الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالْكفْر المنضم إِلَى آخر الْحَيَاة
فَإِذا عرفت ذَلِك فنستدل على مرام الإِمَام بِحَسب مَا أطْلعنَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمقَام بِالْكتاب وَالسّنة واتفاق أَئِمَّة الْأَنَام
الْأَدِلَّة من الْكتاب
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم}
فقراءة الْجُمْهُور على الْمَجْهُول فِي النَّفْي وَقِرَاءَة نَافِع على
الْمَعْلُوم بِالنَّهْي
وَقد أخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه قَالَ
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْت شعري مَا فعل أبواي
فَنزلت {إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم}
فَمَا ذكرهمَا حَتَّى توفاه الله تَعَالَى
وَفِيه دَلِيل وَاضح على الْمُدعى وتنبيه نبيه على أَن هَذَا حكم لم ينْسَخ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا لَا يخفى
قَالَ الْعَلامَة السُّيُوطِيّ
هَذَا مُرْسل ضَعِيف الْإِسْنَاد
قلت الْمُرْسل حجَّة عِنْد الْجُمْهُور من الْعلمَاء فِي الْأُصُول والاعتقاد والطرق المتعددة للْحَدِيث ترفع الضعْف وتوصله إِلَى الْحسن أَو الصِّحَّة عِنْد الْكل فِي الِاعْتِمَاد
وَأخرج ابْن جريرعن دَاوُد بن ابي عَاصِم رضي الله عنه
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَات يَوْم أَيْن أبواي فَنزلت
قَالَ السُّيُوطِيّ
وَالْآخر معضل الْإِسْنَاد ضَعِيف
قلت المعضل عندنَا حجَّة وَضَعفه يتقوى بالتعدد وَلَا سِيمَا وَقد تعلق بِهِ اجْتِهَاد الْمُجْتَهد فَدلَّ على صِحَّته وَلَو حَدِيث ضعف بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا فِي رِوَايَته ويكتفى بِمثل ذَلِك فِي أَسبَاب النُّزُول كَمَا هُوَ مَعْقُول عِنْد أَرْبَاب النقول
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْرَج أَنه قَرَأَ {وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} أَي أَنْت يَا مُحَمَّد كَمَا فِي الدّرّ المنثور
وَفِي تَفْسِير الْعِمَاد بن كثير
قَالَ عبد الرَّزَّاق أنبأ الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْت شعري مَا فعل أبواي لَيْت شعري مَا فعل أبواي ثَلَاث مَرَّات فَنزل {إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا} فَمَا ذكرهمَا حَتَّى توفاه الله عز وجل
وَهَذَا يُؤَيّد مَا قدمْنَاهُ فَتدبر وَتَأمل
وَرَوَاهُ ابْن جرير عَن أبي كريب عَن وَكِيع عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة
مثله وَذكر الحَدِيث الآخر بِسَنَدِهِ كَمَا تقدم
ثمَّ قَالَ ابْن كثير
وَقد رد ابْن جرير هَذَا القَوْل الْمَرْوِيّ عَن مُحَمَّد بن كَعْب وَغَيره فِي ذَلِك لِاسْتِحَالَة الشَّك من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي أَمر أَبَوَيْهِ وَاخْتَارَ الْقِرَاءَة الأولى
يَعْنِي النَّفْي قَالَ
وَهَذَا الَّذِي سلكه هَا هُنَا فِيهِ نظر لاحْتِمَال أَن هَذَا كَانَ فِي حَال استغفاره لِأَبَوَيْهِ قبل أَن يعلم أَمرهمَا فَلَمَّا علم ذَلِك تَبرأ مِنْهُمَا وَأخْبر عَنْهُمَا أَنَّهُمَا من أهل النَّار كَمَا ثَبت هَذَا فِي الصَّحِيح وَلِهَذَا أشباه كَثِيرَة ونظائر وَلَا يلْزم مَا ذكره ابْن جرير
انْتهى كَلَام ابْن كثير
وَقَالَ محيي السّنة فِي تَفْسِيره معالم التَّنْزِيل
قَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَات يَوْم لَيْت شعري مَا فعل أبواي فَنزلت هَذِه الْآيَة
أَقُول وَهَذَا النَّقْل من ابْن عَبَّاس حبر الْأمة كَاف فِي الْحجَّة لَا سِيمَا وَهُوَ من أهل بَيت النُّبُوَّة وَلَو كَانَ هُنَاكَ ترددا فِي الْقَضِيَّة لما ذكر مثل هَذِه الْقِصَّة المستلزمة المغصة
وَكَذَا نقل الواحدي عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما ثمَّ قَالَ
وَهَذَا على قِرَاءَة من قَرَأَ {وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} جزما
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ
قَرَأَ نَافِع وَيَعْقُوب {وَلَا تسْأَل} على أَنه نهى للرسول صلى الله عليه وسلم عَن السُّؤَال عَن حَال أَبَوَيْهِ انْتهى
وَالْحَاصِل أَن عَامَّة الْمُفَسّرين كالمجمعين على أَن هَذَا سَبَب نزُول الْآيَة
وَمن الْمُقَرّر فِي علم الْأُصُول أَن نقل الصَّحَابِيّ فِي سَبَب النُّزُول وَلَو كَانَ مَوْقُوفا فَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع الْمَوْصُول فَكيف وَقد ثَبت رَفعه بطرق مُتعَدِّدَة وأسانيد مُخْتَلفَة