المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(سنة إحدى وثمانين وسبعمائة) - السلوك لمعرفة دول الملوك - جـ ٥

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌(سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشره)

- ‌(سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(قُل اللْهُم فَاطِرَ السمَواتِ وَالأرْض عَاِلمَ الْغَيْبِ وَالشهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُم بَينَ عَبادِكَ فِيمَا

- ‌ اعلموا أَنا جند الله مخلوقون من سخطه مسلطون على من حل عَلَيْهِ غَضَبه لَا نرق لشاكي وَلَا نرحم باكي قد نزع الله الرَّحْمَة من قُلُوبنَا فالويل ثمَّ الويل لمن لم يكن من حزبنا وَمن جهتنا. فقد خربنا الْبِلَاد وأيتمنا الْأَوْلَاد وأظهرنا فِي الأَرْض الْفساد وذلت لنا أعزتها وملكنا

- ‌(سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة)

- ‌(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن جُمَادَى الْآخِرَة)

- ‌(وَفِي رَابِع عشره)

الفصل: ‌(سنة إحدى وثمانين وسبعمائة)

(سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة)

فِي حادي عشر الْمحرم: قبض على غُلَام الله مهتار - الطشت خاناه السُّلْطَانِيَّة - بَعْدَمَا أفرج عَنهُ وأعيد إِلَى خزانَة شمايل وَسبب ذَلِك أَن الْأَمِير قُرُط - مُتَوَلِّي أسوان - وجد عدَّة سيوف قد بعث بهَا من الْقَاهِرَة مَكْتُوب عَلَيْهَا غُلَام الله وَهِي مُتَوجه بهَا إِلَى أَوْلَاد الْكَنْز فأحضرها مَعَه لما قدم. وَفِي سَابِع عشره: سُمر رجلَانِ من أَوْلَاد الْكَنْز وطيف بهما الْقَاهِرَة ومصر ثمَّ وسطا وَهَذَا أَيْضا مِمَّا أوجب وَهن الدولة فَإِن قُرُط لشدَّة عسفه وَكَثْرَة عتوه أوجب خُرُوج أَوْلَاد الْكَنْز على الطَّاعَة وَكَثْرَة فسادهم حَتَّى خرجت أسوان من أَيدي الدولة ثمَّ خربَتْ. وَفِيه قبض على الْأَمِير قُرُط وصودر وَأخذ مِنْهُ مَال كثير فَإِنَّهُ كَانَ قد ساءت سيرته وشرهه فِي أَخذ أَمْوَال الرّعية ثمَّ أفرج عَنهُ. وَفِي هَذِه الْأَيَّام كثر تخوف الْعَامَّة من أَن يركب عَلَيْهِم الْأَمِير بركَة ويبذل فيهم السَّيْف ويقتلهم وَأَغْلقُوا حوانيت مَعَايشهمْ من أول اللَّيْل ثمَّ أَمر وَالِي الْقَاهِرَة بِقَبض الزعر وَالْعَبِيد فتطلبهم بعدة مَوَاضِع فازداد خوف الْعَامَّة حَتَّى نُودي على لِسَان الْأَمِير الْكَبِير برقوق بالأمان وَأَن من سخركم يَا عوام اقبضوا عَلَيْهِ واحضروا بِهِ إِلَى الْأَمِير الْكَبِير فاطمئنوا وَكَانَ برقوق دَائِما يقْصد التحبب إِلَى الْعَامَّة ويذب عَنْهُم حَتَّى أحبوه وتعصبوا لَهُ. وَفِي رَابِع عشرينه: قدم محمل الْحَاج وَقد تَأَخّر عَن عَادَته لما بالحجاج من الْمَشَقَّة. وَفِيه خلع على الْأَمِير قُرُط وَاسْتقر نَائِب الْوَجْه القبلي وخلع على وَلَده حُسَيْن بِولَايَة قوص فَانْفَرد بالتحكم فِي بِلَاد الصَّعِيد بأسرها من الجيزة إِلَى بِلَاد النّوبَة. وَفِيه خلع على الْأَمِير بَلوط الصَّرغَتْمُشى فاستقر نَائِب الْإسْكَنْدَريَّة عوضا عَن بُزْلار الناصري وَنفي بُزْلار إِلَى الشَّام. وَفِي سَابِع عشرينه: أفرج عَن غُلَام الله.

ص: 63

وَفِي رَابِع صفر: عزل قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء عَن الحكم. وَفِي هَذَا الشَّهْر اسْتَقر عز الدّين يُوسُف بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الرَّازِيّ فِي مشيخة الخانكاه الركنية بيبرس عوضا عَن الشَّيْخ ضِيَاء الدّين القرمي وَفِي درس الحَدِيث بالمنصورية فافتضح بَين وَفِي رَابِع صفر عزل قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء عَن الحكم وَخرج الْأَمِير فَخر الدّين إِيَاس أَمِير أخور على الْبَرِيد لإحضار قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة من الْقُدس. وَفِي سابعه: ألزم الطواشي مِثْقَال الجمالي الزِّمَام بِإِظْهَار ذخاير الْملك الْأَشْرَف فَدلَّ على صندوق فِي مَوضِع من الدّور السُّلْطَانِيَّة فَوجدَ فِيهِ مبلغ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار ثمَّ أَشَارَ إِلَى مَوضِع آخر فَوجدَ فِيهِ خَمْسَة عشر ألف دِينَار وبرنية بهَا جَوَاهِر مِنْهَا فص عين الهر زنته سِتَّة عشر درهما ثمَّ عُوقِبَ فَلم يعْتَرف بِشَيْء وَوجدت أوراق عِنْد بعض جواري الْملك الْأَشْرَف بِخَطِّهِ تَتَضَمَّن أَمَاكِن أَمْوَاله وتفصيلها فاعتبرت فَإِذا تِلْكَ الْأَمْوَال قد أخذت من بعده وَلم يتَأَخَّر مِنْهَا سوى مبلغ ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وعلبة بهَا جَوَاهِر وعلبة بهَا لُؤْلُؤ عِنْد الْأَمِير طشتمر الدوادار فأفرج عَن الزِّمَام مِثْقَال. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشرينه: قدم قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة من الْقُدس فَركب الْأَمِير بركَة إِلَى لِقَائِه وَبَالغ فِي التأدب مَعَه والتواضع لَهُ وَسَار بِهِ حَتَّى طلع إِلَى الْأَمِير الْكَبِير برقوق فَأَجله وَقَامَ بِوَاجِب حَقه وأنزله بصهريج الْأَمِير منجك تَحت القلعة فَلَمَّا أصبح نَهَار الْخَمِيس ثَالِث عشرينه استدعى بِهِ إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان بقلعة الْجَبَل وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر قَاضِي الْقُضَاة على عَادَته فِي الْأَيَّام الأشرفية وَنزل وَفِي خدمته من أُمَرَاء الدَّرك ثَلَاثَة عشر أَمِيرا مِنْهُم دوادار السُّلْطَان وَركب مَعَه قُضَاة الْقُضَاة وأعيان النَّاس وأشعلت الْقَاهِرَة لنزوله بالشموع والقناديل وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما إِلَى الْغَايَة فِي كَثْرَة جمع النَّاس لمشاهدته فأرضى من يَوْمه شيخ

ص: 64

الْإِسْلَام سراج الدّين عمر البُلْقِينِيّ وَصَالَحَهُ من نفره كَانَت بَينهمَا وَنزل لَهُ عَن وقف السيفي بالقبة المنصورية عوضا عَن تدريس الشَّافِعِي وأركبه بغلة رائعة بقماش فاخر. وَفِي هَذَا الشَّهْر: رفع أهل منوف على متوليهم عدَّة مرافعات فَطَلَبه الْأَمِير الْكَبِير برقوق وَبعث بالكشف عَلَيْهِ فعادوا عَلَيْهِ بشنايع فَضَربهُ بالمقارع وألزمه أَن يقوم للنَّاس. بِمَا أَخذ من أَمْوَالهم. وَفِيه ألزم الْأَمِير بركَة جَمِيع الْأُمَرَاء أَن يأتوه بالكلاب وَقرر على كل أَمِير عددا من الْكلاب وألزم أَرْبَاب الحوانيت أَن يحضر كل صَاحب حَانُوت كَلْبا فتتبعت الْكلاب بِالْقَاهِرَةِ ومصر وظواهرها وَقد كَانَت كثرت إِلَى الْغَايَة فِي الْأَزِقَّة والشوارع فَأخذت من كل مَوضِع وعدى بهَا النّيل إِلَى بر الجيزة فَكَانَ يُبَاع كل كلب بدرهم وقيلت فِي ذَلِك عدَّة أشعار. وَفِيه فرق الميدان تَحت القلعة على الْأُمَرَاء وألزموا بعزقه وتنظيفه فَإِنَّهُ كَانَ قد هجر مُنْذُ وَفِي رَابِع شهر ربيع الأول: أَخذ قاع النّيل فَكَانَ سِتَّة أَذْرع وَعشْرين إصبعا. وَفِي سادس عشره: خلع على الْأَمِير مُحَمَّد بن قرطاي الكركي وَاسْتقر نقيب الْجَيْش عوضا عَن عَليّ خَان بن قرمان. وَفِي ثامن عشره: قدم الْبَرِيد بِأَن أقبغا عبد الله وقُطوبُغَا جَركس وأَلْطنبغَا شادي وأسنبغا الألجاوي ثَارُوا فِي جمَاعَة من المماليك بحلب يُرِيدُونَ قتل نائبها فَلَمَّا فطن بهم ركب لحربهم وَقَاتلهمْ فانكسروا وفر أقبغا عبد الله إِلَى الْأَمِير نُعَيْر بن حيار بن مهنا فأجاره. وَفِيه ركب الْأَمِير أقبغا صيوان الْبَرِيد لإحضار الْأَمِير مُحَمَّد بن ألجبغا المظفري من دمشق واستقراره نَائِب غَزَّة عوضا عَن تغري برمش والتوجه بتغري برمش إِلَى دمشق واستقراره بهَا أَمِير مائَة مقدم ألف وَكتب باستقرار زامل بن مُوسَى ومعيقل بن

ص: 65

فضل - وَلَدي عِيسَى بن مهنا بن مَانع بن حَدِيثَة بن غضية بن فضل بن ربيعَة - فِي إمرة الْعَرَب عوضا عَن الْأَمِير قار بن مهنا بعد مَوته. وَفِي تَاسِع عشره: قدم قَاصد الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد نعير بن حيار يسْأَل فِي إمرة الْعَرَب وَأَن ينعم على أقبغا عبد الله بن مُحَمَّد بنيابة بعض الْأَطْرَاف فَقبض عَلَيْهِ وسجن بالبرج من القلعة. وَفِيه سَار الْبَرِيد بإحضار الْأَمِير أَشَقتمُر. وَفِي هَذَا الشَّهْر: اسْتَقر شمس الدّين مُحَمَّد الركراكي فِي تدريس الْمَالِكِيَّة بخانكاه شَيْخو بعد موت ابْن مَرْزُوق وَاسْتقر جمال الدّين مَحْمُود الْمُحْتَسب فِي تدريس الحَدِيث بِالْمَدْرَسَةِ الصَّرْغَتْمُشية عوضا عَن ابْن مَرْزُوق وَاسْتقر شَيخنَا أَبُو البركات عوضه فِي تدريس القمحية. وَفِي أول شهر ربيع الآخر: ركبت سلسلة على فَم قنطرة الخور وعَلى قنطرة الْفَخر. بموردة الْجَيْش لمنع مراكب المتفرجين من دُخُول الخليج الناصري وبركة الرطلي من أَرَاضِي الطبالة بِقِيَام الشَّيْخ مُحَمَّد صَائِم الدَّهْر فِي ذَلِك. وَفِي ثامن عشره: توجه الْأَمِير سودن باشاه دوادار الْأَمِير بركَة إِلَى مَكَّة لعمارة الْحرم وأجرى عين عَرَفَة. وَفِي تَاسِع عشره: كبست بيُوت كَثِيرَة بحارة الأسرى خَارج مَدِينَة مصر وأريقت خمور كَثِيرَة جدا على يَد الْأَمِير مَأْمُور حَاجِب الْحجاب. وَفِي عشرينه - وَهُوَ ثَالِث عشر مسرى -: فتح الخليج بعد الْوَفَاء على يَد الْأَمِير بركَة. وَفِيه أراق الْأَمِير بركَة خمرًا كثيرا من بيُوت الأقباط.

ص: 66

وَفِي سادس عشرينه: ورد الْخَبَر بِأَن عربان الصَّعِيد كبسوا على الْأَمِير قرط وَقتلُوا من عسكره سبعين فَارِسًا فحاربهم وَهَزَمَهُمْ. وَفِي أول جُمَادَى الأولى: قدم الْأَمِير أشقتمر المارديني من الْقُدس فَركب الأميران بركَة وبرقوق إِلَى لِقَائِه بالريدانية وترجلا لَهُ فَنزل إِلَيْهِمَا وَسلم عَلَيْهِمَا وَسَار مَعَهُمَا إِلَى القلعة فأنزله الْأَمِير برقوق وَقَامَ لَهُ. بِمَا يَلِيق بِهِ. وَفِيه خلع على الْأَمِير سودن الشيخوني وَاسْتقر حاجبا ثَالِثا. وَفِي يَوْم الْخَمِيس رابعه: خلع على الْأَمِير أشقتمر وَاسْتقر فِي نِيَابَة حلب. وخلع عَلَيْهِ من الْغَد خلعة السّفر فَركب الْبَرِيد فِي لَيْلَة الْأَحَد سابعه وَتوجه إِلَى حلب. وَكتب. بمجيء تمرباي من حلب إِلَى الْقُدس وإقامته بهَا. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثامنه: خلع على قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين جَار الله الْحَنَفِيّ ورسم لَهُ أَن يلبس الطرحة فِي أَيَّام الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة كَمَا يلبسهَا قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وَأَن يَسْتَنِيب عَنهُ فِي أَعمال مصر قبليها وبحريها قُضَاة حنفية وَأَن يتَّخذ لأيتام الْحَنَفِيَّة مودعا يودع فِيهِ أَمْوَالهم حَتَّى لَا يخرج مِنْهَا زَكَاة فشق ذَلِك على قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة وتحدث فِي إبِْطَال ذَلِك فعقد مجْلِس عِنْد الْأَمِير برقوق الْكَبِير بِسَبَب ذَلِك فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشره حَضَره الْأُمَرَاء والقضاة ومشايخ الْعلم - إِلَّا البُلْقِينِيّ - فَقَامَ الشَّيْخ أكمل الدّين شيخ خانكاه شيخو فِي إبِْطَال مَا أَرَادَ الْجَار بإحداثه قيَاما بَالغا مَعَ الْأَمِير الْكَبِير وَدَار بَينه وَبَين الْجَار فِي ذَلِك كَلَام غير لَائِق فتم للأكمل مَا أَرَادَ ورسم. بِمَنْع الْجَار مِمَّا طلبه وَكَانَ الْفَقِير الْمُعْتَمد خلف الطوخي قد اجْتمع بالأمير الْكَبِير برقوق بالْأَمْس وَكَلمه فِي إبِْطَال ذَلِك وَبَالغ مَعَه فِيهِ. حَتَّى قَالَ لَهُ: إِن لم ترجع وَإِلَّا بَيْننَا وَبَيْنك سِهَام اللَّيْل فانفعل الْأَمِير الْكَبِير لكَلَامه وَخَافَ عاقبته. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشرينه: خلع على قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة وَاسْتقر على عَادَته وَألا يخرج شَيْء عَن حكمه وَهَذِه مرّة ثَانِيَة سعى الْعَجم فِي إِفْرَاد مُودع للحنفية وَولَايَة قُضَاة حنفية بأعمال مصر. فَلم ينجح سَعْيهمْ الأولى فِي ولَايَة السراج الْهِنْدِيّ عاقه عَن إِتْمَامه مَرضه حَتَّى مَاتَ وَثَانِيها هَذِه فكثرت الشناعة بِأَنَّهُم أَرَادوا منع الزَّكَاة وقيلت فِي ذَلِك أشعار كَثِيرَة. وَفِي ثَالِث عشرينه: كتب باستقرار الْأَمِير حطط فِي نِيَابَة حماة وخلع على قراجا

ص: 67

العلاى أحد مقدمي الْحلقَة وَاسْتقر فِي ولَايَة الجيزة بإمرة عشرَة. وَفِي أَوَائِل جُمَادَى الْآخِرَة: فاض الخليج الناصري وَأغْرقَ عدَّة بساتين وَأغْرقَ كوم الريش وَمَا حول تِلْكَ الْأَرَاضِي بِحَيْثُ صَارَت لجة مَاء. وَفِي خامسه: أفرج عَن الْأَمِير بيدمر الْخَوَارِزْمِيّ من سجن الْإسْكَنْدَريَّة وَتوجه ليقيم بالقدس. وَفِي تاسعه: قدم الْأَمِير أقبغا عبد الله طَائِعا فَخلع عَلَيْهِ. وَاسْتقر نَائِب غَزَّة بعد وَفَاة مُحَمَّد بن وَفِيه خلع على مُحَمَّد بن أياز الدوادارى وَاسْتقر فِي نِيَابَة الْوَجْه القبلي عوضا عَن قرط. وخلع على أَحْمد بن غرلو وَاسْتقر فِي ولَايَة البهنسا وكل ذَلِك. بِمَال التزما بِهِ. وانتهت زِيَادَة مَاء النّيل إِلَى إِصْبَعَيْنِ من عشْرين ذِرَاعا ورسم لقَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين جَار الله الْحَنَفِيّ بعزل نائبين من نوابه بِالْقَاهِرَةِ وهما جمال الدّين عبد الرَّحِيم بن الْوراق وزين الدّين السكندري أما ابْن الْوراق فَإِن امْرَأَة اعْترفت عِنْده بِانْقِضَاء عدتهَا بسقط تخلق فَحكم بِهِ ثمَّ ادَّعَت ثَانِيًا بعد ذَلِك على مُطلقهَا عِنْده أَنَّهَا حَامِل مِنْهُ فقرر عَلَيْهِ فرض الْحمل وَهَذَا غير مذْهبه. وَأما السكندري فَإِن رجلا احتمى بِهِ خوفًا بَطش الْأَمِير مَأْمُور الْحَاجِب كَمَا جرت الْعَادة بِأَن من خَافَ جور من يعتدي عَلَيْهِ يركن إِلَى قَاض من الْقُضَاة فَيصير فِي حماية الشَّرْع النَّبَوِيّ مَا أَقَامَ وَلَا يَجْسُر أحد على أَخذه من ذَلِك القَاضِي احتراما لَهُ وتعظيما لحُرْمَة الدّين فَشكى الْأَمِير مَأْمُور ذَلِك إِلَى الْأَمِير الْكَبِير برقوق فرسم بعزله وَطلب الرجل المحتمي بِالْقَاضِي وضربه ضربا مبرحا بالمقارع هُوَ وَولده وشهرهما بِالْقَاهِرَةِ وَنُودِيَ عَلَيْهِمَا: هَذَا جَزَاء من يتجاهى على الْحَاجِب. فَكَانَ هَذَا أَيْضا من الْحَوَادِث الَّتِي لم تعهد واتضع بهَا جَانب الْقُضَاة وانبسطت أَيدي الْحجاب فِي الْأَحْكَام. بِمَا تهوى أنفسهم وزين لَهُم شيطانهم بِغَيْر علم وَلَا دين يزعهم. وَفِي شهر رَجَب: اتّفقت حَادِثَة مستغربة وَهِي أَن بعض من يتكسب بتحمل الشَّهَادَة بجلوسه فِي حوانيت الشُّهُود من رحبة بَاب الْعِيد بِالْقَاهِرَةِ يعرف بالشهاب

ص: 68

أَحْمد بن الفيشي من الْحَنَفِيَّة دخل إِلَى منزله بِالْقربِ من الْجَامِع الْأَزْهَر فَسمع صَوتا من جِدَار بَيته يَقُول لَهُ: اتَّقِ الله وعاشر زَوجتك بِالْمَعْرُوفِ فَظن أَن هَذَا من الجان فَإِنَّهُ لم ير شَيْئا وَحدث أَصْحَابه بذلك فصاروا مَعَه إِلَى بَيته فَسَمِعُوا الْكَلَام من الْجِدَار فسألوا عَمَّا بدا لَهُم فأجابهم الْمُتَكَلّم من غير أَن يرَوا شَيْئا فغلب على ظنهم أَن هَذَا من الجان وأشاعوه فِي النَّاس فارتجت الْقَاهِرَة ومصر وَأَقْبل النَّاس من كل جِهَة إِلَى بَيت ابْن الفيشي لسَمَاع كَلَام الْحَائِط وصاروا يحادثون الْحَائِط بزعمهم ويحادثهم فَكثر بَين النَّاس قَوْلهم: يَا سَلام سلم الْحَائِط بيتكلم وَكَاد النَّاس أَن يفتتنوا بِهَذَا وجلبوا إِلَى ذَلِك الْجِدَار من الطِّبّ شَيْئا كثيرا وَحَضَرت الْعَذْرَاء من خدرها إِلَيْهِ. فَركب محتسب الْقَاهِرَة جمال الدّين مَحْمُود العجمي إِلَى بَيت ابْن الفيشي هَذَا ليختبر مَا يُقَال ووكل بِابْن الفيشي أحد أعوانه فَإِذا بِالْبَيْتِ مُرْتَفع وَتَحْته إصطبل فِيهِ بعض الأجناد فَوكل بِهِ أَيْضا وطلع إِلَى عِنْد الْحَائِط وحدثه فحادثه فَأمر بهدم الْحَائِط فَقَالَ لَهُ: اخرب فَإِنَّهُ مَا ينزل على شَيْء وَلَا أُبَالِي لَا فَلَمَّا هدم الْحَائِط لم ير شَيْئا فَعَاد إِلَى بَيته وَقد كثر تعجبه وازدادت فتْنَة النَّاس بِالْحَائِطِ وَأخذ الْمُحْتَسب مَعَ أَصْحَابه فِي ذكر ذَلِك فَبعث من يكْشف لَهُ الْخَبَر: هَل انْقَطع الْكَلَام بعد تخريب الْحَائِط أَو لَا فَوَجَدَهُ قاصده يتَكَلَّم كَمَا كَانَ قبل خرابه فتحير من ذَلِك وَكَانَ هَذَا الْمُحْتَسب شهما جريئًا قد مارس الْأُمُور وحلب الدَّهْر أشطره ولاحظته مَعَ ذَلِك السُّعُود فَلَا يَتَحَرَّك حَرَكَة إِلَّا حمد عَلَيْهَا وَلَا بَاشر جِهَة وقف إِلَّا عمر خرابه وَأنْفق على مستحقيه معاليمهم بعد تَأَخّر صرفهَا لَهُم. وَإِذا بَاشر حسبَة الْقَاهِرَة رخت الأسعار فَإِذا عزل ارْتَفَعت فتقف الْعَامَّة وتطلب عوده لسعادة جده ويمن إقباله. وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ كَمَا قيل نفس عِصَام سودت عصاما فَلَمَّا عَاد قاصده إِلَيْهِ أخبرهُ بِأَن الْكَلَام مُسْتَمر قَامَ من فوره وَمَعَهُ عدَّة من أَصْحَابه حَتَّى جَلَسُوا عِنْد الْجِدَار وَأخذُوا فِي قِرَاءَة شَيْء من الْقُرْآن ثمَّ طلب صَاحب الْبَيْت وَقَالَ لَهُ: قل لهَذَا الْمُتَكَلّم: القَاضِي جمال الدّين يسلم عَلَيْك. فَقَالَ: يَا سَيِّدي الشَّيْخ القَاضِي يسلم عَلَيْك. فَقَالَ الْجِدَار: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. فَقَالَ الْمُحْتَسب: قل لَهُ إِلَى مَتى هَذَا الْفساد. فَأَجَابَهُ: إِلَى أَن يُرِيد الله تَعَالَى فَقَالَ لصَاحب الْبَيْت: قل لَهُ: هَذَا الَّذِي تَفْعَلهُ فتْنَة للنَّاس وَهَذَا مَا هُوَ جيد. فَأَجَابَهُ: مَا بَقِي بعد هَذَا كَلَام وَسكت وهم يَقُولُونَ لَهُ يَا سَيِّدي الشَّيْخ فَلم

ص: 69

يكلمهم بعْدهَا. وَكَانَ فِي صَوته غلظ يُوهم أَنه لَيْسَ بِكَلَام إنس فَلَمَّا أيس من مكالمته قَامَ عَنهُ وَقد اشتدت فتْنَة النَّاس بِالْحَائِطِ حَتَّى كَادُوا يتخذوه معبودا لَهُم وغلوا فِيهِ كعادتهم وَزَعَمُوا لَهُ مَا شَاءُوا من ترهاتهم وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشره. ثمَّ ذَلِك عَاد إِلَى الحَدِيث مَعَ النَّاس فَنزل إِلَيْهِ عدَّة من الْأُمَرَاء والأعيان وحملوا إِلَيْهِ المأكل وَغَيرهَا إِلَى يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث شعْبَان والمحتسب يدبر فِي كشف هَذِه الْحِيلَة. ودس إِلَى الفيشي من استدرجه حَتَّى اعْترف بِأَنَّهَا حِيلَة فَركب الْمُحْتَسب فِي يَوْمه وَمَعَهُ جمَاعَة إِلَى بَيت الفيشي وَقبض عَلَيْهِ وعَلى امْرَأَته وعَلى فَقير عِنْدهم للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد يعرف بالركن عمر وَعَاد بهم إِلَى دَاره وَمَا زَالَ وَالْمَرْأَة إِلَى أَن أعلمته أَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَت تَتَكَلَّم وَسبب ذَلِك أَن ابْن الفيشي زَوجهَا كَانَ يسيء عشرتها فاحتالت عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحِيلَة توهمه بِأَن الجان توصيه بهَا فتمت حيلتها عَلَيْهِ وانفعل لَهَا فأعلمته. بِمَا كَانَ مِنْهَا فَرَأى أَن تستمر على ذَلِك لينالا بِهِ جاها ومالا فوافقته على ذَلِك حَتَّى كَانَ مَا كَانَ. فَركب وَأعلم الْأَمِير الْكَبِير بقول الْمَرْأَة وَأَخذهَا وَزوجهَا وَالشَّيْخ عمر مَعَه فَضرب الْأَمِير الْكَبِير الرجلَيْن بالمقارع وَضرب الْمَرْأَة بالعصى نَحوا من سِتّمائَة ضَرْبَة وَأمر بهم فسمروا ثَلَاثَتهمْ على جمال وشهروا بِالْقَاهِرَةِ ومصر فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ هَذَا فَكَانَ يَوْمًا شنيعا عظم فِيهِ بكاء النَّاس على الْمَرْأَة فَإِنَّهَا أركبت على الْجمل ومدت يداها وسمرتا فِي الْخشب وَهِي بإزارها ونقابها وَلم وَاتفقَ نزُول المحسب بخلعة خلعت عَلَيْهِ فَكثر دُعَاء الْعَامَّة امتعاضا عَلَيْهَا - أَي على الْمَرْأَة. وَكَانَ قبل ذَلِك قد طلع ابْن الفيشي هَذَا إِلَى الْأَمِير الْكَبِير وعَلى رَأسه طيلسان وصوف وَقدم لَهُ شَيْئا من كعك قَالَ لَهُ: الشَّيْخ مُحَمَّد شيخ الْحَائِط أرسل لَك هَذَا وَأخذ بِيَدِهِ يَد الْأَمِير وَقبض عَلَيْهَا وهزها وَقَالَ لَهُ: اتَّقِ الله وَأَعْدل فِي الرّعية. فانفعل بِكَلَامِهِ وَمَشى ذَلِك عَلَيْهِ ثمَّ طلع إِلَيْهِ بعده الشَّيْخ عمر الرُّكْن وَكَانَ مَشْهُورا قد انْقَطع بسطح جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ من مصرا نَحْو من ثَلَاثِينَ سنة وَالنَّاس تَتَرَدَّد إِلَيْهِ مَا بَين أَمِير وَرَئِيس وَغير ذَلِك ويلتمسون بركَة دُعَائِهِ إِلَى أَن اشْتهر

ص: 70

كَلَام الْحَائِط فَأتى إِلَى ابْن الفيشي وَلَزِمَه وَجمع عَلَيْهِ النَّاس فَلَمَّا رَآهُ الْأَمِير الْكَبِير أكْرمه وَأخذ هُوَ فِي خزعبلاته وَانْصَرف فَلَمَّا طلع بهما إِلَيْهِ الْمُحْتَسب اشْتَدَّ غَضَبه عَلَيْهِمَا لما تبين لَهُ من محرفتهما وانكشفا عَن حِيلَة شنيعة أوقع بهما مَا أوقع. وَمِمَّا اتّفق فِي هَذِه الْحَادِثَة أَن امْرَأَة ابْن الفيشي هَذِه رَأَتْ فِي منامها قبل هَذِه الْحَادِثَة بأيام أَنَّهَا تخْطب على مِنْبَر فعبره لَهَا بعض من عاصرناه من حذاق المعبرين بِأَنَّهُ يحصل لَهَا شهرة قبيحة فَإِن الْمَرْأَة لَيْسَ من شَأْنهَا ركُوب المنابر وتعاطي الْخطب فَكَانَ كَذَلِك وَركبت الْجمل يَوْمًا وَفِي سادس عشرينه: اسْتَقر الْأَمِير كرجي فِي ولَايَة الشرقية عوضا عَن عَليّ القرمي وَأخرج من السجْن حَتَّى خلع عَلَيْهِ. بِمَال الْتزم بِهِ. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ رَابِع عشرينه: ركب الْأَمِير الْكَبِير برقوق من الحراقة حَيْثُ سكنه من الإصطبل وَمضى نَحْو مطعم الطُّيُور الْجَوَارِح بالريدانية خَارج الْقَاهِرَة. وَكَانَ الْأَمِير إينال اليوسفي - أَمِير سلَاح - قد انْقَطع بداره على أَنه مَرِيض وَنزل الْأَمِير الْكَبِير حَتَّى عَاده فَركب وَمَعَهُ الْأَمِير سودن جركس المنجكي والأمير صصلان الجمالي والأمير سودن النوروزي والأمير جمق الناصري فِي عمق من المماليك وَقصد إِلَى الإصطبل فطلع إِلَى الحراقة وَملك بَيت الْأَمِير الْكَبِير برقوق وَقبض على الْأَمِير جركس الخليجي فَمَال أَصْحَابه على مَا هُنَاكَ من الْعدَد والآلات وَالْأَمْوَال ينهبوها وَبعث إينال بقماري الخازندار فِي طلب السُّلْطَان لينزل إِلَى الإصطبل فَلم يُوَافقهُ على ذَلِك فألبس من بالإصطبل من مماليك برقوق السِّلَاح وَوَعدهمْ بأموال جمة ينفقها فيهم وَأمر بالكوسات فدقت حَرْبِيّا بالطلخاناه من القلعة. وطار الْخَبَر إِلَى الْأَمِير برقوق فأيس من الْحَيَاة وَكَاد ينهزم إِلَّا أَن الْأَمِير أيتمش البجاسي شجعه وَعَاد بِهِ إِلَى بَيته تَحت القلعة وأنزله فِيهِ وَجمع عَلَيْهِ مماليكه وألبسهم آلَة الْحَرْب. وَركب بِهِ فِي عدَّة وافرة وَخرج مَعَه من بَاب الْوَزير يُرِيد القلعة فَلم يشْعر إينال حَتَّى وافاه وَقد تفرق عَنهُ أَصْحَابه فِي نهب مَا وجدوه وغصت الرميلة تَحت القلعة بالعامة فَهموا برجمه ظنا مِنْهُم أَن أيتمش قد خامر مَعَ إينال عصبية مِنْهُ للأمير برقوق. فصاح بهم أيتمش يَا جمَاعَة هَذَا أخوكم برقوق مَعنا وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَقد تلثم فَقَالُوا: حَتَّى نرى وَجهه فأماط لثامه وَقَالَ لَهُم: يَا إخوتي هَذَا وَقت الْمُرُوءَة

ص: 71

والعصبية وَكَانَ كثير الدهاء وَالْمَكْر فثاروا ثورة وَاحِدَة وصرخوا جَمِيعًا: امش قدامنا. فَسَار وهم حوله كالجراد الْمُنْتَشِر حَتَّى وقف على بَاب سر الإصطبل أضرموا فِيهِ النَّار وأحرقوه وتسلق الْأَمِير قرط الكاشف وَقد لحق ببرقوق وَنزل إِلَى الإصطبل حَتَّى فتح الْبَاب فَدَخَلُوا مِنْهُ جَمِيعًا وقاتلوا أَصْحَاب إينال فَمَال مَعَهم من كَانَ من أَصْحَاب برقوق هُنَاكَ فَاشْتَدَّ الْقِتَال وجرح الْأَمِير إينال فِي عُنُقه بِسَهْم رمى بِهِ فَانْهَزَمَ إِلَى بَيته فَبعث الْأَمِير برقوق من قبض عَلَيْهِ وَحمله إِلَيْهِ وسجنه. وَهَذَا والأمير بركَة غَائِب فِي الصَّعِيد وتتبع الْأَمِير برقوق أَصْحَاب إينال فَقبض عَلَيْهِم وَنُودِيَ فِي الْقَاهِرَة على مماليك إينال فَقبض مِنْهُم على عدَّة. وَحمل الْأَمِير إينال مُقَيّدا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة هُوَ وسودن جركس وسجنا بهَا وفر برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن اللبان فِي هَذِه الْوَاقِعَة إِلَى بِلَاد التكرور وذُلك أَنه كَانَ قد قبض عَلَيْهِ بِسَبَب مَال الْأَمِير قرطاي ثمَّ أفرج عَنهُ. فَلَمَّا ملك إينال الإصطبل صعد إِلَيْهِ وأسمع الْأَمِير جركس مَا وَفِي ثامن عشرينه: قدم الْأَمِير بركَة من سرحة الْبحيرَة فَخرج الْأَمِير الْكَبِير برقوق وتلقاه فَنزلَا جَمِيعًا عَن فرسيهما وتعانقا فَرحا بالسلامة وعادا فَأمر بزينة الْقَاهِرَة ومصر فزينتا. وَفِيه قبض على الْأَمِير جمق - أحد العاشرات - وعَلى الْأَمِير أزبك وسجنا وَأخرج الْأَمِير قطلوبغا الكوكاي منفيا إِلَى الشَّام. وَفِي ثَانِي شهر رَمَضَان: أنعم على كل من يذكر بإمرة طبلخاناه وهم الْأَمِير قرط ابْن عمر التركماني وشاهين الصرغتمشى ومجلس النوروزي وطوجى العلاي وقردم الحسني وأنعم على كل مِمَّن يذكر بإمرة عشرَة وهم: أقبغا الناصري - رَأس نوبَة الْأَمِير برقوق - وكمشبغا وبكبلاط الصَّالِحِي وطوجى. وَكتب باستقرار الْأَمِير منكلي الْبَلَدِي فِي نِيَابَة طرابلس عوضا عَن يلبغا الناصري ورسم بإحضار الناصري إِلَى قلعة الْجَبَل. وَفِي يَوْم السبت سابعه: شهر رجلَانِ بَعْدَمَا ضربا وأركبا جملا وَظهر أَحدهمَا

ص: 72

إِلَى ظهر الآخر وَنُودِيَ عَلَيْهِمَا بِالْقَاهِرَةِ ومصر: هَذَا جَزَاء من يتحدث فِيمَا لَا يعنيه. وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَن أَحدهمَا يعرف بالكمال ابْن بنت الخروبي من أهل مصر مَعْرُوف بقلة الْعقل والفقر من المَال تحدث مَعَ الْأَمِير خضر رَأس نوبَة الْأَمِير بركَة أَن يسْتَقرّ فِي الوزارة وَعين رجلا من آحَاد معلمي المماليك الْقِرَاءَة لنظر الدولة وَعين رجلا من آحَاد الْجند يُقَال لَهُ كراي بن خَاص ترك لشد الدَّوَاوِين وَعين آخر لنظر الْجِهَات وَآخر من أَطْرَاف الْعَامَّة لتقدمة الدولة ووعد على ذَلِك بِمَال عَظِيم وَضمن تكفية الدولة سِتَّة أشهر فأتقن خضر الْأَمر مَعَ أستاذه الْأَمِير بركَة حَتَّى لم يبْق إِلَّا وُقُوع ذَلِك فِي الْخَارِج وجهز لَهُ تشريف الوزارة فَفطن بِهِ الْوَزير وَجَمَاعَة الخراربة التُّجَّار وَقد بَلغهُمْ عَنهُ أَنه عينهم فِيمَن عين لأخذ أَمْوَالهم وَعرفُوا أهل الدولة بِحَالهِ فَقبض عَلَيْهِ الْأَمِير الْكَبِير برقوق وضربه وجرسه هُوَ ورفيقه وفر بَقِيَّة أَصْحَابه. وَفِي عاشره: قدم الْأَمِير يلبغا الناصري وأنعم عَلَيْهِ بإقطاع الْأَمِير إينال وَاسْتقر أَمِير سلَاح. وَفِي تَاسِع عشرينه: خلع على مُحَمَّد بن طاجار وَاسْتقر فِي ولَايَة الغربية عوضا عَن أيدمر السيفي وخلع على خَان وَاسْتقر فِي ولَايَة قوص. وَفِي سَابِع شَوَّال: خلع على مُحَمَّد بن الجلبي وَاسْتقر فِي ولَايَة منفلوط عوضا عَن. بيرم كل ذَلِك بِمَال التزموا بِالْقيامِ بِهِ من مظالم الْعباد. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشره: قبض على رجل ادّعى النُّبُوَّة وَأَنه النَّبِي الْأُمِّي وَأَنه مُصدق بنبوة نَبينَا. وَزعم أَن حُرُوف الْقُرْآن تنطق لَهُ مَعَ أَنه أُمِّي وَأَن الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْوَحْي جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وعزرائيل ورضوان وَمَالك ودرديائيل وَزعم أَنه عَرَبِيّ من مصر وَأَنه أرسل بقتل الْكَفَرَة وَأَن التّرْك يحكموه ويملكوه عَلَيْهِم وَأَنه أنزل عَلَيْهِ الْقُرْآن فسجن عِنْد المجانين بالمارستان ثمَّ أخرجه الْأَمِير بركَة وَسَأَلَهُ عَن نبوته فَأخْبرهُ فَأمر بِهِ فَضرب حَتَّى رَجَعَ عَن. قَوْله ثمَّ أفرج عَنهُ بعد أَيَّام وَكنت أرَاهُ زَمَانا طَويلا وَله سمت وينمسة وحَدثني عَنهُ بعض الثِّقَات أَنه كَانَ يَتْلُو عَلَيْهِ من قرآنه لنَفسِهِ بِهِ ثمَّ فقدناه. وَفِي ثَانِي عشرينه: عوقبت دادة السُّلْطَان حَتَّى أظهرت قبع السُّلْطَان الَّذِي عمله لَهُ

ص: 73

أَبوهُ الْملك الْأَشْرَف عِنْد ختانه وطراز ذهب وطشت من ذهب وَهَذِه الثَّلَاثَة مرصعة بجواهر نفيسة وأظهرت أَيْضا تَرِكَة أم السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور عَليّ. وَفِيه خرج الْأَمِير تمربغا الْحَاجِب على الْبَرِيد بتقليد الْأَمِير نُعَيْر بن حيار بن مهنا إمرة الْعَرَب عوضا عَن زامل ومُعَيقْلِ. وَفِيه أخرج أسنبُغَا القوصوني من أُمَرَاء العشرات منفيا. وَفِيه أَرَادَ الْأَمِير بركَة أَخذ مَال أَوْلَاد ابْن سَلام التَّاجِر وَأَوْلَاد ابْن الْأنْصَارِيّ وَكَانَ شَيْئا كثيرا فَركب إِلَيْهِ قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَن ذَلِك. وَفِي أول ذِي الْقعدَة: رسم بإحضار الْأَمِير بزلار الَّذِي كَانَ مُتَوَلِّي الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِيه قَامَ الْمُحْتَسب جمال الدّين العجمي على الشَّيْخ زين الدّين عمر بن مُسلم بن سعيد بن عمر الْقرشِي وَكَانَ قد قدم من دمشق وَعمل ميعادا للوعظ بالجامع الْأَزْهَرِي وَظهر عَن حفظ جم للأحاديث النَّبَوِيَّة وَتَفْسِير الْقُرْآن الْعَزِيز من أجل أَنه اتهمَ بِأَن لَازم مَا يُورِدهُ من الْأَحَادِيث أَنه يثبت الصِّفَات الإلهية وَأقَام شخصا ادّعى عَلَيْهِ بِشَيْء من هَذَا ورسم عَلَيْهِ وعَلى وَلَده عدَّة أَيَّام فَقَامَ قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة فِي نصرته وكف يَد الْمُحْتَسب عَنهُ وَمنعه من التَّعَرُّض لَهُ. وَفِي عشرينه: قدم الْأَمِير بزلار. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشرينه. طلب الْأَمِير بركَة الوزراء المعزولين وهم: كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن الرويهب وكريم الدّين شَاكر بن غَنَّام وكريم عبد الْكَرِيم بن مكانس وَقد ظهر من اختفائه. وَأمر بِابْن الرويهب فنزعت عَنهُ ثِيَابه ليضربه ثمَّ أعَاد ثِيَابه عَلَيْهِ وَلم يضْربهُ وَأخرجه منفيا إِلَى طرسوس وجرد ابْن مكانس من ثِيَابه وضربه عُريَانا بالمقارع نَحْو الْعشْرين شيبا وألزم ابْن غَنَّام. بِمَال فَكتب خطه أَن كل مَا يملكهُ فَهُوَ للسُّلْطَان وَكَانَ للأمير أيتمش البجاسي بِهِ عناية فَلم يَأْخُذ مِنْهُ شَيْء وَأخرج إِلَى الْقُدس منفيا. ثمَّ أفرج عَن ابْن مكانس بشفاعة الْأَمِير يلبغا الناصري فِيهِ. واتهم الْوَزير الْمَالِكِي بِأَنَّهُ الْحَامِل للأمير بركَة على هَذَا. وَقدم الْبَرِيد بتجمع التراكمين لقصد أَخذ ملطة فَركب الْأَمِير طاش الْبَرِيد لكشف الْخَبَر. وَفِي يَوْم السبت ثَانِي ذِي الْحجَّة: خلع على مُحَمَّد بن سُلَيْمَان - من مقدمي الْحلقَة -

ص: 74

وَاسْتقر فِي ولَايَة الأشمونين وعَلى أسنبغا المنجكي وَاسْتقر فِي ولَايَة الفيوم عوضا عَن الرُّكْن. وَسلم الرُّكْن للمقدم سيف ليستخلص مِنْهُ المَال. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَالِث عشره: خلع على بهاء الدّين باد الْكرْدِي - أحد الطبردارية - وَاسْتقر فِي ولَايَة الْقَاهِرَة عوضا عَن الْأَمِير حسام الدّين حُسَيْن عَليّ بن الكوراني وَسلم حُسَيْن لشاد الدَّوَاوِين على مَال فَبَاعَ ثِيَابه ثمَّ أفرج عَنهُ فِي خَامِس عشره. وَفِي يَوْم السبت سادس عشره: استعفى الْأَمِير أيتمش البجاسي من نظر خانكاه سرياقوس فأعفى وخلع على الْأَمِير مَأْمُور الْحَاجِب وَاسْتقر عوضه فِي نظرها. وَفِي عشرينه: خلع على معِين الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر الدماميني السكندري وَاسْتقر فِي نظر الْأَسْوَاق عوضا عَن علم الدّين بن غَنَّام. وَفِي ثَالِث عشرينه: خلع على بيرم وَاسْتقر فِي ولَايَة الغربية عوضا عَن مُحَمَّد بن طاجار وخلع على الْأَمِير قادوس وَاسْتقر فِي ولَايَة الأشمونين عوضا عَن مُحَمَّد بن العادلي وخلع على ابْن العادلي وَاسْتقر فِي ولَايَة منوف عوضا عَن أبي بكر بن خطاب كل ذَلِك. بِمَال يقومُونَ بِهِ إِذا صَارُوا إِلَى الْأَعْمَال فَكَانُوا يجبونَ النَّاس من أهل النواحي أَولا ويسمون ذَلِك الْقدوم فيفرض الْوَالِي على كل بلد قدرا من المَال ثمَّ إِذا جبى ذَلِك أَخذ فِي تَحْصِيل المَال من الْمَظَالِم وبينما هُوَ فِي ذَلِك إِذْ اسْتَقر غَيره فِي عمله. بِمَال الْتزم بِهِ فَيقبض عَلَيْهِ ويحاط. بِمَالِه من خيل وخام وَثيَاب وآلات وَغير ذَلِك مِمَّا قد استدانه بأضعاف ثمنه ويُعاقب على بَقِيَّة مَا تَأَخّر عَلَيْهِ. فعندما يجد وَهُوَ فِي الْعقُوبَة سَبِيلا إِلَى عوده إِلَى عمله أَو عمل آخر وعد. بِمَال وَاسْتمرّ فِيهِ وسلط على النَّاس بسفك دِمَائِهِمْ وبضرب أبشارهم وبأخذ مَالهم فَأخذ إقليم مصر فِي الاختلال بِهَذَا السَّبَب. وَفِي هَذَا الشَّهْر: جرت عين الْأَزْرَق المستمدة من عين ثقبة وَعين ابْن رَخَم من عَرَفَة إِلَى البركتين خَارج بَاب المعلاة. بِمَكَّة المشرفة. واستجدت ميضأة عِنْد بَاب بني شيبَة وَربع وحوانيت وأصلحت زَمْزَم وَحجر إِسْمَاعِيل والميزاب وسطح الْكَعْبَة. كل ذَلِك على يَد الْأَمِير باشاه دوادار الْأَمِير بركَة. وَفِيه حضر إِلَى الْقَاهِرَة طَائِفَة مَا بَين رجال وَنسَاء ذْكروا أَنهم ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام

ص: 75

وَقد كَانُوا قبل ذَلِك على النَّصْرَانِيَّة يُرِيدُونَ بارتدادهم التَّقَرُّب إِلَى الْمَسِيح بسفك دِمَائِهِمْ فَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام مرَارًا فَلم يقبلُوا وَقَالُوا: إِنَّمَا جِئْنَا لنتطهر ونتقرب بنفوسنا إِلَى السَّيِّد الْمَسِيح فَقدم الرِّجَال تَحت شباك الْمدرسَة الصالحية بَين القصرين وضُربت أَعْنَاقهم وَعرض الْإِسْلَام على النِّسَاء فأبين أَن يسلمن فأخذهن القَاضِي الْمَالِكِي إِلَى تَحت القلعة وَضرب أعناقهن فشنّع الْفُقَهَاء على القَاضِي الْمَالِكِي ضرب أَعْنَاق النِّسَاء وأنكروا عَلَيْهِ ذَلِك. وَفِيه قدم أَيْضا بعض رُهْبَان النَّصَارَى وقدح فِي الْإِسْلَام وأصر على قبيحه فَضربت عُنُقه وَكَانَ هُنَاكَ ثَلَاث نسْوَة فرفعن أصواتهن بلقلقة ألسنتهن كَمَا تفعل النِّسَاء عِنْد فرحهن واستبشارا بقتل الراهب وأظهرن شغفا بِهِ وهياما لما جرى لَهُ وصنعن كصنيعه من الْقدح فِي الْإِسْلَام وأردن تطهيرهن بِالسَّيْفِ أَيْضا. ثمَّ ضربت رَقَبَة رَفِيق الراهب فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشرينه تَحت شباك الصالحية وَضربت رِقَاب النسْوَة الثَّلَاث من الْغَد يَوْم السبت ثَالِث عشرينه تَحت القلعة بيد الْأَمِير سودن الشيخوني الْحَاجِب وأحرقت جثثهن بِحكم أَنَّهُنَّ ارتددن عَن الإِسلام وأظهرن أَنَّهُنَّ فعلن هَذَا لعشقهن فِي الراهب الْمَذْكُور. وَكَانَ يعرف بِأبي نفيفة. وَلم نسْمع فِي أَخْبَار العشاق خَبرا أغرب من هَذَا ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك رجل من الأجناد على فرس وَقَالَ للْقَاضِي: طهرني بِالسَّيْفِ فَإِنِّي مُرْتَد عَن الْإِسْلَام فَضرب وسجن. وَفِيه عزم الْأَمِير بركَة على السّفر لمحاربة التركمان وَقد عَاد للكشف عَن أخبارهم بخروجهم عَن الطَّاعَة ثمَّ اقْتضى الرَّأْي أَن يتَوَلَّى محاربتهم الْأَمِير بَيدَمُر الْخَوَارِزْمِيّ فرسم بإحضاره وَخرج الأميران برقوق وبركة وَسَائِر الْأُمَرَاء إِلَى لِقَائِه وترجلوا لَهُ جَمِيعًا حَتَّى الأميران وَأتوا بِهِ إِلَى منزل أعد لَهُ وحملت لَهُ تقادم كَثِيرَة جدا وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي نِيَابَة الشَّام على إِعَادَته عوضا عَن كمشبغا الْحَمَوِيّ وَاسْتقر الْأَمِير طَشْتَمُر السيفي فِي نِيَابَة حماة بعد وَفَاة الْأَمِير حَطَطَ. وَفِيه قتل مُحَمَّد بن مكي دَاعِيَة الرافضة تَحت قلعة دمشق. وَفِيه قطع الْوَزير الملكي معاليم النَّاس ومرتباتهم على الدولة وَمنع مباشري الْجِهَات من الْمُبَاشرَة ظنا مِنْهُ أَنه تمشى أَحْوَاله. بِمَا وفره من ذَلِك فَبلغ الْأَمِير الْكَبِير برقوق مَا عمله فَسَأَلَهُ عَن مِقْدَار مَا وفره فَأخْبرهُ. بمبلغه فَأخْرج عَن الوزارة بلادا يتَحَصَّل مِنْهَا

ص: 76

بِقدر مَا وفره فَعَاد ذَلِك عَلَيْهِ بِضَرَر كَبِير فَإِن الوزراء كَانُوا يوفرون من ذَلِك مَعْلُوم من استضعفوا جَانِبه ليتوسعوا بِهِ ففات الملكي ذَلِك وباء بقبح القالة ومقت النَّاس لَهُ. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن شرف الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن عَسْكَر بن مظفر بن نجم بن شادي بن هِلَال الطَّائِي الطريفي الشهير بالقيراطي الأديب الشَّافِعِي بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الْعشْرين من شهر ربيع الآخر ومولده يَوْم الْأَحَد حادي عشْرين صفر سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة. وَتوفى الشَّيْخ شرف الدّين أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَسْكَر الْبَغْدَادِيّ الْمَالِكِي بَعْدَمَا عمى فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشْرين شعْبَان بِالْقَاهِرَةِ ومولده بِبَغْدَاد فِي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة. ودرس بالمستنصرية ثمَّ قدم الشَّام وَولى قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق بعد الْجمال المسلاتي سنة تسع وَخمسين ثمَّ صرف فِي سنة سِتِّينَ وَسكن الْقَاهِرَة وَولي نظر خزانَة الْخَاص ثمَّ صرف عَنْهَا بِابْن عرب فَلَزِمَ بَيته حَتَّى مَاتَ. وَمَات الْأَمِير حَطَطَ اليلبغاوي نَائِب حماة فِي جُمَادَى الْآخِرَة. وَمَات الْأَمِير حاجي بك من أُمَرَاء الطبلخاناه. وَتُوفِّي الشَّيْخ المعتقد حسن الصبان المغربي فِي ثَانِي عشْرين ربيع الأول بَعْدَمَا أقعد وَتوفى الْفَقِير المعتقد صَالح الجزيري فِي رَابِع عشر ربيع الأول وَدفن بزاويته من جَزِيرَة أروى الْمَعْرُوفَة بالجزيرة الْوُسْطَى. وَتوفى شيخ الْقُرَّاء تَقِيّ الدّين أَبُو الْفضل عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ الْمَعْرُوف بِابْن الْبَغْدَادِيّ الوَاسِطِيّ الأَصْل، بِالْقَاهِرَةِ، فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع صفر. ومولده سنة ثَلَاث وَسبع مائَة.

ص: 77

وَمَات الْأَمِير قارا بن مهنا بن عِيسَى بن مهنا بن مَانع بن حَدِيثَة بن غُضية بن فضل بن ربيعَة أَمِير آل فضل. وَمَات الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن ألجْبُغا العادلي نَائِب غَزَّة وَقد استعفى وَرجع إِلَى دمشق فِي سلخ جُمَادَى الْآخِرَة وَهُوَ فِي عشر الْخمسين بشقحب فَدفن بِدِمَشْق. وَتوفى الْفَقِيه شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق العجيسي التلمساني المغربي الْمَالِكِي وَزِير الْمغرب ومدرس الْفِقْه بِالْمَدْرَسَةِ الخانكاه الشيخونية ومدرس الْمدرسَة القمحية فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن شهر ربيع الأول بِالْقَاهِرَةِ. وَتوفى بهاء الدّين بن يُوسُف بن عبد الله بن قُرَيْش شَاهد ديوَان أَوْلَاد النَّاصِر حسن فِي ثَانِي عشْرين جُمَادَى الْآخِرَة. وَمَات شَيخنَا نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ الحراوي الْكرْدِي الطبردار فِي ثامن عشر ربيع الأول. وَمَات الْأَمِير ماماق أحد أُمَرَاء الطبلخاناه فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث شعْبَان وَدفن بتربة أَنْشَأَهَا لَهُ الْأَمِير الْكَبِير برقوق تَحت دَار الضِّيَافَة. وَمَات الطواشي افتخار الدّين ياقوت الرسولي شيخ خدام الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة فِي لَيْلَة سَابِع عشْرين وَمَات الْأَمِير ساطلمِش الجلالي بِدِمَشْق فِي ذِي الْقعدَة وَهُوَ من أَبنَاء السّبْعين. وَمَات شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُزهِر أحد موقعي دمشق وأخو بدر الدّين كَاتب السِّرّ بهَا فِي شَوَّال عَن نَحْو أَرْبَعِينَ سنة.

ص: 78