الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَاجَرَ رضي الله عنها
8320 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قَبْلُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُ، حَتَّى وَضَعَهَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ بِهِ أَنِيسٌ وَلَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَتْ: إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ:{إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحْرِمِ} [إبراهيم: 37] إِلَى {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ ذَلِكَ الْمَاءَ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي ذَلِكَ السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَاعَ، وَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرْفَ دَرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْمُجْهِدِ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «فَلِذَلِكَ سَعَى النَّاسُ بَيْنَهُمَا»
⦗ص: 400⦘
، فَلَمَّا نَزَلَتْ عَنِ الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ:«صَهْ، تُرِيدُ نَفْسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا» قَالَتْ: «قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوْثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ يَبْحَثُ بِعَقِبِهِ أَوْ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ، فَجَاءَتْ تُحَوِّضُهُ هَكَذَا وَتَقُولُ بِيَدِهَا، وَجَعَلَتْ، يَعْنِي تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بِقَدْرِ مَا تَغْرِفُ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ» أَوْ قَالَ: «لَوْ لَمْ تَغْتَرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا» ، فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا " فَقَالَ الْمَلَكُ: لَا تَخَافِي الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللهِ، يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيَهُ السُّيُولُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ رُفْقَةٌ، أَوْ قَالَ: بَيْتٌ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَارِضًا، فَقَالُوا:«إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، وَلَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ» فَقَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ، وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ» قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ نَبِيُّ اللهُ صلى الله عليه وسلم: «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهَالِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ»
8321 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ، خَرَجَ هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ وَأَمُّ إِسْمَاعِيلَ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ يَعْنِي فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ الْمَاءَ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، حَتَّى إِذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ، ثُمَّ تَوَلَّى رَاجِعًا، وَتَتَبَّعُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ أَثَرَهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ كُدَاءَ نَادَتْهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قَالَ أَبُو عَامِرٍ: إِلَى مَنْ تَكِلُنَا؟ قَالَ: «إِلَى اللهِ عز وجل» قَالَتْ: رَضِيتُ بِاللهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنْهَا، وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا، فَلَمَّا فَنِيَ بَلَغَ مِنَ الصَّبِيِّ الْعَطَشُ، قَالَتْ: لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ، لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا، فَقَامَتْ عَلَى الصَّفَا، فَإِذَا هِيَ لَا تُحِسُّ أَحَدًا " فَنَزَلَتْ فَلَمَّا حَاذَتْ بِالْوَادِي رَفَعَتْ إِزَارَهَا، ثُمَّ سَعَتْ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَرْوَةَ، فَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا ثُمَّ قَالَتْ: «لَوِ اطَّلَعْتُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ» فَأَبَتْ نَفْسُهَا حَتَّى رَجَعَتْ لَعَلَّهَا تُحِسُّ أَحَدًا، فَصَنَعَتْ ذَلِكَ حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَتْ: «لَوِ اطَّلَعْتُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا فَعَلَ، فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا هِيَ تَسْمَعُ صَوْتًا» فَقَالَتْ: قَدْ سَمِعْتُ، فَقُلْ تُجَبْ، أَوْ يَأْتِي مِنْكَ خَيْرٌ، قَالَ أَبُو عَامِرٍ: «قَدْ سَمِعَتُ فَأَغِثْ فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ، فَرَكَضَ بِقَدَمِهِ فَنَبَعَ، فَذَهَبَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَحْفِرُ». قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَرَكَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ الْمَاءَ كَانَ ظَاهِرًا». فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ، فَإِذَا هُمْ بِالطَّيْرِ فَقَالُوا: مَا يَكُونُ هَذَا الطَّيْرُ إِلَّا عَلَى مَاءٍ، فَأَرْسَلُوا رَسُولَهُمْ وَكَرِيَّهُمْ، فَجَاءُوا إِلَيْهَا فَقَالُوا: أَلَا نَكُونُ مَعَكِ؟ قَالَتْ: «بَلَى، فَسَكَنُوا مَعَهَا، وَتَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْهُمْ» ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم بَدَا لَهُ، قَالَ: «إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرْكَتِي» فَجَاءَ فَسَأَلَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالُوا: يَصِيدُ، وَلَمْ يَعْرِضُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: " إِذَا جَاءَ فَقُولُوا لَهُ: يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بَيْتِهِ، فَجَاءَ فَأَخْبَرَتْهُ " فَقَالَ: أَنْتِ ذَلِكَ، فَانْطَلِقِي إِلَى أَهْلِكِ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم بَدَا لَهُ فَقَالَ:«إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرْكَتِي، فَجَاءَ أَهْلَ إِسْمَاعِيلَ» فَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالُوا: «ذَهَبَ يَصِيدُ» وَقَالُوا لَهُ: «انْزِلْ فَاطْعَمْ، وَاشْرَبْ» قَالَ: وَمَا طَعَامُكُمْ وَشَرَابُكُمْ؟ قَالُوا: «طَعَامُنَا اللَّحْمُ، وَشَرَابُنَا الْمَاءُ» قَالَ: اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم:«فَلَا تَزَالُ فِيهِ بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم» . ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم بَدَا لَهُ فَقَالَ: «إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرْكَتِي، فَجَاءَ فَإِذَا إِسْمَاعِيلُ وَرَاءَ زَمْزَمَ، يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ صلى الله عليه وسلم» فَقَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ رَبَّكَ عز وجل قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِي لَهُ بَيْتًا " قَالَ: أَطِعْ رَبَّكَ، قَالَ:«وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ» قَالَ: فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ صلى الله عليه وسلم يُنَاوِلُ إِبْرَاهِيمَ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] فَلَمَّا أَنْ رَفَعَ الْبُنْيَانَ، وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ رَفْعِ الْحِجَارَةِ فَقَامَ عَلَى الْمَقَامِ، وَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]