الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سقوط الامبراطور
• الفئات المتحالفة لاسقاط الشاه.
• اذاعة بي بي سي الريطانية.
• فرنسا تحمي الخميني.
• الثورة الشاملة.
• بازركان في الحكم.
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
سقوط الامبراطور
كيف سقطت الامبراطورية الايرانية؟ وكيف سقط الامبراطور محمد رضا بهلوي؟ ومن هم الذين مهدوا الطريق لاسقاطه؟
لقد توالت الاحداث تلو الاحداث ومهدت الطريق في سقوط امبراطورية كان عمرها 2500عاما. لقد كانت الاحتفالات العظيمة التي شهدتها برسبوليس بمناسبة مرور الفين وخمسمائة عام على عمر الملكية في ايران لم تزل حديث الملوك والرؤساء التسعين الذين حضروا تلك الاحتفالات من اقصى الارض عندما بلغهم ان القي وخمسمائة عاما من التاريخ الذي احتفلوا لاجله في برسبوليس قد تبخر في خلال 6ساعات فقط.
قال المهندس بازركان في احدى خطبه ان الخميني لم يسقط الشاه بل الشاه هو الذي اسقط نفسه، ان اعدى اعداء الشاه كان الشاه نفسه وليس الخميني وزمرته والجماهير التي تعاونت لاسقاطه. ان السياسة التي اتبعها الشاه في ايران كانت نتيجتها المحتومة سقوطه وسقوط نظامه كما
اشرنا اليها بصورة اجمالية في فصل آخر من هذا الكتاب، اما الفئات التي تعاونت وتكاتفت لاسقاطه في اللحظة المناسبة ومن ثم استطاعت ان تستقطب الجماهير في كل مكان فانها كانت لا على سبيل الحصر:
1.
الجبهة الوطنية والتي كانت ترى في الدكتور مصدق رحمه الله رائدا لها.
2.
نهضة المقاومة الشعبية التي اسسها الامام الزنجاني والمهندس بازركان بعد ان انشقوا من الجبهة الوطنية وكانت لهاتين المجموعتين نفوذ كبير في الاوساط الجامعية وفي البازار (المركز التجاري لطهران والمراكز التجارية في مدن اخرى).
3.
مجاهدين خلق: وهو الحزب الذي اسسه موسى خياباني ومسعود رجوي وغيرهما وبدأوا يعكرون صفو النظام بالمقاومة المسلحة وكان الاب الروحي لهؤلاء اية الله الطالقاني رحمه الله والتف حول هذا الحزب شباب المدارس والجامعات، وكان الشاه يعبر عنهم بالمركسيين الاسلاميين، وكان لهؤلاء دور بارز وعظيم في نجاح الثورة. (1)
4.
كبار رجال الدين والذين اضطهدتهم سلطات الشاه في خلال السنوات التي تلت المجابهة الدامية بين الشاه والزعامة الروحية وكان لهؤلاء نفوذ واسع بين صفوف الشعب امثال، اية الله الطالقاني والامام السيد حسن القمي والامام الشيخ بها الدين المحلاتي والامام الخاقاني، وهؤلاء كانوا على طرفي نقيض مع الخميني وزمرته
(1)"1" بعد مرور سنتين على استلام الخميني للسلطة حصلت مجابهة سياسية بينه وبين المجاهدين اعدم على اثرها منهم بضعة الاف من الفتيان والفتيات في غضون ثلاثة اشهر واستعمل معهم قصوة قلما نجد في تاريخ الطغاة مثيلا لها.
سواء في افكاره او في سياسته ولكن المصيبة كانت تجمعهم على كل حال فكانوا في خندق واحد ضد الشاه مع احتفاظهم باصالتهم في التفكير واستقلالهم في اتخاذ القرارات.
5.
جماعة الدكتور شريعتي: وكلهم كانوا ولايزالون من الشبان الجامعيين المتحمسين للتجديد الاسلامي وقد سحرهم شريعتي بافكاره الغامضة التي كانت تفسر بانها ضد طبقة من رجال الدين الموالين للشاه وللنظام الحاكم.
6.
خميني وزمرته من رجال الدين الموجودين في اخل ايران وخارجها.
7.
الاحزاب اليسارية بما فيها حزب توده الشيوعي.
لقد اجتمعت هذه الاحزاب والفئات كلها على اسقاط النظام، وبما ان كل حزب وفئة كانت ترى نفسها اولى واحق بتولية امور البلاد اذا ما قدر لها النجاح في اسقاط الشاه، فقد استقر رأيهم على اختيار زعيم يقود الحركة وهو على حد (زعمهم) لايطمع في الحكم فوقع الاختيار على الخميني. ولعب الخميني نفسه دورا عظيما في اغفال الشعب وسائر الفئات المناضلة وايهامهم انه يكون الرجل المفضل لقيادة الثورة اذا ما اجتمعوا تحت لوائه، ومن هنا جاء تعيينه للمهندس بازركان كاول رئيس للوزراء بعد الثورة ومشاركة نفر قليل من افراد زمرته في الحكم، دليلا قاطعا على التزامه بالنهج الذي اعلنه للشعب كافة. واستقر الخميني في نفل لوشاتو قرب باريس تحميه الشرطة الفرنسية وكل الاذاعات العالمية والصحف الكبيرة تنشر ما يقوله ضد الشاه وكانت زمرته في ايران تنشر الكاسيتات التي تحتوي على خطبه المثيرة للشعب وانضمت إلى الخميني اذاعة بي بي سي الفارسية في لندن لتذيع كلما يقوله الخميني ويطلبه من الشعب الايراني حتى اصبحت بوقا من ابواقه ولعب تلك الاذاعة البريطانية دورا
هاما في نجاح الثورة لانها الاذاعة الفارسية الوحيدة التي يهتم بسماعها الشعب الايراني الذي كان يعتقد انها تجسد السياسة البريطانية وكان الاستنتاج السياسي لدى الشعب الايراني وساسته ان الوضع الذي اتخذته اذاعة بي بي سي البريطانية في حمايتها للخميني وللثورة انها تمثل رأي بريطانيا وان الدول العظمى قد اتفقت على تصفية الشاه. فموقف الامريكان مع التناقض الموجود في تصريحات الساسة الامريكيين حول تأييدهم للشاه كان ضعيفا. وموقف بريطانيا كما تشهد به اذاعتهم الرسمية كانت مع الخميني والثورة، وان كانت البيانات الرسمية التي يدلي بها الساسة الانكليز تناقض اذاعتهم. اما فرنسا فقد جندت كل قواها لحماية الخميني واعطائه فرصة التحرك كما يحب ويشاء. اما الروس فهم ضد الملكية بطبيعة سياستهم وحزبهم (التودة) كان يتعاون مع الثورة والخميني تعاون الصديق مع صديقه.
اذن كل القوى العظمى رضخت للامر الواقع وهو تصفية الشاه، وعاد الخميني إلى طهران عودة الابطال واستقبله 6 ملايين شخص لدى وصله مطار مهر اباد الدولي ولم يسقط سلاح الجو الايراني طائرة البوينغ التي كانت تقله في سماء ايران ومع ان قائدها كان يحمل في قلبه الولاء الكامل للشاه لم يقدم على هذا الامر الذي كان اخر بارقة امل لانقاذ النظام الشاهنشاهي في نظر المخلصين للنظام، وقد جازى الخميني بالاعدام هذا القائد الذي كان باستطاعته اسقاط طائرته والقضاء عليه وعلى زمرته التي كانوا في معيته و 150 صحفي من انحاء العالم.
واعلن الخميني فور وصوله إلى طهران عدم شرعية حكومة بختيار وتعيين المهندس بازركان رئيسا للوزراء، واصبحت ايران تعيش في حالة من الفوضى والارتباك، وكان لابد للازمة ان تنتهي بنصر احد
المتخاصمين، وكانت الايام تمر بسرعة، ففي يوم 14فبراير من عام 1979 اعلنت حكومة بختيار الحم العسكري ومنع التجوال واعلن الخميني العصيان العام فخرجت ملايين الناس إلى الشوارع متجهة نحو الثكنات العسكرية وسلاح الجو ومقر السافاك والقوات الصاعقة التي كانت تحت امرة قائد حرس الشاه، وحصلت مواجهة صغيرة استولى الناس على تلك المرافق العسكرية والسلاح الموجود فيها وقتلوا بعض القادة العسكريين الذين ارادوا الدفاع عن ثكناتهم وجاء الجنرال قرباغي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى الخميني مستسلما للامر الواقع معلنا حياد الجيش في المجابهة التي كانت تدور رحاها في شوارع طهران وسائر المدن الايرانية الاخرى، وعاد الجيش إلى ثكناته بامر من قائده الاعلى واعلن الخميني ولادة الجمهورية الاسلامية الايرانية. فولى عصر ليشهد العالم عصر جديد.
اما بختيار فقبل ان يستطيع الهرب القت مجموعة من المتظاهرين القبض عليه واقتادوه إلى مقر بازر كان رئيس الوزراء، غير ان بازركان وفاء لسنوات النضال إلى قضاها مع هذا الزميل المنكوب هيئ له وسائل الفرار، فهرب بختيار بعلم بازركان ومساعدته من ايران إلى فرنسا (1)، وهكذا انتهت الفين وخمسمائة عاما من التاريخ بسقوط الامبراطورية والامبراطور.
(1)"1" لقد سمعت رواية فرار الدكتور بختيار من المقربين إلى المهندس بازركان عندما كنت في طهران وذكرتها بعض الصحف الايرانية ايضا اما الحقيقة فعلى بختيار ان يقول كلمته فيها.