الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(الْحَمد لله) الَّذِي علمنَا من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شَهَادَة تنجي قَائِلهَا يَوْم الْعرض وَأشْهد أَن مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي خصّه بجوامع الْكَلم فِي الْمقَال وَجمع فِيهِ كل خلق وَخلق حسن فَاسْتَوَى على أكمل الْأَحْوَال [صلى الله عليه وسلم] وعَلى آله وَأَصْحَابه الْأَشِدَّاء الرُّحَمَاء الَّذين اشبهوا فِي الْهِدَايَة بهم نُجُوم السَّمَاء وعَلى الْأَئِمَّة الْأَعْلَام والأولياء الْكِرَام (وَبعد) فَأنى لما شرحت فِيمَا مضى الْجَامِع الصَّغِير من حَدِيث البشير النذير كوى قلب الْحَاسِد لما اسْتَوَى فجهد أَن يَأْتِي لَهُ بنظير فَرجع إِلَيْهِ بَصَره خاسئا وَهُوَ حسير فَلَمَّا آنس من نَفسه الْقُصُور وَالتَّقْصِير عمد إِلَى الطعْن فِيهِ بالتطويل وَكَثْرَة القال والقيل فلقطع أَلْسِنَة الحسدة المتعنتين وقصورهم الراغبين وَخَوف انتحال السارقين أَمرنِي بعض المحبين أَن أختصر اللَّفْظ اختصارا وأقتصر فِي الْمعَانِي على مَا يظْهر جهارا فعمدت أختصر وطفقت أقتصر ثمَّ عنّ لي أَنه كَيفَ يَلِيق إهمال هاتيك النكت البديعة اللطيفة والتحقيقات المنيعة الشَّرِيفَة لخوف السارقين والمنتهبين وقصور الأغبياء والمتغنين فَإِن لم ينْتَفع بِهِ الحاسدون والقاصرون فسينتفع بِهِ المنصفون الكاملون وَأَن انتحل مِنْهُ عتاة خائنون فَمن خوان الْكِرَام ينتهبون ولمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ فَرَأَيْت إبْقَاء الأَصْل على حَاله حذرا من إِضَاعَة هاتيك الْبَدَائِع الروائع الَّتِي هِيَ خُلَاصَة أبكار الْعلمَاء وعصارة أنظار الْفُضَلَاء وَأَن يكون هَذَا شرحا ثَانِيًا وجيزا فدونك يَا طَالب الِاخْتِصَار والاقتصار شرحا كَأَنَّهُ سبيكة نضار وَمَعَ ذَلِك فِيهِ طرف من الظّرْف ونبذة من الْأَدَب من وقف عَلَيْهَا وقف وَمَعَ وصفي لَهُ بذلك مَا أبرئه وَلَا نَفسِي من ريب وَلَا أبيعه بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب وَلَا أدّعي فِيهِ كَمَال الاسْتقَامَة وَلَا أَقُول بِأَنَّهُ كَأَصْلِهِ جمع سَلامَة بل أعترف بالقصور وأسأل الله الغفور الْعَفو عَمَّا طَغى بِهِ الْقَلَم فكم جرى بِهَذِهِ السطور فأحرج على من عثر على هفوة أَو كبوة أَن يرقع خرقه ويفتق رتقه
وَيصْلح خلله ويسترز لله فَمن تجنب الْإِنْصَاف وَنظر بِعَين الانحراف وَطلب عَيْبا وجدّ وجد وَمن افْتقدَ زلل أَخِيه بِعَين الرِّضَا فقد فرحم الله امْرأ غلب هَوَاهُ وَعمل بالإنصاف وعذرني فِي خطا كَانَ مني وزلل صدر عني فالكمال محَال لغير ذِي الْجلَال والمرء غير مَعْصُوم وَالنِّسْيَان فِي الْإِنْسَان غير مَعْدُوم (وسميته) التَّيْسِير بشرح الْجَامِع الصَّغِير وَالله سُبْحَانَهُ الْمَسْئُول أَن يَجْعَل مقاساتي فِيهِ كَأَصْلِهِ لوجهه الْكَرِيم ويثيبني عَلَيْهِ بجنات النَّعيم (بِسم الله) أؤلف أَو افْتتح متبرّكا أَو مستعينا (الرَّحْمَن) المتفضل بِإِرَادَة الْخَيْر بِكُل الْخلق (الرَّحِيم) مريده للْمُؤْمِنين (الْحَمد) أَي كل أَفْرَاده أَو ماهيته وَحَقِيقَته وَهُوَ الْوَصْف بالجميل على الْجَمِيل الصَّادِر بِالِاخْتِيَارِ حَقِيقَة أَو حكما على جِهَة التَّعْظِيم (لله) أَي مُخْتَصّ بِهِ فَلَا فَرد مِنْهُ لغيره فَحَمدَ غَيره كالعارية إِذا لكل مِنْهُ وَإِلَيْهِ لِأَنَّهُ مبدأ كل جميل وَالْجُمْلَة لإنشاء الْحَمد وَأَرْدَفَ التَّسْمِيَة بِالْحَمْد اتبَاعا لكتاب الحَدِيث بل لكتاب الْقَدِيم وَإِشَارَة إِلَى أَنه تَعَالَى حيّ قَادر مُرِيد عَالم إِذْ الْحَمد لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا من هُوَ كَذَلِك وامتثالا لحديثي الِابْتِدَاء والتعارض مَدْفُوع بِحمْل الِابْتِدَاء على الْعرفِيّ الممتدّ أَو المُرَاد الِابْتِدَاء بِأَحَدِهِمَا لِأَن الْحكمَيْنِ إِذا تَعَارضا وَلم يعلم سبق وَلَا نسخ يحمل على التَّخْيِير كَمَا قرّر فِي الْأُصُول ذكره الْعَلامَة مرشد الشِّيرَازِيّ (الَّذِي) لِكَثْرَة جوده ورأفته بِنَا (بعث) أرسل (على رَأس) أَي أوّل أَو على (كل مائَة سنة) من المولد النَّبَوِيّ أَو الْبعْثَة أَو الْهِجْرَة (من) أَي مُجْتَهدا وَاحِدًا أَو متعدّدا (يجدّد لهَذِهِ الأمّة) أَي الْجَمَاعَة المحمدية وَالْمرَاد أمّة الْإِجَابَة بِقَرِينَة إِضَافَة الدّين إِلَيْهِم فِي قَوْله (أَمر دينهَا) أَي مَا اندرس من أَحْكَام شريعتها (وَأقَام) نصب وسخر (فِي كل عصر) أَي زمن (من يحوط هَذِه الْملَّة) أَي يتَعَاهَد هَذِه الطَّرِيقَة الإسلامية ويبالغ فِي الِاحْتِيَاط لحفظها (بتشييد أَرْكَانهَا) أَي بإعلاء أعلامها وَأَحْكَام أَحْكَامهَا وَرفع منارها (وتأييد سننها) أَي تقويتها (وتبيينها) للنَّاس أَي توضيحها لَهُم (وَأشْهد) أَي أعلم وَأبين (أَن لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق فِي الْوُجُود (إِلَّا الله وَحده) تَأْكِيد لتوحيد الذَّات (لَا شريك لَهُ) تَأْكِيد لتوحيد الصِّفَات (شَهَادَة يزيح) أَي يزِيل (ظلام الشكوك صبح يقينها) أَي أشهد بِهِ شَهَادَة ثَابِتَة جازمة يزِيل نور اعتقادها ظلمَة كل شكّ وريب فَهُوَ اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ لكَون نطقه بِالشَّهَادَةِ ناشئا عَن جزم قلب (وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا) عطف بَيَان لَا صفة وَلَا بدل اسْم مفعول من التَّحْمِيد وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْحَمد سمى بِهِ لِكَثْرَة خصاله الحميدة (عَبده) قدّمه لِأَن وصف الْعُبُودِيَّة أشرف الْأَوْصَاف (وَرَسُوله) إِلَى كَافَّة الثقلَيْن (الْمَبْعُوث لرفع) أَي لأجل إعلاء (كلمة الْإِسْلَام) وَهِي كلمة التَّوْحِيد (وتشييدها) أَي أَحْكَامهَا وإعلائها وتوثيق عراها (وخفض) أَي وَلأَجل إهانة وإذلال (كلمة الْكفْر) من دَعْوَى الشَّرِيك لله وَنَحْو ذَلِك (وتوهينها) أَي إضعافها وتحقيرها أَي رحمه الله رَحْمَة مقترنة بتعظيم وَسلمهُ من كل آفَة مُنَافِيَة لغاية الْكَمَال وَكلمَة على هُنَا مجرّدة عَن المضرّة كَمَا فِي فتوكل على الله فَلَا يرد أنّ الصَّلَاة بِمَعْنى الدُّعَاء وَإِذا اسْتعْمل الدُّعَاء مَعَ كلمة على كَانَ للمضرّة وَالْجُمْلَة لإنشاء طلب الرَّحْمَة وَالسَّلَام وَإِن كَانَ بِصُورَة الْخَبَر (وعَلى آله) أَي أَقَاربه الْمُؤمنِينَ من بني هَاشم وَالْمطلب أَو أتقياء أمّته قَالَ الْعَلامَة الدوانيّ فِي حَاشِيَة شَرحه لهياكل النُّور آل الشَّخْص مَا يؤل إِلَى ذَلِك الشَّخْص وَآل الْمُصْطَفى من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب النّسَب أَو بِحَسب النِّسْبَة أمّا الأوّل فهم الَّذين حرمت عَلَيْهِم الصَّدَقَة وهم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب
وأمّا الثَّانِي فهم الْعلمَاء إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الصُّورِي أَعنِي علم التشريع والأولياء والحكماء المتألهون إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الْحَقِيقِيّ أَعنِي علم الْحَقِيقَة وكما حرم على الأوّل الصَّدَقَة الصورية حرم على الثَّانِي الصَّدَقَة المعنوية أَعنِي تَقْلِيد الْغَيْر فِي الْعُلُوم والمعارف الإلهية فآل النبيّ من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب نسبه لِحَيَاتِهِ الجسمانية كأولاده النسبية وَمن يحذو حذوهم من أَقَاربه الصورية أَو بِحَسب نسبته لِحَيَاتِهِ الْعَقْلِيَّة كأولاده الروحانية من الْعلمَاء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة النبوّة سَوَاء سَبَقُوهُ زَمَانا أَو لحقوه وَلَا شكّ أنّ الثَّانِيَة آكِد من الأولى وَالثَّانيَِة من الثَّانِيَة آكِد من الأولى مِنْهُمَا وَإِذا اجْتمع النسبتان بل النّسَب الثَّلَاث كَانَ نورا على نور كَمَا فِي الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين من العترة الطاهرة (وَصَحبه) اسْم جمع لصَاحب بِمَعْنى الصحابيّ وَهُوَ من لقِيه بعد النبوّة وَقبل مَوته مُؤمنا بِهِ (لُيُوث الغابة) اسْتِعَارَة لمزيد شجاعتهم جمع لَيْث وَهُوَ الْأسد والغابة شجر ملتف أَو نَحوه تأوي إِلَيْهِ الْأسود وَزَاد قَوْله (وَأسد عرينها) دفعا لتوهم احْتِمَال عدم إِرَادَة الْحَيَوَان المفترس بِلَفْظ اللَّيْث إِذْ اللَّيْث أَيْضا نوع من العنكبوت والعرينة مأوى الْأسود (هَذَا) أَي الْمُؤلف الْحَاضِر فِي الْعقل (كتاب) أَي مَكْتُوب (أودعت) صنت وحفظت (فِيهِ من الْكَلم) بِفَتْح فَكسر جمع كلمة كَذَلِك (النَّبَوِيَّة) أَي المنسوبة إِلَى النَّبِي (ألوفا) بِضَم أوّله جمع ألف وَأَرَادَ بالكلم الْأَحَادِيث وبالنبيّ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ مُحَمَّد قيل وعدّته عشرَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ (وَمن الحكم) بِكَسْر فَفتح جمع حِكْمَة وَهِي اسْم لكل علم وَعمل صَالح (المصطفوية) أَي المنسوبة إِلَى الْمُصْطَفى أَي الْمُخْتَار (صنوفا) أَي أنواعا من الْأَحَادِيث فَإِنَّهَا متنوعة إِلَى مواعظ وَغَيرهَا (اقتصرت فِيهِ على الْأَحَادِيث الوجيزة) أَي القصيرة فَلم أتجاوزها إِلَى الطَّوِيلَة إِلَّا نَادرا (ولخصت فِيهِ من معادن الْأَثر) بِالتَّحْرِيكِ أَي الْمَأْثُور يَعْنِي الْمَنْقُول عَن النبيّ (ابريزه) أَي خالصه وَأحسنه شبه أصُول الحَدِيث بالمعادن وَمَا أَخذه مِنْهَا بِالذَّهَب الْخَالِص وَجمعه لَهَا بالتخليص (وبالغت) أَي تناهيت فِي الِاجْتِهَاد (فِي تَحْرِير التَّخْرِيج) أَي اجتهدت فِي تَهْذِيب عزو الْأَحَادِيث إِلَى مخرجها من أَئِمَّة الْفَنّ والتحرير والتهذيب (فَتركت القشر وَأخذت اللّبَاب) أَي تجنبت الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة وأتيت بِالصَّحِيحِ وَالْحسن والضعيف المتماسك (وصنته) أَي حفظت هَذَا الْجَامِع (عَمَّا) أَي عَن إِثْبَات حَدِيث (تفرد بِهِ) أَي بروايته راو (وَضاع) للْحَدِيث على النبيّ (أَو كَذَّاب) أَي كثير الْكَذِب فِي كَلَامه وَإِن لم يعرف بِالْوَضْعِ (ففاق بذلك) أَي بِسَبَب ذَلِك (الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع) أَي علاهم فِي الْحسن والكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع وَهُوَ إِيرَاد متون الْأَحَادِيث مجرّدة من الْأَسَانِيد مرتبَة على الْحُرُوف (كالفائق) فِي اللَّفْظ الرَّائِق للعلامة ابْن غَنَائِم جمع فِيهِ أَحَادِيث الرَّقَائِق (والشهاب) بِكَسْر أوّله للْقَاضِي أبي عبد الله القضاعيّ (وحوى) جمع وَضم (من نفائس) جمع نفيسة لَا نَفِيس (الصِّنَاعَة الحديثية) أَي المنسوبة للمحدّثين (مَا لم يودع قبله) أَي قبل تأليفه (فِي كتاب) من الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي ذَلِك النَّوْع (ورتبته على حُرُوف المعجم) أَي حُرُوف التهجي (مراعيا) أَي ملاحظا فِي التَّرْتِيب (أوّل الحَدِيث فَمَا بعده) أَي محافظا على الِابْتِدَاء بالحرف الأوّل وَالثَّانِي من كل كلمة أولى من الحَدِيث واتباعهما بالحرف الثَّالِث وَهَكَذَا وَفعلت ذَلِك (تسهيلا على الطلاب) لعلم الحَدِيث أَي تيسيرا عَلَيْهِم (وسميته
الْجَامِع الصَّغِير) أَي سميته بِمَجْمُوع الْمَوْصُوف وَالصّفة وَمَا أضيف إِلَيْهِمَا (من حَدِيث البشير النذير) أَي الْبَالِغ فِي كل من الوصفين غَايَة الْكَمَال ثمَّ بَين وَجه التَّسْمِيَة بقوله (لِأَنَّهُ مقتضب) أَي مقتطع (من الْكتاب الْكَبِير) حجما وعلما (الَّذِي) صفته فِي الحَدِيث على ذَلِك النَّحْو و (سميته جمع الْجَوَامِع) لجمعه كل مؤلف جَامع (وقصدت) أَي طلبت (فِيهِ) أَي فِي الْكتاب الْكَبِير (جمع الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بأسرها) أَي بجميعها وَهَذَا بِحَسب مَا طالع عَلَيْهِ المُصَنّف لَا بِاعْتِبَار مَا فِي نفس الْأَمر (وَهَذِه رموزه) أَي إشاراته الدَّالَّة على من خرّج الحَدِيث من أهل الْأَثر (خَ للْبُخَارِيّ) صَاحب أصح الْكتب بعد الْقُرْآن (م لمُسلم) بن الْحُسَيْن بن الْحجَّاج الْقشيرِي النَّيْسَابُورِي (ق لَهما) فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورين (د لأبي دَاوُد) سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي الشافعيّ (ت لِلتِّرْمِذِي) بِكَسْر الْفَوْقِيَّة وَالْمِيم أَو بضمهما أَو بِفَتْح فَكسر مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بِفَتْح السِّين من كبار الْأَعْلَام (ت للنسائي) أَحْمد بن شُعَيْب الخراسانيّ الشافعيّ (هـ لِابْنِ مَاجَه) مُحَمَّد بن يزِيد وماجه لقب لِأَبِيهِ (4 لهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة) أبي دَاوُد وَمن بعده (3 لَهُم إِلَّا بَان مَاجَه حم لَا حمد فِي مُسْنده) الإِمَام أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل نَاصِر السّنة الصابر على المحنة الَّذِي قَالَ فِيهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ غسل وَجه السّنة من غُبَار الْبِدْعَة وكشف الْغُمَّة عَن عقيدة الْأمة (عَم لِابْنِهِ) عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد (فِي زوائده) أَي زَوَائِد مُسْند أَبِيه وَهُوَ نَحْو وَربع مُسْند أَبِيه فِي الحجم (ك للْحَاكِم) مُحَمَّد بن عبد الله بن حَمْدَوَيْه الضبيّ أحد الْأَعْلَام (فَإِن كَانَ فِي مُسْتَدْركه) على الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي قصد فِيهِ جمع الزَّوَائِد عَلَيْهِمَا مِمَّا هُوَ على شَرطهمَا أَو أَحدهمَا أَو هُوَ صَحِيح (أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره كتاريخه (بَينته) بِأَن أصرح باسم الْكتاب الْمُضَاف إِلَيْهِ (خد للْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب) أَي فِي كتاب الْأَدَب الْمُفْرد لَهُ وَهُوَ مَشْهُور (تخ لَهُ فِي التَّارِيخ) أَي الْكَبِير إِذْ هُوَ الْمَعْهُود عِنْد الْإِطْلَاق وَيحْتَمل غَيره وَله ثَلَاثَة تواريخ (حب لِابْنِ حَيَّان) مُحَمَّد بن حبَان التَّمِيمِي البستي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي صَحِيحه) الْمُسَمّى بالتقاسيم والأنواع (طب للطبرانيّ) سُلَيْمَان اللَّخْمِيّ أحد الْحفاظ الرحالين المعمرين وثقوه (فِي الْكَبِير) أَي فِي مُعْجَمه الْكَبِير المُصَنّف فِي أَسمَاء الصَّحَابَة (طس لَهُ فِي الْأَوْسَط) أَي فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط الَّذِي أَلفه فِي غرائب شُيُوخه (طص لَهُ فِي الصَّغِير) أَي أَصْغَر معاجيمه الثَّلَاثَة (ص لسَعِيد ابْن مَنْصُور فِي سنَنه) هُوَ أَبُو عُثْمَان الخراسانيّ وَيُقَال الطالقانيّ ثِقَة ثَبت (ش لِابْنِ أبي شيبَة) عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة الْعَبْسِي الْكُوفِي صَاحب الْمسند (عب لعبد الرَّزَّاق فِي الْجَامِع) هُوَ عبد الرَّزَّاق بن نَافِع أَبُو بكر أحد الاعلام وَكَانَ يتشيع (ع لأبي يعلى فِي مُسْنده) محدّث الجزيرة أَحْمد بن عليّ بن الْمثنى التَّمِيمِي ثِقَة ثَبت (قطّ للدارقطني) نِسْبَة إِلَى الدَّار والقطن ركب الاسمان مِنْهُ عَليّ بن عمر الْبَغْدَادِيّ الشافعيّ أَمَام زَمَانه (فَإِن كَانَ فِي السّنَن أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيرهَا من تصانيفه كالأفراد والعلل (بَينته) أَي أضفته إِلَى الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (فر للديلمي فِي مُسْند الفردوس) الْمخْرج على كتاب الشهَاب الْمُرَتّب على هَذَا النَّحْو والفردوس لعماد الْإِسْلَام أبي شُجَاع الديلمي وَمُسْنَده لوَلَده أبي مَنْصُور شهردار بن شيرويه (حل لأبي نعيم) أَحْمد بن عبد الله الأصفهانيّ الصُّوفِي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي الْحِلْية) أَي فِي كتاب حلية الْأَوْلِيَاء وطبقات الأصفياء (هَب للبيهقي) الْحَافِظ الْكَبِير أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة (فِي) كتاب (شعب الْإِيمَان) بِكَسْر الْهمزَة كتاب نَفِيس غزير الْفَوَائِد (هق لَهُ فِي السّنَن) الْكُبْرَى الَّذِي قَالَ السُّبْكِيّ لم يؤلف
أحد مثله (عد لِابْنِ عدي) الْحَافِظ عبد الله بن عدي الجرجانيّ (فِي) كِتَابه (الْكَامِل) الَّذِي أَلفه فِي معرفَة الضُّعَفَاء (عق للعقيلي) فِي كِتَابه الَّذِي صنفه (فِي الضُّعَفَاء) أَي فِي بَيَان حَال رجال الحَدِيث الضَّعِيف فالضعفاء جمع ضَعِيف (خطّ للخطيب) أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي (فَإِن كَانَ) الحَدِيث الَّذِي أعزوه إِلَيْهِ (فِي التَّارِيخ) أَي تَارِيخ بَغْدَاد الْمَشْهُور (أطلقت) الْعزو إِلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره من تأليفاته الْمَشْهُورَة (بَينته) بِأَن أعين الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَالله أسأَل) لَا غَيره كَمَا يُؤذن بِهِ تَقْدِيم الْمَعْمُول (أَن يمنّ) أَي ينعم عليّ (بقبوله) مني بِأَن يثيبني عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة (وَأَن يجعلنا) أَتَى بنُون العظمة إِظْهَارًا لملزومها الَّذِي هُوَ نعْمَة من تَعْظِيم الله لَهُ بتأهيله للْعلم امتثالا لقَوْله تَعَالَى وأمّا بِنِعْمَة رَبك فحدّث (عِنْده) عندية إعظام وإكرام لَا مَكَان (من حزبه) بِكَسْر الْحَاء خاصته وجنده (المفلحين) الكاملين فِي الْفَلاح الفائزين بِكُل خير المدركين لما طلبُوا الناجين مِمَّا هربوا (وحزب رَسُوله) أَي اتبع الله وَاتِّبَاع رَسُوله المقرّبين لَدَيْهِ الغالبين على من سواهُم أنّ حزب الله هم الغالبون المفلحون
(إِنَّمَا الْأَعْمَال) أَي لَا صِحَة أَولا كَمَال للأعمال إِلَّا (بِالنِّيَّاتِ) قَالَ بعض الْمُحَقِّقين أصل إِنَّمَا أَن يكون الحكم الْمُسْتَعْمل فِيهِ مِمَّا يُعلمهُ الْمُخَاطب وَلَا يُنكره أَي من شَأْنه أَن لَا يجهله وَلَا يُنكره حَتَّى إِن إِنْكَاره يَزُول بِأَدْنَى تَنْبِيه فنبه الْمُصْطَفى بِهَذِهِ الْكَلِمَة على أنّ هَذَا الحكم لَا يحْتَاج إِلَى نظر بل يَكْفِيهِ أدنى تأمّل والأعمال والنيات جمع محلى بِاللَّامِ للكثرة ومفيد للاستغراق مَعَ إِفَادَة قصر الْمسند عَلَيْهِ على الْمسند وَمَعْنَاهُ كل عمل بنية فَلَا عمل إِلَّا بنية إِذْ الْجمع إِذا قوبل بِجمع يحمل على التَّوْزِيع وَقيل أنّ إِنَّمَا تفِيد تَأْكِيد الْحصْر إِذْ هُوَ مُسْتَفَاد من تَعْرِيف الْجمع وَيجوز أَن تكون إِنَّمَا أَيْضا للحصر وَلَا حجر فِي اجْتِمَاع الْأَدِلَّة على مَدْلُول وَاحِد كَمَا فِي شرح الْمِفْتَاح للشريف والنيات جمع نِيَّة وَهِي انبعاث الْقلب نَحْو مَا يرَاهُ مُوَافقا لغَرَض من جلب نفع أَو دفع ضرّ وَهَذَا اللَّفْظ مَتْرُوك الظَّاهِر لأنّ الذوات غير منتفية إِذْ تَقْدِير إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لَا عمل إِلَّا بنية وَالْغَرَض أنّ ذَات الْعَمَل الْخَالِي عَن النِّيَّة مَوْجُودَة فَالْمُرَاد نفي أَحْكَامهَا كالصحة والفضيلة وَالْحمل على الصِّحَّة أولى لِأَنَّهُ الأَصْل فَلَا يَصح عمل إِلَّا بنية وَإِنَّمَا لم تشْتَرط فِي إِزَالَة خبث لِأَنَّهَا من قبيل التروك {وَإِنَّمَا لكل امْرِئ} أَي رجل ومؤنثه امْرَأَة {مَا نوى} أَي مَا حصل لإِنْسَان من الْعَمَل إِلَّا مَا نَوَاه فالم يُنَوّه لَا يعتدّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ من عمله الِاخْتِيَارِيّ القصدي إِلَّا مَا نَوَاه من خير وشرّ نفيا واثباتا فالإثبات لَهُ مَا نَوَاه وَالنَّفْي لَا يحصل لَهُ غير مَا نَوَاه فَلَيْسَ هَذَا تكْرَار فإنّ الأوّل دلّ على أنّ صَلَاح الْعَمَل وفساده بِحَسب النِّيَّة الْمُقْتَضِيَة للإيجاد وَالثَّانِي على أنّ الْعَامِل ثَوَابه على عمله بِحَسب نِيَّته إِن قصد لله وَللَّه وَإِن قصد للدنيا فلهَا فَقَط (فَمن كَانَت هجرته) أَي انْتِقَاله من بِلَاد الْكفْر (إِلَى الله وَرَسُوله) قصدا وعزما (فَهجرَته) بِبدنِهِ وجوارحه (إِلَى الله وَرَسُوله) ثَوابًا وَأَجرا فَلَمَّا كَانَت الْهِجْرَة لَهَا مبدأ وباعث من الْقلب ومصدر وَغَايَة فِي الْجَوَارِح كَانَ مصدرها وغايتها فِي الْخَارِج تبعا لمبدئها فِي الْقلب (وَمن كَانَت هجرته لدُنْيَا) بِضَم أوّله وَالْقصر بِلَا تَنْوِين وَاللَّام للتَّعْلِيل أَو بِمَعْنى إِلَى (يُصِيبهَا) أَي يحصلها شبه تَحْصِيلهَا عِنْد امتداد الأطماع نَحْوهَا بِإِصَابَة الْغَرَض السهْم بِجَامِع سرعَة الْوُصُول وَحُصُول المُرَاد (أَو امْرَأَة ينْكِحهَا) جعلهَا قسيما للدنيا مُقَابلا لَهَا تَعْظِيمًا لأمرها لكَونهَا أَشد فتْنَة فأو للتقسيم وَهُوَ أولى من جعله عطف خَاص على عَام لَا لما قيل من أنّ لفظ دنيا نكرَة وَهِي لَا تعم فِي الْإِثْبَات مَدْفُوع بِأَنَّهَا فِي سِيَاق الشَّرْط تعم بل