الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
50 -
قلت: وَسَنَد هَذَا الحَدِيث حسن، لَوْلَا عنعنة بَقِيَّة. وَلَو ثَبت لَكَانَ نصا أَن الْخضر نَبِي، لحكاية النَّبِي - قَول الرجل:" يَا نَبِي الله " وَتَقْرِيره على ذَلِك.
-
ذكر من ذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ
-
51 -
نقل أَبُو بكر النقاش فِي تَفْسِيره: عَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا، وَعَن مُحَمَّد بن اسماعيل البُخَارِيّ: أَن الْخضر مَاتَ. "
وَأَن البُخَارِيّ سُئِلَ عَن حَيَاة الْخضر، فَأنْكر ذَلِك، وَاسْتدلَّ
بِالْحَدِيثِ: " إِن على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى على وَجه الأَرْض، مِمَّن هُوَ عَلَيْهَا أحد. "
وَهَذَا أخرجه هُوَ فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر، وَهُوَ عُمْدَة من تمسك بِأَنَّهُ مَاتَ، وَأنكر أَن يكون بَاقِيا.
52 -
وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره: " الْجُمْهُور على أَنه مَاتَ؛ وَنقل عَن [ابْن] أبي الْفضل المرسي أَن الْخضر صَاحب مُوسَى مَاتَ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا لزمَه الْمَجِيء إِلَى النَّبِي - وَالْإِيمَان بِهِ، واتباعه.
قد روى عَن النَّبِي - قَالَ: " لَو كَانَ مُوسَى حَيا مَا وَسعه إِلَّا اتباعي. " وَأَشَارَ إِلَى أَن الْخضر هُوَ غير صَاحب مُوسَى.
وَقَالَ غَيره: لكل زمَان خضر، وَهِي دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا.
53 -
وَنقل [أَبُو الْحُسَيْن] بن الْمُنَادِي، فِي كِتَابه الَّذِي جمعه فِي تَرْجَمَة
الْخضر: عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، " أَن الْخضر مَاتَ ".
وَبِذَلِك جزم ابْن الْمُنَادِي الْمَذْكُور.
54 -
أ [وَنقل أَيْضا عَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ صلى رَسُول الله - ذَات لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء، فِي آخر حَيَاته، فَلَمَّا سلم قَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، قَالَ: على رَأس مائَة سنة لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد. "
ب وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جَابر قَالَ، قَالَ رَسُول الله - قبل مَوته بِشَهْر: تَسْأَلُونِي عَن السَّاعَة، وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله، وَأقسم بِاللَّه مَا على الأَرْض نفس منفوسة تَأتي عَلَيْهَا مائَة سنة ".
هَذِه رِوَايَة أبي الزبير عَنهُ.
ج وَفِي رِوَايَة أبي نَضرة عَنهُ:
قَالَ قبل مَوته بِقَلِيل أَو بِشَهْر: " مَا من نفس
…
. " وَزَاد فِي آخِره: وَهِي يَوْمئِذٍ حَيَّة ".
د وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر نَحْو رِوَايَة أبي الزبير] .
55 -
وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي جزئه الَّذِي جمعه فِي ذَلِك، عَن أبي يعلي بن الْفراء الْحَنْبَلِيّ، قَالَ: سُئِلَ بعض أَصْحَابنَا عَن الْخضر، هَل مَاتَ؟
فَقَالَ: نعم!
…
[قَالَ] وَبَلغنِي مثل هَذَا عَن أبي طَاهِر بن الْعَبَّادِيّ، وَكَانَ يحْتَج بِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا، لجاء إِلَى النَّبِي -.
[قلت: وَمِنْهُم أَبُو الْفضل بن نَاصِر، وَالْقَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن النقاش] .
56 -
وَاسْتدلَّ ابْن الْجَوْزِيّ، بِأَنَّهُ لَو كَانَ حَيا، مَعَ مَا ثَبت أَنه كَانَ فِي زمن مُوسَى وَقبل ذَلِك، لَكَانَ [قدر] جسده مناسبا لأجساد أُولَئِكَ.
ثمَّ سَاق بِسَنَد لَهُ إِلَى أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: " كَانَ أنف دانيال ذِرَاعا، وَلما كشف عَنهُ فِي زمن أبي مُوسَى، قَامَ رجل إِلَى جنبه، فَكَانَت ركبة دانيال محاذية لرأسه. "
وَالَّذين يدعونَ رُؤْيَة الْخضر، لَيْسَ فِي سَائِر أخبارهم مَا يدل على أَن جسده نَظِير أَجْسَادهم.
57 -
ثمَّ اسْتدلَّ بِمَا أخرجه أَحْمد من طَرِيق مجَالد، عَن الشّعبِيّ، عَن جَابر رضي الله عنه ان رَسُول الله - قَالَ:" وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو أَن مُوسَى كَانَ حَيا مَا وَسعه إِلَّا أَن يَتبعني ".
قَالَ: فَإِذا كَانَ هَذَا فِي حق مُوسَى، فَكيف لم يتبعهُ الْخضر لَو كَانَ
حَيا، فَيصَلي مَعَه الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة، ويجاهد تَحت رايته.
كَيفَ ثَبت أَن عِيسَى يُصَلِّي خلف إِمَام هَذِه الْأمة.
58 -
وَاسْتدلَّ أَيْضا بقوله تَعَالَى: (وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين، لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة
…
.) الْآيَة.
قَالَ ابْن عَبَّاس: " مَا بعث الله نَبيا إِلَّا اخذ عَلَيْهِ الْمِيثَاق: لإن بعث مُحَمَّد - وَهُوَ حَيّ - ليُؤْمِنن بِهِ، ولينصرنه "
[فَلَو كَانَ الْخضر مَوْجُودا فِي عهد النَّبِي - لجاء اليه، وَنَصره بِيَدِهِ، وَلسَانه، وَقَاتل تَحت رايته؛ وَكَانَ من أعظم الْأَسْبَاب فِي إِيمَان مُعظم أهل الْكتاب الَّذين يعْرفُونَ قصَّته مَعَ مُوسَى] .
59 -
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي: بحثت عَن تعمير الْخضر، وَهل هُوَ بَاقٍ أم لَا؟ فَإِذا أَكثر المغفلين مفترون بِأَنَّهُ بَاقٍ من اجل مَا رُوِيَ فِي ذَلِك! قَالَ: وَالْأَحَادِيث المرفوعة فِي ذَلِك واهية؛ والسند إِلَى أهل الْكتاب سَاقِط لعدم ثقتهم وَخبر مسلمة بن مصلقة كالخرافة.
وَخبر ريَاح كَالرِّيحِ.
60 -
وَقَالَ: وَمَا عدا ذَلِك كُله من الْأَخْبَار، كلهَا واهية الصُّدُور والإعجاز، لَا يَخْلُو حَالهَا من أحد أَمريْن: أما أَن أدخلت على الثفات استغفالا. أَو يكون بَعضهم تعمد [ذَلِك] .
وَقد قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد) .
61 -
قَالَ: وَأهل الحَدِيث متفقون على أَن حَدِيث أنس مُنكر السَّنَد، سقيم الْمَتْن، [وان الْخضر لم يراسل نَبينَا وَلم يلقه] .
62 -
قَالَ: وَلَو كَانَ الْخضر حَيا، لما وَسعه التَّخَلُّف عَن رَسُول الله - وَالْهجْرَة إِلَيْهِ.
63 -
قَالَ: وَقد أَخْبرنِي بعض أَصْحَابنَا أَن إِبْرَاهِيم [الْحَرْبِيّ] سُئِلَ عَن تعمير الْخضر، فَأنْكر ذَلِك؛ وَقَالَ: هُوَ متقادم الْمَوْت.
64 -
قَالَ: وروجع غَيره فِي تعميره فَقَالَ: " من أحَال على غَائِب حَيّ أَو مَفْقُود ميت، لم ينتصف مِنْهُ وَمَا ألْقى هَذَا بَين النَّاس إِلَّا الشَّيْطَان ".
انْتهى.
65 -
وَقد ذكرت الْأَخْبَار الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا، وأضفت إِلَيْهَا أَشْيَاء كَثِيرَة من جِنْسهَا، وغالبها لَا يَخْلُو طَرِيقه من عِلّة. وَالله الْمُسْتَعَان.
66 -
[وَفِي تَفْسِير الْأَصْبَهَانِيّ رُوِيَ عَن الْحسن، أَنه كَانَ يذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ.
67 -
وَرُوِيَ عَن البُخَارِيّ، أَنه سُئِلَ عَن الْخضر وإلياس هَل هما فِي الْأَحْيَاء؟
فَقَالَ: كَيفَ يكون ذَلِك وَقد قَالَ النَّبِي - فِي آخر عمره: " أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فان على رَأس مائَة سنة مِنْهَا، لَا يبْقى على وَجه
الأَرْض مِمَّن هُوَ الْيَوْم عَلَيْهَا أحد "] .
68 -
وَاحْتج ابْن الْجَوْزِيّ أَيْضا، بِمَا ثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ، ان النَّبِي - قَالَ يَوْم بدر:" اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة، لَا تعبد فِي الأَرْض ".
[وَلم يكن الْخضر فيهم، وَلَو كَانَ يَوْمئِذٍ حَيا، لورد على هَذَا الْعُمُوم فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّن يعبد الله قطعا.
69 -
وَاسْتدلَّ غَيره بقوله -: " لَا نَبِي بعدِي ".