المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وأما الأدلة من السنة على مشروعية استتار النساء عن الرجال الأجانب - الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي

[حمود بن عبد الله التويجري]

الفصل: ‌فصل: وأما الأدلة من السنة على مشروعية استتار النساء عن الرجال الأجانب

وعليهن شامل لجميع أجسادهن أو عليهن على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه انتهى.

وقال ابن جزي الكلبي: في تفسيره المسمى "كتاب التسهيل لعلوم التنزيل" كان نساء العرب يكشفن وجوهن كما تفعل الإماء وكان ذلك داعيًا إلى نظر الرجال لهن فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن ويفهم الفرق بين الحرائر والإماء والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار، وقيل هو الرداء، وصورة إدنائه عند ابن عباس رضي الله عنهما أن تلويه على وجهها حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها انتهى.

الآية الثانية: قول الله تعالى في سورة النور: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} الآية.

الآية الثالثة: قوله تعالى في سورة النور {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .

وقد ذكرت كلام العلماء على هذه الآية والآية التي قبلها في كتاب "الصارم المشهور على هل التبرج والسفور" فليراجع هناك.

‌فصل: وأما الأدلة من السنة على مشروعية استتار النساء عن الرجال الأجانب

ففي أحاديث كثيرة منها حديث عائشة، رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد متفق عليه.

ص: 241

ومنها حديث مسلمة رضي الله عنها، قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم «احتجبا منه» فقلنا يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال النووي هو حديث حسن. وقال الحافظ ابن حجر إسناده قوي، ورد النووي وابن حجر على من تكلم فيه بغير حجة وبوب الترمذي عليه بقوله: باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال" وهذا التبويب مفيد بما فهمه الترمذي من عموم الحكم لجميع نساء هذه الأمة وأنه ليس خاصًا بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب وإن كان قد وقع معهن فغيرهن تبع لهن.

ومنها حديث فاطمة بنت قيس، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال:«تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك» الحديث رواه مالك والشافعي وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وفي رواية لمسلم فإنك إذا وضعت ثيابك لم يرك.

وفي رواية لأحمد نحوه، وفي رواية للنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:«انطلقي إلى أم شريك» وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله عز وجل ينزل عليها الضيفان قلت سأفعل قال: «لا تفعلي فإن أم شريك كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط منك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين» الحديث. وفيه دليل على أنه لا يجوز

ص: 242

للمرأة وضع ثيابها عند البصير من الرجال الأجانب وذلك يقتضي ستر وجهها وغيره من أعضائها عنهم.

ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» رواه الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن إلا ابن ماجه وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن انتهى.

ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه» رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والدراقطني.

ورواه ابن ماجة أيضًا عن عائشة، رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وبوب عليه أبو داود بقوله:«باب في المحرمة تغطي وجهها» وبوب عليه ابن ماجه بقوله «باب المحرمة تسدل الثوب على وجهها» وهذا التبويب مفيد بما فهمه أبو داود وابن ماجه من عموم الحكم لجميع نساء المؤمنين.

ومنها حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت كنا نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمات فيمر بنا الراكب فتسدل المرأة الثوب من فوق رأسها على وجهها، رواه الدارقطني.

ص: 243

ومنها حديث أم سلمة أيضًا، رضي الله عنها قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» رواه الشافعي وأحمد وأهل السنن والحكم في مستدركه وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وصححه أيضًا الحاكم والذهبي.

ومنها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والطبراني في الكبير والأوسط وزادوا فيه «وإنها أقرب ما تكون إلى الله وهي في قعر بيتها» هذا لفظ الطبراني قال المنذري: ورجاله رجال الصحيح وقال الهيثمي: رجاله موثقون.

قال ابن الأثير: العورة هي كل ما يستحيا منه إذا ظهر، قال ومنه الحديث «المرأة عورة» جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيا منها انتهى.

وقال الراغب الأصفهاني: العورة أصلها من العار وذلك لما يلحق من ظهورها من العار أي المذمة ولذلك سمي النساء عورة انتهى.

وقال المناوي في قوله: «المرأة عورة» أي هي موصوفة بهذه الصفة، ومن هذه صفته فحقه أن يستر والمعنى أنه يستقبح تبرزها وظهورها للرجال انتهى.

وأما قوله: استشرفها الشيطان فمعناه أنه تطلع إليها وتعرض لها

ص: 244