المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌رفض الصلح • الالتقاء بين الخمينية والصهيونية لتضعيف الامة العربية. • الخروج - الثورة البائسة

[موسى الموسوي]

الفصل: ‌ ‌رفض الصلح • الالتقاء بين الخمينية والصهيونية لتضعيف الامة العربية. • الخروج

‌رفض الصلح

• الالتقاء بين الخمينية والصهيونية لتضعيف الامة العربية.

• الخروج على نص القرآن الكريم.

• التناقض في القول والعمل.

• احياء الغوبلزية.

• احمد الخميني: نحارب العراق لان الحكومة العراقية قالت لابي: اما السكوت واما الخروج.

• فلسفة الخميني: البقاء في الحكم باي ثمن.

ص: 91

(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34))

رفض الصلح

لماذا يرفض الخميني الصلح الذي اقترحه العراق مرات ومرات، واقترحته اللجان الساعية لاحلال السلام بين البلدين والجارين المسلمين اكثر من مرة؟ والصلح لا يرفضه عاقل مسلم. والقرآن الكريم يقول " وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "(سورة الحجرات الاية 9).

وهذه الاية الكريمة التي لاياتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفه صريحة واضحة في ان واجب المتخاصمين من ابناء الامة الاسلامية هو الركون للصلح ولم تحدد الاية الكريمة المتعدي والمتعدى عليه حتى يتعذر احد المتحاربين بعدم الصلح كما هي الحالة في منطق الخميني. ان رفض الصلح خروج على نص القرآن الكريم، وليت شعري ان اعرف كيف يدعي نظام انه ينبع من روح الاسلام وهو يناقض ما امر به، ان من

ص: 92

اغرب الغرائب في العقلية الخمينية المتناقضة التي ابتلي الشعب الايراني بها هو ان الرجل الذي اعلن للصحافة وهو على متن الطائرة التي اقلته إلى ايران بعد 15سنة من الغياب عنها (انه لايحس باي شعور تجاه الوطن الذي كان بعيدا عنه واليوم يعود اليه)، وانه القائل (ان الوطنية ليست من الاسلام بشيء) يعود اليوم ليتحدث عن الوطن والحدود والتراب الذي يرى حبه مغايرا للروح الاسلامية والذي لم يشعر نحوه بحنان وحب حتى بعد الغياب عنها خمسة عشر عاما.

ان هذا التناقض في القول والعمل امر مألوف في قاموس الخميني والخمينية وسنشير اليها في فصل خاص به.

اذن رفض الصلح له اسباب كثيرة منها نفس الاسباب التي ادت إلى الحرب وهي الاحقاد التي اشعلت نار الحرب وفصلنا في محلها. وهناك سبب آخر وهو ان الخميني والزمرة الحاكمة يعلمون جيدا انهم سينتهون بانتهاء الحرب، فانهم يعلمون جيدا انهم لا ولن يستطيعوا تنفيذ الوعود التي اغروا الشعب بها، بل ان وضع الشعب وصل إلى مرحلة من البؤس لم يكن لها نظير من قبل ووصلت البلاد إلى حافة الانهيار.

ان الذريعة الوحيدة التي يتذرع بها الخميني في استمرار هذا الوضع الشاذ هي الحرب فكل نكسة وراءها الحرب.

وكل كارثة اقتصادية وراءها الحرب.

وكل فشل يصيب الدولة في اناء الليل واطراف النهار سببها الحرب.

اذن ذريعة الحرب فرصة العمر بالنسبة للخميني وزمرته، وتفويت هذه الفرصة تفريط بحياتهم وبقائهم على سدة الحكم، وعلينا ان لاننسى ايضا ان اجهزة الاعلام الخمينية والخميني نفسه لم يعترفوا حتى الان بالهزيمة التي الحقها العراق بهم، فالحكومة الخمينية بنت سياستها على نهج غوبلز وزير الدعاية النازي ابان الحرب الكونية الثانية الذي يقول

ص: 93

(اكذب، اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس) فكذبت وتكذب وستكذب ماشاءت إلى الكذب سبيلا. ومن هنا نرى بوضوح ان البلاغات التي تصدرها وزارة الدفاع الخمينية وحرس الثورة عن سير القتال انها بلاغات صنعت بذكاء مفرط لاغفال الشعب، فهم يتحدقون عن النصر في هامش عبادان وعلى مرتفعات سربيل زهاب وعلى ابواب ديزفول وفي قلب خرمشهر وهذه كلها ارض ايرانية، ولاول مرة يستعمل في القاموس الحربي كلمة النصر عوضا من كلمة المواجهة لايهام الشعب المسكين بالنصر، ثم هناك ما هو اخطر من هذا بكثير ان البلاغات التسعمائة التي اصدرتها منذ نشوب الحرب حتى الان وزارة الدفاع الخمينية اذا جمعت الارقام المعلنة عن عدد القتلى والسلاح والعتاد الذي دمر من الجانب العراقي فستكون الارقام مدهشة ومضحكة في آن واحد.

ان عدد القتلى من الجنود والعراقيين في مجموع هذه البلاغات حسب زعمها يتجاوز مليون وسبعمائة الف قتيل، وهذا العدد من الجنود يزيد على ما لدى الحلف الاطلسي والناتو ووارسو ومجموع الدول العربية، اما عدد الطائرات التي اسقطت حسب البلاغات المزعومة فهو يتجاوز الف وثمانمائة طائرة، أي اكثر من مجموع الطائرات الحربية التي تملكها بريطانيا وفرنسا.

اما عدد الدبابات التي دمرتها فهي تتجاوز تسعة الاف دبابة، أي اكثر من مجموع الدبابات التي تملكها الدول الاوربية والاتحاد السوفياتي مجتمعة.

اما عدد المزنجرات وسائر انواع العتاد التي دمرت حسب زعمها فانها تتجاوز الخمسين الف مجنزرة وناقلة جنود وشاحنات، أي عددا يتجاوز كل ما لدى الدول العربية والهند وباكستان. بهذه الارقام الخيالية والوهمية يستمر الخيمني في حربه مع العراق، فهو لا يستطيع الصلح

ص: 94

فالغالب لايصالح بل يذهب حتى نهاية المطاف. ثم هناك شيء اخطر من كل الملاحظات التي اشرنا اليها وهو انه باعتقادي ويقيني ان السياسة العالمية الاستعمارية الكبرى والتي تريد دوما ان تجعل من هذه المنطقة الحساسة من العالم موضع اضطراب وعدم استقرار لن ترغب ابدا في ان يحل السلام في هذه المنطقة الحساسة كما هي الحالة في لبنان، وحكام ايران الذين اعرفهم بسيرتهم البشعة وصورتهم الابشع لا يتورعون من افناء شعب وبلاد بكاملها اذا ما اقتضت مصالحهم الشخصية وهي البقاء على كرسي الحكم، فانى كان للخميني القابع في زاوية من زوايا النجف الاشرف او المنتظري والرفسنجاني والخامنة اى والكنى ومحمدي كيلاني وغيرهم من الزمرة الخمينية تسييس البلاد باسم الامام ونائب الامام ورئيس الجمهورية ومجلس الشورى وغيرها من المناصب السامية التي اقترفوا لغصبها ما تقشعر من سماعها الابدان.

وهم الذين الحقوا بايران من الدمار والفناء ما لايمكن تداركه في مائة عام ومن الاموال 500الف مليون دولار، ان قوما كهؤلاء هل يتورعون من التعاون مع القوى الاستعمارية في سبيل بقائهم على كرسي الحكم؟ كلا ثم كلا.

ان هذا اوضح من الشمس في رائعة النهار وال كيف تفسر ان الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تدعي انها الدولة الاسلامية الوحيدة في العالم وهي تصافح الاياد الملطخة بدماء المسلمين في افغانستان، وتتعاون مع البلاد الشيوعية التي تقول فلسفتها: ان الدين افيون الشعوب وتستورد الاسلحة من اسرائيل لقتل الجار المسلم وتستخدم المستشارين العسكريين من كوريا الشمالية لتغير بطائرتها على اراضي الاسلام وتدمرها بالقنابل المحرقة. ان هذه الشرذمة من الناس لا ولن يانفوا القيام باي عمل اجرامي مهما كان نوعه لارضاء سيدهم الذي يحميهم، واذا كانت من سخريات

ص: 95

القدر ان تذل الامة الايرانية حتى يسودها اوباش اجلاف كهؤلاء، فان الجلف الجاف عندما يجد ضالته المنشودة فلا ولن يضيعها حتى بحد السيف ومن دونها خرط القتاد.

ان من اغرب الغرائب في تاريخ الحروب هو هذه الحرب التي يشنها قوم ضد بلد يقدسون ترابها ويسجدون عليها في صلواتهم الخمسة اليومية. ان الجندي الذي اغفله الخميني والشعوذة الحاكمة في ايران لقصف العراق ومدنه يحمل معه دوما قطعة من تراب ذلك العراق (كربلاء) وهو يسجد عليها في كل صلاة ويقبلها ويتبرك بها ويستشفي بها، واعظم امنية له في الحياة هي زيارة صاحب تلك التربة الطاهرة المقدسة حسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يحارب الجنود الايرانيون في جبهات القتال

؟ والجواب هنا اثبته للتاريخ، ان الجنود المتواجدين على جبهات القتال على ثلاثة اصناف: مكرهون على القتال وهم اكثرية الجنود النظاميين الذين اعدم الخميني قوادهم وهم يعلمون ان هذه الحرب هي حرب الاحقاد التي يشعل الخميني نارها كلما جاء قوم لاطفائها وان شرطه لوقف القتال في عودة القوات العراقية إلى الحدود السابقة انما هو ذريعة جوفاء لان العراق اكد اكثر من مرة موافقته على ذلك اذا ما قبل النظام الحاكم على وقف اطلاق النار، ثم انهم يعلمون جيدا ان الوطنية التي بداء الخميني يغني بها انما هي خدعة من خداعه فلن ينسى الشعب الايراني ان الخميني قال وهو على متن الطائرة التي كانت تقله من باريس إلى طهران (اني لا احس بشعور خاص عند عودتي إلى ايران) ثم هو الذي حارب الوطنيين من انصار مصدق ورماهم بالزندقة لان الاسلام على حد زعمه يعارض الوطنية ثم ان اكثرية هذا الجيش

ص: 96

حاقد على تصنيفه في المرتبة الثانية وتقديم الحرس الثوري عليه في كل الامتيازات وفي كل الميادين، والحرس الثوري مجموعة من المرتزقة جمعهم النظام الحاكم من الشوارع والازقة لا يحسنون استعمال السلاح، وهذه المجموعة هي التي تتقدم على الجنود في جبهات القتال بصفتهم حراس الثورة وانهم المعتمد عليهم من قبل الخميني.

والصنف الثاني هم العنصريون وانهم طبقة صغيرة من الجنود النظاميين الذين يحاربون لاحياء الامجاد الفارسية التي اكل عليها الدهر وشرب. واذكر هنا قصة للتاريخ لبيان هذه العنصرية التي نجدها لدى البعض من ابناء الشعب الايراني:

عندما كنت خائضا معمعة الانتخابات، كانت بعض الفئات السياسية المعادية لي تنشر المناشير وتقول معلنة ان اعتراضها على انتخابي هو انني سيد هاشمي انتمي إلى رسول الله ورسول الله عربي، والغريب في الامر ان بعض هؤلاء الذين كانوا يقفون ضدي لانني هاشمي عربي كانوا اذا التقوا بي قبلوا يدي او ارادوا تقبيلها تبركا برسول الله وتقربا اليه، هذه صورة للعنصرية التي اشرت اليها في هذا المقال.

اما الصنف الثالث المغفلون واكثرهم من الحرس الثوري الذين جمعهم النظام الحاكم من هنا وهناك، وقد امر الخميني بتقليدهم مفاتيح الجنة كما كان الباب غريغوار يقلد الجنود الصليبيين مفاتيح الجنة عندما ارسلهم لمحاربة المسلمين في فلسطين. حقا انه لامر مشين للغاية فيه سخط الله ورسوله ان يقلد مسلم مفاتيح الجنة لانهم يحارب اخاه المسلم ويريق دمه

، واخيرا اختارت الزمرة الحاكمة الشباب المراهقين حراسا للثورة والحقوهم بجبهات القتال فكانت المآسي التي تحدثت عنها الصحف العالمية باسهاب وادانت النظام الارهابي الانتحاري في ايران وشبهت الخميني بهيتلر الذي جند المراهقين في الشهور الاخيرة من حربه الخاسرة.

ص: 97

ان هؤلاء المغفلين واولئك المكرهين هم الذين يقصفون تراب العراق وهم يتبركون بها، ويهدمون تربة العراق واعظم امانيهم هي زيارة تلك التربة، ويقتلون ابناء كربلاء والنجف واسم كربلاء والنجف يبكيهم ويدمع عيونهم. لا انسى ان احمد الخميني قال لي مرة: انك تحاول القيام بعمل عظيم، فلو قدر لك النجاح في عملك واستطعت ان تقرب بين العراق وايران وفتحت الحدود للزوار الايرانيين لزيارة العتبات المقدسة فستصبح محبوب الشعب كل الشعب ويذكر اسمك بعد اسم الامام (السيد الخميني).

قلت له: اذا كنت مؤمنا بما تقوله تعاون معي لنجاح المهمة ودع الناس يعتقدون انك فعلت ذلك فتصبح انت محبوب الشعب فليذكر اسمك بعد اسم ابيك.

وقال لي احمد: كيف نلتقي مع الحكومة التي قالت لولدي اما ان تسكت واما ان تخرج. وهكذا يدفع الشعب الايراني المسكين ثمن الحقد والانانية والجهل والخيانة الذي كلفه حتى الآن 300الف قتيل و500الف مليون دولار الخسارة في الاموال و 3ملايين مشردي الحرب.

واختتم هذا الفصل بمقارنة بين رجليين احدهما هندوسي وآخر يدعي الاسلام. احدهما مرشد للثورة الهندية وهو مهاتما غاندي الذي قال لقاتلة الذي ارداه قتيلا (السلام عليكم) والآخر مرشد للثورة الاسلامية الايرانية الذي اعدم الآلاف من الصبية لانهم قالوا (الموت للخميني).

لقد بلغ إلى مسامع مهاتما غاندي ان حربا دينية قومية ضروسا نشبت بين الهندوس والمسلمين في وسط القارة الهندية يذهب ضحيتها المئات من الجانبين في كل يوم، فطلب غاندي منهم ايقاف القتال فلم يستجيبوا فاعلن عزمه في السير إلى منطقة الحرب على الاقدام، وخرج مهاتما من اشرم قاصدا المنطقة المنكوبة والتي تبعد حوالي الف ميل، وكلما مر بمدينة

ص: 98

على قارعة الطريق طلب من اهلها الانضمام إلى مسيرة الصلح ووصل غاندي إلى المنطقة المنكوبة ومعه جمع غفير يحملون لافتات الرجاء إلى المتحاربين بايقاف القتال، فلم يستجب الطرفان لغاندي ولا للركب السائر في معيته، فأعلن مهماتما عزمه على الصيام حتى الموت الا اذا استجاب الطرفان لندائه، واستمرت الحرب واستمر الصيام، واشرف غاندي على الموت واعلن الاطباء ان زعيم الهند العظيم سيلقي حتفه اذا لم ينه الصوم في غضون 48ساعة. واستيقظت ضمائر المتخاصمين اجلالا واكبارا للزعيم الذي يضحي بحياته لانقاذ حياة الآخرين، وصام 45يوما حتى تنفذ كلمته، وانتهى القتال وعاد الوئام ورجع القوم إلى شئونهم الخاصة واعمالهم اليومية، اما غاندي فقد بقي طريح الفراش يعاني من آثار الصوم شهورا طوالا لايقوى على الحركة ولكن الابتسامة لم تفارق شفتيه لانه وجد إلى الصلح سبيلا.

اما الامام الخميني مرشد الثورة الاسلامية الايرانية فرفض عروض الصلح من الجانب العراقي ورفض الوساطات الاسلامية، ورفض كل مبادرة خيرة لانهاء الاقتتال بين آخوة مسلمين تربطهم روابط الجيرة والدين، وها هو ينادي بالمزيد من اراقة الدماء ويسعى للمزيد من الدمار والفناء مناقضا بذلك ما امر به الله ورسوله وكتابه الكريم.

وليت شعري ان اعرف ان الخميني اذا لم يشاء ان يسير على هدى الاسلام ورسوله في الصلح افلم يكن من الحري به ان يقتدي بسيره مصلح الهند، ولكن صدق الله العظيم حيث يقول، " مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ".

ص: 99