الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح
يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي:
أولا: وجوب المهر:
والمهر: هو الصداق المسمى باللغة العامة جهازا- فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليلا أم كثيرا وإن كان غير معين بإن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها.
وكما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد "زوج النبي صلي الله عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القرآن"1.
والمشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل وتيسر فهو
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب تزويج المعسر رقم" 5087" ومسلم كتاب النكاح باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن رقم "1425"
أفضل إقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم وتحصيلا للبركة فان أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وروى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم: أني تزوجت امرأة. قال: "كم أصدقتها؟ " قال: أربع أواق يعني مائة وستين درهما فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه"1.
وقال عمر رضي الله عنه: "لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلي الله عليه وسلم، ما أصدق النبي صلي الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهما".
ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج
1 رواه مسلم متاب النكاح باب ندب النظر إلي المرأة رقم "1424".
عن ذلك مفاسد منها:
1-
تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح.
2-
أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلي المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليلا ردوا الزوج وإن كان مرضيا في دينه وخلقه.
3-
انه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ فانه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها.
ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدا الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء.
ولكن مع الأسف أن الناس صاروا يتبارون في السبق إلي تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ولا ندري إلي أي غاية ينتهون؟
ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو تأجيل شئ من المهر مثل: أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال ونصفه مؤجل إلي سنة أو اقل أو أكثر وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف.
ثانيا: النفقة:
فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكني فان بخل بشئ من الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء.
ومن النفقة: الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج ويدعو الناس اليه وهي سنة مأمور بها لان النبي صلي الله عليه وسلم فعلها وأمر بها ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرم وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج.
أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كمية وكيفية فانه لا ينبغي ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة.
ثالثا: الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهليهما:
فقد جعل الله بين الزوج وزوجته مودة ورحمة وهذا الاتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها.
رابعا: المحرمية:
فإن الزوج يكون محرما لأمهات زوجته وجداتها وإن علون ويكون محرما لبناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة.
وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج وإن علوا وأبنائه وإن نزلوا.
خامسا: الإرث:
فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فانه يجري التوارث بينهما لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} إلي قوله: {تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء 12] . ولا فرق بين أن يدخل ويخلو بها أم لا.