المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بسم الله الرحمن الرحيم بين يدي الكتاب - الزهر النضر في حال الخضر

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر قصَّة الْخضر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث

- ‌سُورَة الْكَهْف

- ‌ بَاب حَدِيث الْخضر مَعَ مُوسَى عليهما السلام:

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَين يَدي الْكتاب

- ‌تَرْجَمَة الْمُؤلف

- ‌أشغاله العلمية المتنوعة

- ‌خُلَاصَة الْأَخْبَار فِي الْخضر

- ‌الْخضر الْمَعْرُوف هُوَ صَاحب مُوسَى بن عمرَان عليهما السلام

- ‌الْخضر: ملك أَو ولي أَو نَبِي

- ‌سَبَب اسْتِمْرَار حَيَاته لَدَى من يرى ذَلِك

- ‌آراء الْقَائِلين باستمرار حَيَاته

- ‌آراء المنكرين لاستمرار حَيَاته

- ‌تَحْقِيق فَتْوَى من فَتَاوَى شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية

- ‌نقد الْجُزْء الْأَخير من هَذِه الْفَتْوَى

- ‌إِنْكَار ابْن الْجَوْزِيّ على اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ بَاب نسبه

- ‌بَاب مَا ورد فِي كَونه نَبيا

- ‌ بَاب مَا ورد فِي تعميره وَالسَّبَب فِي ذَلِك

- ‌ ذكر شَيْء من أَخْبَار الْخضر قبل بعثة النَّبِي

- ‌ وَمن أخباره مَعَ غير مُوسَى

- ‌ ذكر من ذهب إِلَى أَن الْخضر مَاتَ

- ‌ ذكر الْأَخْبَار الَّتِي وَردت أَن الْخضر كَانَ فِي زمن النَّبِي - ثمَّ بعده إِلَى الْآن

- ‌ بَاب مَا جَاءَ فِي بَقَاء الْخضر بعد النَّبِي - وَمن نقل عَنهُ أَنه رَآهُ وَكَلمه

الفصل: ‌بسم الله الرحمن الرحيم بين يدي الكتاب

‌ذكر قصَّة الْخضر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث

الْخضر فِي الْقُرْآن الْكَرِيم:

‌سُورَة الْكَهْف

(60 - 82)

ص: 5

-‌

‌ بَاب حَدِيث الْخضر مَعَ مُوسَى عليهما السلام:

1 -

حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنِي أبي عَن صَالح عَن أبي شهَاب أَن عبيد الله بن عبد الله أخبرهُ " عَن ابْن عَبَّاس أَنه تمارى هُوَ وَالْحر بن قيس الْفَزارِيّ فِي صَاحب مُوسَى،

ص: 6

قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ خضر، فَمر بهما أبي بن كَعْب، فَدَعَاهُ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي تماريت أَنا وصاحبي هَذَا فِي صَاحب مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيل إِلَيّ لَقيته، هَل سَمِعت رَسُول الله يذكر شَأْنه؟ قَالَ: نعم، سَمِعت رَسُول الله يَقُول: بَيْنَمَا مُوسَى فِي ملإ من بني اسرائيل جَاءَهُ رجل فَقَالَ: هَل تعلم أحد أعلم مِنْك؟ قَالَ: لَا. فَأوحى الله إِلَيّ مُوسَى بلَى عَبدنَا الْخضر، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيل إِلَيْهِ، فَجعل لَهُ الْحُوت آيَة، وَقيل لَهُ إِذا فقدت الْحُوت فَارْجِع فَإنَّك ستلقاه. فَكَانَ يتبع الْحُوت فِي الْبَحْر، فَقَالَ لمُوسَى فتاه: أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَيّ الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ. فَقَالَ مُوسَى: ذَلِك مَا كُنَّا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا خضرًا، فَكَانَ من شَأْنهمَا الَّذِي قصّ الله فِي كِتَابه "

2 -

حَدثنَا عَليّ بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار قَالَ أَخْبرنِي سعيد بن جُبَير قَالَ " قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى صَاحب الْخضر لَيْسَ هُوَ مُوسَى بني اسرائيل، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخر. فَقَالَ: كذب عَدو الله، حَدثنَا أبي بن كَعْب عَن النَّبِي أَن مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بني اسرائيل فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم؟ فَقَالَ أَنا. فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم اليه فَقَالَ لَهُ: بلَى، لي عبد بمجمع الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ أَي رب وَمن لي بِهِ؟ - وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان: أَي رب وَكَيف لي بِهِ؟ - قَالَ تَأْخُذ حوتا فتجعله فِي مكتل، حَيْثُمَا فقدت الْحُوت فَهُوَ ثمَّ - وَرُبمَا

ص: 7

‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَين يَدي الْكتاب

" إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. "

(يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته، وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ)[آل عمرَان: 102](يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة، وَخلق مِنْهَا زَوجهَا، وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء، وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام، إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا)[النِّسَاء: 1]

(يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا، يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم، وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما)[الْأَحْزَاب: 70 - 71]

أما بعد: فَإِن أصدق الحَدِيث كتاب الله، وَأحسن الْهدى هدى مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة، وكل ضَلَالَة فِي النَّار. "

وَبعد، فَإِن الْإِسْلَام رِسَالَة إلهية وَاضِحَة، وعقيدة ربانية صَافِيَة من أدران الشّرك والإلحاد، والعادات والتقاليد، والخرافات والأوهام.

وَلَكِن - وللأسف الشَّديد - كلما ابتعد الْمُسلمُونَ من الاغتراف من المنهل الصافي الشفاف للْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة، بَدَت مَوَاطِن الضعْف والوهن فِي عقيدتهم، وتسربت إِلَيْهَا كثير من الخرافات والأوهام، الَّتِي مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان، وَلَيْسَت عَلَيْهَا أَي مسحة من العقيدة وَالدّين، وزد إِلَى ذَلِك أَنَّهَا سببت لتفريق كلمة الْمُسلمين، وتشتيت وحدة الْأمة الإسلامية فِي كل عصر ومصر.

ص: 1

وَمن الخرافات الَّتِي تطرقت إِلَى الأوساط الإسلامية من جِهَة بعض " المدعين المتهوسين للزهد الفارغ، والورع الأجوف "، وتروجت عبر التَّارِيخ الإسلامي، وآمن بهَا ضعفاء العقيدة وَالدّين: خرافة اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر عليه السلام.

وَلَا شكّ أَن الْعلمَاء - مُنْذُ الْقَدِيم - اخْتلفُوا فِي هَذَا الْأَمر وَلَكِن عندنَا، ميزانا دَقِيقًا لنقد مثل هَذِه القضايا الْمُخْتَلف فِيهَا هُوَ:" كتاب الله عز وجل وَسنة رَسُوله - "(يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم، فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول، إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا)

فنرد هَذِه الْقَضِيَّة إِلَى كتاب الله، وَسنة رَسُول الله، فَإِن وافقا عَلَيْهَا نعتقد بِأَن الْخضر عليه السلام حَيّ يرْزق من يَوْم وِلَادَته حَتَّى الْآن، وَلَا يزَال، إِلَى مَا شَاءَ الله. وَهَذَا من أعظم الْآيَات لربوبية الله عز وجل. (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا، أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم) .

وَإِن لم نجد فِي الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة مَا يدل على اسْتِمْرَار حَيَاته، نرفضه وَلَا كَرَامَة، مهما ادّعى " الصُّوفِيَّة والصالحون " بلقائهم إِيَّاه فِي القفارى والفلوات، ومواطن الْخَيْر ومواضع الشّرف.

وَذَلِكَ لِأَن الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة هما الْوَسِيلَة الوحيدة للاطلاع على مثل هَذِه الْأُمُور الغيبية. وَالْإِيمَان باستمرار حَيَاة أحد من النَّاس، إِلَى مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، يحْتَاج إِلَى دَلِيل نقلي صَرِيح، لِأَنَّهُ يمس جَانب العقيدة الَّتِي لَا تثبت إِلَّا بذلك.

ص: 2

أما ادِّعَاء مبْنى على الظَّن والتخمين بِأَن الْخضر عليه السلام حَيّ وَلَا يزَال إِلَى قيام السَّاعَة، فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيل وَلَا برهَان، بل هُوَ مُجَرّد وعاز من الْأَصَالَة وَالتَّحْقِيق وخرافة لَيست من الدّين فِي شَيْء. (إِن هِيَ إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان، إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس، وَقد جَاءَ من رَبهم الْهدى) .

هَذَا الْكتاب يحتوي على النُّصُوص الْمُوَافقَة والمخالفة المهمة، والأدلة القوية الصَّرِيحَة فِي الْمَوْضُوع، لما لمؤلفه شخصية موسوعية، وَعلم غزير، واطلاع وَاسع على كتب الْعلمَاء القدامى والمحدثين. وستنكشف حَقِيقَة اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر عليه السلام، تتبخر ادعاءات المدعين بذلك، خلال دراسة هَذَا الْكتاب، إِن شَاءَ الله.

الْكتب المستقلة فِي أَخْبَار الْخضر: لما كَانَ مَوْضُوع بَقَاء الْخضر عليه السلام وَعَدَمه مُخْتَلفا فِيهِ لَدَى الْعلمَاء، فاسترعى انتباههم لكشف الستار عَن وَجهه، فألفوا كتبا مُسْتَقلَّة كَثِيرَة، قد عثرت على أَسمَاء بَعْضهَا خلال مُرَاجعَة المصادر والمراجع فِي الْمَوْضُوع، وَمِنْهَا:1. جُزْء فِي أَخْبَار الْخضر: لأبي الْحُسَيْن أَحْمد بن جَعْفَر بن الْمُنَادِي الْبَغْدَادِيّ (- 336 هـ) . 2. جُزْء فِي أَخْبَار الْخضر: لعبد المغيث بن زُهَيْر الْحَرْبِيّ الْحَنْبَلِيّ الْبَغْدَادِيّ (- 583 هـ) 3. عجالة المنتظر فِي شرح حَال الْخضر: لعبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن

ص: 3

الْجَوْزِيّ (597 هـ)(وَهَذَا فِي نقض مَا كتبه عبد المغيث الْحَرْبِيّ) . 4. مُجَلد فِي موت الْخضر: لَهُ أَيْضا. 5. مُخْتَصره: لَهُ أَيْضا. 6. " إرشاد أهل الْإِخْلَاص لحياة الْخضر وإلياس ": لمُحَمد بن أبي الْخَيْر أَحْمد الْقزْوِينِي (620 هـ) . 7. " رِسَالَة فِي الْخضر هَل مَاتَ أم هُوَ حَيّ ": لعبد الْحَلِيم أَحْمد بن تَيْمِية الْحَرَّانِي (728 هـ) . 8. " جُزْء فِي وَفَاة الْخضر ": لمُحَمد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد الدكالي الْمَعْرُوف بِابْن النقاش (763 هـ) . 9. " جُزْء فِي حَيَاة الْخضر ": لعبد الله بن أسعد اليافعي (768 هـ) . 10. " الرَّوْض النَّضر فِي أنباء الْخضر ": لأبي الْفضل الْعِرَاقِيّ (806 هـ) . 11. " جُزْء فِي الْخضر ": للْقَاضِي عليم الدّين الْبِسَاطِيّ (842 هـ) . 12. " الزهر النَّضر فِي حَال الْخضر ": لِأَحْمَد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي

ص: 4

(852 هـ) . 13. " القَوْل الْمُنْتَصر على المقالات الفارغة بِدَعْوَى حَيَاة الْخضر ": للحسين بن عبد الرَّحْمَن الأهدل (855 هـ) . 14. " رِسَالَة فِي الْخضر ": لجلال الدّين السُّيُوطِيّ (911 هـ) . 15. " كشف الخدر عَن أَمر الْخضر ": لملا عَليّ الْقَارِي الْهَرَوِيّ (1014 هـ) . 16. " القَوْل المقبول فِي الْخضر، هَل نَبِي أم ملك أم رَسُول ": لِأَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَعْرُوف بالغنيمي (1034 هـ) . 17. " القَوْل الدَّال على حَيَاة الْخضر وَوُجُود الأبدال ": لنوح بن مصطفى الْحَنَفِيّ (1070 هـ) .

هَذَا، وَمَا كتبه ابْن تَيْمِية فِي فَتَاوَاهُ فِي مَوَاضِع مُتَفَرِّقَة، وَابْن الْقيم فِي الْمنَار المنيف، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة، وَابْن حجر فِي الْإِصَابَة، يعْتَبر أَيْضا رسائل مُسْتَقلَّة.

كتَابنَا هَذَا: إِن الْحَافِظ رحمه الله كتب تَرْجَمَة موسعة للخضر عليه السلام فِي " الْإِصَابَة فِي تَمْيِيز الصَّحَابَة " لما اشْترط أَنه يذكر فِيهِ كل من قيل فِيهِ إِنَّه صَحَابِيّ، وَإِن لم يرد فِي خبر ثَابت أَنه من جملَة الصَّحَابَة. ثمَّ أفرده فِي كتاب مُسْتَقل بِشَيْء من الْحَذف وَالزِّيَادَة. وَفِي هَذَا الْكتاب ناقش

ص: 5

الْمُؤلف رحمه الله مَسْأَلَة مَوته وبقائه حَيا إِلَى زمن النَّبِي - خلال دراسة الرِّوَايَات الْوَارِدَة فِي ذَلِك مناقشة طيبَة، باستقصاء فريد وقراءات مستوعبة، يطمئن إِلَيْهَا الْقلب. وَذكر أَخْبَار كثير مِمَّن ينتمي إِلَى الصّلاح بِأَنَّهُم يرونه وَأَنه حَيّ {} إِلَى أَن قَالَ: " وَالَّذِي تميل إِلَيْهِ النَّفس من حَيْثُ الْأَدِلَّة القوية خلاف مَا يَعْتَقِدهُ الْعَوام من اسْتِمْرَار حَيَاته

"

تَحْقِيق اسْم هَذَا الْكتاب: لم يذكر الْحَافِظ رحمه الله اسْم هَذَا الْكتاب فِي مقدمته لَهُ، وَاكْتفى بقوله: " وَقد أفردته الْآن ليقف كل سَائل عَنهُ، على كل مَا كنت قرأته وسمعته وَجَعَلته أبويا

. "

وَقد طبعه الْعَلامَة مُحَمَّد مُنِير الدِّمَشْقِي رحمه الله ضمن " مَجْمُوعَة الرسائل المنيرية " بعنوان " الزهر النَّضر فِي نبأ الْخضر. "

قَالَ السخاوي (تلميذ الْمُؤلف) - وَهُوَ يذكر المؤلفات فِي أَخْبَار الْخضر _: " وَأحسن مُصَنف فِي ذَلِك كَلَام صَاحب التَّرْجَمَة (يَعْنِي ابْن حجر) الَّذِي أفرده من كِتَابه (الْإِصَابَة) وَسَماهُ (الزهر النَّضر فِي حَال الْخضر) .

وَقد أثبت مَا ذكره السخاوي عنوانا للْكتاب، لما لَهُ صلَة علمية قَوِيَّة بشخصية شَيْخه الْمُؤلف، ودور كَبِير فِي جمع شتات تراثه بعد وَفَاته. وَقد لَازمه أَشد مُلَازمَة، وَحمل عَنهُ مالم يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره. وَالله أعلم.

ص: 6

قصتي مَعَ هَذَا الْكتاب: نظم قسم النشاط الثقافي بإدارة الإشراف والتوجيه الاجتماعي بالجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ الطّيبَة، مسابقة حيفيية عَامَّة لعام (1398 - 1399 هـ) وأعلن الْقسم الْمَذْكُور الْمُسَابقَة - وَكُنَّا نمر بِزَمن اختبار النَّقْل من السّنة الثَّانِيَة إِلَى الثَّالِثَة بكلية الحَدِيث الشريف والدراسات الإسلامية - وَكَانَ من بَين المواضيع الْكَثِيرَة المطروحة لَهَا، مَوْضُوع " الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْخضر وحياته "(جمع ودراسة وَتَخْرِيج) .

وَقد أعجبني هَذَا الْمَوْضُوع، وجمعت - بِفضل الله وَمِنْه - مَا تيَسّر لي جمعه من الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار والحكايات، فِي بحث مُسْتَقل بِنَحْوِ تسعين صحيفَة (فل اسكاب) وقدمته إِلَى الْقسم، وفاز بالمرتبة الأولى، بتصحيح واختبار أستاذنا الدكتور / سعدي صَالح الْهَاشِمِي الْعِرَاقِيّ / أستاذ مَادَّة التَّخْرِيج ودراسة الْأَسَانِيد بكلية الحَدِيث، وَللَّه الْحَمد.

وَكَانَ أكبر اعتمادي فِي إعداد هَذَا الْبَحْث على هَذَا الْكتاب، وَكم كنت أَتَمَنَّى مُنْذُ ذَلِك الْوَقْت أَن أحقق هَذَا الْكتاب، وَلَكِن تَأَخّر الْعَمَل إِلَى مَا شَاءَ الله، وَكَانَت أمنيتي لتحقيقه تراود نَفسِي حينا لآخر، وَهَا أَنا قد أنجزت ذَلِك الْآن، بِفضل من الله وتوفيقه.

عَمَلي فِي هَذَا الْكتاب: 1. كتبت مُقَدّمَة التَّحْقِيق: (أ - تَرْجَمَة الْمُؤلف ب - خُلَاصَة المباحث فِي أَخْبَار الْخضر) 2. عزوت الْآيَات القرآنية إِلَى موَاضعهَا من سورها. 3. خرجت الْأَحَادِيث والاثار وَالْأَخْبَار والحكايات، وعزوتها إِلَى مصادرها الَّتِي نقل الْحَافِظ عَنْهَا، مَا دمات تَحت متناول يَدي، وَإِلَّا فعزوتها إِلَى مراجع ثانوية، وَذَلِكَ لضعف حيلتي وَقلة اطلاعي. 4. قارنت النُّصُوص، وصححت الأخطاء الْوَارِدَة فِيهَا، وَإِن زِدْت عَلَيْهَا شَيْئا فَهُوَ مَا بَين المعكوفين [] . 5. رقمت الفقرات لتسهيل الرُّجُوع إِلَى الْمَطْلُوب. 6. وضعت ثَمَانِيَة فهارس متنوعة فِي آخر الْكتاب.

شكر وَتَقْدِير: أشكر الله عز وجل على مَا أنعمني من الْوَقْت وَالصِّحَّة حَتَّى تمكنت من إِكْمَال هَذَا الْعَمَل المتواضع. ثمَّ أشكر الْإِخْوَة الأفاضل الَّذين راجعوا الْكتاب، وشجعوني على إِخْرَاجه فِي أسْرع وَقت مُمكن.

وَلَا يفوتني أَن أسجل شكري لفضيلة أستاذنا الشَّيْخ عبد الحميد عبد الْجَبَّار الرحماني - حفظه الله وتولاه - الرئيس الْعَام لمركز التوعية الإسلامية، والأمين الْعَام لمعهد التَّعْلِيم الإسلامي بدهلي الجديدة - الَّذِي قَامَ بنشر هَذَا الْكتاب، وحاول أَن يخرج فِي حلَّة قشيبة فجزاه الله خير مَا يجازى بِهِ عباده الصَّالِحين.

وأدعوا الله عز وجل أَن يوفقني لخدمة كِتَابه، وَسنة رَسُوله، وَيجْعَل عَمَلي هَذَا خَالِصا لوجهه الْكَرِيم، يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون. وَهُوَ ولي ذَلِك والقادر عَلَيْهِ وبنعمته تتمّ الصَّالِحَات.

وَصلى الله تَعَالَى على نَبينَا وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.

ص: 7