الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانُوا فِيْهِ يَختَلِفَون)
.
اعلموا أَنا جند الله مخلوقون من سخطه مسلطون على من حل عَلَيْهِ غَضَبه لَا نرق لشاكي وَلَا نرحم باكي قد نزع الله الرَّحْمَة من قُلُوبنَا فالويل ثمَّ الويل لمن لم يكن من حزبنا وَمن جهتنا. فقد خربنا الْبِلَاد وأيتمنا الْأَوْلَاد وأظهرنا فِي الأَرْض الْفساد وذلت لنا أعزتها وملكنا
بِالشَّوْكَةِ أزمتها فَإِن خيل ذَلِك على السَّامع وأشكل وَقَالَ إِن فِيهِ عَلَيْهِ مُشكل فَقل لَهُ: إِن الملُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزةَ أَهْلِهَا أَذِلة وَذَلِكَ لِكَثْرَة عددنا وَشدَّة بأسنا فخيولنا سوابق ورماحنا خوارق وأسنتنا بوارق وسيوفنا صواعق وقلوبنا كالجبال وجيوشنا كعمد الرمال وَنحن أبطال وأقيال وملكنا لَا يرام وجارنا لَا يضام وعزنا أبدا بالسؤدد مقَام فَمن سالمنا سلم وَمن رام حربنا نَدم وَمن تكلم فِينَا بِمَا لَا يعلم جهل وَأَنْتُم فَإِن أطعتم أمرنَا وقبلتم شرطنا فلكم مَا لنا وَعَلَيْكُم مَا علينا وَإِن أَنْتُم خالفتم وعَلى بَغْيكُمْ تماديتم فَلَا تلوموا إِلَّا أَنفسكُم فالحصون منا مَعَ تشييدها لَا تمنع والمدائن بشدتها لقتالنا لَا ترد وَلَا تَنْفَع ودعاؤكم علينا لَا يُسْتَجَاب فِينَا وَلَا يسمع وَكَيف يسمع الله دعاءكم وَقد أكلْتُم الْحَرَام وضيعتم جَمِيع الْأَنَام وأخذتم أَمْوَال الْأَيْتَام وقبلتم الرِّشْوَة من الْحُكَّام وأعددتم لكم النَّار وَبئسَ الْمصير إِن الذِيْنَ يَأْكُلُون أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلماً إِنمَا يَأْكُلُون فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسيصلون سعِيَراً. فَلَمَّا فَعلْتُمْ ذَلِك وأردتم أَنفسكُم موارد المهالك. وَقد قتلتم الْعلمَاء وعصيتم رب الأَرْض وَالسَّمَاء وأرقتم دم الْأَشْرَاف وَهَذَا وَالله هُوَ الْبَغي والإسراف فَأنْتم بذلك فِي النَّار خَالدُونَ وَفِي غَد يُنَادي عَلَيْكُم الْيوَمَ تُجزون عَذَابَ الهَون بمَا كُنْتُم تستَكْبِرُون فِي الأَرضِ بغَيْرِ الْحَق وَبمَا كُنتم تَفْسقُون فأبشروا بالمذلة والهوان يَا أهل الْبَغي وَالعدوان وَقد غلب عنْدكُمْ أننا كفرة وَثَبت عندنَا أَنكُمْ وَالله الْكَفَرَة الفجرة. وَقد سلطنا عَلَيْكُم إِلَه لَهُ أُمُور مقدرَة وَأَحْكَام مُدبرَة فعزيزكم عندنَا ذليل وكثيركم لدينا قَلِيل لأننا ملكنا الأَرْض شرقاً وغرباً وأخذنا مِنْهَا كل سفينة غصبا. وَقد أوضحنا لكم الْخطاب فَأَسْرعُوا برد الْجَواب قبل أَن ينْكَشف الغطاء وتضرم الْحَرْب نارها وتضع أَوزَارهَا وَتصير كل عين عَلَيْكُم باكية وينادي مُنَادِي الْفِرَاق: هَل ترى لَهُم من بَاقِيَة ويسمعكم صارخ الْغناء بعد أَن يهزكم هزاً هلْ تَحِس مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ
تسمع لَهُم رِكزاً وَقد أنصفناكم إِذْ راسلناكم فَلَا تقتلُوا الْمُرْسلين كَمَا فَعلْتُمْ بالأولين فتخالفوا كعادتكم سنَن الماضين وتعصوا رب الْعَالمين فَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين. وَقد أوضحنا لكم الْكَلَام فَأَسْرعُوا برد جَوَابنَا وَالسَّلَام. فكنب جَوَابه بعد الْبَسْمَلَة: قُل اللْهُم مَالِكَ المُلْكِ تؤتي الْملك مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزَع الْمُلْك مِمَّن تَشَاء وتُعِز مَنْ تَشَاءُ وَتُذل مَن تَشَاء حصل الْوُقُوف على ألفاظكم الكفرية ونزعاتكم الشيطانية فكتابكم يخبرنا عَن الحضرة الجنابية وسيرة الْكَفَرَة الملاكية وأنكم مخلوقون من سخط الله ومسلطون على من حل عَلَيْهِ غضب الله وأنكم لَا ترقون لشاك وَلَا ترحمون عسيرة باك وَقد نزع الله الرَّحْمَة من قُلُوبكُمْ فَذَاك أكبر عيوبكم وَهَذِه من صِفَات الشَّيَاطِين لَا من صِفَات السلاطين ويكفيكمِ هَذِه الشَّهَادَة الكافية وَبِمَا وصفتم بِهِ أَنفسكُم ناهية قُل يَا أيهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعبدُ مَا تَعْبدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابدون مَا أَعبد وَلَا أَنَا عَابد مَا عَبَدتُمْ لكُمْ دِيْنُكُمْ وَليَ دِيْن فَفِي كل كتاب لعَنتم وعَلى كل لِسَان كل مُرْسل نعيتم وَبِكُل قَبِيح وصفتم وَعِنْدنَا خبركم من حِين خَرجْتُمْ إِنَّكُم كفرة أَلا لعنة الله على الْكَافرين من تمسك بالأصول فَلَا يُبَالِي بالفروع نَحن الْمُؤْمِنُونَ حَقًا لَا يدْخل علينا عيب وَلَا يضرنا ريب الْقُرْآن علينا نزل وَهُوَ سُبْحَانَهُ بِنَا رَحِيم لم يزل فتحققنا نُزُوله وَعلمنَا ببركته تَأْوِيله. فَالنَّار لكم خلقت ولجلودكم أضرمت إِذا السَّمَاء انفطرت. وَمن أعجب الْعجب تهديِد الرتوت بالتوت وَالسِّبَاع بالضباع والكماة بِالْكُرَاعِ. نَحن خيولنا برقية وسهامنا عَرَبِيَّة وسيوفنا يَمَانِية وليوثنا مضرية وأكفنا شَدِيدَة الْمضَارب وصفتنا مَذْكُورَة فِي الْمَشَارِق والمغارب إِن قتلناكم فَنعم البضاعة وَإِن قتل منا أحد فبينه وَبَين الْجنَّة سَاعَة. َلَا تَحْسبَن الذِينَ قُتِلُوا فِي سبيلِ الله أَموَاتاً بَل أَحياء عِندَ رَبهم يرْزقُونَ فَرحِينَ بمَا أتَاهُمُ الله مِنْ فَضله ويستبشرونَ بِالذِينَ لَمْ يَلحقُوا بِهم مِنْ خَلفِهِم أَلا خوْفٌ عَلَيْهم وَلَا هُم يَحزَنُون يستبشرون بنعمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَن الله لَا يُضِيعُ أَجْرَ المْؤْمِنِين. وَأما قَوْلكُم قُلُوبنَا كالجبال وَعمدنا كالرمال فالقصَّاب لَا يُبَالِي بِكَثْرَة الْغنم وَكثير الْحَطب يفنيه الْقَلِيل من الضرم كم مِنَ فِئَةٍ قَلِيْلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيْرة بِإذنِ
اللهِ وَالله مَعَ الصابِرِين. الْفِرَار الْفِرَار من الرزايا وحلول البلايا. وَاعْلَمُوا أَن هجوم الْمنية عندنَا غَايَة الأمنية وَإِن عِشْنَا عِشْنَا سعداء وَإِن قتلنَا قتلنَا شُهَدَاء أَلا إِن حزب الله هم الغالبون. أبعد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَخَلِيفَة رب الْعَالمين تطلبون منا طَاعَة. لَا سمع لكم وَلَا طَاعَة وطلبتم أَن نوضح لكم أمرنَا قبل أَن ينْكَشف الغطاء فَفِي نظمه تركيك وَفِي سلكه تلبيك لَو كشف الغطاء لبان الْقَصْد بعد بَيَان أكفر بعد إِيمَان. أم اتخذتم إِلَهًا ثَان. وطلبتم من مَعْلُوم رَأْيكُمْ أَن نتبع ربكُم لَقَدْ جئتمْ شَيئاً إِدا تكادُ السمَوات يَتَفَطرْن مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْض وَتَخِرُّ الجبالُ هَدا قل لكَاتبك الَّذِي وضع رسَالَته وَوصف مقَالَته: وصل كتابك كضرب ربَاب أَو كطنين ذُبَاب. كلا سنكتب مَا يَقُول ونمد لَهُ من الْعَذَاب مدا ونرثه مَا يَقُول إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وسيَعْلَمُ الذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلبٍ يَنْقَلِبُون. لقد لبكتم فِي الَّذِي أرسلتم. وَالسَّلَام. وَفِي سادسه: عرض السُّلْطَان أجناد الْحلقَة الَّذين عينوا للسَّفر وَاخْتَارَ مِنْهُم أَرْبَعمِائَة فَارس للسَّفر مَعَه وَعرض رَأس نوبَة الأجناد البحرية وَعين مِنْهُم مِائَتي فَارس للسَّفر. وَفِي سابعه: خرجت مُدَوَّرَة السُّلْطَان ونصبت بالريدانية خَارج الْقَاهِرَة. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تاسعه عقد السُّلْطَان على الخاتون تندي بنت حُسَيْن بن أويس ابْنة أخي القان أَحْمد بن أويس ومبلغ الصَدَاق ثَلَاثَة آلَاف دِينَار صرف الدِّينَار يَوْمئِذٍ سِتَّة وَعِشْرُونَ درهما وَنصف دِرْهَم وَبنى عَلَيْهَا فِي لَيْلَة الْخَمِيس عاشره. وَفِيه نزل السُّلْطَان من القلعة إِلَى الإصطبل وَخرج من بَاب السلسلة بالرميِلة وَقد وقف القان أَحْمد بن أويس وَجَمِيع الْأُمَرَاء وَسَائِر العساكر وَقد لبسوا للحرب وَمَعَهُمْ أطلابهم فَسَار السُّلْطَان وَعَلِيهِ قرقل بِغَيْر أكمام وكلفته على رَأسه وَتَحْته فرس بعرقية من صوف سمك إِلَى بَاب القرافة والعساكر قد مَلَأت الرميلة فرتَب بِنَفسِهِ أطلاب الْأُمَرَاء وَمر فِي صفوفهم عوداً وبدءاً حَتَّى ترتبت أحسن تَرْتِيب
وَمضى إِلَى قبر الإِمَام الشَّافِعِي فزاره وَتصدق على الْفُقَرَاء. وَسَار إِلَى مشْهد السيدة نفسية فزاره وَتصدق وَعَاد إِلَى الرميلة. وَأَشَارَ إِلَى الطّلب السلطاني فَسَار إِلَى الريحانية فِي أعظم قُوَّة وأبهج زِيّ وأفخر هَيْئَة وجر فِيهِ مِائَتي جنيب من عتاق الْخَيل عَلَيْهَا من الأسلحة وَالذَّهَب مَا يقصر الْوَصْف عَن حكايته. وَسَار فِي موكب تهتز لَهُ الأَرْض وَإِلَى جَانِبه ابْن أويس على فرس بقماش ذهب وبجانب ابْن أويس الْأَمِير كمشبغا الأتابك. وَتبع العساكر من وَرَائِهَا طلب الْأَمِير كمشبغا ثمَّ طلب الْأَمِير قَلَمْطاي الدوادار ثمَّ أطلاب بَقِيَّة الْأُمَرَاء فَكَانَ يَوْمًا لم ير مثله وَقد حشر النَّاس فِي كل مَوضِع وَنزل السُّلْطَان وَابْن أويس بالمخيم من الريدانية. وَفِي رَابِع عشره: أُعِيد بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء الشَّافِعِي إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بديار مصر وَصرف الصَّدْر مُحَمَّد الْمَنَاوِيّ وَدخل من الريدانية إِلَى الْقَاهِرَة وَمَعَهُ من الْأُمَرَاء تغري بردي رَأس نوبَة وقَلَمطاي الدوادار وأقبغا اللكاش رَأس نوبَة فِي آخَرين وَعَلِيهِ التشريف. وَفِيه اسْتَقر الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن رَجَب بن كلفت التركماني فِي الوزارة وعزل الْمُوفق أَبُو الْفرج. وَاسْتقر سعد الدّين نصر الله بن البقري نَاظر الدولة عوضا عَن بدر الدّين مُحَمَّد بن الأقفهسي. وَاسْتقر الصاحب كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن غنم فِي نظر الْبيُوت على عَادَته. وَاسْتقر الصاحب علم الدّين عبد الْوَهَّاب سنّ إبرة فِي اسْتِيفَاء الدولة شَرِيكا للصاحب تَاج الدّين عبد الرَّحِيم بن أبي شَاكر وَدخل الْجَمِيع الْقَاهِرَة بِالْخلْعِ. وَفِي سَابِع عشره: قبض على الشريف مَحْمُود العُنابي وَذَلِكَ أَنه كَانَ من العنابة خَارج دمشق فتوصل إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ بهَا وجاراه فِي أُمُور من المغيبات صَادف وُقُوعهَا. وَكَانَ السُّلْطَان لَهُ تطلع إِلَى ذَلِك فَأكْرمه وَقدم بِهِ مَعَه إِلَى الْقَاهِرَة وأجرى عَلَيْهِ ألف دِرْهَم فضَّة فِي كل شهر وَصَارَ إِذا حضر مَعَ الْقُضَاة يجلسه فَوْقهم بجانبه. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشره: بعث الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن الْأَمِير شمس الدّين مُحَمَّد بن عِيسَى العائدي من خزانَة شمايل ورقة إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين على ابْن الطبلاوي وَالِي الْقَاهِرَة وَكَانَ السُّلْطَان قد سخط على بني عِيسَى وسجنهم بخزانة شمايل فَإِذا فِي الورقة أَن الشريف العنابي بعث إِلَيْهِ أَن يَأْمر عربانه بالنزول قَرِيبا من الْقَاهِرَة ليملكها بهم فِي غيبَة السُّلْطَان فَلم يقنع ابْن الفبلاوي بِهَذَا من ابْن عِيسَى وَقَالَ لقاصده: لما إِذا قيل هَذَا للشريف يُنكره لَكِن حصل إِلَى خطة بذلك فسير إِلَيْهِ فِي
يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره ورقة زعم أَنَّهَا من الشريف إِلَيْهِ وفيهَا: إِنَّك ترسل إِلَى عربان الْبحيرَة وعربان الصَّعِيد بالركوب على الْوُلَاة والكشاف وقتلهم وَنهب الْبِلَاد ليشتغلوا عَنَّا بِأَنْفسِهِم وَابعث إِلَى عربك أَن يَكُونُوا بِقرب الْقَاهِرَة فَإِذا عدَّى الْغَرِيم قطيا أركب أَنا وَأَنت وَمَعِي خَمْسمِائَة مَمْلُوك وتحضر عربانك وَتَأْخُذ الْقَاهِرَة والنصر لنا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَتَوَلَّى الْأَمِير شهَاب الدّين بن قايماز الأتابكية وأتولى أَنا الْخلَافَة ونفعل مَا يَنْبَغِي فعله. فَقَامَ ابْن الطبلاوي من وقته إِلَى الريدانية وأوصل الورقة للسُّلْطَان فكتم ذَلِك وَبعث يلبغا السالمي ليحضر العنابي فَلم يجده وَقيل هرب فألزم السُّلْطَان ابْن الطبلاوي بتحصيله فَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَبحث عَنهُ حَتَّى علم أَن يخله عِنْد شهَاب الدّين أَحْمد بن قايماز فأكمن عدَّة من ثقاته حَتَّى قبضوا على عبد العنابي وَضرب بالمقارع حَتَّى دله على أستاذه فَقبض عَلَيْهِ وعَلى ابْن قايماز وحملهما إِلَى الريحانية فَأمر بعقوبتهما حَتَّى يعترفا على من مَعَهُمَا على مَا قصداه فَعَاد بهما وسوط العنابي فاعترف أَن الورقة بِخَطِّهِ ثمَّ عصره لِيُقِر على أحد فَلم يعْتَرف بِشَيْء إِلَّا أَن مَعَه طَائِفَة من مماليك بركَة فَأخذ خطه بذلك وَأَن ابْن قايماز مَعَه فَأنْكر ابْن قايماز وحاققه العنابي فتمادى فِي الْإِنْكَار. وَفِيه قبض على الْأَمِير ركن الدّين عمر بن قايماز بِسَبَب أَخِيه أَحْمد. وَفِيه نُودي بِحُضُور الأجناد البطالين إِلَى بَيت الْأَمِير قلمطاوي الدوادار ليستخدموا. وَفِي عشرينه: قبض مَا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ من مَال الْأَيْتَام وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان احْتَاجَ إِلَى المَال بِسَبَب السّفر فَسَأَلَ قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين مُحَمَّد الْمَنَاوِيّ أَن يقْرضهُ من مَال الْأَيْتَام فَامْتنعَ كَمَا امتَنع من قرض منطاش. فَلَمَّا سمع ذَلِك الْبَحْر مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء وجد سَبِيلا إِلَى ولَايَته ووعد على عوده إِلَى الْقَضَاء بِمَال يقوم بِهِ هُوَ وَأَن يقْرض السُّلْطَان خَمْسمِائَة ألف وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم من مَال الْأَيْتَام فَأُجِيب وَاسْتقر كَمَا ذكر. وَنزل إِلَيْهِ الْأَمِير الْوَزير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن رَجَب فِي يَوْمه هَذَا وَقبض الْمبلغ الْمَذْكُور. وَفِيه قرئَ تَقْلِيد بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء على الْعَادة. وَفِي حادي عشرينه: قدم الْأَمِير قَلَمْطاي الدوادار من الريدانية إِلَى دَاره لعرض الأجناد البطالين بَعْدَمَا تكَرر النداء عَلَيْهِم مرَارًا وتهديد من تَأَخّر مِنْهُم عَن الْعرض. فَإِذا بهم قد اجْتمع مِنْهُم نَحْو الْخَمْسمِائَةِ فَكتب أَسْمَاءَهُم ثمَّ قَالَ لَهُم: أحضروا
تراكيشكم الَّتِي فِيهَا القسي والنشاب وأحضروا سُيُوفكُمْ فتوجهوا لإحضار بذلك طَمَعا مِنْهُم فِي أَنهم يَأْخُذُونَ النَّفَقَة فَمَا هُوَ إِلَّا أَن حَضَرُوا بذلك أحيط بهم. وَكَانَ قد أعد لَهُم وَالِي الْقَاهِرَة الْحَدِيد ليقيدوا بِهِ فَقبض على ثَلَاثَة وَسبعين مِنْهُم وفر من بَقِي. وَقتل ثَلَاثَة أنفس وجرح جمَاعَة. وتسلم الْوَالِي الْمَقْبُوض عَلَيْهِم فِي الأغلال وَمضى بهم إِلَى خزانَة شمايل فسجنوا بهَا وَكَانَ يَوْمًا مهولاً من كَثْرَة بكاء نِسَائِهِم وَأَوْلَادهمْ. وَفِيه قدم ولد الْأَمِير نعير وَمَعَهُ محْضر بِأَن أَبَاهُ أَخذ بَغْدَاد وخطب بهَا للسُّلْطَان فأنعم عَلَيْهِ بتشريف. وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير ألطبغا الْمعلم وَكتب بإحضاره من دمياط. وَفِيه خلع على الْأَمِير سودن النَّائِب وَجعل مُقيما بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة الْغَيْبَة وخلع على الْأَمِير مَحْمُود الأستَادار وَولده وعَلى الْأَمِير بجاس وأُلزم بِالْإِقَامَةِ فِي القلعة وخلع على برهَان الدّين إِبْرَاهِيم الْمحلى التَّاجِر وشهاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُسلم وَنور الدّين عَليّ بن الخروبي لِأَنَّهُ اقْترض مِنْهُم السُّلْطَان مبلغ ألف ألف دِرْهَم. وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير قُنُقْباي الأسعدي وَكتب بإحضاره من الْقُدس إِلَى غَزَّة ورسم لمباشريه بتجهيز بَرقه وتعبئة طلبه. وَفِي ثَانِي عشرينه: عرض الْأَمِير عَلَاء الدّين على بن الطلاوي البطالين الَّذين سجنوا بالخزانة بدار الْأَمِير مَحْمُود الأستادار وَأَفْرج عَن مِائَتي رجل مِنْهُم وَنفي ثَلَاثَة وَسبعين - كَانُوا غُرَّاباً غير معروفين - إِلَى عدَّة جِهَات. وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير ركن الدّين عمر بن قايماز على مَال الْتزم بِحمْلِهِ. وَفِي ثَالِث عشرينه: رَحل السُّلْطَان من الريدانية وَكَانَت عدَّة الْجمال الَّتِي فرقت فِي المماليك أَرْبَعَة عشر ألف جمل وعدة الْخَيل المفرقة فِي المماليك السُّلْطَانِيَّة أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة فرس سوى مَا عِنْدهم من الْخَيل وَهِي أَضْعَاف ذَلِك وَهَذِه الْخُيُول وَالْجمال فِي المماليك خَاصَّة.
وَأما السُّلْطَان والأمراء فَيكون مَعَهم مَا يزِيد على مائَة ألف مَا بَين فرس وجمل. وَمِمَّا حمل برسم خرط الشطرنج خَمْسَة قناطير من العاج والأبنوس ليلعب بِهِ السُّلْطَان. والرسم أَنه إِذا لعب بشطرنج أَخذ أَرْبَاب النّوبَة وجدد غَيره. وَفِي سَابِع عشرينه: قدم الْبَرِيد من السُّلْطَان بقتل بني عِيسَى فوسطوا على بَاب خزانَة شمايل وعدتهم أحد وَعِشْرُونَ رجلا مِنْهُم مُوسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى وَعَمه مهنا بن عِيسَى وسلموا لغلمانهم فأقيمت المناحة عَلَيْهِم بالصحراء عدَّة أَيَّام. وَفِيه قتل الشريف مَحْمُود العنابي أَيْضا. وَفِي ثامن عشرينه: ثارت عرب بني عِيسَى بقليوب يُرِيدُونَ قتل الْوَالِي ففر مِنْهُم إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه قدم الْبَرِيد بِطَلَب بدر الدّين مَحْمُود الكلستاني إِلَى السُّلْطَان فَخرج فِي غَايَة الْخَوْف من الْقَتْل لِأَنَّهُ كَانَ من إِلْزَام ألطنبغا الجوباني فَجَاءَهُ من الْعِزّ مَا لم يخْطر لَهُ ببال كَمَا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِيه اسْتَقر عمر بن إلْيَاس فِي نِيَابَة الْوَجْه البحري وعزل أوناط. وَفِي عشرينه قدم الْبَرِيد برحيل السُّلْطَان عَن غَزَّة فِي ثَانِي عشره وَأَنه أنعم على ألطنبغا الْمعلم بإمرة مائَة فِي طرابلس وعَلى قردم الحسني بنيابة الْقُدس وَأَن قنقباي الأسعدي استعفي من الإمرة. وَفِي ثَالِث عشرينه: قدم إِلَى مَدِينَة دمشق رسل طقتمش خَان صَاحب كرْسِي أزبك خَان بِبِلَاد القبجاق بِأَنَّهُ يكون عوناً مَعَ السُّلْطَان على تيمور لنك. وَفِي ثامن عشرينه: قدم الْبَرِيد بِدُخُول السُّلْطَان إِلَى دمشق فِي عشرينه. وَقدم الْخَيْر بِأَن تيمور لنك رَجَعَ إِلَى بِلَاده فدقت البشائر ثَلَاثَة أَيَّام. وَفِيه قدم إِلَى الْقَاهِرَة رسل ابْن عُثْمَان متملك الرّوم. وَفِي أول شهر رَجَب: أَخذ الفرنج عدَّة مراكب تحمل الغلال إِلَى الشَّام. وَفِي سَابِع عشره: برزت العساكر من دمشق تُرِيدُ حلب وفيهَا الْأَمِير الْكَبِير
كمشبغا الْحَمَوِيّ أتابك العساكر والأمير بكلمش أَمِير سلَاح وَأحمد بن يلبغا وبيبرس ابْن أَخُو السُّلْطَان ونائب صفد ونائب غَزَّة. وَفِيه سَار الْبَرِيد من دمشق بتشريف الْأَمِير نعير واستقراره فِي إمرة الْعَرَب على عَادَته. وَفِيه قدم الْأَمِير سَالم الذكرى أَمِير التركمان فَخلع عَلَيْهِ. وَفِي سلخه: قدم جلال الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن شيخ الْإِسْلَام البُلْقِينِيّ قَاضِي الْعَسْكَر من دمشق إِلَى الْقَاهِرَة. وَقد نزل لَهُ وَالِده عَن تدريس الزاوية الخشابية بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ بِمصْر وَعَن مشيخة التَّفْسِير والميعاد بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّة المستجدة بَين القصرين وَأقَام وَالِده مَعَ السُّلْطَان. وَفِيه كبس الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن طي مُتَوَلِّي البهنسا على سفط ميدون فَقتله الْعَرَب بهَا فاستقر عوضه إِبْرَاهِيم الشهابي. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ أول شعْبَان: توجه القان غياث الدّين أَحْمد بن أويس من دمشق إِلَى بَغْدَاد. وَقد قَامَ لَهُ السُّلْطَان بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَعند وداعه خلع عَلَيْهِ أطلسين بشاش متمر وَسيف بسقط ذهب. وَأعْطى تقليداً بنيابة السلطنة بِبَغْدَاد فَأَرَادَ أَن يقبل الأَرْض فَلم يُمكنهُ السُّلْطَان من ذَلِك إجلالاً لَهُ وَيُقَال إِن الَّذِي حمل إِلَيْهِ من النَّقْد خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم سوى مَا حمل إِلَيْهِ من الْخَيل وَالْجمال وَالسِّلَاح وَغير ذَلِك. وَفِي ثَالِث عشره: سَار من ظَاهر دمشق. وَفِيه أنعم على الْأَمِير أقبغا طولو تَمُري - الَّذِي يُقَال لَهُ اللكاش - بإمرة ألف بعد وَفَاة بيليك المحمدي.
وَفِي عشرينه: أَخذ قاع النّيل فَكَانَ سِتَّة أَذْرع. وَتوقف النّيل عَن الزِّيَادَة تِسْعَة أَيَّام مُتَوَالِيَة من سلخ بؤونة - وَهُوَ رَابِع عشْرين شعْبَان - إِلَى ثامن أبيب فَلم يناد عَلَيْهِ سوى إِصْبَع وَاحِد فِي كل يَوْم. وَفِيه اسْتَقر قطلوبغا الطشتمري فِي كشف الفيوم والبهنساوية والأطفيحية مُضَافا لما مَعَه من كشف الجيزية. وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء - الثَّلَاثِينَ من شعْبَان -: ترَاءى النَّاس هِلَال رَمَضَان فَلم ير أحد الْهلَال مَعَ كَثْرَة عمرهم فَأصْبح النَّاس على أخر شعْبَان وأكلوا إِلَى الظّهْر فَقدم الْخَبَر بِأَن الْهلَال رؤى ببلبيس فَنُوديَ بالإمساك قبيل الْعَصْر. وَفِي ثالثه: زَاد النّيل بعد توقفه. وَفِي خامسه: نقل أَمِير فرج بن أيدمر من ولَايَة الغربية إِلَى نِيَابَة الْوَجْه البحري عوضا عَن عمر بن إلْيَاس قريب قُرُط وَاسْتقر أَخُوهُ مُحَمَّد بن أيدمر فِي ولَايَة الغربية. وَفِيه قدم الْبَرِيد بِالْقَبْضِ على نصر الله بن شَنْطيَّة مُسْتَوْفِي المرتجع وإيداعه خزانَة شمايل على مَال وإحضار مُحَمَّد بن صَدَقَة الأعسر وَالِي المنوفية فَسَار إِلَيْهِ الْبَرِيد وأحضره إِلَى القاهرةَ فهرب وَاسْتقر عوضه أَحْمد الأرغوني. وَفِيه أخصب الْبِطِّيخ العبدلي حَتَّى أبيع كل مائَة رَطْل بدرهم. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شَوَّال - الْمُوَافق تَاسِع مسري -: توقف النّيل عَن الزِّيَادَة وَأقَام بِغَيْر زِيَادَة إِلَى ثَانِي عشره فَزَاد على الْعَادة واستمرت الزِّيَادَة. وَفِي ثَانِي عشرينه: اسْتَقر بدر الدّين مَحْمُود السرائي الكلستاني فِي كِتَابَة السِّرّ عوضا عَن بدر الدّين مُحَمَّد بن فضل الله الْعمريّ بعد وَفَاته وخلع عَلَيْهِ بِدِمَشْق. وَفِي ثامن عشرينه - وَهُوَ ثامن عشر مسري -: أَو فِي النّيل سِتَّة عشر ذِرَاعا وَفتح الخليج على الْعَادة. وَقدم الْخَبَر على السُّلْطَان من القان أَحْمد بن أويس أَنه لما وصل إِلَى ظَاهر بَغْدَاد خرج إِلَيْهِ نَائِب تيمور بهَا وقاتله فانكسر وَدخل بَغْدَاد وَأطلق الْمِيَاه على عَسْكَر ابْن أويس ليغرقه فأعانه الله وتخلص مِنْهَا بعد يَوْمَيْنِ وَعبر بَغْدَاد وَقد هرب التمرية مِنْهَا
فاستولى عَلَيْهَا واستخدم جمَاعَة من التركمان والعربان فَلَمَّا بلغ ذَلِك تيمور جهز أمراءه بالأموال إِلَى سمرقندي. وقدمت رسل ابْن عُثْمَان على السُّلْطَان بِأَنَّهُ جهز لنصرة السُّلْطَان مِائَتي ألف وَأَنه ينْتَظر مَا يرد عَلَيْهِ ليعتمده. وَقدم رَسُول القَاضِي برهَان الدّين أَحْمد صَاحب سيواس بِأَنَّهُ فِي الطَّاعَة يترقب وُرُود المراسيم عَلَيْهِ بِالْمَسِيرِ لجِهَة تعين لَهُ. وَاتفقَ بِالْقَاهِرَةِ ومصر وظواهرهما أَنه أشيع بِأَن امْرَأَة طَال دوَام رمد عينهَا وأيس الْأَطِبَّاء من برئها فرأت فِي منامها كَأَنَّهَا تَشْكُو مَا بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنه أمرهَا أَن تمْضِي إِلَى سفح جبل المقطم وَتَأْخُذ من حَصى هُنَاكَ وتكتحل بِهِ بعد سحقه وَأَنَّهَا عملت ذَلِك فَزَالَ مَا فِي عينيها من الرمد فَلم يبْق من النَّاس إِلَّا من أَخذ من الْحَصَى الَّذِي بِالْجَبَلِ واكتحل بِهِ وَعمِلُوا مِنْهُ فِي الإثمد وَغَيره حَتَّى أفنوا من ذَلِك لما لَا يقدر قدره وَأَقَامُوا على هَذَا مُدَّة وَزَعَمُوا أَنه شفي بِهِ خلق كثير. وَفِي يَوْم الْأَحَد سادسه - وَهُوَ سادس عشر توت -: انْتَهَت زِيَادَة النّيل إِلَى أحد عشر إصبعاً من الذِّرَاع الثَّامِن عشر وانحط فارتفعت الأسعار. وَبلغ الأردب الْقَمْح أَرْبَعِينَ درهما والفول وَالشعر عشْرين درهما والبطة الْحقيق وزنتها خَمْسُونَ رطلا إِلَى اثْنَي عشر درهما. وضج النَّاس على الْبَهَاء مُحَمَّد بن الْبُرْجِي الْمُحْتَسب فرسم الْأَمِير سودن النَّائِب للأمير عَلَاء الدّين الطلاوي بالتحدث فِي السّعر فَنَادَى بِفَتْح المخازن وَالْبيع بِسعْر الله تَعَالَى وهدد من لَا يفتح مخزنه وَيبِيع بالنهب. وَفتح مباشرو الْأُمَرَاء الشون وَبَاعُوا فانحل السّعر قَلِيلا. ثمَّ شحت الْأَنْفس بِالْبيعِ وَكثر الْخَوْف من الْقَحْط لِكَثْرَة مَا شَرق من الْأَرَاضِي وَلم يزرع. وَفِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع ذِي الْحجَّة: قدم الْبَرِيد بعزل قطلوبغا من كشف الفيوم بطيبغا الزيني وَفِي حادي عشره: وصل الْأَمِير شيخ الصفوي من الشَّام وَهُوَ مَرِيض. وَفِي ثَالِث عشره: زَاد مَاء النّيل وغرق بعض مَا زرع ثمَّ انحط. وَقدم الْبَرِيد بِأَن الْأَمِير تغري بردي اسْتَقر فِي نِيَابَة حلب عوضا عَن جلبان. وأنعم على جلبان بإقطاع تغري بردي. وَأَن الْأَمِير مُحَمَّد بن قارا خرج عَن الطَّاعَة والتحق
بنعير وَصَارَ بعربانه فِي جملَته وَأَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين بن المعري اسْتَقر فِي قَضَاء طرابلس عوضا عَن مَسْعُود. وَأَن السُّلْطَان خرج من حلب يُرِيد دمشق فِي خَامِس عشره. وَأَنه قلد أرغون شاه الإبراهيمي نَائِب صفد نِيَابَة طرابلس عوضا عَن دمرداش المحمدي وأنعم على أقبغا الجمالي أحد أُمَرَاء حلب بنيابة صفد وَأَعْلَى إمرته لدمرداش المحمدي. وَأَن عَامر بن ظَالِم انهزم من عرب زبيد بِمن مَعَه من آل مهنا إِلَى الْفُرَات فغرق وغرق مَعَه سَبْعَة عشر من أُمَرَاء آل مهنا وَقتل مِمَّن مَعَه خلق كثير جدا. وَفِي ثَانِي عشرينه: اسْتَقر عَليّ بن غلبك بن المكللة فِي ولَايَة منوف وعزل أَحْمد الأرغوني. وَفِي تَاسِع عشرينه: قدم مبشرو الْحَاج بِحسن سيرة قديد أَمِير الْحَاج وَكَثْرَة الْأَمْن والرخاء. وَاسْتقر عَلَاء الدّين عَليّ بن قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أبي الْبَقَاء فِي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن الشهَاب أَحْمد الباعوني. وَاسْتقر نجم الدّين أَحْمد بن قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن أبي الْعِزّ فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن التقي عبد الله الكفري. وَاسْتقر علم الدّين القفصي فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة عوضا عَن الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الصنهاجي. وَاسْتقر نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي الطّيب فِي كِتَابَة السِّرّ بحلب عوضا عَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن صَلَاح الدّين صَالح بن أَحْمد بن السفاح. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر سوى من قتل إِبْرَاهِيم ابْن السُّلْطَان فِي عشْرين جُمَادَى الأولى وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّة المستجدة. وَمَات الصارم إِبْرَاهِيم الباشقردي - وَالِي قطيا - بهَا فَجْأَة فِي ثامن صفر. وَمَات الْأَمِير سيف الدّين أبرك المحمودي شاد الشَّرَاب خاناه وَدفن بِدِمَشْق. وَمَات الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الْهَادِي بن أَحْمد بن أبي الْعَبَّاس الشاطر الأديب الشَّاعِر فِي خَامِس عشرينه جُمَادَى الأولى. وَمَات الْوَزير الصاحب موفق الدّين أَبُو الْفرج الْأَسْلَمِيّ القبطي تَحت الْعقُوبَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشرينه ربيع الآخر وَكَانَ أَسْوَأ الوزراء سيرة وَكَثُرت فِي أَيَّامه
المصادرات وتسلط السُّفَهَاء بالسعاية إِلَيْهِ على النَّاس حَتَّى عَم الْخَوْف وفقد الْأَمْن وَبِه اقْتدى فِي الظُّلم من بعده وَعجل الله لَهُ فِي الدُّنْيَا من الْعَذَاب مَا لَا يُمكن وَصفه إِلَى أَن أهلكه الله وَأدْخلهُ سعيرا فَإِنَّهُ لم يُؤمن بِاللَّه قطّ بل أكره حَتَّى قَالَ كلمة الْإِسْلَام وَلبس الْعِمَامَة الْبَيْضَاء فتسلط على النَّاس بِذُنُوبِهِمْ وَمن الْعجب أَنه لما كَانَ يتظاهر بالنصرانية ويباشر الْحَوَائِج خاناه كَانَ مشكوراً بِكَثْرَة بره ورعايته للنَّاس فَلَمَّا تظاهر بِالْإِسْلَامِ جَاءَ عذَابا واصباً على عباد الله. وَمَات بدر الدّين حسن بن العَيْذَابي رَئِيس المؤذنين فِي سلخ جُمَادَى الأولى وَكَانَ من الْعَجَائِب فِي النهمة وَكَثْرَة الْأكل. وَمَات الشَّيْخ المعتَقد رشيد الْأسود التكروري فِي المارستان فِي يَوْم السبت ثَالِث عشْرين جُمَادَى الْآخِرَة وَكَانَ يُقيم بِجَامِع راشدة خَارج مصر وَهُوَ أخر من سكنه. وَمَات الْأَمِير سَلام - بتَشْديد اللَّام - بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن فَايِد بِالْفَاءِ الْمَعْرُوف بِابْن التركية أَمِير خفاجة بالصعيد فِي سَابِع ربيع الآخر. وَمَات الْأَمِير زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن منكلي بغا الشمسي وَابْن أُخْت الْملك الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن فِي عَاشر شعْبَان. وَمَات الرئيس عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن صَغِير رَئِيس الْأَطِبَّاء وَهُوَ بحلب وَمَات بدر الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن يحيى بن فضل الله الْعمريّ كَاتب السِّرّ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْعشْرين من شَوَّال بِدِمَشْق. وَمَات القَاضِي الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد المليجي الْمَعْرُوف بصائم الدَّهْر نَاظر الأحباس ومحتسب الْقَاهِرَة وخطيب مدرسة حسن فِي تَاسِع عشر صفر عَن نَحْو سبعين سنة وَكَانَ خيرا دينا كثير النّسك سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام بهيج الزي جميل الْهَيْئَة يسْرد الصَّوْم دَائِما. وَمَات نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مقبل الجندي الظَّاهِرِيّ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة. كَانَ يتظاهر يحف شَاربه وَرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع فِي الصَّلَاة وَلَا يكتم الِاقْتِدَاء بِمذهب أهل الظَّاهِر وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا واشتغل بِالْحَدِيثِ. وَمَات نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شرف الدّين مُوسَى بن سيف الدّين أرقطاي فِي لَيْلَة
الْأَرْبَعَاء سادس عشْرين ذِي الْقعدَة. كَانَ جده وَأَبوهُ من أُمَرَاء الألوف وَهُوَ من أُمَرَاء العشراوات وَيُحب الحَدِيث ويواظب سَمَاعه على الْمَشَايِخ. وَمَات الْأَمِير سيف الدّين منكلي الطرخاني الشمسي أحد الْأُمَرَاء ونائب الكرك. وَتُوفِّي لَيْلَة الْعَاشِر من الْمحرم. وَمَات جمال الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن الْعمريّ الْمَعْرُوف بكاتب أيتمش وبكاتب السمسرة وَمَات أَمِين الدّين يحيى بن مُحَمَّد الْحَنْبَلِيّ الْعَسْقَلَانِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي ربيع الأول. وَمَاتَتْ زبيدة بنت قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عمر بن عبد الرَّحْمَن بن أَبى بكر البسطامي الْحَنَفِيّ. وَمَاتَتْ أم قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمَنَاوِيّ فِي لَيْلَة يَوْم السبت تَاسِع الْمحرم ودفنت بالقرافة. وَمَاتَتْ الشيخة الصَّالِحَة شيخة رِبَاط البغدادية فِي يَوْم السبت ثَانِي عشْرين جُمَادَى الْآخِرَة. وَكَانَت على قدم فاضلة من الْعِبَادَة وتذكير النِّسَاء فِي وعظها إياهن وتَعليمهن الْخَيْر. وَمَات متملك تونس أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَبى بكر بن يحيى بن
إِبْرَاهِيم بن يحيى بن عبد الْوَاحِد بن عمر بن يحيى بن عمر بن ونُودَين الحفصي فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع شعْبَان فَكَانَت مُدَّة ملكه أَرْبعا وَعشْرين سنة وَثَلَاثَة أشهر وَنصف. وَقَامَ من بعده ابْنه أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز. وَمَات صَاحب فاس السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن المريني ملك الْمغرب فِي محرم. وأقيم بعده ابْنه أَبُو فاس عبد الْعَزِيز بن أبي الْعَبَّاس.
فارغه