى) بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم مفرد سلاميات: عظام الجسد أو أنامله أو مفاصله أي كل مفصل من مفاصل الثلاثمائة والستين في كل واحد عظم. (من الناس عليه صدقة) ذكر الضمير مع أن سلامى مؤنثة لتأويله بالعضو والمفصل وإيجابها عليه مجاز والمراد على صاحبه ويرجح المجاز هنا الإشارة إلى أن الصدقة في مقابلة هذه النعم التي هي مفاصل الإنسان وما اشتملت عليه من النفع. (كل يوم تطلع فيه الشمس) والمراد بالصدقة نوافل الطاعات لا الصدقة المالية فقط بدليل قوله: (تعدل بين الاثنين) المتخاصمين أو المتحاكمين. (صدقة) خبر تعدل لأنه في تأويل المصدر أي عدلك صدقة، وكذا ما بعده والسابك لها مصادر مقدر أي لأن تعدل بقرينة الإخبار عنها عليهما لأنك كفيتهما مؤنة الخصام كما تكفي الصدقة المحتاج مؤونة حاجته (وتعين الرجل على دابته فيحمل عليها) الراكب أو متاعه. (أو ترفع له عليها متاعه) ما هي حاملة له. (صدقة، والكلمة الطيبة) تخاطب بها أخاك أو تذكر بها ربك. (صدقة، وكل خطوة) بفتح المعجمة المرة الواحدة وبضمها ما بين القدمين وضبط على خط المصنف بالفتح. (تخطوها إلى الصلاة) ولو في منزلك. (صدقة، ودلُّ الطريق) أي دلك الطريق لمن يجهلها فالمصدر أضيف إلى ظرف المكان. (صدقة) عليه ينقذه بها من الضلال وبالأولى الدلالة على طريق النجاة من عذاب الآخرة ومعرفة طريق رضاءه تعالى. (وتميط الأذى) كل ما يؤذي. (عن الطريق صدقة) المار فيها فهذه المذكورات وما أشبهها هي الصدقات عن كل سلامى فينبغي للعبد أن لا يخلي يومه عن أنواع الخير كلها

ص: 178

ليسقط ما وجب عليه ولو بحسن النية والعزم على فعل ما يكون من أسباب الخير. (حم ق)(1) عن أبي هريرة).

6293 -

"كل سنن قوم لوط فقدت إلا ثلاثاً: جر نعال السيوف، وخصف الأظفار، وكشف عن العورة". الشاسي وابن عساكر عن الزبير بن العوام".

(كل سنن قوم لوط) أي طريقتهم القبيحة التي ذمها الله ورسله. (فقدت) بذهاب أثرها. (إلا ثلاثاً: جر نعال [3/ 238] السيوف) على الأرض، نعل السيف سفل قرابه. (وخصف) بالمعجمتين، ضبط على خط المصنف ولم يتكلم عليه الشارح ولا رأيناه في النهاية ولا في القاموس. (الأظفار، وكشف) هو اسم منصوب حذفت الألف خطأ لما سلف قريباً. (عن العورة) فإن هذه السنن القبيحة لم تفقد في هذه الأمة والإخبار نهي عنها. (الشاشي وابن عساكر (2) عن الزبير بن العوام) وأخرجه أيضاً أبو نعيم بلفظه عن الزبير.

6294 -

"كل شراب أسكر فهو حرام". (حم ق 4) عن عائشة (صح) ".

(كل شراب أسكر) أي من شأنه الإسكار، وفي رواية لمسلم كل شراب مسكر. (فهو حرام) يشمل بعمومه كل ما أسكر من مطبوخ وغيره فكل ما أسكر فهو حرام بالنص لا بالقياس على الخمر. (حم ق 4) (3) عن عائشة) قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البتع بكسر الموحدة وسكون المثناة الفوقية وهو نبيذ العسل فذكره.

6295 -

"كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وإن كان مائة شرط". البزار (طب) عن ابن عباس (صح) ".

(1) أخرجه أحمد (2/ 316)، والبخاري (2821)، ومسلم (1009).

(2)

أخرجه الشاشي في مسنده (49)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (50/ 321)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4230)، والضعيفة (2056): موضوع.

(3)

أخرجه أحمد (6/ 36)، والبخاري (242)، ومسلم (2001)، وأبو داود (3682)، والترمذي (1863)، والنسائي (3/ 213)، وابن ماجة (3386).

ص: 179

(كل شرط) أي اشتراط. (ليس في كتاب الله تعالى) أي في حكمه أو ليس فيه جوازه ووجوبه قال القرطبي (1): ليس في كتاب الله ليس مشروعاً فيه تأصيلاً ولا تفصيلاً فإنه من الأحكام ما يوجب تفصيله كالصلاة ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والقياس والإجماع.

قلت: والصلاة لم يؤخذ تفصيلها في القرآن أيضاً بل أخذت تفاصيلها من السنة. (فهو باطل، وإن كان مائة شرط) أي وإن شرط مائة مرة فإنه لا يؤثر وذكره للمبالغة لا للعدد، قال القرطبي: هذا خرج مخرج التكثير أي الشروط الغير المشروعة باطلة وإن كثرت ويستفاد منه أن الشروط الشرعية صحيحة.

قلت: وقد بحثنا في هذا في حاشية ضوء النهار. البزار (طب)(2) عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته.

9296 -

"كل شيء بقدر حتى العجز والكيس"(حم م) عن ابن عمر (صح) ".

(كل شيء بقدر) أي بتقدير الله في الأزل فالذي قدره لا بد أن يقع والمراد كل المخلوقات بتقدير الله المحكم، قال ابن حجر (3): معناه أن كل شيء لا يقع في الوجود إلا وقد سبق في علم الله ومشيئته، قال القونوي (4): لم يختلف أحد من علماء الإِسلام في أن حكم القضاء والقدر شامل لكل شيء ومستحب على جميع الموجودات ولوازمها من الأفعال والصفات والأحوال وغير ذلك. (حتى العجز) بالجر على أن حتى بمعنى إلى، والعجز، قيل: أراد به عدم القدرة، وقيل: أراد ترك ما يجب بالتسويف وهو عام الدنيا والدين الذي يتصف به العبد عن أموره ومهماته الدينية والدنيوية. (والكيس) بفتح الكاف: النشاط والحذق

(1) فيض القدير (5/ 22).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 11)(10869)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4530).

(3)

فيض الباري (11/ 478).

(4)

فيض القدير (5/ 22).

ص: 180

والظرافة وكمال العقل، قال الطيبي: قوبل العجز بالكيس على المعنى لأن المقابل الحقيقي للكيس البلادة، والعجز القوة.

واعلم: أن كون ما ذكر صادر بقدر لا ينافي الاختيار كما أسلفناه غير مرة. (حم م)(1) عن ابن عمر).

6297 -

"كل شيء فضل عن ظل بيت وجلف الخبز وثوب يواري عورة الرجل والماء لم يكن لابن آدم فيه حق". (حم) عن عثمان" (ح).

(كل شيء فضل عن ظل بيت) يأويه صاحبه. (وجلف الخبز) بكسر الجيم وفتح اللام: جمع جلفة وهي الكسرة من الخبز. (وثوب يواري عورة الرجل والماء) الذي يحتاجه لطعامه وشرابه. (لم يكن لابن آدم فيه حق) يكلف طلبه والاشتغال به بل ولا يلزمه لمن يمونه إلا ذلك ولا حق عليه في غيره. (حم)(2) عن عثمان) رمز المصنف لحسنه.

6298 -

"كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب، إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة". (ن) عن جابر بن عبد الله وجابر بن عمير (ح) ".

(كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب) يذم فاعله. (إلا أن يكون أربعة) أي يوجد. (ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين) الغرض الهدف وهو ما يرمى فيه، والمشي بين الهدفين هو للرمي (وتعليم الرجل السباحة) فإن هذه الخصال وإن كانت من اللهو فإنها لا تذم ولا يمقت الله فاعلها بل يؤجر عليها إن صلح مقصده ومن ثم أبيح ضرب الدف في الأعراس لأنه يعين على النكاح كما يعين التدرب بالرمي بالقوس على الجهاد

(1) أخرجه أحمد (2/ 110)، ومسلم (2655).

(2)

أخرجه أحمد (1/ 62)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4235).

ص: 181

والسباحة على نجاة الغير ونجاته في نفسه وبالجملة إن المباحات تنقلب طاعات بحسن النيات. (ن)(1) عن جابر بن عبد الله وجابر بن عمير) رمز المصنف لحسنه، قال الشارح: وهو [3/ 239] تقصير، فقد قال في الإصابة: إسناده صحيح، وجابر بن عمير قال البخاري: له صحبة، وقال ابن حبان: يقال له صحبة.

6299 -

"كل شيء للرجل حل من المرأة في صيامه، ما خلا ما بين رجليها". (طس) عن عائشة (ض) ".

(كل شيء للرجل) الزوج. (حل من المرأة) مرأته. (في) حال. (صيامه) وكذلك في حال صيامها. (ما خلا ما بين رجليها) كناية عن جماعها فيجوز القبلة لمن لم تحرك له شهوة. (طس)(2) عن عائشة) رمز المصنف لضعفه، وفيه إسماعيل بن عياش وقد مر غير مرة الخلاف فيه، ومعاوية بن طويع اليزني أورده الذهبي في الذيل وقال: مجهول.

6300 -

"كل شيء ينقص، إلا الشر فإنه يزاد فيه"(حم طب) عن أبي الدرداء (ح) ".

(كل شيء ينقص) بالقاف والصاد المهملة في ضبط المصنف ويروى بالغين المعجمة والضاد كذلك، يقال: غاض الشيء إذا نقص وفاض إذا زاد وكثر.

(إلا الشر فإنه) لا ينقص بل. (يزاد فيه) وذلك أنه لا يزال الدين إلى نقص وكل نقص في الدين يتبعه النقص في غيره وفي الحديث "إنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تقوم الساعة"(3). (حم طب)(1) عن أبي الدرداء) رمز

(1) أخرجه النسائي (5/ 302، 303)، وفي الكبرى (5/ 302)، وانظر الإصابة (1/ 439)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4534)، والصحيحة (315).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (9444)، وانظر فيض القدير (5/ 24)، والمغني في الضعفاء (2/ 666)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4236)، والضعيفة (4110).

(3)

أخرجه البخاري (6657).

ص: 182

المصنف لحسنه قال الشارح: وليس كما قال، فقد أعله الهيثمي، بأن: فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ورجل آخر لم يسم.

6301 -

"كل شيء جاوز الكعبين من الإزار في النار"(طب) عن ابن عباس" (ح).

(كل شيء جاوز الكعبين من الإزار في النار) أي كل شيء جاوزهما من قدم صاحب الإزار لا نفس الإزار عقوبة على فعله حيث فعل خيلاء فإسبال الإزار لقصد الخيلاء حرام لهذا الوعيد الشديد، ويستثنى النساء ومن أسبله لضرورة كستر جرح من ذباب يؤذيه وفقد غير الإزار لستره، قاله العراقي (طب)(2) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: فيه النعمان بن المغيرة ضعفه الجمهور.

6302 -

"كل شيء قطع من الحي فهو ميت". (حل) عن أبي سعيد (ض) ".

(كل شيء قطع من الحي فهو ميت) فما أبين من الحي فإنه في حكم ميتته طهارة ونجاسة. (حل)(3) عن أبي سعيد) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه قال مخرجه: تفرد به خارجة بن مصعب فيما أعلم ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي واقد الليثي وهو المشهور الصحيح.

6303 -

"كل شيء خلق من الماء". (حم ك) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل شيء خلق من الماء) كما قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور:

= (1) أخرجه أحمد (6/ 441)، والطبراني في الشاميين (1474)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 220)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4238)، والضعيفة (1509).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 322)(11878)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 124)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4532)، والصحيحة (2537).

(3)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 251)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4533).

ص: 183

45] فالمراد بشيء: الحيوان ويحتمل أنه أعم ولا ينافيه مفهوم الآية. (حم ك)(1) عن أبي هريرة) قال: قلت: يا رسول الله إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء، فذكره، رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: صحيح، وأقرَّه الذهبي، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح خلا أبا ميمون وهو ثقة.

6304 -

"كل شيء سوى الحديدة خطأ، ولكل خطأ أرش". (طب) عن النعمان بن بشير (ض) ".

(كل شيء) يقتل به. (سوى الحديدة خطأ) أي غير صواب والمراد بالحديدة السيف كما في رواية الدارقطني والمراد أن من وجب عليه حد فقتله الإِمام بغير السيف فإنه يخطئ في ذلك لأنه ليس من إحسان القتلة القتل بغير السيف. (ولكل خطأ أرش) قال ابن حجر (2): يعارضه خبر أنس في قصة العرنيين إلا أن عند مسلم في بعض طرقه أنه إنما سملهم؛ لأنهم سملوا الرعاة فالأولى حمله على غير المماثلة في القصاص جمعاً بين الأدلة وحجة الجمهور في ذهابهم إلى أنه يقتل القاتل بما قتل به قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل: 126] وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]. (طب)(3) عن النعمان بن بشير) رمز المصنف لضعفه، قال ابن حجر: سنده ضعيف، وقال الذهبي في التنقيح (4): فيه جابر الجعفي واه، وفي الميزان عن جمع: كذاب قائل بالرجعة ثم أورد له هذا الخبر

(1) أخرجه أحمد (2/ 295)، والحاكم (4/ 176)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 16)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4232).

(2)

التلخيص الحبير (1/ 43).

(3)

أخرجه أحمد (4/ 275)، والبيهقي في السنن (8/ 42)، وانظر الميزان (6/ 418)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4234)، والضعيفة (4114).

(4)

انظر: تنقيح التحقيق (9/ رقم 2142).

ص: 184

وقال: قال البخاري: لا يتابع عليه.

6305 -

"كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة". ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي إدريس الخولاني مرسلاً".

(كل شيء أساء المؤمن) أو رب إساءة من قليل وكثير من مال أو بدن. (فهو مصيبة) يؤجر عليها إن صبر والحديث تفسير لقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [البقرة: 156] ونحوها. (ابن السني في عمل يوم وليلة (1) عن أبي إدريس الخولاني مرسلاً) أبو إدريس له رؤية لا رواية فهو من حيث الرؤية صحابي ومن حيث الرواية تابعي (2) قاله الشارح.

6306 -

"كل شيء بينه وبين الله حجاب، إلا شهادة أن لا إله إلا الله، ودعاء الوالد لولده". ابن النجار عن أنس (ض) ".

(كل شيء) من الأفعال والأقوال. (بينه وبين الله حجاب) فلا يرفع الله تعالى. (إلا شهادة أن لا إله إلا الله) فإنه لا حجاب بينها وبين رفعها إلى حيث يرفع الكلم الطيب. (ودعاء الوالد لولده) فإنه لا يحول بينه وبين [3/ 240] قبوله شيء. (ابن النجار (3) عن أنس) وقد أخرجه أبو يعلى والديلمي ورمز المصنف لضعفه.

6307 -

"كل شيء يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه: فإذا أخطأ الخطيئة ثم أحب أن يتوب إلى الله عز وجل فليأت بقعة مرتفعة فليمدد يديه إلى الله ثم يقول: اللهم إني أتوب إليك منها لا أرجع إليها أبداً؛ فإنه يغفر له ما لم يرجع في

(1) أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (235)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4233)، والضعيفة (4113).

(2)

انظر: أسد الغابة (ص: 569) و (ص: 1136)، والإصابة (5/ 5).

(3)

أخرجه أبو يعلي في معجمه (257)، والديلمي في الفردوس (4746)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4231).

ص: 185

عمله ذلك". (طب ك) عن أبي الدرداء (صح) ".

(كل شيء يتكلم به ابن آدم) ظاهره العموم لكل حديث يخرج من بين فكيه. (فإنه مكتوب عليه) إذا كان إثماً أو له إن كان براً. (فإذا أخطأ الخطيئة ثم أحب أن يتوب إلى الله عز وجل كما أمره الله تعالى بالتوبة. (فليأت بقعة مرتفعة فليمد يديه إلى الله) تعالى إلى سؤاله وطلب غفرانه وعفوه قال السهيلي: لعل المراد به مفارقة موضع المعصية فإنه موضع سوء وأهله كذلك إذا رآهم تشبه بهم أو رأوه فلم ينصروه ولم ينكروا عليه ويشهد لهذا التأويل أحاديث كثيرة. (ثم يقول: اللهم إني أتوب إليك منها لا أرجع إليها أبداً) عازماً على ذلك وإلا كان كاذباً وكان كلامه سخرية. (فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله ذلك) ظاهره أنه إذا رجع لم تتم المغفرة لما سلف من ذنبه الذي تاب عنه وأنها مشروطة بنفوذه في التوبة فإن عاد عادت أوزاره عليه ولم تنفعه تلك التوبة. (طب ك)(1) عن أبي الدرداء) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص، وقال في المهذب (2): إنه منكر.

6308 -

"كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج". (حم) عن عائشة (حم هـ) عن ابن عمر (هق) عن علي (خط) عن أبي أمامة (صح) ".

(كل صلاة) من فرض أو نفل جماعة وفرادى لإمام ومأموم إلا يقرأ فيها بأم القرآن) بالفاتحة سميت بأم القرآن؛ لأنها أول القرآن في التلاوة. (فهي خداج) ذات خداج مصدر خدجت الناقة إذا ألقت ولدها ناقصاً فلا تصح فاستعير للناقص أي فصلاته ذات نقصان أو خديجة أي ناقصة نقص فساد وبطلان والحديث واضح في وجوب قراءة الفاتحة في جملة الصلاة على كل مصل على أي

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (7080)، والحاكم (1/ 697)، والبيهقي في السنن (10/ 154)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4231).

(2)

انظر: المهذب في اختصار السنن الكبير (رقم 15942).

ص: 186

صفة كان من فرادى أو جماعة. (حم) عن عائشة (حم هـ) عن ابن عمر (هق) عن علي (خط)(1) عن أبي أمامة) الباهلي رمز المصنف لصحته ورواه الدارقطني بلفظه وزاد فيه: "إلا أن يكون وراء الإِمام" وقال: فيه يحيى بن سلام ضعيف.

6309 -

"كل طعام لا يذكر اسم الله تعالى عليه فإنما هو داء ولا بركة فيه، وكفارة ذلك إن كانت المائدة موضوعة أن تسمي وتعيد يدك، وإن كانت قد رفعت أن تسمي الله تعالى وتلعق أصابعك". ابن عساكر عن عقبة بن عامر (ض) ".

(كل طعام لا يذكر اسم الله تعالى عليه) في أوله أو آخره أو وسطه ويكفي من التسمية بعض ويكفي تسمية بعض الحاضرين إن كانوا جماعة، تقدم البحث في ذلك في الجزء الأول. (فإنما هو داء) يضر بالجسد أو بالروح أو بالقلب. (ولا بركة فيه، وكفارة ذلك إن كانت المائدة موضوعة أن تسمي) أيها الآكل. (وتعيد يدك) إلى تناول الطعام ولو كان قد فرغ يقول: باسم الله على أوله وآخره. (وإن كانت قد رفعت أن تسمي الله تعالى وتلعق أصابعك) قال النووي (2): أجمع العلماء على استحباب التسمية على أول الطعام، قال ابن حجر (3): في نقل الإجماع نظر إلا أن يريد أن الاستحباب راجع إلى الفعل وإلا فقد ذهب جمع إلى وجوبها وهو قضية القول بإيجاب الأكل باليمين لأن صيغة الأمر بالجميع واحدة.

(1) أخرجه أحمد (6/ 142)، وابن ماجة (840) عن عائشة، وأخرجه أحمد (2/ 215)، وابن ماجة (841) عن عبد الله بن عمرو، وأخرجه البيهقي في السنن (2/ 38) عن علي، وأخرجه الخطيب في تاريخه (5/ 203) عن أبي أمامة الباهلي، وأخرجه الدارقطني (1/ 327) عن جابر، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4535).

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم.

(3)

فتح الباري (9/ 522).

ص: 187

(ابن عساكر (1) عن عقبة بن عامر) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه ساقه ابن عساكر في ترجمة منصور بن عمار من حديثه عن ابن لهيعة عن زيد بن حبيب عن أبي الخير ثم قال ابن عساكر: قال ابن عدي: منكر الحديث انتهى. وقال الدارقطني: أحاديثه لا يتابع عليها وابن لهيعة حاله معروف ورواه أيضاً من هذا الوجه الديلمي والمخلص والبغوي وغيرهم.

6310 -

"كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه، والمغلوب على عقله". (ت) عن أبي هريرة (ض) ".

(كل طلاق جائز) أي واقع ماض. (إلا طلاق المعتوه) المجنون.

(والمغلوب على عقله) صفة كاشفة قال ابن العربي: قد اتفق الكل على سقوط أثر قوله شرعاً لكن يحاول له وليه أمره كله إن كان له ولي وإلا فالسلطان ولي من لا ولي له، قال: وهذا بخلاف المجنون الذي يجن مرة ويفيق أخرى فإنه في حال جنونه ساقط القول وفي حال إفاقته معتبرة إلا إن غلب عليه الصرع فالاعتبار بالأول. (ت)(2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه من حديث عطاء بن عجلان قال الترمذي: وعطاء ضعيف ذاهب الحديث انتهى، قال ابن الجوزي: قال يحيى: عطاء كذاب كان يوضع له الحديث فيحدث به، وقال ابن حجر: الحديث ضعيف جداً، فيه عطاء بن عجلان متروك (3).

6311 -

"كل عرفة موقف، وكل منى منحر، وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طريق ومنحر". (د هـ ك) عن جابر (صح) ".

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (61/ 325)، والديلمي في الفردوس (4762)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4239).

(2)

أخرجه الترمذي (1191)، وانظر العلل المتناهية (2/ 645)، وفتح الباري (9/ 393)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4245).

(3)

انظر: المغني (2/ 435).

ص: 188

(كل [3/ 241] عرفة) اسم للبقعة المعروفة. (موقف) يجزئ من وقف فيه. (وكل مني منحر) الدم النسك. (وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طريق ومنحر) الحديث سيق لتبشير العالم بأنه لا يختص الأجر بالمحلات التي كان صلى الله عليه وسلم فيها ولئلا يتوهم إنما كان يقف وينحر من المناسك التي أمرهم بأخذها عنه في قوله: "خذوا عني مناسككم". (د هـ ك)(1) عن جابر) رمز المصنف لصحته.

6312 -

"كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن محسر، وكل منى منحر، إلا ما وراء العقبة". (هـ) عن جابر (صح) ".

(كل عرفة موقف) وكل فجاج مكة طريق ومنحر فمن أتى من أيها فقد أتى بالمشروع. (وارفعوا عن بطن محسر) بمهملتين بصيغة اسم الفاعل: واد بين منى ومزدلفة سمي به لأنه حسر قيل إبرهة هنالك. (وكل منى منحر، إلا ما وراء العقبة) عقبة الجمرة المعروفة. (هـ)(2) عن جابر" رمز المصنف لصحته.

6313 -

"كل عرفات موقف، وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن بطن محسر، وكل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح". (حم) عن جبير بن مطعم (صح) ".

(كل عرفات موقف، وارفعوا عن) بطن. (عرنة) بضم المهملة وفتح الراء بزنة رطبة فإنها موضع الشياطين كما في الأثر. (وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن بطن محسر، وكل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح) للدماء أضحية أو نسكاً ويحتمل أن المراد دماء الحج فقط. (حم)(3) عن جبير بن مطعم" رمز

(1) أخرجه أبو داود (1937)، وابن ماجه (3012)، والحاكم (1/ 647)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4536).

(2)

أخرجه ابن ماجة (3012)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4241): موضوع.

(3)

أخرجه أحمد (4/ 82)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 25)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4537).

ص: 189

المصنف لصحته، قال الهيثمي: رجاله موثقون.

6314 -

"كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات، إلا المرابط في سبيل الله؛ فإنه ينمى له عمله ويجرى عليه رزقه إلى يوم القيامة". (طب حل) عن العرباض (ح) ".

(كل عمل) من أعمال البر والصلاح. (منقطع) أجره. (عن صاحبه إذا مات، إلا المرابط في سبيل الله) المقيم في ثغر من ثغور الإِسلام. (فإنه) إن مات مرابطاً. (ينمى له عمله ويجرى عليه رزقه) لأنه حي عند الله كما نطقت به الآيات. (إلى يوم القيامة) قال القاضي: معناه أن الرجل إذا مات لا يزاد في ثواب ما عمل ولا ينقص منه شيء إلا المغازي فإن ثواب مرابطته تنموا وتتضاعف وليس فيه ما يدل على أن عمله يزاد بضم غيره إليه أو لا يزاد فاندفع قول بعضٍ: هذا الحديث يكاد يخل بالحصر المذكور في خبر: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث".

قلت: لا حاجة إلى هذا بل نقول يزاد فيه وحكمه مع الحصر في الحديث المذكور حكم نظائره في أنه قال ذلك قبل العلم بما ذكر من المرابط في سبيل الله وتقدم أن الذين تجري لهم أجورهم بعد الموت عشرة وتقدم نظم المصنف في ذلك ويأتي فيه زيادة على هذا. (طب حل)(1) عن العرباض" رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات.

6315 -

"كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي زانية". (حم ت) عن أبي موسي (ح) ".

(كل عين) يعني كل عين نظرت إلى أجنبية عن شهوة فهي: (زانية) أي إن هذا

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 256)(641)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 157)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4539).

ص: 190

حظها من الزنا وتأثم إن اتبعت النظرةَ النظرةَ أو استمرت فيه إذ المراد أنها بالنظر تجر صاحبها إلى الزنا لأن النظر مبدأ الزنا. (والمرأة إذا استعطرت) بالغت في استعمال العطر. (فمرت بالمجلس) يعني وفيه الرجال الذين تحرك شهواتهم بعطرها. (فهي زانية) لأنها تدعوهم بعطرها إلى ذلك فنزلت ذريعة الشيء منزلته وتقدم الحديث. (حم ت)(1) عن أبي موسى) رمز المصنف لحسنه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الهيثمي: رجاله ثقات ورواه النسائي أيضاً في الزينة.

6316 -

"كل عين باكية يوم القيامة، إلا عيناً غضت عن محارم الله تعالى، وعيناً سهرت في سبيل الله تعالى، وعينًا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله تعالى". (حل) عن أبي هريرة (ح) ".

(كل عين باكية يوم القيامة) لعظيم ما تراه من الأهوال. (إلا عيناً غضت) كفت النظر. (عن محارم الله تعالى) ما حرم النظر إليه. (وعيناً سهرت في سبيل الله تعالى) في جهاد أعدائه. (وعيناً يخرج منها مثل رأس الذباب) من الدموع (من خشية الله) وخوف عقابه. (حل (2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه.

6317 -

"كل قرض صدقة". (طس حل) عن ابن مسعود (ض) ".

(كل قرض) يقرضه الإنسان غيره من ماله. (صدقة) للمقرض يكتب له أجر الصدقة بل جاء أنه أفضل من الصدقة وذلك لما فيه من تفريج كربة وقضاء حاجة. (طس حل)(3) عن ابن مسعود) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي بعد

(1) أخرجه أحمد (4/ 408، 407)، والترمذي (2786)، والنسائي (8) رقم (5141)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (6/ 256)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4540).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 163)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4243)، والضعيفة (5147).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3498)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 118)، وانظر قول الهيثمي في =

ص: 191

عزوه إلى الطبراني: فيه جعفر بن ميسرة وهو ضعيف، وقال غيره: فيه عتبان بن الربيع أورده الذهبي في الضعفاء (1) وقال: ضعَّفه الدارقطني وجعفر بن ميسرة الأشجعي، قال أبو حاتم: منكر الحديث جداً.

6318 -

"كل قرض جر منفعة فهو رباً". الحارث عن علي (ض) ".

(كل قرض جر منفعة)[3/ 242] للمقرض من المقترض. (فهو رباً) لأنه زيادة على ماله باطلة فلها حكم الربا في الإثم. (الحارث (2) عن علي) رمز المصنف لضعفه، قال السخاوي: إسناده ساقط قال الشارح: فيه سوار بن مصعب (3) قال الذهبي: قال أحمد والدارقطني: متروك الحديث.

6319 -

"كل كلام لا يبدأ فيه "بحمد الله" فهو أجذم". (د) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل كلام لا يبدأ فيه) يبتدئه قائله (بحمد الله) كما سلف. (فهو أجذم) مقطوع البركة ناقصها، تبع المصنف ابن الملقن وغيره في الرواية بحذف لام التعريف قال ابن أبي شريف: الصواب في الرواية إثباتها وهو الذي في نسخ أبي داود المعتمدة بالحمد لله (د)(4) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، ورواه النسائي والدارقطني وابن حبان والبيهقي وغيرهم وقال ابن حجر: اختلف في وصله وإرساله ورجح الدارقطني إرساله.

= المجمع (4/ 126)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4542).

(1)

انظر المغني (2/ 506).

(2)

أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في زوائد الهيثمي (437)، وانظر كشف الخفا (2/ 567)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4244).

(3)

انظر المغني (1/ 290).

(4)

أخرجه أبو داود (4840)، والنسائي في الكبرى (6/ 127)، وابن حبان 1/ 173 (1)، وانظر التلخيص الحبير (3/ 151)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4245).

ص: 192

6320 -

"كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله تعالى تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دماً واللون لون دم، والعرف عرف مسك". (ق) عن أبي هريرة (صح) ".

(كل كلم) بسكون اللام. (يكلمه) بضم فسكون كل جرح يجرحه. (المسلم في سبيل الله تعالى تكون يوم القيامة كهيئتها) أنث باعتبار الجراحة وفي رواية: "كل كلمة يكلمها أو طعنة في دار الدنيا". (تفجر) بفتح الجيم المشددة وحذف الياء أصلها تتفجر. (دماً) كحين إصابتها. (واللون لون دم، والعرف) الرائحة (عرف المسك) وإنما جاء وهي على تلك الهيئة ليشهد صاحبها بشهادته وشهد يعرف ريحه بالفضيلة عند أهل الموقف ومن ثمة كانت السنة أن لا يغسل الشهيد، وفيه فضيلة للشهيد واضحة. (ق)(1) عن أبي هريرة).

6321 -

"كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم". (طب) عن عمرو بن أمية (ح) ".

(كلما) قيل: كلمة تفهم تكرر الأمر في عموم الأوقات وكلمة ما موصوفة أي كل شيء وصنعت صفة حذف العائد منها. (صنعت إلى أهلك) من الإحسان ابتغاء وجه الله. (فهو صدقة عليهم) ولذا جاء "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" فهم أحق الناس بالإحسان من الرجل وكلما صنعه إليهم فله فيه أجر الصدقة، وهو عام لما يجب على الرجل من نفعه أهله وغيره والأعمال بالنيات. (طب)(2) عن عمرو بن أمية الضمري) رمز المصنف لحسنه، وقال المنذري بعد عزوه لأبي يعلى والطبراني: رجاله ثقات، قال الشارح: رمز المصنف لحسنه تقصير فكان حقه الصحة.

(1) أخرجه البخاري (2803)، ومسلم (1876).

(2)

أخرجه أبو يعلى (6877)، والنسائي (5/ 376)، والبخاري في التاريخ (1446)، وانظر قول المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 43)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4546).

ص: 193

6322 -

"كل مال النبي صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم؛ إنا لا نورث"(د) عن الزبير (ح) ".

(كل مال النبي) اللام للجنس بدليل آخره ولفظ رواية الترمذي: "كل مال نبي". (صدقة) على الأمة لا حق لوارثه فيه. (إلا ما أطعمه أهله) فإن الله تعالى أباح له ذلك. (وكساهم) فإنه مستثنى من الصدقة وظاهره أنه صدقة في حياته. (إنا) أي معشر الأنبياء. (لا نورث) لأنه لا ملك لنا فنورثه، قالوا وحكمة ذلك أنه لا يتمنى الوارث موت نبي فيهلك، وأما قوله تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] فالمراد به وراثة العلم ومثله قول زكريا {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 6]. (د)(1) عن الزبير) رمز المصنف لحسنه.

6323 -

"كل مال أدى زكاته فليس بكنز، وإن كان مدفوناً تحت الأرض، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز، وإن كان ظاهراً". (هق) عن ابن عمر (ض) ".

(كل مال أدى زكاته) التي أوجبها الله تعالى. (فليس بكنز) يدخل تحت الوعيد في الآية. (وإن كان مدفوناً تحت الأرض) فيه جواز ادخار المال ودفنه تحت الأرض، وفيه دليل على أنه لا حق في المال سوى الزكاة. (وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز) داخل تحت الوعيد في الآية. (وإن كان ظاهراً) على الأرض فالكنز في لسان الشارع المال الذي لا تؤدى زكاته وفي لسان العرب (2): المال المخزون فوق الأرض أو تحتها، قال ابن الأثير (3): فهو حكم شرعي تجوز فيه عن الأصل، وقال ابن عبد البر (4): الاسم الشرعي قاض على الاسم اللغوي ولا أعلم مخالفاً أن الكنز ما لم تؤد زكاته إلا شيئاً، روي عن علي وأبي

(1) أخرجه أبو داود (2975)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4547).

(2)

لسان العرب (5/ 401).

(3)

النهاية (4/ 317).

(4)

التمهيد (17/ 150).

ص: 194

ذر والضحاك قال القاضي لما نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ

} الآية. [التوبة: 34] كبر ذلك على الصحابة وظنوا أنها تمنع من جمع المال وضبطه وإن كل من أمسك مالاً قل أو جل فالوعيد لاحق به فبين صلى الله عليه وسلم أن المراد بالكنز في الآية ليس الجمع والضبط مطلقاً بل الحبس عن المستحق والإنفاق الواجب الذي هو الزكاة وأنه تعالى ما رتب الوعيد على الكنز وحده بل مع عدم الإنفاق في سبيل الله وهو الزكاة. (هق)(1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه، قال البيهقي: ليس بمحفوظ والمشهور وقفه.

6324 -

"كل ما توعدون في مائة سنة". البزار عن ثوبان".

(كل ما توعدون) من الآيات وأشراط الساعة يكون. (في مائة سنة) من آخر الزمان [3/ 243] لا أنه يقع في مائة سنة من البعثة أو الوفاة. (البزار (2) عن ثوبان) ورواه ابن الجوزي فأعله.

6325 -

"كل مؤدب يحب أن تؤتى مأدبته، ومأدبة الله القرآن فلا تهجروه". (هب) عن سمرة (ض) ".

(كل مؤدب) أي أدب والآدِب: الداعي إلى المأدبة وهي الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس. (يحب) بالحاء المهملة. (أن تؤتى مأدبته) بضم المهملة على الأشهر. (ومأدبة الله القرآن) لأنه كالمأدبة غذاء للقلوب وتلك للأبدان وهو يحب أن تؤتى مأدبته وإتيان القرآن العمل به والتلاوة له ولذا قال: (فلا تهجروه) بل داوموا على قراءته وتعلم معانيه. (هب)(3) عن سمرة بن

(1) أخرجه البيهقي في السنن (4/ 83)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4249).

(2)

أخرجه البزار (3502)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (7/ 257)، وقال الهيثمي: رواه البزار وإسناده حسن، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4246)، والضعيفة (2607).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (2012)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4247)، وقال في الضعيفة (2058): موضوع.

ص: 195

جندب) رمز المصنف لضعفه ورواه عنه الديلمي أيضاً.

6326 -

"كل مؤذ في النار". (خط) وابن عساكر عن علي (ض) ".

(كل مؤذ) من السباع والحشرات. (في النار) قيل هو وعيد لمن يؤدي الناس أي كل من أذى الناس في الدنيا من الناس أو من غيرهم يعذبه الله في الآخرة ذكره الخطابي والزمخشري.

(خط) وابن عساكر (1) عن علي) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه ذكره ابن عساكر في ترجمة عثمان الأشج المعروف بابن أبي الدنيا، قال الخطيب: وعثمان عندي ليس بذاك انتهى وأورده الذهبي في المتروكين.

6327 -

"كل مسجد فيه إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصلح". (قط) عن حذيفة (ض) ".

(كل مسجد فيه مؤذن وإمام) للصلوات الخمس ومؤذن لها. (فالاعتكاف فيه يصح) ذهبت الحنابلة إلى أنه لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد جماعة عملاً بهذا الحديث ونحوه، وقال غيرهم من الجماهير يصح في كل مسجد. (قط)(2) عن حذيفة) رمز المصنف لضعفه، قال الذهبي: هذا الحديث في نهاية الضعف وذلك؛ لأن فيه سليمان بن يسار متهم بوضع الحديث، وقال ابن حبان: يضع على الأثبات ما لا يخفى ووهاه ابن عدي وأورد له من الواهيات عده هذا منها، وفي اللسان: سليمان بن يسار: متهم بوضع الحديث.

6328 -

"كل مسكر حرام". (حم ق د ن هـ) عن أبي موسى (حم ن) عن أنس (حم د ن هـ) عن ابن عمر (حم ن هـ) عن (هـ) عن ابنة مسعود" (صح).

(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 297)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 353)، وانظر العلل المتناهية (2/ 749)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4248): موضوع.

(2)

أخرجه الدارقطني (2/ 200)، وابن عدي في الكامل (3/ 294)، وانظر اللسان (3/ 78)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4250)، والضعيفة (4116): موضوع.

ص: 196

(كل مسكر حرام) سواء أكان من عنب أو زبيب أو غيرهما والحديث دليل على تحريم كل مسكر ولو حشيشًا أو بنجًا وغيرهما وقد جزم النووي بأنها مسكرة وجزم آخرون بأنها مخدرة قال الحافظ ابن حجر (1): وهو مكابر؛ لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدثه الخمر من الطرب والنشوة وعلى فرض عدم إسكارها فقد ثبت في أبي داود: النهي عن كل مسكر ومفتر وهو بالفاء. (حم ق د ن هـ) عن أبي موسى (حم ن) عن أنس (حم د ن هـ) عن ابن عمر (حم ن هـ)(2) عن أبي هريرة هـ ابن مسعود)، قالوا: يا رسول الله إن شراباً يصنع يقال له المزر وإن شراباً يقال له البتع من العسل فذكره، قال المصنف: الحديث متواتر.

6329 -

"كل مسكر خمر وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة". (حم م 4) عن ابن عمر (صح) ".

(كل مسكر خمر) مخامر للعقل ومغط له، يعني أن الخمر اسم لكل ما يوجد فيه الإسكار وللشارع أن يحدث الأسماء بعد أن لم تكن كما أن له أن يحدث الأحكام أو المراد أنه كالخمر في الحرمة، ووجوب الحد وإن لم تسم خمراً إلا أنه رد هذا ابن العربي وقال: من قدر ذلك فقد وهم بل الأصل عدم التقدير ولا يصار إلى التقدير إلا لحاجة، ولا يقال الحاجة أنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لبيان الأسماء لأنا نقول بيان الأسماء من جملة الأحكام. (وكل مسكر حرام) قيل: هو في بعض طرقه في الصحيح وكل خمر حرام وهو ينتج كل مسكر حرام، قال الطيبي: فيه

(1) انظر: فتح الباري (10/ 45).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 415)، والبخاري (4343)، ومسلم (1733)، وأبو داود (3684)، والنسائي (8/ 298)، وابن ماجة (3391) عن أبي موسى، وأخرجه أحمد (3/ 119)، والنسائي في الكبرى (4/ 176) عن أنس، وأخرجه أحمد (2/ 16)، وأبو داود (3679)، والنسائي (8/ 296، 297)، وابن ماجة (3387) عن ابن عمر، وأخرجه أحمد (6/ 314)، والنسائي في الكبرى (3/ 216) عن ابن مسعود.

ص: 197

دليل على جواز القياس باطراد العلة. (ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو مدمنها) مصر على شربها غير تائب عنها كما في رواية أخرى بلفظ "لم يتب" وفي رواية الصحيح: "إلا أن يتوب"(لم يشربها في الآخرة) إن لم يدخل الجنة؛ لأن الخمر شراب أهل الجنة فمن لم يدخلها لم يشربها أو أنه يدخلها ويحرم شربها بأن تنزع عنه شهوتها، ذكره ابن عبد البر واستشكل بأن من لا يشتهي شيئاً لا يخطر بباله لا تحصل له عقوبة ذلك وشهوات الجنة كثيرة يستغنى ببعضها عن بعض، وأجاب الزين العراقي بأن كل شهوة يجد لها لذة لا يجدها لغيرها فيكون ذلك نقصاً في نعيمها بل ورد في الحديث أن طعام الواحد في الجنة يوجد لكل لقمة منها لذة لا يجدها في ما قبلها فهذا في النوع الواحد. (حم م 4)(1) عن ابن عمر).

6330 -

"كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام". (د ت) عن عائشة".

(كل مسكر حرام) سواء اتخذ من العنب أو من غيره قال القرطبي (2): الأحاديث الواردة في هذا [3/ 244] المعنى على صحتها وكثرتها يبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب وما كان من غيره لا يسمى خمراً ولا يتناوله اسم الخمر وهو مخالف للغة العرب والسنة الصحيحة وفهم الصحاب؛ لأنه لما نزل تحريم الخمر فهموا أن الأمر بتجنب الخمر تحريم لكل مسكر ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وما يتخذ من غيره وسووا بينهما وحرموا كل مسكر نوعه ولم يتوقفوا ولم يستفصلوا ولم يشكل عليهم شيء من ذلك بل بادروا إلى إراقة ما كان من عصير غير العنب وهم أهل اللسان وبلغتهم

(1) أخرجه أحمد (2/ 98)، ومسلم (2003)، وأبو داود (3679)، والترمذي (1861)، والنسائي (8/ 317، 318)، وابن ماجة (3390)، وأخرجه البخاري (5575) بلفظ مقارب.

(2)

المفهم (3/ 357).

ص: 198

نزل القرآن فلو كان عندهم فيه تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم للنهي عن إضاعة المال فلما بادروا علمنا أنهم فهموا التحريم نصاً. (وما أسكر منه الفرق) بالتحريك مكيال يسع ستة عشر رطلاً. (فملء الكف منه حرام) قال الطيبي: الفرق وملء الكف كلاهما عبارة عن التكثير والتقليل لا التحديد. قلت: ولذا يقول الفقهاء: ما أسكر كثيره فقليله حرام. (د ت)(1) عن عائشة) سكت المصنف عليه، وقال القرطبي: إسناده صحيح وقال الشارح: إنه رمز المصنف على صحته.

6331 -

"كل مشكل حرام، وليس في الدين إشكال"(طب) عن تميم الداري (ض) ".

(كل مشكل) بالمعجمة واللام أي كل حكم أشكل علينا لخفاء النص فيه أو تعارض النصين أو نحو ذلك. (فهو حرام) العمل به على إشكاله بل يجب البحث عن حكمه ودليل حكمه. (وليس في الدين إشكال) بل حكم كل شيء معروف بينه الله تعالى على لسان رسوله وكتابه إنما يأتي إشكاله لقلة الفهم في الكتاب والسنة وإلا فإن الله تعالى لم يهمل حكم شيء من الأشياء. (طب)(2) عن تميم الداري) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه الحسين بن عبد الله بن ضميرة مجمع على ضعفه، وفي الميزان كذبه مالك، وقال: قال أبو حاتم: متروك الحديث كذاب، وقال أحمد: لا يساوي شيئاً وقال أبو زرعة: يضرب على حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث ضعيف ومن مناكيره هذا الحديث (3).

6332 -

"كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه في

(1) أخرجه أبو داود (3687)، والترمذي (1866)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4552).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 52)(1259)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4252)، والضعيفة (1404): موضوع.

(3)

انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 214)، والمغني (1/ 172)، والميزان (2/ 293).

ص: 199

جهنم". (حم م) عن ابن عباس (صح) ".

(كل مصور) لذي روح. (في النار يجعل له) أي يخلف الله له. (بكل صورة صورها نفساً) أي روح. (فتعذبه) تلك الصورة. (في جهنم) ويحتمل أن المراد يجعل الله له بعدد كل صورة شخصاً يعذبه. (حم م)(1) عن ابن عباس) من حديث سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها، فقال: ادن مني، فدنا منه حتى وضع يده على رأسه: قال: أفتيك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول، فذكره.

6333 -

"كل معروف صدقة"(حم خ) عن جابر (حم م د) حذيفة (صح) ".

(كل معروف) قيل: هو ما تقبله الأنفس ولا تجد منه نكيراً (صدقة) ثوابه ثواب صدقة، قال ابن بطال (2): أصل الصدقة ما يخرجه من ماله تطوعاً به وقد يطلق على الواجب لتحري صاحبه الصدق في فعله، وقال: دل على أن كل شيء يفعله الإنسان ولو بقوله يكتب له به صدقة، وقال ابن أبي جمرة: المراد بالصدقة الثواب فإن قارنته النية أثيب صاحبه جزماً وإلا ففيه احتمال، قال: وفيه إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في المحسوس فلا تختص بأهل اليسار مثلاً بل كل أحد يمكنه فعلها بلا مشقة. (حم خ) عن جابر (حم م د)(3) حذيفة)، قال المصنف: هذا حديث متواتر.

6334 -

"كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة". (خط) في المجامع عن ابن مسعود".

(كل معروف صنعته إلى غني) دفعاً لما يتوهم أنه لا صدقة إلا على فقير. (أو

(1) أخرجه أحمد (1/ 308)، ومسلم (2110).

(2)

انظر: فتح الباري (10/ 448).

(3)

أخرجه أحمد (3/ 344)، والبخاري (6021) عن جابر، وأخرجه أحمد (5/ 397)، ومسلم (1005)، وأبو داود (4947) عن حذيفة.

ص: 200

فقير فهو صدقة) يؤجر فاعله أجر من تصدق على غيره وهذه الأحاديث تفسر الصدقة في حديث: "يصبح على كل سلامى .. الصدقة" الحديث وأن الصدقة تشمل غير المالية كما في أجزاء ذلك الحديث أيضاً. (خط) في الجامع في آداب المحدث والسامع عن جابر (طب)(1) عن ابن مسعود) سكت المصنف عليه، وقال العراقي: إسناده ضعيف، وقال الهيثمي: في إسناد الطبراني صدقة بن موسى الدقيقي وهو ضعيف.

6335 -

"كل معروف صدقة، وما أنفق المسلم من نفقة على نفسه وأهله كتب له بها صدقة، وما وقى به المرء المسلم عرضه كتب له بها صدقة: وكل نفقة أنفقها المسلم فعلى الله خلفها، والله ضامن، إلا نفقة في بنيان أو معصية". عبد بن حميد (ك) عن جابر (صح) ".

(كل معروف) المعروف لغة ما عرف، وشرعاً قال ابن عرفة: الطاعة وسميت الصدقة. (صدقة) لأنها من تصديق الوعد بنفع الطاعة عاجلاً وثوابها آجلاً (وما أنفق المسلم من نفقة على [3/ 245] نفسه وأهله كتب له بها صدقة) مع حسن نيته في ذلك كما قيد به أحاديث أخر وهو شامل ما يجب وما لا يجب وفيه أن المباح يثاب عليه العبد إذا حسنت نيته وفيه أن لنيته له فيها أجر. (وما وقى به المرء المسلم عرضه) يعطيه من يخاف لسانه وشره. (كتب له بها صدقة) لأنه يكف الغير عن محرم وهو دمه ودم سلفه "وكل نفقة أنفقها المسلم فعلى الله خلفها" هو مأخوذ من قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَخْلُفهُ} الآية (والله ضامن) خلفها ومن أوفى من الله إلا نفقة في بنيان أو معصية، فإن الله لا يخلفه لأنه لا يخلف إلا نفقة يحب إنفاق العبد فيها والسباب كالمعصية

(1) أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 385)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 20)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4558)، وصححه في الصحيحة (2040).

ص: 201

مبغوض إلى الله تعالى. (عبد بن حميد (ك)(1) عن جابر) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن فيه عبد الحيمد بن الحسن ضعفوه، وقال في الميزان (2): غريب جدًّا.

6336 -

"كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان". (هب) عن ابن عباس".

(كل معروف صدقة) المعروف في اصطلاح الشرع ما عرف في الشرع حسنه. وبإزائه المنكر وهو ما أنكره وحرمه كما قاله القاضي. (والدال على الخير كفاعله) في الأجر؛ لأنه السبب الموصل إلى الخير. (والله يحب إغاثة اللهفان) تخصيص بعد التعميم فإن إغاثة اللهفان وهو المتحير ذو الحاجة المكروب في أمره، قال الماوردي: المعروف نوعان: قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن الشيم والتودد بجميل القول والباعث عليه وحسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيه ليكون ملقاً مذموماً وإن توسط واقتصد فهو بر محمود. (هب)(3) عن ابن عباس) سكت المصنف عليه وفيه طلحة بن عمرو أورده الذهبي في الضعفاء (4) وقال: قال أحمد: متروك الحديث، وقال العراقي: رواه الدارقطني (5) في المستجاد من رواية الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والحجاج ضعيف وقد جاء مفرقاً في أخبار.

6337 -

"كل من ورد القيامة عطشان". (حل هب) عن أنس (ض) ".

(1) أخرجه الحاكم (2/ 57)، وعبد بن حميد (1083)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4254).

(2)

انظر: الميزان (2/ 85).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (7657)، وتمام في فوائده (1072)، وابن جميع في معجم الشيوخ (131)، وانظر: تخريج أحاديث الإحياء (7/ 367)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4556).

(4)

انظر المغني (1/ 316، 317).

(5)

جاء في الأصل "الطبراني" وفي المطبوع من تخريج أحاديث الإحياء "الدارقطني" وهو الصحيح.

ص: 202

(كل من ورد القيامة) وفي رواية "من وافى" وهو المراد من ورد. (عطشان) فلذا جعل لكل نبي حوض ترده عليه أمته. (حل هب)(1) عن أنس) رمز المصنف لضعفه وفيه محمَّد بن صبيح بن السماك أورده في الضعفاء (2) قال ابن نمير: ليس حديثه بشيء، والهيثم بن جماز (3) قال أحمد والنسائي: متروك، وقال الذهبي: ضعيف.

6338 -

"كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه اللسان، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". (ع طب هق) عن الأسود بن سريع (صح) ".

(كل مولود) من بني آدم (يولد على الفطرة) اللام للعهد {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، أي الخلقة التي خلق الناس عليها من الاستعداد لقبول الدين والتهيئ للتحلي بالحق والتأبي عن الباطل والتمييز بين الخطأ والصواب، قال الطيبي: الفطرة تدل على نوع من الفطر وهو الابتداع والاجتماع والمراد هنا تمكن الناس من الهدى في أصل الخلقة فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها. (حتى يعرب عنه لسانه) من البقاء على الفطرة أو تغييرها. (فأبواه) هما اللذان (يهودانه) يصيرانه يهودياً بإدخاله في دين اليهودية المحرف المبدل. (أو ينصرانه) يصيرانه نصرانياً. (أو يمجسانه) يصيرانه مجوسيًّا، ولا ينافيه {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ} [الروم:30]. لأن المراد به لا ينبغي أن يبدل تلك الفطرة التي من شأنها أن لا تتبدل وهو خبر في معنى النهي كما ذكره البيضاوي وفيه النهي عن اتباع الآباء في الدين، قال الطيبي: فإن قلت: أمر الغلام الذي قتله الخضر ينقض هذا البيت لأنه لم يلحق بأبويه بل خيف إلحاقهما به.

(1) أخرجه أبو نعيم (3/ 54، 8/ 216)، والبيهقي في الشعب (3932)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4255)، وقال في الضعيفة (803): موضوع.

(2)

انظر المغني (2/ 593).

(3)

انظر المغني (2/ 715).

ص: 203

قلت: لا ينقضه بل يرفعه ويشيد شأنه؛ لأن الخضر نظر إلى عالم الغيب وقتل الغلام، وموسى عليه السلام اعتبر عالم الشهادة وظاهر الشرع فأنكر عليه ذلك ولذلك لما اعتذر الخضر أمسك عنه.

قلت: لك أن تقول: هذا الغلام ولد على الفطرة لكن علم الله أنه يغيرها ويسعى في إضلال أبويه، فالخضر بإيماء أغلبي وإلا فقد يضل من غير إضلال أبويه كمن قد هلك أبواه قبل تكليفه ويحتمل أن المراد أنهما اللذان يخرجانه إلى دينهما ولا ينحصر الضلال فيه، ولنا رسالة في الكلام على الحديث. (ع طب هق)(1) عن الأسود بن سريع)، رمز المصنف لصحته، قال في اللسان: وهذا [3/ 246] له أسانيد جياد ومعناه في البخاري ومسلم.

6339 -

"كل ميت يختم على عمله، إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله؛ فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، يؤمن من فتان القبر". (د ت ك) عن فضالة بن عبيد (حم) عن عقبة بن عامر (صح) ".

(كل ميت) في أبي داود: "كل الميت" بالتعريف، قال أبو زرعة: الصواب التنكير لاقتضاء التعريف، استغراق أجزائه فيصير معناه يختم على كل جزء من أجزاء الميت وليس صحيحاً فالتعريف تحريف. (يختم على عمله) أي تطوى صحيفته فلا يكتب له عمل فيها بعد موته. (إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله) في الجهاد. (فإنه ينمو له عمله) ظاهره كل عمل صالح؛ لأن اسم الجنس المضاف من صيغ العموم ويحتمل جهاده لا غير. (إلى يوم القيامة) ولا يعارضه حديث:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" لم ذكرناه مراراً. (يؤمن) بضم ففتح فتشديد. (من فتان القبر) قال عياض: رويناه للأكثر بضم

(1) أخرجه أبو يعلي (942)، والطبراني في الكبير (1/ 283)(826)، والبيهقي في السنن (6/ 203) عن الأسود بن سريع، وأخرجه البخاري (1319)، ومسلم (2658) عن أبي هريرة بمعناه.

ص: 204

الفاء جمع فاتن وعن الطبراني بالفتح أي فتانيه نكير ومنكر فإنهما لا يأتيانه ولا يختبرانه بل يكتفي بموته مرابطاً شاهداً على صحة إيمانه وتقدم قريباً "كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة". (د ت ك) عن فضالة بن عبيد (حم)(1) عن عقبة بن عامر) رمز المصنف لصحتة، قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي، وقال الهيثمي: بعد أن عزاه لأحمد: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف.

6340 -

"كل ميسر لما خلق له". (حم ق د) عن عمران بن حصين (ت) عن عمر (حم) عن أبي بكر (صح) ".

(كل) من المكلفين. (ميسر لما خلق له) فيه أقوال كثيرة أظهرها أن المراد كل ميسر للعبادة التي صرح الرب تعالى أنه خلق العباد لها. (حم ق د) عن عمران بن حصين (ت) عن عمر (حم)(2) عن أبي بكر).

6341 -

"كل نائحة تكذب إلا أم سعد" ابن سعد في الطبقات عن محمود بن لبيد".

(كل نائحة) على الميت. (تكذب) لأنها تأتي بأوصاف غير صادقة. (إلا أم سعد) بن معاذ وتقدم قريباً معناه. (ابن سعد (3) في الطبقات عن محمود بن لبيد) ورواه الطبراني في الكبير والديلمي.

6342 -

"كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة". ابن سعد عن سعد بن إبراهيم مرسلاً".

(1) أخرجه أبو داود (2500)، والترمذي (1621)، والحاكم (2/ 156) عن فضالة بن عبيد، وأخرجه أحمد (4/ 157) عن عقبة بن عامر، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 289)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4562).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 427)، والبخاري (6223)، مسلم (2649) عن عمران بن حصين، وأخرجه الترمذي (3111) عن عمر، وأخرجه أحمد أيضاً (1/ 5) عن أبي بكر.

(3)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 428)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4563)، والصحيحة (1158).

ص: 205

(كل نادبة) للميت هو كالأول، قال في النهاية (1): الندب: أن تذكر النائحة الميت بأحسن أوصافه. (كاذبة) في ندبها إياه. (إلا نادبة حمزة) فإنه أهل لما يوصف به، وهذا تخصيص بعد التخصيص الأول. (ابن سعد (2) عن سعد بن إبراهيم مرسلاً)، أرسل عن عمر وعن خاله سعد بن أبي وقاص.

6343 -

"كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري". ابن عساكر عن ابن عمر (ض) ".

(كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة){فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} [المؤمنون: 101]، قال الطيبي: النسب: ما رفع إلى ولادة قريبة من قبل الآباء، والصهر: ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزوج. (إلا نسبي وصهري) قال المصنف: قيل معناه أن أمته ينتسبون إليه وأمم سائر الأنبياء لا ينتسبون إليهم، وقيل ينفع يومئذ بالنسبة إليه، ولا ينتفع بسائر الأنساب والثاني هو الأظهر. (ابن عساكر (3) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه قال الذهبي: فيه ابن وكيع لا يعتمد لكن ورد فيه مرسل حسن.

6344 -

"كل نعيم زائل إلا نعيم أهل الجنة، وكل هم منقطع إلا أهل النار". ابن لال عن أنس".

(كل نعيم زائل) قضاء من الليل لا مرد له. (إلا نعيم أهل الجنة) فإنه لا يعروه زوال. (وكل هم منقطع) لأنه ينقطع سببه بهلاك الإنسان. (إلا) هم. (أهل النار)

(1) النهاية (5/ 33).

(2)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 18)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4256)، والضعيفة (2143).

(3)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 21)، والطبراني في الأوسط (4132)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4564).

ص: 206

فإنه خالد بخلودهم باق ببقائهم. (ابن لال (1) عن أنس) سكت المصنف عليه وفيه محمَّد بن حمدويه (2) حدث بخبر باطل، وعمرو بن الأزهر (3) قال البخاري: يرمى بالكذب، وقال أحمد: يضع الحديث، وقال مسلم: متروك.

6345 -

"كل نفس تحشر على هواها، فمن هوى الكفرة فهو مع الكفرة، ولا ينفعه عمله شيئاً". (طس) عن جابر (ض) ".

(كل نفس تحشر على هواها) على ما تهواه من خير أو شر. (فمن هوى الكفرة فهو مع الكفرة) كما يقيده حديث يحشر المرء مع من أحب. (ولا ينفعه عمله الصالح شيئاً) قيل: إنه ورد على طريق الزجر والتنفير عن موالاة الكفار، والأظهر أنه على حقيقته، وأن الحب في الله والبغض في الله من أعظم أركان الإيمان، بل قد حصر الإيمان عليها في أحاديث. (طس)(4) عن جابر) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: في إسناده ضعفاء وثقوا.

6346 -

"كل نفس من بني آدم سيد: فالرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها". ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة (ض) ".

(كل نفس من بني آدم) أي شخص منهم. (سيد) يسود من تحت يده. (فالرجل سيد أهله) يسودهم ويسأل في الآخرة عن حفاظتهم ومعاملته لهم. (والمرأة سيدة بيتها) تسود من تحت يدها، وهو إعلام منه صلى الله عليه وسلم بأنه يجب على كل من ساد من تحت يده رعايته. (ابن السني (5) في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة)

(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (4753)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4257): موضوع.

(2)

انظر المغني (2/ 572).

(3)

انظر المغني (2/ 481).

(4)

أخرجه الطبراني في الأوسط (8978)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (1/ 113)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4258).

(5)

أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (321)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4565) ، =

ص: 207

رمز المصنف لضعفه.

6347 -

"كل نفقة العبد يؤجر فيها إلا البنيان". (طب) عن خباب (ح) ".

(كل نفقة)[3/ 247] ينفقها. (العبد) من ماله. (يؤجر عليها) مع حسن نيته. (إلا البنيان) أي النفقة في العمارة لغير مسجد كما سلف، وغير محتاج إليه، قال الحكيم: إنما كان غير مأجور؛ لأنه ينفق في دنيا قد أذن الله في خرابها قد جعلها فتنة وبلوى للعباد، فمن احتفل بها وعظم شأنها فقد خالف مراد الله فيها، وظاهر هذا أنه لا يؤجر في النفقة؛ وتقدم أنه وبال على صاحبه فهو آثم بالإنفاق، ولا تدافع بين الأمرين. (طب)(1) عن خباب) رمز المصنف لحسنه، قال الحافظ العراقي: إسناده جيد.

6348 -

"كل نفقة ينفقها المسلم يؤجر فيها: على نفسه، وعلى عياله، وعلى صديقه، وعلى بهيمة، إلا في بناء إلا بناء مسجد يبتغى به وجه الله". (هب) عن إبراهيم مرسلاً" (ض).

(كل نفقة ينفقها المسلم يؤجر عليها) إن صلحت نيته. (على نفسه، وعلى عياله، وعلى صديقه، وعلى بهيمة) بالتنكير سواء كانت له أو لغيره. (إلا في بناءٍ) مما لا حاجة إليه كما قيده غيره. (إلا بناء مسجد يبتغى به وجه الله) لا الرياء والسمعة فإن ضرره أكبر من نفعه، روي أن أبا الدرداء بني كنيفاً في حمص فبلغ عمر فكتب إليه فقد كان لك يا عويمر فيم بنت فارس والروم كفاية عن تزيين الدنيا، وقد أذن الله بخرابها فإذا أتاك كتابي هذا فارحل عن حمص إلى دمشق فجعل ذلك عقوبة له (2). (هب (1) عن إبراهيم مرسلاً) رمز المصنف لضعفه؛

= والصحيحة (2041).

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 64)(3641)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4566).

(2)

أورده ابن أبي الدنيا في قصر الأمل (265).

ص: 208

لأن فيه علي بن الجعد أورده الذهبي في الضعفاء (2) وقال: فيه قيس بن الربيع (3) تابعي له حديث منكر.

6349 -

"كل يمين يحلف بها دون الله فهو شرك"(ك) عن ابن عمر (صح) ".

(كل يمين يحلف بها) على أي أمر. (دون الله شرك) فلا يقسم أحد إلا بالله أو بصفاته، قال ابن العربي: يريد به شرك الأعمال لا شرك الاعتقاد من باب قوله "من أبق من مواليه فقد كفر" وذلك لأن اليمين عقد القلب على فعل أو ترك أخبر به الحالف ثم أكده بمعظم عنده فحجر الشرع التعظيم لغير الله لأنه لا يستحق التعظيم غيره تعالى. (ك)(4) عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته، ورواه عنه أيضاً أبو نعيم والديلمي.

6350 -

"كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب، لينتهين قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان". البزار عن حذيفة (ح) ".

(كلكم بنو آدم) وإخبارهم بذلك مع العلم بأصل الخبر ولازم فائدته تنزيلاً لهم لتعاظمهم منزلة من جهل أصله، ولذا قال:(وآدم خلق من تراب) ومن كان أصله التراب الذي تمتهنه الأقدام كيف يليق به التكبر والتعاظم. (لينتهين) اللام للقسم أي والله لينتهين. (أقوام) عن الافتخار. (يفتخرون بآبائهم) ويتعاظمون على الناس بهم. (أو ليكونن) بفتح اللام عطف على لينتهين والفاعل ضمير قوم فما قبل نون التأكيد مضموم. (أهون على الله من الجعلان) بكسر الجيم جمع جعل بزنة صرد: دويبة سوداء قوتها الغائط فإن شمت ريحاً طيبة ماتت فهي هينة

= (1) أخرجه البيهقي في الشعب (10708)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4259).

(2)

انظر المغني (2/ 444).

(3)

انظر المغني (2/ 526).

(4)

أخرجه الحاكم (1/ 66)، والديلمي (4756)، وأبو نعيم في أخبار أصفهان (1/ 335)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4567)، والصحيحة (2042).

ص: 209

عند الله تعالى لا شرف لها في خلقه ولا غذاء، فمن تكبر وتعظم بآبائه فهو أهون عند الله منها وفي هذا من التحذير عن الافتخار بالآباء ما لا يجهله أحد، وهو داء قد سرى في كثير من الجهال الذين لآبائهم شرف ولا شرف لهم:

لئن فخرت بآباء وذوي شرف

لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا

(البزار (1) عن حذيفة) رمز المصنف لحسنه، قال الشارح: وليس كما قال فإن فيه الحسن بن الحسين (2) العُرَني وهو ضعيف.

6351 -

"كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله شراد البعير على أهله". (طس ك) عن أبي أمامة (صح) ".

(كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله شراد البعير) في القاموس (3): أن شراد بالضم لعَابَهُ والكسر أي نفر. (على أهله) شبهه بالبعير؛ لأنه لا يعقل فكذلك من لم يدخل الجنة فإنه ما أتى إلا من قبل نفسه وكأنه لا يعقل نفعه من ضره. (طس ك)(4) عن أبي أمامة) رمز المصحف لصحته وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير علي بن خالد وهو ثقة.

6352 -

"كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها راع وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته". (حم ق د ت) عن ابن عمر (صح) ".

(1) أخرجه البزار (2938)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4568).

(2)

انظر المغني (1/ 158).

(3)

القاموس (1/ 305).

(4)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3149)، والحاكم (4/ 276)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 71)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4570)، والصحيحة (2043).

ص: 210

(كلكم راع) لمن تحت يديه. (وكلكم مسؤول) في الآخرة. (عن رعيته، فالإمام راع) لمن تحت يده وهو أعظم الرعاة قدرا وخطراً. (وهو مسؤول عن رعيته) هل عدل فيهم أو جار وهل حاطهم بنصيحة أو أضاعهم وليس المراد مجرد السؤال بل ليترتب عليه الجزاء من خير أو شر، وهذا يرد الخبر الموضوع المكذوب تكذيباً، وهو "جيران الله إذا استرعى عبداً للخلافة كتب له الحسنات دون السيئات. (والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته) هل وفاهم حقوقهم [2/ 248] وهل أحسن عشرتهم أو لا ليجازى على ما كان منه. (والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها) هل قامت بما يجب عليها ونصحت في التدبير أم لا، وهي أمينة فيما ساقه الزوج إلى بيته من رزقه. (والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته) فيما جعل أمره إليه. (والرجل راع في مال أبيه) إن ائتمنه عليه. (وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع) الفاء جواب شرط محذوف أي إذا عرفتم هذا. (وكلكم مسئول عن رعيته) خصص أولاً ثم عمم ثانياً تأكيداً لبيان الحكم أولاً وآخراً وفيه رد العجز على الصدر ذكره كله البيضاوي، وقال الطيبي: كلكم راع تشبيه مضمر الأداة أي كلكم مثل الراعي وكلكم مسئول عن رعيته فيه معنى التشبيه وهذا مطرد في التفصيل ووجه التشبيه حفظ الشيء وحسن التعهد لما استحفظ وهو القدر المشترك في التفصيل فإن الراعي غير مطلوب لذاته بل أقيم لحفظ ما استرعاه ويشمل المنفرد إذ يصدق عليه أنه راع في جوارحه بفعل المأمور وترك المنهي. (حم ق د ت)(1) عن ابن عمر).

6353 -

"كلما طال عمر المسلم كان له خير". (طب) عن عوف بن مالك (ح) ".

(1) أخرجه أحمد (2/ 5)، والبخاري (2409)، ومسلم (1829)، وأبو داود (2928)، والترمذي (1705).

ص: 211

(كلما طال عمر المسلم كان له خير) لأنه يزداد بزيادة عمره أعمالاً صالحة ولما سلف من أنه كلما بلغ عشراً من الخمسين والستين ونحوها كان عند الله أعظم قدراً وخص المؤمن لأن غيره لا يزداد إلا شراً. (طب)(1) عن عوف بن مالك) رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمي: فيه النَّهاس بن قَهْم (2) وهو ضعيف.

6354 -

"كلمات الفرج: "لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم". ابن أبي الدنيا في الفرج عن ابن عباس (ح) ".

(كلمات الفرج) التي تقال عند الكرب ليحصل الفرج عنه. (لا إله إلا الله الحليم الكريم) وصفه بالحلم؛ لأن العبد لما كان كثير الذنوب استحق أن تنزل به الكروب فتوسل إلى الله تعالى فارج كل كربة بتوحيده أو لأنه لإخراج كل شريك عن قلبه ثم بصفة الحلم؛ لأنه لا يعاجل بالعقوبة فيرفع الكرب إن كان عقوبة على ذنب وبكرمه تعالى؛ لأنه سامح العبد فيما اجترحه. (لا إله إلا الله العلي العظيم) توسل إليه ثانياً بصفة علوه وعظمته المقتضية لرفع ما علا على قلب العبد من الكرب وعظم عليه من حلوله به. (لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم) توسل إليه ثالثاً بأعظم صفاته وهي ملكه للسماوات وما فيها والأرضين وما فيها ويرقى إلى ربوبيته للعرش الكريم، قال الحكيم: كان هذا الدعاء عند أهل البيت معروفاً مشهوراً يسمونه دعاء الفرج فيتكلمون به في النوائب والشدائد متعارفاً عندهم غياثته والفرج به. (ابن أبي الدنيا (3) في الفرج عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه.

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 57)(104)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 204)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4262).

(2)

انظر: المغني (2/ 701).

(3)

أخرجه أحمد (1/ 228)، وابن أبي الدنيا في الفرج (رقم 48)، وعبد بن حميد (657)، وصححه =

ص: 212

6355 -

"كلمات من ذكرهن مائة مرة دبر كل صلاة: "الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" لو كانت خطاياه مثل زبد البحر لمحتهن". (حم) عن أبي ذر (ح) ".

(كلمات) خبر مبتدأ محذوف: هذه كلمات. (من ذكرهن) جعلهن ذكره. (مائة مرة) يحتمل قال كل واحدة مائة مرة. (دبر كل صلاة) عقيب الفراغ منها نافلة أو فريضة والآخر أظهر لأنها المتبادر عند الإطلاق. (الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلا بالله) ظاهره أنه يأتي بها على هذا الترتيب من دون تقديم ولا تأخير. (لو كانت خطاياه) أي القائل لهن. (مثل زبد البحر) بالتحريك ما يزبد على ظهر الماء عند اضطرابه أي لو بلغت في الكثرة والتجسم ذلك وهي كناية عن الكثرة (لمحتهن) هذه الكلمات قال النووي (1): ومن زاد على المائة فله أجره المذكور والزيادة وليس هذا من التحديد المنهي عن مجاوزته كعدد الركعات. قلت: ويحتمل أن الأجر المذكور بعينه يختص بهذا العدد المعين وإلا فما حكمة الاقتصار عليه!! (حم)(2) عن أبي ذر) رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال الهيثمي: فيه أبو كثير وبقية رجاله حديثهم حسن.

6356 -

"كلمات من قالهن عند وفاته دخل الجنة: لا إله إلا الله الحليم الكريم -ثلاثاً، والحمد لله رب العالمين- ثلاثاً، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير". ابن عساكر عن علي (ض) ".

(كلمات من قالهن عند وفاته) عند غلبة ظنه بوقوع الموت. (دخل الجنة) مع

= الألباني في صحيح الجامع (4571)، والصحيحة (2045).

(1)

في شرح صحيح مسلم (18/ 17).

(2)

أخرجه أحمد (5/ 173)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 101)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4263).

ص: 213

الأولين. (لا إله إلا الله الحليم الكريم -ثلاثاً) يقولها ثلاث مرات. (والحمد لله رب العالمين- ثلاثاً، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير) لم يقيد ذلك بثلاث فيحمل على المرة وظاهره أن هذا يكون آخر كلامه وقيل: بل يكون يحيي ويميت آخر كلامه كلمة التوحيد [2/ 249] لحديث: "من كان آخر قوله من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" وبه يندفع التعارض، قلت لا تعارض فإنه لا حصر في أحد الحديثين بل كل حديث على بابه فمن كان آخر قوله أي الأمرين: دخل الجنة. (ابن عساكر (1) عن علي) رمز المصنف لضعفه.

6357 -

"كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند فراغه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم الله بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة: "سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك". (د حب) عن أبي هريرة".

(كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه) أي مجلس لغطه ولغوه وحديثه. (ثلاث مرات) عند فراغه من الحديث أو من ذلك المجلس. (إلا كفر بهن عنه) ما وقع من اللغط في ذلك المجلس. (ولا يقولهن في مجلس خير) بالمثناة التحتية بعد المعجمة. (ومجلس ذكر) تخصيص بعد التعميم. (إلا ختم الله بهن عليه) على عمل ذلك المجلس. (كما يختم بالخاتم على الصحيفة) والكلمات هي قوله. (سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك) فبهذه الكلمات تكفر السيئات الواقعة في المجلس ويختم بها فعل الخير الواقع فيه فليداوم عليها كل من فارق مجلساً جلس فيه. (د حب (2) عن أبي هريرة).

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (70/ 201)، وأخرجه كذلك الترمذي (3504)، والنسائي (4/ 397)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4264).

(2)

أخرجه أبو داود (4858)، وابن حبان (2/ 353)(593)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4265).

ص: 214

6358 -

"كلمتان خفيفتان على اللسان: ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم". (حم ق ت هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(كلمتان) أراد بالكلمة الكلام مثل كلمة الشهادة وهو خبر وخفيفتان وما بعده صفة والمبتدأ سبحان الله، ونكتة تقديم الخبر تشويق السامع للمبتدأ. (خفيفتان على اللسان) لا كلفة عليها في النطق بهما (ثقيلتان في الميزان) وصفها بالخفة والثقل لبيان كثرة الثواب مع قلة العمل، قال الطيبي: الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جريها على اللسان بما خف على الحامل لنحو متاع ففيه إشارة إلى أن التكاليف شاقة صعبة وهذه سهلة مع كونها تثقل في الميزان كثقل الشاق. (حبيبتان إلى الرحمن) محبوبتان له أو محبوب قائلهما لتضمنهما المدح والتنزيه له تعالى بالصفات السلبية والصفات الثبوتية للأول التسبيح وللآخر التحميد مع حسن الترتيب بتقديم التخلية بالمعجمة على التحلية بالمهملة. (سبحان الله وبحمده) الواو حالية أي أسبحه ملتبساً بحمده، أو عاطفة أي أسبحه وأتلبس بحمده. (سبحان الله العظيم) وهذا الحديث الشريف ختم به البخاري كتابه الصحيح وتبعه الأئمة من بعده. (حم ق ت) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب ولفظه عنده "سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده". (هـ)(1) عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي في اليوم والليلة.

6359 -

"كلمتان إحداهما ليس لها نهاية دون العرش، والأخرى، تملأ ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله، والله أكبر". (طب) عن معاذ (ح) ".

(كلمتان إحداهما ليس لها نهاية دون العرش) أي لا انتهاء لها إلا العرش فإليه

(1) أخرجه أحمد (2/ 232)، والبخاري (6406، 6682، 7563)، ومسلم (2694)، والترمذي (3467)، والنسائي (6/ 207)، وابن ماجة (3806).

ص: 215

تنتهي لأنه أرفع المخلوقات. (والأخرى، تملأ) بنفسها أو بأجرها أو بالملائكة الرافعين لها. (ما بين السماء والأرض: لا إله إلا الله) هذة الكلمة الأولى كلمة التوحيد. (والله أكبر) وهذه الأخرى ويحتمل أن الأجر المذكور إذا جمع بينهما أو مع الانفراد أيضاً. (طب)(1) عن معاذ) رمز المصنف لحسنه، وقال الهيثمي: فيه معاذ بن عبد الله لم أعرفه، وابن لهيعة في ضعف وبقية رجاله ثقات.

6360 -

"كلمتان قالهما فرعون: ما علمت لكم من إله غيري -إلى قوله: أنا ربكم الأعلى- كان بينهما أربعون عاماً فأخذه الله نكال الآخرة والأولى". ابن عساكر عن ابن عباس" (ض).

(كلمتان قالهما فرعون) أولاهما. (ما علمت لكم من إله غيري) كذباً منه وافتراء وإلا فقد علم أن الله إلهه وخالقه منضافة هذه الكلمات. (إلى قوله) الكلمة الأخرى. (أنما ربكم الأعلى) وهذه أشنع من الأولى نفي علمه بربوبية غيره وإثباتها لنفسه بطريق المفهوم وهذه أثبت ألوهيته صريحاً ووصف نفسه أخزاه الله أنه الرب الأعلى. (كان بينهما) بين الكلمتين (أربعون عاماً) يحتمل أن الأولى هي الأولى في السياق والأخرى الأخرى ويحتمل عكسه والأول أولى بالسياق. (فأخذه الله نكال) لأجل نكاله. (الآخرة) من الكلمتين وقدمها لأنها أشنع. (والأولى) منهما فالأخذ بسببهما. (ابن عساكر (2) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.

6361 -

"كلم الله موسى ببيت لحم". ابن عساكر عن أنس".

(كلم الله موسى ببيت لحم) بفتح اللام وسكون المهملة قرية من قرى بيت

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 160)(334)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 86)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4266).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (52/ 248)، والديلمي في الفردوس (4890)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4267)، والضعيفة (4117).

ص: 216

المقدس (1) وكان هذا غير تكليم الله له بالوادي المقدس (ابن عساكر (2) عن أنس).

6362 -

"كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمح أو رمحين". ابن السني وأبو نعيم في الطب عن عبد الله بن أبي أوفي".

(كلم) بصيغة الأمر. (المجذوم) المصاب بالجذام. (وبينك وبينه) في المكان. (قيد) بكسر القاف وسكون المثناة التحتية وهو منصوب على الظرفية بمعنى القدر. (رمح) لئلا يعرض [3/ 250] لك جذام فتظنه أعداك مع أن ذلك لا يكون إلا بتقدير الله، لكنه صلى الله عليه وسلم أمره بالإبعاد عنه صيانة لاعتقاده عن أن يتطرق إليه اختلال إن حصل في جسمه اعتلال. (ابن السني وأبو نعيم (3) في الطب عن عبد الله بن أبي أوفى)، قال ابن حجر في الفتح: وسنده واه.

6363 -

"كل الثوم نيئاً، فلولا أني أناجي الملك لأكلته"(حل) وأبو بكر في الغيلانيات عن علي".

(كل) فعل أمر من أكل يأكل. (الثوم نيئاً) غير نضيج وليس المراد لا ناضجاً فإنه لا نهي عن أكله ناضجاً وإنما هو عن أكله نياً، وقال زين الدين العراقي: بأن هذا الحديث لا يصح فلا يقاوم الصحيح من أحاديث النهي وبأن الأمر بعد النهي للإباحة بدليل حديث أبي داود "كلوه ومن أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه". (فلولا أني أناجي) بالجيم أخاطب سراً. (الملك لأكلته) وفيه أن الملك يتأذى مما يتأذى منه الإنسان وأن له حاسة شم قال

(1) انظر: معجم البلدان (1/ 521).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 37، 53/ 404)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4260)، وقال في الضعيفة (1241): ضعيف جداً.

(3)

أخرجه أبو نعيم في الطب (رقم 292)، وابن عدي في الكامل (2/ 289)، وانظر فتح الباري (10/ 159)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4261)، والضعيفة (1960).

ص: 217

الشارح: إن الذي وقف عليه لأبي نعيم "كلوا الثوم وتداووا به فإن فيه شفاء من سبعين داء ولولا أن الملك يأتيني لأكلته". (حل)(1) وأبو بكر في الغيلانيات عن علي) سكت عليه المصنف وفيه حبَّة العُرَني (2) قال في الضعفاء: شيعي، قال ضعفه الدارقطني وقال العراقي: ضعفه الجمهور، قلت: إن كان لتشيعه فتلك شكاة ظاهر عنك عارها (3).

6364 -

"كل الجنين في بطن الناقة". (قط) عن جابر".

(كل الجنين) الذي يخرج: (في بطن الناقة) عند ذكاتها إن خرج وليس فيه حياة مستقرة فإن ذكاتها ذكاته، والناقة مثال وغيرها من كل مأكول كذلك والأمر في هذا كالذي قبله للإباحة (قط)(4) عن جابر).

6365 -

"كل باسم الله ثقة بالله وتوكلاً على الله"(4 حب ك) عن جابر (صح) ".

(كل) خطاباً للمجذوم أي كل معي أكلاً مصاحباً. (باسم الله ثقة) مني (بالله) أنه لا يضرني مؤاكلتك. (وتوكلاً) مني (على الله) فإنه واقي كل محذور. (4 حب ك)(5) عن جابر) قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد مجذوم فوضعها في قصعته ثم

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 357)، وأبو بكر في الغيلانيات (رقم 977)، والديلمي في الفردوس (8341)، وانظر العلل المتناهية لابن الجوزي (2/ 659)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (4098).

(2)

انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 187)، والمغني (1/ 146)، وميزان الاعتدال (2/ 188).

(3)

بل ترجم له ابن حبان في المجروحين وقال: إنه كان غالياً في التشيع وهو علة الحديث ولكن علته مسلم بن كيسان الأعور فإنه أسوأ حالاً منه.

(4)

أخرجه الدارقطني (4/ 273)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4194).

(5)

أخرجه أبو داود (3925)، والترمذي (1817)، وابن ماجة (3542)، وابن حبان (13/ 488)(6120)، والحاكم (4/ 152)، وانظر فتح الباري (10/ 160)، والعلل المتناهية (2/ 869)، =

ص: 218

ذكره، قال ابن حجر: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وفيه نظر انتهى؛ وقال ابن الجوزي: تفرد به المفضل بن فضالة وليس بذاك ولا يتابع إلا من طريق لين؛ قلت: والمصنف رمز لصحته.

6366 -

"كل، فلعمري لمن أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق". (حم د ك) عن عم خارجة (صح) ".

(كل) أيها الراقي للمعتوه بالفاتحة (فلعمري) قسمي. (لمن أكل برقية باطل) من الكهان (لقد قلت برقية حق) قاله صلى الله عليه وسلم لمن رقى بالفاتحة معتوهاً ثلاثة أيام يتلوها عليه في الغداة والعشية ويبزق عليه فشفاه الله فأعطي جعلاً فقال: لا حتى أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. (حم د ك)(1) عن عم خارجة بن الصلت) قيل: اسمه علاقة بن صخار، وقيل: عبد الله بن عبثر رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح وأقرَّه الذهبي ورواه أيضاً النسائي في الطب.

6367 -

"كل ما أصميت، ودع ما أنميت". (طب) عن ابن عباس" (ح).

(كل ما أصميت) بالمهملة ما أسرعت إزهاق روحه من الصيد، والإصماء أن تقتل الصيد مكانه في الحال. (ودع ما أنميت) ما أصبته وتأخر موته، والإنماء أن تصيبه إصابة غير قاتلة حالاً. (طب) (2) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وقال الهيثمي: فيه عثمان بن عبد الرحمن أظنه القرشي وهو متروك.

6368 -

"كُلْ ما طفا على البحر". ابن مردويه عن أنس".

(كُلْ) من السمك وهو ما لا يعيش إلا في الماء. (ما طفا على البحر) أي على

= وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4195).

(1)

أخرجه أحمد (5/ 210)، أبو داود (3420)، والحاكم (1/ 747)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4494).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 27)(12370)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 31)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4196)، والضعيفة (4101): ضعيف جداً.

ص: 219

على البحر، وهو الذي يموت في الماء، ثم يعلو فوق وجهه فأفاد حل ميتته سواء مات بالاصطياد أو بغيره، وقد عارضه حديث جابر عند أبي داود "ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه"(1). وأجيب بأنه ضعيف منقطع، والقياس يقتضي الحل؛ لأنه سمك لو مات في البحر لأكل بغير تذكية فكذا لو مات فيه فيحل أكله ولو أنتن كما قاله النووي (2)، والنهي عن أكل اللحم إذا أنتن للتنزيه، نعم إن خيف ضره حرم. (ابن مردويه (3) عن أنس).

6369 -

"كُلْ ما فَرَى الأوْدَاجَ ما لم يكن قرض سِنٍّ أو حز ظُفُر". (طب) عن أبي أمامة (ض) ".

(كُلْ ما فَرَى الأوْدَاجَ) جمع ودج بالتحريك وهما العرق الذي في الأخدع، والفرى القطع. (ما لم يكن قرض) بالضاد المعجمة بخط المصنف. (سِنٍّ أو حز) بالمهملة والزاي. (ظُفُر) فلا يحل ما قطع ودجه بسن أو ظفر سواء [3/ 251] اتصلا أو انفصلا، وقالت الحنفية: النهي يتعلق بالمتصل لا بالمنفصل، قال ابن الأثير (4): الرواية "كل" أمر بالأكل وقد رواها أبو عبيدة وغيره وقالوا: إنما هو كلما أفرى الأوداج، أي كل شيء أفرى الأوداج. (طب)(5) عن أبي أمامة) رمز المصنف لضعفه، قال الذهبي: إسناده ضعيف.

6370 -

"كُلْ ما رد عليك قوسك". (حم) عن عقبة بن عامر وحذيفة بن اليمان (حم د) عن ابن عمرو (هـ) عن أبي ثعلبة الخشني (صح) ".

(1) رواه أبو داود (3815)، وابن ماجة (3247).

(2)

شرح صحيح مسلم (13/ 86).

(3)

عزاه في الدر المنثور (3/ 197) لابن مردويه، وأورده المناوي في فيض القدير (5/ 42)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4197).

(4)

النهاية في غريب الحديث (2/ 497).

(5)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 211)(7851)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4496)، والصحيحة (2029).

ص: 220

(كُلْ ما رد عليك قوسك) قاله صلى الله عليه وسلم لمن قال له يا رسول الله: أفتني في قوسي؟ قال ابن بطال: أجمعوا على أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه جاز أكله ولو لم يعلم هل مات بالجرح أو من سقوطه من الهواء أو من وقوعه على الأرض، أما لو وقع على جبل مثلاً فتردى منه لا يؤكل، وكذا السهم إذا لم ينفذ في مقاتله لا يؤكل إلا إذا أدركت ذكاته. (حم)(1) عن عقبة بن عامر) سكت عليه المصنف، وقال الهيثمي: فيه راو لم يسم، وحذيفة بن اليمان (حم د) عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته (هـ) عن أبي ثعلبة الخشني) نسبة إلى بني خشين بالمعجمتين، قال ابن حجر: فيه ابن لهيعة، وقد أخرج الحديث أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة قال قلت: يا رسول الله أفتني في قوسي؟ قال: "كُلْ ما ردت عليك قوسك ذكياً وغير ذكي" قال: وإن تغيب عني؟ قال: "وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثر غير سهمك" وقوله يصل بمهملة مكسورة أي ينتن.

6371 -

"كُلْ مع صاحب البلاء تواضعاً لربك وإيماناً". الطحاوي عن أبي ذر".

(كُلْ مع صاحب البلاء) من جذام وبرص ونحوه (تواضعاً لربك) حيث وضعت نفسك مع من ابتلاه (وإيماناً) بأنه لا يصيبنك منه شيء إلا بإذن الله وتقديره، وهذا خطاب لمن قوي إيمانه، وحديث "فر من المجذوم"(2) لمن

(1) أخرجه أحمد (4/ 156، 5/ 388) عن عقبة بن عامر وحذيفة، وأخرجه أحمد (2/ 184)، وأبو داود (2857) عن ابن عمرو، وأخرجه ابن ماجة (3211) عن أبي ثعلبة الخشني، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 30)، وفتح الباري (9/ 606)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4495)، والصحيحة (2028).

(2)

رواه البخاري (5380).

ص: 221

ضعف يقينه، وخيف عليه فساد اعتقاده (الطحاوي (1) عن أبي ذر).

6372 -

"كلوا الزيت وادهنوا به؛ فإنه من شجرة مباركة". (ت) عن عمر (حم ت ك) عن أبي أسيد (صح) ".

(كلوا الزّيتَ) دهن الزيتون (وادّهنوا به) قال الزين العراقي: المراد بالادّهان دهن الشعر به وقيده في رواية "يدهن شعر الرأس به". (فإنه من شجرة مباركة) كما وصفها الله تعالى بالبركة لكثرة منافعها أو لأنها تنبت بالأرض المقدسة ويلزم من بركتها بركة ما يخرج منها من الزيت. (ت) عن عمر (حم ت ك)(2) عن أبي أسيد) بفتح الهمزة وكسر المهملة، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورمز المصنف له بالصحة، وقال ابن عبد البر: في سنده من الطريقين اضطراب.

6373 -

"كلوا الزّيتَ وادّهنوا به؛ فإنه طيب مبارك". (هـ ك) عن أبي هريرة (صح) ".

(كلوا الزّيتَ وادّهنوا به) الأمر في مثله للإباحة، وقيل: للندب لمن قدر على استعماله، ووفق مزاجه. (فإنه طيب مبارك) كثير الخير والنفع، قال ابن القيم (3): الدهن في البلاد الحارة من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن وهو كالضروري لهم، فأما في البلاد الباردة فضار وكثرة دهن الرأس فيها خطر بالبصر. (هـ ك)(4) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح،

(1) أخرجه الطحاوي (4/ 310)، والديلمي في الفردوس (3343)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4198).

(2)

أخرجه الترمذي (1851) عن عمر، وأخرجه أحمد (3/ 497)، والترمذي (1852)، والطحاوي في مشكل الآثار (3803)، وابن قانع (1/ 42)، والطبراني (19/ 269 رقم 597)، وانظر: بيان الوهم (2/ 313)، والحاكم (2/ 432)، عن أبي أسيد، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4498)، وحسنه في الصحيحة (379).

(3)

زاد المعاد (4/ 282).

(4)

أخرجه ابن ماجة والحاكم (2/ 432)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4203).

ص: 222

ورده الذهبي بأن فيه عبد الله بن سعيد المقبري (1) أحد رواته واهٍ، قال الزين العراقي: بعد عزوه لابن ماجة وحده: فيه عبد الله بن سعيد المقبري ضعيف.

6374 -

"كلوا الزيت وادهنوا به؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام". أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة".

(كلوا الزيت) قيل ظاهر هذا وما قبله أن إساغة المائعات تسمى أكلا فتشكل على تعريف الأكل بأنه اتصال ما يتأتى فيه المضغ إلى الجوف ممضوغاً كان أو غيره، قال ابن الكمال: فإذن لا يكون اللبن والسويق مأكولاً انتهى، قال الشارح: والحديث كما ترى صريحاً في رده.

قلت: يحتمل أن المراد: كلوا بالزيت؛ لأنه إدام كما عرف. (وادهنوا به؛ فإن فيه شفاء من سبعين داء) الظاهر أن المراد التكثير لا التحديد. (منها الجذام) فإنه يرفعه إن نزل أو يدفعه إن لم ينزل، وفيه أنه مأمور بأكل ما فيه نفع للأبدان من الأسقام. (أبو نعيم (2) في الطب عن أبي هريرة).

6375 -

"كلوا التين فلو قلتُ إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عُجْمٍ لقلت هي التين، وإنه يذهب بالبواسير وينفع من النقرس". ابن السني وأبو نعيم (فر) عن أبي ذر".

(كلوا التين) هو حار كثير المنافع جيد الغذاء سريع الانحدار واليابس حار لطيف أغذى من جميع الفواكه. (فلو قلتُ) عن إذن من الله. (إن فاكهة نزلت من الجنة) إلى الدنيا. (بلا عُجْمٍ) نواة. (لقلت هي التين) لصدق الأوصاف عليها. (وإنه يذهب بالبواسير وينفع من النقرس) ويفتح السدد [3/ 252] ويدر البول وينضج الدماميل ويحسن اللون ويلين، ومنافعه كثيرة تقدم شيء منها. (ابن

(1) انظر المغني (1/ 340)، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 124).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الطب (رقم 684)، والعجلوني في كشف الخفا (2/ 152)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4202)، وقال في الضعيفة (512): منكر.

ص: 223

السني وأبو نعيم (فر)(1) عن أبي ذر) كلهم من رواية يحيي بن أبي كثير عن الثقة.

6376 -

"كلوا التمر على الريق؛ فإنه يقتل الدود". أبو بكر في الغيلانيات (فر) عن ابن عباس".

(كلوا التمر على الريق) قبل أكل شيء عقب النوم. (فإنه يقتل الدود) التي تولد في البطن؛ لأنه إذا أديم أكله على الريق خفف مادة الدود وأضعفه وقتله. (أبو بكر في الغيلانيات. (فر)(2) وكذا ابن عدي كلهم عن ابن عباس) سكت عليه المصنف، وفيه أبو بكر الشافعي قال في الميزان: شيخ للحاكم متهم بالوضع، وعصمة بن محمَّد قال في الضعفاء (3): تركوه، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.

6377 -

"كلوا البلح بالتمر، كلوا الخَلِقَ بالجديد؛ فإن الشيطان إذا رآه غضب، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الخَلِقَ بالجديد". (ن هـ ك) عن عائشة (صح) ".

(كلوا البلح) بالموحدة فمهملة في المصباح هو تمر النخل ما دام أخضر، فإذا أخذ في التلون فبسر، فإذا تكامل لونه فهو الزهو. (بالتمر) قال ابن القيم (4): إنما أمر بأكله معه دون البسر لأنَّ البلح بارد يابس والتمر حار رطب فكل يصلح الآخر والتمر والبسر حاران وإن كان التمر أشد حراً والتمر حار في الثانية، وهل هو رطب أو يابس؟ قولان. (كلوا الخَلِقَ بالجديد؛ فإن الشيطان إذا

(1) أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (451)، والديلمي في الفردوس (4716)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4201)، والضعيفة (165).

(2)

أخرجه أبو بكر في الغيلانيات (رقم 950)، والديلمي (4713)، وابن عدي في الكامل (5/ 371)، وانظر الموضوعات (3/ 25)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4200)، والضعيفة (232): موضوع.

(3)

انظر المغني (2/ 433).

(4)

زاد المعاد (4/ 263).

ص: 224

رآه) أي الجديد. (غضب) حسداً لابن آدم وما أنعم الله به عليه. (وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الخَلِقَ بالجديد) وأدرك النعمتين وإغاظة الشيطان وإغضابه مراد الله فالأمر للندب، قال في شرح الألفية (1): معناه ركيك لا ينطبق على محاسن الشريعة؛ لأن الشيطان لا يغضب من حياة ابن آدم بل من حياته مسلماً مطيعاً لله سبحانه وتعالى، ومن ثمة اتفقوا على نكارته. (ن هـ ك)(2) عن عائشة) رمز المصنف لصحته، قال الدارقطني: فيه يحيى بن محمَّد أبو زكير بن هشام (3) قال العقيلي: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقال ابن حبان: أبو زكير لا يحتج به يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل وروى هذا الحديث ولا أصل له ومدار الحديث على جميع طرقه على أبي زكير، وفيه أيضاً محمَّد بن شداد (4) قال الدارقطني: لا يكتب حديثه وفي الميزان: هذا حديث منكر رواه الحاكم ولم يصححه مع تساهله في التصحيح انتهى؛ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.

6378 -

"كلوا جميعًا ولا تفرقوا؛ فإن البركة مع الجماعة". (هـ) عن عمر".

(كلوا جميعاً ولا تفرقوا) تأكيد للأمر بالاجتماع. (فإن البركة) في الطعام. (مع الجماعة) قال ابن المنذر: فيه استحباب الاجتماع على الطعام وأن لا يأكل المرء وحده، وفيه إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصلت معها البركة فتعم الحاضرين، قال بعضهم: في الأكل مع الجماعة فوائد: منها: ائتلاف القلوب، وكثرة الرزق والمدد، وامتثال أمر الشارع، لأنه تعالى أمر بإقامة الدين وعدم

(1) انظر: التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 433).

(2)

أخرجه النسائي (4/ 166)، وابن ماجة (3330)، والحاكم (4/ 21) وأبو نعيم في الطب (815)، وانظر الموضوعات (3/ 25)، والميزان (7/ 216)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4199)، والضعيفة (231): موضوع.

(3)

انظر المغني (2/ 743)، وضعفاء العقيلي (4/ 427).

(4)

انظر المغني (2/ 591).

ص: 225

التفرق فيه ولا يتم إلا بائتلاف القلوب ولا تتآلف إلا بالاجتماع على الطعام. (هـ)(1) عن عمر) سكت عليه المصنف، وقال الشارح: رمز المصنف لحسنه وليس كما ظنه فقد ضعفه المنذري وقال: فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهي الحديث، وقال ابن حجر: عمرو بن دينار هذا ضعفوه وهو غير عمرو بن دينار شيخ بن عيينة ذاك وثقوه.

6379 -

"كلوا جميعاً ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة؛ كلوا جميعاً ولا تفرقوا؛ فإن البركة مع الجماعة". العسكري في المواعظ عن عمر".

(كلوا جميعاً ولا تفرقوا؛ فإن طعام الواحد يكفي الاثنين) بما يضعه الله من البركة فيه. (وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة) ولا يستنكر هذا فإن الله تعالى هو الذي يحدث الشبع عند استعمال الطعام فهو الذي يحدث البركة والشبع بالأقل من المعتاد. (كلوا جميعاً ولا تفرقوا) بحذف إحدى التائين. (فإن البركة مع الجماعة) وطلبها مراد لله تعالى، قال ابن حجر (2): يؤخذ منه أن البركة تنشأ عن بركة الاجتماع وأنه كلما كثر ازدادت البركة، ونقل إسحاق بن راهوية عن جرير أن معنى الحديث: أن الطعام الذي يشبع الواحد يكفي قوت الاثنين والذي يشبع الاثنين يكفي قوت الأربعة، وفيه أنه ينبغي للمرء أن لا يحتقر الذي عنده فيمنعه ذلك من تقديمه بل يقدمه وإن قل. (العسكري (3) في المواعظ عن

(1) أخرجه ابن ماجة (3287)، وانظر الترغيب والترهيب (3/ 97)، وفتح الباري (9/ 535)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4500)، والصحيحة (2691).

(2)

انظر: فتح الباري (9/ 535).

(3)

أخرجه العسكري في المواعظ كما في الكنز (20723)، والطبراني في الأوسط (7444)، وانظر قول المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 98)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4501)، وصححه في الصحيحة (2691).

ص: 226

عمر) ورواه الطبراني في الأوسط بدون "أن البركة

الخ" وضعفه [3/ 253] المنذري.

6380 -

"كلوا لحوم الأضاحي، وادخروا". (حم ك) عن أبي سعيد وقتادة بن النعمان (صح) ".

(كلوا لحوم الأضاحي) قال ابن العربي (1): لما كانت إراقة دم الأضحية لله أذن في أكلها وكان لحم القرابين لا يؤكل في سائر الشرائع فمن خصائص هذه الأمة أكل قرابينها. (وادخروا) قاله لهم بعد أن نهاهم عن الادخار فوق ثلاث لجهد أصاب الناس ذلك العام فلم يصح إلا بعضهم فحثهم على المواساة فلما زالت العلة ارتفع النهي عن الادخار ورخص فيه والأمر بعد النهي للإباحة، قيل وأفهم اقتصاره عليهما على عدم جواز البيع واتفقوا عليه واختلف في الجلد فأجاز أبو حنيفة بيعه، ومنعه الجمهور. (حم ك)(2) عن أبي سعيد وقتادة بن النعمان) رمز المصنف لصحته، قال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي.

6381 -

"كلوا من القصعة في جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها؛ فإن البركة تنزل في وسطها". (حم هق) عن ابن عباس (ح) ".

(كلوا في القصعة من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها) بالتحريك وقد تسكن. (فإن البركة تنزل في وسطها) وإذا لم يبق رفعت البركة، قال الحافظ العراقي: ووجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام أفضله وأطيبه فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته وهو ترك أدب وسوء عشرة، فأما إذا كان وحده فلا حرج، والمراد من البركة هنا الإمداد من الله تعالى، وقال إنه يدخل في الطعام الرغيف فلا يأكل من وسط الرغيف بل من جوانبه، قلت: وفيه تأمل. (حم

(1) انظر: فيض القدير (5/ 45).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 48)، والحاكم (4/ 259)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4503).

ص: 227

هق) (1) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه.

6382 -

"كلوا من جوانبها وذروا ذروتها يبارك فيها". (د هـ) عن عبد الله بن بسر (ح) ".

(كلوا من جوانبها) أي القصعة. (وذروا ذروتها) أي اتركوا أعلاها وليس المراد تركه عن الأكل بل المراد عدم البداية به، بل يؤكل من جوانبها حتى ينتهي إلى وسطها ندباً لا وجوباً. (يبارك) لكم. (فيها) أي في الطعام الذي فيها. (د هـ)(2) عن عبد الله ابن بسر) بضم الموحدة فمهملة رمز المصنف لحسنه، قال في الرياض: إسناده حسن، ورواه عنه أيضاً البيهقي وقال في السنن: وإسناده صالح.

6383 -

"كلوا بسم الله من حواليها، وأعفوا رأسها؛ فإن البركة تأتيها من فوقها". (هـ) عن واثلة".

(كلوا بسم الله) أي قائلين بسم الله. (من حواليها، وأعفوا رأسها) عن الابتداء بالأكل (فإن البركة تأتيها من فوقها) قال ابن العربي: البركة في الطعام لمعان كثيرة: منها استمراؤه وصونه عن مرور الأيدي عليه فتتقذره النفس، قال في المطامح: تحقيق البركة وكيفية نزولها أمر إيماني لا يطلع على حقيقته، قال ابن العربي: إن الآكل يأكل الرغيف على ثلاثة وثلاثين لقمة ويستدير من الجوانب حتى ينتهي إلى الوسط، كما يشير إليه قوله:"فإن البركة تأتيها من فوقها" قال الشارح: أما ما ذكره من الأكل من جوانبه فقد يسلم، وأما ما ذكره من العدد فليس في الحديث دلالة عليه، قلت: على أن إلحاق الرغيف بطعام

(1) أخرجه أحمد (1/ 270) ، والبيهقي في السنن (7/ 278)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4502).

(2)

أخرجه أبو داود (3773)، وابن ماجة (3275)، والبيهقي في الشعب (5847)، وفي الآداب للبيهقي (440)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4504).

ص: 228

القصعة محل تأمل. (هـ)(1) عن واثلة) فيه ابن لهيعة.

6384 -

"كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا، في غير إسراف ولا مخيلة". (حم ن هـ ك) عن ابن عمرو (صح) ".

(كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا، في غير إسراف) مجاوزة الحد وظاهره دخول الإسراف في فعل الخير وإلا فقد قيل: لا إسراف في خير. (ولا مخيلة) كعظمة خيلاء وهو التكبر، والحديث جامع لتدبير الإنسان نفسه والإسراف يضر بالجسد والمعيشة، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس، وبالآخرة حيث تكسب الإثم. (حم ن هـ ك) (2) عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي.

6385 -

"كلوا السفرجل، فإنه يجلي عن الفؤاد ويذهب بطخاء الصدر". ابن السني وأبو نعيم عن جابر (ض) ".

(كلوا السفرجل، فإنه يجلي عن الفؤاد ويذهب بطخاء) بالخاء المعجمة. (الصدر) وهو ثقل وغشاء يقول ما في السماء طخاء أي سحاب وظلمة.

(ابن السني وأبو نعيم (3) في الطب عن جابر) رمز المصنف لضعفه.

6386 -

"كلوا السفرجل على الريق؛ فإنه يذهب وغر الصدر". ابن السني وأبو نعيم (فر) عن أنس".

(كلوا السفرجل على الريق فإنه) بأكله كذلك. (يذهب وغر الصدر) بالغين المعجمة والراء: غلية وحرارته وغله، والسفرجل بارد قابض جيد للمعدة

(1) أخرجه ابن ماجة (3276)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4499)، والصحيحة (2030).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 181)، والنسائي (5/ 79)، وابن ماجة (3605)، والحاكم (4/ 150)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4505).

(3)

أخرجه ابن السني (ق 65/ ب)، وأبو نعيم في الطب (794)، وانظر: الميزان (4/ 49)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4205).

ص: 229

والحلو منه أقل برداً ويبساً وهو يدر البول ويمنع من قروح الأمعاء، ونفث الدم والهيضة، ويمنع الغثيان وتصاعد الأبخرة إذا استعمل بعد الطعام، ويقوي المعدة والكبد ويشد القلب ويثقل النفس. (ابن السني وأبو نعيم (فر)(1) عن أنس) سكت المصنف عليه، وفيه محمَّد بن موسى [3/ 254] الحرشي (2) قال الذهبي: قال أبو داود: ضعيف.

6387 -

"كلوا السفرجل؛ فإنه يُجم الفؤادَ، ويشجع القلب، ويحسن الولد". (فر) عن عوف بن مالك".

(كلوا السفرجل؛ فإنه يُجم الفؤادَ) بالجيم يريحه وقيل يفتحه ويوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما ينبه على منافع الأشياء التي تناول عملاً بقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129]. (ويشجعه القلب) يقويه. (ويحسن الولد) يجعله حسن اللون حسن الطباع. (فر)(3) عن عوف بن مالك) سكت المصنف عليه، وقال الشارح: فيه عبد الرحمن العرزمي أورده في الضعفاء، ونقل تضعيفه عن الدارقطني (4) قال ابن الجوزي: ليس لخبر السفرجل مدار يرجع إليه، وقال ابن القيم (5): روي في السفرجل أحاديث هذه منها ولا تصح.

6388 -

"كما تكونوا يولى عليكم". (فر) عن أبي بكرة (هب) عن أبي

(1) أخرجه ابن السني (ق 66/ أ)، وأبو نعيم في الطب (793)، والديلمي في الفردوس (4712)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4204)، والضعيفة (4099).

(2)

انظر المغني (2/ 637).

(3)

عزاه في الكنز (28260) للديلمي في الفردوس وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 654)، وانظر العلل المتناهية 2/ 564، وفيض القدير (5/ 46)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4206).

(4)

انظر: المغني (2/ 385).

(5)

انظر: زاد المعاد (4/ 293).

ص: 230

إسحاق السبيعي مرسلاً".

(كما تكونوا) قيل نصب بما المصدرية حملاً على أنْ كما أنَّ أنْ تحمل على ما فتهمل، ويجوز أن يكون مجزوماً بما ويولي مجزوماً جواباً للشرط على حد:(ألم يأتيك والأنباء تنمى) ويجوز أن تكون ما موصولاً بمعنى الذي أو موصولاً حرفياً وحذفت النون تخفيفاً على كلا الوجهين (يولى عليكم) وخفتم عقابه ولي عليكم من يخافه منكم وعكسه وفي بعض الكتب المنزلة: أنا الله ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيها بيدي، فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم. (فر) عن أبي بكر (هب)(1) عن أبي إسحاق السبيعي) بفتح المهملة وكسر الموحدة نسبة إلى سبيع بطن من همدان (مرسلاً) سكت عليه المصنف، وفيه يحيى بن هاشم قال السخاوي (2): يحيي في عداد من يضع، وقال البيهقي بعد روايته: هذا منقطع ورواية يحيى بن هاشم ضعيف.

6389 -

"كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار، وهما طريقان فأيهما أخذتم أدركتم". ابن عساكر عن أبي ذر".

(كما لا يجتنى من الشوك العنب) كما علمتموه بعقولكم. (كذلك لا ينزل الفجار) في الآخرة وعند الله. (منازل الأبرار) أي كعدم اجتناء العنب من الشوك عدم نزول الفجار منازل الأبرار فإن أعمالهم كالشوك لا يجتنى منها إلا العذاب والوبال وفيه الإعلام بأن الخير ينال بالخير والشر بالشر لا كما تتمناه الأطماع الفارغة. (وهما طريقان) إلى الله تعالى. (فأيهما أخذتم أدركتم) إليه. (ابن عساكر (3)

(1) أخرجه الديلمى في الفردوس (4918) عن أبي بكر، وأخرجه البيهقي في الشعب (7391) عن أبي إسحاق السبيعي، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4275)، والضعيفة (320).

(2)

انظر: المقاصد الحسنة (ص: 520).

(3)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 260)، وابن حبان في المجروحين (3/ 41)، وانظر =

ص: 231

عن أبي ذر) سكت المصنف عليه، وفيه بكير بن عثمان التنوخي قال في الميزان عن ابن حبان: منكر الحديث جداً، ثم ساق من مناكيره هذا الحديث.

6390 -

"كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار، فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتم وردتم على أهله". (حل) عن يزيد ابن مرثد مرسلاً".

(كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار، فاسلكوا أي طريق شئتم) إلى الدار الآخرة ولقاء الله. (فأي طريق سلكتم وردتم على أهله) أهل الخير أو الشر وهو في الإفادة كالأول. (حل)(1) عن مرثد بن مرثد مرسلاً).

6391 -

"كما لا ينفع مع الشرك شيء كذلك لا يضر مع الإيمان شيء". (خط) عن عمر (حل) عن ابن عمرو".

(كما لا ينفع مع الشرك شيء) من الأعمال التي تنفع أهل الإيمان إذا عملوها، والمراد لا ينفع برفع العقوبة وإن وقع بها التخفيف كما روي في قصة أبي لهب وقصة أخيه أبي طالب. (كذلك لا يضر مع الإيمان شيء) من المعاصي الكبائر والصغائر والمراد: لا يخلد في النار، وإن اتفق للعاصي دخولها. (خط) عن عمر حل عن ابن عمرو) سكت المصنف عليهما وفيه منذر بن زياد الطائي وعنه حجاج بن نصير، ومنذر في الميزان عن الدارقطني: متروك الحديث، وساق له ابن عدي مناكير هذا منها، وقال الفلاس: كان كذاباً وحجاج ضعفه ابن معين وغيرها وقال البخاري: متروك. (حل)(2) عن ابن

= الميزان (6/ 509)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4576).

(1)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (10/ 31)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4575)، والصحيحة (2046).

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخه (7/ 134) عن عمر، وأخرجه أبو نعيم (7/ 108) عن ابن عمرو، وانظر الميزان (8/ 209)، والكامل في الضعفاء (2/ 232)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع =

ص: 232

عمرو) سكت عليه المصنف وقد قال مخرجه أبو نعيم: غريب من حديث الثوري عن إبراهيم تفرد به يحيي بن اليمان ويحيي ثقة من رجال مسلم لكنه فلج في آخر عمره فساء حفظه.

6392 -

"كما يضاعف لنا الأجر كذلك يضاعف علينا البلاء". ابن سعد عن عائشة (ح) ".

(كما يضاعف لنا) معشر الأنبياء الأجر في أعمال الطاعات. (يضاعف علينا البلاء) فأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما سلف، ووجهه والله أعلم تأسي الأمة به فإنه يخف البلاء عليهم إذا علموا أن أشرف خلق الله خصه الله بأشد الابتلاء ولينالوا من الدرجات ما لا عين رأت. (ابن سعد (1) عن عائشة) رمز المصنف [3/ 255] لحسنه.

6393 -

"كما تدين تدان". (عد) عن ابن عمر".

(كما تدين تدان) كما تفعل تجازى وكما تفعل يفعل معك سمي ابتداء الفعل جزاء والجزاء هو الفعل الواقع بعده ثواباً كان أو عقاباً للمشاكلة كما في: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] مع أن جزاء المماثل لا يسمى سيئة، والحديث إخبار بأن الله تعالى يجازي العبد على وفق فعله إن فعل خيراً فعل به أو شراً فكذلك جزاءاً وفاقاً عدلاً منه تعالى، ويحتمل أنه في دار الدنيا ودار الآخرة فليفعل العبد لنفسه ما أحب أن يفعل به. (عد)(2) عن ابن عمر) سكت

= (4276)، والضعيفة (320).

(1)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 214)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4577).

(2)

أخرجه ابن عدي (6/ 158)، والبيهقي في الزهد الكبير (2/ 277)، وعبد الرزاق في المصنف (11/ 178)، وأحمد في الزهد (ص: 143)، وفي الأسماء والصفات (1/ 143)، والزركشي في الدرر المنتثرة (ص: 15)، وراجع تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف للزيلعي (1/ 26)، وانظر فتح الباري (13/ 458)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4274)، والضعيفة (4124).

ص: 233

المصنف عليه وقد ضعفه مخرجه ابن عدي فإنه ساقه من حديث مكرم بن عبد الله الجوزجاني عن محمَّد بن عبد الملك الأنصاري عن نافع عن ابن عمر ثم ضعفه بمحمد المذكور، قال الزركشي: ورواه البيهقي في الأسماء والصفات وفي الزهد عن أبي قلابة مرسلاً: "الذنب لا ينسى والبر لا ينسى، والديان لا يموت وكما تدين تدان" وبه يتقوى، قال ابن حجر: له شاهد مرسل خرجه عبد الرزاق عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: فذكره.

6394 -

"كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك". (ت) والضياء عن أنس (صح) ".

(كم) هي في هذه الأحاديث خبرية مفيدة للكثرة ومميزها ما دخلت عليه من. (من أشعث أكبر ذي طمرين) ثوبين خلقين. (لا يؤبه له) لا يبالى به ولا يلتفت إليه يقال ما وبهت له بفتح الباء وكسرها وبها بالفتح والسكون. (لو أقسم على الله) أن يفعل كذا. (لأبره) بأن يفعله أو بأن لا يفعله لما فعله معاملة منه تعالى بحسن ظنه. (منهم البراء بن مالك) أخو أنس لأبويه، قال أنس ثم إن البراء لقي زحفاً من المشركين وقد أوقع المشركين بالمسلمين فقالوا يا براء: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أقسمت على ربك لأبرك فأقسم على ربك" فقال أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم فمنحوا أكتافهم ثم التقوا على قنطرة السوس فأوقعوا في المسلمين، فقالوا: أقسم يا براء على ربك، فقال أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا" (1) رواه أبو نعيم عن أنس. (ت) والضياء (2) عن أنس) رمز المصنف لصحته ورواه عنه الحاكم أيضاً وصححه.

6395 -

"كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم عمار بن

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 7).

(2)

أخرجه الترمذي (3854)، والضياء في المختارة (1596)، والحاكم (3/ 331)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4573).

ص: 234

ياسر". ابن عساكر عن عائشة (ض) ".

(كم من ذي طمرين لا يؤبه له) إذ غالب التفات العباد إلى من يحمل في رياشة. (لو أقسم على الله لأبره) قال الزين العراقي: وقد قلت في ذلك:

لا تحسب الفخر في لبس وتدْريع

ووصف حسن وزي غير مشروع

فرب أشعث ذي طمرين مدفوع

إن قال قولاً تراه غير مسموع

لكنه عند ربِّ العرش ذي قسم

بر إذا رام أمراً غير ممنوع

(منهم عمار بن ياسر) من أجل الصحابة وأكرمهم عند الله والتنصيص على بعض الصحابة بهذه الكرامة لا تنفي أن غيرهم له ذلك عند الله سبحانه سيما وقد أفاد بكلمة كم التكثير. (ابن عساكر (1) عن عائشة) رمز المصنف لضعفه، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظه عنها أيضاً، قال الهيثمي: وسنده ضعيف لكنه انجبر لتعدده فقد رواه اليافعي في أماليه أيضاً.

6396 -

"كم من عذق معلق لأبي الدحداح في الجنة". (حم د ت) عن جابر بن سمرة".

(كم من عذق) بكسر المهملة وسكون المعجمة. (معلق لأبي الدحداح) بمهملات مفتوح ألفاً ولا يعرف إلا بكنيته لا يعرف اسمه (2) والدحداح لغة القصير. (في الجنة) بسبب جبره بخاطر اليتيم الذي خاصمه أبو لبابة في نخلة فبكى فاشتراها أبو الدحداح من أبي لبابة بحديقة فأعطاها اليتيم فبإيثاره الباقي على الفاني جوزي في الآخرة بما هو من جنس فعله. (حم د ت)(3) عن جابر بن سمرة) ورواه الطيالسي أيضاً.

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 411)، والطبراني في الأوسط (5686)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (9/ 294)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4270): ضعيف جداً.

(2)

انظر: الإصابة (1/ 386).

(3)

أخرجه أحمد (5/ 90) ومسلم (965) وأبو داود (3178) والترمذي (1013) والطيالسي (760).

ص: 235

6397 -

"كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة، يقول: يا ربِّ هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه". (خد) عن ابن عمر (صح) ".

(كم من جار) تقدم تحقيق القدر الذي يعد جواراً. (متعلق بجاره يوم القيامة) تعلق الغريم بغريمه والخصم بخصمه. (يقول) شاكياً على ربه. (يا رب هذا أغلق بابه دوني) لئلا أنال منه خيراً. (فمنع معروفه)[3/ 256] أي وأنصفه الله منه إذ هو محل الترهيب وحذف للعلم به، فيه تأكيد عظيم لرعاية حق الجار والحث على مواساته وتغليق الباب كناية عن عدم خروج خير منه إليه. (خد)(1) عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته، ورواه أبو الشيخ والديلمي والأصبهاني وضعفه المنذري.

6398 -

"كم من عاقل عقل عن الله أمره، وهو حقير عند الناس ذميمٍ لمنظر، ينجو غداً، وكم من ظريف اللسان جميل المنظر عظيم الشأن هالك غداً يوم القيامة". (هب) عن ابن عمر (ض) ".

(كم من عاقل عقل عن الله أمره) فهمه وعرفه وعمل بما عرف. (وهو حقير عند الناس) لا يرون له قدراً ولا يعدونه عندهم كاملاً. (ذميم المنظر، ينجو غداً) بما عقله من أمر الله سبحانه، وفيه أنه لا اعتداد بحسن المنظر والمعرفة عند الناس فإن الله لا ينظر إلا إلى القلوب. (وكم من ظريف اللسان) حاذق في حديثه. (جميل المنظر عظيم الشأن) عند الناس لرئاسته وحذاقته بالكلام هو. (هالك غداً في القيامة) لسوء فعله، فليست النجاة في حسن المنظر والحذاقة بالكلام والعظمة عند الأنام، بل بالإدراك عن الله ومعرفة ما أمر به ونهى والعمل على مقتضى ذلك. (هب)(2) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه من حديث

(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (111)، وهناد في الزهد (1045)، والديلمي (4914)، وانظر الترغيب والترهيب (3/ 244)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4268).

(2)

أخرجه البيهقي في الشعب (4650)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 313)، وقال الألباني في ضعيف =

ص: 236

نهشل بن عباد عن عباد بن كثير عن عبد الله بن دينار، قال البيهقي: عقيب إخراجه: تفرد به نهشل بن عباد انتهى، قال الذهبي: قال ابن راهويه نهشل (1) هذا كان كذاباً وعباد قال البخاري: تركوه، وعبد الله بن دينار، قال الذهبي: ليس بالقوي.

6399 -

"كم ممن أصابه السلاح ليس بشهيد ولا حميد، وكم ممن قد مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق شهيد". (حل) عن أبي ذر".

(كم ممن أصابه السلاح) في الجهاد. (ليس بشهيد) عند الله (ولا حميد) محمود في جهاده لأن الأعمال بالنيات لا بالإصابات. (وكم ممن قد مات على فراشه) في غير معركة. (حتف أنفه) قال في الفردوس: قال أبو عبيد: يقال مات حتف أنفه إذا مات على فراشه، وقال غيره قيل له ذلك لأن نفسه تخرج بنفسه من فيه وأنفه، فأطلق أحد الاسمين على الآخر لتجاوزهما. (عند الله) وفي حكمه. (صديق شهيد) باعتبار نيته وعمله، وسبب الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم "من تعدون الشهيد؟ قالوا: من أصابه السلاح

" فذكره، وعلى نحوه ترجم البخاري: باب لا يقال فلان شهيد أي على سبيل القطع والجزم إلا أن يكون بالوحي، والمراد من الحديث النهي عن تعيين أحد بعينه لوصف الشهادة بل يجوز أن يقال ذلك بطريق الإجمال. (حل)(2) عن أبي ذر) سكت المصنف عليه، وقد أورده أبو نعيم من رواية عبد الله بن خبيق بمعجمة فموحدة آخره قاف مصغراً عن يوسف بن أسباط، ثم قال: غريب بهذا الإسناد واللفظ لم نكتبه إلا من رواية يوسف انتهى، ويوسف بن أسباط أورده الذهبي في الضعفاء (3)، وقال:

= الجامع (4271)، والضعيفة (4118): موضوع.

(1)

انظر المغني (2/ 702).

(2)

أخرجه أبو نعيم (8/ 251)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4273)، والضعيفة (4122).

(3)

انظر المغني (2/ 761).

ص: 237

وثقه يحيى، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن حجر (1): في إسناده نظر وأعله بما ذكر.

6400 -

"كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة، أو مثلها من تمر". (عق) عن ابن عمر".

(كم من حوراء عيناء) بيضاء واسعة العين أعدت للمؤمن في الجنة. (وما كان مهرها) في الدنيا. (إلا) شيئاً حقيراً. (قبضة من حنطة) تصدق بها. (ومثلها من تمر) هي بمعنى أوقية فضل الصدقة، وأن لا يحتقر شيئاً منها. (عق)(2) عن ابن عمر) سكت المصنف عليه، وقد قال مخرجه بعد أن ساقه من حديث أبان بن المحبر: لا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو دونه انتهى، وفي الميزان: حديث باطل، قال الأزدي: أبان متروك الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه، ومن ثمة أورده ابن الجوزي في الموضوعات، وأقره عليه المؤلف في مختصرها ولم يتعقبه.

6401 -

"كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، ومنتظر غدا لا يبلغه". (فر) عن ابن عمر (ض) ".

(كم من مستقبل يوماً) راجياً لاستقباله. (لا يستكمله) بل تأتيه فيه منيته. (ومنتظر غداً لا يبلغه) قال إمام الحرمين: الدنيا ثلاثة أنفاس: نفس مضى عملت فيه ما عملت، ونفس أنت فيه، ونفس لا تدري أتدركه أم لا؟ إذ كم من متنفس نفساً ففاجأه الموت قبل النفس الآخر، فلست بمالك إلا نفساً واحداً لا يوماً ولا ساعة فبادر في هذا النفس إلى الطاعة قبل الفوت وإلى التوبة قبل الموت ولا

(1) انظر: فتح الباري (6/ 90).

(2)

أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 42)، وابن حبان في المجروحين (1/ 98)، وانظر الميزان (1/ 129)، والموضوعات (2/ 221)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4269)، وقال في الضعيفة (571): موضوع.

ص: 238

تهتم [3/ 257] بالرزق فلعلك لا تبقى حتى تحتاج إليه فيكون وقتك ضائعاً، والهم فضلاً. (فر)(1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه لأن فيه عون بن عبد الله أورده في اللسان (2) ونقل عن الدارقطني ما يفيد ضعفه.

6402 -

"كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام". (حم ق ت هـ) عن أبي موسى (صح) ".

(كَمُل) مثلث الميم إلا أن الكسر ضعيف والكمال التباهي والتمام (من الرجال كثير) في الدين إذ هو الكمال الحقيقي، ويقال كمال المرء في سنة العلم والحق والعدل والصواب والصدق والأدب، والكمال في هذه الخلال موجود في كثير من الرجال بفضل العقول وتفاوتها (ولم يكمل من النساء إلا آسية) بنت مزاحم وقيل: من القبط، قيل ابنة عم فرعون، وقيل من بني إسرائيل من سبط موسى، وقيل: عمة موسى (امرأة فرعون ومريم بنت عمران) تمسك به من زعم نبوة مريم بنت عمران وآسية لأن كمال البشر إنما هو في مقام النبوة، ورُدَّ بأن الكمال في شيء ما يكون حصوله للكامل أولى من غيره، وليست النبوة أولى للنساء لبنائها على الظهور للدعوة وحالهن الاستتار والكمال في حقهن الصديقية وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما فقد ثبت أن فاطمة رضي الله عنها أكمل النساء على الإطلاق (وإن فضل عائشة على النساء) نساء هذه الأمة ما عدا فاطمة رضي الله عنها (كفضل الثريد) بالمثلثة (على سائر الطعام) قال الشارح: لا تصريح فيه بأفضلية عائشة على غيرها؛ لأن فضل الثريد على غيره إنما هو لسهولة مساغه ويسر تناوله وكان يومئذ جلّ طعامهم. (حم ق

(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (4913)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4272)، والضعيفة (4121).

(2)

انظر لسان الميزان (4/ 387).

ص: 239

ت هـ) (1) عن أبي موسى) ورواه عنه النسائي أيضاً.

6403 -

"كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". (خ) عن ابن عمر، زاد (حم ت هـ)"وعد نفسك من أصحاب القبور". (صح) ".

(كن في الدنيا كأنك غريب) لا تتخذ وطناً ولا تستعد لغد ولا تستكثر مما يشغله عن قطع مسافة غريبة (أو عابر سبيل) قال الطيبي: الأحسن جعل أو بمعنى بل شبه الناسك السالك بطريق لا مسكن له يأويه، ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر سبيل لأن الغريب قد يسكن في بلد الغربة وابن السبيل بينه وبين مقصده أودية رديئة ومفاوز مهلكة وقطاع وشأنه لا يقيم لحظه ولا يسكن لمحة. (خ) في الرقاق عن ابن عمر، زاد (حم ت هـ)(2)"وعد نفسك من أصحاب القبور" فلا تأخذ من الدنيا شيئاً إلا ما يبلغك الطاعة، إذ عن قريب وأنت من أهل القبور، (عق) عن ابن عمر).

6404 -

"كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب"(هب) عن أبي هريرة (ض) ".

(كن ورعاً) الورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منها، ثم استعير للكف عن المباح والحلال (تكن أعبد الناس) لدوام مراقبتك واشتغالك بأفضل العبادات لظاهرك وباطنك بإيثار مراد الله على مرادك، وهذا كمال العبودية، ولذا قال الحسن: ملاك الدين الورع (وكن قنعاً تكن أشكر الناس)

(1) أخرجه أحمد (4/ 409)، والبخاري (3411، 3433، 3769، 5418)، ومسلم (2431)، والترمذي (1834)، والنسائي (5/ 283) وفي الكبرى (8356)، وابن ماجة (3280).

(2)

أخرجه البخاري (6416) وأحمد (2/ 24) والترمذي (2333) وابن ماجة (4114) والعقيلي (3/ 239).

ص: 240

لأن العبد إذا قنع بما أعطاه الله رضي بما قسم الله له وإذا رضي شكر، والرضى عن الله أعظم الشكر له. (وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً) كامل الإيمان. (وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً) كامل الإِسلام، فإن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وفيه إرادة التفرقة بين الإيمان والإِسلام (وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب) وذلك لأن كثرة الضحك تنشأ عن الفرح بالدنيا والسرور بها، وحياة القلب في عدم الأنس بالدنيا بل في طاعة الله والابتهاج بذكره وإدامة الفكر فيما يرضيه. (هب) (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه من حديث أبي الرَّجاء قال العلائي: أبو الرجاء متكلم فيه، قال الشارح: وأقول: فيه أيضاً برد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء (2).

6405 -

"كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث". ابن سعد عن قتادة مرسلاً".

(كنت أول الناس في الخلق) لأن الله تعالى خلقه نوراً قبل خلق آدم عناية بشأنه وتعظيماً لقدره وأراد بالناس الأنبياء لقوله: (وآخرهم في البعث) فإن آخريته عن الأنبياء لا عن الناس كلهم ويدل حديث "كنت أول النبيين

" يأتي ومن قال: المراد بالخلق التقدير لا الإيجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجوداً فقد تعقب بأنه لو كان ذلك المراد لم يكن لتخصيصه معنى بل ما ذكرناه من اتخاذه نوراً. (ابن سعد (3) عن قتادة [3/ 258] مرسلاً) وقد أخرجه أبو نعيم في الدلائل

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (5750)، والبخاري في الأدب المفرد (252)، والترمذي (2305)، وابن ماجة (4217)، وانظر العلل المتناهية (2/ 706)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4580)، والصحيحة (506).

(2)

انظر: المغني (1/ 101).

(3)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 149)، وابن عدي في الكامل (3/ 49)، وضعفه الألباني في الضعيفة (661).

ص: 241

من حديث سعد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ "كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعثة" وفيه بقية وسعيد بن بشير، بقية مر الكلام فيه غير مرة وسعيد ضعفه ابن معين وغيره.

6406 -

"كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد". (حل) عن ميسرة الفجر، ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء (طب) عن ابن عباس (صح) ".

(كنت نبياً) في عالم الغيب لا يقال إن أريد التقدير فغيره من الأنبياء كذلك وإن أريد البعثة فما هي مراده ضرورة لأنا نقول يجب الإيمان بما أخبر به صلى الله عليه وسلم من غير تفتيش عن الكيفية التي كان عليها، وقيل: المراد أنه تعالى أخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق علي بني آدم قبل إيجاد أجسامهم ذكره ابن العربي: فإن قيل حقيقة آدم من هذا الهيكل المخلوق من طين المنفوخ فيه الروح فمجموع الروح والجسد هو المسمى بآدم فما معنى: (وآدم بين الروح والجسد) فالجواب أنه مجاز عما قيل تمام خلقته قريباً منه، كما يقال فلان بين الصحة والمرض أي حالة تقرب منهما. (ابن سعد حل) عن ميسرة الفجر) (1) له صحبة من أعراب البصرة والفجر بالفاء والجيم، (ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء (طب) (2) عن ابن عباس) قيل: يا رسول الله متى كنت نبياً؟ فذكره، رمز المصنف لصحته قال الطبراني: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد وفيه قيس بن الربيع قال الذهبي: تابعي له حديث منكر، وأخرجه الترمذي في العلل

(1) الإصابة (6/ 239).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 53) والبخاري في التاريخ (1606) وأحمد (5/ 59) والحاكم (2/ 665) والقاضي أبو طالب في علل الترمذي (1/ 368) وأخرجه الطبراني في الكبير (12/ 92)(12571) عن ابن عباس وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 223) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4581).

ص: 242

وقال إنه سأل البخاري عنه فلم يعرفه، وقال أبو عيسى: وهو غريب، وأخرجه البخاري في تاريخه، وأحمد وابن السكن والبغوي عن ميسرة أيضاً وأخرجه عنه الحاكم بلفظ:"قلت: يا رسول اللَّه، متى كنت نبياً؟ قال: "وآدم بين الروح والجسد

" وقال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي، والمصنف رمز بالصحة على الطبراني وأخرجه أحمد أيضاً، قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح.

6407 -

"كنت بين شر جارين: بين أبي لهب وعقبة بن معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحونه على بابي". ابن سعد عن عائشة (ض) ".

(كنت) في مكة. (بين شر جارين) في جوارهما وفي غيره (بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط)، فإنهما كانا أشد الناس إيذاء له صلى الله عليه وسلم كما أبانه (إن كانا ليأتيان بالفروث) جمع فرث وهو معروف (فيطرحانه على بابي) إيذاء له وفيه أن من سوء الجوار طرح الكناسة بباب الجار (حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحونه) من الأذى كالغائط والدم (فيطرحونه على بابي) تناهياً في إيصال الأذية إليه صلى الله عليه وسلم وفيه الإخبار بتحمل أذى الجار وأن عاقبة ذلك الخير للصابر والنار لسيء الجوار وفائدة الإخبار التحذير من سوء الجوار وأن منه إلقاء ما ذكر بباب الجار (ابن سعد (1) عن عائشة) رمز المصنف لضعفه.

6408 -

"كنت من أقل الناس في الجماع حتى أنزل الله علي الكفيت، فما أريده من ساعة إلا وجدته وهو قدر فيه لحم". ابن سعد عن محمَّد بن إبراهيم مرسلاً وعن صالح بن كيسان مرسلاً".

(كنت من أقل الناس في الجماع حتى أنزل الله علي الكفيت) بفتح الكاف

(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 201)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4277)، والضعيفة (4151): موضوع.

ص: 243

وسكون الفاء وفتح المثناة بضبط المصنف بخطه، ولم يؤرخ زمان إنزاله عليه هل في المدينة أو في مكة؟ (فما أريده من ساعة إلا وجدته) كأنه باقٍ لديه أو ينزل عليه إذا أراده، ويحتمل ما أريد الجماع إلا وجدت القدرة عليه. (وهو قدر فيه لحم) هذا بيان المراد منه وهو يرد على من زعم أن المراد ما أكفت به معيشتي أي أضم وأصلح، قال ابن سيد الناس: وكثرة الجماع محمودة عند العرب إذ هو دليل الكمال وصحة الذكورية ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة والتمدح به سيرة مرضية. (ابن سعد (1) عن محمَّد بن إبراهيم مرسلاً وعن صالح بن كيسان مرسلاً) قال الذهبي (2): كان جامعاً بين الفقه والحديث والمروءة.

6409 -

"كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير ألا تشربوا مسكرا". (م) عن بريدة (صح) ".

(كنت نهيتكم عن الأشربة) جمع شراب وهو كل مائع رقيق يشرب ولا يتأتى به المضغ حلالاً كان أو حراماً قاله ابن الكمال (إلا في ظروف الأدم) فإنها جلد رقيق لا يجعل الماء حارا فلا يصير مسكراً وأما الآن. (فاشربوا في كل وعاء) غير الأدم. (غير ألا تشربوا مسكراً) فهو نسخ للنهي عن الانتباذ في الأسقية (م)(3) عن بريدة) ولم يخرجه البخاري.

6410 -

"كنت نهيتكم عن الأوعية، فانبُذُوا، واجتنبوا كل مسكر"(هـ) عن بريدة".

(كنت نهيتكم عن الأوعية) أي عن التنبيذ [3/ 259] فيها. (فانبُذُوا) في أي وعاء كان (واجتنبوا كل مسكر) وهذا نسخ صريح للنهي عن الانتباذ في النقير

(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 192)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4278)، والضعيفة (6124): موضوع.

(2)

انظر: سير أعلام النبلاء (5/ 454)، وتذكرة الحفاظ (1/ 148 - 149).

(3)

أخرجه مسلم (977).

ص: 244

والمزفت. (هـ)(1) عن بريدة).

6411 -

"كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ليتسع ذوو الطول على من لا طول له، فكلوا ما بدا لكم، وأطعموا وادخروا"(ت) عن بريحة".

(كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي) نهي تحريم أو تنزيه عن إدخارها (فوق ثلاث) من الأيام ابتداؤها من يوم النحر أو من يوم الذبح وأوجبت عليكم التصدق بها (ليتسع ذوو الطول) ليوسع أصحاب الغنى (على من لا طول له) من لا سعة له .. (فكلوا ما بدا لكم) أي مدة أردتم. (وأطعموا) غيركم. (وادخروا) فإنه لم يبق تحريم ولا كراهة، قال القرطبي (2): هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الرافعة للمنع لم تبلغ من استمر على النهي كعلي وعمر وابنه لأنها أخبار أحاد لا متواترة وما هو كذلك يصح أن يبلغ بعض الناس دون بعض، قال النووي (3): هذا من نسخ السنة بالسنة. (ت)(4) عن بريدة).

6412 -

"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروا القبور، فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة". (هـ) عن ابن مسعود (صح) ".

(كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لحدثان عهدكم بالكفر والشرك وأما الآن حيث استحكم الإِسلام وصرتم أهل يقين وتقوى (فزوروا القبورة فإنها) أي زيارتها ورؤيتها (تزهد في الدنيا) لأنه يذكر حال من نزلها من المترفين والأغنياء وغيرهم فتقل في عينه الدنيا (وتذكر الآخرة) لأنها أول منازلها وفيه ابتداء الإثابة أو العقوبة، قال ابن تيمية (5): قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي عنها وعلله

(1) أخرجه ابن ماجة (3405)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4583).

(2)

شرح صحيح مسلم (13/ 129).

(3)

المفهم (3/ 442).

(4)

أخرجه الترمذي (1510)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4585).

(5)

مجموع الفتاوى (24/ 333).

ص: 245

بأنها تذكر الموت والدار الآخرة وأذن إذناً عاماً في زيارة قبر المسلم والكافر، والسبب الذي ورد عليه الخبر يوجب دخول الكافر والعلة موجودة في ذلك كله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور البقيع والشهداء بالدعاء والاستغفار وهذا المعنى يختص بالمسلمين (هـ)(1) عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته، قال المنذري: إسناده صحيح.

6413 -

"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها؛ فإنها تُرِق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا هجراً". (ك) عن أنس" (صح).

(كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لأنهم كانوا يزورونها أيام الجاهلية على وجوه قبيحة فنهى عن زيارتها وهو شامل للرجال والنساء في الأظهر، وإن كان ضمير:"نهيتكم" خاصاً بالذكور (ألا فزوروها) أمر ندب أو إباحة (فإنها تُرِق القلب) بضم حرف المضارعة بما تحدثه بذكر حال الموتى ورقة القلب مرادة لله تعالى. (وتدمع العين) وذلك مطلوب إذا كان فيه رجوع إلى الله تعالى. (وتذكر الآخرة) وذكرها مطلوب لله إذا كان ذكراً يثمر إقبالاً عليها وعزوماً عن الدنيا (ولا تقولوا) عند الزيارة (هُجراً) بضم الهاء أي قبيحاً وفحشاً، قال السبكي: متى كانت الزيارة بهذا القصد لا يشرع فيها قصد قبر بعينه سواء فيه المسلم والكافر، قال النووي (2): وبالجواز قطع الجمهور، وقال صاحب الحاوي: لا يجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط انتهى ولا يشد الرحال إليها وعليه يحمل ما في شرح مسلم من منع شد الرحال لزيارة القبور وكذا لقصد التبرك إلا لزيارة الأنبياء صلوات الله عليهم. (ك)(3) عن أنس) رمز المصنف لصحته، وقال ابن حجر: سنده

(1) أخرجه ابن ماجة (1571)، وانظر الترغيب والترهيب (4/ 189)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4279).

(2)

شرح مسلم (7/ 45).

(3)

أخرجه الحاكم (1/ 532)، وانظر التلخيص الحبير (2/ 137)، وصححه الألباني في صحيح =

ص: 246

ضعيف.

6414 -

"كنس المساجد مهور الحور العين" ابن الجوزي عن أنس (ض) ".

(كنس المساجد) بإزالة القمامة منها وهو شامل لكل مسجد. (مهور الحور العين) قيل: بكل كنسة يجعل الله له حوراء إذا فعله محتسباً لا بأجرة كما هو المتعارف الآن. (ابن الجوزي (1) في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه عبد الواحد بن زيد متروك وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وحكم بوضعه، وقال: فيه مجاهيل.

6415 -

"كونوا في الدنيا أضيافاً، واتخذوا المساجد بيوتاً، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا التفكر والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء، وتبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون". الحسن بن سفيان (حل) عن الحكم بن عمير (ض) ".

(كونوا في الدنيا أضيافاً) أي اقنعوا منها بما يقنع الضيف فإنه ينزل في دار مضيفه قانعاً بما يأتيه به غير طامع في طول الإقامة لديه ولا آخذ من ماله ذخراً معترفاً له بالإكرام فالإنسان ضيف الله في داره ينبغي له أن لا يعد الدنيا مسكناً ولا يتخذها وطناً ولا تطمع في البقاء فيها (واتخذوا المساجد بيوتاً) فيها تسكنون لطاعة الله وتأنسون فيها بذكره ولا تهجروها وتخلوها عن السكون والإحياء. (وعودوا قلوبكم الرقة) اجعلوها عادة لها عند ذكر الله ووعده ووعيده [3/ 260] فلا تغافلوها وتعودوها الغفلة فإن القلب ما عوده اعتاده. (وأكثروا التفكر) في المعاد وفي المخلوقات وما في السماوات والأرض من الآيات فإن

= الجامع (4584).

(1)

أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 401)، وانظر كذلك الموضوعات (3/ 215)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4280)، والضعيفة (4147): موضوع.

ص: 247

الفكرة تزيد في الإيمان. (وأكثروا في البكاء) من خشية الله. (ولا تختلفن بكم الأهواء) أهواء الدنيا فتعطفكم عن الله أو أهواء البدع في الدين فتضلوا. (وتبنون ما لا تسكنون) جملة استئنافية أي أنتم تعدون ما تنتفعون به. (وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون) فتذهبون الأعمار في ما لا ينفعكم في هذه الدار ولا في دار القرار، وليست هذه صفات من كمل عقله فضلاً عمن كمل إيمانه. (الحسن بن سفيان (حل)(1) عن الحكم بن عمير) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه عندهم الجميع بقية وموسى بن حبيب، قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم.

6416 -

"كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواة"(حل) عن ابن مسعود (ض) ".

(كونوا للعلم) من كتاب وسنة. (رعاة) بالراء جمع راع كما في الفردوس وفي غيره بالواو، والمراد ارعوه بالعمل به. (ولا تكونوا له رواة) فقط فإنه لا ينفعكم روايته إذا فاتتكم رعايته، وتمام الحديث عند مخرجه أبي نعيم فقد يرعوي من لا يروي وقد يروي من لا يرعوي، إنكم لم تكونوا عالمين حتى تكونوا بما علمتم عاملين، وما كان يحسن حذفه وإن كان جائزاً. (حل)(2) عن ابن مسعود) رمز المصنف لضعفه.

6417 -

"كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا أمراً بالمعروف، أو نهياً عن المنكر، أو ذكلرا لله عز وجل". (ت هـ ك هب) عن أم حبيبة (صح) ".

(كلام ابن آدم) وبنت آدم (كله عليه) وزره (لا له) نفعه زاده تأكيداً والمراد الكلام الذي لا يحتاج إليه وإلا فهو مباح كطلب إعراضه بالألفاظ أو واجب كسؤاله عن أمور دينه. (إلا أمراً بالمعروف) إرشاد إلى المعروف. (أو نهياً عن

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 358)، والقضاعي في مسند الشهاب (731)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4281)، وقال في الضعيفة (1179): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 262)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4282): ضعيف جدًا.

ص: 248

المنكر، أو ذكراً لله عز وجل والحديث مأخوذ من الآية {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء: 114] الآية وفيه التحذير عن إطلاق اللسان بالكلام. (ت هـ ك هب)(1) عن أم حبيبة) رمز المصنف لصحته وقال الترمذي: غريب.

6418 -

"كلام أهل السماوات: لا حول ولا قوة إلا بالله". (خط) عن أنس".

(كلام أهل السماوات) من الملائكة (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي ذكرهم هو بهذا اللفظ الذي هو كنز من كنوز الجنة، وتقدم تفسير هذه الكلمة في حديث مرفوع وهي كلمة التفويض إلى الله وإرجاع الأمر كله إليه وفي اعتماد الملائكة لها إبانة لشرفها وفضلها، وأنه ينبغي اعتماد العباد عليها والمراد أنها ذكر أكثر الملائكة أو طائفة منهم مخصوصة وإلا فلهم أذكار أخرى. (خط) (2) عن أنس) سكت عليه المصنف وفيه أحمد بن محمَّد بن عمران قال الذهبي في الضعفاء: ضعيف معروف، وداود بن صغير قال الدارقطني وغيره: منكر الحديث، ومن ثمة عده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح.

6419 -

"كلامي لا ينسخ كلام الله، وكلام الله ينسخ كلامي، كلام الله ينسخ بعضه بعضاً". (عد قط) عن جابر (ض) ".

(كلامي لا ينسخ كلام الله) لا يرفع ما ثبت من أحكامه. (وكلام الله ينسخ كلامي) يرفع حكمه وفيه دليل لمن ذهب من الأصوليين إلى أن القرآن لا ينسخ بالسنة أي الأحكام التي اشتمل عليها لأن لفظ السنة غير متعبد بتلاوته حتى

(1) أخرجه الترمذي (2412)، وابن ماجة (3974)، والحاكم (2/ 557)، والبيهقي في الشعب (4954)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4283)، والضعيفة (1366).

(2)

أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 333)، وانظر العلل المتناهية (1/ 47)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4284)، والضعيفة (4123).

ص: 249

يقال إنه ينسخ لفظه بخلاف كلام الله فإنه ينسخ تارة لفظه ومعناه وتارة حكمه دون لفظه وهو الكثير وتارة لفظه دون حكمه كآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله) كما عرف في موضعه. (وكلام الله ينسخ بعضه بعضاً) قال الجلال: إنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن في كتابه الناسخ والمنسوخ. (عد قط)(1) عن جابر) رمز المصنف لضعفه، قال الذهبي: فيه جبرون بن واقد الأفريقي متهم فإنه روى بقلة حيائه هذا الحديث، وقال الفريابي: في مختصر الدارقطني: فيه جبرون غير ثقة وعنه داود بن محمَّد القنطري أتى بحديثين باطلين قاله الذهبي: وقال ابن الجوزي في العلل: قال ابن عدي: هذا حديث منكر، وقال في الميزان: تفرد به القنطري وهو موضوع، قال الشارح: وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لابن عدي وحذفه ما أعله به غير مرضي.

قلت: قد اطردت قاعدته في الاكتفاء بالإشارة والرمز.

6420 -

"كيف أنتم إذا كنتم من دينكم في مثل القمر ليلة البدر لا ببصره منكم إلا البصير؟ ". ابن عساكر عن أبي هريرة".

(كيف بكم) أي كيف الحال بكم. (إذا كنتم من دينكم) من أمره ودلائله وقوته ووضوح شأنه وإنارة برهانه. (في مثل القمر ليلة [3/ 261] البدر) ليلة رابع عشر وهي ليلة سلطان القمر وظهور إنارته ونوره وكماله. (لا يبصره) أي القمر. (منكم إلا البصير) دون الأعمى والمعشي إذا ظهر أمر الدين غاية الظهور كيف يكون حالكم عند ذلك؟ أتشكرون هذه النعمة وتعاملونها بما هي أهله من الطاعة؟ أو تكونون على حال غير هذا؟ وهو استفهام خرج مخرج

(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 180)، والدارقطني (4/ 145)، وانظر العلل المتناهية (1/ 132)، والميزان (2/ 111)، والمغني في الضعفاء للذهبي (1/ 127)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (4285): موضوع.

ص: 250

البشرى والإخبار بأنه سيظهر أمر الدين في الآفاق ظهور البدر في الإنارة والإشراق مع ارتفاع شأنه وعلو مكانه وعزة أعوانه وذهاب سلطان شيطانه. (ابن عساكر (1) عن أبي هريرة) سكت المصنف عليه وقد تعقبه مخرجه ابن عساكر فإنه خرجه في ترجمة صدقة الخرساني، ثم قال: صدقة ضعفه أحمد والنسائي، ووثقه أبو زرعة انتهى، وفي الضعفاء (2) للذهبي لا يجوز الاحتجاج به.

6421 -

"كيف أنتم إذا جارت عليكم الولاة؟ "(طب) عن عبد الله بن بسر (ح) ".

(كيف أنتم إذا جارت عليكم الولاة؟) أي كيف حالكم وصبركم على وقت جور الولاة عليكم أتقاتلون أم تصبرون على جورهم واستئثارهم عليكم؟ وهو استفهام يفيد معناه الإخبار بأنه لا بد من ولاة الجور وقد أمرهم في عدة أحاديث بترك القتال ما أقاموا الصلاة (طب)(3) عن عبد الله بن بسر) رمز المصنف لحسنه، قال الشارح: وليس كما قال ففيه عمر بن بلال الحمصي مولى بني أمية (4) قال الهيثمي: جهله ابن عدي، قال في الميزان: قال ابن عدي: غير معروف ولا حديثه محفوظ وأشار إلى هذا الحديث.

6422 -

"كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ "(ق) عن أبي

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 37)، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (1/ 113)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4290).

(2)

انظر المغني (1/ 308).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (4908)، والبخاري في التاريخ (1971)، والكامل لابن عدي (5/ 56) انظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 237)، والميزان (5/ 222)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4289)، والضعيفة (2594).

(4)

انظر: المغني (2/ 463).

ص: 251

هريرة" (صح).

(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم) آخر الزمان (وإمامكم منكم؟) الخطاب لقريش، والمراد والخليفة قرشي أو إمام صلاتكم كما في مسلم أنه يقال له: صل بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة، وقال الطيبي: معناه يؤمكم عيسى حال كونه على دينكم وصحح التفتازاني أنه يؤمهم ويقتدي به المهدي لأنه أفضل فإمامته أولى، والحديث استفهام عن حال من يكونون أحياء عند نزول عيسى كيف يكون سرورهم بلقاء هذا النبي الكريم، وكيف يكون فخر هذه الأمة وعيسى روح الله يصلي وراء إمامهم، قيل: وذلك لا يلزم منه انفصال عيسى عن الرسالة لأن جميع الرسل بعثوا إلى الدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل والنهي عما خالف ذلك من جزيئات الأحكام بسبب تفاوت الأعصار في المصالح من حيث أن كل واحدة منها حق بالإضافة إلى زمانها يراعى فيها صلاح من خوطب به، فإذا نزل المتقدم في أيام المتأخر نزل على وقفة، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:"لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي"(ق)(1) عن أبي هريرة) ورواه أحمد أيضاً.

6423 -

"كيف أنت يا عويمر إذا قيل لك يوم القيامة: أعلمت أجهلت؟ فإن قلت: "علمت" قيل لك: فماذا عملت؟ وإن قلت: "جهلت" قيل لك: فما كان عذرك فيما جهلت؟ ألا تعلمت" ابن عساكر عن أبي الدرداء".

(كيف بك يا عويمر) بتصغير عامر اسم أبي الدرداء المخاطب بهذا (إذا قيل لك يوم القيامة؟) من قبل الله تعالى أي على أي حال يكون وقت السؤال عن العلم والعمل به والجهل وعدم التعلم أي ماذا يكون جوابك (أعلمت أم

(1) أخرجه البخاري (3449)، ومسلم (155)، وأحمد (2/ 336).

ص: 252

جهلت؟) استفهام تقريع وتوبيخ وتدرج إلى ما بعده (فإن قلت: "علمت" قيل لك: فماذا عملت فيما علمت؟) سؤال عن ثمرة العلم وفائدته ونتيجته (وإن قلت: "جهلت" قيل لك: فما كان عذرك فيما جهلت؟) أي في جهلك (ألا تعلمت) فالعبد إن اتصف بالعلم سأل عن العمل وإن لم يتصف به وبقي على جهله سئل عن وجه تركه العلم وتعلمه فلا ينجو إلا بالعلم والعمل (ابن عساكر (1) عن أبي الدرداء).

6424 -

"كيف بكم إذا كنتم من دينكم كرؤية الهلال". ابن عساكر عن أبي هريرة".

(كيف بكم) كيف بحالكم، يقال كيف بك إذا كان كذا وكيف أنت، والباء متعلقة بالظرف. (إذا كنتم من دينكم كرؤية الهلال) أي إذا عم الجهل وفقد العلم وغلب الشر وقيل الخير ولا يدرك أحكام الدين والتفاعلية إلا أفراد كما أنه لا يرى الهلال لخفائه إلا أفراد أي التفاوت على ذلك، أو تابعون من الجهل ويقتلون على الاجتهاد في طلب الحق وهو إعلام بأنه سيعم الجهل ويتقاصر العلم، وتخفى الأمور الدينية. (ابن عساكر (2) عن أبي هريرة).

6425 -

"كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟ ". (هـ هب) عن جابر".

(كيف يقدس الله أمة) أي على أي حال تعظم أمة التقدس مأخوذ من قدس في الأرض إذا ذهب فيها وأبعد، ويقال قدسه إذا طهره لأن مطهر الشيء يبعده

(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 181)، والحارث بن أبي أسامة كما في زوائد الهيثمي (1124)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4288)، والضعيفة (4157).

(2)

أخرجه ابن عساكر (62/ 41) في تاريخ دمشق، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4294)، والضعيفة (2593).

ص: 253

عن الأقذار أي أمة. (لا يؤخذ من شديدهم)[3/ 262] ذي رئاستهم وكبير عشيرتهم. (لضعيفهم؟) والاستفهام منه إنكار وتعجب معناه: أخبروني كيف يظهر الله قوماً لا ينصرون الضعيف العاجز على القوي الظالم مع تمكنهم من ذلك أي لا يظهرهم أبداً. (هـ حب)(1) عن جابر).

6426 -

"كيف يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من قويها، وهو غير متعتع؟ ". (ع هق) عن بريدة (صح) ".

(كيف يقدس الله) على أي صفة يكون تقديس (أمة لا يأخذ ضعيفها حقه) أي ما يجب له عليه (من قويها) سلطانه وماله وأعوانه (وهو غير متعتع) بفتح التاء أي من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه أي من أين تستحق التقديس أمة هذا شأنها يضطهد الضعيف ولا ينكر ذلك، وفيه دليل أن الأمة تعاقب كلها إن اهتضم فيها الضعيف وترك الإنكار عليه أخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال:"إن ذنب أيوب الذي ابتلي به أنه استعان به مسكين على ظالم فلم يعنه"(2) وضمير هو للقوي أي بأخذه الضعيف حقه منه من غير إزعاجه وإقلاقه لأنه لا يمكنه ذلك بل يأخذه منه كما يأخذ المستفضل بلطف وبرفق كأنه يعطيه صدقة منه وذلك لخوفه من القوي إن طلب منه بعنف وإلا فإن لصاحب الحق مقالاً أي لا يأخذ الحق حال كون القوي غير مقلق ولا مزعج ولا يسلمه من الروعة (ع هق)(3) عن بريدة) قال: لما قدم جعفر من الحبشة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أخبرني

(1) أخرجه ابن ماجة (4010)، والبيهقي في الشعب (11232)، وابن حبان (11/ 443)(5058)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4598).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 60).

(3)

أخرجه أبو يعلى (2003)، والبيهقي في الشعب (11232)، وفي السنن (10/ 94)، وابن أبي عاصم في السنة (رقم 582) راجع للتفصيل: البدر المنير (9/ 543)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (5/ 208)، والميزان (3/ 182)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4597).

ص: 254

بأعجب ما رأيته" قال: مرت امرأة وعلى رأسها مكتل فأصابها فارس فرماه فجعلت تلومه وتقول: ويل لك يوم الملك على كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فذكره، قال الهيثمي بعد عزوه لأبي يعلى: فيه عطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط وبقية رجاله ثقات، وقيل: في رواية البيهقي: عمرو بن قيس عن عطاء أورده الذهبي في المتروكين وقال: تركوه واتهم أي بالوضع، قلت: والمصنف رمز لصحته.

6427 -

"كيف وقد قيل؟ ". (خ) عن عقبة بن الحارث (صح) ".

(كيف) تجتمع بها وتنكحها. (وقد قيل) إنك أخوها من الرضاعة، قاله صلى الله عليه وسلم لعقبة وقد تزوج فأخبرته امرأة أنها أرضعتهما فركب فسأله، قال الشافعي: كأنه لم يرها شهادة فكره له المقام معها تورعا فأمر بفراقها لا من طريق الحكم بل الورع، لأن شهادة المرضعة على فعلها لا يقبل عند الجمهور، وأخذ أحمد بظاهر الخبر فقبلها، واعلم أن الحديث حث على مقام التورع وترك التهم (خ)(1) عن عقبة بن الحارث) ولما قال له صلى الله عليه وسلم بذلك طلقها ونكحت غيره.

6428 -

"كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه"(حم خ) عن المقدم بن معد يكرب (تخ هـ) عن عبد الله بن بسر (حم هـ) عن أبي أيوب (طب) عن أبي الدرداء (صح) ".

(كيلوا طعامكم) عند إخراجه ليطحن أو عند إحرازه أو عندهما وحال كونه طحيناً وإن كان معلوماً قدره (يبارك لكم فيه) فإن الله جعل البركة مع كيله، قال ابن الجوزي وغيره: وهذه البركة يحتمل كونها للتسمية عليه وكونها لما بورك في مد أهل المدينة ولا ينافيه خبر عائشة أنها كانت تخرج قوتها بغير قيل فبورك لها فيه فلما كالته فنى، قيل: لأن هذا في طعام يشترى أو يخرجه من مخزنه فبركته بكيله لإقامة القسط والعدل وعائشة كالته احتقاراً كذا قيل والأحسن أن

(1) أخرجه البخاري (88).

ص: 255

يقال ذلك مخصوص ببركته صلى الله عليه وسلم (حم خ) عن المقدم بن معد يكرب (تخ هـ) عن عبد الله بن بسر (حم هـ) عن أبي الدرداء (طب)(1) عن أبي أيوب).

6429 -

"كيلوا طعامكم؛ فإن البركة في الطعام المكيل". ابن النجار عن علي (صحيح المتن) ".

(كيلوا طعامكم؛ فإن البركة في الطعام المكيل) خاصة من الله لحكمة نجهلها في الحقيقة وإن علل بشيء فتخمينا كما قيل: إنه إذا أخرجه جزافاً قد ينقص عن كفاية عياله فيتضررون أو يزيد فلا يعرف ما يدخر لتمام السنة وهذه الأحاديث دالة على أن طلب البركة في الطعام محبوب لله تعالى. (ابن النجار (2) عن علي) في هامش ما قُوبل على خط المصنف صحيح المتن ورواه القضاعي وغيره، قال بعضهم: حسن غريب.

(1) أخرجه أحمد (4/ 131)، والبخاري (2021) عن المقداد بن معد يكرب، وأخرجه البخاري في التاريخ (449)، وابن ماجة (2231) عن عبد الله بن بسر، وأخرجه أحمد (5/ 414) عن أبي الدرداء، وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 272)(643) عن أبي أيوب.

(2)

انظر فيض القدير (5/ 60)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4599).

ص: 256