الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: أخطاء المؤلف فى الباب الثانى
* الفصلان الثانى والثالث:
وهما من أخطر الأخطاء التى جاءت فى الكتاب، وبيان ذلك:
ماذا قال المؤلف (أمين) ؟
قال: روى البخارى فى صحيحه بسنده عن عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إنّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتى أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتى أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين فقال أهل الكتابين: أى ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً ونحن كنا أكثر عملاً. قال: قال الله عز وجل: هل ظلمتكم من أجركم من شئ؟ قالوا: لا. قال: فهو فضلى أوتيه من أشاء) .
وقال المؤلف (أمين) فى ص 7 ط 2: عمر أمة الإسلام هو من بعثة النبى صلى الله عليه وسلم وإلى أن تأتى ريح لينة من جهة اليمن فتقبض أرواح المؤمنين كلهم ويكون ذلك بعد ظهور ست علامات كبرى للساعة بدءاً من الدجال وانتهاءً بالدخان وهنا ينتهى عمر أمّة الإسلام.
وقال (فى ص 49 الطبعة الثانية أو 35 ط 1) :
" مدة عمر أمّة المسلمين = مدة عمر اليهود مطروحاً منه مدة عمر النصارى،وحيث أن مدة عمر اليهود والنصارى تزيد على ألفي سنة ومدة عمر النصارى هى ستمائة سنة، إذن بالطرح الجبرى يكون:
عمر أمّة اليهود = 2000 - 600 = 1400 سنة تزيد قليلاً
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المائة سنة قليلاّ
إذاً عمر أمّة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلاً
وحيث أن عمر أمّة الإسلام = عمر أمّة اليهود - عمر النصارى
إذاً عمر أمّة الإسلام = 1500 - 600 = 900 سنة تزيد قليلاً
+ 500 سنة
----------------
إذاً عمر أمّة الإسلام = 1400 سنة تزيد قليلاً
وقد بين المؤلف (أمين) سبب الـ 500 سنة التى أضافها فى المعادلة، ونجد أن الحساب يختلف باختلاف الطبعات:
ففى الطبعة الأولى أوضح أن:
مدة عمر اليهود تزيد على 2000سنة، ومدة عمر النصارى 600 سنة وبذلك يكون:
عمر أمة الإسلام = 1400 سنة تزيد قليلاً (2000 - 600)
وهكذا تجده مرة يقول أن عمر أمة اليهود 1500 سنة، ومرة أخرى يقول 2000 سنة!!!!
ولكن كل ما كان يهمه أن يجعل عمر أمة الإسلام فى جميع الأحوال = 1400 سنة تزيد قليلاً.
ثم انه عدّل بعض نسخ الطبعة الأولى وذلك بلصق ورقة أخرى فوق ص 35 من هذه الطبعة.
أمّا فى الطبعة الثانية فلما وجد حساباته قد أدت إلى أن عمر الأمة 900 سنة،فجاء بحديث ضعيف وقال عنه انه صحيح ليكمل حساباته الخاطئة، حيث انه أوضح فى الهامش أنّ السبب ما يلى:
قال: " جاء ذلك فى حديث سعد بن أبى وقاص يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{إنّى لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم. قيل لسعد: كم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة} . حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والحاكم وأبو نعيم فى الحلية وصححه العلامة الألبانى فى "الصحيحة " برقم 1643 وفى صحيح الجامع فى عدة مواضع ". أنتهى كلام المؤلف.
الرد:
13 -
ولكن! ما نقله المؤلف هنا واعتمد عليه بعد ذلك فى حساباته نقل غير سليم
بل انه قال إن الحديث صححه العلامة الألبانى، ولكن الألبانى لم يصححه!! وارجع إلى السلسلة الصحيحة حديث رقم 1643 بالمجلد الرابع، ستجد أن فضيلة الشيخ الألبانى صحح الحديث باللفظ الآتى:{لن يُعجَز اللهُ هذه الأمّة من نصف يوم} من حديث أبى ثعلبة الخشنى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود 4349 والحاكم 4 / 424 وغيرهما.
أمّا حديث سعد بن أبى وقاص فقد ضعّفه الألبانى فى نفس المصدر السابق وفى ذات الصفحات، فعجباً للمؤلف كيف ينقل عن الألبانى تصحيح حديث فى حين أن الألبانى ضعفه!!! حيث قال الشيخ الألبانى:
(حديث سعد بن أبى وقاص مرفوعاً، وله عنه طريقان:
الأول: عن شريح بن عبيد عنه د 4350 ورجاله ثقات لكن شريح بن عبيدلم يدرك سعداً، ولفظه:{إني لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم}
قيل لسعد: كم نصف ذلك اليوم؟
قال: خمسمائة سنة.
الثانى: عن بكر بن أبى مريم عن راشد بن سعد عنه حم 1 / 170 والحلية 6 / 117، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ورده الذهبي فقال: لا والله! ابن أبى مريم ضعيف ولم يرويا له شيئاً.
قال الألباني: وفى رواية الحلية والحاكم زيادة: (قيل وما نصف يوم؟ قال خمسمائة سنة)
وهى عند أحمد من قول سعد كما فى الطريق الأولى وفى رواية لأبى نعيم من قول راشد.) انتهى كلام العلامة الألبانى.
ومما سبق يتضح أن حديث سعد ورد مرة بطريق فيه انقطاع بين شريح بن عبيد وبين سعد وورد مرة أخرى بطريق فيه رجل ضعيف، وأن زيادة الـ 500 سنة وردت من طريق منقطع أيضاً كما سبق، ومن طريق آخر ليس من قول سعد أصلاً وإنما من قول راشد.
وفى الحلية 6 / 119 نجد أن الحافظ أبا نعيم بعد أن سرد هذا الحديث وأحاديث أخر قال: (هذه الأحاديث كلها من مفاريد راشد فحديث سعد تفرد به ابن أبى مريم) .
قلت: وقد قال أبو زرعة: راشد بن سعد عن سعد بن أبى وقاص مرسل (انظر تهذيب التهذيب، وكذا فى جامع التحصيل فى أحكام المراسيل)،وترجم له الحافظ فى (التقريب) بقوله: ثقة كثير الإرسال.
فهذا هو حال الحديث الذى اعتمد عليه المؤلف، والذى نقل عن الشيخ الألبانى انه صححه مع أن هذا لم يحدث!!!!! والله المستعان.
* ثم قال المؤلف (أمين) : كم تكون هذه الزيادة؟
يقول الإمام السيوطى فى رسالته المسماة (الكشف) فى بيان خروج المهدى يقول رحمه الله ما نصه
" الذى دلّت عليه الآثار أن مدة الأمة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادة خمسمائة أصلاً ". رسالة الكشف عن مجاوزة هذه الأمّة الألف ص 206
مضى من هذا القليل ثلاثون عاماً، فنحن الآن فى عام 1417 هـ نضيف إليها ثلاث عشرة سنة قبل بدء التقويم الهجرى وهى ما بين بعثة النبى صلى الله عليه وسلم إلى هجرته فنحن الآن فى سنة 1417 من الهجرة ولكننا فى سنة 1430 من البعثة.
فنحن إذاً بناءً على ما قدمنا من حسابات مستندين إلى كلام أئمتنا الأعلام المعتمد على ما صح من الآثار - نعيش والعالم فى حقبة ما قبل النهاية فى مرحلة الاستعداد للفتن والملاحم الأخيرة التى تسبق ظهور العلامات الكبرى.
الرد:
14 -
قام المؤلف (أمين) باحتساب عمر الأمة الإسلامية بطريقة رياضية، وتوصل إلى أن عمر الأمة 1400 سنه تزيد قليلاً، ويا ليته قام بعد ذلك باحتساب المدة المقصودة بطريقة رياضية صحيحة، - مع تحفظنا على الطرق الرياضية كما سيأتى مفصلاً - بل انه أخطأ فيها،وبيان ذلك:
1 -
لكى نقوم بحل معادلة فيها مجهول يجب أن تكون باقى المعطيات معروفة لنا مسبقاً قبل الحل لكي نصل إلى تقدير ذلك المجهول فمثلاً: لكى نعرف قيمة الرمز (أ) فى المعادلة الآتية
(أ = ب - ج) فيجب أن يكون معلوماً لنا قيمة كل من ب، ج
فإذا علمنا مثلاً أن قيمة ب = 10، وقيمة ج = 7 فإن قيمة أ = 10 - 7 = 3 فى مثالنا السابق.
2 -
بتطبيق ما سبق على المعادلة التى تم استنباطها من حديث البخارى، وهى أن:
عمر أمة اليهود = عمر أمة النصارى وعمر أمة الإسلام
أى أن: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - عمر أمة النصارى
ولما كانت الفترة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام = 600 سنة حسب ما جاء فى صحيح البخارى موقوفاً على سلمان الفارسى رضي الله عنه.
فان المعادلة تصبح كالآتى: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - 600 سنة
ولكى نعرف عمر أمتنا لابد من تحديد عمر أمة اليهود، وإلى هنا نحن متفقون معه (1) ، حيث يبدأ الخطأ من المؤلف باعتبار أن عمر أمة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلاً، وقد توصل المؤلف إلى هذه المدة كالآتى:
عمر أمة اليهود = 2000 - 600 = 1400 سنة تزيد قليلاً
ثم قال أن هذه الزيادة تزيد عن 100 سنة تقريباً فتكون عمر أمة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلاً
ولنا هنا وقفة: من أين أتى المؤلف بالـ 2000 سنة؟ ؟ لقد أتى بها من كلام ينقله الحافظ فى الفتح: (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفى سنة) .
ولكن
…
نقول للمؤلف إن الحافظ إنما قال (أكثر من ألفى سنة) أى قد تكون 2500 أو 2900 أو......الخ، وبالتالى تكون مدة اليهود إلى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم لا تساوى 2000 سنة كما أعتبرها المؤلف، بل = أكثر من 2000 سنة وبذلك تكون المعادلة:
عمر أمة اليهود = أكثر من 2000 سنة - 600 سنة
فهل يستطيع أحد حل هذه المعادلة؟ بالقطع لا. والسبب هو ما بيناه سابقاً حيث سنواجه سؤالاً وهو ما معنى أكثر من 2000 سنة؟ هل 2500 أو 2900 أو......الخ فكل ذلك أكثر من 2000 سنة، ولا مرجّح عندنا لأى من ذلك. وإن زيادة المؤلف عبارة (2000 سنة تزيد قليلاً) هى تصّرف من عند المؤلف، أوقعه فى الخطأ، فإن عبارة الحافظ التى نقلها فى الفتح (أكثر من 2000 سنة) ، وليس فيها (تزيد قليلاً) ولا غيره.
(1) * وهذا على افتراض صحة ما قاله سلمان رضى الله عنه بمعنى مطابقته للحقيقة فإن هذا إنما قاله سلمان بناءً على علمه من الكتب السابقة ولم يرفع ذلك إلى النبى r فمثل هذا لا يُصدق ولا يُكذب إلا ببرهان آخر ولا سبيل إلى ذلك فلا يعتمد عليه. (أبو حاتم)
3 -
ثم إننا مع تحفظنا على هذه الطرق الرياضية - كما سيأتى من كلام السلف - نقول لو أردنا أن نطبق المعادلات، فإن معادلتنا ستكون كالآتى طبقاً للحديث الذى تم الاستشهاد به من صحيح البخارى: عمر أمة اليهود = مثل المدة من أول النهار إلى وقت الظهر
عمر أمة النصارى = مثل المدة من وقت الظهر إلى وقت العصر
عمر أمة الإسلام = مثل المدة وقت العصر إلى وقت المغرب
وعمر الأمم الثلاثة المجتمعة = النهار بأكمله من أوله إلى وقت المغرب
فإذا أردنا أن نطبق ذلك بالأرقام - مع تحفظنا كما سبق - فإننا أيضاً سنواجه مشكلة أخرى، وهى أن الوقت من أول النهار إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب سيختلف من يوم لآخر، ومن فصل لآخر، فليست المدة فى الصيف كالمدة فى الشتاء، وتختلف فى الصيف أو الشتاء مع الخريف أو الربيع، ولن تتساوى المدد إلا فى فصلى الخريف والربيع فقط. فعلى أى فصل سنعتمد وليس لك أن تقول إن الفرق بسيط ونحن لا نحدد تحديداً دقيقاً وإنما نتكلم بالتقريب، ليس لك ذلك لأن طول النهار فى الصيف يزيد عن 15 ساعة فى حين انه يكون فى الشتاء حوالى 11 ساعة، أى أن معدل التغير يصل إلى الربع تقريباً، فإننا لو طبقنا أن عمر أمة مثل أمة النصارى مثلاً = الربع تقريباً، فإننا لو طبقنا ما سبق الإشارة إليه فإننا قد نخطئ فى ما يساوي عمر أمة كاملة!! فأين المعادلات الرياضية؟؟ وكيف يمكن الاعتماد عليها مع وجود مثل كل هذه المتغيرات؟!
ثم بعد ذلك نجد متغيراً آخر وهو: هل سنعتمد على المواقيت التى فى مكة أو التى فى المدينة أو التى فى أى مكان آخر فى الجزيرة العربية أو التى فى القاهرة أو....أو.....؟ وما الدليل على الاعتماد إلى أى واحد من هذه الاختيارات، ونحن نعلم أن مدة النهار ستختلف بحسب اختلاف الخطوط الجغرافية فمثلاً طول النهار يختلف فى القطب الشمالى عن طوله فى أوروبا عن طوله فى أفريقيا.....الخ كما هو معلوم. فهل عند المؤلف إجابة على ذلك؟؟
وبالرغم من ذلك فلو فرضنا جدلاً أننا سنعتمد على توقيت القاهرة - وكما سبق أن أى اختيار لا دليل عليه - فهل تعلم ما هى النتيجة؟
سأقدم لك الحلول على الفصول الأربع لتنتقى منها ما تشاء - مع عدم وجود دليل على أى اختيار منها أيضاً - ولكن هل نبدأ بأول الربيع أم أوسطه أم آخره؟ لا أدرى أيضاً؟
ولنفترض كذلك أننا نبدأ بأول كل فصل لتصبح المعادلة كلها تنجيماً، فأول الربيع 21 مارس، وأول الصيف 21 يونيو، وأول الخريف 23 سبتمبر، وأول الشتاء 22 ديسمبر
(ملحوظة: تم تجاهل التوقيت الصيفى تسهيلاً للقارئ، وتم الاعتماد على نتيجة الشمرلى)
اليوم
فجر
ظهر
عصر
مغرب
طول النهار من الفجر إلى العشاء
21 مارس
32: 4
02: 12
30:3
07: 6
35: 13
21 يونيو
08: 3
57: 11
32: 3
59:6
12: 15
23 سبتمبر
16: 4
46: 11
14: 3
51: 5
35: 13
22ديسمبر
14: 5
53: 11
40: 2
00: 5
06: 11
ولو احتسبنا المدد من الفجر إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، ومن العصر إلى المغرب بالساعات ثم حولناها إلى دقائق فإننا سنحصل على النتيجة، وقد أضفت إليها حساباً آخر وهو احتساب النسبة المئوية التى توضح نسبة كل مدة من طول النهار.
والنتيجة كالآتى:
اليوم
من الفجر إلى الظهر
مدة أمة اليهود
من الظهر إلى العصر
مدة أمة النصارى
من العصر إلى المغرب
مدة أمة الإسلام
من الفجر إلى المغرب طول النهار
21 مارس
450 دقيقة
55.
2 %
208
25.
5 %
157
19.
3 %
815
100 %
21 يونيو
529
55.
63 %
215
22.
6 %
207
21.
77 %
951
100 %
23 سبتمبر
450
55.
2 %
208
25.
5 %
157
19.
3 %
815
100 %
22ديسمبر
399
56.
52 %
167
23.
65 %
140
19.
83 %
706
100 %
ويتضح مما سبق اختلاف المدة حسب الفصول كما أشرنا، بالإضافة إلى الاختلاف فى طول النهار
…
والآن: تعال نترجم هذه النسب المئوية إلى سنين - مع تحفظنا كما سبق - لنصل إلى النتيجة وستكون أكثر إثارة ودهشةً، وهى كالآتى:
الوقت
مدة اليهود
مدة النصارى
مدة المسلمين
الربيع
1298 سنة
600
452.
9 سنة
الصيف
1476.
28 سنة
600
577.
67 سنة
الخريف
1298 سنة
600
452.
9 سنة
الشتاء
1433.
53 سنة
600
502.
99 سنة
(يلاحظ أننا ثبتنا مدة النصارى لانها واردة هكذا فى صحيح البخاري من كلام سلمان الفارسى (1) ، وتم احتساب باقى المدد بنظام التعويض الحسابى بعد ذلك) ، وهكذا نكتشف أن الطريقة الرياضية غير سليمة فى نتيجتها.
(1) * وقد اعتمدها المؤلف صاحب عمر أمة الإسلام برغم ما سبق التنبيه عليه من أن الحديث موقوف فلا يعتمد عليه وإنما يجاريه أخونا أبو عمرو من باب إقامة الحجة عليه بما اعتمده والله المستعان. (أبو حاتم)
وليس لك أن تقول ان معادلتك أصح من المعادلة التى قدمتها لك، ليس لك ذلك لأن المعادلة التى قدمتها لك تم الاعتماد فيها على ألفاظ واردة في أحاديث صحيحة (حيث أن ألفاظ أول النهار والظهر والعصر وآخر النهار كلها واردة فى الحديث وكذلك مدة الـ 600 عام في البخارى عن سلمان) ، أما المعادلة التى قدمتها أنت فاعتمدت فيها على نقل الحافظ ابن حجر الذى نقله هو الآخر عمن سمّاهم أهل النقل الذين اتفقوا على أن مدة أمتى اليهود والنصارى أكثر من ألفى عام، ومع كون هذه العبارة مطاطة وتحتمل احتمالات كثيرة جداً. (1)
وقد قال د. القرضاوى - كما سيأتى تفصيلاً فيما بعد -:
(لا يقيم المحققون وزناً لروايات " الإخباريين " ولا يعتمدون عليها ويعيبون من ينقل عنها فى الكتب المعتبرة
…
) .
وباختصار: بما انه ورد في صحيح البخاري أن مدة النصارى 600 سنة، ومثّل لذلك بالمدة من الظهر إلى العصر، فى حين انه صلى الله عليه وسلم مثّل لمدة المسلمين بالمدة من العصر إلى المغرب، إذاً فإن مدة المسلمين أقل من مدة النصارى لأن الوقت من العصر إلى المغرب أقل من الوقت من الظهر إلى العصر دائماً. وهذا هو ما فهمه الحافظ ابن حجر أشار إليه فى الفتح حيث يتضح من كلامه رحمه الله تعالى انه قام باحتساب المدة بالطريقة التى قدمتها لك - كما سنبين بعد قليل - ثم أكد رفضه لاحتساب المدة بناءً على هذا الحديث كما سيأتى.
وحتى إننا لو أضفنا إلى هذه الحسابات مدة الـ 500 سنة (التى هى = نصف يوم) فإن النتيجة ستكون خطأ أيضاً، لأن مدة الأمة ستكون أقل من 600 سنة زائد 500 سنة = أقل من 1100 سنة، ونحن الآن قد جاوزنا 1400 سنة كما هو معلوم. ومن يدرى؟ .. ربما.. يطلع علينا من يخبرنا أن الأمة قد انتهت فعلا منذ عدة قرون معتمداً على الطرق الرياضية، ثم بعد ذلك إما أن يقول:
1 -
إننا الآن لسنا مسلمين لأن الأمة انتهت.
2 -
أو أننا الآن فى يوم القيامة وما يلاقيه الناس الآن هو العذاب والنعيم والجنة والنار!!!!!!!
ربما، ولا أستبعد أن يحدث ذلك فى زمن العجائب، فى زمن يطلع علينا فيه من ينكر نزول المسيح وظهور المهدى المنتظر، وفى ذات الوقت يظهر من يقول أن ذلك سيحدث عام كذا وكذا
…
، والغريب أن كليهما يعنف تعنيفاً شديداً ويوبخ من يعترض على كلامه بل ويستهزأ بالمعترض عليه!! والأغرب انهما يتكلمان فى بلدة واحدة، بل وفى حىّ واحد، بل وفى مسجدين متجاورين!!!
وما نقله المؤلف (أمين) عن الحافظ (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفى سنة) وأن مدة النصارى من ذلك ستمائة سنة أى أن مدة عمر اليهود تزيد عن 1500 سنة يحتاج إلى تدقيق وتحقيق فقد كتب د. أحمد شلبى فى كتابه (اليهودية) أن خروج اليهود من مصر كان حوالى سنة 1213 ق. م، ويشير د. حسين شريف فى كتابه (المفهوم السياسى والإجتماعى لليهود عبر التاريخ) كان حوالى من عام 1290 - 1225 ق.م
وأما ما نقل عن سلمان الفارسى رضى الله عنه من أن الفترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة، فإننا نقول هذا أيضاً يحتاج إلى تدقيق - مع تسليمنا بصحة السند إلى سلمان - فهل المدة 600 سنة بالتمام أم انه قال ذلك على التقريب (2) ، فإن ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم كان فى عام 571 م (كما أشار إلى ذلك المباركفورى فى الرحيق المختوم)، وسيأتيك أيضاً فيما بعد قول د. القرضاوى:" مما ينبغى أن يحذر منه قارئ التفسير الأقوال الضعيفة بل الفاسدة فى بعض الأحيان وهى أقوال صحيحة النسبة إلى قائليها من جهة الرواية، ولكنها سقيمة أو مردودة من جهة الدراية، وليس هذا بمستغرب ما دامت صادرة عن غير معصوم. فكل بشر يصيب ويخطئ وهو معذور فى خطئه بل مأجور أجراً واحداً وإذا كان بعد تحر واجتهاد واستفراغ الوسع فى الطلب " اهـ.
وهل السنون المشار إليها بالهجرى أم بالميلادى أم أن بعضها بالهجرى وبعضها بالميلادى؟
ونلاحظ أننا إذا قلنا ان خروج اليهود من مصر كان فى عام 1213 ق.م فإن هذا سيجعل عمر أمّة اليهود 1200 سنة فقط أو 1250 بدلاً من 1500 سنة، وهكذا نجد أن الأمر ليس قاطعاً وأن الفروق بمئات السنين!!!!
(1) أثناء كتابة هذا الرد فإذا بكتاب فى الأسواق عن سنة ظهور المهدى ونزول عيسى عليه السلام، وقام مؤلفه بتحديد سنوات بناء على حساباته وهذه السنوات تختلف عن الحسابات التى حددها المؤلف (أمين) ، والكارثة أن صاحب الكتاب سمى حساباته (بالحساب القرآنى) ،ثم أتبع كتابه هذا بكتاب آخر، وهكذا فإن أمثال هؤلاء يسيؤن للإسلام من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فماذا سيقول أمثال هذا عندما يتضح أن حسابه - الذى أسماه بالقرآنى- حساب غير سليم؟؟!!!
(2)
* سبق التعليق على مثل هذا وأنه لا يعتمد عليه.قاله تحديداً أم على التقريب. (أبو حاتم)
ثانياً: ما هى درجة الإمام السيوطى فى التدقيق والتحقيق:
15 -
يقول العلاّمة الألبانى فى مقدمة صحيح الجامع 1/25: (السيوطى نفسه معروف بتساهله فى التصحيح والتحسين من جهة، وبانه ليس من أهل النقد والدقة من جهة أخرى) .
- ثمّ ساق الشيخ الألبانى أمثلة للأحاديث التى رمز لها السيوطى بالصحة أو بالحسن فقال الألبانى وهى فى نقد المناوى وغيره من الأئمة النقاد ضعيفة أكثر من أن تحصر وأمّا الأحاديث التى سكت عليها وهى ضعيفة فحدث عن البحر ولا حرج، بل إنّ بعضها قد ضعّفها مخرجها الذى عزاه السيوطى إليه ولم يحك هو كلامه أصلاً.
ثمّ قال الشيخ الألبانى: لا بد أن نذكر حقيقة أخرى تؤكد ما سبق بيانه من تساهل السيوطى وقلة تحقيقه وهى تتجلى فى قوله فى أول كتابه (الجامع الصغير) : "وصنته عما تفرد به وضّاع أو كذاب " فقد تبين للمحققين النقّاد انه لم يصنه عمّا زعم! انتهى كلام الشيخ الألبانى ملخصاً.
ثالثاً:
16 -
ما هى رسالة الكشف التى أعتمد عليها المؤلف والتى بنى عليها حساباته:
هذه الرسالة وأرقام الصفحات التى يحيل عليها المؤلف ليست رسالة مطبوعة طبعة مستقلة، وقد كنت أظنّ عندما أقرأ قول المؤلف: قال السيوطى فى ص 206- أن هذه الرسالة كبيرة الحجم، ولكن اكتشفت انها تتكون من 4 ورقات فقط، أمّا الأرقام التى يحيل عليها المؤلف فبسبب أن الرسالة مطبوعة ملحقة بمعجم الطبرانى الصغير ط.العلمية، وبعد انتهاء ج 2 من المعجم أورد الناشر عدة رسائل منها رسالة الكشف. كما أن هذه الرسالة مطبوعة أيضاً ضمن كتاب الحاوى للسيوطى ج 2 رحمه الله تعالى.
وهذه الرسالة أوردها الشيخ ابن أبى علفة فى كتابه (معجم البدع) ط. دار العاصمة، محذراّ منها ضمن الكتب التى احتوت على البدع، فقال فى ص 579:(حدد فيه عمر الدنيا وانها كم سنة ستكون وشحنها بالأحاديث الباطلة والإسرائيليات) . اهـ.
-كما أوردها الشيخ / مشهور حسن آل سلمان فى كتابه (كتب حذّر منها العلماء) - والذى قدم له فضيلة الشيخ العلاّمة / بكر عبد الله أبو زيد - ط. دار الصميعى فقال فى ص 140 ج 1: ذكر فيها عدداً من الأحاديث - ولم يصحّ منها شئ - والآثار - وأغلبها من الإسرائيليات - التى فيها تحديد عمر الدنيا وانها كم سنة تكون، قال:"الذى دلّت عليه الآثار أنّ مدة هذه الأمّة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة ". وأقام رسالته هذه فى هذا الأمر الخطير على آثار بواطيل، قائمة على تواريخ وحسابات، جمعها الصنعانى (1) - كما فى كتاب "الإذاعة"(2) ص 184 - فبلغت معه مئتى سنة وثلاثاً وستين سنة،ثمّ قال الصنعانى: ونحن الآن فى القرن الثانى عشر، ويضاف إليه مئتان وثلاث وستون سنة؛فيكون الجميع أربعة عشرة مئة وثلاثة وستين "، ثم قال متعقباً السيوطى: " وعلى قوله: انه لا يبلغ خمسمائة سنة بعد الألف يكون منتهى بقاء الأمّة بعد الألف أربع مئة سنة وثلاثاً وستين سنة، ويتخرج منه أن خروج الدجال - أعاذنا الله من فتنه - قبل انخرام هذه المئة التى نحن فيها، وهى المئة الثانية عشرة من الهجرة النبوية ".
وعقّب على قول الصنعاني السابق - الشيخ القنوّجى؛ فقال:
" وقد مضى إلى الآن على الألف نحو من ثلاث مئة سنة، ولم يظهر المهدى! ولم ينزل عيسى! ولم يخرج الدجال،؛ فدلّ على أن هذا الحساب ليس بصحيح ".
ونقل أيضاً فى "الإذاعة" ص 187 عن الشيخ مرعى الكرمي في " بهجة الناظرين " متعقباً السيوطى بقوله:
" وهذا مردود؛ لأنّ كل من يتكلم بشئ من ذلك؛ فهو ظنّ وحسبان، لا يقوم على برهان " وقد اعتنى السيد / محمد رشيد رضا فى تفسير المنار (3) 9 / 470 - 82 بنقد كتاب السيوطى هذا؛ فارجع إليه. انتهى كلام الشيخ مشهور.
وإني أسأل المؤلف (أمين) لماذا تنقل بعض كلام الصنعانى والقنوجى وتنقل من رسالة الإذاعة كما أثبت ذلك فى ثبت مراجعك ثم تترك باقى كلامهما مع أن ما تركته يهدم ما نقلته، وليس ذلك فى كلامهما فقط، وإنما فى كلام غيرهما أيضاً، حتى فى كلام الإمام السيوطى نفسه، فقد قال رحمه الله فى ذات الرسالة (الكشف) :
أقل ما يجوز أن يكون خروجه - يقصد الدجال - على رأس الألف إن لم يتأخر إلى مائة بعدها
وإننا إذا لخصنا كلام السيوطى نجد انه يرى الآتى:
(1) هو العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى، وقد جمع ذلك فى كتاب (رسالة شريفة) .
(2)
كتاب (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدى الساعة) ، وهو للعلامة أبى الطيب محمد صديق خان بن حسن البخارى القنوجى. وسيكون لنا وقفات مع هذا الكتاب والذى قبله فى بحثنا هذا لأنهما من أحسن ما كتب فى الرد على ما قاله السيوطى.
(3)
*) يقول فيه شيخنا أبو عبد الحمن مقبل بن هادى الوادعى: وهو بالظلام أشبه. اهـ. وهذا لكثرة ما فيه من موافقته للمعتزلة وأدعياء العقلانية هداهم الله. (أبو حاتم)
1 -
خروج الدجال سيكون فى عام 1000 هـ أو 1100 هـ
2 -
أن عيسى عليه السلام يمكث فى الأرض 40 سنة
والناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها 120 سنة0
وأن بين النفختين 40 سنة
-------
فيكون مجموع ذلك 200 سنة لا بد منها
3-
أن عمر الأمّة ينتهى عام 1500 هـ على الأكثر، وهذا يعنى انه قبل هذا التاريخ تكون العلامات الست الكبرى قد ظهرت وهى: الدجال ونزول عيسى ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها والدابة والدخان. وبعد ظهور هذه العلامات تأتى ريح لينة من قبل اليمن فتقبض أرواح المؤمنين جميعاً.
وكلام السيوطى هذا يهدم نفسه، وذلك انه إذا كان خروج الدجال (أو المهدى) على رأس مائة سنة ونحن الآن فى سنة 1430 من البعثة النبوية فهذا يعنى أن ظهور الدجال عام 1500 مثلاً ثم نزول المسيح والذى يمكث أربعين سنة لنصبح فى عام 1540، ثم الفترة بعد طلوع الشمس من مغربها 120 سنة فنصبح فى عام 1660 هـ .....فإنك ترى بذلك أن المدة تتجاوز سنة 1500 قطعاً، وأما إذا ظهر الدجال بعد ذلك فإن المدة تزيد عن ذلك.
كما أن الأيام قد أثبتت الخطأ فى كلام السيوطى حين قال فى رسالته هذه ان خروج المهدى فى عام 1000 هـ أو 1100 هـ.
ثالثاً:
17 -
كيف حسب السيوطى هذه الحسابات:
لقد اعتمد السيوطى على الآثار الآتية: (1)
1-
" الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت وذلك سبعة آلاف سنة " رواه الحكيم الترمذى فى نوادر الأصول حدثنا صالح بن محمد أنبأنا يعلى بن هلال (2) عن ليث عن مجاهد عن أبى هريرة مرفوعاً.
2 -
" عمر الدنيا سبعة آلاف سنة " رواه ابن عساكر من طريق الحسين بن داود البلخى أنبأنا شقيق بن ابراهيم الزاهد أنبأنا أبو هاشم الأبلى عن أنس مرفوعاً.
3 -
" الدنيا سبعة آلاف سنة وأنا فى آخرها ألفاً " رواه البيهقى فى الدلائل عن الضحاك بن رمل الجهنى مرفوعاً، وقال السيوطى: وأورده السهيلى فى الروض وقال هذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد فقد روى موقوفاً عن ابن عباس من طرق صحاح انه قال: " الدنيا سبعة أيام كل يوم ألف سنة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخرها ".
4 –} عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة، وقال الله تعالى (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون) {. أخرجه ابن عدى من طريق العلاء بن زيد عن أنس مرفوعاً.
(وهذا الحديث مروى من طريق عمر بن يحيى حدثنا العلاء بن زيد عن أنس، ولكن حدث خطأ فاحش فى طباعة رسالة السيوطى المطبوعة مع معجم الطبرانى الصغير والتى نقل منها المؤلف (أمين) وبالرغم من ذلك لم ينتبه لذلك، حيث ورد السند كما يلى: أنبأنا عمر بن يزيد عن أنس، وهذا اسناد خطأ لا وجود له!! حيث تم حذف (بن يحيى حدثنا العلاء بن) وتم استبدالها بحرف (يـ) ثم لصقت هذه الياء مع اسم (زيد) ليصبح (يزيد) !!!!! ثم يأتى بعد ذلك المؤلف (أمين) ليتهم أخوانه الذين يردون عليه أخطاءه بالضعف العلمى و..و.. كما سترى منه ذلك بعد قليل فى كتابه (رد السهام) ، والله المستعان.
رابعاً: ما هو حال هذه الأحاديث من الصحة والضعف:
أما الحديث الأول وهو حديث أبى هريرة:
فى اسناده ليث بن أبى سليم (3)
(1) وفى النسخ المطبوعة من رسالة السيوطى (الكشف) تصحيفات كثيرة جداً فى الاسانيد واسماء الرجال!!
(2)
كذا فى النسخة رسالة الكشف المطبوعة مع معجم الطبرانى الصغير، وايضا فى النسخة المطبوعة ضمن كتاب الحاوى للفتاوى، ولكن الصواب معلى بن هلال – كما سيأتى بيانه.
(3)
قال علماء الجرح والتعديل فيه ما يلى باختصار:
ضعفاء العقيلى 4/14 كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم. حدثنا عبد الله قال سمعت أبي يقول ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس. حدثنا عبد الله قال سمعت أبي يقول ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأيا في أحد منه في ليث ومحمد بن إسحاق وهمام لا يستطيع أحد أن يراجعه فيهم. وعن يحيى بن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف إلا أنه يكتب حديثه
الضعفاء والمتروكين للنسائى ص 90: ليث بن أبي سليم ضعيف كوفي.
الكاشف للذهبى 2/151: فيه ضعف يسير من سوء حفظه م مقرونا
تهذيب الكمال 24 / 279: عن مؤمل بن الفضل قلنا لعيسى بن يونس لم لم تسمع من ليث بن أبي سليم قال قد رأيته وكان قد اختلط وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن. اقال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول ليث بن أبي سليم أحب إلي من يزيد بن أبي زياد كان أبرأ ساحة يكتب حديثه وكان ضعيف الحديث. وقال أيضا سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ليث لا يشتغل به هو مضطرب الحديث. وقال أيضا سمعت أبا زرعة يقول ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث.
تهذيب التهذيب 8/417: قال ابن سعد كان رجلا صالحا عابدا وكان ضعيفا في الحديث. وقال ابن حبان اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم تركه القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد كذا قال. وقال الترمذي في العلل الكبير: قال محمد كان أحمد يقول ليث لا يفرح بحديثه، قال محمد: وليث صدوق يهم. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم، وقال الحاكم أبو عبد الله: مجمع على سوء حفظه. وقال الجوزجاني: يضعف حديثه. وقال البزار: كان أحد العباد إلا أنه أصابه اختلاط فاضطرب حديثه وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا وإلا فلا نعلم أحدا ترك حديثه.
وقال يعقوب بن شيبة: هو صدوق ضعيف الحديث. وقال ابن شاهين في الثقات: قال عثمان بن أبي شيبة ليث صدوق ولكن ليس بحجة. وقال الساجي صدوق فيه ضعف كان سيء الحفظ كثير الغلط كان يحيى القطان بآخره لا يحدث عنه. وقال بن معين منكر الحديث وكان صاحب سنة روى عن الناس إلى أن قال الساجي وكان أبو داود لا يدخل حديثه في كتاب السنن.
تقريب التهذيب: صدوق اختلط أخيراً (وفى نسخة كثيراً كما أفاد الشيخ الألبانى حفظه الله تعالى) ولم يتميز حديثه فترك.
قال البيهقى فى السنن 7 / 192: ليث بن أبى سليم لا يحتج به. وقال الحافظ فى فتح البارى: وليث ضعيف، وقال: وفي الإسناد ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وأما قول عطاء فوصله بن أبي شيبة عنه بمثله ورجال إسناده ثقات. وقال 2/ 250: ليث ضعيف. وقال: ليث بن أبي سليم حديثه يستشهد به.
وقال الشيخ الألبانى فى السلسلة الضعيفة 2 / 29 ح 533: ليث ضعيف لاختلاطه كما بينه ابن حبان. وقال فى الصحيحة 1 / 19، 3 / 361: ليث ضعيف يمكن ان يستشهد به.
، وخلاصة الكلام فيه انه ضعيف وكان قد اختلط ويمكن أن يستشهد به ولكن لا يصل حديثه لدرجة الاحتجاج به. والله أعلم.
- وفى اسناده أيضاً معلى بن هلال، وهو الراوى عن الليث بن أبى سليم، ولكن اسمه قد حرف فى رسالة السيوطى إلى يعلى بن هلال، وقد اعيانى البحث عن يعلى – هذا – فلم أجده بالرغم من طول البحث، ولما كانت نسخة نوادر الأصول للحكيم الترمذى التى فى أيدينا بدون ذكر للأسانيد وهو الذى زاد الأمر صعوبة، فتوقعت أن يكون هذا الاسم محرفاً، وقد كان ما توقعته صحيحاً، فإن معلى بن هلال هو من الذين رووا عن الليث بن أبى سليم، والحمد لله على توفيقه.
ومعلى بن هلال قد اتفق النّقّاد على تكذيبه، كما قال الحافظ ابن حجر فى التقريب (1)
2-
والحديث الثانى وهو حديث أنس الذى رواه ابن عساكر
فى اسناده الحسين بن داود البلخى، وهو ضعيف (2)
وفى اسناده أيضاً أبو هاشم الأبلى: وهو منكر الحديث (3)
3 – الحديث الثالث وهو الذى رواه البيهقى فى الدلائل من حديث ابن زمل فقد مضى الكلام عليه مطولاً والذى قال عنه الحافظ فى الفتح 11 / 358، 359 اسناده ضعيف جداً وقال ابن الأثير ألفاظه موضوعة، بل وضعفه البيهقى نفسه فى الدلائل وحكم عليه محقق الكتاب بأنه حديث موضوع.. فراجعه فى الفصل الأول من هذا الكتاب.
ونضيف هنا إلى ما سبق أن الحافظ ابن رجب قال فى فتح البارى له (4 / 336) :
حديث ابن زمل مرفوعاً: (إن الدنيا سبعة الاف سنة، وأنه صلى الله عليه وسلم فى آخرها ألفاً) وإسناده لا يصح. أهـ.
2 – أما الحديث الرابع الذى أخرجه ابن عدى من طريق العلاء بن زيد (زيدل) عن أنس مرفوعاً، بل وادعى المؤلف أن اسناده حسن؛ ولذلك سنطيل قليلاً فى الرد عليه
أولاً: الحديث ذكره الحافظ ابن الجوزى فى الموضوعات 2/460 (4) وقال:
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به علاء بن زيدل.
ثانياً: نقول هذه أقوال ائمة الجرح والتعديل (5) فى العلاء بن زيد (ويقال له ابن زيدل أيضاً) :
قال البخارى (6) : عن أنس رضي الله تعالى عنه: منكر الحديث
قال ابن عدى (7) : العلاء بن زيد الثقفي ويقال له بن زيدل بصري يكنى أبا محمد ويحدث عن أنس بأحاديث عداد مناكير، وهو منكر الحديث.
(1) وهذه أقوال العلماء فيه: مُعلّى بن هلال بن سُويد الطّحان الكوفي العابد، قال ابن المبارك وابن المديني: كان يضع الحديث. وقال ابن معين: هو من المعروفين بالكذب والوضع. وقال أحمد: كل أحاديثه موضوعة، قال أبو طالب عن أحمد: متروك الحديث، حديثه موضوع كذب. وقال عباس الدوري عن ابن معين: ليس بثقة، كذاب. وقال البخاري: تركوه. وقال أبو عبيد الَاجري عن أبي داود: غير ثقة، ولا مأمون، وقال النسائي: كذاب. وقال مرة: يضع الحديث. كان سفيان الثوري لا يرمي أحداً بالكذب إلا معلى بن هلال. وقال أبو الوليد الطيالسي: رأيت معلى بن هلال يحدث بأحاديث قد وضعها. سئل أبو زرعة عن المعلى بن هلال: ما كان تنقم عليه؟ فقال: الكذب. وقال أبو أحمد بن عدي: هو في عداد من يضع الحديث.
وقال الأزدي: متروك. وقال الجوزجاني، والعجلي، وعلي بن الحسين بن الجنيد: كذاب. وقال الدراقطني: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عن قوم أثبات لا تحل الرواية عنه بحال. (وانظر تهذيب الكمال، تهذيب التهذيب، تقريب التهذيب، الكشف الحثيث بمن رمى بوضع الحديث)
(2)
قال علماء الحديث عنه ما يلى:
الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث لابن العجمى ص98: وقال الحاكم في التاريخ روى عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم كمثل بن المبارك وأبي بكر بن عياش وغيرهما وله عندنا عجائب يستدل بها على حاله.
تاريخ بغداد 8/44: ولم يكن الحسين بن داود ثقة فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أكثرها موضوع. عن محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري الحافظ قال حسين بن داود بن معاذ البلخي لم ينكر تقدمه في الأدب والزهد الا أنه روى عن إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم مثل بن المبارك والنضر بن شميل والفضيل بن عياض وأبي بكر بن عياش وشقيق البلخي وأكثر من المناكير في رواياته.
(3)
ضعفاء العقيلى 4/8 لا يتابعه إلا نحوه في الضعف.
الضعفاء الكبير للبخارى ص 97 كثير بن عبد الله أبو هاشم أراه الإبلي عن أنس منكر الحديث
الضعفاء والمتروكين النسائى ص 90 كثير أبو هاشم يروي عن أنس متروك الحديث.
(4)
الموضوعات ط. دار الكتب العلمية.
(5)
تم الاستعانة فى ترجمة العلاء باسطوانة (الموسوعة الذهبية للحديث النبوى الشريف وعلومه) اصدار مركز التراث لأبحاث
الحاسب الآلى بالأردن الاصدار الأول.
(6)
التاريخ الكبير للبخارى 6 / 520
(7)
الكامل فى الضعفاء لابن عدى 5 / 220
وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عنه فقال منكر الحديث متروك الحديث.. كان أحمد بن حنبل يتكلم فيه
وقال ابن حبان (1) : يروي عن أنس بن مالك بنسخة موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل التعجب..روى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم ذكر عدة أحاديث منها) : عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا كلها سبعة أيام من الآخرة وذلك قوله جل وعلا وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)
ثم قال: أخبرنا بهذه الأحاديث محمد بن زهير أبو يعلى بالأبلة قال حدثنا عمر بن يعلى الأبلي قال حدثنا العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك في نسخة كتبناها عنه بهذا الإسناد كلها موضوعة مقلوبة.
وفى تهذيب الكمال 22 / 506: قال علي بن المديني: كان يضع الحديث
وقال أبو داود: متروك الحديث
وقال الدارقطني: متروك
وفى تهذيب التهذيب 8 / 22 وقال النسائي: ضعيف
وقال الحاكم: يروي عن أنس أحاديث موضوعة
وقال العقيلي: نسبه أبو الوليد الطيالسي إلى الكذب
وقال ابن شاهين في الضعفاء قال ابن معين: ليس بثقة
وقال أبو نعيم (2) : يروي عن أنس أحاديث موضوعة سكن الأبلة لا شيء
وقال الحافظ ابن حجر (3) : العلاء بن زيد ويقال زيدل بزيادة لام الثقفي أبو محمد البصري
متروك ورماه أبو الوليد بالكذب
وقال العقيلى (4) : منكر الحديث
18– أما ما قاله الطبرى فى مقدمة تاريخه:
فقد رد عليه الحافظ ابن حجر العسقلانى فى فتح البارى (11 / 358) فقال:
(قلت - القائل ابن حجر -: السابق إلى ذلك أبو جعفر بن جرير الطبرى فانه أورد فى مقدمة تاريخه عن ابن عباس قال: (الدنياجمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة) . بن يحيى حدثنا العلاء بن وأورده من طريق يحي بن يعقوب عن حمّاد بن أبى سليمان عن سعيد بن جبير عنه، ويحي هو أبو طالب القاص الأنصاري، قال البخاري: منكر الحديث،وشيخه هو فقيه الكوفة وفيه مقال) . ا. هـ
فهذا هو الأثر الموقوف على عبد الله بن عباس من كلامه، وقد تبين عدم صحة إسناده إليه كما قال الطبرى.
19-
خامساً: القول بالحساب رده أئمة أعلام، وهذه أقوالهم:
1 -
الحافظ ابن حجر:
قال رحمه الله لدى شرحه لحديث {بعثت أنا والساعة كهاتين} بعد أن أستعرض أقوال بعض أهل العلم فى تحديد عمر الدنيا فى فتح البارى (11 / 358) :
(قال عياض: حاول بعضهم فى تأويله أن نسبة ما بين الاصبعين كنسبة ما بقى من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى وأن جملتها سبعة آلاف سنة واستند إلى أخبار لاتصح
…
وذكر ما أخرجه أبو داود فى تأخير هذه الأمة نصف يوم وفسره بخمسمائة سنة
…
وقال: وقد ظهر عدم صحة ذلك لوقوع خلافه ومجاوزه هذا المقدار ولو كان ذلك ثابتاً لم يقع خلافه. قلت: - القائل ابن حجر - وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين ثلاثمائة سنة) .
وأقول وقد توفى ابن حجر عام 852 هـ أى مضى ما يقرب من خمسة قرون أخرى.
2-
القاضى أبو بكر بن العربى المالكى:
ثم قال الحافظ: (قال ابن العربى:..... الصواب الإعراض عن ذلك)
3-
الحافظ ابن كثير:
قال ابن كثير فى النهاية فى الفتن (1 / 12 ط. العلمية) : المقطوع به أن ما بقى من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شئ يسير جداً ومع هذا لا يعلم مقداره على التبيين والتحديد إلا الله عز وجل كما لا يعلم مقدار ما مضى إلا الله عز وجل، والذى فى كتب الإسرائيليين وأهل الكتاب من تحديد ما سلف بألوف ومئات من السنين قد نصّ غير واحد من العلماء على تخبطهم فيه وتغليطهم وهم جديرون بذلك حقيقون به، وقد ورد فى حديث " الدنيا جمعة من جمع الآخرة "، ولا يصحّ إسناده أيضاّ، وكذا كل حديث ورد فيه تحديد يوم القيامة على التعيين لا يثبت إسناده. "
وقال الحافظ ابن كثير أيضاً (1 / 126) بعد أن ساق أحاديث قرب قيام الساعة، ومنها الأحاديث السابق الإشارة إليها، قال رحمه الله:
(وهذا كله يدل على أن ما بقى بالنسبة إلى ما مضى كالشئ اليسير لكن لا يعلم مقدار ما بقى إلا الله عز وجل ولم يجئ فيه تحديد يصح سنده عن المعصوم حتى يصار إليه ويعلم نسبة ما بقى إليه
ولكنه قليل جداً بالنسبة إلى ما مضى، وتعيين وقت الساعة لم يأت به حديث صحيح بل إن الآيات والأحاديث دالة على أن علم ذلك مما استأثر الله سبحانه وتعالى به دون أحد من خلقه) اهـ.
4 -
العلاّمة الحافظ ابن قيم الجوزية:
قال ابن القيم فى كتابه (المنار المنيف)(5) : (ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعاً: فمنها:..............
(1) الضعفاء والمتروكين لابن حبان 2 / 180
(2)
ضعفاء أبو نعيم الأصفهانى ص 123
(3)
تقريب التهذيب
(4)
ضعفاء العقيلى 3 / 343
(5)
وقد سبق نقل هذا ونعيده هنا لمناسبته للكلام.
ومنها: مخالفة الحديث صريح القرآن: كحديث مقدار الدنيا وانها سبعة الآف سنة ونحن فى الألف السابعة. وهذا الحديث من أبين الكذب، لانه لو كان صحيحاً لكان كل أحد عالماً انه قد بقى للقيامة من وقتنا هذا مئتان واحدى وخمسون سنة (أى فى زمن الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى)" يسألونك عن الساعة أيّان مرساها؟ قل إنّما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلابغتة يسألونك كأنّك حفىّ عنها قل إنما علمها عند الله "(الآية 187 الأعراف)، وقال الله تعالى:" إن الله عنده علم الساعة "(34 لقمان)،وقال النبى صلى الله عليه وسلم:"لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ") . انتهى كلام ابن القيم من المنار المنيف
5 – الحافظ ابن رجب الحنبلى:
قال فى شرحه للبخارى ح 557:
قال (4 / 337) : أنا الآن فى قريب رأس الثمانمائة من الهجرة وما ذكره ابن جرير من تقدير ذلك بنصف سبع يوم على التحديد لا يصلح (1) . وقد ذكر غيره أن المسبحة ستة أسباع الوسطى طولاً فيكون بينهما من الفضل سبع كامل، وذلك ألف سنة على تقدير أن تكون الدنيا بسبعة الاف سنة، وأن بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فى آخرها ألفاًو هذا أيضاً لا يصح، ولا يبلغ الفضل بينهما سبعاً كاملاً) .
وقال (4 / 338) " وأخذ بقاء ما بقى من الدنيا على التحديد من هذه النصوص لا يصح
ثم قال: وإنما خرج هذا من النبى صلى الله عليه وسلم على وجه التقريب للساعة بغير تحديد لوقتها."
وقال الحافظ ابن رجب قال أيضاً (4 / 342) لدى شرحه لهذا الحديث أنه قد يقال:
(كنى عن كثرة العمل وقلته بطول المدة وقصرها، وفيه بعد)
وقال ابن رجب أيضاً فى نفس المرجع 4 / 334:
(مدة الماضى من الدنيا إلى بعثة محمد- صلى الله عليه وسلم، ومدة الباقى منها إلى يوم القيامة لا يعلمه على الحقيقة إلا الله عز وجل وما يذكر فى ذلك فإنما هو ظنون لا تفيد علماً) . اهـ.
6 -
العلامة شمس الحق العظيم آبادى:
قال فى (عون المعبود 11 / 509) لدى شرحه لحديث سعد الذى رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال:
" إنّى لأرجو أن لا تعجز أمتى عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم "
أمتى: أى أغنياؤها عن الصبر على الوقوف للحساب، عند ربها: فى الموقف، يؤخرهم: أى بتأخيرهم عن لحاق فقراء أمتى السابقين إلى الجنّة، نصف يوم: من أيام الآخرة
(قيل لسعد: كم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة)
إنّما فسر الراوى نصف اليوم بخمسمائة سنة نظراً إلى قوله تعالى (وإنّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون)، وقوله تعالى:(يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة)
واعلم انه هكذا شرح الحديث العلقمى وغيره من شرّاح الجامع الصغير، فالحديث على هذا محمول على أمر يوم القيامة.
وقال المناوى: وقيل المعنى إنى لأرجو أن يكون لأمتى عند الله مكانة ومنزلة يمهلهم من زمانى هذا إلى خمسمائة سنة بحيث لا يكون أقل من ذلك إلى قيام الساعة. وقد شرحه على القارى فى المرقاة شرح المشكاة هكذا.
ثمّ قال: فالمعنى إنّى لأرجو أن يكون لأمتى عند الله مكانة ومنزلة يمهلهم من زمانى هذا إلى انتهاء خمسمائة سنة بحيث لا يكون أقل من ذلك إلى قيام الساعة.
قال العلقمى فى شرح الجامع الصغير: تمسّك الطبرى بهذا الحديث على انه بقى من الدنيا بعد هجرة المصطفى نصف يوم وهو خمسمائة سنة، وقال وتقوم الساعة ويعود الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شئ - غير البارى -ولم يبين وجهه.
وردّ عليه الداودى قال: وقت الساعة لايعلمه إلا الله، ويكفى فى الرد عليه أن الأمر بخلاف قوله فقد مضت خمسمائة سنة وثلاثمائة (2)) ، وحديث أبى داود ليس صريحاً فى انها لا تؤخر أكثر من ذلك، والله أعلم. انتهى من عون المعبود باختصار.
7 -
العلاّمة الألوسى:
قال فى روح المعانى (9 / 135 ط. دار إحياء التراث) :
أخرج الجلال السيوطى عدة أحاديث فى أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة وذكر أن مدة هذه الدنيا تزيد على ألف سنة ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة، واستدل على ذلك بأخبار وآثار ذكرها فى رسالته المسماة -بالكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف-وسمى بعضهم لذلك هذه الألف الثانية بالمخضرمة لأن نصفها دنيا ونصفها الآخر أخرى، وإذا لم يظهر المهدى على رأس المائة التى نحن فيها ينهدم جميع ما بناه كما لا يخفى على من راجعه، وكأنى بك تراه منهدماً.
قلت: وقد توفى الألوسى رحمه الله عام 1270 هـ، أى مضى ما يقرب من قرن ونصف آخر على كلامه هذا.
(1) قلت وملذا كان سيقول لو عاش إلى زمانننا هذا فى القرن الخامس عشر؟؟!!!
(2)
ونقول مضى أكثر من ذلك إلى الآن.
8 -
الشيخ / محمد رشيد رضا (1) :
قال فى تفسيره - تفسير المنار (ج 9 ص 393 وما بعدها ط. الهيئة العامة للكتاب) :
ما جاء فى الآثار من أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة مأخوذ من الإسرائيليات التى كان يبثها زنادقة اليهود والفرس فى المسلمين حتى رووه مرفوعاً، وقد اغتر بها من لا ينظرون فى نقد الروايات إلا من جهة أسانيدها، حتى استنبط بعضهم ما بقى من عمر الدنيا، وللجلال السيوطى فى هذا رسالة فى ذلك قد هدمها عليه الزمان، كما هدم أمثالها من التخرصات والأوهام وما بث فى الإسرائيليات من الكيد للإسلام.
ثم نقل الشيخ (محمد رشيد رضا) كلام (الألوسى) السابق، ثم قال:
وقد مضت المائة التى كان فيها مؤلفه برأسها وذنبها وهى المائة الثالثة عشرة من الهجرة، ثم مضى زهاء نصف المائة التى بعدها وهى الرابعة عشرة، إذ نكتب هذا البحث فى سنة 1345 هـ ولم يظهر المهدى، فانهدم ولله الحمد ما بناه السيوطى عفا الله عنه من الأوهام التى جمعها كحاطب ليل، ولم يعرج فى مباحثها على ما كتبه أستاذه الأكبر ابن حجر فى نقد رواياتها. ثم ساق ما سبق نقله عن الحافظ فى الفتح 11 / 358.
ثم قال فى ص 398 أما زيادة جعفر بن عبد الواحد (وهى: إن أحسنت أمتى فبقاؤها يوم من أيام الآخرة - وذلك ألف سنة - وإن أساءت فنصف يوم) على حديث ابن زمل فى عمر الدنيا فهو موضوع جمع السيوطى بينه وبين حديث ابن زمل المجهول الذى حكم ابن الجوزى بوضعه ومزجها بسائر الروايات فى المسألة ولا يصح منها شئ يؤيد مراده، فكأن رسالته كلها مستنبطة من الخبرين الموضوعين أى المكذوبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأمل هداك الله تعالى ما يفعل الغرور بظواهر الروايات حتى فى أنفس المشتغلين بالحديث كالسيوطى الذى عد من الحفاظ، وأنكر ذلك زميله السخاوى وكلاهما من تلامذة الحافظ ابن حجر!
ثم قال فى ص 401: ليس فى عمر الدنيا حديث مرفوع صحيح ولا حسن وان الروايات فيه إما ضعيفة وإما موضوعة، وأن الراجح أن كل ما ورد فيها من مرفوع وموقوف ومن الآثار فهو من الإسرائيليات.
ثم قال فى ص 402: هذا كلام الأئمة المحققين، فالذين حاولوا تحديد عمر الدنيا ومعرفة وقت قيام الساعة إرضاء لشهوة الإتيان بما يهم جميع الناس ((2) ، لم يشعروا بانهم يحاولون تكذيب آيات القرآن الكثيرة الناطقة بأن الساعة من علم الغيب الذى استأثر الله تعالى به، وانها تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون - أى على غير انتظار من أحد منهم ولا أدنى علم. وهذا البلاء كله من دسائس رواة الإسرائيليات وتلبيسهم على المسلمين بإظهار الإسلام والصلاح والتقوى، ومن وضع بعض الاصطلاحات العلمية فى غير موضعها..ككون كلام الصحابى فيما لا مجال للرأى والاجتهاد فيه له حكم الحديث المرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ويجب تقييد هذا فيما لا يحتمل أن يكون من الإسرائيليات.
9 -
العلآّمة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعانى:
قال فى كتاب (رسالة شريفة فيما يتعلق بـ الأعداد للحروف، والأوفاق، وكم بقى من عمر الدنيا)(3)(ص 41) :
وما كان للسيوطى أن يعرض عن تعقبات الحافظ ابن حجر، بل كان يتعين عليه ذكرها وإقرارها أو ردها، فإن تركه لها يوهم الناظر فى كلامه وسكوته على تصحيح ابن جرير ليس كذلك كما عرفت.ثم قال (ص 50) : القول بتعيين مدة الدنيا من أولها إلى آخرها بانه سبعة آلاف سنة لم يثبت فيه نص يعتمد عليه، وغاية ما فيه آثار عن السلف وإن كانت لا تقال إلا عن توقيف فلعلها مأخوذة عن أهل الكتاب وفى أسانيدها مقال، وقد علم تغييرهم لما لديهم عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) ولا يُغتر بالنقل عنه وإن كان كلامه فى هذه المسألة حقاً لكنه أيضاً له شطحات أشد وأعظم من شطحات المؤلف (أمين) وقد بين حاله (فهد الرومى) فى كتابه (المدرسة العقلانية فى التفسير) وحذر منه ومن كتبه شيخنا أبو عبد الرحمن فى نقدمة الصحيح المسند من دلائل النبوة، وفى كتاب ردود أهل العلم على الطاغين فى حديث السحر. (أبو حاتم)
(2)
فلننتبه لهذه العبارة، فإنها مهمة جداً.
(3)
كتاب (رسالة شريفة فيما يتعلق بـ الأعداد للحروف، والأوفاق، وكم بقى من عمر الدنيا) ط. مكتبة دار القدس بصنعاء ط. الأولى بتحقيق / مجاهد بن حسن بن فارع، ومراجعة الشيخ / مقبل بن هادى الوادعى.
ثم قال (ص 51) : ولعل هذا الذى نقله عن السلف من الآثار التى سقناها وساقها ابن جرير والسيوطى فى رسالة الكشف مأخوذة من أهل الكتاب إذ لم يثبت بنص نبوى عنه صلى الله عليه وسلم بأن مدة الدنيا كذا، على أن تلك الآثار القاضية بأن مدتها سبعة آلاف سنة معارضة لما أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة فى قوله تعالى:(فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) قالا: هى الدنيا أولها إلى آخرها يوم مقداره خمسون ألف سنة يوم القيامة. انتهى. فهذه الآثار متعارضة كما ترى (1) .
10 -
العلامة / محمد صديق خان (2) :
قال فى كتاب (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدى الساعة)(3) :
اعلم أن مقدار الدنيا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولم يرد نص من كتاب ولا سنة فى بيان ذلك، ووردت أخبار وآثار، وما يحصل بها الجزم بانه قدر معين
…
ثم قال (ص 148) : وقد مضى إلى الآن على الألف نحو من ثلاثمائة سنة ولم يظهر المهدى ولم ينزل عيسى ولم يخرج الدجال فدل على أن هذا الحساب ليس بصحيح
…
ثم قال (ص 152) : والحق الذى يحق للاتباع، أن أمر الساعة ما استأثر بعلمه سبحانه وتعالى ولم يعلمها أحد من خلقه.
11 -
الشيخ / مرعى الكرمى:
قال (4) فى كتابه بهجة الناظرين بعد ذكر قول السيوطى فى رسالة الكشف ما نصه: " وهذا مردود لأن كل من يتكلم بشئ من ذلك فهو ظن وحسبان لا يقوم عليه برهان.
12 -
الإمام / ابن حزم:
قال (5) بعد ذكر ما كان يقول اليهود والنصارى فى بدء الخليقة ما نصه:
" وأما نحن - المسلمون - فلا نقطع على علم عدد معرف عندنا، ومن ادعى فى ذلك سبعة آلاف سنة أو أكثر أو أقل فقد قال ما لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لفظة تصح، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم خلافه، بل نقطع على أن للدنيا أمداً لا يعلمه إلا الله تعالى.
13 -
السهيلى:
قال الحافظ ابن حجر فى الفتح 11 / 359:
(بيّن السهيلى انه ليس فى حديث نصف يوم ما ينفى الزيادة على الخمسمائة) .
هذا ..... وان ما نقله المؤلف من حسابات وأرقام قد استنكرها كثير من أهل العلم وطلبته المعاصرين (إن لم يكن كلهم)
- وهذه أمثلة مما كتبه أهل العلم المعاصرين فى الرد على الأخ (أمين) :
14 -
الشيخ الفاضل / صفوت نور الدين:
كتب فضيلته - حفظه الله - فى مجلة التوحيد العدد الثالث - السنة السادسة والعشرون - ربيع أول 1418 هـ:
(معلوم أن الدجال من العلامات الكبرى للساعة، فالاشتغال بمعرفة وقت ذلك، إما تحصيل ما هو معلوم؛ لأن العلم بالقرب قائم، أو انشغال بما لا يفيد فى العمل الذى ينجى العبد بين يدى ربه.
ثم قال: اشتغال الناس بوقت الساعة وتحديد زمان للفتن بعد أن علّمنا الشرع قرب وقوعها، اشتغال بما لا ينبنى عليه عمل؛ فأنا أعرف أن أجلى سابق على الساعة، فعلىّ إذاً أن أجتهد فى العمل الذى ينجينى بين يدى الله، هذا والانشغال بالتحديد لزمان الفتن من الدجال وغيره ينبغى أن ينهى عنه أهل العلم، فلا يدخل فيه أحد؛ لانه لا طريق للعلم به إلا الشرع، ولا دليل من الشرع. فكيف نعلمه؟ والعجيب أن تجد رواج الكتب التى تكتب عن ذلك، واشتغال الناس بها كثير (6)، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم:" ويحك ما أعددت لها ") .
15 -
الشيخ / أسامة القوصى:
وقد كان – حفظه الله – من أول من نبه على أخطاء المؤلف (أمين) ، وقد قام بكتابة تعليقاته على هذا الكتاب وكذا مقدمته؛ فجزاه الله خيراً.
16 – الشيخ / أبو إسحاق الحوينى:
وقد عرضت عليه الأمر (7) ، فأكد معارضته لما ذهب إليه المؤلف (أمين) .
17 -
الشيخ / سعيد عبد العظيم:
(1) ولم يصح فى تحديد شئ من ذلك عن النبى r، بل حتى هذه الآتار فى أسانيدها كلام كثير.
(2)
هو الشيخ أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن على بن لطف الله الحسينى البخارى القنوجى، المتوفى سنة 1307 هـ
(3)
ط. دار المدنى (ط. الثانية) ص 143 وما بعدها
(4)
النقل عن طريق كتاب الإذاعة للشيخ صديق حسن خان ص 150، 151
(5)
تم نقل كلام ابن حزم بواسطة تفسير المنار للشيخ / محمد رشيد رضا رحمه الله عند تفسيره للآية رقم
187 من سورة الأعراف. (قال أبو حاتم: قد سبق العليق على مثل هذا)
(6)
*) أقول هو من باب التنفيس فلما أفلس هؤلاء وقنطوا من رحمة الله ويئسوا من روحه انشغلوا بما هو من باب الأوهام والخيالات وكانهم ما رأوا مخرجاً من إفلاسهم إلا انتظار المهدى كما فعله الشيعة من قبل (تشابهت قلوبهم) والله المستعان (أبو حاتم)
(7)
حين سافرت إليه فى كفر الشيخ، وكان من المقرر أن يكتب بعض التعليقات على حواشى هذا الكتاب، ولكن نظراً لكثرة أشغاله وأبحاثه فقد تعذر ذلك فى هذه الطبعة، وعسى أن يكون هذا فى طبعة أخرى إن شاء الله تعالى.
قال الشيخ / سعيد عبد العظيم فى كتابه (وقفات حاسمة بين يدى أمارات الساعة الآتية) ص 6 وما بعدها، تحت عنوان:
وقفات بين يدى الحديث عن الأمارات: (1) ظنون وتخرصات وفساد:
تتزايد الأراجيف حدة، فما من يوم يمر إلا ونسمع إدعاءً جديداً.....وقد طرحت فىالآونة الأخيرة عدة كتب تتحدث عن قرب ظهور المهدى (ثم ذكر أمثلة على ذلك) وقال فى هامش ص 7:..... وكأنّى بهؤلاء المعاصرين لم يتعظوا بحال السابقين، فقد ذهب الطبرى رحمه الله -إلى أن فناء الدنيا يكون بعد خمسمائة عام من البعثة المحمدية!! وكذلك صنع السهيلى، وكل هؤلاء أخطأوا فى تحديدهم، ثم قال فى ص 8:
وآخر كتاب اطلعت عليه فى هذا الصدد بعنوان " عمر أمّة الإسلام " يقول مؤلفه ص 50:
" إن خروج المهدى يكون فى فترة غدر الروم والتى يتفق أن يموت أثناءها خليفة المسلمين فيظهر حينئذ المهدى إثر اختلاف على الملك،.....الخ ".
ثم قال الشيخ / سعيد عبد العظيم: ولا يسعنا فىمواجهة هذه الفتنة إلا أن نقف وقفة تثبت فقد كان ابن مسعود - رضى الله عنه - يقول لأصحابه: " أنتم فى زمان خيركم المسارع فى الأمر، وسيأتى على الناس زمان خيرهم المتوقف المتثبت لكثرة الشبهات ".، ونرجو أن تكون هذه الوقفة بمثابة نصيحة خالصة حتى لا تزل الأقدام وتخوض الألسن فيما لا علم لها به، فترداد الأوضاع غربة وفتنة ". انتهى من كتاب وقفات حاسمة باختصار.
18 -
ومنهم الشيخ الدكتور ....
الذى لم أصرح باسمه فى هذا الكتاب لعدم استئذانى له - كما ستجد ذلك مفصلاً فى مكان آخر فى هذا الكتاب -.
ومنهم أيضاً
19 -
الأخ الفاضل الشيخ / محمد حسان
والذى أكد معارضته لحسابات الأخ (أمين) ، ولم أنقل هذا عنه إلا بعد لقائى به ومحادثته فى هذا الموضوع بنفسى.
20 -
سادساً: الرجوع إلى كلام الأئمة:
بعد إثبات فشل معادلتك وكذلك فشل بديل رياضى آخر قدمته لك، تعال نرجع إلى كلام الحافظ ابن حجر وإلى كلام أئمتنا - وياليتنا رجعنا إليه أولاً واكتفيناً - ولكنى أردت أن أناقشك رياضياً أولاً لكى لا تظن أنك وحدك الذى تستطيع الحساب والرياضة أو أنك تعرف رياضة لا يعرفها أحد من الناس.
قال الحافظ فى الفتح: (وجميع ما سأنقله من طبعة الريان)
قال (2/47)(نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار)
وقال (2/47)(إن فضل الله الذى أقام به عمل ربع النهار مقام عمل النهار كله هو الذى اقتضى أن يقوم إدراك الركعة الواحدة من الصلاة الرباعية التى هى العصر مقام إدراك الأربع فى الوقت فاشتركا فى كون كل منهما ربع العمل) .
وقال (4/524)(وظاهر المثل الذى فى حديث أبى موسى أن الله تعالى قال لليهود آمنوا بى وبرسلى إلى يوم القيامة فآمنوا بموسى إلى أن بعث عيسى فكفروا به وذلك فى قدر نصف المدة التى من مبعث موسى إلى قيام الساعة)
وقال (وكذلك القول فى النصارى إلا أن فيه إشارة إلى مدتهم كانت قدر نصف المدة فاقتصروا على نحو الربع من جميع النهار)
وقال (وتضمن الحديث الإشارة إلى قصر المدة التى بقيت من الدنيا)
وقال عند الحديث 2271 (4/525)(واستدل به على أن بقاء هذه الأمة يزيد على الألف لانه يقتضى أن مدة اليهود نظير مدتى النصارى والمسلمين وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبى صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفى سنة، ومدة النصارى من ذلك ستمائة وقيل أقل (1) فتكون مدة المسلمين اكثر من ألف قطعاً) .
ثم إن الحافظ قال لدى شرحه لحديث {بعثت أنا والساعة كهاتين} بعد أن أستعرض أقوال بعض أهل العلم فى تحديد عمر الدنيا. قال رحمه الله (11 / 358) :
(قال ابن العربى:..... الصواب الإعراض عن ذلك، قلت: السابق إلى ذلك أبو جعفر بن جرير الطبرى فانه أورد فى مقدمة تاريخه عن ابن عباس قال الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة وأورده من طريق يحي بن يعقوب عن حمّاد بن أبى سليمان عن سعيد بن جبير عنه، ويحي هو أبو طالب القاص الأنصاري، قال البخاري: منكر الحديث، وشيخه هو فقيه الكوفة وفيه مقال) .
ثم تعرّض الحافظ بعد ذلك للفظ آخر ورد من حديث أبى سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خطبته وقد قاربت الشمس من المغيب ان الباقى من الدنيا كالباقى من يومهم هذا. (ولكن فى اسناده ضعف)
فقال رحمه الله تعالى (11 / 358)(وحديث ابن عمر صحيح متفق عليه فالصواب الاعتماد عليه وله محملان: أحدهما: أن المراد بالتشبيه التقريب ولا يراد حقيقة المقدار فيه، فيجتمع مع حديث أنس وأبى سعيد على تقدير ثبوتهما. والثانى: أن يحمل على ظاهره فيقدم حديث ابن عمر لصحته ويكون فيه دلالة على أن مدة هذه الأمّة قدر خمس النهار تقريباً)
وبذلك نرى هنا أن الحافظ قد حكى محملين ولم يرجّح أحدهما على الآخر ولم يجزم بصحة المحمل الثانى.
(1) وفى هذا دليل على أن الحافظ لم يعتمد قول سلمان ولم يعتبره مُسَلماً (أبو حاتم)
ولنرجع مرة أخرى إلى كلام الحافظ فى الفتح أيضاً لنؤكد هذا المعنى، حيث قال (2 / 48) :(لا يلزم من كونهم أكثر عملاً أن يكونوا أكثر زماناً لاحتمال كون العمل فى زمنهم كان أشق، ويؤيده قوله تعالى: (ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا) ، ومما يؤيد كون المراد كثرة العمل وقلته لا بالنسبة إلى طول الزمان وقصره كون أهل الأخبار متفقين على أن المدة التى بين عيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم دون المدة التى بين نبينا وقيام الساعة، لأن الجمهور أهل المعرفة قالوا أن مدة الفترة بين عيسى وبين نبينا صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة، وثبت ذلك فى صحيح البخارى عن سلمان، وقيل انها دون ذلك (1) حتى جاء عن بعضهم انها مائة وخمس وعشرون سنة، وهذه مدة المسلمين بالمشاهدة أكثر من ذلك، فلو تمسكنا بأن المراد التمثيل بطول الزمانين وقصرهما للزم أن يكون وقت العصر أطول من وقت الظهر ولا قائل به، فدل على أن المراد كثرة العمل وقلته) .
أظن الآن أن موقف الحافظ قد أتضح تماماً تماماً، فهو هنا يطعن فى طريقة الحساب، بل قد طعنها فى مقتل. وعلى ما يبدو أن الأخ قد وقع فى الخطأ لانه قد قرأ بعض كلام الحافظ دون بعض.
وقال الحافظ أيضاً عند نقله لكلام ابن المنير (2/48) :
(فهو من قبيل الإشارة لا من صريح العبارة، إن الحديث مثال وليس المراد العمل الخاص بهذا الوقت بل هو شامل لسائر الأعمال من الطاعات فى بقية الامهال إلى قيام الساعة. وقد قال إمام الحرمين: إن الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التى تأتى لضرب الأمثال)
وقال (2 / 48)(وعلى التنزيل لا يلزم من التمثيل والتشبيه التسوية من كل جهة وبأن الخبر إذا ورد فى معنى مقصود لا تؤخذ منه المعارضة لما ورد فى ذلك المعنى بعينه مقصوداً فى أمر آخر) . اهـ
إن الجميع يتفقون على أن النهاية قد قربت، بل إن موت النبى صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة، وقد قال الحافظ ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم (1 / 126 ط دار الكتب العلمية) بعد أن ساق أحاديث قرب قيام الساعة، ومنها الأحاديث السابق الإشارة إليها، قال رحمه الله:
(وهذا كله يدل على أن ما بقى بالنسبة إلى ما مضى كالشئ اليسير لكن لا يعلم مقدار ما بقى إلا الله عز وجل ولم يجئ فيه تحديد يصح سنده عن المعصوم حتى يصار إليه ويعلم نسبة ما بقى إليه ولكنه قليل جداً بالنسبة إلى ما مضى، وتعيين وقت الساعة لم يأت به حديث صحيح بل إن الآيات والأحاديث دالة على أن علم ذلك مما استأثر الله سبحانه وتعالى به دون أحد من خلقه) . اهـ.
ونحن الآن نسأل سؤالاً: نعلم جميعاً أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا عن علامات الساعة ومنها الدجال والمهدى و...... وانه سيأتى يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع وباقى الأيام كأيامنا هذه، فلماذا لم يخبرنا أن المدة من مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى انتهاء عمر الأمّة هو كذا سنة؟؟
- هل كان يعرف وكتمه عنّا؟؟ حاشاه صلى الله عليه وسلم
- هل كان لا يعرف ذلك، وعرفته أنت الآن؟!
هل كان لا يستطيع أن يحسب 2000 - 600 = 1400 سنة؟
وكذلك لم يستطع أحد من أصحابه أجمعين أن يحسبها، مع انهم كانوا يحسبون الفرائض والمواريث؟؟ الإجابات كلها ستكون أمر من العلقم!!
أقول لك: لو كان خيراً لسبقونا إليه، فانهم أهل العلم والهدى.
(1) * يؤكد ما قلته سابقاً من أنه لم يعتمده ولم يسلم به. (أبو حاتم)