المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر من ذهب إلى أن الخضر مات - الزهر النضر في حال الخضر

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر قصَّة الْخضر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث

- ‌سُورَة الْكَهْف

- ‌ بَاب حَدِيث الْخضر مَعَ مُوسَى عليهما السلام:

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَين يَدي الْكتاب

- ‌تَرْجَمَة الْمُؤلف

- ‌أشغاله العلمية المتنوعة

- ‌خُلَاصَة الْأَخْبَار فِي الْخضر

- ‌الْخضر الْمَعْرُوف هُوَ صَاحب مُوسَى بن عمرَان عليهما السلام

- ‌الْخضر: ملك أَو ولي أَو نَبِي

- ‌سَبَب اسْتِمْرَار حَيَاته لَدَى من يرى ذَلِك

- ‌آراء الْقَائِلين باستمرار حَيَاته

- ‌آراء المنكرين لاستمرار حَيَاته

- ‌تَحْقِيق فَتْوَى من فَتَاوَى شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية

- ‌نقد الْجُزْء الْأَخير من هَذِه الْفَتْوَى

- ‌إِنْكَار ابْن الْجَوْزِيّ على اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ بَاب نسبه

- ‌بَاب مَا ورد فِي كَونه نَبيا

- ‌ بَاب مَا ورد فِي تعميره وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ ذكر شَيْء من أَخْبَار الْخضر قبل بعثة النَّبِي

- ‌ وَمن أخباره مَعَ غير مُوسَى

- ‌ ذكر من ذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ

- ‌ ذكر الْأَخْبَار الَّتِي وَردت أَن الْخضر كَانَ فِي زمن النَّبِي - ثمَّ بعده إِلَى الْآن

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي بَقَاء الْخضر بعد النَّبِي - وَمن نقل عَنهُ أَنه رَآهُ وَكَلمه

الفصل: ‌ ذكر من ذهب إلى أن الخضر مات

50 -

قلت: وَسَنَد هَذَا الحَدِيث حسن، لَوْلَا عنعنة بَقِيَّة. وَلَو ثَبت لَكَانَ نصا أَن الْخضر نَبِي، لحكاية النَّبِي - قَول الرجل:" يَا نَبِي الله " وَتَقْرِيره على ذَلِك.

-‌

‌ ذكر من ذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ

-

51 -

نقل أَبُو بكر النقاش فِي تَفْسِيره: عَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا، وَعَن مُحَمَّد بن اسماعيل البُخَارِيّ: أَن الْخضر مَاتَ. "

وَأَن البُخَارِيّ سُئِلَ عَن حَيَاة الْخضر، فَأنْكر ذَلِك، وَاسْتدلَّ

ص: 86

بِالْحَدِيثِ: " إِن على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى على وَجه الأَرْض، مِمَّن هُوَ عَلَيْهَا أحد. "

وَهَذَا أخرجه هُوَ فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر، وَهُوَ عُمْدَة من تمسك بِأَنَّهُ مَاتَ، وَأنكر أَن يكون بَاقِيا.

52 -

وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره: " الْجُمْهُور على أَنه مَاتَ؛ وَنقل عَن [ابْن] أبي الْفضل المرسي أَن الْخضر صَاحب مُوسَى مَاتَ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا لزمَه الْمَجِيء إِلَى النَّبِي - وَالْإِيمَان بِهِ، واتباعه.

قد روى عَن النَّبِي - قَالَ: " لَو كَانَ مُوسَى حَيا مَا وَسعه إِلَّا اتباعي. " وَأَشَارَ إِلَى أَن الْخضر هُوَ غير صَاحب مُوسَى.

وَقَالَ غَيره: لكل زمَان خضر، وَهِي دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا.

53 -

وَنقل [أَبُو الْحُسَيْن] بن الْمُنَادِي، فِي كِتَابه الَّذِي جمعه فِي تَرْجَمَة

ص: 87

الْخضر: عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، " أَن الْخضر مَاتَ ".

وَبِذَلِك جزم ابْن الْمُنَادِي الْمَذْكُور.

54 -

أ [وَنقل أَيْضا عَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ صلى رَسُول الله - ذَات لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء، فِي آخر حَيَاته، فَلَمَّا سلم قَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، قَالَ: على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد. "

ب وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جَابر قَالَ، قَالَ رَسُول الله - قبل مَوته بِشَهْر: تَسْأَلُونِي عَن السَّاعَة، وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله، وَأقسم بِاللَّه مَا على الأَرْض نفس منفوسة تَأتي عَلَيْهَا مائَة سنة ".

هَذِه رِوَايَة أبي الزبير عَنهُ.

ج وَفِي رِوَايَة أبي نَضرة عَنهُ:

ص: 88

قَالَ قبل مَوته بِقَلِيل أَو بِشَهْر: " مَا من نفس

. " وَزَاد فِي آخِره: وَهِي يَوْمئِذٍ حَيَّة ".

د وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر نَحْو رِوَايَة أبي الزبير] .

55 -

وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي جزئه الَّذِي جمعه فِي ذَلِك، عَن أبي يعلي بن الْفراء الْحَنْبَلِيّ، قَالَ: سُئِلَ بعض أَصْحَابنَا عَن الْخضر، هَل مَاتَ؟

فَقَالَ: نعم!

[قَالَ] وَبَلغنِي مثل هَذَا عَن أبي طَاهِر بن الْعَبَّادِيّ، وَكَانَ يحْتَج بِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا، لجاء إِلَى النَّبِي -.

[قلت: وَمِنْهُم أَبُو الْفضل بن نَاصِر، وَالْقَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن النقاش] .

56 -

وَاسْتدلَّ ابْن الْجَوْزِيّ، بِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا، مَعَ مَا ثَبت أَنه كَانَ فِي زمن مُوسَى وَقبل ذَلِك، لَكَانَ [قدر] جسده مناسبا لأجساد أُولَئِكَ.

ص: 89

ثمَّ سَاق بِسَنَد لَهُ إِلَى أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: " كَانَ أنف دانيال ذِرَاعا، وَلما كشف عَنهُ فِي زمن أبي مُوسَى، قَامَ رجل إِلَى جنبه، فَكَانَت ركبة دانيال محاذية لرأسه. "

وَالَّذين يدعونَ رُؤْيَة الْخضر، لَيْسَ فِي سَائِر أخبارهم مَا يدل على أَن جسده نَظِير أَجْسَادهم.

57 -

ثمَّ اسْتدلَّ بِمَا أخرجه أَحْمد من طَرِيق مجَالد، عَن الشّعبِيّ، عَن جَابر رضي الله عنه ان رَسُول الله - قَالَ:" وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو أَن مُوسَى كَانَ حَيا مَا وَسعه إِلَّا أَن يَتبعني ".

قَالَ: فَإِذا كَانَ هَذَا فِي حق مُوسَى، فَكيف لم يتبعهُ الْخضر لَو كَانَ

ص: 90

حَيا، فَيصَلي مَعَه الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة، ويجاهد تَحت رايته.

كَيفَ ثَبت أَن عِيسَى يُصَلِّي خلف إِمَام هَذِه الْأمة.

58 -

وَاسْتدلَّ أَيْضا بقوله تَعَالَى: (وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين، لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة

.) الْآيَة.

قَالَ ابْن عَبَّاس: " مَا بعث الله نَبيا إِلَّا اخذ عَلَيْهِ الْمِيثَاق: لإن بعث مُحَمَّد - وَهُوَ حَيّ - ليُؤْمِنن بِهِ، ولينصرنه "

ص: 91

[فَلَو كَانَ الْخضر مَوْجُودا فِي عهد النَّبِي - لجاء اليه، وَنَصره بِيَدِهِ، وَلسَانه، وَقَاتل تَحت رايته؛ وَكَانَ من أعظم الْأَسْبَاب فِي إِيمَان مُعظم أهل الْكتاب الَّذين يعْرفُونَ قصَّته مَعَ مُوسَى] .

59 -

وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي: بحثت عَن تعمير الْخضر، وَهل هُوَ بَاقٍ أم لَا؟ فَإِذا أَكثر المغفلين مفترون بِأَنَّهُ بَاقٍ من اجل مَا رُوِيَ فِي ذَلِك! قَالَ: وَالْأَحَادِيث المرفوعة فِي ذَلِك واهية؛ والسند إِلَى أهل الْكتاب سَاقِط لعدم ثقتهم وَخبر مسلمة بن مصلقة كالخرافة.

وَخبر ريَاح كَالرِّيحِ.

60 -

وَقَالَ: وَمَا عدا ذَلِك كُله من الْأَخْبَار، كلهَا واهية الصُّدُور والإعجاز، لَا يَخْلُو حَالهَا من أحد أَمريْن: أما أَن أدخلت على الثفات استغفالا. أَو يكون بَعضهم تعمد [ذَلِك] .

وَقد قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد) .

ص: 92

61 -

قَالَ: وَأهل الحَدِيث متفقون على أَن حَدِيث أنس مُنكر السَّنَد، سقيم الْمَتْن، [وان الْخضر لم يراسل نَبينَا وَلم يلقه] .

62 -

قَالَ: وَلَو كَانَ الْخضر حَيا، لما وَسعه التَّخَلُّف عَن رَسُول الله - وَالْهجْرَة إِلَيْهِ.

63 -

قَالَ: وَقد أَخْبرنِي بعض أَصْحَابنَا أَن إِبْرَاهِيم [الْحَرْبِيّ] سُئِلَ عَن تعمير الْخضر، فَأنْكر ذَلِك؛ وَقَالَ: هُوَ متقادم الْمَوْت.

64 -

قَالَ: وروجع غَيره فِي تعميره فَقَالَ: " من أحَال على غَائِب حَيّ أَو مَفْقُود ميت، لم ينتصف مِنْهُ وَمَا ألْقى هَذَا بَين النَّاس إِلَّا الشَّيْطَان ".

انْتهى.

65 -

وَقد ذكرت الْأَخْبَار الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا، وأضفت إِلَيْهَا أَشْيَاء كَثِيرَة من جِنْسهَا، وغالبها لَا يَخْلُو طَرِيقه من عِلّة. وَالله الْمُسْتَعَان.

66 -

[وَفِي تَفْسِير الْأَصْبَهَانِيّ رُوِيَ عَن الْحسن، أَنه كَانَ يذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ.

67 -

وَرُوِيَ عَن البُخَارِيّ، أَنه سُئِلَ عَن الْخضر وإلياس هَل هما فِي الْأَحْيَاء؟

فَقَالَ: كَيفَ يكون ذَلِك وَقد قَالَ النَّبِي - فِي آخر عمره: " أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فان على رَأس مائَة سنة مِنْهَا، لَا يبْقى على وَجه

ص: 93

الأَرْض مِمَّن هُوَ الْيَوْم عَلَيْهَا أحد "] .

68 -

وَاحْتج ابْن الْجَوْزِيّ أَيْضا، بِمَا ثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ، ان النَّبِي - قَالَ يَوْم بدر:" اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة، لَا تعبد فِي الأَرْض ".

[وَلم يكن الْخضر فيهم، وَلَو كَانَ يَوْمئِذٍ حَيا، لورد على هَذَا الْعُمُوم فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّن يعبد الله قطعا.

69 -

وَاسْتدلَّ غَيره بقوله -: " لَا نَبِي بعدِي ".

ص: 94