المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌حقيقة التوبة وضرورتها

- ‌ضرورة التوبة:

- ‌باب التوبة مفتوح

- ‌التسويف في التوبة

- ‌شروط التوبة

- ‌أولاً: الإخلاص في التوبة:

- ‌ثانيًا: الإقلاع عن المعصية:

- ‌ثالثًا: الندم على ما سلف:

- ‌رابعًا: العزم على عدم العودة إلى الذنب:

- ‌خامسًا: عدم الإصرار:

- ‌سادسًا: ملازمة العمل الصالح:

- ‌سابعًا: التوبة وقت القبول:

- ‌التوبة النصوح

- ‌فضائل التوبة

- ‌التوبة سبب الفلاح:

- ‌التوبة تكفِّر السيئات:

- ‌التوبة سبب لنزول الخيرات:

- ‌التوبة سبب لنيل محبة الله تعالى:

- ‌التوبة توجب آثارًا عجيبة للتائب:

- ‌في التوبة إغاظة للشيطان:

- ‌علامات صدق التائب

- ‌وأول هذه العلامات: الإقلاع عن الذنب

- ‌ثانيًا: الندم:

- ‌ثالثًا: أن يكون حاله بعد التوبة أفضل:

- ‌رابعًا: العزم على تدارك ما فات من عبادة وطاعة:

- ‌خامسًا: محبة الله ورسوله والمؤمنين:

- ‌سادسًا: أن يتذكر الموت:

- ‌الطريق إلى التوبة

- ‌الإخلاص لله تعالى وصدق الإقبال عليه:

- ‌الإكثار من ذكر الموت:

- ‌المبادرة إلى محاسبة النفس:

- ‌الابتعاد عن مواطن المعاصي ومفارَقَةُ قرناء السوء:

- ‌أذكار الصباح والمساء

- ‌الاستغفار والتوبة

الفصل: ‌التسويف في التوبة

وعن مغيث بن سمي قال: كان رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي فبينما هو يسير ذات يوم إذ تفكر فيما سلف فقال: اللهم غفرانك. ثلاث مرات، فأدركه الموت على تلك الحالة فغفر اللهُ له.

فيا أيها العاصي ارحم نفسك ولا تكن من الغافلين عن رحمة الغفور الرحيم ..

أخي: أليس من سعادة التوَّابين أنَّ اللهَ تعالى قال: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

أخي: أليس من سعادة التوَّابين أن الله تعالى يفرح بأوبة الراجعين وإقبال المذنبين!

فالتوبة .. التوبة .. وها هو الباب مفتوح وربُّك تعالى يبسط يده بالليل والنهار لقبول التائبين .. وإقالة المذنبين.

* * *

‌التسويف في التوبة

أخي المسلم: إن أعظمَ البلاء الذي يقع على المذنبين (تسويف التوبة! )

يقول: سوف أتوب! سوف أترك الذنوب!

سوف أتوب بعد فترة!

هذا هو حجاب التوبة الذي حجب الخلق عن الرجوع والإنابة إلى الله تعالى!

ص: 10

سوف .. لعلي .. !

أخي: ما أسوأ هذا الحجاب الذي حجب العصاةَ عن التوبة!

قال يحيى بن معاذ رحمه الله: الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل! وعلامة التائب إسبال الدمعة، وحب الخلوة، والمحاسبة للنفس عند كل همة.

أيها المذنب! إلى متى وأنت غارق في المعاصي؟ !

أيها المذنب! إلى متى وأنت معرض عن طريق النجاة؟ !

أيها المذنب! إلى متى وأنت عبدٌ للشيطان؟ !

إلى متى؟ ! إلى متى؟ ! إلى متى؟ !

قدم لنفسك توبةً مرجُوة

قبل الممات وقبلَ حبس الألسُن

بادر بها غلق النفوس فإنها

ذخر وغُنْمٌ للمُنيب المحسن

أخي: كم من عصاة سوَّفوا التوبة فأخذهم الموت على غرة وهم لا يشعرون! فندموا حين لم ينفع الندم! وتدفقت الدموع وكثرت الحسرات حين لا ينفع الحزن والندم!

قال أبو بكر الواسطي رحمه الله: «التأنِّي في كل شيء حسن إلا في ثلاث خصال: عند وقت الصلاة، وعند دفن الميت، والتوبة عند المعصية» .

أيها المذنب! ألك أمان من الموت؟ !

أيها المذنب! هل تعلم متى ستموت؟ !

ص: 11

أيها المذنب! هل أنذر الموت أحدًا؟ ! هل أمهل الموت أحدًا؟ !

كم من مذنب إذا سئل: لماذا لا تتوب؟ !

قال: دعوني أتلذذ بشبابي فإذا كبرت تبت وتفرغت للعبادة!

هذا المغرور وغيره كثيرون غرهم ما هم فيه من الصحة والعافية!

ولكن نسي هؤلاء أن الموت لا يفرِّق بين الصغير والكبير! فكم من صغار وشباب ماتوا! وكم من كبار عمروا وعاشوا!

أخي: أولئك هم الذين عاشوا الأماني الكاذبة!

أفاقوا يوم أن نزل عليهم الموت! وهل ينفع الندم يومها؟ ! {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18].

(من قريب): قال ابن عباس والسُّدي: قبل المرض والموت.

فيا مذنبًا احذر التسويف!

ويا مذنبًا احذر من غفلة لا يوقظك منها إلا ملك الموت!

فإذا النُّفوس تَقَعْقَعَتْ

في ضيقِ حَشْرَجَة الصُّدُور

فهُنَاكَ تعلمُ مُوقنًا

ما كُنتَ في غُرور

ص: 12

يا مذنبًا .. احذر من غفلة تقول بعدها: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} .

فلا يكون لك جوابًا يومها إلا: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .

قال يحيى بن معاذ رحمه الله: (الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها لم يفق إلا في عسكر الموتى نادمًا مع الخاسرين! )

فيا حسرة المذنب يومها! ويا طول ندم العاصي! !

يا أيها العَبْدُ المُسيءُ إلى متى

تُفْنى زمانَكَ في عَسَى ولَرُبَّمَا

بادر إلى مولاك يا مَنْ عُمْرُهُ

قد ضَاعَ في عصيْانهِ وتصَرَّمَا

وقد جاء في بعض الآثار أن أكثرَ صياح أهل النار من التسويف!

فيا أيها المذنب بادر بإطفاء نار المعاصي بالتوبة النَّصُوح .. وإياك من ذر الرماد على نار المعاصي بـ (سوف) ويوم أن ينكشف هذا الرماد ستعلم يومها أنك كنت في غرور وأماني كاذبات! !

فيا أيها العاصي! إذا نزل الموت انكشفت الغشاوة عن العيون وأيقن المذنب أن الوعيد شديد .. فحشرجت الروح! فيا لها من لحظات فاز فيها السعداء وشقي المذنبون! !

أخي المسلم: احذر (سوف) و (سأتوب)؛ فإن "سوف" من أقوى أعوان عدوِّك اللَّدود (الشيطان)، لا يزال يدعوك إلى تأخير

ص: 13