الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة)
أهل الْمحرم يَوْم الثُّلَاثَاء. فَفِي ثالثه: قدم ثقل الْأَمِير مَحْمُود الأستادار من الشَّام. وَقدم الْبَرِيد باستقرار دقماق فِي نِيَابَة ملطية وَكَانَ مقبل فِي نِيَابَة طرسوس وطَغَنْجي فِي نِيَابَة قلعة الرّوم ومَنْكلي بُغا الأسَنْبغاوي فِي نِيَابَة الرها. وَأَن السُّلْطَان قبض على عدَّة من أُمَرَاء حلب مِنْهُم ألطنبغا الأشرفي وتمرباي الأشرفي وقُطْلوشاه المارديني. وَأَن عربان آل مهنا خَرجُوا بأجمعهم عَن الطَّاعَة ودخلوا إِلَى الْبَريَّة. وَفِي رابعه: خرج أَتبَاع ابْن أويس إِلَى بَغْدَاد بحريمه. وَفِي سابعه: قدم السُّلْطَان من حلب إِلَى دمشق بعساكره. وَفِي سَابِع عشره توجه السُّلْطَان من دمشق يُرِيد مصر وَولي الْأَمِير بدخاص السودوني - حَاجِب الْحجاب - نِيَابَة الكرك عوضا عَن الشهَاب أَحْمد بن الشَّيْخ عَليّ. وَنقل الشهَاب إِلَى دمشق حَاجِب الْحجاب بهَا عوضا عَن تمربغا المنجكي. وَقدم تمربغا فِي الْخدمَة إِلَى مصر وَاسْتقر قُنُق باي السيفي اللالا بصفد من جملَة أمرائها. وَاسْتقر الجبغا الجمالي الْحَاجِب أَمِيرا بِدِمَشْق، على طبلخاناه.
وَفِي ثَالِث عشرينه: نُودي بزينة الْقَاهِرَة ومصر فزينتا. وَفِيه قدم الْمحمل والحاج صُحْبَة الْأَمِير قديد وهم ركب وَاحِد. وَقدم الْبَرِيد بِأَن السُّلْطَان توجه من الرملة لزيارة الْقُدس جَرِيدَة. وَفِي يَوْم الْخَمِيس أول صفر: قدم شيخ الْإِسْلَام سراج الدّين عمر البُلْقِينِيّ من الشَّام. وَفِي خامسه: قدم الْحَرِيم السلطاني مَعَ الطواشي بَهادُر الْمُقدم وفيهن عدَّة من حرائر دمشق وأبكارها ليختار مِنْهُنَّ من يعْقد عَلَيْهَا. وَفِي سابعه: قدم الْأَمِير مَحْمُود الأستادار وشق الْقَاهِرَة من بَاب النَّصْر إِلَى بَاب زويلة وَقد فرشت لَهُ شقَاق الْحَرِير من بَاب زويلة إِلَى دَاره فَمشى عَلَيْهَا بفرسه وَمَعَهُ من الْخَلَائق عدد لَا يَقع عَلَيْهِ حصر وَأوقدت لَهُ الْبَلَد. وَفِيه نُودي بِالْخرُوجِ إِلَى لِقَاء السُّلْطَان. وَفِي تاسعه: قدم بالبريد بِأَن السُّلْطَان قبض على جلبان الكمشبغاوي نَائِب حلب بقطيا وَبَعثه من الطينة فِي الْبَحْر إِلَى دمياط. وَفِي ثَانِي عشره: قدم السُّلْطَان وَصعد إِلَى القلعة فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً وَكَانَ الشَّيْطَان قد أجْرى على أَلْسِنَة الْعَامَّة كلمة سوء وَهِي: لَو جَاءَ السُّلْطَان لوقع الرخَاء وصاروا يتَناجون بذلك فِي كل مَوضِع فأخلف الله ظنهم وتزايدت الأسعار من يَوْم دُخُوله تَصْدِيقًا لقَوْله عليه الصلاة والسلام: من تعلق بِشَيْء وكل إِلَيْهِ. وأبيع الْقَمْح بسبعين بعد أَرْبَعِينَ والفول وَالشعِير بِأَرْبَعِينَ كل أردب وَالْحمل من التِّبْن بِعشْرَة دَرَاهِم بعد خَمْسَة وكل حَملَة دَقِيق - وَهِي سِتّ بطط - بِمِائَة وَعشرَة دَرَاهِم وَالْخبْز كل ثَلَاثَة أَرْطَال بدرهم والأرز كل قدح بِدِرْهَمَيْنِ وَالسكر كل رَطْل بِسِتَّة دَرَاهِم بعد ثَلَاثَة والجبن المقلو بِنَحْوِ دِرْهَمَيْنِ بعد ثُلثي دِرْهَم والرطل اللَّحْم البقري بدرهم بعد نصف دِرْهَم والرطل اللَّحْم من الضَّأْن بدرهم وَنصف بعد نصف وَربع دِرْهَم كل رَطْل.
وَاتفقَ مَعَ تزايد الأسعار كَثْرَة ظلم الدولة وَوُقُوع الوباء ووقوف أَحْوَال النَّاس من قلَّة المكاسب. وَفِي خَامِس عشره: ركب السُّلْطَان وَعبر إِلَى الْقَاهِرَة من بَاب زويلة وزار أَبَاهُ بمدرسته بَين القصرين. وَخرج من بَاب النَّصْر إِلَى القلعة. وَفِي سادسه: عدى إِلَى بر الجيزة. وأحدث الْأَمِير تمربغا المنجكي شرابًا من زبيب يعْمل لكل عشرَة أَرْطَال من الزَّبِيب أَرْبَعُونَ رطلا من المَاء ويدفن فِي جرار بزبل الْخَيل أَيَّامًا ثمَّ يشرب فيسكر وَصَارَ يُقَال لَهُ التمربغاوي وَفِي ثامن عشره: عَاد السُّلْطَان من الجيزة إِلَى القلعة. وَفِي تَاسِع عشره: أنعم على الْأَمِير فَارس من قطلو خجا بتقدمة ألف وَاسْتقر حَاجِب الْحجاب عوضا عَن بِدخاص المتنقل لنيابة الكرك. وَفِيه استعفى الْأَمِير سودُن من نِيَابَة السلطة والإمرة لكبره وعجزه فأعفي وَلزِمَ بَيته. وَفِي رَابِع عشرينه: أنعم على عَلَاء الدّين عَليّ بن سعد الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن الطلاوي بإمرة طبلخاناه وَاسْتقر أَخُوهُ نَاصِر الدّين مُحَمَّد فِي ولَايَة الْقَاهِرَة كَأَنَّهُ يَنُوب عَنهُ وَشرط عَلَيْهِ أَلا يستبد بِشَيْء بل يُرَاجِعهُ فِي الْأُمُور. وأنعم على أرغون شاه البَيْدمري الأقبغاوي بتقدمة ألف وعَلى نوروز الحافظي بتقدمة ألف. وعَلى تمربغا المنجكي بإمرة طبلخاناه وعَلى شيخ المحمودي بطبلخاناه وعَلى صَلَاح الدّين مُحَمَّد ابْن تنكز بطبلخاناه وعَلى صَرْغَتْمُش المحمدي الْقزْوِينِي بطبلخاناه وعَلى سودُن الطيار الناصري بطبلخاناه. وأنعم على كل من مقيل الرُّومِي وأقباي بن حُسَيْن شاه وآق بلاط الأحمدي ومنكلي بغا الناصري بإمرة عشرَة. وَفِي تَاسِع عشرينه: اسْتَقر الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الطبلاوي حاجباً عوضا من ألجبغا الجمالي مَعَ النّظر فِي الْولَايَة على أَخِيه. وَفِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث ربيع الأول: عدى السُّلْطَان إِلَى بر الجيزة وَعَاد آخر يَوْم الْأَرْبَعَاء سادسه.
وَفِي سابعه: خلع على الْأُمَرَاء والأكابر وناظر الْجَيْش وناظر الْخَاص، أقبية بِفَرْوٍ وسمور. وَفِيه عمل السُّلْطَان المولد النَّبَوِيّ على عَادَته. وَفِي تاسعه: عقد مجْلِس حضر فِيهِ شيخ الْإِسْلَام والقضاة وَالْفُقَهَاء عِنْد السُّلْطَان. وأحضر رجل من الْعَجم يتفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة يُقَال لَهُ مصطف القرماني وَأَنه كتب شَيْئا فِي الْفِقْه قَالَ فِيهِ: لَا يَبُول أحد إِلَى الشَّمْس وَالْقَمَر لِأَنَّهُمَا عبدا من دون الله وَنسب إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا نزهه الله من عبادتهما. فَأَرَادَ قَاضِي الْمَالِكِيَّة نَاصِر الدّين أَحْمد بن التنسي الحكم بقتْله فاعتنى بِهِ جمَاعَة من الْأُمَرَاء وسألوا السُّلْطَان أَن يُفَوض أمره إِلَى قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة جمال الدّين مَحْمُود العجمي فعزره بِأَن أَقَامَهُ وَبعث بِهِ إِلَى السجْن ثمَّ أفرج عَنهُ بعد ثَلَاثَة أَيَّام وضربه ثمَّ خلاه لسبيله. وَفِي رَابِع عشره: أنعم على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن جلبان العلاي بإمرة عشْرين عوضا عَن قرابغا بعد مَوته. وَفِي ثامن عشره: قدم الْبَرِيد من حلب بِأَن تيمور توجه من قراباغ وعدى السُّلْطَانِيَّة وَتوجه ابْنه إِلَى كيلان فَإِن طقتمش أَخذ أَكثر بِلَاده. وَقد حدث بِبَغْدَاد وباء عَظِيم وَاشْتَدَّ بهَا الغلاء وانتقل ابْن أويس عَنْهَا إِلَى الْحلَّة. وَفِي ثَالِث عشرينه: قدم الْأَمِير مبارك شاه نَائِب الْوَجْه القبلي وَمَعَهُ أُمَرَاء العربان وهم: أَبُو بكر بن الأحدب أَمِير عَرك وَعمر بن عبد الْعَزِيز أَمِير هوارة وَعلي بن غَرِيب أَمِير هوارة أَيْضا وأحضروا تقادمهم على الْعَادة. وَفِيه تنكر السُّلْطَان على الْأَمِير جمال الدّين مَحْمُود الأستادار وَكَاد يبطش بِهِ. فَلَمَّا نزل إِلَى دَاره أَتَاهُ الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الطلاري يَأْمُرهُ عَن السُّلْطَان بِحمْل خَمْسمِائَة ألف دِينَار وَإِن امْتنع يُوقع الحوطة عَلَيْهِ ويضربه بالمقارع فتلطف فِي السَّعْي بَينه وَبَين السُّلْطَان حَتَّى تقرر أَنه يحمل مائَة ألف وَخمسين ألف دِينَار فَلَمَّا صعد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشرينه إِلَى الْخدمَة بالقلعة صَاح بِهِ المماليك من الأطباق وسبوه ورجموه.
وَفِي سَابِع عشرينه: قبض على يلبغا الزيني وَالِي الأشمونين وَضرب بالمقارع بَين يَدي السُّلْطَان لِكَثْرَة مَا شكا مِنْهُ أهل الْبِلَاد وتسلمه ابْن الطلاوي ليخلص مِنْهُ حُقُوق النَّاس. وَفِيه أحضر مبارك شاه تقدمته وَهِي مائَة وستونفرساً وَمِائَة وَخَمْسُونَ جملا وَسبع وَعشر نعامات وعدة أبقار وأنواع من الحلاوات وأحضر أَبُو بكر بن الأحدب مائَة فرس. وأحضر كل من عمر بن عبد الْعَزِيز وَعلي بن غَرِيب خمسين فرسا. وَفِيه ادّعى نَصْرَانِيّ على شمس الدّين مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد الْحَفرِي - أحد نواب الْقُضَاة الْمَالِكِيَّة بِالْقَاهِرَةِ - بَين يَدي السُّلْطَان فَاقْتضى الْحَال أَنه ضرب القَاضِي وَهُوَ مبطوح على الأَرْض ورسم عَلَيْهِ حَتَّى يخلص مِنْهُ وَفِي ثامنه عشرينه: اسْتَقر منجك السيفي فِي ولَايَة أطفيح. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث ربيع الآخر: اسْتَقر قرطا التاجي فِي ولَايَة الأشمونين عوضا عَن يلبغا الزيني. وَفِيه اشْتَدَّ حنق السُّلْطَان على الْأَمِير جمال الدّين مَحْمُود الأستادار وضربه لتأخره كسْوَة المماليك عَن وَقتهَا الَّذِي تفرق فِيهِ. وَفِي رابعه: اسْتَقر عَليّ بن أبي بكر القرمانة فِي ولَايَة الجيزة وعزل عَليّ بن قراجا. وَفِي خامسه: هرب مبارك شاه نَائِب الْوَجْه القبلي لِكَثْرَة شكوى أهل النواحي من ظلمه وَطلب فَلم يقدر عَلَيْهِ. وَفِي سادسه: أنعم على أَحْمد بن الْوَزير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن رَجَب بإمرة عشْرين عوضا عَن تمان تمر الأشرفي الموسوي. وَفِيه بلغ الأردب من الْقَمْح إِلَى سِتَّة وَسِتِّينَ درهما والأردب من الفول وَالشعِير إِلَى ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ درهما. وَفِي سابعه: ظهر أَن مبارك شاه لبس زِيّ الْفُقَرَاء وَأخذ بِيَدِهِ إبريقاً وَمضى نَحْو الْجَبَل فَلم يعرف أَيْن قصد. وَفِي حادي عشره: اسْتَقر الشريف عَلَاء الدّين عَليّ بن الْبَغْدَادِيّ الأَصْل الصعيدي الدَّار فِي ولَايَة منفلوط عوضا عَن آقبغا الزيني.
وَفِي ثَالِث عشره: اسْتَقر أَمِير فرج بن أيدمر نَائِب الْوَجْه البحري فِي نِيَابَة الْوَجْه القبلي عوضا عَن مبارك شاه. وَاسْتقر عوضه فِي الْوَجْه البحري أوناط السيفي. وَفِي رَابِع عشره: عدى السُّلْطَان النّيل إِلَى بر الجيزة وَنزل بِنَاحِيَة صقيل وَأَقْبل على اللَّهْو. وَفِي حادي عشرينه: ترامى مبارك شاه على الْأَمِير تاني بك اليحياوي أَمِير أخور فشفع فِيهِ حَتَّى عَفا السُّلْطَان عَنهُ. وَفِي رَابِع عشرينه: رَجَعَ السُّلْطَان إِلَى القلعة. وَفِيه حضر مبارك شاه بَين يَدي السُّلْطَان فألبسه قبَاء مطرزاً. وَفِي خَامِس عشرينه: قدم السُّلْطَان ولد بن عَليّ شاه زَاده بن شيخ أويس بن حسن وَكَانَ ولد قد قدم مَعَ عَمه القان مغيث الدّين أَحْمد بن أويس وَأقَام حَتَّى خرج صُحْبَة حريمه فالتحق بالقدس لتخوفه من عَمه وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة - بعد أَن اسْتَأْذن - وَمَعَهُ عِيَاله فأنزله السُّلْطَان فِي دَار من الْأُمَرَاء وأجرى عَلَيْهِ مَا يقوم بِهِ ووعده بإمرة. وَفِيه قدم مَسْعُود بن الشَّيْخ مُحَمَّد الكجاني من تبريز فَارًّا من تيمور. وَفِي سادس عشرينه: قدم الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْأَمِير مَحْمُود الأستادار نَائِب الْإسْكَنْدَريَّة بتقدمته وَهِي مائَة فرس وثلاثمائة قِطْعَة من ثِيَاب الْإسْكَنْدَريَّة وَعشرَة آلَاف دِينَار. وَفِيه أفرج عَن قطلوبك السيفي وكمشبغا اليوسفي وقدما من دمياط. وَفِيه تزوج سُلْطَان ولد بانية عَمه تندى بعد انْقِضَاء عَمَّتهَا من السُّلْطَان وأنعم عَلَيْهِ لإمرة عشرَة وَترك زِيّ البغاددة وَلبس القباء والكلفتة كَهَيئَةِ أُمَرَاء مصر. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ أول جُمَادَى الأولى: رسم لجَماعَة من الْأُمَرَاء الخاصكية بِأَن يَسِيرُوا فِي الموكب تَحت القلعة بالرملية مَعَ الْأُمَرَاء وهم صَرْغَتْمش المحمدي الْقزْوِينِي وَصَلَاح الدّين مُحَمَّد بن تنكز وهما من الطبلخاناة وقرمان المنجكي وتمر الشهابي وهما من أُمَرَاء العشرينات ودمرداش السيفي وبهادر السيفي وجرجي الصَرغَتْمُشي وأسَنبغا التاجي وقوصون المحمدي وألجبغا السلطاني وتغرة بردي القردمي وقجماس البشيري ويلبغا المحمدي وبَيدمر المحمدي وبى خُجا الحسني فَرَكبُوا فِي الموكب وصعدوا إِلَى القلعة فوقفوا مَعَ الخاصكية وَصَارَ هُنَا رسمهم.
وَفِيه طلب من سَائِر الْأُمَرَاء خُيُول لعمارة مراكز الْبَرِيد فألزم كل من الْأُمَرَاء المقدمين بِعشْرَة أكاديش وكل من الْوَزير والأستادار وَبَقِيَّة أَرْبَاب الْوَظَائِف وأمراء الطبلخاناة أكديشان وكل من وَفِي حادي عشرينه: فَقبض على منكلي بغا الزيني وَالِي قوص وَسلم إِلَى ابْن الطبلاوي لشكوى أهل الْبِلَاد مِنْهُ وَاسْتقر عوضه أقبغا البشتكي. وَفِي رَابِع عشرينه: خلع على الْأَمِير مَحْمُود خلعة الرِّضَا. وَفِي أول جُمَادَى الْآخِرَة: قدم الْبَرِيد بمحاربة تركمان الطَّاعَة لنعير وَقتل ألف من عربانه وَأَنه انهزم وَهلك لَهُ نَحْو ثَلَاثَة آلَاف بعير. وَقدم قَاصد متملك ماردين فَجهز على يَده تَقْلِيد لمرسله بنيابة السلطنة وتشريف وَهُوَ أطسان وَسيف عنبرية ومنديل زركش. وَقدم الْبَرِيد من حلب بِأَن سولي بن دُلغار انْكَسَرَ كسرة قبيحة وفر بمفرده. وَفِي رَابِع عشره: قدم عمر بن نعير بن حيار بن مهنا فَعَفَا السُّلْطَان عَنهُ وترافع رجلَانِ من أهل الْإسْكَنْدَريَّة يُقَال لأَحَدهمَا زكي الدّين أَبُو بكر بن الموازيني وَالْآخر أَحمد المالقي وَكِلَاهُمَا يدولب دَار الضَّرْب فَقبل قَول كل مِنْهُمَا فِي الآخر وتسلمهما ابْن الطبلاوي وخلص مِنْهُمَا ألف ألف دِرْهَم. وَفِي ثامن عشره: اسْتَقر يلبغا السالمي الخاصكي فِي نظر الخانكاه الصلاحية سعيد السُّعَدَاء فَأَرَادَ أَن يجرى أمورها على مَا شَرطه الْوَاقِف وَأخرج مِنْهَا أَرْبَاب الْأَمْوَال وَزَاد الْفُقَرَاء المجردين كل فَقير رغيفاً فِي الْيَوْم على الثَّلَاثَة الأرغفة المقررة لَهُ ورتب بهَا وظيفتي ذكر بعد صَلَاتي الْعشَاء وَالصُّبْح. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس رَجَب: اسْتَقر الْأَمِير صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن تنكز أستادار الْأَمْلَاك السُّلْطَانِيَّة والوزير الصاحب سعد الدّين نصر الله بن البقري نَاظر ديوَان الْأَمْلَاك. وَاسْتقر كل من صرغتمش المحمدي الْقزْوِينِي وقجماش البشيري أَمِير جاندار. وَاسْتقر الْأَمِير تمر الشهابي حاجباً صَغِيرا. وَفِي ثامنه: اسْتَقر الْأَمِير نوروز الحافظي رَأس نوبَة صَغِيرا عوضا عَن تغرى بردى من يشبغا. وَفِيه عقد مجْلِس عِنْد السُّلْطَان حَضَره الْقُضَاة وَشَيخ الْإِسْلَام سراج الدّين عمر
البُلْقِينِيّ بِسَبَب يلبغا السالمي وشهاب الدّين أَحْمد الْعَبَّادِيّ - أحد نواب الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالْقَاهِرَةِ - وَذَلِكَ أَن عدَّة الصُّوفِيَّة بخانكاه سعيد السُّعَدَاء كَانَت عِنْدَمَا تحدث الْأَمِير سودن النَّائِب فِي نظرها من ابْتِدَاء دولة السُّلْطَان دون الثلاثمائة فتزايدت حَتَّى بلغت نَحْو الْخَمْسمِائَةِ. وَلم يَفِ ريع الْوَقْف بالمصروف فَقطع مَا كَانَ لَهُم من الْحَلْوَى والصابون فِي كل شهر وَمن الْكسْوَة فِي السّنة. فَلَمَّا شَرقَتْ نَاحيَة دهمرو - الْمَوْقُوفَة على الخانقاه - فِي هَذِه السّنة من جملَة مَا شَرق من النواحي لقُصُور النّيل عزم مباشرو الخانقاه على غلق مطبخها ومخبزها من أول شهر رَجَب هَذَا وَقطع مَا للصوفية من الطَّعَام وَاللَّحم وَالْخبْز فِي كل يَوْم فَلم يصبروا على ذَلِك. وتكرر وقوفهم للسُّلْطَان وشكواهم حَتَّى ولي يلبغا السالمي نظر الخانكاه وَشرط عَلَيْهِ إِجْرَاء الْأُمُور فِيهَا على مَا فِي كتاب وَقفهَا من الشُّرُوط فَوجدَ شَرط الْوَاقِف أَن يكون من بهَا من الصُّوفِيَّة أهل السلوك فَإِن تعذر وجودهم كَانَت وَقفا على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَأَفْتَاهُ شيخ الْإِسْلَام بِوُجُوب اتِّبَاع شَرط الْوَاقِف فَجمع الْقُضَاة وَشَيخ الْإِسْلَام بالخانقاه وأحضر سَائِر صوفيتها وَقَرَأَ عَلَيْهِم كتاب الْوَقْف سَأَلَهُمْ فِي الحكم بِالْعَمَلِ بِشَرْط الْوَاقِف فَانْتدبَ لَهُ من جملَة الصُّوفِيَّة زين الدّين أَبُو بكر القمني من فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وشهاب الدّين أَحْمد الْعَبَّادِيّ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وقضاتهم وأخذا فِي مخاصمته. وَطَالَ النزاع فَأَضْرب عَن قَوْلهمَا وَسَأَلَ الْقُضَاة عَمَّا يفعل. فَقَالُوا كلهم مَعَ شيخ الْإِسْلَام افْعَل شَرط الْوَاقِف وانفضوا. فَقطع من ليلته نَحْو الْخمسين من الصُّوفِيَّة الَّذين يركبون البغلات أَو يلون الْقَضَاء وَالْحكم بَين النَّاس أَو لَهُم شهرة بغناء وسعة مَال وَفِيهِمْ القمني والعبادي فأطلقا ألسنتهما فِيهِ. وَزَاد الْعَبَّادِيّ فِي التَّعَدِّي وَصرح بِأَن السالمي قد كفر وَصَارَ يَقُول فِي الْمجَالِس الْكَافِر يلبغا سالمي استنبطت آيَة من كتاب الله فِيهِ. وَهِي قَوْله تَعَالَى: أم حَسِبَ الَّذين اجتَرَحُوا السيئاتِ أَن يَجعَلَهم كالِذينَ آمَنُوا وَعَمَلُوا الصَّالِحَات سَوَاء وكتبت فِي ذَلِك كراريس وَهَذَا الْكَافِر يلبغا يُرِيد أَن يكون مثل الْفُقَرَاء الصَّالِحين. فَلَمَّا بلغ ذَلِك السالمي لم يحْتَملهُ وشكا الْعَبَّادِيّ للسُّلْطَان. وَنزل من القلعة إِلَى دَاره فَإِذا بالعبادي قد مر فِي شَارِع الْقَاهِرَة فلشدة حنقه مِنْهُ نزل عَن فرسه وَقبض على كم الْعَبَّادِيّ وَدعَاهُ إِلَى الشَّرْع فَزَاد الْعَبَّادِيّ فِي التحامق وَقَالَ: تمسك كمي كفرت فَبَيْنَمَا هما فِي ذَلِك إِذْ مر سعد الدّين نصر الله بن البقري فَنزل عَن فرسه وَمَا زَالَ بهما حَتَّى أخذهما وَمَشى إِلَى الْمدرسَة الحجازية برحبة بَاب الْعِيد وجلسوا بهَا فَأَتَاهُم الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الطبلاوي. وَأخذ فِي الْإِصْلَاح بَينهمَا
فَزَاد تجانن الْعَبَّادِيّ وَقَالَ: قد كفر السالمي بمسكه كمي وَأَنا مذهبي من قَالَ للفقيه يَا فَقِيه بِصِيغَة التصغير فقد كفر لِأَنَّهُ احتقره وَكَذَلِكَ مسك كمي فِيهِ احتقاري وَهُوَ كفر. فانفض الْمجْلس عَن غير صلح فَعَاد السالمي إِلَى السُّلْطَان. وَقد بلغ السُّلْطَان مَا جرى بَينه وَبَين الْعَبَّادِيّ فَقَالَ لَهُ: قد كفرك الْفُقَهَاء يَا يلبغا فَقَالَ: يَا مَوْلَانَا قد كفرُوا أكبر مني. يعرض لَهُ بِمَا كَانَ من إِفْتَاء الْفُقَهَاء فِيهِ لمنطاش أَيَّام كَانَ بالكرك. ثمَّ سَأَلَ فِي عقد مجْلِس لَهُ ولغريمه فرسم بذلك وَحضر الْقُضَاة وَشَيخ الْإِسْلَام عِنْد السُّلْطَان فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن شهر رَجَب هَذَا وَجِيء بالعبادي وأقيمت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة عِنْد قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد التنسي الْمَالِكِي بعد الدَّعْوَى فَحكم بتعزيره فَقَالَ السُّلْطَان: التَّعْزِير لي. وَأَرَادَ ضربه بالمقارع فشفع فِيهِ الْأَمِير قَلَمطاي الدوادار حَتَّى فوض تعزيره لقَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين مَحْمُود الْحَنَفِيّ فَأَجَابَهُ وَأمر بِهِ الْجمال عِنْد ذَلِك فكشف رَأسه وَأنزل بِهِ بَين يَدي بغال الْقُضَاة من القلعة وَهُوَ ماش حَتَّى سجن بِحَبْس الديلم من الْقَاهِرَة ثمَّ أخرج مِنْهُ وَنقل إِلَى سجن الرحبة. وَطلب يَوْم السبت حادي عشره إِلَى بَيت الْجمال العجمي وَحضر ابْن الطبلاوي وضربه على قَدَمَيْهِ نَحْو الْأَرْبَعين ضَرْبَة وأعيد إِلَى السجْن. ثمَّ خرج فِي ثامن عشره إِلَى بَيت السالمي وَقد حضر شيخ الْإِسْلَام عِنْده. وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى أرج عَنهُ وتسامع الْقُضَاة فَأتوا إِلَى السالمي وحضروا إصْلَاح شيخ الْإِسْلَام بَينهمَا. وَفِيه اسْتَقر تَاج الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمَيْمُونِيّ فِي مشيخة خانكاة قوصون بالقرافة بعد وَفَاة نور الدّين عَليّ الهوريني. وَاسْتقر مُحَمَّد بن حسن بن ليلى فِي ولَايَة قطيا عوضا عَن صَدَقَة الشَّامي. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ رَابِع شعْبَان: جلس السُّلْطَان بدار الْعدْل من القلعة وعملت الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة وَكَانَ قد عطل حُضُور دَار الْعَمَل من نَحْو سنة وَنصف. وَفِي تاسعه: أعَاد السُّلْطَان على الْأَيْتَام المَال الَّذِي اقترضه من الْمُودع وَهُوَ مبلغ نَحْو ألف ألف وَمِائَة ألف وَخمسين ألف دِرْهَم من ذَلِك مَا يخْتَص بمودع الْقَاهِرَة وَالشَّام خَمْسمِائَة وَخَمْسُونَ ألفا وَمن مُودع الشَّام سِتّمائَة ألف دِرْهَم. وَفِي تاسعه: اسْتَقر الْأَمِير عَلَاء الدّين عَليّ بن الطبلاوي يتحدث فِي أَمر دَار الضَّرْب بِالْقَاهِرَةِ عوضا عَن مَحْمُود الأستادار.
وَفِيه أُعِيد صدر الدّين مَحْمُود الْمَنَاوِيّ فِي قَضَاء الْقُضَاة بديار مصر وعزل الْبَدْر مُحَمَّد بن أبي الْبَقَاء لفراغ الْغَرَض مِنْهُ. وَنزل من القلعة بالتشريف وَمَعَهُ الْأُمَرَاء على الْعَادة. فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَفِي رَابِع عشره: قبض على عمر بن الْأَمِير نعير وحجابه الثَّلَاثَة وحملوا إِلَى سجن الْإسْكَنْدَريَّة. وَفِي سادس عشره: نزل السُّلْطَان فِي عِيَادَة الْأَمِير بكلمش وَعَاد. وَفِي سَابِع عشره: ركب الصَّدْر الْمَنَاوِيّ إِلَى مَدِينَة مصر على الْعَادة وَعَاد وَفِي ثامن عشره ركب السُّلْطَان وَدخل الْقَاهِرَة من بَاب النَّصْر وطلع إِلَى مدرسته بَين القصرين لزيارة قبر أَبِيه وَعَاد إِلَى القلعة. وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس عشرينه: خرج من الْأُمَرَاء المقدمين بكلمش أَمِير سلَاح ونوروز رَأس نوبَة وقلمطاي الدوادار وأرغون شاه البيدمري وَفَارِس حَاجِب الْحجاب وقديد الْحَاجِب وَأحمد بن يلبغا فِي عدَّة من أُمَرَاء الطبلخاناه والعشراوات لكبس العربان بِبِلَاد الصَّعِيد. وَفِي ثامن عشرينه: أَخذ قاع النّيل فَكَانَ أَرْبَعَة أَذْرع واثني عشر إصبعاً. وَفِي آخِره: اسْتَقر الصاحب تَاج الدّين عبد الرَّحِيم بن أبي شَاكر فِي وزارة دمشق وعزل بدر الدّين مُحَمَّد بن الطوخي. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي رَمَضَان: عَاد الْأُمَرَاء من الصَّعِيد بَعْدَمَا قبضن الْأُمَرَاء على خَمْسمِائَة رجل وأخفوا ثَمَانِينَ فرسا وأحضروا نَحْو السِّتين رجلا وأفرجوا عَن الْبَقِيَّة فسجنوا بخزانة شمايل. وَفِي سادس عشره: اسْتَقر شرف الدّين مُحَمَّد بن الدماميني الإسْكَنْدراني فِي حسبَة الْقَاهِرَة عوضا عَن بهاء الدّين مُحَمَّد بن الْبُرْجِي. وَفِيه أضيف إِلَى ابْن الطبلاوي الْكَلَام فِي دَار الضَّرْب بالإسكندرية وَفِي متجر السُّلْطَان عوضا عَن الْأَمِير مَحْمُود فَلم يمض غير أَيَّام حَتَّى تنافسا وَخرج ابْن الطبلاوي على مَحْمُود من جِهَة دَار الضَّرْب مبلغ سِتَّة آلَاف دِرْهَم فضَّة صَالح السُّلْطَان عَلَيْهَا بِمِائَة ألف وَخمسين ألف دِينَار ذَهَبا غلقها فِي تَاسِع عشرينه فَخلع عَلَيْهِ وعَلى وَلَده مُحَمَّد وعَلى ابْن الطبلاوي وعَلى نَاظر الْخَاص وعَلى سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن غراب
كَاتب الْأَمِير مَحْمُود وَكَانَ قد تنكر مَا بَينه وَبَين مخدومه الْأَمِير مَحْمُود وَظَاهر عَلَيْهِ ابْن الطبلاوي وَصَارَ يكاشفه بالعداوة فَجعله ابْن الطبلاوي من أكبر أعوانه على إِزَالَة مَحْمُود حَتَّى تمّ لَهُ ذَلِك فَكَانَ هَذَا ابْتِدَاء ظُهُور ابْن غراب واشتهار ذكره وَلم يبلغ الْعشْرين سنة. وَهَذِه أول غدراته فَإِن مَحْمُود أَخذه من الْإسْكَنْدَريَّة وَهُوَ طِفْل صَغِير ورباه عِنْده وَعلمه الْكِتَابَة ورتبه فِي كِتَابَة خَاص أَمْوَاله. فَلَمَّا كبر وَبلغ مبالغ الرِّجَال سمت نَفسه إِلَى الرِّئَاسَة وَرَأى أَنه يبْدَأ بمحمود ولي نعْمَته فيزيله أَولا وَكَانَ ابْن الطبلاوي قد كثر اخْتِصَاصه بالسلطان فَصَارَ إِلَيْهِ وساعده على مَحْمُود ودله على عوراته ومت إِلَيْهِ بِمَعْرِِفَة حواصل أَمْوَاله فَجمع بَينه وَبَين السُّلْطَان وأخلاه بِهِ فَعرفهُ من حَال مَحْمُود مَا أوجب لَهُ أَن صَارَت لَهُ بذلك الْيَد عِنْد السُّلْطَان وَكَانَ مَا يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِيه اسْتَقر مُحَمَّد بن العالي فِي ولَايَة المنوفية عوضا عَن آيدمر المظفري. وَفِي يَوْم السبت سادس شَوَّال: ابْتَدَأَ السُّلْطَان بِالْجُلُوسِ فِي الميدان تَحت القلعة للْحكم بَين النَّاس. وَكَانَت عَادَته أَن يجلس فِي يومي الْأَحَد وَالْأَرْبِعَاء فَغير بذلك بيومي الثُّلَاثَاء والسبت وَجعل الْأَحَد وَالْأَرْبِعَاء لمعاقرة الشَّرَاب مَعَ الْأُمَرَاء فاستمر ذَلِك. واستدعى مباشري الْأُمَرَاء وَقَالَ: لقد بَلغنِي أَنكُمْ تحمون الْبِلَاد فَمن سَمِعت أَنه حمى بَلَدا ضَربته بالمقارع وسمرته بل ساووا الأجناد فِي المغارم على النواحي. وَكتب إِلَى وُلَاة الْوَجْهَيْنِ القبلي والبحري بِأَن يكون الْأُمَرَاء والأجناد سَوَاء فِي المغرم. وَلَا تحمى بلد أَمِير عَن إِخْرَاج المغرم وَلَا يحمر فلاح الْبَتَّةَ. وَاتفقَ فِي زِيَادَة النّيل أَمر غَرِيب وَهُوَ أَن الزِّيَادَة استمرت مُنْذُ أَخذ القاع حَتَّى كملت ثَمَانِيَة أَذرع ثمَّ زَاد فِي سِتَّة أَيَّام ثَمَانِيَة أَذْرع وإصبعين وَهِي من يَوْم الْخَمِيس رَابِع شَوَّال إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء تاسعه وَهُوَ ثَالِث مسرى. وَفِيه كَانَ الْوَفَاء وَركب السُّلْطَان حَتَّى عدى النّيل إِلَى المقياس ثمَّ فتح الخليج على الْعَادة. وَفِي ثامن عشره: توجه الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد جمق بن الْأَمِير الْكَبِير أيتمش إِلَى الْحَج وَهُوَ أَمِير الركب فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء أول ذِي الْقعدَة: قدم الْخَبَر من الْحجاز بِأَن الْحَرْب ثارت بَين بني
حسن وقواد مَكَّة بِبَطن مر فَقتل فِيهَا الشريف عَليّ بن عجلَان وَامْتنع القواد بِمَكَّة وصدوا عَنْهَا بني حسن. فأفرج السُّلْطَان عَن الشريف حسن بن عجلَان وولاه إمرة مَكَّة عوضا عَن أَخِيه عَليّ وخلع عَلَيْهِ وَسَار إِلَى مَكَّة وَمَعَهُ يلبغا السالمي ليقلده إِمَارَة مَكَّة فِي سابعه. وَفِي ثَانِي عشره - وَهُوَ آخر أَيَّام النسئ -: انْتَهَت زِيَادَة مَاء النّيل ثَانِيَة عشر ذِرَاعا وَنصف وَنقص من يَوْمه. وَفِي ثَالِث عشره: ركب السُّلْطَان إِلَى دَار الْأَمِير مَحْمُود يعودهُ من مَرضه. وَفِي رَابِع عشره: اسْتَقر منكلي بغا الزيني فِي ولَايَة الأشمونين وعزل قرطاي التاجي. وَفِي خَامِس عشره - وَهُوَ ثَالِث توت -: زَاد مَاء النّيل وَنُودِيَ عَلَيْهِ من الْغَد واستمرت وَفِيه اسْتَقر عمر بن إلْيَاس - قريب قرط - فِي ولَايَة منفلوط عوضا عَن الشريف عَليّ الْبَغْدَادِيّ. وَفِي سَابِع عشرينه - وَهُوَ خَامِس عشر توت -: انْتَهَت زِيَادَة مَاء النّيل إِلَى ثَمَانِيَة أَصَابِع من عشْرين ذِرَاعا وَثَبت إِلَى رَابِع بَابه فَكَانَ طوفاناً والأسعار تتزايد حَتَّى بلغ الْقَمْح ثَمَانِينَ درهما والأردب من الفول وَالشعِير أَرْبَعَة وَخمسين والبطة الدَّقِيق بِاثْنَيْ وَعشْرين درهما وَالْخبْز كل رطلين وَنصف بدرهم وَالْحمل من التِّبْن بِعشْرَة دَرَاهِم والقدح الْأرز بِدِرْهَمَيْنِ والأردب من الحمص بِخَمْسِينَ والرطل من الْجُبْن المقلو بِدِرْهَمَيْنِ والرطل من لحم الضَّأْن بدرهم وَربع والرطل من لحم الْبَقر بدرهم وَالسكر بِخَمْسَة دَرَاهِم الرطل.
وَفِي آخِره: اسْتَقر سنقر المارديني فِي ولَايَة قوص وعزل أقبغا البشتكي. وَفِي السبت ثَانِي ذِي الْحجَّة: قدم الْأَمِير طولو بن عَليّ شاه المتوجه إِلَى طَقتمش خَان وَأَنه بعد مَا اتّفق مَعَه على محاربة تيمور توجه تيمور لمحاربته فَسَار إِلَيْهِ وقاتله ثَلَاثَة أَيَّام فانكسر من تيمور وَمر إِلَى بِلَاد الروس فَخرج طولو من سراي إِلَى القرم وَمضى إِلَى الكفا فعوقه متملكها ليتقرب بِهِ إِلَى تيمور حَتَّى أَخذ مِنْهُ خمسين ألف دِرْهَم فَملك تيمور القرم والكفا وخربها. وَقدم رَسُول الْأَمِير يُوسُف بن قرا مُحَمَّد بن بيرم خجا - صَاحب الْموصل - بِأَن عَسْكَر تيمور وَفِي آخِره: قدم مبشرو الْحَاج وَأَخْبرُوهُ باستيلاء حسن بن عجلَان على مَكَّة وَوُجُود الْأَمْن والرخاء. وَفِيه ولى شمس الدّين مُحَمَّد الأخناي قَضَاء الشَّافِعِيَّة بحلب عوضا عَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خطب نقيرين. وأعيد برهَان أبي سَالم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ الصنهاجي إِلَى قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن علم الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد القفصي. وَاسْتقر شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود النابلسي فِي قَضَاء الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق عوضا عَن عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمر بن المنجا. ثمَّ ولي القفصي قَضَاء الْمَالِكِيَّة محلب عوضا عَن الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الركراكي. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القرقشندي موقع الحكم فِي ثلث عشْرين شعْبَان. وَمَات الشَّيْخ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن الْآمِدِيّ أحد أَصْحَاب ابْن تَيْمِية فِي رَابِع عشْرين ذِي الْقعدَة.
وَمَات إِسْمَاعِيل بن الْملك الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن فِي ثَالِث عشر رَمَضَان عَن خمس وَمَات الْأَمِير ألطُنبغا الْحلَبِي الأشرفي وَهُوَ مسجون بقلعة حلب. وَمَات الشَّيْخ المعتقد أَبُو بكر البجائي المغربي المجذوب فِي يَوْم السبت خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة وَدفن من الْغَد خَارج بَاب النَّصْر حَيْثُ التربة الظَّاهِرِيَّة الْآن. وَهُوَ أحد الَّذين أوصى الْملك الظَّاهِر أَن يدْفن عِنْدهم. وَأنْفق عَلَيْهِ فِي مُؤنَة كَفنه وَدَفنه وَقِرَاءَة ختمات عِنْد قَبره مِائَتي دِينَار على يَد يلبغا السالمي وَكَانَت جنَازَته عَظِيمَة جدا. وَمَات الْأَمِير أَبُو بكر بن الأسعدي فِي سَابِع عشر رَجَب. وَمَات صدر الدّين بديع بن نَفِيس التبريزي رَئِيس الْأَطِبَّاء فِي سادس عشر ربيع الأول. وَمَات الْأَمِير سيف الدّين بلاط المنجكي أحد أُمَرَاء العشرينات. وَمَات عز الدّين حَمْزَة بن عَليّ بن يحيى بن فضل الله الْعمريّ نَائِب أَخِيه بدر الدّين مُحَمَّد كَاتب السِّرّ وَأحد كتاب الدست. مَاتَ بِدِمَشْق يَوْم تاسوعاء وَهُوَ آخر من رَأس من بني فضل الله. وَمَات الخواجا الْكَبِير رشيد الهُبّي أحد تجار الكارم فِي لَيْلَة السبت الْعشْرين من جُمَادَى الأولى. وَمَات الْأَمِير سيف الدّين طوغان الإبراهيمي أحد المماليك الظَّاهِرِيَّة وأمير جاندار فِي وَمَات السَّيِّد الشريف عَليّ بن عجلَان أَمِير مَكَّة مقتولاً فِي سادس عشر شَوَّال. وَمَات نور الدّين عَليّ الهوريني شيخ القوصونية فِي ثَالِث عشر شهر رَجَب. وَمَات نور الدّين عَليّ بن الركاب أحد نواب قُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالْقَاهِرَةِ فِي سَابِع عشر رَجَب. وَمَات نور الدّين عَليّ بن الشَّرَاب دَار أحد نبهاء الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة فِي تَاسِع عشر رَجَب. وَمَات جمال الدّين عبد الله بن فراج النويري أحد الْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة ونواب قضاتهم بِالْقَاهِرَةِ.
وَمَات الْأَمِير قَاسم بن السُّلْطَان فِي ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة وعمره نَحْو خمس سِنِين. وَمَات الْأَمِير قرابغا وَالِد الْأَمِير جَرَكتمر الخاصكي الأشرفي وَأحد أُمَرَاء العشرينات فِي ثَانِي ربيع الأول. وَمَات الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن السُّلْطَان فِي يَوْم السبت ثَالِث عشْرين ذِي الْحجَّة مولده مستهل ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ قد أعيا الْأَطِبَّاء داؤه الَّذِي برجليه وَبِه مَاتَ. وَكَانَ إقطاعه الدِّيوَان الْمُفْرد وَهُوَ أكبر أَوْلَاد السُّلْطَان وَدفن فِي التربة الظَّاهِرِيَّة بَين القصرين. وَمَات نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عبد الدايم بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن بنت ميلق الشاذلي قَاضِي الْقُضَاة بديار مصر وَكَانَ أَولا يعظ النَّاس وَلَهُم فِيهِ اعْتِقَاد ثمَّ امتحن بِولَايَة الْقَضَاء فَلم تُشكر سيرته وعُزل ونكب بِأخذ مَال كَبِير مِنْهُ ظلما وغُوِّرت عينه. وَمَات فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ تَاسِع وَمَات غياث الدّين مُحَمَّد بن جمال الدّين عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمَّاد بن ثَابت الوَاسِطِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ ابْن العاقولي فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشْرين ربيع الآخر بِبَغْدَاد. وَقدم إِلَى الْقَاهِرَة فِي الجفلة من تيمور. وَكَانَ من عُلَمَاء فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة. وَمَات شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن صَلَاح الحريري أحدنواب الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِالْقَاهِرَةِ ومشايخ الْقُرَّاء وفقهاء الْحَنَفِيَّة فِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشْرين رَجَب ومولده فِي الْعشْرين من شَوَّال سنة عشْرين وَسَبْعمائة. قَرَأَ على برهَان إِبْرَاهِيم الحركي الْقرَاءَات والْحَدِيث على عَلَاء الدّين التركماني وَالْفِقْه على القوام الْأَتْقَانِيّ. وَمَات شمس الدّين مُحَمَّد بن عمر القليجي الْحَنَفِيّ مفتى دَار الْعدْل وَأحد نواب الْقُضَاة بِالْقَاهِرَةِ وموقعي الحكم فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء الْعشْرين من رَجَب. وَقد بلغ من الرِّئَاسَة مبلغا كَبِيرا.
وَمَات شمس الدّين مُحَمَّد الأقصراي الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة الأيتمشية فِي سَابِع عشر جُمَادَى الأولى. وَمَات الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب الْقُدسِي الشَّافِعِي المعتقد فِي يَوْم الْأَحَد أول شهر رَمَضَان. وَكَانَ يسكن بِجَامِع المقس على الخليج وَله حَظّ من النَّاس. وَمَات شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْمَعْرُوف بِابْن الْمُطَرز الْمصْرِيّ ولد فِي سنة عشر وَسَبْعمائة تخميناً وحدّث بِصَحِيح مُسلم عَن عَليّ بن عمر الْوَالِي وبسنن أبي دَاوُود عَن يُوسُف بن عمر الختني وبكتاب التَّوَكُّل لِابْنِ الدُّنْيَا عَن الدبوسي. وَمَات يَوْم الْأَحَد سادس جُمَادَى الْآخِرَة. وَمَات مُوسَى بن أبي بكر بن سلار أحد أُمَرَاء العشراوات وأمير طبر. ولي أَمِير طبر بعد دمرخان بن قرمان سنة ثَمَان وَسَبْعمائة. وَمَات فِي ثَالِث ذِي الْحجَّة وَالله تَعَالَى أعلم.