المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدب الإسلام في استئذان الأطفال: - أدب الطفولة بين القرآن الكريم والسنة الشريفة

[علي علي صبح]

الفصل: ‌أدب الإسلام في استئذان الأطفال:

‌أدب الإسلام في استئذان الأطفال:

حث الإسلام على إفشاء السلام وتبادل التحية بصفة عامة لإشاعة السلام والأمن، ونشر المحبة، والتعاون على البر والتقوى، لا الإثم والعدوان، قال تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 61] ، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذاريات: 24،25]، وعن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فقل السلام عليكم أأدخل" رواه أبو داود والترمذي.

وكذلك الإستئذان في الدخول على الآخرين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [النور: 27-31] .

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" رواه البخاري ومسلم، وقال تعالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]، عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله

ص: 18

-صلى الله عليه وسلم: "يا بني إذا دخلت بيتك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك" رواه الترمذي، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع" رواه البخاري ومسلم، هكذا حث الإسلام على أدب إفشاء السلام وتبادل التحية بين الناس، مؤكدا على أن يبدأ به الصغير على الكبير توقيرا له وعرفانا بفضل الله عليه.

لكن أدب استئذان الأبناء والأطفال في الدخول على آبائهم وأمهاتهم داخل البيوت وعلى غيرهم من باب أولى، فقد صوره القرآن الكريم تصويرا بلاغيا معجزا ليحدده في أوقات ثلاث فقط، وما عداها فمجاله مفتوح غير مقيد به في غير ذلك من الأوقات، لأن هذه الأوقات الثلاثة يجنح الإنسان فيها إلى عدم المكاشفة ويميل إلى التكتم والراحة ويتخفف من ثيابه، ويفضي إلى نفسه بأسرار لا يحب أن يتطلع عليها غيره أو يستغرق في التأمل والتدبر أو في النوم، فيكره أن يزعجه أحد بالدخول ولو ابنه، ليتجدد نشاطه بعد ذلك، ويعيد إلى الجسد طاقاته وحيويته، فيباشر أعماله في دأب ونشاط، لذلك كان من الواجب على الأطفال أن يتأدبوا بأدب الإسلام ويتخلقوا بخلق القرآن الكريم والسنة الشريفة، يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58-59] ، وهذه القيم الحضارية -التي أدب بها القرآن الكريم والسنة الشريفة- أدب رباني أبهر العقول وباتت مبهورة بهذا التشريع السماوي الذي يتفق مع الأدب الجم، والذوق الرفيع، والرقي الإنساني وسمو المبادئ الإنسانية التي اصطفى بها الله عز وجل هذه الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، فيعم الخير والبركة على من ألقى السلام والتحية وآنس الاستئذان، وعلى من رد التحية والسلام وسمح بالدخول:{تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} "يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك"، "رجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله"، ومن كان الله ضامنه وكفيله فلن يتعرض للأذى مطلقا.

ص: 19