المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي - ثم بعده إلى الآن - الزهر النضر في حال الخضر

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر قصَّة الْخضر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث

- ‌سُورَة الْكَهْف

- ‌ بَاب حَدِيث الْخضر مَعَ مُوسَى عليهما السلام:

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَين يَدي الْكتاب

- ‌تَرْجَمَة الْمُؤلف

- ‌أشغاله العلمية المتنوعة

- ‌خُلَاصَة الْأَخْبَار فِي الْخضر

- ‌الْخضر الْمَعْرُوف هُوَ صَاحب مُوسَى بن عمرَان عليهما السلام

- ‌الْخضر: ملك أَو ولي أَو نَبِي

- ‌سَبَب اسْتِمْرَار حَيَاته لَدَى من يرى ذَلِك

- ‌آراء الْقَائِلين باستمرار حَيَاته

- ‌آراء المنكرين لاستمرار حَيَاته

- ‌تَحْقِيق فَتْوَى من فَتَاوَى شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية

- ‌نقد الْجُزْء الْأَخير من هَذِه الْفَتْوَى

- ‌إِنْكَار ابْن الْجَوْزِيّ على اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ بَاب نسبه

- ‌بَاب مَا ورد فِي كَونه نَبيا

- ‌ بَاب مَا ورد فِي تعميره وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ ذكر شَيْء من أَخْبَار الْخضر قبل بعثة النَّبِي

- ‌ وَمن أخباره مَعَ غير مُوسَى

- ‌ ذكر من ذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ

- ‌ ذكر الْأَخْبَار الَّتِي وَردت أَن الْخضر كَانَ فِي زمن النَّبِي - ثمَّ بعده إِلَى الْآن

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي بَقَاء الْخضر بعد النَّبِي - وَمن نقل عَنهُ أَنه رَآهُ وَكَلمه

الفصل: ‌ ذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي - ثم بعده إلى الآن

70 -

وَنسب إِلَى ابْن دحْيَة القَوْل فِي ذَلِك؛ وَهُوَ معترض بِعِيسَى بن مَرْيَم، فانه نَبِي قطعا، وَثَبت انه ينزل إِلَى الأَرْض فِي آخر الزَّمَان، وَيحكم بشريعة النَّبِي -.

71 -

فَوَجَبَ حمل النَّفْي على إنْشَاء النُّبُوَّة لأحد من النَّاس، لَا على نفي وجود نَبِي، كَانَ قد نبئ قبل ذَلِك] .

-‌

‌ ذكر الْأَخْبَار الَّتِي وَردت أَن الْخضر كَانَ فِي زمن النَّبِي - ثمَّ بعده إِلَى الْآن

-

72 -

روى ابْن عدي فِي الْكَامِل، من طَرِيق عبد الله بن نَافِع عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه عَن جده: " أَن رَسُول الله - كَانَ فِي الْمَسْجِد، فَسمع كلَاما من وَرَائه، فَإِذا هُوَ [بقائل] يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي على مَا ينجيني مِمَّا خوفتني.

فَقَالَ رَسُول الله - حِين سمع ذَلِك: " أَلا تضم إِلَيْهَا أُخْتهَا ".

فَقَالَ الرجل: " اللَّهُمَّ ارزقني شوق الصَّالِحين، إِلَى مَا شوقتهم إِلَيْهِ.

ص: 95

فَقَالَ النَّبِي - لأنس بن مَالك [وَكَانَ مَعَه] : اذْهَبْ يَا أنس {فَقل لَهُ: يَقُول لَك رَسُول الله -: اسْتغْفر لي.

فَجَاءَهُ أنس، فَبَلغهُ ; فَقَالَ الرجل: يَا أنس} أَنْت رَسُول رَسُول الله - الي؟ فَرجع فاستثبته. فَقَالَ لَهُ النَّبِي -: قل لَهُ: نعم!

فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَقل لَهُ:" إِن الله فضلك على الْأَنْبِيَاء مثل مَا فضل بِهِ رَمَضَان على الشُّهُور ; وَفضل أمتك على الْأُمَم مثل مَا فضل يَوْم الْجُمُعَة، على سَائِر الْأَيَّام. "

[فَذَهَبُوا ينظرُونَ]، فَإِذا هُوَ: الْخضر [عليه السلام] .

73 -

كثير بن عبد الله ضعفه الْأَئِمَّة. وَلَكِن جَاءَ من غير رِوَايَته.

ص: 96

74 -

قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي: 3 - أَخْبرنِي أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن النَّضر العسكري أَن مُحَمَّد بن سَلام المنبجي حَدثهمْ. (ب) - وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن الْفضل بن جَابر عَن مُحَمَّد بن سَلام المنبجي: حَدثنَا وضاح بن عباد الْكُوفِي، حَدثنَا عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول، حَدثنِي أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ:" خرجت لَيْلَة من اللَّيَالِي - أحمل مَعَ النَّبِي - الطّهُور - فَسمع مناديا يُنَادي، فَقَالَ لي: يَا أنس! صه؛ [قَالَ] : فَسكت فاستمع فَإِذا هُوَ يَقُول: " اللَّهُمَّ أَعنِي على مَا ينجيني مِمَّا خوفتني مِنْهُ ".

قَالَ: فَقَالَ النَّبِي -:

ص: 97

" لَو قَالَ أُخْتهَا مَعهَا " {

فَكَأَن الرجل لقن مَا أَرَادَ النَّبِي -، فَقَالَ:" وارزقني شوق الصَّالِحين إِلَى مَا شوقتهم إِلَيْهِ ".

فَقَالَ النَّبِي - لي: " يَا أنس} ضع لي الطّهُور، وائت هَذَا الْمُنَادِي، فَقل لَهُ: ادْع الله تَعَالَى لرَسُول الله - أَن يُعينهُ الله على مَا ابتعثه بِهِ، وادع لأمته أَن يَأْخُذُوا مَا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم بِالْحَقِّ. "

فَأَتَيْته، فَقلت: رَحِمك الله، ادْع الله لرَسُول الله - أَن يُعينهُ الله على مَا ابتعث بِهِ، وادع لأمته أَن يَأْخُذُوا مَا آتَاهُم بِهِ نَبِيّهم بِالْحَقِّ ".

فَقَالَ لي: وَمن أرسلك، فَكرِهت أَن اخبره - وَلم أَستَأْمر رَسُول الله -، فَقلت لَهُ: رَحِمك الله: مَا يَضرك من أَرْسلنِي، ادْع بِمَا قلت لَك، فَقَالَ: لَا أَو تُخبرنِي بِمن أرسلك. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله - فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله {أَبى أَن يَدْعُو لَك بِمَا قلت، حَتَّى أخبرهُ بِمن أَرْسلنِي، فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهِ، فَقل لَهُ: أَنا [رَسُول] رَسُول الله - فَرَجَعت إِلَيْهِ، فَقلت لَهُ؛ فَقَالَ لي: مرْحَبًا برَسُول رَسُول الله -: أَنا كنت أَحَق أَن آتيه، اقْرَأ على رَسُول الله - مني السَّلَام، وَقل لَهُ: يَا رَسُول الله} الْخضر يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله! وَيَقُول لَك: يَا رَسُول الله: إِن الله فضلك على الْأَنْبِيَاء، كَمَا فضل شهر رَمَضَان على سَائِر الشُّهُور، وَفضل أمتك على الْأُمَم كَمَا فضل يَوْم الْجُمُعَة على سَائِر الْأَيَّام.

قَالَ: فَلَمَّا وليت سمعته يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من هَذِه الْأمة المرشدة المرحومة المتوب عَلَيْهَا. "

ص: 98

75 -

وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط.

عَن بشر بن عَليّ بن بشر الْعمي، عَن مُحَمَّد بن سَلام. وَقَالَ: لم يروه عَن أنس إِلَّا عَاصِم، وَلَا عَنهُ إِلَّا وضاح، تفرد بِهِ مُحَمَّد بن سَلام.

76 -

قلت: وَقد جَاءَ من وَجْهَيْن آخَرين عَن أنس رضي الله عنه: وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي " هَذَا حَدِيث واه بالوضاح وَغَيره، وهومنكر الحَدِيث وَسَقِيم الْمَتْن، وَلم يراسل الْخضر نَبينَا - وَلم يلقه ".

واستبعده ابْن الْجَوْزِيّ من جِهَة إِمْكَان لقيَاهُ النَّبِي - واجتماعه مَعَه، ثمَّ لَا يجِئ اليه.

77 -

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي خَالِد - مُؤذن مَسْجِد مسْلبَةٌ -

ص: 99

حَدثنَا أَبُو دَاوُد عَن أنس، فَذكر نَحوه.

78 -

وَقَالَ ابْن شاهين: حَدثنَا مُوسَى بن انس بن خَالِد بن عبد الله بن طَلْحَة بن مُوسَى بن انس بن مَالك، حَدثنَا أبي، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، حَدثنَا حَاتِم بن أبي رواد، عَن معَاذ بن عبد الله بن أبي بكر، عَن أَبِيه، عَن أنس رضي الله عنه قَالَ:" خرج رَسُول الله - ذَات لَيْلَة لحَاجَة، فَخرجت خَلفه، فسمعنا قَائِلا يَقُول: " اللَّهُمَّ اني أَسأَلك شوق الصَّالِحين، إِلَى مَا شوقتهم إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُول الله -:" لَو أضَاف اختها اليه ". فسمعنا الْقَائِل، وَهُوَ يَقُول:" اللَّهُمَّ تعينني بِمَا ينجيني مِمَّا خوفتني مِنْهُ. "

ص: 100

فَقَالَ رَسُول الله -: " وَجَبت وَرب الْكَعْبَة " يَا انس ائْتِ الرجل، فَاسْأَلْهُ أَن يَدْعُو لرَسُول الله - أَن يرزقه الْقبُول من أمته، والعون على مَا جَاءَ بِهِ من الْحق والتصديق.

قَالَ أنس رضي الله عنه: فَأتيت الرجل، فَقلت: يَا أَبَا عبد الله! ادْع لرَسُول الله - فَقَالَ لي: وَمن أَنْت؟ فَكرِهت أَن أخبرهُ، وَلم أَسْتَأْذن، وأبى أَن يَدْعُو حَتَّى اخبره، فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله - فَأَخْبَرته؛ فَقَالَ: أخبرهُ. فَرَجَعت، فَقلت لَهُ: أَنا رَسُول رَسُول الله - اليك، فَقَالَ: مرْحَبًا برَسُول رَسُول الله - فَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: أقرأه مني السَّلَام؛ وَقل لَهُ: أَنا أَخُوك الْخضر، وَأَنا كنت أَحَق أَن آتِيك.

قَالَ: فَلَمَّا وليت، سمعته يَقُول:" اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من هَذِه الْأمة المرحومة المتاب عَلَيْهَا ".

79 -

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد: حَدثنَا أَحْمد بن الْعَبَّاس الْبَغَوِيّ حَدثنَا أنس بن خَالِد، حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بِهِ نَحوه.

80 -

وَمُحَمّد بن عبد الله هَذَا هُوَ أَبُو سَلمَة الْأنْصَارِيّ؛ وَهُوَ واهي الحَدِيث جدا،

ص: 101

وَلَيْسَ هُوَ شيخ البُخَارِيّ قَاضِي الْبَصْرَة، ذَاك ثِقَة، وَهُوَ أقدم من أبي سَلمَة.

81 -

وروينا فِي فَوَائِد أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمُزنِيّ تَخْرِيج الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة، حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن زبد، حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم، حَدثنَا الْحسن بن رزين، عَن ابْن جريج عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس - لَا أعلمهُ إِلَّا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي -، قَالَ:" يلتقي الْخضر وإلياس فِي كل عَام فِي الْمَوْسِم، فيحلق كل وَاحِد مِنْهُمَا رَأس صَاحبه، ويتفرقان عَن هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: " بِسم الله مَا شَاءَ الله، لَا يَسُوق الْخَيْر إِلَّا الله؛ بِسم الله مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ".

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْإِفْرَاد: لم يحدث بِهِ عَن ابْن جريح غير الْحسن بن رزين، وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ: لم يُتَابع عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْهُول، وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ ; وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بن الْمُنَادِي:

ص: 102

هُوَ حَدِيث واه بالْحسنِ الْمَذْكُور. انْتهى.

82 -

وَقد جَاءَ من غير طَرِيقه - لَكِن من وَجه واه جدا - أخرجه ابْن الْجَوْزِيّ من طَرِيق: أَحْمد بن عمار، حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْدي، حَدثنَا مهْدي بن هِلَال، حَدثنِي ابْن جريج فَذكر بِلَفْظ:" يجْتَمع الْبري والبحري إلْيَاس وَالْخضر كل عَام بِمَكَّة ".

قَالَ ابْن عَبَّاس: بلغنَا أَنه يحلق أَحدهمَا رَأس صَاحبه، وَيَقُول أَحدهمَا للْآخر ; قل: بِسم الله

. الخ ".

وَزَاد: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله -: " مَا من عبد قَالَهَا كل يَوْم إِلَّا أَمن من الحرق وَالْغَرق والسرق، وكل شَيْء يكرههُ حَتَّى يُمْسِي، وَكَذَلِكَ حَتَّى يصبح ".

ص: 103

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: " أَحْمد بن عمار مَتْرُوك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ ".

ومهدي بن هِلَال مثله. قَالَ ابْن حبَان: مهْدي بن هِلَال يروي الموضوعات.

83 -

وَمن طَرِيق عبيد بن إِسْحَاق الْعَطَّار، حَدثنَا مُحَمَّد بن ميسر عَن عبد الله بن الْحسن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ قَالَ: " يجْتَمع فِي كل يَوْم عَرَفَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَالْخضر. فَيَقُول جِبْرِيل: مَا شَاءَ الله، لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه؛ فَيرد عَلَيْهِ مِيكَائِيل مَا شَاءَ الله، كل نعْمَة فَمن الله؛ فَيرد عَلَيْهِمَا إسْرَافيل: مَا شَاءَ الله الْخَيْر كُله بيد الله؛ فَيرد عَلَيْهِم الْخضر فَيَقُول: مَا شَاءَ الله، لَا يدْفع السوء إِلَّا الله.

ثمَّ يتفرقون فَلَا يَجْتَمعُونَ إِلَّا إِلَى قَابل فِي مثل هَذَا الْيَوْم ". وَعبيد

ص: 104

بن إِسْحَاق مَتْرُوك الحَدِيث.

84 -

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد كتاب الزّهْد لِأَبِيهِ عَن الْحسن بن عبد الْعَزِيز عَن السّري بن يحيى عَن عبد الْعَزِيز بن رواد قَالَ: يجْتَمع الْخضر وإلياس بِبَيْت الْمُقَدّس فِي شهر رَمَضَان من أَوله إِلَى

ص: 105

آخِره، ويفطران على الكرفس وإقبال الْمَوْسِم كل عَام - وَهَذَا معضل.

85 -

روينَا فِي فَوَائِد أبي عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ الباشاني حَدثنَا عبد الرَّحِيم بن حبيب الْفرْيَابِيّ، حَدثنَا صَالح عَن أَسد بن سعيد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن ابائه عَن عَليّ قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي - فَذكره عِنْده الأدهان، فَقَالَ: " فضل دهن البنفسج على سَائِر الأدهان، كفضلنا أهل الْبَيْت على سَائِر الْخلق.

قَالَ: وَكَانَ النَّبِي - يدهن بِهِ ويستعط ". فَذكر حَدِيثا طَويلا فِيهِ: الكراث، والبازروج، والجرجير، والهندباء، والكمأة، والكرفس، وَاللَّحم، وَالْحِيتَان - وَفِيه: الكمأة من الْجنَّة، مَاؤُهَا شِفَاء للعين، وفيهَا شِفَاء من السم، وَهِي طَعَام إلْيَاس وَالْيَسع، يَجْتَمِعَانِ كل عَام بِالْمَوْسِمِ، يشربان شربة مَاء زَمْزَم فيكتفيان بهَا إِلَى قَابل، فَيرد الله شبابهما فِي كل مائَة عَام مرّة، وطعامهما الكمأة والكرفس.

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: لَا شكّ فِي أَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع وَالْمُتَّهَم بِهِ عبد الرَّحِيم بن حبيب، فقد قَالَ ابْن حَيَّان: إِنَّه كَانَ يضع الحَدِيث.

ص: 106

وَقد تقدم عَن مقَاتل ان اليسع هُوَ الْخضر.

86 -

قَالَ ابْن شاهين: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز الْحَرَّانِي، حَدثنَا أَبُو طَاهِر خير بن عَرَفَة، حَدثنَا هاني بن المتَوَكل، حَدثنَا بَقِيَّة عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن مَكْحُول سَمِعت وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: " غزونا مَعَ رَسُول الله - غَزْوَة تَبُوك، حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض جذام، وَقد كَانَ أَصَابَنَا عَطش، فَإِذا بَين أَيْدِينَا [آثَار] غيث، فسرنا ميلًا، فَإِذا بغدير، حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل إِذا نَحن بمناد يُنَادي بِصَوْت حَزِين:

ص: 107

اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة المغفور لَهَا، المستجاب لَهَا. وَالْمبَارك عَلَيْهَا.

فَقَالَ رَسُول الله -: يَا حُذَيْفَة وَيَا أنس ادخلا إِلَى هَذَا الشّعب، فانظرا مَا هَذَا الصَّوْت {؟

قَالَ: فَدَخَلْنَا، فَإِذا نَحن بِرَجُل عَلَيْهِ ثِيَاب بيض أَشد بَيَاضًا من الثَّلج، وَإِذا وَجهه ولحيته كَذَلِك، وَإِذا هُوَ أَعلَى جسما منا بذراعين أَو ثَلَاثَة؛ فسلمنا عَلَيْهِ فَرد علينا السَّلَام، ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا} أَنْتُمَا رَسُولا رَسُول الله -، فَقُلْنَا: نعم! من أَنْت - يَرْحَمك الله - قَالَ: أَنا إلْيَاس النَّبِي، خرجت أُرِيد مَكَّة، فَرَأَيْت عسكركم، فَقَالَ لي جند من الْمَلَائِكَة - وعَلى مقدمتهم جِبْرِيل وعَلى ساقتهم مِيكَائِيل: هَذَا أَخُوك رَسُول الله - فَسلم عَلَيْهِ والقه؛ ارْجِعَا إِلَيْهِ فاقرئاه مني السَّلَام، وقولا لَهُ: لم يَمْنعنِي من الدُّخُول إِلَى عسكركم إِلَّا أَنِّي تخوفت أَن تذْعَر الْإِبِل، ويفزع الْمُسلمُونَ من طولى، فَإِن خلقي لَيْسَ كخلقكم، قولا لَهُ -: يأتيني.

قَالَ حُذَيْفَة وَأنس: فصافحناه.

فَقَالَ لأنس: يَا خَادِم رَسُول الله - من هَذَا؟ قَالَ: هَذَا حُذَيْفَة صَاحب سر رَسُول الله - فَرَحَّبَ بِهِ، ثمَّ قَالَ: أَنه لفي السَّمَاء اشهر مِنْهُ فِي الأَرْض، يُسَمِّيه أهل السَّمَاء صَاحب سر رَسُول الله -.

قَالَ حُذَيْفَة: هَل تلقى الْمَلَائِكَة؟

ص: 108

قَالَ: مَا من يَوْم إِلَّا وَأَنا القاهم، يسلمُونَ عَليّ وَأسلم عَلَيْهِم. فأتينا النَّبِي - فَخرج مَعنا حَتَّى أَتَيْنَا الشّعب، فَإِذا ضوء وَجه إلْيَاس وثيابه كَالشَّمْسِ. فَقَالَ النَّبِي -: على رسلكُمْ. فتقدمنا قدر خمسين ذِرَاعا، فعانقه مَلِيًّا، ثمَّ قعدا، فَرَأَيْنَا شَيْئا يشبه الطير الْعِظَام، وَقد أحدقت بهما، وَهِي بيض قد نشرت أَجْنِحَتهَا، فحالت بَيْننَا وَبَينهمَا. ثمَّ صرخَ بِنَا رَسُول الله - فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة يَا أنس {فقدمنا فَإِذا بَين أَيْدِيهِمَا مائدة خضراء لم أر شَيْئا قطّ أحسن مِنْهَا قد غلبت خضرتها بياضنا، فَصَارَت وُجُوهنَا خضراء، وَإِذا عَلَيْهَا جبن وتمر ورمان وموز وعنب وَرطب وبقل مَا خلا الكراث فَقَالَ النَّبِي -: كلوا بِسم الله، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله أَمن طَعَام الدُّنْيَا هَذَا؟} قَالَ: لَا، قَالَ لنا: هَذَا رِزْقِي ولي فِي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة أَكلَة يأتيني بهَا الْمَلَائِكَة، فَكَانَ هَذَا تَمام الْأَرْبَعين، وَهُوَ شَيْء يَقُول الله لَهُ: كن فَيكون؛ فَقُلْنَا: من أَيْن وَجهك؟ قَالَ: من خلف رُومِية، كنت فِي جَيش من الْمَلَائِكَة مَعَ جَيش من مُسْلِمِي الْجِنّ غزونا أمة من الْكفَّار. فَقُلْنَا كم مَسَافَة ذَلِك الْموضع الَّذِي كنت فِيهِ؟ قَالَ: أَرْبَعَة أشهر وفارقته أَنا مُنْذُ عشرَة أَيَّام، وَأَنا أُرِيد مَكَّة، أشْرب مِنْهَا فِي كل سنة شربة، وَهِي ريي وعصمتي إِلَى تَمام الْمَوْسِم من قَابل.

قُلْنَا: وَأي المواطن أَكثر مثواك؛ قَالَ: الشَّام، وَبَيت الْمُقَدّس، وَالْمغْرب، واليمن، وَلَيْسَ من مَسْجِد من مَسَاجِد مُحَمَّد - إِلَّا وَأَنا أدخلهُ كَبِيرا أَو صَغِيرا. فَقُلْنَا: مَتى عَهْدك بالخضر؟ قَالَ: مُنْذُ سنة كنت

ص: 109

قد التقيت أَنا وَهُوَ بِالْمَوْسِمِ، وَأَنا أَلْقَاهُ بِالْمَوْسِمِ، وَقد كَانَ قَالَ لي: إِنَّك ستلقى مُحَمَّدًا قبلي، فاقراه مني السَّلَام، وعانقه وَبكى، وعانقنا وَبكى وبكينا، فَنَظَرْنَا اليه حِين هوى فِي السَّمَاء، كَأَنَّهُ حمل حملا، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله لقد رَأينَا عجبا إِذْ هوى فِي السَّمَاء. قَالَ: " يكون بَين جناحي ملك، حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ حَيْثُ أَرَادَ. "

87 -

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: لَعَلَّ بَقِيَّة سمع هَذَا من كَذَّاب فدلسه عَن الْأَوْزَاعِيّ. قَالَ: وَخير بن عَرَفَة لَا يدْرِي من هُوَ؟

قلت: هُوَ مُحدث مصري مَشْهُور، وَاسم جده عبد الله بن كَامِل، يكنى أَبَا الطَّاهِر، رُوِيَ عَنهُ أَبُو طَالب الْحَافِظ شيخ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، وَمَات سنة 283 هـ.

88 -

وَقد رَوَاهُ غير بَقِيَّة عَن الْأَوْزَاعِيّ على صفة اخرى: قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا:

ص: 110

حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، حَدثنَا يزِيد بن يزِيد الْموصِلِي التَّيْمِيّ مولى لَهُم، حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الجرشِي، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن مَكْحُول عَن انس رضي الله عنه قَالَ: " غزونا مَعَ رَسُول الله - حَتَّى إِذا كُنَّا بفج النَّاقة بِهَذَا الْحجر، إِذا نَحن بِصَوْت يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة المغفور لَهَا، المتاب عَلَيْهَا، المستجاب مِنْهَا.

فَقَالَ لي رَسُول الله -: يَا أنس انْظُر مَا هَذَا الصَّوْت {

قَالَ: فَدخلت الْجَبَل، فَإِذا رجل أَبيض الرَّأْس واللحية، وَعَلِيهِ ثِيَاب بيض طوله أَكثر من ثَلَاث مائَة ذِرَاع، فَلَمَّا نظر إِلَيّ قَالَ: أَنْت رَسُول رَسُول الله - قلت: نعم، قَالَ: ارْجع اليه، فاقرأ عَلَيْهِ مني السَّلَام، وَقل لَهُ: هَذَا أَخُوك إلْيَاس يُرِيد يلقاك. فجَاء النَّبِي - وَأَنا مَعَه، حَتَّى إِذا كنت قَرِيبا مِنْهُ تقدم، وتأخرت، فتحدثا طَويلا فَنزل عَلَيْهِمَا شَيْء من السَّمَاء شَبيه السفرة، فدعواني، فَأكلت مَعَهُمَا فَإِذا فيهمَا كمأة ورمان وكرفس، فَلَمَّا أكلت قُمْت فتنحيت، وَجَاءَت سَحَابَة فاحتملته، انْظُر إِلَى بَيَاض ثِيَابه فِيهَا، تهوى بِهِ قبل الشَّام.

فَقلت للنَّبِي -: بِأبي أَنْت وَأمي، هَذَا الطَّعَام الَّذِي أكلنَا من السَّمَاء نزل عَلَيْك؟} قَالَ: سَأَلته عَنهُ، فَقَالَ: أَتَانِي بِهِ جِبْرِيل، ولي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكلَة، وَفِي كل حول شربة من مَاء زَمْزَم، وَرُبمَا رَأَيْته على الْجب يمسك بالدلو فيشرب، وَرُبمَا سقاني ".

ص: 111

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: يزِيد وَأَبُو إِسْحَاق لَا يعرفان، وَقد خَالف هَذَا الَّذِي قبله فِي طول إلْيَاس.

89 -

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَليّ بن الْحُسَيْن بن ثَابت الدوري عَن هِشَام بن خَالِد عَن الْحسن بن يحيى الْخُشَنِي، عَن ابْن أبي رواد قَالَ:" الْخضر وإلياس يصومان بِبَيْت الْمُقَدّس، ويحجان فِي كل سنة، ويشربان من زَمْزَم شربة تكفيهما إِلَى مثلهَا من قَابل ".

90 -

ثمَّ وجدت فِي زيادات الزّهْد لعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بِخَطِّهِ: حَدثنَا مهْدي بن جَعْفَر، حَدثنِي

ص: 112

ضَمرَة عَن السّري بن يحيى عَن ابْن أبي رواد قَالَ: إلْيَاس وَالْخضر يصومان شهر رَمَضَان بِبَيْت الْمُقَدّس، ويوافيان الْمَوْسِم فِي كل عَام ".

قَالَ عبد الله: وحَدثني الْحسن هُوَ ابْن رَافع، عَن ضَمرَة عَن السّري عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد مثله.

91 -

وَقَالَ ابْن جرير فِي تأريخه: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن الحكم الْمصْرِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن المتَوَكل، حَدثنَا ضَمرَة بن ربيعَة، عَن عبد الله بن شَوْذَب قَالَ:" الْخضر من ولد فَارس وإلياس من بني إِسْرَائِيل، يَلْتَقِيَانِ فِي كل عَام بِالْمَوْسِمِ. "

ص: 113

92 -

قَالَ الفاكهي فِي كتاب مَكَّة: حَدثنَا الزبير بن بكار، حَدثنِي حَمْزَة بن عتبَة، حَدثنِي مُحَمَّد بن عمرَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: كنت مَعَ أبي بِمَكَّة فِي ليَالِي الْعشْر، وَأبي قَائِم يُصَلِّي فِي الْحجر، فَدخل عَلَيْهِ رجل أَبيض الرَّأْس واللحية من الْأَعْرَاب، فَجَلَسَ إِلَى جنب أبي فَخفف؛ فَقَالَ: إِنِّي جِئْت - يَرْحَمك الله - تُخبرنِي عَن أول خلق هَذَا الْبَيْت. قَالَ: وَمن أَنْت؟ قَالَ: أَنا رجل من أهل الْمغرب. قَالَ: إِن أول خلق هَذَا الْبَيْت أَن الله لما رد عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة حَيْثُ قَالُوا: (أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا) غضب، فطافوا بِعَرْشِهِ، فاعتذروا فرضى عَنْهُم. وَقَالَ: اجعلوا لي فِي الأَرْض بَيْتا يطوف بِهِ من عبَادي من أغضب عَلَيْهِ، فأرضى عَنهُ، كَمَا رضيت عَنْكُم،

ص: 114