المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عصره وذكر تاريخ وفاته وشيء عن نشأته. فكل ما قيل - الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة

[عمر عبد الرحمن الساريسي]

الفصل: عصره وذكر تاريخ وفاته وشيء عن نشأته. فكل ما قيل

عصره وذكر تاريخ وفاته وشيء عن نشأته. فكل ما قيل عنه لا يعدو ذكر ميلاده في أصفهان واختلافه إلى بغداد وأنه إمام في اللغة والأدب والتفسير، وأنه قد توفى عام502 هـ.

ولقد كان الفارق الكبير بين ما يحق له من شهرة علمية مناسبة وبين هذا التنكر والتجاهل حافزاً قويا على العكوف على دراسته وتقصي أخباره مهما بعدت مظان أخباره وآثاره.

وكان مما انتهى إليه الباحث، في هذا البحث، أن خيل إليه أنه قد جَمع ما يمكن أن يكوّن صورة أولية عن حياة الراغب وعصره وعن جهوده الفكرية واللغوية.

أما في الأولى فأهم ما يزعم أنه قد توصل إليه أن صاحبه لم يتوف عام 502، كما زعم أكثر الذين ذكروه، بل إنه على المرجح أن يكون قد توفي قبل هذا التاريخ بقرن كامل من الزمان!! وهو فرق ليس باليسير في معرفة رجال التراث.

وأما في الثانية فقد وقف على جهود للراغب في كل من اللغة والأدب والتفسير والفرق الإسلامية والتربية والأخلاق مما يستحق أن يفرد له مقالة برأسها، وهانحن هنا نحاول أن نَرصد جهوده اللغوية، والله من وراء القصد.

ص: 223

‌جهود في اللغة

‌آثاره اللفوية

جهوده في اللغة:

آثاره اللغوية:

وفي بداية تعرفنا على جهود الراغب الاصفهاني في الأدب واللغة نحاول أن نتعرف أولاً على آثاره الأدبية واللغوية ولعلها تنحصر في (محاضرات الأدباء) وفي (مجمع البلاغة) وفي (المفردات في ألفاظ القرآن) ، ولم تخل سائر آثاره من الخبرة العميقة باللغة ومن استخدامها في الوصول إلى الحقائق المبتغاة.

أما (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) فلعله أشهر مصنفات الراغب على وجه الإجمال، "فهو خزانة أدب وشعر وحكم وأمثال" كما يذكر أحد الباحثين1، "وخير ممثل لثقافة العصر الذي عاشه الراغب" كما يقول باحث أخر2، يقع في خمسة وعشرين باباً، يسمي كل باب حدا، ويتضمن كل باب موضوعات تتفرع عن العنوان الأساسي للباب.

1 جورجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، دار الهلال ج3.

2 د. عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي 3/214.

ص: 223

ففي الباب الأول وعنوانه (العقل والعلم والجهل وما يتعلق بهما) يبحث في الموضوعات التالية (العقل والحمق وذم اتباع الهوى، ما يحد به العقل وبنوه والحمق وذووه، الحزم والعزم والظن والشك 000)

يقول في المقدمة: "وقد ضمنت ذلك طرفاً من الأبيات الرائقة والأخبار الشائقة 000"2، وكان يحرص أن يجمع هذه الأخبار وهذه الأبيات من جيد المنثور والمنظوم مما سبق من عهود التراث، في موضوعات متنوعة من الثقافة والأدب والاجتماع، جرياً على عادة الكتاب في القرن الثالث والرابع الهجريين من (أن الأدب هو الأخذ من كل علم بطرف) . ويبدو أنه كان يرمي إلى أن يجعل من كتابه مادة تعليمية ينهل منها الشادون في الأدب والمتعلمون.

وكان فيه إلى جانب الجد والأخبار لون من الهزل والغزل والمجون، فمن شاء وجد منه ناسكا يعظه ويبكيه ومن شاء صادف منه فاتكاً يضحكه ويلهيه3، كما يقول.

وطريقته في التأليف فيه هي أن يجمع تحت الموضوع الذي عقده ما يناسبه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحكم مأثورة وأشعار مروية وأخبار سائرة وأمثال نادرة.

ويبدو أن كلمة (محاضرات) الأدباء كانت تعني مجالسهم وما يطرح فيها من أدب وأخبار.

وقد لقي هذا الكتاب عناية كبيرة فقد ترجم إلى اللغات الأوربية4، وهذب وشذب5، ونشر عدة مرات في القاهرة وفي بيروت6.

أما (مجمع البلاغة) فهي المخطوطة التي قمت بتحقيقها من أعمال الراغب، وقد وجدت من التحقيق أنها في أغلبها مأخوذة من كتاب المحاضرات، لذلك فهي تأخذ منهاجه ومادته إلى حد ما، ولكنها تتميز عنه بغزارة المادة اللغوية في صيغ الأفعال وصيغ الأسماء والتراكيب الأدبية، وما بين متشابهاتها من فروق دقيقة.

1 طبعة دار مكتبة الحياة، 1960، في مجلدين.

2 ترجمة فلوجل-دائرة المعارف الإسلامية المجلد9 عدد1 ص 407.

3 طبعة دار مكتبة الحياة 1960 في مجلدين.

4 نشره إبراهيم زيدان عام 1902 مختصرا، ونشره أنور الجندي عام 1960 مختصراً، وزارة الثقافة المصرية.

5طبع عام 1284 بمطبعة بولاق وعام 1287 بالمطبعة العثمانية و1305 بمطبعة جمعية المعارف، 1310 بالمطبعة الشرفية، 1322 مطبعة السعادة، 1326 المطبعة العامرة.

6 طبعة دار مكتبة الحياة 1960 في مجلدين.

ص: 224