الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصفيي عمر بن الخطاب. خرجهن ابن السمان في الموافقة، وخرج الأخير أبو القاسم الحريري وزاد: إن عمر ناصح الله فنصحه الله، ثم بكى.
وعن علي أنه كان يقول: لا يبلغني أن أحدًا فضلني على عمر إلا ضربته حد المفتري. خرجه سعدان بن نصر، وقد تقدم بطرق كثيرة في أبي بكر وعمر في بابهما.
الفصل العاشر: في خلافته، وما يتعلق بها
ذكر ما جاء متضمنا الدلالة عليها، وجميع أحاديث هذا الذكر قد تقدمت في نظيره في باب الأربعة والثلاثة والشيخين.
ذكر ما أخبر به أهل الكتاب عن كتبهم متضمنًا ذلك:
عن صالح بن كيسان قال: بلغني أن اليهود قالوا: إنا نجد فيما نقرأ من الأحاديث عن الأنبياء أنه يجلي يهود الحجاز رجل صفته صفة عمر، فأجلاهم. خرجه الزهري.
وعن عمر قال: دخلت الشام في أيام الجاهلية تاجرًا مع أصحاب من قريش، فلما قضينا حاجتنا من دمشق وخرجت أنحو مكة نسيت حاجة فرجعت إليها وقلت لأصحابي: أنا ألحقكم، فوالله إني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد جاء فأخذ بعنقي وأدخلني كنيسة، فإذا تراب متراكم بعضه على بعض، فدفع إلي مجرة وفأسًا وزنبيلًا وقال: انقل هذا التراب، فجلست أتفكر في أمري كيف أصنع? فأتاني في الهاجرة وقال: لم أرك أخرجت شيئًا، وضم أصابعه فضرب بها وسط رأسي، فقلت: ثكلتك أمك يا عمر، بلغت ما أرى، فقمت بالمجرة فضربت بها هامته، فإذا دماغه قد انتثر، فأخذته فواريته تحت التراب، ثم خرجت على وجهي ما أدري أين أسلك بقية يومي وليلتي حتى أصبحت، فانتهيت إلى دير فاستظللت بظله، فخرج إليَّ رجل منه فقال: يا عبد الله ما يجلسك
ههنا? فقلت: أضللت أصحابي، فقال: ما أنت على الطريق، وإنك لتنظر بعين خائف، ادخل فأصب من الطعام والشراب واسترح ونم، فدخلت فأتى بطعام وشراب، فصعد في النظر وصوبه ثم قال: يا هذا، قد علم أهل الكتاب أنه لم يبق على وجه الأرض أحد أعلم مني بالكتاب، وإني أجد صفتك الذي يخرجنا من هذا الدير وتغلب على هذه البلدة، فقلت له: أيها الرجل قد صنعت معروفًا فلا تكدره، فقال لي: اكتب لي كتابًا في رق ليس عليك فيه شيء، فإن تكن صاحبنا فهو ما نريد، وإن تكن الأخرى فلن يضرك، فقلت: هات فكتبت له ثم ختمت عليه، فدعا بنفقة فدفعها إلي وبأثواب وبأتان قد وكفت، فقال: ألا تسمع؟ قلت: نعم!! قال: اخرج عليها، فإنها لا تمر بأهل دير إلا علفوها وسقوها، حتى إذا بلغت مأمنك فاضرب في وجهها مدبرة فإنها لا تمر بقوم ولا أهل دير إلا علفوها وسقوها، حتى أدركت أصحابي متوجهين إلى الحجاز ثم ضربت في وجهها مدبرة ثم سرت معهم. قال الراوي: فلما قدم عمر في خلافته إلى الشام أتاه ذلك الراهب وهو صاحب دير العدس بذلك الكتاب، فعرفه عمر فقال له: أوف لي، فقال عمر: ليس العمر فيه شيء ولكن للمسلمين. ثم أنشأ عمر يحدثنا بحديثه حتى أتى على آخره، ثم قال للراهب: إن أضفتم المسلمين وهديتموهم الطريق ومرضتم المريض فعلنا ذلك، قال: نعم يا أمير المؤمنين، فوفى له بشرطه. أخرجه في فضائله.
ذكر وصف علي له بما يتأهل معه للخلافة، وتصويب أبي بكر في العهد إليه:
وعن علي رضي الله عنه أنه خطب خطبة طويلة فقال فيها: أيها الناس إن هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما يصلح به أوله، ولا يحتمله إلا أفضلكم مقدرة وأملككم لنفسه وأشدكم في حال الشدة وأسلككم في حال
اللين، يأتي على الأمور لا يتجاوز منها شيئًا معتدلًا لا عدوان فيه ولا تقصير، مقتصد لما هو آتٍ، وهو عمر بن الخطاب.
وعن أنه قال في خطبة طويلة: إن الله تعالى صير الأمر إلى عمر في المسلمين، فمنهم من رضي ومنهم من سخط، فكنت ممن رضي، فوالله ما فارق الدنيا حتى رضي به من سخطه، فأعز الله بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قوامًا، وضرب الحق على لسانه حتى ظننا أن ملكًا ينطق على لسانه، وقذف الله في قلوب المؤمنين الحب له وفي قلوب المنافقين الرهبة منه، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل فظا غليظا، وبنوح حنقًا مغتاظًا فمن منكم بمثله.
وقد تقدم معنى الجميع وبعض ألفاظه في باب أبي بكر وعمر.
وعنه قال: المتفرسون في الناس أربعة: امرأتان ورجلان؛ فالمرأة الأولى: صفيراء بنت شعيب لما تفرست في موسى فقالت: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} والرجل الأول: الملك العزيز تفرس في يوسف -وكانوا فيه من الزاهدين- فقال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} والمرأة الثانية: خديجة، تفرست في النبي صلى الله عليه وسلم النبوة فقالت لعمها: قد شمت روحي روح محمد أنه نبي هذه الأمة فزوجني منه، والرجل الثاني: أبو بكر الصديق، لما حضرته الوفاة قال: إني قد تفرست أن أجعل الأمر من بعدي في عمر بن الخطاب فقلت له: إن تجعلها في عمر فإني راض، فقال: سررتني، والله لأسرنك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن على الصراط عقبة لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب" فقلت: أفلا أسرك في نفسك وفي عمر بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: بلى، قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هذان سيدا كهول أهل الجنة".
وروي أن أبا بكر لما ثقل أشرف على الناس من كوة وقال: يا أيها الناس، إني قد عهدت عهدًا أفترضون به? قال الناس: رضينا يا خليفة رسول الله، فقال علي: لا نرضى إلا أن يكون عمر، قال: فإنه عمر.
ذكر بيعته، وما يتعلق بها:
قال أبو عمر وغيره: بويع له بالخلافة صبيحة ليلة وفاة أبي بكر، فاستخلافه له على ما تقدم بيانه سنة ثلاث عشرة.
ذكر أول ما تكلم به لما ولي:
عن شداد بن أوس قال: كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال: اللهم إني شديد فليِّنِّي، وإني ضعيف فقوِّني، وإني بخيل فسخِّني، خرجه في الصفوة.
وعن الحسن أن أول خطبة خطبها عمر حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبي، فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا، ومهما غاب عنا وليناه أهل القوة والأمانة، فمن يحسن نزده حسنى، ومن يسئ نعاقبه وغفر الله لنا ولكم.
وعن الشعبي قال: لما ولي عمر صعد المنبر فقال: ما كان الله ليراني أرى نفسي أهلًا لمجلس أبي بكر، فنزل مرقاة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اقرءوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا يوم العرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية، إنه لم يبلغ حق ذي حق أن يطاع في معصية الله، ألا وإني نزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف، خرجه الفضائلي.
وعن شريح أن رزق عمر كان في كل شهر مائة درهم، وقد تقدم في أول الفصل في النثر من حديث القلعي بزيادة، وجميع ما تقدم من صفاته