المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرب الاحقاد • قطع الجسور. • تهديد الجيران. • التعاون مع اعداء الامس. • - الثورة البائسة

[موسى الموسوي]

الفصل: ‌ ‌حرب الاحقاد • قطع الجسور. • تهديد الجيران. • التعاون مع اعداء الامس. •

‌حرب الاحقاد

• قطع الجسور.

• تهديد الجيران.

• التعاون مع اعداء الامس.

• الخطأ في التقييم.

• سياسة التفريق.

• الخميني يهدد بقطع يد بازركان.

• احمد يقول: ذاكرة ابي لا شيء، انا السيد والسيد انا.

• وعلى ايران السلام.

ص: 73

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11))

حرب الاحقاد

الحروب التي شهدها العالم لايتجاوز كونها حروبا قومية او اقتصادية او دينية ولاول مرة يشهد العالم نشوب حرب بين شقيقين مسلمين لاتحمل بين طياتها هذه العناصر الثلاثة منفردة او مجتمعة. فماذا نسمي الحرب الايرانية العراقية؟ هذه الحرب العجيبة الغريبة التي ادهشت العالم ولن ينساها التاريخ. فلنسمها اذن بحقيقتها وواقعها، انها (حرب الاحقاد).

لماذا وكيف نشبت الحرب الايرانية العراقية وماهي اسبابها وماهي خفاياها؟ قد اكون انا خير من يستطيع الجواب على هذا السؤال لأنني عاصرت ظروفها في العراق وايران معا وتحدثت مع زعماء البلدين قبل نشوب الكارثة واطلعت على امور لم يطلع عليها احد من قبل ولامن بعد.

لقد وصل الخميني إلى الحكم بصورة فجائية لم يتوقعها احد حتى هو نفسه لم يتوقعها ولم يفكر فيها. فلذلك لم يكن بعيدا على مثله ان يفكر في تصدير الثورة الايرانية التي كان يسميها الاسلامية إلى خارج حدود ايران، فاذا ما نجحت الثورة في ايران بالصورة التي لم يتوقعها هو ولا غيره فلماذا لم

ص: 74

تنجح في دول عربية مجاورة كانت حسب زعمه وتقديره مزرعة مستعدة لنمو افكاره لا سيما انها لابد وان تأثرت بثورة كانت نتائجها سقوط اقوى نظام مجاور في المنطقة بين عشية وضحاها. فكما لعبت الصدفة والمفاجأة في نجاح الثورة الايرانية فقد تتكرر الصدفة والمفاجأة في بلاد مجاورة اعجبت شعوبها بايران الثورة في ايامها الاولى. ولعب الحقد الدفين لدى الخميني لعبته فاختار العراق ليكون اول محطة من محطات تصدير الثورة اليها، ولكنه في نفس الوقت لم يسقط الدول المجاورة الاخرى من حسابه فشنت اجهزة اعلامه هجوما عنيفا على دول الخليج والدول العربية تهددهم بالويل والثبور وتنذر حكامها بمصير الشاه واعوانه. وهكذا قطع الخميني الجسور بينه وبين جيرانه منذ ان وصل إلى الحكم تاركا وراء ظهره معطيات العقل السليم وحسن الجوار ومصلحة ايران واخلاق الاسلام ودستور القرآن الكريم الذى يقول (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ولكي نضع النقاط على الحروف نعدد هنا الخطط الخمينية لضرب الحكم القائم في العراق لنكون على بينة من الاسباب التي ادت إلى حرب الاحقاد.

منذ اليوم الاول لاستلام الخميني للسلطة نصب عميلا للمخابرات السورية وهو صادق قطب زادة رئيسا لاعلام الجمهورية الاسلامية الفتية، وقطب زادة هذا كان من اقرب المقربين إلى قلب الخميني (1) ولم ينفع نصح الناصحون بابعاده من هذا المنصب الخطير في الجمهورية الفتية، حتى ان الشيخ صادق الخلخالي المعروف (بجلاد الثورة) قال لي انه اخبر

(1)"1" اعدام الخميني قطب زادة في العام المنصرم بعد ان اتهمه بالمؤامرة للاطاحة به.

ص: 75

الخميني بنفسه ان شقة قطب زادة في باريس مليئة بالخمور وانواع المسكرات وكل انواع اللهو والفجور وان رجلا كهذا لا يحق له ان يكون في مثل منصبه الا ان الخميني لم يعر اذا صاغية لكلامه وبفضل قطب زادة هذا فان كثيرا من مناوئي الحكومة العراقية الذين وصلوا إلى ايران لتوهم بعد الثورة احتلوا اماكن حساسة في الاذاعة العربية بطهران والاهواز وبدأوا بالهجوم الاذاعي على الحكومة العراقية بين حين وآخر. ولكن الطين زادت بلة عندما ارسل الرئيس العراقي احمد البكر برقية تهنئة إلى الخميني بمناسبة اقرار الشعب الايراني لنظام الجمهورية الاسلامية في استفتاء عام، فجاء رد الخميني مخيبا للآمال وضاربا عرض الحائط اصول الاخلاق بين رؤساء الدول واغرب من كل هذا ان الخميني نفسه الذي كان يبرق للرئيس البكر في العراق برقيات مهذبة يبدأها بالتحية ويختمها بالدعاء له ولدولته قد نسي ما خطه بيمينه في تلك الايام، وقد تضمنت برقيته هذه المرة وعيدا وتهديدا وكلاما جارحا وخطابا غليظا لكل زعماء العرب والاسلام الذين يسلكون طريقا يناقض الطريقة التي يسلكها هو وحكومته في ايران ثم ختمها بقوله والسلام على من اتبع الهدى.

كان موقف العراق إلى ذلك التاريخ موقف جار يريد ان يعطي الفرصة لجاره المخدوع كي يفيق من اوهامه وخيلائه لعله يسلك النهج الصحيح في تقييم الامور ومعالجته لها. ومن هنا كانت سياسة العراق الصبر والتريث والمعاملة بالحسنى حتى تنجلى الغبرة ليقيم هو بدوره مستقبل العلاقات مع ايران. وهنا اسجل للتاريخ ما سمعته بنفسي من الرئيس صدام حسين قبل سفري إلى ايران كما اسجل هنا ما سمعته من الخميني بعد ذلك اللقاء ليعلم الناس كافة مدى الاختلاف الهائل في تفكير الزعيمين ومعالجتهما لأخطر القضايا المتعلقة ببلديهما. قال الرئيس صدام حسين: ان حكومة ايران الفتية التي وصلت إلى الحكم وهي تجابه مشاكل

ص: 76

داخلية عظيمة خلفها النظام السابق والمشاكل التي تحدث بعد كل ثورة بالطبع وقد كان من الواجب عليها ان تبدأ ببناء نفسها ومعالجة مشاكلها الداخلية وتستفيد من كل الامكانيات المتاحة لها سواء كانت داخلية او خارجية وان مصلحة هذا النظام هو الاستفادة القصوى من العراق الجار الذي ابدى استعداد كاملا لدعم النظام الجديد وهكذا من كل الجيران الذين ابدوا التعاطف مع النظام الجديد وهم على استعداد لمساعدته، اما خلق المشكلات واضافة بعضها إلى البعض فانها تنهك قوى هذه الدولة وتجرها إلى مشاكل داخلية عظيمة لاتستطيع الصمود عليها، وهنا قال الرئيس العراقي كلمة لن انساها وقد نقلتها بنفسي إلى الخميني وهي ان النظام الحاكم في ايران حتى في صورة عدائه للعراق لم يكن من مصلحته ان يتجاهر به ويعلنه، وكان عليه ان يتريث حتى يصلب عوده ويشتد عضده وحينئذ كان يستطيع التجاهر بكل ما يريد، اما وهو الآن على حافة الانهيار ويريد ان ينال من هذا الجار وذاك فانه انتحار لا للمجموعة الحاكمة بل للشعب والامة باسرها. وقال الرئيس صدام حسين انه مع كل ما ظهرت من النوايا غير الطيبة والعدائية من النظام الجديد فانه مستعد لفتح صفحة جديدة في العلاقات وانه مستعد لدعم ايران الثورة اذا تركت التدخل في شئون الآخرين، وطلب مني ابلاغ تحياته إلى مهندس بازركان رئيس الوزراء مع التمني له بالتوفيق، اذن لم يكن هناك خلاف اطلاقا من جانب العراق، كلما في الامر هو ان يلتزم النظام الجمهوري الجديد بحدوده ويترك جيرانه بسلام ويهتم بشئونه الداخلية. وبعدما سمعت من الرئيس صدام حسين طرت إلى طهران وانا متفائل جدا بمستقبل العلاقات بين البلدين ولدى هبوط طائرتي في مطار مهرآباد الدولي كانت سيارة السيد بني صدر وحرسه الخاص على مقربة من سلم الطائرة في انتظاري وقيل لي انه ينتظر مني مخابرة في أي ساعة اصل

ص: 77

إلى طهران، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحا فاتصلت به من الهاتف الموجود في سيارته وقال لي انه عائد لتوه من مجلس قيادة الثورة وكان يود ان يكون في استقبالي في المطار لولا الجلسة الطارئة للمجلس الذي كان يحتم عليه حضورها، وقال انه سيكون في داري في الساعة السادسة صباحا، وهكذا بعد سويعات من وصولي إلى طهران كان الرئيس بني صدر في داري وهو متلهف ليسمع رأي الرئيس العراقي في العلاقات بين البلدين، وكان السيد بني صدر يرى انه من اهم المشاكل السياسية لايران هي العلاقات مع العراق لان العراق يستطيع ان يلعب دورا هاما وحساسا في استقرار الوضع السياسي في ايران ولاسيما في منطقة الجنوب التي كانت تغلي والارهاب المتبع من قبل الادميرال مدني لم يكن يغنى من الحق شيئا، وان العراق اذا وقف مع ايران فسوف يمكن ايجاد حل مناسب يرضي الله والضمير لمشكلة العرب المتواجدين في الجنوب. اما اذا ما استفز العراق من قبل النظام الايراني في حدوده ومصالحه واراضيه فلا بد وان العراق سيتخذ سياسة اخرى تكون مدمرة لحل مشكلة الجنوب وقال لي السيد بني صدر انه لا يعلق امالا كبيرة على لقائي بالخميني واضاف بلهجة حزينة ان الخميني تغير كثيرا وسترى رجلا اخر يختلف تماما من الرجل الذي عهدناه في النجف وباريس وانه عاد رجلا لجوجا ركب رأسه واصبح احمق من هي النقة. وذهبت إلى قم والتقيت بالخميني في جلسة مغلقة طالت زهاء ساعة وخرجت من عنده وانا حزين القلب اندب حظ الامة الايرانية المسكينة التي اعطت قيادتها بيد هذا الشيخ العجوز.

لقد كانت هذه هي اول مرة التقي بالخميني بعد ان استولى على سدة الحكم فرأيته كما قال بني صدر شخصية تتناقض تماما مع الخميني الذي تعودنا عليه زهاء خمسة وعشرين عاما سواء عندما كان في قم او في

ص: 78

النجف، ولمست فيه نفسا شريرة وروحا انتقامية وغرورا شيطانيا وابتسامة ساخرة بكل المثل والاخلاق، لم ار في هذه المرة ذلك الشيخ الوقور الناسك الزاهد الذي كان يتحدث دائما باسم الدين والاخلاق ومصلحة المسلمين، بل رأيت شيخا عجوزا غلبه هواه وسخره شيطانه وتجلى حقده وها هو يبتهج من اراقة الدماء ودمار البلاد واذلال العباد، وسأقص في آخر هذا الفصل تفاصيل هذا اللقاء المثير والمخيب للآمال ليسجل في التاريخ للاجيال الحاضرة والقادمة على السواء.

وفي الايام نفسها التي كانت فيها العلاقات الايرانية العراقية تسير من سيء إلى اسوأ.

استقبل الخميني ابنا ملا مصطفى البرزاني ودعا لهما بالتوفيق وامر بتزويد الرزاني بالاسلحة والعتاد لضرب العراق وايجاد القلاقل في شمال العراق وهنا تظهر احدى المفارقات للجمهورية الاسلامية التي كان يرأسها الخميني، كيف اجاز الخميني لنفسه ان يستقبل عميلين مكشوفين للمخابرات المركزية الامريكية (1) وعميلين للشاه الايراني في الوقت نفسه وهو الذي عاصر المجازر التي ارتكبت في شمال العراق على يد هؤلاء باسلحة امريكية ايرانية، وعاصر اقتتال الاخوة في شمال العراق بمساندة الشاه الذي كان الخميني احد ضحايا تعسفه واستبداده وها هو اليوم يصافح يدا طالما صافحت الشاه واخذت منه المال والسلاح لقتل المسلمين، ثم هو لا يقنع بالمصافحة بل يسلك الطريق نفسه الذي سلكه الشاه فيمد العصابة هذه بالسلاح والمال ويامرهم ان يسلكوا الطريق الذي امرهم الشاه ان يسلكوه. ان هذا من اغرب التناقضات التي يسجلها تاريخ الثورة الايرانية عن المنحنى الفكري لمرشد الثورة والذي بدأ

(1)"1" راجع الخميني والمتناقضات.

ص: 79

يتجلى في تناقضه مع روح الاسلام ومصلحة المسلمين. وقد زاد الطين بله تنصيب الدكتور مصطفى جمران المسؤول عن منظمة امل اللبنانية المعروفة بعدائها للعراق وزيرا للدفاع لكي ينسق مع المنشقين العراقيين ضرب العراق، ومن اغرب المفارقات ايضا ان حسين الخميني حفيد الخميني ذكر لي انه حمل إلى جده وثائق زودته بها منظمة فتح تثبت ان جمران عميل للمخابرات المركزية الامريكية، كما انه ابلغ جده موقف جمران من القضية الفلسطينية وكيف ان يداه ملطختان بدماء الفلسطينيين عندما كان مسؤولا عن منظمة امل في لبنان الا ان جده لم يعر اذنا صاغية لهذه التقارير بل ازداد في تعلقه بجمران وثبته في مركزه كوزير للدفاع. ومع ان حسين الخميني صفع جمران في مطار طهران وامام الجموع المحتشدة عسى ان تؤدي هذه الاهانة الكبيرة لاستقالته من الحكومة الا ان جمران تمسك بمنصبه ولم تهزه صفعة الخميني الصغير املا بعطف الخميني الكبير، ولم يقنع الخميني بمساعدة البرزانيين فحسب بل مد يده إلى جلال الطالباني وامده بالمال والسلاح ليقوم هذا الشخص بدوره ايضا بايجاد القلاقل في العراق. ولقد اتصلت بي شخصية سياسية عربية كبيرة في حينه واخبرتني انه حسب المعلومات المتوفرة لدى حكومته فان جلال الطالباني يقوم بدور خطير للروس في المنطقة حسب الاتفاق مع سوريا وان امداد الطالباني بالسلاح والعتاد انما هو في حقيقته امداد للشيوعيين المتواجدين في ايران وان الجمهورية الاسلامية في حقيقة الامر تساهم في تسليح الشيوعيين الايرانيين الذين سيضربون الجمهورية عندما تحين لهم الفرصة وان هذه الاسلحة ستستخدم لضرب ايران في المستقبل لا لضرب العراق كما يرغب الخميني، وطلبت الشخصية السياسية العربية مني ابلاغ السيد بني صدر بهذا الامر فابلغته على عجل وبلغ بني صدر الخميني ولكن الاخير لم يعتبر بكل ما قيل له في هذا المجال حسب عادته المألوفة ودخلت الازمة الايرانية العراقية

ص: 80

إلى مراحل خطيرة عندما قال الخميني في خطاب اذاعي تلفزي انه سيحتل بغداد في غضون (4) ساعات واعلن بني صدر في خطاب اذاعي آخر انه لايستطيع وقف زحف الجيش الايراني على العراق واحتلال العاصمة العراقية اذا ما اراد الجيش الايراني ذلك، ونزولا عند رغبة الخميني ركزت اجهزة الاعلام الخمينية هجومها ضد العراق من الصباح حتى المساء وتحركت فرق من الجيش الايراني إلى الحدود واستقرت مجموعة كبيرة من حرس الثورة في الحدود الايرانية وبدأ القصف المدفعي للاراضي والقرى العراقية في اناء الليل واطراف النهار.

ولما لم تنفع كل الخطوات الخمينية لضرب العراق ارتكب خطأ آخر كان بحد ذاته مميتا للخمينية في المنطقة ومدعاة للسخرية والاستهزاء في الوقت نفسه حيث كشف نواياه ونوايا خلفائه وحكومته لقد اراد الخميني ان يستغل الطائفية في العراق ويتخذ من شيعة العراق بصفته زعيم ايران الشيعي اداة لضرب الحكم القائم وبدأ يوجه نداءات إلى شيعة العراق يطلب منهم القيام ضد الحكومة والصعود على اسطح البيوت للتكبير والتهليل الامر الذي حدث في ايران في ظروف خاصة ومع ان شعب العراق بطائفتيه استهزأ بهذه النداءات الصبيانية الطائشة واستنكرها واتخذ من الخميني اضحوكة في مجالسه ونواديه الا ان الاخير لم يعتبر بكل هذه الاهانات بل كرر ابواقه ندائه بين فينة واخرى يطلب من الجنود العصيان في الثكنات ومن الشعب الصياح فوق السطوح واغرب ما في هذه الفكرة الحمقاء المضحكة هو ان صاحبها عاش في العراق 15 عاما وعاصر عن كثب السيد الحكيم الذي كان المرجع الديني الكبير للشيعة في العراق واراد استغلال الطائفية لضرب الدولة الحاضرة في ابان قيامها وأى بأم عينه كيف ان الشيعة خذلت الحكيم ووقفت ضده معبرة عن شعورها واستيائها العميق نحو زعيمها الذي اراد ان يستغلهم في صراع بينه وبين

ص: 81

الدولة لاقبل لشيعة العراق فيه. واثر هذا الصراع اهين السيد الحكسم في عقر داره والنجفيون رموا بالحجارة طلبة الافغان الذين خرجوا متظاهرين في شوارع النجف تأييدا للحكيم وضربوهم بالعصى واهانوهم شر اهانة. والخميني آنذاك كان في النجف يرى عن كثب كل ما الحق بالسيد الحكيم من اهانة وذل وهزيمة منكرة حتى هو بنفسه لم يقف بجانب السيد الحكيم في تلك المحنة بل وقف مع الدولة التي كان آنذاك يدعوا لها بالعمر المديد، انها الدولة التي هو اليوم في حرب معها، ثم ان الخميني اذا كان يقرأ تاريخ العراق المعاصر وكانت له قدرة الاستنتاج من الحوادث التاريخية لكان يستنتج بوضوح ان شيعة العراق لم يسمحوا لاحد مهما كان شأنه وقدره ان يستغلهم في مآربه السياسية وان ابغض الاشياء لديهم هو المتاجرة بانتمائهم الطائفي.

ان التاريخ يحدثنا ان الشيعة والسنة اشتركوا في ثورة الاستقلال عام 1920 ودحروا الانكليز وقواه المدججة ب 400 الف جندي مسلح، وعندما اراد الشعب العراقي اختيار الملك ذهب زعماء الشيعة والسنة معا إلى الحجاز لدعوة ملك سني هو الفيصل بن الحسين ليتربع على عرش العراق وكان الوفد العراقي مؤلفا من زعماء الشعية والسنة معا. كان من الشيعة الشيخ محمد رضا الشبيبي والسيد محسن ابو طبيخ والحاج محمد جعفر ابو التمن وكان من السنة السيد النقيب. ولم يحدث أي نقاش بين الطائفتين لانتخاب الملك على اساس الطائفية او احقية احدى الطائفتين بان يكون الملك منها، بل ذهب وفد الطائفتين إلى الحجاز بقلب واحد وعقل واحد وروح واحدة، أي بالاخوة الاسلامية التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لترسيخها في كل ضمير وعقل. وبعد ثورة الاستقلال يعيد التاريخ نفسه لتجتمع الشيعة والسنة لمحاربة الانكليز مرة اخرى وذلك في عام 1941 حيث افتى المرجع الاكبر للشيعة وهو جدنا السيد ابو

ص: 82

الحسن وسائر المراجع مثل الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء والسيد عبد الحسين الحجة ومراجع السنة الكبار مثل الشيخ نجم الدين الواعظ والشيخ امجد الزهاوي. وتكاتفت الشيعة والسنة لمحاربة العدو المشترك.

وفي سنة 1949 اجتمعت الشيعة والسنة مرة اخرى لضرب معاهدة بورتسموث والاطاحة برئيس وزراء شيعي هو صالح جبر ولم يحدث أي نقاش بين الطائفتين حول اسقاط رئيس الدولة الذي كان ينتمي إلى الشيعة بل اتفقتا لاسقاطه عندما رأت انه يتعامل مع الاستعمار الانكليزي وبالفعل سقطت دولة الجبر بين عشية وضحاها وكانت التظاهرات الصاخبة محورها النجف وكربلاء اكثر من أي مدينة اخرى. ومرة اخرى اتفقت الطائفتان لضرب عبد الكريم قاسم ونجحتا في نضالهما المشترك ودحر القاسم وزال نظامه، ولم يحدث حتى الآن ان اتخذت احدى الطائفتين الرئيسيتين في العراق الطائفية وسيلة لاغراض العداء السياسي بينهما او مع الحكومة.

نعم اذا كان هناك خطر حقيقي يهدد العراق فان الشيعة والسنة يواجهون الخطر مشتركين ويناضلان مشتركين واذا كانت هناك حكومة غير وطنية فانهما سيواجهونها بنفس الروحية ايضا كما حدث في حرب الاستقلال وثورة رشيد عالي او حكومة صالح جبر وعبد الكريم قاسم، اذن فان كلا من شيعة العراق وسنة العراق عراقيون قبل انتمائهما المذهبي.

اليس من المؤسف والمؤلم ان الحاكمين في ايران وعلى رأسهم شيخهم الكبير لا يدركون بديهيات التاريخ ونفسيات الشعوب، اوليس جنود العراق المتواجدين اليوم من اقصى الحدود إلى اقصاها والذين يحاربون الدولة الخمينية كلهم من ابناء الشيعة والسنة معا من ابناء الكربلاء والنجف والكاظمية وسامراء والموصل وذي قار والانبار والبصرة، واليست الغلبة في الاسامي انما هي للحسين وعلي وجعفر وصادق وكاظم،

ص: 83

ومع كل هذا ألم يأن لهذا الشيخ العجوز ان يفيق من ظلمات الجهل والغدر والغباء.

وبعد كل هذا ما هذا الاسلام الذي يدعيه الخميني واي اسلام هذا الذي اتخذ منه شعارا في اقتتال الاخوة وايجاد الفرقة والنعرات الطائفية والتعاون مع عملاء الاستعمار لضرب دولة جارة مسلمة وقتل ابنائها. ان لغة السياسة مع ما فيها من انعطاف واساليب ملتوية لا تجوز هذه السياسة النكراء التي تشمئز منها روح الانسانية فكيف وهذه المنكرات التي ترتكب باسم الاسلام اليس هذا يعني ان هناك مؤامرة شريرة للاطاحة بمعاني الاسلام ونقاء صورته وصفاء واقعه امام العالم وان الذين ينفذون هذه المؤامرة الخبيثة انما هم نفر من الجن ظهروا في لبوس رجال الدين لهدم الاسلام وقد بذلوا جهدا يفوق على ما بذله الصليبيون والمغول معا في تحقيق اهدافهم واخذوا على عاتقهم المشئوم هدم الاسلام في كل زمان ومكان وقد كانوا اطول باعا واقوى ذراعا من أي طابور خامس ظهر حتى الآن في تاريخ الدول القديمة والحديثة. ولقد كادوا الكيد ونشروا الرعب وقالوا في الاسلام ما لم يقله احد من قبل ولا من بعد. الا ان يقظة الامة الاسلامية وحرصها اكتشفت زيف هذه العصابة ونواياها الشريرة فوقفت صفا واحدا كالبنيان المرصوص تدافع في هذا المنعطف الخطير من تاريخ الاسلام عن كرامته وسمعته (ولولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) لكانت امة الاسلام تنكب بالخمينية نكبة لا يقوم لها قائمة بعد اليوم، ولكن الحمد لله ان يقظة الامة لم تهمل الخميني لتظهر إلى الوجود كما ظهرت البهائية والقادرية بل تركها في مهب الريح لتنزف جراحا ودما وحقدا وبغضا ولتكون كالعصف المأكول في حاضر الزمان ومستقبله.

وقبل ان انهي هذا الفصل اود ان اكشف هنا سرا قد يكون جوابا على كثير من التساؤلات التي تدور حول الحرب الايرانية العراقية بل انه

ص: 84

جواب للتاريخ وللاجيال القادمة التي لم تعاصر محنة الاسلام في هذه البلاد.

قد اراد الخميني وبذل قصار الجهد لتنصيب متهم بعمالة اسرائيل واجنبي لاينتمي إلى ايران بصلة رئيسا لجمهورية ايران لانه كان متجاهرا بعدائه للعراق ويبارك الحرب معها بل هو من اشد المتحمسين لها. كان هذا هو جلال الفارسي الافغاني المولد والذي هاجر إلى ايران في سن الشباب وحصل على الجنسية الايرانية ثم انتمى إلى الخميني وجماعته، وجاء إلى العراق عندما كان الخميني لاجئا في العراق فتعرف عن طريق الخميني باجهزة الدولة العراقية التي كانت تحميه فزودته الحكومة العراقية بجواز سفر عراقي وبمساعدات مالية عندما غادر العراق إلى لبنان، غير ان الفارسي لم يلبث كثيرا في لبنان فقد داهمت الشرطة اللبنانية داره للقبض عليه بتهمة التجسس لاسرائيل وعثرت الشرطة في داره على مخطط للحدود اللبنانية الاسرائيلية وفر الفارسي إلى سوريا ونشرت الصحف اللبنانية هذا النبأ باسهاب واطناب.

ودخل الفارسي إلى العراق بعد ذلك ليعيش فيه الا ان الحكومة العراقية رفضت ايوائه بعد التهمة الموجهة اليه وسحبت منه جواز السفر العراقي وارغمته على مغادرة العراق، فعاد إلى سوريا ليعيش فيها بعض الوقت والتحق بالخميني في باريس ليعود معه إلى ايران، وبدأ الفارسي في ايران حملاته ضد العراق من الاذاعة الفارسية ومنذ الايام الاولى من نجاح الثورة عرف نفسه بانه سيكون الرجل المفضل لدى الخميني في هذا المضمار، وعندما امر الخميني بتعيينه رئيسا للجمهورية رشحه الحزب الجمهوري الاسلامي وصرف الملايين لفوزه في انتخابات الرئاسة غير ان الرياح جرت على غير ما كان الخميني يشتهيه فانبرى قوم من المناضلين ضد هذا الترشيح.

ص: 85

لقد كنت انا اول من كشف هذا السر لان الرجل عندما كان في العراق صارحني بحواله وفصله ونسبه واردت اعلان الخبر في الصحف فمنعني اصدقاء مخلصون وطلبوا مني ان لاادخل المعمعة بنفسي حتى لا اثير الخميني وجماعته فيتحمسون للرجل اشد التحمس وسوف لايجدي الامر شيئا، ولذلك اخذوا على عاتقهم كشف السر للجماهير الايرانية وكان نجاحهم باهرا وعظيما في مهمتهم فبين عشية وضحاها عرف الشعب الايراني ان الخميني وحزبه يريدون تنصيب رجل اجنبي عليه كأول رئيس لجمهوريته الاسلامية، كما انهم قرأوا في الصحف نص البيان الرسمي الصادر من الاحوال المدنية الذي كان يقول ان الرجل مولود في افغانستان وانه حصل على الجنسية الايرانية بعد ان هاجر اليها وبلغ سن الرشد وهكذا منع الرجل من خوض انتخابات الرئاسة بنص الدستور الايراني الذي كان يقول ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون مولودا في ايران ومن اب ايراني، ودحر الحزب الجمهوري والخميني معا وولوا الادبار. لقد اشرت في مقدمة هذا الفصل إلى محادثاتي مع الخميني وها انا اختم الفصل بكشف تلك المحادثات لنبدأ فصلا آخر من فصول الكتاب بأذن الله.

لقد دام اللقاء ساعة تحدثت معه بصراحة بالغة وفي شتى المواضيع وكان بيت القصيد في المحادثات العلاقات الايرانية العراقية، قلت له: اذا كنت مغتاظا من الخروج من العراق فان ذلك قد مهد لك من الاتصال بالصحافة العالمية ما لم تستطع ان تفعله في النجف، اذن كان خروجك من العراق لمصلحة الثورة الايرانية. ان الحكومة العراقية قدمت لك ولحاشيتك من العون طيلة 15 عاما ما لم تقدمه اية حكومة اخرى في العالم لللاجئين السياسيين، وانت اليوم في سدة الحكم في ايران ما تزال محتاجا إلى مساعدة العراق فاذا تريد بناء ايران فلا تعادي الجيران ولا سيما اقربهم

ص: 86

إلى ايران ثم اقول لك ما عدا مما بدا ان رسائلك الموجهة إلى المسئولين العراقيين لازال حبرها لم يجف بعد وها انت الذي كنت تختمها بالدعاء والتوفيق والنصر لحكومة العراق رئيسا وشعبا واليوم يسمع منك العراق ما يناقض ما قلته وخطته بيمينك في الامس، ان هذا التناقض في القول والعمل قد يصدر من ممتهن السياسة البحتة ولاعجب ولا غرو اما من زعيم ديني فيحير العقل ويربك النفس، كان جوابه ماذا فعلت حتى تقول لي هذا الكلام فعددت له الكثير من الممارسات العدائية الي مارستها الجمهورية الفتية ضد العراق بما فيها البرقية الجوابية للرئيس العراقي احمد حسن البكر وما تضمنتها من جفوة وقسوة في الكلام، فقال كانت نصيحة فكان جوابي التحية ترد باحسن منها او مثلها كما تقول الآية الكريمة ولا ترد بالكلام الجارح، ثم اعلم الجار ما من صداقتها بد. قال: وزراء خارجية البلدين يتحدثان بينهما لحسم المشاكل وانا انتظر التقرير من وزير خارجية ايران.

قلت: ان مايدور في اروقة وزارة خارجيتكم تضييع للوقت وتبديد للامال وانت تعرف هذا جيدا انا اضمن لك اذا قبلت اقتراحي ان يكون العراق نصيرا لايران وعونا وسندا وظهيرا لها في حاضرها ومستقبلها. ثم قال

وقلت (1)

وعرجت بعد ذلك إلى الاشاعة التي كانت تدور رحاها في ايران من انه ينوي ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، وقلت: حصلت الهند على استقلالها وبنفوسها البالغة 600 مليون هندوسي ومسلم بفضل مهاتما غاندي دحرت اعظم امبراطورية عرفها تاريخ الانسان، وبعد ان استقلت الهند، ارتفع غاندي عن قبول أي منصب بل كان مقامه اشمخ من ان يعرض عليه منصب ومقام وانصرف إلى رسالته الاساسية وهو التوحيد بين مختلف القوميات في الهند لبناء الهند

(1)"1" راجع فصل الخميني في الميزان.

ص: 87

الجديد، والتاريخ يخلد غاندي لانه اسس اكبر دولة ديموقراطية في التاريخ الحديث وهو لم يغتنم منها جلد شعيرة.

انك لو بقيت على وسادتك كمرشد للثورة وكزعيم روحي للامة ولم تطلب لجهادك جزاء ولا شكورا فان رؤساء الجمهورية سيصطفون على بابك وستدخل في التاريخ من اوسع ابوابه.

قال: كلا، لم ارشح نفسي للرئاسة ولا اريد جزاءا ولا شكورا.

ومع ان الرجل التزم بكلامه هذا وامتنع عن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية الا انه رشح نفسه للولاية المطلقة والامامة العظمى ونال ما اراد، فقد جعل نفسه بنص الدستور الجديد حاكما بامر الله على العباد والبلاد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهكذا جعل من الدستور الايراني اضحوكة وسخرية وهراء وعبثا تضحك الثكلى ولولا ان التاريخ قد يكشف للاجيال القادمة التزوير الذي اقر في ظله هذا الدستور المهين للانسان والانسانية واهانة كرامة الامة الايرانية في حاضرها ومستقبلها لكانت الاجيال القادمة تعلن في اناء الليل واطراف النار آباءا وامهاتا واجدادا وجداتا اقرت العبودية والرقية والذلة لشعب باسره ونصبت عليه ولاة طغاة جناة جفاة في رداء الاسلام ولبوس الدين لا يفقهون من الحق شيئا ولا يجدون اليه سبيلا.

لقد خرجت من عند هذا الرجل وقد لمحت فيه آثار الارهاق والنسيان وعدم الاتزان في التفكير بما في ذلك روح اجرامية نمت وترعرعت لم نكن نعرفها من قبل. ورأيت ابنه احمد في قارعة الطريق وكانت من الاسئلة التي وجهتها اليه كيف ذاكرة ابيك فقال: لاشيء، ثم اضاف قائلا انا السيد والسيد انا، وقلت انا اتنفس الصعداء، وعلى ايران السلام وعلى الاسلام في ايران السلام. ولاحمد هذا من العمر 28 عاما، اما مبلغه من الثقافة فهو خريج المتوسطة.

ص: 88

وفي مشهد الرضا عليه السلام التقيت بالامام الشريعتمداري واعرب لي عن اهتمامه البالغ بالعلاقات بين العراق وايران وقال انه يتمنى من كل قلبه ان تسود العلاقات الاخوية الصادقة وحسن الجوار بين البلدين ولو كان بوسعه لعمل بكل ما اوتي من قوة وجهد في هذا السبيل الذي فيه رضا الله ورضى رسوله ومصلحة الاسلام والمسلمين.

وفي طهران زارني السيد داريوش فروهر وزير العمل في دولة بازركان ورئيس حزب الامة ليخبرني بحديث مخيب للامال قال الوزير داريوش: ان مجلس الوزراء برئاسة بازركان بحث مقترحاتكم للتقارب مع العراق وفتح صفحة جديدة في العلاقات مزدهرة ونافعة، وكان بازركان متحمسا للفكرة اشد التحمس ويورد الدليل تلو الدليل لمصلحة التقارب والتعاون مع الجيران ولا سيما العراق واكثر الوزراء كانوا متحمسين ايضا واتخذ مجلس الوزراء بعض القرارات المناسبة لمثل هذه الخطوة، الا انه لم يمض يومين على تلك المحادثات واتخاذ القرارات حيث طلبني الخميني إلى قم على عجل وعندما بلغت مجلسه لم يمهلني الكلام بل بدا الحديث بغضب انفعال وقال لي: بلغ بازركان لقد بلغني تحمسك في التقارب مع حكومة العراق فوالله لو مددت يدك إلى الرئيس العراقي صدام حسين لقطعتها.

واختم هذا الفصل بسرد حديثين متناقضين سمعتهما من بني صدر احدهما قبل رئاسته والاخر بعدها كي اثبت مدى توغل الخميني في اشعال الحرب ضد العراق ومسئوليته الكاملة لهذه الحرب امام الله والتاريخ، لقد قال لي بني صدر قبل ان ينتخب رئيسا للجمهورية، هل رأيت كيف ان الخونة لم ينتصحوا بنصحك عندما نصحتهم في التقارب مع العراق، فلماذا هذا العداء ونحن بحاجة ماسة إلى الاصدقاء لبناء بلادنا وحل مشاكلنا الداخلية، ولكنهم يريدون تحطيم ايران. ودارت الدوائر واصبح بني صدر رئيسا لايران وذلك بعد شهر من ادلائه بهذا الكلام واذا

ص: 89

به يفاجئني في اول لقاء معه في داره بقوله " لابد لنا من محاربة العراق " ومع انني عرفت فورا ان هذا الكلام انما هو من ايحاء الشيخ العجوز وهو مرغم على الادلاء به، الا انني خرجت من طوري واجبته بلهجة قاسية ان جيشك لايستطيع العبور من قصبة سنندج منذ عام فكيف تريد ان تحارب اقوى دول المنطقة، ثم اضفت وما عدا مما بدا، فطأطأ الرجل رأسه ولم ينبس بكلام، وهكذا خطط الخميني لحرب الاحقاد فكانت.

ص: 90